رئيـس التحـريرحيـدر حب الله

مدير التحريرمحمد عباس دهيني

المدير المسؤولربيع سويدان

)الهيئة الاستشارية (أبجديا

راجخوإتنضيد papyrus

تصميم الغلافIdea Creation

الاجتهادوالتجديد

فصلية مختصة بقضـــايا الاجتهاد والفقــهالإسلامي

، السنة الثانيةالخامس والأربعونالعدد عشرة

هـ1439م ـ 2018شتاء

:شروط النشرترحب المجلة بمســاهمات البــاحثين

في مجالات الفقه الإسلامي وأصــوله،ــات ــال، ومراجع وعلم الحديث، والرج

الكتب، والمناقشات.يشـــترط في المـــادة المرســـلة أن

ــول البحث العلمي على ــ ــتزم بأص ــ تل مختلـــــــف المســـــــتويات: المنهج،ـةـ، التوثيــق، وأن لا تكــون قــد المنهجي نشرت أو أرسلت للنشر في كتــاب أو

دورية عربية أخرى.ــة ــادة المرســلة لمراجع تخضــع الم

هيئــة التحريــر، ولا تعــاد إلى صــاحبها،نشرت أم لم تنشر.

يحــق لهيئــة التحريــر إعــادة صــياغة النصوص الــتي تــرد إليهــا إذا اقتضــت الضرورة ذلك، شرط أن لا يــؤدي إلى

الإخلال بمقصود الكاتب.ــواد ــر الم ــادة نش ــق إع ةـ ح ـ للمجل

المنشورة، منفصلة أو ضمن كتاب.

الشيخ خميس

العدوي

د. محمد خير

قيرباش أوغلو

د. محمد سليم

عمان

تركيا

مصر

إيران

فصلية مختصة بقضـــايا الاجتهاد والفقــه الإسلاميتصدر عن مركز البحوث المعاصرة في بيروت

وكلاء التوزيع: ــحف ٭ ــع الصـ ــرون لتوزيـ ــركة الناشـ ــان: شـ لبنـ

ــل وزارة ــرفية، مقاب ــيروت، المش ــات، ب والمطبوعــه، ط ــل الل ــنتر فض ــل، س ،184/25، ص. ب: 4العم

+(.9611)277007/277088هاتف: ــر ــط للنشـ ــركة دار الوسـ ــرين: شـ ــة البحـ ٭ مملكـ

+(.973)17596969والتوزيع، هاتف: ــرام، ــة الأهـ ــة: مؤسسـ ــر العربيـ ــة مصـ ٭ جمهوريـ

+(.202)7704365القاهرة، شارع الجلاء، هاتف: ٭ الإمـــارات العربيـــة المتحـــدة: دار الحكمـــة، دبي،

+(.9714)2665394هاتف: ٭ المغــرب: )ســبريس( الشــركة العربيــة الإفريقيــة

زنقــة70للتوزيع والنشر والصحافة، الدار البيضاء، سجلماسة.

ــ ــراق: ٭ ــارعـ 1الع ــداد، ش ــربي، بغ ــاب الع دار الكت ـــ مكتبــة2+(.ــ 964)7901419375المتنبي، هاتف:

العين، بغــــــداد، شــــــارع المتنــــــبي، هــــــاتف: ـ مكتبة القائم، الكاظمية،3+(.ـ 964)7700728816

ـــ دار الغــدير،4بــاب المــراد، خلــف عمــارة النــواب. ــاتف: ــويش، ه ــوق الح ــف، س )7801752581النج

ـ مؤسسة العطار الثقافية، النجف، سوق5(.ـ +964ــاتف: ــ 964)7501608589الحــويش، ه ــ6+(. دار ـ

الكتب للطباعة والنشر، كربلاء، شــارع قبلــة الإمــام ، الفـرع المقابـل لمرقـد ابن فهــد الحلي،×الحسين

المراســلات: باسم رئيس التحرير

327لبنان ــ بيروت ــ ص. ب: /25

www.nosos.netinfo@nosos.net

التنفيذ الطباعي ومركز النشر: مؤسســة دلتــا للطباعــة والنشـر، لبنــان ــ بيروت، الحدث، قرب مستشــفى الســان

اب، خلـــفتريـــز، مفـــرق ملحمـــة كســـــد ــة عب ــاني، بناي المركــز الثقــافي اللبن

تلفـــــاكس: الكـــــريم وعطيـــــة، 009615464520

كلمة التحرير البشرية الشخصــية المرجعيــة للنــبي، بين الرســولية التبليغيــة والذاتيــة

5.......................................................حيدر حب الله

دراسات المحكم والمتشابه في القرآن، قراءة جديدة

23..........................................روح الله ملكيانالشيخ ــنيهوم، من مســؤولية أداء ــد الصــادق ال الشعائر إلى مسؤولية الأمور الدنيوية نقــد الفقــه الإســلامي عن

74................................................د. محمد بن سباعد الديني، تقييم نقدي لأدلــة مصــطفى ملكيان عقلانية أو عدم عقلانية التعب

99..............................................پورآرش جمشيد د. أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري

ن 117.........................الشيخ أحمد بن عبد الجبار السميتكميلية لرؤية المحقق الخوئي الرد في الإرث في ضوء القرآن الكــريم، دراســة تحليليــة تقويميــة

133............................د. الشيخ خالد الغفوري الحسنينقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية

152............................محمد عيسى الجعفريد. الشيخ بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي

173..........................................گراميد. محمد هادي رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي

184......................السيد محمد كاظم المددي الموسوي

منهج القدماء في العمل بالأخبار، ودور الفهارس فيه200.....................................الشيخ محمد باقر ملكيان

الثاني / القســمإرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القــائم208....................................الشيخ فخر الدين الصانعي

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية236...............................................أ. نبيل علي صالح

القسم الثانيأخلاق المعرفة الدينية / 256............................................د. أبو القاسم فنائي

القسم الثانيالتأريخية أصــول فقــه الإماميــة، رصــد للتكــون والنشــأة على ضــوء الوثــائق / ن 315.........................الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

ــبل ــأة وس ــل النش ــديني، قــراءة في عوام ــرف والعنــف ال المواجهة التط340...................................أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد

قراءات البحيري( دراسات في عالم الــروح، قــراءة في كتــاب )للســفير عــزت علي

356................................................أ. مختار الأسدي

ملحق خاص هـ1439 ـ 1434م / 2017 ـ 2013في سنوات خمس «الاجتهاد والتجديد» من مجلة 44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني

الشخصية المرجعية للنبيبين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية

حيدر حب الله

مدخل في توضيح المفهوم من الواضح أن النبي أو الإمـام تصـدر منهمـا أقـوال وأفعـال ومســلكيات. وأول شــيء يواجهنــا في مــا يصــدر منهم هــو مــدى علاقة ما يصدر منهم بالدين نفسه. فهل كل ما يصدر منهم نابع أو

خذ شكلا آخر؟ حاك عن الدين أو أن القضية تت يرى العلماء المسلمون أن هناك بعض الأمور التي قد تصـدرــه ــة عن ــدين، أو حاكي ــة من ال ــون نابع ــ ولا تك ــ مثلا ـ ــبي ـ عن الن بالضرورة، فلو قال النـبي: أنــا عطشــان فـإن عطشــه ليس أمــراـةـ وشــعورية تعــرض دينيا، وإنما هو إخبار شخصــي عن حالــة ماديــال جسده ونفسه. ولا يظهر اختلاف كبير إزاء وجود كلمات أو أفعل بالنســبة من النــبي لا تتصــل بالـدين ومضـمونه الأصـلي، ولا تمث

إلينا أمرا دينيا جاءت به السماء، وإن كان حقا وصائبا. إلا أن الموضوع الإشــكالي يكمن في الجــانب المــرجعي منــدر شخصية المعصوم، وأعني بذلك أنه ما هو الأصل في الذي يص عنه؟ هل هو البعد التبليغي للدين، بحيث نستطيع الأخذ به ونسبتهــبي دون إلى الدين، أو هو البعد غير التبليغي، بحيث ننسبه إلى الن

أن تحكي هذه النسبة عن أمر ديني؟ وجوهر الموضوع يكمن في أنه هل كل كلام يصدر عن النبي هو دين إلهي أرسلته السماء، أو أنه قد يصدر عنه ما هو وإن كان

حقا، لكنه لا ينبع من السمة الرسولية التي تجعل ما يقول منتسبا إلى جوهر الرسالة الــتي أتى بهــا؟ ومن ثم فهــل كــل قــول نبــويـةـ الأصــلية أضع يدي عليه يمكنني أن أنســبه إلى المنظومــة الديني الثابتة، أو أنه مع احتمال صدور هذا القول من شــخص النــبي بمــا هو إنسان أو حاكم أو مجاهد أو غير ذلك ـ لا بما هو حاك عن اللهع في نســبته إلى ومخبر عن الدين السماوي ـ فلا يمكنــني التســر

الدين نفسه بوصفه المكلف به في حياتي؟ ولكي أعيد صياغة القضية بشكل آخــر نفــترض في

النبي شخصيتين: الشخصــية الرســولية أوونســميها :الشخصية الأولى

ل سوى الحاكي والناقل لماالمرآتية . وهي الشخصية التي لا تمث أرسل النبي لإخباره، وهو الدين نفسه والرسالة نفسها. وفي هذه الشخصية يكون كل مــا يصــدر عن النـبي طريقــا لمعرفــة مــا هــو

الدين، وما تتضمنه الرسالة التي جاء بها.ــميهاالشخصـــية الثانية الشخصـــية الذاتيـــة أو: ونسـ

ل النــبي بوصــفه محمــد بنالمحمدية . وهي الشخصــية الــتي تمث عبد الله بن عبد المطلب، لا بوصفه ناقلا للرسالة. فما يصدر منــه ولو كان حقا، لكنه ليس إخبارا عن الرسالة، ولــو كــان خادمــا لهــا

ومنسجما مع قضاياها. وهذا الفرق يمكن تمثيلــه بشــخص أرســل إلى آخــر ليوصــل إليه رسالة شفوية مثلا. إن الرسول وهو يقوم بنقل نص الرســالةر عن الشخصية المرآتية الــتي يمـر بهــا المســتمع، وصـولا إلى يعبل صــاحب الرســالة ومكونهــا جوهر الموضــوع الــذي بعثــه المرســ وصانعها. أما عندما ينتهي من نقــل الرســالة، ويجلس للمســامرة مع المرسل إليه، ويتحدثان بأخبار البلاد والعباد، فإن ما يقوله هذا الرسول لا يكون من ضمن رســالته الــتي بعث بهــا، حتى لــو كــان

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

المرسل راضيا بما قاله الرسول خارج نقل الرسالة. والسؤال الجوهري هنا: هل نعتبر أن كل مـا يقولــه الرســولــا ــل م هو رسالة من المرسل إلى أن يثبت العكس؛ أو نعتبر أن كــ، ل ـ ل فيه نفسه ـ ولو كان صحيحا ومرضيا من المرســ يقوله يمث لكنه ليس مسطورا في النصوص الأصــلية للرســالة؛ أو لا هــذا ولا

ذاك؟ةــ بصــيغة أخــرى، اــت الديني هذا التساؤل قــد نجــده في الأدبيــدين الإلهي؛ أو أن غ لل هـ مبل ـ ــوم أن ــل في المعص ــل الأص وهي: هـهـ لا يوجــد أصــل مــرجعي في المقــام الأصل فيه عدم ذلــك؛ أو أن

أبدا؟ وسؤالنا الجوهري هنا أو الإشكالية العمــدة لا معــنى لهمــا إلا بعد الاعتراف بوجود هذين الجانبين في المعصوم، كمــا هــو محــلــدى ــود إح ــو أصــر شــخص على نفي وج ــا ل ــيرين. أم ــول الكث قب الشخصيتين مطلقا فمن الطبيعي أنه لا معنى عنده لهذا التساؤلـةـ ــبر أصــل معقولي ــذا، ســوف نعت ــا. وله ــه هن ــذي نشــتغل علي ال الشخصيتين في النبي أو الإمام مصادرة مفروضة مسبقا، ونعمــلةـ ــ في الجـــواب عن التســـاؤل الـــرئيس، منطلقين من مفروغي

معقولية وإمكان هذه المصادرة.

أطروحة أصالة التبليغ في الشخصية النبويةــار والذي يبدو ـ في مجال الجواب عن هذا التساؤل ـ أن التيةــ بشــكل أكــبر ـــ أن السائد في الفكــر الإســلامي ـــ وعنــد الإماميــغ حتى يثبت ــو التبلي ــام ه ــبي والإم ــا يصــدر عن الن الأصــل في م العكس. فلو أمر النبي الجيش الإسلامي بعدم قطــع الأشــجار، أو أمرهم باسترقاق النساء، فإن الأصل أن هذا الحكم قـد تلقــاه من

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد7هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الله بوصفه جــزءا من الرســالة الإســلامية؛ الأمــر الــذي يعــني أن بإمكان الفقيه المسلم أن يفتي بحرمة قطع الشــجر في الحــرب،

ناسبا ذلك إلى جوهر الشريعة بوصفه حكما إلهيا. وهذا الأصل يناقض أصالة عدم التبليغ؛ إذ لو قبلناهــا ســيعني ذلك أن الأصل في هذه الأوامر النبوية الموجهة للجيش الإسلامي أنها تدبيرات صــدرت من النــبي لإدارة وضــع الجماعــة المســلمة، وأن هذه التدبيرات كانت صائبة ومسددة ومؤيدة من الله، لكن لاــل جــزء من الأداء بوصفها جزءا من الدين الذي أرسل به النبي، بل النبوي الحق في خدمة الدين الذي أرسل به. فالنهج النبــوي يمثــتي ـةـ ال درسا لنا، لا الناتج الزمني عن هذا النهج في الفترة الزمني

مورس فيها سابقا. لا شك في أنه لو قال النبي: إن الله يــأمركم بكــذا وكــذا، أوع الله كــذا جاء نص يقول: إن الله يأمر بأداء الأمانة، أو يقول: شرــة هي الحاكمــة، ــا من الواضــح أن الشخصــية المرآتي وكــذا... فهن

وعنصر الإخبار والتبليغ هو المهيمن.ر بالأمس ـ أن نفعل كذا وكذا لو قال النبي: بدا لي ـ وأنا أفكــا ــاقلا لرســالة، وإنم وكذا، فما رأيكم؟ فإنه من الواضح أنه ليس ن هو إنشاء نبوي. وهــذا الإنشــاء إذا لم يتعقبــه إمضــاء إلهي ينســب مضمونه إلى الله، بوصف ذلــك جــزءا من الــدين، فلن نتمكن منــرين نسبته إلى الدين، وإلا أمكن ذلك. نعم، قد يجب على المعاص للنــبي طاعتــه في مــا أنشــأ بنفســه، لكن هي طاعــة لــه بوصــفهز غا، والمفروض أننا قبلنا بالمصادرة التي تمي حاكما، لا بوصفه مبل

بين الشخصية الرسولية التبليغية وغيرها. أما لو لم يقم شاهد على أحد الطرفين، فما هو الأصل؟ وما

الذي يجب علينا اتباعه هنا اجتهاديا؟

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد8هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

هنا طرح المشــهور أصــالة التبليــغ، أو فلنقــل: مارســوها في وعيهم المستكن داخل العمليات الاجتهادية؛ إذ من النــادر أن نجــد

زا بعنوانها في أصول الفقه. حولها بحثا مرك

التمييز بين أصالة التبليغ وأصالة التأبيددـ أن وقبل طرح أو مناقشة قضية أصـالة التبليـغ وأدلتهـا لا ب

نميز بين مفهوم التبليغ ومفهوم التأبيد؛ وذلك: قد يكون الحكم تبليغيا، إذن فهو منسوب إلى الله تعالى.ـ1

عه اللــه في ولكن ذلك يحتاج إلى بحث في أنه هــل كــل مــا يشــر ـاـ ع حكما مرحلي ع حكما أبديا وقد يشر الإسلام أبدي أو أنه قد يشر

خاصا بظروف عصر النص؟ هــذه هي أصــالة التأبيــد في التشــريع الإلهي. فــإذا قلنــا بــأنـهـ أبــدي إلا مــا خــرج بالــدليل، الأصل في كــل مــا يشــرعه اللــه أن كالأحكام المنســوخة، فــإن أي حكم يبلغنــاه النــبي ينبغي التعامــل معه فورا بوصفه أبديا. وإذا رفض شخص هذا الأصل أمكنه القولــه، ليس من بأن ما جاء في القرآن، أو نقله النبي صــراحة عن الل الضروري أن يكون أبديا، ومن ثم فإثبات الطبيعة الأبدية له يحتاج

إلى دليل. وعليـــه، فنحن نبحث هنـــا في أصـــالة التبليـــغ وعـــدمها فيـةـ فهي بحث الشخصية النبوية. أما أصالة التأبيد في الأحكام الإلهي آخر، الأمــر الــذي يلــزم بحثــه في محلـهـ مجــددا. ومن ثم فإثبــاتاــ ـــ إثبــات ـةـ لا يســاوق ـــ منطقي أصالة التبليغية في الأحكام النبوي أصالة التأبيد، تبعا لــذلك، إلا بفــرض البرهنــة على الأصــالة الثانيــة

بعد الأولى. قد يكون الحكم نبويا غير تبليغي، بعد فرض عــدم لحــوقـ 2

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد9هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ةــ الإمضــاء بعــد تشــريعه، إمضــاء يلحقــه بواقــع الــدين، ولكن نبوي الحكم بذاتها لا تعني زمنيتــه بالبداهــة؛ وذلــك أن هنــا بحثــا في أنةـ للنـبي أو الإمــام هــل هي ــ بحسـب الأحكام السـلطانية والولائي طبيعتها ـ أبدية بافتراض ولايته على الأمة إلى يوم القيامة، فيلزمفناها من أصل الــدين أم لا، أو أنهــا غــير أبديــة؟ طاعتها، سواء صنـةـ وهذا يعني ضرورة استئناف بحث آخر في موضوع أبدية أو زمنيهم لأبــديتها. وقــد ـةـ؛ إذ قــد انتصــر بعضــ ـةـ التدبيري الأحكــام الولائيةــ تعرضنا لهذا الموضوع في مناســبة أخــرى، وأثبتنــا أصــالة الزمنيـةـ في ـةـ )انظــر: الأحكــام التدبيري ــام التدبيري ــأقيت في الأحك والتـةـ والتأبيــد، مجلـةـ الاجتهــاد والتجديــد، الســنة الشــريفة بين الزمني

(. 10 ـ 5: 39 ـ 38العددان وهــذا كلـهـ يعــني أن من الضــروري تحديــد مركــز الكلام في الشخصية المرجعية للنبي أو الإمام؛ حتى لا تتــداخل الموضــوعات

وتلتبس الأمور.

مســتندات ســبعة لتشــييد بنيــان أصــالة التبليــغ، وقفــاتوتأملات

ــو يمكن هنا طرح مجموعة من الأدلة التي تثبت أن الأصل هالتبليغ. ونسوقها على الشكل التالي:

ـ المرجعية الاستقرائية في النصوص، قراءة نقدية1ــو ــغ. فل ــو التبلي ــدر على نح ــرعية ص ــام الش إن أغلب الأحك استقرأنا أغلب التشــريعات الــتي وردت في النصــوص لرأينــا أنهــا تبليغية. وهذا يعني أننا لو وضعنا يدنا على حكم مشكوك، واحتملنا فيه التبليغية وعدمها، فــإن احتمــال عــدم تبليغيتــه، حيث لا قرينــة على ذلــك، هــو احتمــال ضــئيل جــدا، يســاوي عــدد الأحكــام غــير

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد10هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

التبليغية قياسا إلى مجموع الأحكام الشرعية. وبهذه الطريقة نثبت أصالة التبليغية، التي ترجع في روحها ـ وفقا لهذا الدليل ـ إلى حصول الظن الغــالب أو الظن الاطمئنــاني

بكون الحكم تبليغيا. والاطمئنان حجة. ؛ فنحنإلا أن هذا الدليل غير واضح، بل فيه مصادرة

الآن نفــترض أنفســنا في بدايــة الطريــق الاجتهــادي النظــري فيــبة التبليغي إلى ــرف كم هي نس ــد أن نع ةـ، ونري ـ ــوص الديني النصــير التبليغي إلى ــبة غ ــادرة؟ أو كم هي نس ــام الص ــوع الأحك مجمالمجموع؟ وفي هذه المرحلة بالذات لا نعرف لمن تكون الغلبة.

وهذا يعني أن هذا الادعاء ـ أعني ادعاء الغلبــة ـــ هــو بنفســه يحتاج إلى دليل؛ فكيف عرفنــا أن أغلب النصــوص تبليغي؟ وكيــفدــ من معطى قبلي يثبت لنــا هــذه الغلبــة؛ إذ دنا من ذلك؟ فلا ب تأكةــ، أو أن نســبة قد نحتمل أيضا أن أغلب النصوص كانت غير تبليغي

% مثلا، وهذا يعني فقدان حال40غير التبليغي إلى المجموع هي الاطمئنان عند الشك في كل حكم أنه تبليغي أو غيره، بل حتى لو

% فإن هذا يعني أن احتمال تبليغية30% أو 20كانت النسبة هي ــو ــة ه ــكوك التبليغي ــذا لا80% أو 70% أو 60الحكم مش %، وه

يعدو أن يكون ظنا لا يغني من الحق شيئا.ــد فيوخلاصــة القــول ــذا الح ــة إلى ه ــوى الغلب : إن دع

النصوص النبوية هي بعينها تحتاج إلى دليــل. ولم يقــدم هنــا دليــلعليها حتى الآن.

ـ الإطلاقات الزمكانيــة والمرجعيــة الهرمنوطيقيــة، نقــد2بنيوي

قد يبني الإنسان هنا على الاســتناد إلى إطلاقــات وعمومــاتــإن الإطلاق ـةـ و... من حيث الزمــان والمكــان؛ ف النصــوص النبوي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد11هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ـاـ. وهــذه ـاـ نبوي الزمكــاني شــاهد أن الحكم تبليغي، وإلا كــان زمنيـةـ، تســتعين بالنصــوص نفســها ـةـ هرمنوطيقي ـةـ تأويلي مرجعية دلالي

لإسعافنا هنا.لكن يمكن أن نناقش هذه المحاولة:

ةــأولا: إن في هذا الكلام خلطا ـــ أشــرنا إليــه ـــ بين التبليغي والتأبيدية؛ حيث ظن هنــا أن الحكم مــا دام مطلقــا زمكانيــا فهــذاــاني ــ على بعض المب ـاـ ـ ـهـ لا تلازم قهري ــع أن ـهـ تبليغي، م ــني أن يع

والنظريات ـ بين الأمرين. بغض النظــر عن الملاحظــة الأولى، ومــع قبــول مبــدأثانيا:

ك ـةـ الحكم النبــوي، كمــا نرجحــه نحن، لكن لا معــنى للتمســ زمانيــرع بالإطلاق هنا، بل هو قلب لمنهج البحث؛ وذلك أن الإطلاق متف على إمكانــه، وكــون المتكلم في مقــام البيــان من حيث الزمــان. فـــإذا احتملنـــا أن هـــذا الحكم نبـــوي غـــير تبليغي، أي صـــدر منــولية أو ــية الرس ــام، لا الشخص ــبي أو الإم ةـ للن ـ ــية الذاتي الشخص التبليغية، فهذا يعـني أننـا نحتمـل كونـه في غـير مقــام البيـان من

حيث ما بعد زمانه. ــو ــا ل ةـ ونحوه ـ ةـ والتدبيري ـ ــام الولائي ــك أن الأحك ــبب ذل وس فرضناها غير تأبيدية بطبعها، وأن هذا هو مقتضى الأصل فيها، كماةـ ـ ةـ والتدبيري ـ ــال الولائي ــني أن احتم ــذا يع ــاه في محله، فه رجحنة، يساوق احتمال كونه في مقام البيان لأهل عصــره وزمنــه خاصـــهـ فلا نحرز أنه في مقام البيان للأزمنة اللاحقة، ومع الشــك في أنــاني؛ في مقام البيان لتلك الأزمنة لا يمكن التمسك بالإطلاق الزم لعدم تــوفر )مقــدمات الحكمــة( فيــه، كمــا هــو واضــح. فــالإطلاق الزماني متوقف على إحراز أنه في مقــام البيــان لســائر الأزمنــة، وهو متوقف على إثبات أنه تبليغي، فكيف نثبت التبليغية بالإطلاق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد12هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

الزماني؟!ـهـ في مقــاموربما تقــول: إن لــدينا أصــلا عقلائيــا يثبت أن

البيان؛ وذلك أن الأصل في كل متكلم أنه في مقام البيـان. وبهـذاالأصل نثبت الإطلاق الزماني.

إنه قد حصل خلط والتباس هنا بين أمرين، هما:والجواب: أصالة البيان في المتكلم، مقابل كونه لا يريد بيــان مــرادهأـ

جدا. وهذه الأصالة العقلائية تنفي احتمال كونــه هــازلا أو غــافلا أو مازحا أو قاصدا الإجمال. فأي متكلم يصدر منــه كلام فــإن العقلاء يتعاملون معه على أنه مريد جاد لبيان مــراده الجــدي من كلامــه،ــا وليس هادفا لمحض المزاح أو مطلقا كلاما مجملا لا بيان فيه، م

لم ينصب قرينة على مزاحه أو نحو ذلك. وهذا الأصل صحيح. ووفقا لهذا الأصل نحن نتعامل بجدية مع النصوص الدينية. ومرجــع هــذا الأصــل إلى أن البشــر يحصــل لهمــا مــراده من كلامــه؛ إذ عنــدما لا اطمئنان بكون المتكلم جادا مبين ينصب قرينة ولا شاهدا ولا يعرف بهذا الأمر ـ أي بكونه مازحا في بياناته ـ فــإن احتمــال عــدم جديتــه في بيــان مــراده الحقيقي هــو احتمال ضعيف جــدا لا ينتبــه إليــه العقلاء. فأصــالة البيــان، مقابــل الإهمال أو الإجمــال المطلقين، أصــالة عقلائيــة تقــوم على نظــام

الاطمئنان عند البشر. أصالة السعة في بيان المتكلم، بمعنى أن المتكلم بعــدب ـ

ــل على أن أثبتنا أنه في مقام البيان من حيث المبدأ هل هناك أصكونه في مقام البيان من جميع الجهات المتصلة بكلامه أو لا؟

ــار. ــذا الإط ــل عقلائي في ه ــود أص ــل على وج ــد دلي لا يوجــل لبي، ةـ دلي ـ ــيرة العقلائي ــك للنفي العملي؛ لأن الس ويكفي الش ـنـي أحــترم زيــدا يؤخذ فيه بالقدر المتيقن. فلو أن شخصا قــال: إن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد13هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

النزيه، فهذا لا يعني أنه في مقام البيان من تمــام نــواحي علاقتــهبزيد، بل نأخذ بالمقدار الذي يتكلم فيه، والجهة التي يشير إليها.

وعليه، لا يوجــد أصـل عقلائي يفـرض كـون النـبي في مقــام البيان في كــل مــا يقــول، ومن تمــام الجهــات، بمــا فيهــا الجهــاتةــ. نعم، هــو في مقــام البيــان مقابــل الإجمــال المطلــق أو الزماني الإهمال المطلق لا غير. فلا نستطيع التمسك بأصالة البيان لإثباتدــ مســبقا من إثبــات كونــه كونه يتحدث عن سائر الأزمنة، بــل لا بك بــالإطلاق في مقام البيان من حيث مــا بعــد زمانــه، حتى نتمســ الزماني. والمفروض أن هــذا متفــرع على إثبــات تبليغيتـه، فكيـف نثبت التبليغية بـالإطلاق، مــع أن الإطلاق متوقــف ومحتـاج لإحــرازــات مي بالإطلاق ــ ــا س ــتناد لم ــه، فالاس ــبقا؟! وعلي ةـ مس ـ التبليغي

الزمكانية غير مقنع.

ـ نصــوص الوظــائف النبويــة وتأصــيل التبليغيــة، تفكيــك3وتحليل نقديين

ةــ ةــ والحديثي ربمــا يعتمــد هنــا الاســتناد إلى النصــوص القرآني الواضــحة في بيــان أن وظيفــة النــبي هي الإنــذار والتبليــغ وبيــان الرسالة والتبشير وغير ذلك، بل إن جملة وافرة منها واضــحة في حصر مهمته بهذه الأمور، وأنه ليس عليه إلا البلاغ لا غير. وهذا ماــو: أصــل الوظيفــة ــبي، ه ــا في شخصــية الن س أصــلا قرآني يؤســد بــدليل التبليغية. فنرجع إلى هذا الأصل في كل مورد، مــا لم نتأكر الخروج منه، وكونه في مقام بيــان حكم حكــومي تــدبيري ما يبر

مثلا.ولكن هذا الدليل قابل للمناقشة أيضا؛ وذلك:

إن نظر هذه النصوص إلى إثبــات وظيفــة النــبي تجــاهأولا: قومه، في مقابل إلزامهم بشيء أو فرض شــيء عليهم قهــرا من

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد14هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

جهة، وفي مقابل كونه قادرا على فعل شــيء تكويــني في العــالمــذه غير بعده الرسولي من جهة ثانية. وهذا ما نلاحظه في بعض ه

ــه تعــالى: ت﴿الآيات، مثــل: قول ر * لســ �نمــا أنت مــذك ر إ فذكم ب�مصيط�ر (، فإن هــذه الآيــة واضــحة22 ـ 21 )الغاشية: ﴾عليه�

ــالبلاغ، في مقابــل ــه مســيطرا عليهم،في إرادة حصــر دوره ب كون ، فهي متوازنــة مــع قولــه تعــالى:قــادرا على جعلهم مؤمــنين قهــرا

اء﴿ ــ ــد�ي من يش ــه يه ــد�ي من أحببت ولك�ن الل �نك لا ته ﴾إ نحن أعلم ب�مــا يقولــون ومــا﴿(، وقوله تعــالى: 56)القصص:

يــد� اف وع� ــالقرآن� من يخــ ر ب� م ب�جبار فــذك )ق:﴾أنت عليه�45.)

ــك وهكــذا نــرى أن وظيفــة البلاغ جيء بهــا لتقــول للنــبي بأن لست مسؤولا في إعلان الدعوة وإيصال الرســالة إلا عن تبليغهم، ولا يلزمك الله بما هو أكثر من ذلك، إنما المسؤولية على النــاس.

�نمــا﴿قــال تعــالى: �ن تولوا فإ د� اهتــدوا وإ لموا فقـ فإ�ن أســير ب�الع�بــاد� (، وقــال20 )آل عمــران: ﴾عليك البلاغ واللــه بصــ�

إ�ن تولوا﴿تعــالى: ول فــ ســ قل أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا الرــوه �ن تط�يع لتم وإ ــا حم ل وعليكم م ــا حم ــه� م ــا علي �نم فإ

ول� إ�لا البلاغ المب�ين ســ (،54 )النــور: ﴾تهتدوا ومــا على الرن قبل�كم ومــا﴿وقال تعــالى: د كــذب أمم م� �ن تكذبوا فقــ وإ

ول� إ�لا البلاغ المب�ين ســـ ــوت: ﴾على الر ــال18 )العنكبـ (، وقـــد�ي﴿تعــالى: ــا يهت �نم ــدى فإ رآن فمن� اهت ــ ــو الق وأن أتل

ــذ�ر�ين ن المن ــا م� �نمــا أن ل إ ه� ومن ضل فقــ )النمــل:﴾ل�نفس�92 .)

فهذه النصوص واضحة في أنها تريد أن تقول بــأن مســؤولية النبي هي إبلاغ الدين، وأنه إذا كفر الناس ولم يقبلوا فأمرهم إلى

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد15هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الله، لا إليه، ولا يتحمل هو شــيئا، ولا هــو بــالمتولي أمــورهم. كمــاــا أو تحدثت آيات عديدة أخرى عن عدم جعل النبي وكيلا أو حفيظ

ــدهم أو﴿محاســـبا، قـــال تعـــالى: ينك بعض الذ�ي نع� ا نر� �م وإساب �نما عليك البلاغ وعلينا الح� ينك فإ (.40 )الرعد: ﴾نتوف

وعليه، فهذه النصوص لا تريد حصر مهمــة النــبي في الإبلاغ، بمعنى أنه لا يقول كلمة إلا عن تبليــغ ولــو في أمــوره الشخصــية، وإنما تريد أن تقصر مهمته تجاه قومه بمهمة التبليــغ، ولا تريــد أن تحمله مسؤولية أزيد؛ فلا هو بمسيطر عليهم، له الحق في فــرض دينه؛ ولا هو بالمتحمل لــذنوبهم وحســابهم، بــل أمــرهم إلى اللــه، وليس له من الأمر شيء في هــذا. هــذا هــو الســياق العــام الــذي جاءت فيه هذه النصوص؛ فلا إطلاق فيها يخدمنا في موضوع بحثنا

هنا.هــ قـدثانيا: إن القائلين بأصالة التبليـغ يقـرون ــ عـادة ــ بأن

ةــ. وهــذا معنــاه ةــ غــير التبليغي صدر من النبي بعض الأحكام الولائي أنهم يعترفون بأن هــذه النصــوص تريــد بيــان الوظيفــة الأساســية للنبي، لا الوظيفة الحصرية. وعليه، يجب أن نأخذ مجموع نصوص النبي، لا خصوص نصوصه الفقهية؛ لنقارنها مع نصوص الفقه غــير التبليغية. وهذا ما يفتح احتمــال أن هنــاك ربــع نصــوص الفقــه مثلاــو غير تبليغي؛ لأن هذا الربع نسبته إلى مجموع النصوص الدينية ه العشر مثلا. وعليه فلا يمكن أن يحصل ظن اطمئناني بالتبليغية لو

وضعنا يدنا على نص نبوي فقهي، وشككنا في تبليغيته.ةــ الحصــرية فيثالثا: إن غاية مــا يثبتــه هــذا الــدليل التبليغي

النــبي نفســه، ولا يشــمل الإمــام، ولا الصــحابي، بينمــا من يــدعي التبليغية غالبا ما يطبقها أيضا على الإمام والصحابي. وعليه، فهــذا

الدليل غير تام لتأسيس أصل مرجعي في مجال بحثنا.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد16هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

ــديني في ظــل مفهــوم4 ــاد فلســفة الخطــاب ال ــ اعتم ـالخاتمية، تعليق وتقويم

الاستناد إلى فلسفة الخطــاب الــديني في الرســالة الخاتمــةـةـ، بــأن نقــول بــأن النــبي يخــاطب الخالــدة، وهي فلســفة عقلائي الإنسانية إلى يوم القيامــة، كمــا يخــاطب أهــل عصــره. وهــذا من مستلزمات افتراضه مرسلا إلى العــالمين، وكــون رســالته خاتمــةه الــتي أطلقهــا وخالدة. وعليه يفترض ـ عقلائيا ـ أن تكون نصوصــ خطابا للأجيال كلها؛ لأنه أرسل للجميع. فاعتبــار نص من نصوصــه خاصا بفضائه الزمني، وحكما غير تبليغي، هو على خلاف المســاردــ من فــرض ذلــك حالــة العام لخطتــه ورســالته ومشــروعه. فلا بر، فإذا لم يتوفر لــدينا مــبرر لهــا استثنائية هي التي تحتاج إلى مبر كان مقتضى الحال الطبيعية هو التبليغية لعموم الأجيال، مما ينتج

العموم الزمكاني.ــدمج بين إلا أن هذا الدليل ـ بغض النظر عن كونه ي مسألة التبليغية والتأبيدية ـ لا يصلح مرجعـا قانونيــا لنــا

ــدليلهنا ــذا ال ــا ه ــق منه ــتي اتس ــار الأصــلية ال ــك أن الأفك ؛ وذلةــ صحيحة. لكن بعد فرض أن النــبي كــان ملزمــا بخطابــات مرحلي لأهل زمانه؛ من حيث إن هذا الأمر تقتضــيه أيضــا طبــائع الأشــياء،ـةـ هــو بالفعــل تبليغي؟! كيف نعرف أن نصا نبويا مشــكوك التبليغيــة، لا تـين في الحقيقـ ــ ــؤوليتين نبوي ــتين ومسـ ــام وظيفـ فنحن أمـ

مسؤولية واحدة:ــة،أـ ــوم القيام ــة إلى ي ــال اللاحق ــة الأجي ــؤولية مخاطب مس

بمقتضى عمومية رسالته وخاتميتها وخلودها.ـهـ غــيرب ـ ومسؤولية مخاطبة أهل زمكانــه، انطلاقــا من أن

قادر ـ عقلانيا ومنطقيا ـ على تجاهل الظروف الزمكانية المحيطة ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

17هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ة بتلــك المرحلــة؛ به أيضا. الأمر الذي يفــرض عليــه نصوصــا خاصـلإدارة وضع آني معين أو وضع محكوم لظروف ذلك الزمان.

فهاتــان معــا مهمتــان مترقبتــان للنــبي، وتفرضــهما القــراءة العقلائية العقلانية لطبائع الأشياء. ومعه كيف نعرف أن هــذا النص

المشكوك صدر من قبل مهمته الأولى أو الثانية؟ــف ولعل الاستدلال هنا ينطلق من تصور أن عدم الذهاب خل أصـالة التبليـغ يسـاوق بطلان الخلـود الثـابت للشـريعة؛ لأن بعض الأحكام لن يمكن إثبــات البعــد التبليغي فيــه. وهــذا خطــأ منهجي؛ لأن هناك مقــدارا واضــحا في بعــده الخالــد في مــا جــاء بــه النصــد قليلا من الديني الإسلامي عموما، والسؤال: مهما كان هــذا البع حيث الكم هل هناك دليل على أن الشريعة الخالــدة هي في حــق

الأجيال اللاحقة أكثر من ذلك؟ـهـ إن الجــواب عن هــذا الســؤال بالإيجــاب هــو مصــادرة؛ لأن يفرض أن واقع الفقه اليوم هو الشريعة الخالــدة، ويريــد تخريجــه بمثل: أصالة التبليغ، مع أن البحث أسبق رتبة بكثير من خلود هذهــا، لا الأحكام الفقهية كلها. فنحن نريد مرجعية قانونية تثبت خلوده

أننا نريد بخلودها المفترض خلق مرجعية قانونية. وعليه، فهذا الدليل أيضا غير مقنع.

ـ أدلــة حجيــة الســنة ودورهــا في التوصــيف الــوظيفي،5تأملات نقدية

ما مــا كــان الاستناد إلى نصوص حجية السنة نفسها، ولا ســي�ن هو إ�لا وحي يوحى﴿من نوع قوله تعالى: ي،﴾إ ــ ، ودليل التأس

ودليل لزوم طاعة النبي مطلقا، وغير ذلك. فهــذه النصــوص تفيــد بإطلاقها أن كل ما صدر من النبي هو واسطة بلــوغ الشــريعة لنــا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد18هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

والدين. وغيره يحتاج إلى دليل. إن أدلـةـ حجيــة الســنة الــتي تســعفنا هنــا ـــ بعــدوالجواب:

حجيـة»حذف ما هو بالغ الضعف منها، كما توصلنا إليـه في كتابنـا ـ تقع على ثلاثة أنواع:«السنة

ــة على طاعــةالنوع الأول: النصوص القرآنية وغيرها الدالالنبي مطلقا، والائتمار لأمره، والانتهاء عما نهى عنه.

ــة وهذا النوع قلنا في محله بأن بعض نصوصه دال على حجي السنة النبوية في مجال الطاعة، وهو لا يفيد حجية السنة في كــل ما يقوله النبي؛ لأن موضوعه الطاعة، وهي لا تكون إلا في مجــال الأمر والنهي ونحوهما. ولهــذا التزمنــا هنــاك بــأن إطلاقــات الأمــر

بالطاعة تثبت مبدأ حجية السنة في مجال الطاعة.ــا يصــدر عن ـةـ م ـةـ لا يثبت تبليغي ــوع من الأدل ــذا الن إلا أن هـهـ لا تســتبطن اعتبــار مــا النــبي؛ لأن النص أمرنــا بطاعتــه، وطاعت يقوله تبليغا عما أوحي إليه. تماما كأمرنا بطاعــة ولي الأمــر، فــإن الطاعة لا تعني أن كل مــا يصــدر عن ولي الأمــر فهــو تبليــغ لأمــر إلهي، بل قد يكون حكما حكوميا أو ولائيا أو زمنيا صــدر لمصــلحة شخصها النبي، لنقوم بفعلها، لا لكون ما أمر به مندرجا ضــمن مــا أوحي إليــه بوصــفه جــزءا من الــدين. فلــو أمــر النــبي المســلمين بالخروج للحرب غرة شهر ربيع الأول مثلا فإن أدلة الأمر بإطاعته مطلقة تشمل هذه الحال، لكن هذا لا يعني أن مضمون أمره هذاـهـ جــزء من هو جزء من الدين الذي يقوم بتبليغه، وإنما نكتشف أن الدين من خلال ثبوت الإطلاق في أمره لجميــع الأزمنـة والأمكنــة،ـةـ مثلا. ثم القول بعدم إمكان هذا الإطلاق في أوامره غــير التبليغي

وهذا رجوع إلى دليل الإطلاق الذي تكلمنا عنه سابقا. : إن الأمر بإطاعة شــخص لا يســتبطن بالضـرورةوالحاصل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد19هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

كون ما يأمر به جــزءا من الــدين يقــوم بتبليغــه لنــا، بــل هــو أعم. وعصمة النــبي تثبت كــون المــأمور بــه حقــا، وهــذا أعم من كونــهـهـ جزءا من الدين. تماما كحالة مطابقة أمر ولي الأمر للواقــع، فإن يكون حقا، لكن مضمون أمــره لا ننســبه إلى اللــه تعــالى بوصــفه

جزءا من الدين، وإن وجبت طاعته. النصوص القرآنية وغيرها التي تعتبر أن كــلالنوع الثاني:

ما صدر من النبي هــو وحي من اللــه تعــالى. فكــل مــا يقولــه هــوــا وحي الله له، فهو يبلغ للناس ما أوحي إليه. وهذا يعني أن كل م

يصدر عن النبي بمقتضى هذه النصوص هو تبليغ. وعمدة هذه النصوص ـ كما حققناه في )حجية السنة( ـــ هــو

�ن هو إ�لا وحي يــوحى﴿آيــة: بــأن ســورة». وقــد قلنــا هنــاك ﴾إ النجم قــد وقعت في ســياق مخاطبــة المشــركين الــذين يكــذبون

ــا«ضل» و«صاحبكم»النبي في دعواه النبوة والقرآن، بقرينة ، كم أن تكملــة الآيــات تشــير إلى جبرئيــل الــذي ارتبــط اســمه بــنزولــبي من معلومــات من الوحي القرآني، لا مطلق ما حصل عليه الن

دا لإطلاق «هو»عند الله تعالى. وهاتان القرينتان تصلحان معا مقي في الآية، ولا أقل من أنهما تمنعاننا عن الأخذ بالإطلاق فيهــا. وقــد ذهب العلامــة الطباطبــائي إلى ذلــك، آخــذا بعين الاعتبــار القرينــة الأولى. بل إن الآيات ـ نظرا لمكيتها ـ تدور حــول الإشــكالية الــتي كانت قائمة في تلك المرحلة، وهي ليست أفعال النــبي وحجيتهــا،

ــك في ،«هو»بل صدقية النبوة والقرآن...، وبعبارة أخرى: إننا نش هل هي راجعة إلى المقدر في الآية السابقة عليها، أو أنها راجعــةــدر المــتيقن، وهــو إلى القــرآن؛ لهــذه القــرائن؟ ومعــه نأخــذ بالقك بــالإطلاق، وإن لم الثاني؛ انطلاقا من وجود ما يمنــع من التمســ

)حيدر حب الله، حجية السنة في الفكــر«يصلح مقيدا اصطلاحا...

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد20هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

(.75 ـ 74الإسلامي: وعليه، فالنوع الثاني من الأدلة لا يفيد أصالة التبليغ أيضا، بلــة أن نلــتزم بــأن كــل مــا يلزم لو استندنا إلى هــذا النــوع من الأدلـةـ لا غــير؛ بشــهادة النص القــرآني صدر عن النبي هو أحكام تبليغي المتقدم. وكثيرون لا يلــتزمون بهــذا، بــل هــو مفــروض العــدم في

بحثنا، كما قلنا مطلع الكلام. مــا دل من النصــوص القرآنيــة وغيرهــا علىالنوع الثالث:

لزوم التأسي برسول الله، وأنه قدوة وأسوة. وهذا يعني أنها تريد جعله طريقــا لمــراد اللــه تعــالى في كــل مــا يصــدر عنــه، فتكــون

شخصيته الرسولية المرآتية هي الأصل. بمــا حققنــاه في مبــاحث حجيــةولكن يمكن أن ينــاقش

السنة، من أن جعل النبي قــدوة وأســوة لا يعــني حجيــة تمــام مــا يصدر منه، بل يعني اتخاذ مساره العــام في حياتــه قـدوة لنــا؛ لأني بــه في كلمة )أسوة( لا إطلاق فيها، لا بمعنى أنها تصدق بالتأســ مورد واحــد، كمــا ذكــره مثـل المحقــق الحلي )انظــر: نجم الــدين

(؛ حيث ناقشــناه هنــاك، بــل بمعــنى119الحلي، معارج الأصــول: ــو لم ــا، ول صدق عنوان الأسوة، بجعل مسار حياته العام منهاجا لن نأخذ كل مورد من هذا النوع؛ فهذا هو الاستخدام العرفي المتيقن

لكلمة أسوة، وغيره يحتاج إلى دليل. يضاف إلى ذلك أن هذه الآية يتيقن منها حجية الفعل النبوي. أمــا حجيــة القــول النبــوي مطلقــا، وكــذا التقريــر، فيحتاجــان إلى

وبهــذا يظهــر أنقرينة، وعمدة بحثنا هنا في النصوص القولية. دليل حجية السنة لا يؤسس أصالة التبليغ.

ـ نفي الاجتهاد النبوي وتأصيل الوحيية، نقد مبنائي6

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد21هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

ـةـ الــتي تنفي اجتهــاد النــبي مطلقــا، الاستناد إلى جميــع الأدل وهذا معنــاه أن النــبي في كــل مــا يقــول ويعمــل يصــدر عن وحيهـ بالتفصـيل إلهي، لا عن اجتهاد بشـري. وقـد استعرضـنا في محل اــ أدلة منع الاجتهاد النبوي، وذكرنا أكثر من خمسة عشر دليلا عقليها تصب في صالح إثبات وقرآنيا و... على منع الاجتهاد النبوي. وكلهـ مــا من شـيء يصـدر عن النـبي إلا وهــو عــبر وحي أو اتصــال أنــوحي بين. وهذا ما يثبت أصــالة ال مباشر بالله تعالى ورسله المقر

والتبليغية. إن جميع الأدلة التي سيقت لمنع مطلق الاجتهادوالجواب:

ـةـ النبوي قد ناقشــناها بالتفصــيل في محله، بــل إننــا قلنــا بــأن أدل تجويز الاجتهاد النبوي وإن كــان أغلبهــا ضــعيفا، لكن بعضــها مفيــد ونافع. ولهذا خرجنا هناك بقاعدة تقــول: إن كــل مــا لم نفهم منــهــو خاضــع ــدين فه ــوحي الإلهي أو ال ــوي عن ال ــار النب جــانب الإخب لقانون الاجتهاد النبوي، حتى لــو قلنــا بعصــمة هــذا الاجتهــاد؛ فــإن العصمة شيء وكون ما يقوله هو تبليغ عن الله تعالى لدينه حصراناه أيضا )انظر: حيدر حب الله، حجية السنة شيء آخر، على ما بي

(. ومعنى ذلك أن نرجع في غــير501 ـ 369في الفكر الإسلامي: ما ثبت أنه تبليغ إلى مقتضى طبيعة الأشياء من كون النــبي بشــراهــ في مــا يقــول ويفعــل يمــارس تطبيقــه ر ويجيـل النظــر، وأن يفكهــ في نهايـة الزمني للدين. ومهما فرضناه معصوما في ذلك، إلا أن المطاف لا يحكي ـــ بالضــرورة ـــ عن جــزء من أجــزاء المنظومــة

الدينية الموحاة إليه.

ــاهرة7 ــك الظ ــلامي الأول، تفكي ــة التلقي الإس ــ مرجعي ـوتحليلها

عية والارتكــاز الإســلامي العــام؛ حيث يظهــر السيرة المتشر ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد22

هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

من ســيرة المســلمين منــذ العصــر النبــوي وإلى يومنــا هــذا أنهم يتعاملون مع نصوص النبي على أن الأصل فيها أنها تبليغ من الله،

. وهــذا|وينسبونها إلى شريعة الإسلام في كــل مــا يقولــه أو يفعلهــير دليـــل على أن التلقي الإســـلامي الأول كـــان على أصـــالة خـ التبليغية. وعلى هذا ســار الأئمــة والعلمــاء فيمــا بعــد، كمــا يظهــر

منهم، ومن بينهم أئمة أهل البيت النبوي أنفسهم.ــ من أقــوى الأدلـةـ في ــد بعض ـ ــ عن ــد ـ ــدليل قــد يع هــذا ال موضوعنا. وعلينا أن نتوقف عنده قليلا، لنتوجه إليه ببعض الأسئلة

الأولية في البداية: ـ ما هو الدليل على أن مسلمي القرن الهجري الأول كــان1

لديهم هذا التلقي؟ وما هي حدوده؟ ـ هل يمكن أن ينشأ هذا التلقي من طبع إنســاني غــالب، لا2

من أصل ديني مقرر؟ ـ هل يحتمل أنهم لم يجــدوا فرقــا بين زمنهم وزمن النــبي،3

حتى يؤثر ذلك في شعورهم بوقف تنفيذ الحكم النبوي أو لا؟ ـ هل أنهم كانوا يجرون أصــالة التبليــغ، أو كــانوا على يقين4

بأن هذا الموقف أو ذلك هو جزء من الدين، ومن ثم لم يقعوا في؟ مرحلتهم الزمنية في شك

هذه هي الأسئلة الأربعة الأساسية التي يلــزم أن نجيب عنهــاهنا بالتدريج:

فالــذي يبــدو من بعض النصــوص أنهمأما الســؤال الأول كانوا يتعاملون مع النبي بتمييز بين مــا جــاء بــه من اللــه وبين مــا كان من عنده، كما في حادثة معركــة الأحــزاب. بــل إن الحــوادثفها الكثـــير من الشـــيعة طعنـــا في بعض والنصـــوص الـــتي يصـــن الصحابة في تعاطيهم مع النبي قد يمكن فهم بعضها لا في ســياق

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد23هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

الطعن، وإنما في سياق وجــود تميــيز عنــد الصــحابة في شخصــية النبي بين ما يأتيه من الله تعالى وما يكون من نفسه. فأصل هذه رنا إلى قســم الفكرة توحي به بعض النصوص التاريخية الــتي أشــ منها في مباحث اجتهاد النبي أيضـا. وهـذا هنـا أشـبه شـيء بحـال المكلفين اليوم، من حيث إن ما يقوله المرجع في الشأن الفقهيـةـ. يرونه جزءا من الدين، كما في مثل ما يأتي في رســالته العملي بينما الذي يقوله في مجال التشــخيص أو غــيره لا يعتبرونــه جــزءاــه من الدين، حتى لو اتبعوه فيه. فهذا الوعي لا يوجد ما ينفي كون

كان موجودا في العصر النبوي، بل الشواهد لصالحه. ــدا لكن ظهور النبي، وتغييره عادات كبيرة، وخلقه نمطا جديل شخصــيته، والأخــذ بكــل مــا من العيش، دفع المسلمين إلى تمث يقول، باعتبار ذلك أصــلا ومرجعــا. ولهــذا وجــدناهم يحتجــون علىد أنهم كــانوا يعتــبرون بعضهم بعد وفاته بكلامه وأفعاله. وهــذا يؤك ما يصدر عنه مرجعا يحتجون به. وعليه يمكننا الجزم بــأن الأجيــالــدأ، لكن الأولى تلقت التجربة النبوية بوصفها مرجعا من حيث المب

ليس مرجعا تبليغيا بالضرورة.ــا أن هــذا التلقي العــاموأمــا الســؤال الثــاني فــإذا أثبتن

)المســتدل بـه في أصـل هــذا الــدليل( الــذي كــان محيطــا بـالنبي وبعيده قد كان تطبيقا لتوجيه إلهي في هذا الصدد ثبت المطلوب، وإلا فإن نفس ســكوت القــرآن والســنة عن التنبيــه على خطــورة هذا التلقي كاشف عن صــحته، حتى لــو نبــع هــذا التلقي من طبــعـرـض إنساني غالب؛ فإن أمرا بهــذا الحجم من الخطــورة كــان يفتــك ــا دل ذل دات له. ولما لم نجد نهي النهي عنه، مع أننا قد نجد مؤي

على أن الدين يرضى بهذا التلقي. بأن النصوص التي تحدثت عن الأنبياء تصــبلكن قد يقال

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد24هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

كلها في صالح خلق القــرآن لــوعي آخــر مختلـف حــولهم، يفــرض التمييز بين أدائهم الشخصي وتبليغهم، ولــو كــان تميــيزا من حيث

ا اللــه عنــك ل�م أذ�نت لهم﴿المبــدأ؛ فنصــوص: عبس﴿، و﴾عفــز في الــوعي الإســلامي أن النــبي يتصــرف﴾وتولى ، وغيرها، ترك

في غير ما يعلن ويوحي بأنه تبليغ إلهي بوصفه إنسانا لـه طريقتـه في العمل، التي قــد يلفت اللــه نظــره إلى وجــود طريقــة أفضــلـةـ ة في الموضــوعات الخارجي ــا، وخاصــ ــا، وهــو لم يكن ملتفت منه والتشخيص الميداني، الذي قد ناقش بعض المســلمين في وجــود

دليل حاسم على العصمة والعلم فيه.ــا أن نســتبعد فرضــية أنوأما الســؤال الثــالث فلا يمكنن

ــبي حتى ــرق بين عصــرهم وعصــر الن المســلمين لم يشــعروا بفما يوقفوا مضمون التوجيهات النبوية بحجة أنها غير تبليغية، ولا سي في تلك الفترة التي لم تشهد تحــولات كــبرى في أنمــاط العيش. ومعنى ذلك أن مسلمي الصدر الأول والقرن الهجري الأول عندماــدين أو لا، تلقوا النصوص النبوية لم يكن يعنيهم كونها جزءا من ال بقدر ما كان يعنيهم كونها ملزمة لهم أو لا؟ )وخاصة بالنســبة إلى الشيعة الــذين يمكن أن يكونــوا اعتمــدوا في ذلــك على حالــة منةــ فاعلــة؛ لبقــاء موضــوعها إقرار الأئمــة ببقــاء تلــك الأوامــر النبويـةـ الاســتمرار، مــع المحافظــة على وظروفهــا، ممــا يمنحهــا قابلي ولائيتها وعدم تبليغيتها؛ لأن الولائية في مرحلــة الاســتمرار جــاءت

من موقع حاكمية الإمام نفسه(.ـهـ في الحالــة الأولى هم يأخــذون مــا والفرق بين الحالتين أن صــدر عن النــبي بوصــفه جــزءا من الــدين، ويقومــون بتطبيقــه أوــة ــا في الحال ــة. أم ــذا الأســاس في أزمنتهم اللاحق ــه على ه تلقي الثانية فهم لا يهتمون لكون الصادر عن النبي هــو جــزء من الــدين

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد25هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

أو لا، بل يعتبرون أن الظــروف واحــدة، ومن ثم فتشــخيص النــبيع ن أو الأرجح بالنسبة إليهم، نظرا لما يتمت وموقفه يظل هو المتعي به النبي من صفات، ولكون تشخيصـه ومــا صـدر عنـه بشــريا فيـرـد فيــه ردع إلهي، ومن الطــبيعي في هذه الظــروف أو تلــك لم ي هـــذه الحـــال أن يكـــون الأداء النبـــوي مرجعـــا لهم يـــترجح على تشخيصهم المظنون بعد وحدة الظروف. ويشهد لذلك أننا رأيناهمجهون نحو تغيير بعض ـ كما عند مدرسة أهل الرأي والمصلحة ـ يت ما صدر عن النبي عندما يجدون الظــروف قــد تحــولت، ولا ينتقــد عليهم أحد ـ في تلك الفترة ـ بأن ذلــك تغيـير لشــرع اللـه تعــالى،

عدا في مواضع محدودة جدا. الفكــرة الــتي أريــد التركــيز عليهــا تكمن في تحليــل طبيعــةــع تلقيهم للتجربة النبوية القريبة جدا من زمنهم، والمتحدة غالبا م ظروف حياتهم. إنهم هنا لا ينظرون بالضــرورة إلى اعتبارهــا بكــلرون في هذا؛ لأنهم غير مضطرين أجزائها جزءا من الدين، ولا يفك إليه، بل يهمهم اعتبار ما أفرزته هو الموقف الســليم في التعامــل مع الأمور في ظروفهم المشــابهة للظــرف النبــوي. وســلامة هــذا الموقف عندهم لا تنبع بالضرورة من دينيته ووحييته، بــل قــد تنبــع من رجحان التشخيص النبوي وهيبته ونفوذه الــروحي بعــد النجــاح

الذي حققه، ووحدة ظروفه الموضوعية مع ظروفهم.ـةـ ـةـ والتغييري وهذا أمــر يحصــل في مختلــف الحركــات الدينيس تشــعر بصــواب الكــبرى، فـإن الأجيـال اللاحقــة للجيــل المؤســ الاعتماد على تجربة جيل التأسيس، لا بوصفها جزءا من النظرية ـر الأصل )الثابت(، بل بوصفها تجربة ناجحة، هي الأرجح ما لم تتغيرون، الأمــر الــذي يحتمــل ر الظروف قد يغي الظروف. فعندما تتغي أن الصيغة السابقة له كانت جزءا من المشروع، كما يحتمــل أنهــا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد26هـ1439م ـ 2018شتاء

الشخصية المرجعية للنبي، بين الرسولية التبليغية والذاتية البشرية•

ــتوى لم تكن جزءا منه، وإنما هي إفراز طبيعي زمني له على مسـةـ ــدأ فكــرة المرجعي ــة تب التطــبيق. نعم، بعــد مــرور جيلين أو ثلاث

بالتبلور. فلا نملك أي معطى يتصف بالقطعيةوأما السؤال الرابع

د لنا أنهم لو شكوا في أن هذا النص أو ذلك جزء من والحسم يؤكةـ عنـدهم في ظـرف الدين أو لا فإنهم يرجعون إلى أصالة التبليغي

الشك، إن لم نقل بأن بعضهم كان أكثر ميلا لعدم هذه الأصالة. وعليه، فالسيرة الإسلامية لا تشكل معطى حاســما هنــا، في غير كون سنة النبي حجة ومرجعا في الجملــة، ومن حيث المبــدأ. ــا ــبي تبليغ وأما أنهم في العقود الأولى كانوا يرون كل ما يقوله النــرآن ــد نصــوص الق ما بع ــابت، ولا ســي ــير ث ــذا غ ــوحي إلهي، فه ل الواضحة في الكشف عن مواقف نبوية تــدخل القــرآن في توجيــهــية حركتها نحو الأفضل؛ فإن من شأن هذا الرسم القرآني لشخص النبي وعامة الأنبياء ـــ أو على الأقــل يحتمــل فيــه ـــ أن يحفــر في

الوعي الإسلامي الأول صورة أخرى غير ما نحن فيه.نتيجة البحث

ــة أصــالة التبليغ هـ لم يقموحصــيلة الكلام في أدل ـ أنـةـ، فضــلا عن دليل قــاطع على أصــالة التبليــغ في النصــوص النبوي نصــوص الصــحابة وأهــل الــبيت النبــوي. وهــذا يعــني أن الاجتهــادةــ فعليـه أن الشرعي عندما يمـارس فهمــه للنصــوص غـير القرآنيدــ، من قــرائن يضع معايير تبليغية النص الصــادر؛ فــإذا أمكنــه التأك اللفــظ والمقــام والســياقات ومناســبات الحكم والموضــوع، ومن قــرائن الــداخل والخــارج، أن النص أراد تبليــغ حكم إلهي صــار بالإمكان نسبة هذا الحكم إلى الله تعــالى بوصــفه جــزءا من دينــه

ــدين، حتى|الذي بلغه النبي ؛ وإلا فاللازم التوقف في نسبته إلى ال

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد27هـ1439م ـ 2018شتاء

حيدر حب الله•

لو كان واجب الطاعة بملاك آخر.ــة وهذا هو المستند الرئيس لأطروحتنا في إعادة فهم التجربـهـ نتيجــة ـةـ بأفعالهــا وأقوالهــا ومواقفهــا. وهــو فهم نــزعم أن النبوي طبيعية لمنطق الأشياء. فالمسلمون ملزمون بالتعامل مع النــبي، لكن ما يصدر من النبي تارة يكون بيانا لما هو الدين الذي جاء به؛ــة ـاـ للأداء النبــوي خــارج إطــار الديان وأخــرى يكــون وضــعا طبيعي المبلغة، لكنه منسجم مع روحهــا وأهــدافها من حيث المبــدأ. نعم، هذه التجربة التي تقــع خــارج الإطــار يمكن أن نســتلهم خطوطهــاــك كلـهـ العامة ومساراتها ومؤشراتها وآليات العمل بها، بوصف ذل ملهمات لنا يقتدى بها بوصفها نهجا، لا مفردات، انطلاقا من الأمــر

الإلهي لنا بأخذ التجربة النبوية أسوة.وبذلك نحصل في ما أتانا به النبي على أمرين:

ــ1 ــانب التبليغيـ ــو الج ــذا ه ــا. وه ــتي بعث به ــالة ال الرسوالرسولي.

ــغ، فيـ 2 أداؤه البشري وتجربته الإنسانية خارج إطــار التبليممارسة حياته، وفي إدارته لواقع الدين في الحياة.

أما الجانب الأول فنأخذه بحرفيته، بعيدا عن قضية التاريخية. وأما الجانب الثاني فنأخذه بوصفه قدوة، لا بوصف ما أفرزهــات، عبارة عن أحكام شرعية؛ فالقدوة في النهج والمســار والكلي

لا في مصاديق هذا النهج. هذا جانب من فهمنـا للشخصــية الــتي يتحلى بهــا المعصــوم، وكيفية استنطاقها، نطرحه ـ باختصار ـ للتــداول. والعلم عنــد اللــه

سبحانه.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد28هـ1439م ـ 2018شتاء

المحكم والمتشابه في القرآنقراءة جديدة

(**()الشيخ روح الله ملكيان

ــرآن ــوم القـ ــير وعلـ ــة في التفسـ ــاحث المطروحـ من المبـــا مبحث ــه وغيره ،«المحكم والمتشــابه»والحــديث وأصــول الفق

فيطرح غالبا تبعا وذيلا للآية السابعة من ســورة آل عمــران، الــتيمت آيــات الكتــاب الــذي أنزلــه اللــه تعــالى على النــبي إلى|قســ

هو الذ�ي أنــزل عليــك﴿المحكمــات والمتشــابهات، حيث قــال: ر ــ ــاب� وأخـ ــات هن أم الك�تـ ــات محكمـ ــه آيـ نـ ــاب م� الك�تـــون مــا ــغ فيتب�ع م زي ــوب�ه� ا الذ�ين في قل اب�هات فأم ــ متشــه يل�ه� ومــا يعلم تأويل تنة� وابت�غاء تأو� نه ابت�غاء الف� تشابه م�ن ــه� كــل م� � يقولــون آمنا ب� خون في الع�لم اس� إ�لا الله والر

ند� ربنا وما يذكر إ�لا أولو الألباب� . ﴾ع�ر الآيــة، يجب التنبيــه على دقيقــة، هنا، وقبل الخوض في تدبر المزيل للأوهــام، الموصــل إلى حقيقــة المــرام، لأي هي أن التدب

م )بــل لأي شــيء من خلقــه تعــالى(، هــوكلام من كلام اللــه العلاــذي لا نه كالواحد المتناسق ال ر الذي يعم جوانبه العديدة، ويبي التدب تناقض فيه، ويفسره تفســيرا لا يبقى معــه أي تــوهم تعــارض بين

إن مجاري»أجزائه أولا، ثم بينه وبين سائر كلامه ثانيا، فقد قالوا: . وهذا لا يحصل(1)«القرآن مجاري الكلام الواحد والسورة الواحدة

ــا إلى أي كلام من كلامــه تعــالى كجــزء من منظومــة إلا إذا نظرن منظمة، غير مهملين سائر أجــزاء المنظومــة، متــدبرين للعلاقــات

أستاذ في حوزة قم العلمية.)*(*(

القائمة بينها. ــا ــة الشــريفه بدراســة مفرداته ــاد الآي ــدأ البحث عن مف فلنبــابهات، ــاب، والمتش ــات، وأم الكت ــاب، والمحكم ــة، كالكت الرئيس

ل، وغيرها. يوالتأوالكتاب

في القرآن أكــثر من مئــتي مــرة،«الكتاب»استعملت لفظة تشترك كلها في الدلالة على معنــاه المعــروف من عصــر الــنزول إلى عصرنا هــذا، وهــو مــا ثبت فيــه خطــوط أو نقــوش يــدل علىــه تعــالى: المراد والمقصود؛ سواء كان في قرطاس، كما في قول

ــاس﴿ رط ــك ك�تابــا في ق� لنا علي ــام: ﴾ولو نز (، أو في7 )الأنعــه تعــالى: ن كــل﴿لوح، كما في قول وكتبنا لــه في الألــواح� م�

ــا؛ وســواء اشــتمل على145 )الأعــراف: ﴾شيء (، أو في غيرهم جملات كثيرة، كما في غــالب الكتب، أو جملات يســيرة، كمــا في

يم� * أن لا تعلوا علي﴿قوله تعالى: ح� حمن� الر ب�سم� الله� الرين ل�م� (، فــأطلق عليــه الكتــاب،31 ـ 30 )النمــل: ﴾وأتون�ي مسـ

﴿حيث قال قبله: ا الملأ ــا أيهــ الت ي اذهب ب�ك�تاب�ي هــذا... قــ�لي ك�تاب كر�يم ي إ �ني ألق� (. 29 ـ 28 )النمل: ﴾إ

الذي تعلــق بــه الإنــزال والتنزيــل«الكتاب»وكلامنا هنا حول ــالحق﴿تارة، كما في قوله تعالى: ــاب ب� ــك الك�ت �لي ثلاث﴾أنزلنا إ

ذل�ــك ب�ــأن اللــه﴿ ثلاث مرات، و﴾أنزلنا عليك الك�تاب﴿مرات، وــالحق ــاب ب� ل الك�ت ــز ــالحق﴿، و﴾ن ــاب ب� ــك الك�ت ل علي ــز ،﴾ن

ل على رسول�ه�﴿و ؛ والتلاوة والقــراءة أخــرى،﴾الك�تاب� الذ�ي نز الذين آتينــاهم الك�تــاب يتلونــه حــق﴿كمــا في قولــه تعــالى:

ــه� ــاب�﴿، و﴾ت�لاوت� ن الك�ت ــك م� �لي ي إ ــل مــا أوح� الت�﴿، و﴾ات وقــارى الت� النصــ يء وقــ ارى على شــ ت� النصــ اليهــود ليســ

ــاب ــون الك�ت يء وهم يتل إ�ن﴿، و﴾ليست� اليهــود على شــ فــرؤون أل� الذ�ين يقــ �ليــك فاســ ا أنزلنــا إ م ك م� كنت في شــ

ن قبل�ك ــة،﴾الك�تاب م� ؛ والإيمان والكفر والتصديق والتكذيب ثالثر� والملائ�كة�﴿كما في قوله تعالى: من آمن ب�الله� واليوم� الآخ�

نون ب�الك�تاب� كله�﴿، و﴾والك�تاب� ــوا﴿، و﴾تؤم� ا الذ�ين آمن يا أيهــول�ه� ل على رســ ول�ه� والك�تــاب� الذ�ي نــز نــوا ب�اللــه� ورســ آم�

ن قبل نون ب�بعض� الك�تاب�﴿، و﴾والك�تاب� الذ�ي أنزل م� أفتؤم�رون ب�بعض ــه�﴿، و﴾وتكفـــ ا وكتب�ـ دقت ب�كل�مـــات� ربهـــ ،﴾صـــ

؛ والإيتاء والإيراث رابعة، كما في قولــه﴾الذين كذبوا ب�الك�تاب�﴿و الذ�ين آتينــاهم﴿ عشر مــرات؛ و﴾آتينا موسى الك�تاب﴿تعالى:

ن قبل�ه� أربـــع﴾الذ�ين أوتوا الك�تاب﴿ ثماني مرات، و﴾الك�تاب م�طفينا م�ن﴿عشـــرة مـــرة، و ــ ــاب الذ�ين اص ــا الك�ت ثم أورثن

باد�نا رائ�يل الك�تـــاب﴿، و﴾ع� إ�ن الذ�ين﴿، و﴾أورثنـــا بن�ي إ�ســـم ن بعد�ه� .﴾أور�ثوا الك�تاب م� في عشرات الآيــات،«أهل الكتاب»وله أهل سماهم القرآن

ن أنهم أهل التوراة والإنجيل والذكر، حيث قال: قل يا أهــل﴿وبييــل يموا التوراة والإ�نج� الك�تاب� لستم على شيء حتى تق�

ن ربكم �ليكم م� ــدة: ﴾وما أنز�ل إ ــال: 68 )المائ فاسألوا﴿(، وق (، وغــير ذلــك، ممــا يحــدد لـ7، الأنبيــاء: 43 )النحل: ﴾أهل الذكر�

نا. وعليه يكون المراد«الكتاب» مفهوما واضحا، ويعين له مفادا بي بالكتاب في آيتنا المبحوث عنها هو كتاب الله الذي منــه أنــزل مــا

بنســخ مختلفــة، وبأســماء شــتى،^أنــزل على رســله المتقــدمين كالتوراة والإنجيل والفرقان والذكر والزبور وغيرها، ثم أنزله على

في نســخته الأخــيرة التامـة الخالــدة باســم القــرآن.|خــاتم أنبيائه فالكتاب نسخة الأم لجميع الكتب التي أنزلها على رسله في نسخ متعددة، وبأسماء مختلفة. والنسخة الأخيرة منه هو ما أنزلــه اللــه

، وسماه القرآن. |تعالى على هذا الرسول وعلى هذا فالكتــاب ليس واحــدا من المفــاهيم ذات الأهميــة

في القرآن فحسب، بل هو أيضا المفهوم الذي يتحــدد بــه مفهــوم القرآن نفسه. وبهذا المعــنى للكتـاب فـإن القــرآن ليس إلا خاتمــا

دات الكتـــاب، ــاب�﴿لتجســـ ن الك�ت ــه� م� ــا بين يدي دقا ل�م ــ مصنــا عليه ــدة: ﴾ومهيم� ــوراة48 )المائ ــل الت ـهـ في ذلــك مث (، فمثل

هــا من الكتــاب، ولكن والذكر والزبور والإنجيــل من قبلــه، فهي كل. (2) بألف ولام التعريف«الكتاب»من دون أن يكون أي واحد منها

: لو كــان الكتــاب نســخة الأم لجميــع الكتب الــتيفإن قيلى﴿أنزلها على رسله فكيف قال تعــالى: �ذ قال اللــه يــا ع�يســ إ

�ذ �ذ... وإ ــدت�ك إ ــك وعلى وال� ــر ن�عمت�ي علي ــريم اذك ابن مــل ي كمــة والتوراة والإ�نج� ــاب والح� ــك الك�ت ــدة:﴾علمت )المائ

يــل﴿(، و110 كمــة والتوراة والإ�نج� ــاب والح� )آل﴾يعلمه الك�ت (، حيث جعــل تعليم الكتـاب في مقابـل تعليم التـوراة48عمران:

والإنجيل، ولو كــان التــوراة والإنجيــل نســختين من الكتــاب لكــانتعليم الكتاب تعليمهما أيضا، ولا حاجة إلى إفرادهما بالذكر؟!

: كما أن كل نسخة من تلك النسخ المنزلة من الكتابيقال تختلف عن الأخرى، كذلك نسخة الأم تختلف عن كل واحدة منها، ولاتساوي أيا منها؛ وذلك لأنه كانت للمنزل إليهم ظروف مختلفــة بحسب الزمان والمكان والقـوم والإقليم وغيرهـا، بحيث لم يمكن عــدم لحــاظ ظــروفهم المختلفــة في النســخ الــتي أنــزلت إليهم،ر فتختلف تلك النسخ باختلاف تلك الظــروف في مســائل كــان تغي الظروف دخيلا في تغييرهـا. فنسـخة الأم إذا أنـزلت على موســى لوحظت فيها خصائص تناسب ظــروف المــنزل إليهم، وكــذلك إذا أنزلت على عيســى لــوحظت فيهــا خصــائص أخــرى تناســب تلــك ظــروفهم أيضــا. وهــذا لا يعــني أن كــل نســخة من نســخ الكتــاب يختص بقوم أو زمان؛ فإن أصول الحياة الإنسانية في المجتمعاتر منــذ بعد أن تشكلت مدائن وممالــك وتكــاملت الحضــارة لم تتغي

ـرـ هــو طــرق أكــثر من ألفين أو ثلاثــة آلاف ســنة، وإنمــا الــذي تغي التوصل إليها، وآليات إعمالها. وأكثر مــا جــاء في هــذه النســخ من الأحكام ناظر إلى هذه الأصول الثابتة المشــتركة بين المجتمعــات الإنسانية. وهذا هو السر في اختلاف تلك النسخ بعضها عن بعض،

على«الإنجيل» و«التوراة»وعن نسخة الأم، وهو المصحح لعطف ــاب» ــير: «الكت ــل التفس ــال بعض أه ــذا ق ــوراة». ول ــر الت إن ذك

والإنجيل بعد ذكر كلمة كتــاب ـــ مــع أنهمــا من الكتب الســماوية ـ ، أو(3)، كمــا في الأمثل«إنما هــو من بــاب التفصــيل بعــد الإجمــال

في»، كمــا في «يكــون عطفهمــا على الكتــاب هــو عطــف بيــان»ــل(4)«ظلال القرآن ؛ وقال بعضهم الآخر: إن عطف التوراة والإنجي

ــاب عطــف الخــاص على العــام، كمــا في آلاء ــاب من ب على الكت .(9) والأمثل(8) والبلاغ(7) وتبيين القرآن(6) وإرشاد الأذهان(5)الرحمان

كمة﴿هنا »: &قال بعض المعاصرين التوراة﴿ قبــل ﴾الك�تاب والح�ــل ي عله من ذكـــر العـــام قبـــل الخـــاص، حيث التـــوراة﴾والإ�نج�

ــاب والإنجيل هما كتابان حكيمان، فقد علم قبلهما أو معهما كل كت وحكمة بالوحي، تحليقا لوحيه الرســالي على كــل كتابــات الــوحي

ـةـ فيها ــل الحكم المطوي ــل، وك ه في(10)«من ذي قب ــال نفســ . وق هنا ـ وهو جنسه ـ كل كتابات الســماء«الكتاب»عل »موضع آخر:

ــة قبلــه، وذلــك من شــروطات كــل رســالة لاحقــة أن يعلم النازل رســولها ســابقتها بســابغتها، حيث الرســالات ككــل هي سلســلة موصولة بعضها ببعض، صــادرة عن مصــدر واحــد، واردة إلى أمــةــا... ثم ــة فيه ــوس ظاهري ــكليات وطق ــا اختلفت ش ــدة، مهم واح

ــوراة والإنجيل» قبــل القــرآن،«الكتــاب» همــا أهم مصــاديق «الت وأتمهــا رباطــا بالرســالة العيســوية؛ حيث التــوراة تحمــل شــريعة

تبدل في الإنجيل إلا نذرا. وممــا يلمح لــه إفــراد الناموس التي لمما«التوراة والإنجيل» وحدة كل منهما، دون كثرة مختلقة، ولا ســي

. (11)«في الإنجيلــة ــتخدمت لفظـ ــا وإن اسـ ــذه أيضـ ــا هـ ، لا«الكتـــاب»وآيتنـ

ــرآن» ــالت: «الق ــك الك�تــاب﴿، فق ــزل علي ــايران﴾أن ــا متغ ، وهم مفهوما، قضية تغايرهما لفظا والقول بعدم ترادفهما اتفاقا، ولكن اختلاف لفظي الكتــاب والقــرآن ومفهوميهمــا لا يمنــع من صــدقه

ــدة المســماة بـ ، فــإن من«القــرآن»على نســخته الأخــيرة الخال كتابـا غـير القـرآن،| يـنزل على رسـولنا المعلوم أن الله تعالى لم

وفقا لآيات تقول: إن الكتاب فصلت آياتـه أو جعـل أو أنـزل قرآنـا﴿عربيا، منها: قوله تعــالى: ــا ــه قرآنــا عرب�ي لت آيات ك�تاب فصــ

�نا جعلناه قرآنا عرب�يا لعلكم﴿(،ـ 3 )فصلت: ﴾ل�قوم يعلمون إلــون ــا لعلكم﴿(،ــ 3 )الزخــرف: ﴾تعق� �نا أنزلنــاه قرآنــا عرب�ي إلون ــ 2 )يوسف: ﴾تعق� ،)﴿ ــا )طــه:﴾وكذل�ك أنزلناه قرآنا عرب�ي

113 .)ــيات نعم، هنا نكتة لاينبغي أن يغفل عنها، وهي أن من مقتض البلاغــة ـــ الــتي هي مطابقــة الكلام لمقتضــى الحــال ـــ أن توجيــه الكلام إلى عنوان من عناوين شــيء إنمــا هــو لأجــل إفــادة معــنى تقتضيه البلاغة، فالله تعــالى ـــ وهــو خــالق البلاغــة ـــ حين يقــول:

ــاب» ــول:«الكت ــه حين يق ــا أراد إفادت ــير م ــنى غ ــادة مع أراد إفـدـ أن نعــرف مــا اقتضــى اختيــار «القــرآن» على«الكتــاب»، فلا ب ، مــع«هو الذي أنــزل عليــك القــرآن» يقل: هنا حيث لم«القرآن»

أن القرآن نسخة من الكتاب. ولنذكر مثالا من حياتنا الاعتيادية؛ تمهيدا لذلك، وهو أن زيــدا مثلا معنون بعناوين شــتى، مثــل: الابن والأخ والــزوج والأب والعم والخال والمعلم والمسلم والعالم والمواطن والإنســان وعشــرات غيرها، كلها ذات مصداق واحد هـو زيـد المفـروض، فبلاغـة الكلام

؛ وأخــرى أن«هــو أب كــذا»تقتضــي مــرة أن نحكم عليــه بقولنــا:

، وهكــذا بالنســبة إلى ســائر«هــو معلم كــذا»نحكم عليــه بقولنــا: نريد إفادة شيء غــير مــا نريــد«هو أب كذا»عناوينه، فإننا بقولنا:

، وإن كــان مصــداق كلا الحكمين«هــو معلم كــذا»إفادتــه بقولنــا: ــا يحســن في«الأب»إنسانا واحدا؛ وذلك لأن استخدام عنوان إنم

كلام ذي ربط بأبوته، مثل: أن يكون المخــاطب أو الســامع ولــده، هــو معلم» مثلا، ولا نقــول: «هو أب كريم»فنلاحظ أبوته، ونقول:

، إلا في كلام ذي ربط بمعلميته، مثل: أن يكــون المخــاطب«كريم أو السامع تلميذه أو مدير مدرسته مثلا. وهذا من مقتضيات بلاغـة الكلام، وقانون مطرد في كل شيء له أكثر من عنوان، يراد بكــل عنــوان من عناوينــه إفــادة شــيء تقتضــيها بلاغــة الكلام، بحيث لا يجوز أن يســتخدم غــير هــذا العنــوان الــذي اقتضــت بلاغــة الكلام

استخدامه. وفي مقامنا يظهر بأدنى التفات إلى آيات صــدر الســورة أن هذه الآيات موجهة إلى أهل الكتــاب، كمــا أشــار إليــه ذكــر إنــزال

الـذين»التوراة والإنجيل فيهـا، وسـيجيء تفصـيله عنـد الكلام في . فمطابقــة الكلام لمقتضــى الحــال تســتدعي أن«في قلوبهم زيغ

يستخدم عنوانا يعرفه السامع، بــل يــؤمن بــه، ولهــذا يقــول لأهــل اللــه...﴿الكتاب المؤمنين بالكتاب المــنزل إليهم من عنــد اللــه::

دقا ل�مـا بين يديـه� وأنـزل الحق�� مصـ ل عليك الك�تـاب ب�ـ نزان... هــو الذ�ي أنــزل يــل... وأنــزل الفرقــ التوراة والإ�نج�

ــات محكمــات... نه آي ــزل﴾عليك الك�تاب م� ــذي أن يعــني أن ال عليكم الكتاب بالنسخة التوراتية والنسخة الإنجيليــة وغيرهمــا هــو

أيضا بنســخته الراهنــة، فــإن|الذي أنزل الكتاب على هذا الرسوليب كنتم مؤمنين بكتاب اللــه الــذي أنزلــه إليكم فلا ينبغي لكم الــر فيه إذا أنزله إلى رسول من بعد رسلكم، معتذرين بأن بعض آياتهــاب الإلهي ــات الكت ــة من آي ــإن طائف ــابكم، ف ــات كت ــابق آي لا يط

«الكتــاب» أن أحكامها في النسخ المتعددة من ىمتشابهات، بمعن ليســت متماثلــة، بــل هي متشــابهة. فالكتــاب نســخة الأم لجميــع الكتب الــتي أنزلهــا على رســله، في نســخ متعــددة، وبأســماء مختلفة. والنسخة الأخيرة منه هو مـا أنزلـه اللـه تعـالى على هـذا

الرسول، وسماه القرآن. في آيات كثيرة.«القرآن» و«الكتاب»وعليه لا بد أن يشترك

الر ت�لك آيــات الك�تــاب�﴿وهذا ما صرح به في مثل: قوله تعالى: (، فالآيــة تقــول: إن الآيــات المــذكورة1 )الحجــر: ﴾وقرآن مب�ين

في سورة الحجر آيات الكتاب، كما أنهــا آيــات القــرآن. بــل يوجــد فيفي القرآن تصريحات عديدة باشتراكات كثــيرة بينهمــا، منهــا:

يونس، حيث إنه بعد أن أنزل الله ثلاثا وعشرين آية )الآياتسورة ــول: ’( من قصة نوح وموسى93 ـ 71 ك﴿ يق فإ�ن كنت في شــ

ــك ن قبل� �ليك فاسأل� الذ�ين يقرؤون الك�تاب م� ا أنزلنا إ م م�ن الممتر�ين ن ربك فلا تكونن م� ، فـــإن﴾لقد جاءك الحق م�

لم يكن ليشك قط في ما أنزله إليه ربه، وإنمــا كــان شــكه|النبي في مطابقة ما أنزل إليه لما أنزل في الكتب السابقة، ولهذا أمره

فإنه ثابت في كتبهم مطابقتــه»بسؤال الذين يقرؤون تلك الكتب، فإن ذلك محقق عندهم، ثابت في كتبهم،»، (12)«لما قصصنا عليك

هــ محقــق عنــدهم، ثــابت في كتبهم،»، (13)«حسبما أنزلناه إليك فإن ومن». وقــال الســيد الطباطبــائي: (14)«على نحــو مــا ألقينــا إليك

يــذكر في القصــص المــذكورة لطيف الإشارة أن الله ســبحانه لم في هذه السورة قصة هود وصالح؛ لعدم تعرض التوراة الموجودة

. وعليه فهذه الآيات أيضا نفس آيات الكتاب.(15)«عندهم لقصتهما ومنها: في سورة الأعلى، فقــد صــرح بــأن آياتهــا جــاءت في

حف� الأولى﴿الصحف السابقة، حيث يقول: ــ ي الص إ�ن هذا لف�يم وموسى �براه� (.19 ـ 18 )الأعلى: ﴾* صحف� إ

ــالى: «النجم»وفي سورة ــال تع أم لم ينبأ ب�ما﴿، بعد أن قيم الذ�ي وفى �بــراه� ى * وإ حف� موســ ـ36 )النجم: ﴾في صــ

(، جاءت ثمـاني عشــرة آيـة من صـحف موسـى وإبـراهيم، ثم37ن النذر� الأولى﴿قال: (.56 )النجم: ﴾هذا نذ�ير م�

ل�ين﴿كما أن قوله تعالى: ــر� الأو ي زب �نه لف� )الشــعراء:﴾وإ ( يشعر بذلك، فقد روى الحافظ الــرازي بإســناده عن قتــادة196

ــه: ـهـ قال ــل ذلــك«أي في كتب الأولين»أن . وروى عن الســدي مث ــاء المتقــدمين». وقــال الســبزواري: (16)أيضــا .(17)«في كتب الأنبي

أي كتب الرســل الســالفين، أي إن القــرآن»وقــال ابن عاشــور: كائن في كتب الأنبياء السالفين، مثل: التــوراة والإنجيــل والزبــور،

. (18)«وكتب الأنبياء التي نعلمها إجمالاــتمل على ــرآن مش ــا إن الق ــذكر»وأيض ــه«ال ، بتصــريح قول

أنزل على«الذكر»(، و1 )ص: ﴾ص والقرآن� ذ�ي الذكر﴿تعالى: ل عليــه�﴿ بتصريح هذه الآيات: |النبي ا الذ�ي نــز وقالوا يــا أيهــ

�نك لمجنون ــ 6 )الحجــر: ﴾الذكر إ ــه� الــذكر م�ن﴿(، أأنز�ل عليــ 8 )ص: ﴾بين�نا ن بين�نا﴿(، ي الذكر عليه� م� ــر: ﴾أألق� (،25 )القم

بتصــريح هــذه الآيــة:«الزبــور»وغيرها. وهو كتاب نزل قبل كتــاب ا﴿ ثهــ ــذكر� أن الأرض ير� ــد� ال ن بع بور� م� ولقد كتبنا ف�ي الز

ال�حون باد�ي الص (، وله أهل في جزيرة العــرب105 )الأنبياء: ﴾ع�ــتين: الا نــوح�ي﴿بتصــريح الآي ــك إ�لا ر�جــ ن قبل� لنا م� وما أرســ

م فاسألوا أهــل الــذكر� إ�ن كنتم لا تعلمــون �ليه� )النحــل:﴾إــ 43 ألوا﴿(، م فاســ �ليه� ــوح�ي إ وما أرسلنا قبلك إ�لا ر�جالا ن

ــذكر� إ�ن كنتم لا تعلمــون ــاء: ﴾أهــل ال ــ 7 )الأنبي ــه(، ــا في كمتصريحات بأن للتوراة والإنجيل أهلا فيها.

ســور الســجدة والزمــر وغــافركمــا لا يبعــد أن تكــون آيــات إذ هي ابتــدأت بقولــه:نفس آيات ذلك الكتاب؛ والجاثية والأحقاف

ين﴿ ن رب العــالم� يــه� م� ــاب� لا ريب ف� ــه:﴾تنز�يل الك�ت ، أو قولن الله� العز�يز� الحك�يم�﴿ . ﴾تنز�يل الك�تاب� م�

وبعد هذا كله اشتراك القــرآن مــع الكتب الســابقة في بعضــذا جعــل الســيوطي في الإتقــان ــابت، ول النــوع(19)الآيــات أمــر ث

ما أنزل منــه على بعض الأنبيــاء»الخامس عشر من علوم القرآن . «وما لم ينزل منه على أحد قبل النبي

بقي هنا إشكالان، لا بد من دفعهما: الر ت�لــك﴿: إن الآيات المشار إليها في قوله تعالى: أحدهما

( بعض آيــات الكتــاب أو1 )الحجر: ﴾آيات الك�تاب� وقرآن مب�ين ، ليفيــد«تلك من آيــات الكتــاب»القرآن، فالمناسب التعبير بمثل:

أن تلك الآيات المنزلة بعض آيات القرآن أو الكتــاب، فكيــف قــال؟! ﴾ت�لك آيات الك�تاب�﴿تعالى:

ــواب : إن المتكلم إذا علم أن الســامع أو غــيره ممنوالج يبلغه كلامه عارف بأن ما يشير إليه في كلامــه أو مــا يحــدث عنــهــه، ، وليس كله، فلا بأس عليه أن يشير إليه في كلام بعض من كلح بأنه بعض منه؛ وذلك لدلالة القرينة الحالية عليــه. وهــذا ولا يصر

فلا نريــد أن«&اقرأ لنا أشعار السيد الحمــيري»كما نقول لأحدنا: يقرأ جميع أشعاره، وذلك لقرائن واضحة، مثل: ضـيق المجــال، أو إيجاد الملل للقارئ والسامع بقراءة جميعهــا واســتماعها، أو عــدمــر بالنســبة إلى طاقة القارئ، أو لغيرها من القرائن الحالية. والأمهــ نـزل القرآن كــذلك؛ فـإن من ســمع عن القــرآن شــيئا عــرف أن

الر ت�لــك﴿ يتلــو القــرآن، ويقــول: |نجوما، فإذا سمع أن الرســولــه،﴾آيات الك�تاب� وقرآن مب�ين لم يشك أحد أن هــذه بعض آيات

ها. . هذا أولالا كل يسبقها إنكــار فهي : إن الجملة الخبرية إذا ألقيت ولموثانيا

تتوجه محضا إلى حكاية الواقع فقــط، فهي جملــة خبريــة محضــة.

ــا. مثلا: وهذا بخلاف ما لو سبقها إنكار، فهي تتكفل رد الإنكار أيض من&لو كان هنا مجلس أراد شخص أن يقرأ أشــعارا من الكميت

ــك ــل تل ــة، وأراد أن يخــبر الســامعين بقائ ــه أو من ورق ــر قلب ظه الأبيات، وهم غير عالمين أن الكميت أنشـأ أشـعارا كثـيرة غيرهـا،

هـذه»وأن ديوان الكميت يحتوي على أبيات كثيرة غيرهــا، يقـول: ، ولا يقــول«هــذه أبيــات للكميت»، أو «أبيــات من ديــوان الكميت

. وأمــا«هذه أبيــات الكميت»، أو «هذه أبيات ديوان الكميت»لهم: ــارئ أنهم ينكـــرون ذلـــك، ــاد يعلم القـ ــان في المجلس آحـ إن كـ ويصرون على أن تلك الأبيــات أنشــأها القــارئ نفســه، لا الكميت،

،«هذه أبيـات الكميت»، أو «تلك أبيات ديوان الكميت»فهو يقول: ؛ ليتمكن من تركـــيز صـــوته على لفظـــة«من»فيحـــذف لفظـــة

«ديوان الكميت» أو «الكميت» والجهر به أكثر؛ لأنه يريد ـ مضــافا إلى الإخبار ـ أن يفيد السامعين )المنكرين وغير المنكرين( أن هنا منكــرين، وهــذا رد لإنكــارهم، وإن تلــك الأبيــات ليســت أنشــودتي

أكيدا. ت�لك آيـات اللـه�﴿فهذه الآية، ونحوهــا، مثــل: قولــه تعــالى:

، الجاثية:108، آل عمران: 252 )البقرة: ﴾نتلوها عليك ب�الحقرآن�﴿(، و6 ــات القــ ــك آي ــا1 )النمــل: ﴾طس ت�ل ــل: م (، من قبي

ذكرناه في المثــال، فاللــه تعــالى ليس في مقــام الإخبــار المحض ليقال: إن تلك الآيات بعض آيات الله أو بعض آيات القرآن، وليس

تلــك من آيــات» أو «تلــك من آيــات الله» يقــل: كلهــا، فلم لم ، بــل هــو في مقــام رد إنكــار المنكــرين وريب المرتــابين«القرآن

المدعين أن هذه الآيات افتراءات على الله، إنكارا وريبــا دامــا مــاــه�﴿دام الــوحي نــازلا، فقــال: ــات الل ــك آي ده بقولــه:﴾ت�ل ، وأك

﴾نتلوها﴿ ده بقوله: |، لا أن محمدا .﴾عليك ب�الحق﴿ افتراها، ثم أكرآن مب�ين﴿كما أن قوله: ــر:﴾الر ت�لك آيات الك�تاب� وقــ )الحج

دان بــذكر1 )النمل: ﴾طس ت�لك آيات القرآن�﴿( وقوله: 1 ( مؤكــروف ــأن الح ــول ب ــا، على الق ــالى أو اليمين به ــه تع ــماء الل أس المقطعة في أوائل السور أسماء الله العظمى أو أيمان بهــا، كمــا

،«كهيعص»ذكره جماعة من أهــل التفســير والحــديث واللغــة في فراجع كتبهم.

والحاصــل أن اللفــظ وتكثــيره وجهــر الصــوت وتشــديده من أسباب التأكيد عند العرف، كما في القــرآن. وأســلوب المشــافهةــد قد يختلف عن أسلوب الكتابة، فقد ينتفع المشافه؛ لإفادة التأكي ورد الإنكار، بتشديد الصوت أو تركيزه على كلمة، والكاتب يحــرمــرآن. ــافهة في الق ــلوب المش ــتخدام أس ــوم اس ــه، ومن المعل من

ــة: ــذه الآي ــانظر إلى ه وا م�ن﴿ف قــ ــوا أنف� ا الذ�ين آمن ــا أيهــ يا أخرجنـــا لكم م�ن الأرض� ولا م بتم وم� طيبـــات� مـــا كســـذ�يــه� إ�لا أن تم ب�آخ� قــون ولســ نــه تنف� تيممــوا الخب�يث م�

يــد يه� واعلموا أن الله غن�ي حم� (،267 )البقــرة: ﴾تغم�ضوا ف� يستعمل أداة الاستفهام الإنكاري لإفادة العتــاب والتقريــع كيف لم

ون﴿في قوله تعالى: قـ نه تنف� ة.﴾م� ؟! وإنمــا انتفــع بــاللحن خاصــ ومما يدل على هذا اللحن الأمر بالإنفاق من الطيبات، والنهي عن

ــه: ذ�يــه�﴿تيمم الخبيث، والتعريض المســتفاد من قول ولستم ب�آخ�يه� . فهذه الأمور تنــافي صــريحا إرادة الإخبــار﴾إلا أن تغم�ضوا ف�

ون﴿بقولــه: قــ نه تنف� ، وهي قــرائن ترشــد غــير المشــافهين ـ﴾م�كالمشافهين ـ إلى اللحن المستخدم في الآية.

: إن القــرآن إن كــان نســخة من الكتــابالإشكال الثـانيــاب» على «القــرآن»فكيف عطــف ــه تعــالى: «الكت الر﴿ في قول

، فإنه لا يجوز عطــف الشــيء﴾ت�لك آيات الك�تاب� وقرآن مب�ينعلى نفسه؟

يظهر مما تقدم في وجه جعــل تعليم الكتــاب فيوالجواب

مقابل تعليم التوراة والإنجيل، حيث قلنا: إن كــل نســخة من تلــك النسخ المنزلة من الكتاب تختلف عن نسخة الأم. فنسخة الأم إذا

لوحظت فيها خصــائص تناســب ظـروف المـنزل|أنزلت على نبيناــه خصــائص أخــرى إليهم، كمــا لــوحظت في النســخ الماضــية من تناسب ظروف الأمم الماضــين أيضــا. فالمصــحح لعطــف القــرآن على الكتاب هــو لحــاظ اختلافهمــا، بعــد اشــتراكهما في كثــير من الآيات. فتلك الآيات آيات الكتاب بلحاظ أنه كتاب الله الـذي أنـزل

، بنســخ مختلفــة، وبأســماء شــتى، وآيــات^على رســله الماضــين القرآن بلحاظ أنه نسخة منــه غــير النســخ المتقدمــة، أنزلهــا على هذا الرسول. والآية تقول: إن آيات سورة هود آيات الكتــاب، كمــا أنها آيات القرآن. فالقرآن والكتاب يشتركان في كثير من الآيات، منهــا: آيــات الســورة المــذكورة. ومــا روى الحافــظ الــرازي، ذيلا

رآن مب�ين﴿لقوله تعالى: ــناده﴾الر ت�لك آيات الك�تاب� وقــ ، بإس ، وعن الحسن، من أنه«الزبور»عن مطر، من أن المراد بالكتاب

ـهـ الكتب الــتي خلت قبــل«التــوراة والزبــور» ، وعن قتــادة، من أن ، فكلها من قبيل: مصاديق للكتاب، لا أن المراد بالكتاب(20)القرآن

ــدم أن ــذكورة؛ إذ تق ــا من الكتب الم ــوراة أو غيره ــه نفس الت في التــوراة والــذكر والزبــور والإنجيــل كلهــا من الكتــاب، من دون أن

. كمــا أن مــا حكي عن مجاهــد، من«الكتاب»يكون أي واحد منها ، كــذلك. وســيأتي مزيــد(21)«التــوراة والإنجيل»أن المراد بالكتاب

. «المتشابهات« و«المحكمات»توضيح عند البحث عن إ�ن﴿وعليه كما أن الدين المقبول عند الله واحد، حيث قــال:

لام نــد اللــه� الإ�ســ ومن﴿(، وقــال: 19 )آل عمــران: ﴾الــدين ع�رة� نــه وهــو ف�ي الآخ�ــ يبتغ� غير الإ�سلام� د�ينا فلن يقبــل م�

ر�ين ن الخاس� كلهم، من نوح إلى^(، والأنبياء85 )آل عمران: ﴾م� ، كانوا مسلمين، وأرسـلوا بالإســلام، وإن اختلفت صـياغات|محمد

ــة الدين من رسول إلى آخر، حتى انتهت صياغاته بالصياغة الخاتمــا محمد ن خه من|لنبي ــ ــه واحــد، وإن اختلفت نس ــاب الل ــذلك كت ، ك

ــا ــدة لكتابن ــخة الخال خه بالنس ــ ــر، حتى انتهت نس ــول إلى آخ رسالقرآن.

ــارة أخــرى: وإن كــان كــل رســول لم يبعث إلا بلســان وبعب﴿قومه، كما صرح به قوله تعالى: �لا ول إ ن رســ لنا م� وما أرســ

اء ويهــدي ل اللــه من يشــ ب�ل�سان� قوم�ــه� ل�يبين لهم فيضــ� (، ولكن الرســل4 )إبــراهيم: ﴾من يشاء وهـو العز�يـز الحك�يم

فــون جميعا، وعلى اختلاف ألسنتهم وتعدد أقــوامهم، إنمــا هم مكل . وعليــه«أم الكتــاب»بتبليغ رسالة واحدة هي تلك المحفوظة في

ــة بلغــات الأقــوام المبعــوث إليهم إنمــا هي إن كــل الكتب المنزل ، أي ذلــك الكتــاب الأصــلي الأزلي«أم الكتــاب»ترجمــات لفحــوى

الســرمدي المتجــوهر بــالمعنى لا باللفــظ، والعــابر لكــل اللغــات، والقابل للترجمة إلى كل الألسنة قابلية الجوهر اللامتناهي للتجليةـ الأولى ـ ــة الكوني ةـ اللغ ـ ــة، وقابلي ــيرة المتناهي ــه الكث في أعراضية المجـــردة واللامنطوقـــة إلى الترجمـــة إلى الألســـنة الحســـ

. (22)المنطوقة والمتعددة بتعدد الأمم التي تنطق بها فــالكتب المنزلــة على تعــدد أســمائها ولغاتهــا هي نســخ من

الذي هو عند الله وحده، ينزل منه ما«أم الكتاب»أصل واحد، هو يشاء على من يشاء باللغة التي يشاء. ومن هذا المنظــور تضــيء

من«مجعــول» القرآنيــة بدلالــة جديــدة، فــالقرآن ﴾جعلناه﴿كلمة ﴿، أي مستنسخ منها بلغة عربية: «أم الكتاب» ــاه قرآنــا �نا جعلن إ

�نه في أم الك�تــاب� لــدينا لعل�ي لــون * وإ عرب�يــا لعلكم تعق� (، وقــد كــان يمكن للــه أن يجعلــه بلغــة4 ـ 3 )الزخــرف: ﴾حك�يم

﴿أعجمية، ولكان بالتالي يا لت: ﴾قرآنا أعجم� ــا أن44 )فصــ (. وبمــماؤه،«أم الكتاب»كل كتاب منزل مجعول من لذا قد تعددت أس

ــل؛ ــارة الإنجي كما تعددت لغاته، فهو تارة التوراة؛ وطورا الزبور؛ ت. (23)وطورا أخيرا القرآن

ألم تر﴿ولهذا أضــاف اللــه الكتــاب إلى نفســه، حيث قــال: ن الك�تاب� يدعون إ�لى ك�تاب� الله� يبا م� �لى الذ�ين أوتوا نص� إ

ون نهم وهم معر�ضــ )آل﴾ل�يحكم بينهم ثم يتولى فريـق م�لاة﴿(، و23عمران: إ�ن الذ�ين يتلون ك�تاب الله� وأقاموا الص

ارة لن ــة يرجــون تجــ را وعلان�ي ا رزقناهم ســ� م وأنفقوا م� (، وغيرهما؛ كما أضاف الدين إلى نفســه، حيث29 )فاطر: ﴾تبور

لم من ف�ي﴿قـــال: ــ ــه أسـ ــون ولـ ــه� يبغـ ــر د�ين� اللـ أفغيـــه� يرجعــون �لي ماوات� والأرض� طوعــا وكرهــا وإ )آل﴾الســ

ــه�﴿(، و83عمــــران: ــ ــدخلون في د�ين� الل ــ ورأيت الناس ي(، وغيرهما. 2 )النصر: ﴾أفواجا

ــالى: فإن قلت ــات﴿: الضمير المجرور في قوله تع نه آي م�، فالآية صريحة في أن بعض﴾محكمات يرجع إلى الكتاب بلا شك

الكتاب آيات محكمــات. فلــو كــان المــراد بالكتــاب المــذكور فيهــا الر ك�تــاب أحك�مت﴿ كانت منافيــة لآيــة أخــرى تقــول: «القرآن»

ن لدن حك�يم خب�ير لت م� (، حيث أرادت1 )هود: ﴾آياته ثم فصــات محكمــة، ولا ـةـ لهــا آي ــا أحكمت؛ إذ الكتب الإلهي أن آياتهــا كله فضل للقرآن أن تكون بعض آياته محكمة، وإنما فضله على سائر

الكتب في أن آياته كلها محكمات. : ليس المراد بالكتــاب هنــا القــرآن، بــل المــراد نفسأقول

ة السورة، أو على الأقل آياتها الأولى إلى الآيــات المتضــمنة لقصــ ، وهي أربع وعشرون آيـة منهــا؛ والــدليل على^نوح وبعض الأنبياء

ذلك أن آيات صــدر ســورة هــود مماثلــة لآيــات من ســورة النمــل المتضمنة لقصة إرسال سليمان كتابا إلى ملكــة ســبأ، وهي قولــه

�لي ك�تــاب كــر�يم *﴿تعالى: ي إ �ني ألق� ا الملأ إ قالت يــا أيهــ

يم� * أن لا ح� حمن� الــر �نه ب�سم� الله� الــر ن سليمان وإ �نه م� إين ل�م� (، ففي هــذه31 ـ 29 )النمــل: ﴾تعلوا علي وأتون�ي مسـ

ن مضــمون الكتــاب بقولــه: «كتــاب»الآي جاء ذكر من أن»، ثم بي . وهذا ما نرى مثله في آيات صدر سورة هــود، حيث يقــول:«لا...

ن لدن حك�يم خب�ير *﴿ لت م� الر ك�تاب أحك�مت آياته ثم فصير * وأن نـه نـذ�ير وبشــ� �نن�ي لكم م� أن لا تعبـدوا إ�لا اللـه إ

... روا ربكم ثم تغف� (، فجــاء فيهــا ذكــر عن3 ـ 1 )النمــل: ﴾اسـن هــذا الكتــاب بقولــه: «كتــاب» . وكمــا أن كتــاب«أن لا...»، ثم بي

نـه بقولـه سـليمان إلى الملكـة مشــتمل بعــد البســملة على مــا بي ، كذلك الكتاب المذكور في الآيــة الأولى من«أن لا...»المصدر بـ

نــه بقولــه المصــدر بـ ،«أن لا...»ســورة هــود مشــتمل على مــا بيــذي ــاب ال ــالمراد بالكت ــذا ف ــه. وعلى ه ــثر من ــيره ولا أك وليس غ أحكمت آياته هذه السورة، وآياتهــا من قســم الآيــات المحكمــات، وهي ـ على مــا سـيأتي ــ آيـات ثابتـة المضـامين في جميــع نســخ الكتاب المنزل من عند الله تعــالى. نعم، هنــا آيــات تــدل على أن

ر ولا يبدل بغيره، وسيأتي الكلام حولها. القرآن حكيم لا يغي

المحكمات قـالوا بالنســبة إلى الآيـات المحكمــات: إنهــا آيــات ظــاهرات

إن القرآن الــذي أنــزل على»: (24)واضحات. ففي التفسير الواضح بعض آياته محكمات واضــحات ظــاهرات لا خلاف بينصلى الله عليه وسلممحمد

:(25). وفي التفســير الوسـيط«ظاهر اللفــظ والمعـنى المـراد منهاــة لا خلاف في» آيات القرآن نوعان: محكمات، أي ظاهرات الدلال

نه آيات محكمات﴿ قوله: »: (26). وفي متشابه القرآن«معناها ﴾م�ــاب، أي ــه أم الكت خصص البعض بكونه محكما من حيث وصفه بأن

يخــبر»: (27). وفي تفســير ابن كثــير«منه آيــات ظــاهرات المعــاني

تعالى أن في القــرآن آيــات محكمــات، هن أم الكتــاب، أي بينــاتــد ــا على أح ــاس فيه ــة لا التب ــحات الدلال (28). وفي الجلالين«واض

نه آيات محكمات﴿»: (29)ومحاسن التأويل .« واضــحات الدلالة﴾م� آيــــات﴿»: (30)وفي التفســـــير المعين للـــــواعظين والمتعظين

ــات . وفي التفســير« واضــحات الدلالــة لا احتمــال فيها﴾محكم واضــحات الدلالــة، لا خلاف في معناهــا،﴾محكمات﴿»: (31)المنــير

من أحكم الشيء: وثقــه وأتقنــه، مفردهــا محكم: وهــو مــا عــرف وقــد»: (32). وفي التفســير الوســيط«تأويله، وفهم معناه وتفسيره

نه آيــات﴿اقتضــت حكمــة اللــه تعــالى أن يجعــل هــذا الكتــاب م� ، أي واضــحات الدلالــة، محكمــات الــتراكيب، جليـاـت﴾محكمــات

المعاني، متقنات النظم والتعبير، حاويــات لكــل مــا يســعد النــاسنات، لا التبــاس فيهــا، ولا اشــتباه . وفي«في معاشهم ومعادهم، بي

ــه﴿»: (33)تفســير من وحي القــرآن ن ــات﴿ أي من الكتــاب، ﴾م� آي واضــحات الدلالــة على المعــاني، فلا مجــال فيهــا لأي﴾محكمات

.«لبس في التفسير، ولأي غموض في المعنى، أو أي احتمال بعيدوفي غيرها من التفاسير نحو هذه العبارات.

ــا من ــا في غيره ــارات ونحوه ــذي يســتفاد من هــذه العب وال هو وضوح المعنى والدلالة والمــراد،«الإحكام»التفاسير أن معنى

أو ظهورها. هـ لمولكن يلاحــظ عليها ـ يوجــد في اللغــة والعــرف بأن

واستعمالات القرآن مورد يدل الإحكام ومشتقاته على معــنى منقبيل: ظهور المعنى ووضوح الدلالة ونحوهما.

والتوضيح أن المحكمات جمع المحكمـة من الإحكـام، ومنــه:إ�ذا﴿قوله تعالى: ورة فــ لت ســ ــز ــولا ن ويقول الذ�ين آمنوا ل

ــال رأيت الذ�ين في ت يها الق� أنز�لت سورة محكمة وذك�ر ف�ن ــه� م� ي علي ــر المغشــ� ــك نظ �لي ــرون إ م مرض ينظ قلوب�ه�

(. فالمحكمــة هنــا معناهــا غــير20 )محمد: ﴾الموت� فأولى لهميها﴿قابلة للإزالة والإبطال والتغيير والإبدال؛ إذ مع قوله: وذك�ر ف�

تال ، الذي هــو صــريح في ذكــر القتــال، لا حاجــة إلى وصــف﴾الق� فـإذا أنـزلت ســورة»السورة بكونها واضحة ظاهرة، بل لــو قـال:

كفى، ولكن من المعلوم أن الســورة الــتي كــان«ذكر فيها القتال الذين في قلوبهم مرض يفزعون منها هي التي ذكر فيهــا القتــال،

تكن قابلة للإزالة والإبطــال والتغيــير والإبــدال، بخلاف مــا لــو ولمنــة، وكــان القتــال المــذكور كانت السورة واضحة أو ظاهرة أو مبي فيها قابلا للإزالة أو الإبدال؛ إذ حينئــذ لمــا بقي لفــزعهم وجــه، ولا

ورة﴿»لخــوفهم ســبب. ولــذا قــال الشــوكاني: فإ�ذا أنــز�لت ســتــال﴿ أي غــير منســوخة، ﴾محكمة ا الق� يهــ أي فــرض﴾وذك�ــر ف�

ورة محكمـة»: (35). وقال الزبيدي في تـاج العـروس(34)«الجهاد سـورة محكمــة﴿»: (36). وفي تفسير الجلالين«أي غير منسوخة ﴾ســ

ـهـ« ينسخ منها شيء أي لم . وروى الطبري، بإسناده عن قتــادة، أنـرـد . فلم(37)«كــل ســورة ذكــر فيهــا الجهــاد فهي محكمة»قــال: ي

قتادة، ولا الطبري، بالإحكام الوضوح وما شابهه، بل أرادا به عـدمده مــا قبول الإزالة والإبطال والتغيير والإبدال، كما هو واضح. ويؤي

ــة«سورة محدثة»حكي من أن ابن مسعود قرأ: ، وتسمى المحدث. (38) ينسخ منها شيء محكمة؛ لأنها إذا نزلت تكون محكمة ما لم

رين من أن ــا«المحكمة»وعليه فما قاله كثير من المفســ هن بمعــنى الواضــحة أو الظــاهرة أو المبينــة أو نحوهــا مــردود إليهم؛

.أولاوذلك لمخالفته لسياق الآية ولاستعمالات القرآن ؛ حيث جعل الإحكام مقابل النسخثانيا

ن رسول ولا نب�ي﴿في قوله تعالى: ن قبل�ك م� وما أرسلنا م�ــه مــا يطان في أمن�يت�ه� فينسخ الل �ذا تمنى ألقى الش إ�لا إيطان ثم يحك�م اللــه آيات�ــه� واللــه عل�يم حك�يم ي الشــ ﴾يلق�

(.52)الحج: ولاستعمالات العرف في مقابل«المحكم»؛ فإنه يجعل ثالثا

الآية محكمة أو»، فيقال مثلا: «المبهم»، لا في مقابل «المنسوخ»حوا في بعض التفاســير«منســوخة في مئــات المــوارد. وقــد صــر

والجواهر(39)بكون النسخ والإحكام ضدان، كما في البحر المحيطــان ــن التأويل(40)الحس ــيز(41) ومحاس ــرر الوج ــاتيح(42) والمح ومف

وغيرها.(43)الغيبوللغة ، ففي متــون اللغــة تصــريحات كثــيرة تــدل علىرابعا

نحو من الثبات والنضج والحصــانة والوثاقـة والأصـالة ونحوهـا فيبات محكمه»، فقالوا مثلا: «الإحكام» رجل»، «رصين أي شديد الث

رجل حصيف الــرأي أي محكمــه، مــأخوذ»، «نضيج الرأي: محكمه درع حصــينة أي»، «من الحبــل المحصــف، وهــو الشــديد الفتل

يص: محكم»، «بناء مؤجد: مقوى وثيق محكم»، «محكمة بناء أصــيص تمر أي محكم قــوي»، «كرصــ حر مســ د أي»، «ســ حبــل محصــ

ــديده، على ــه س ــرأي: محكم د ال ــ ــل محص ــول... ورج محكم مفتــذلك ــبيه ب لبة»، «التش ــ ــة ص ــق محكم قة الحل ي ــ داء: ض ــ درع حص

ق: أحكمــه،»، «شديدة قه توثيقا، فهــو موث أوثقه فيه أي شده، ووثق الخلق أي محكمه أي أي محكمه»، «وإنه لموث . هــذه«أصيل الــر

نر ولن ترى فيها مجيء المحكم في تفسير نصوص كلماتهم، ولم كلمة له معنى من قبيل: الواضح والظاهر والمــبين ونحوهــا. ولــذا

المتبــادر من مــادة الإحكــام معــنى وجــودي»قال الشهيد الحكيم: إيجابي، هو الإتقان والوثوق، كما يشير إلى ذلك تصريح أهل اللغة

. (44)«في تفسير أصل المادة وعلى هذا كله فالمحكمة بمعنى الثابتــة والمتقنــة والســديدةـرـ ونحوها مما هو مصــون من طــرو مــا ينافيهــا من الــزوال والتغيــة: لا والتبدل ونحوها. فالآيات المحكمات آيات كل واحدة منها ثابت

تزول ولا تتغير ولا تتبدل، فإذا أنزلها اللــه على رســول من رســله مرة، ثم أراد أن ينزلها مــرة أخــرى على رســول آخــر، أنزلهــا من دون أي تغيـــير في مضـــامينه أو أي تبـــديل فيهـــا، فهي ثابتـــة المضامين في جميع مــا أنــزل اللــه من صــحف إبــراهيم وموســى والتــوراة والزبــور والإنجيــل وغيرهــا. والمحكمــات، كمــا قــال ملا

لا يحــول حولهــا التغيــير والتبــديل بــالتعبير إلى أبــد»حــويش: . وما حكي عن ابن عباس وابن مســعود وقتــادة والربيــع(45)«الآبد

، فـــإنهم أرادوا(46)«المحكم الناسخ»والضـــحاك، من أنهم قـــالوا: بالناسخ الثابت غير المنســوخ؛ إذ هــو في مقابــل المتشــابه الــذي

ر والتبدل، كما سيأتي. وقع فيه التغي

أم الكتاب : في آيتناأولاهاذكر هذا الاصطلاح في القرآن ثلاث مرات:

اء ويثب�ت﴿: في قوله تعالى: والثانيةهذه؛ ــ يمحو الله مــا يشــاب� ــده أم الك�تـ نـ (، فيقـــول، ردا على طعن39 )الرعـــد: ﴾وع�

عليه بأنه لو كان صادقا في دعواه أن ما نزل عليه|مخالفي النبي هو من عند الله تعــالى فلمـاذا غـاير مــا نـزل من قبلـه على أهــل

والذ�ين﴿الكتــاب في بعض الأحكــام. انظــر إلى الآيــات قبلهــا: زاب� ن الأحــ ــك وم� �لي ــز�ل إ آتيناهم الك�تاب يفرحون ب�مــا أنرت أن أعبد الله ولا أشر�ك ب�ه� �نما أم� من ينك�ر بعضه قل إــا ولئ�ن �ليه� مآب� * وكذل�ك أنزلناه حكمــا عرب�ي �ليه� أدعو وإ إن اللــه ــك م� � مــا ل ن الع�لم اءك م� اتبعت أهواءهم بعدما جــــا ن قبل�ك وجعلن ن ولي ولا واق * ولقد أرسلنا رسلا م� م�ــة إ�لا ــأتي ب�آي ول أن ي ية ومــا كـاـن ل�رســ لهم أزواجــا وذر

(، قال في إرشــاد38 ـ 36 )الرعد: ﴾ب�إ�ذن� الله ل�كل أجل ك�تابه﴿»: (47)الأذهــان ــ ــر بعض وهــو مــا خــالف أحكــامهم﴾من ينك�

مما يخالف أحكــامهم وغــير»: (48). وفي جوامع الجامع«وشريعتهمفــوه وبــدلوه من الشــرائع :(49). وفي روح المعــاني«ذلــك ممــا حر

وهو مــا لا يوافــق كتبهم من الشــرائع الحادثــة، إنشــاء أو نســخا،» يفرحــوا بــه. وعن ابن ينكــروه وإن لم وأمــا مــا يوافــق كتبهم فلم

ة، فــالمراد عباس وابن زيد: إنهــا نــزلت في مؤمــني اليهــود خاصــ وهــو مــا»: (50). وفي الأصفى«بالكتاب التوراة، وبالأحزاب كفرتهم

وهــو مــا يخــالف»: (51). وفي أنــوار التنزيل«يخــالف شــرائعهمفوه منها و»: (52). وفي البحــر المديد«شرائعهم أو ما يوافق ما حر

هو ما يخالف شرائعهم التي نسخت بــه، أو مــا يوافــق مــا حرفــوا يعني: من أهل الكتــاب من ينكــر مــا»: (53). وفي بحر العلوم«منها

ر«كان فيه نسخ شرائعهم ب وهــو مــا خــالف»: (54). وفي تفسير شــ فــالأحزاب هنــا هم»: (55). وفي التفسير القرآني للقرآن«أحكامهم

جماعات اليهود الذين كانوا حزبا على النبي مــع مشــركي قــريش . ونحوها أو مثلها في التفسير«ومن انضم إليهم من قبائل العرب

ــير ــير الواضح(56)المنـ ــيط(57) والتفسـ ــان(58) والوسـ (59) وروح البيـ

وغيرها. نــده أم الك�تــاب�﴿فآية اء ويثب�ت وع� ﴾يمحو الله مــا يشــ

هو ينسخ ما يشــاء، ويبقي مــا يريــد، في كــل عصــر وكــل»تقول: نده﴿؛ إذ (60)«زمان، بحسب ما تقضي مصالح العباد ، لا عنــدكم،﴾ع�

، على ما رواه الطــبري بإســناده«لا يغير ولا يبدل»، ﴾أم الك�تاب�﴿ب على قولــه: ». قال ابن عجيبة: (61)عن ابن زيد ــترت وم�ن﴿هــذا ي

، وهــو مــا لا يوافــق شــريعتهم. قــال﴾الأحزاب� من ينك�ر بعضه ما يستصوب﴾يمحو الله ما يشاء﴿سيدي عبدالرحمن الفاسي:

ما تقتضــيه حكمتــه، فلا ينكــر مخالفتــه للشــرائع﴾ويثب�ت﴿نسخه، في بعض الأحكــام مــع موافقتــه للحكم، وهــو الأصــول الثابتــة في

نده أم الك�تاب�﴿أصول الشرائع، ولذا قال: . وقــال بعض(62)«﴾وع�

اء﴿ ينســخ ﴾يمحو اللــه﴿»: &المعاصرين مــا يستصــوب﴾مــا يشــــه، ﴾ويثبت﴿نسخه، ــاب�﴿ ما يشاء مكان نده أم الك�ت أي أصــل﴾وع�

الكتاب، وهو اللوح المحفوظ فيه كل شيء. وهــذا رد لقــولهم: إن . ونحوه في(63)«كانت أحكام التوراة والإنجيل صحيحة فلم نسخت

(64)محاسن التأويل . وفي متشابه القرآن، لابن شهرآشوب، مرسلا ـ[ ســوى أم الكتــاب1هما كتابان: ]»: |عن ابن مسعود: قال النبي

لا يغير﴾أم الك�تاب�﴿ـ[ 2؛ و]﴾ما يشاء ويثب�ت﴿ منه ﴾يمحو الله﴿ ، عن(67) وزاد المســير(66). ومثلــه في مجمــع البيــان(65)«منه شيء

ابن عباس، موقوفا.�نا﴿: في قوله تعالى: والثالثة ــاب� المب�ين� * إ حم * والك�ت

ــاب� �نه في أم الك�ت لون * وإ جعلناه قرآنا عرب�يا لعلكم تعق� في﴿(، أي إن القرآن كائن 4 ـ 1 )الزخرف: ﴾لدينا لعل�ي حك�يم

ــدر بين الكتب، شــريف﴾لدينا لعل�ي﴿، وهو ﴾أم الك�تاب� رفيع الق لا يغير ولا يبدل. ﴾حك�يم﴿المنزلة،

ــاب»ويظهر من هذه الآيات، ومن النبوي، أن اســم«أم الكتـةـ، للجزء الأصلي من الكتاب الإلهي، استنسخت منــه الكتب الإلهي

ــعادة ــان الس ــاخ في بي ــذلك الاستنس ــرحوا ب ــا ص ــع(68)كم ومجم وغيرها. وهو الجزء(71) ومقنيات الدرر(70) ومعالم التنزيل(69)البيان

ـرـ ولا يتبــدل، ولــذا جعــل في آيتنــا الثــابت الــذي لا يــزول ولا يتغيــزول ولا ــات: لا ت المبحوث عنها الآيات المحكمات ـ وهي أيضا ثابت

أي مجمــوع هــذه﴾هن﴿تتغير ولا تتبدل ـــ أم الكتــاب، حيث قــال: الآيات المحكمــات، فجمــع الضــمير تأكيــدا على الجميــع، ولكن لم

ــابت﴾أم الك�تاب�﴿يجمع الأم، بل قال: ؛ إذ هي اسم لهذا الجزء الثـهـ تعــالى لم ــل: من الكتــاب. كمــا أن أم»؛ ليفيــد أن «هن أمه» يق

ــه: «الكتاب وما كـاـن﴿ اسم لجزء من الكتــاب، وهــذا بخلاف قولها رسولا )القصــص:﴾ربك مهل�ك القرى حتى يبعث في أم

ةــ المكرمــة. نعم،«أم القرى» يقل: (، حيث لم59 ؛ لأنها اسم لمك يرد بــه مــا علما، حيث لم«عبد الله» وإن كان يشبه «أم الكتاب»

يهجــر منفــردتين، ولكن مــع ذلــك لم«الله» و«عبد»يراد بكلمــتي في تسميته بأم الكتاب معــنى الأم اللغــوي والعــرفي رأســا، ولــذا

ــير،«أم الكتاب»صرحوا بأن يعني أصله، كما في كثير من التفاســان ــاد الأذه ــل: إرش ــوار التنزيل(73)، الأصــفى(72)مث ــر(74)، أن ، البح

ــير(77)، الصــافي(76)، الجلالين(75)المديد ،تفســير(78)، تفســير ابن كثــبر ــبين(79)شـ ــير المـ ــير المعين(80)، التفسـ ــير(81)، التفسـ ، التفسـ

، وغيرهــا من(84)، التحريــر والتنــوير(83)، روح المعــاني(82)الوســيط التفاسير. وبلحاظ المعنى اللغوي أيضا فأم الكتــاب ثابتــة لا تــزولر ولا تبدل؛ إذ هي أصله لغة وعرفا، وأصل كل شــيء ثــابت ولا تغي

لا يزول ولا يتغير ولا يتبدل. ــالى: ــه تع ــدينا﴿ثم لا يخفى أن قول �نه في أم الك�تاب� ل وإ

( يدل بوجهين على أن القــرآن ممــا لا4 )الزخرف: ﴾لعل�ي حك�يم : إن القــرآن كــائن في أم الكتــابأحدهمايتغير ولا يتبدل بغيره:

: وصــف القــرآنوثانيهماالتي هي مجموعة الآيــات المحكمــات؛ بكونــه حكيمــا. كيــف لا، وهي النســخة الأخــيرة من الكتــاب الــتي أنــزلت هــدى للنــاس! وهــذا من لطيــف التعبــيرات، حيث وصــف القــرآن بــالحكيم، لا بــالمحكم، وهمــا وإن كانــا قريــبين مفهومــا ـر بعضــهم لاشتراكهما مــادة ـــ ولكن لا يتســاويان معــنى، وإن فســ

ينسخ منــه شــيء المحكم الذي لم»الحكيم بالمحكم، حيث قالوا: .(86)« ينســخ شــيء منها محكم آياتــه لم»، أو (85)«بكتاب آخر بعــده

فالمحكمات آيات ثابتة المضامين في جميــع الكتب المنزلــة. ومن المعلوم أن مضامين بعض آيات القرآن يختلف عما في غــيره من تلك الكتب، كما سيأتي. وأما كون القرآن حكيما فيعني أنه بجميعـرـه أو يبدلــه. كمــا أن قولــه آياتــه مصــون من أن يأتيــه شــيء يغي

ــالى: ــاب﴿تع �نه لك�ت اءهم وإ ا جــ إ�ن الذ�ين كفروا ب�الــذكر� لمه� تنزيل ن خلف� ن بين� يديه� ولا م� عز�يز * لا يأت�يه� الباط�ل م�

يد ن حك�يم حم� ( يقول: إن الذكر الــذي هــو42 ـ 41 )فصلت: ﴾م� من القرآن ـ كما سبق ـ لا يعتريه البطلان. ولما كان النسخ إبطالاـرـد على القــرآن الحكيم. وتقــدم لمــا في الآيــة من حكم فهــو لا يــع. بعض الآيات الدالة على أن الذكر بعض القرآن، لا نفسه، فراج وعليه ففي هذه الآيات، ونحوها من الآيــات الــتي وصــفت القــرآن

ــة2 )يس: ﴾والقرآن� الحك�يم�﴿بالحكيم، مثل: قوله تعالى: (، دلال تنسخ منــه آيــة، لا بآيــة منــه، ولا صريحة على أن القرآن كتاب لم

برواية. سخ المذكور في قوله تعالى: ن آية أو﴿وأما الن ما ننسخ م�

ا ألم تعلم أن اللــه على ثل�هــ ا أو م� نهــ ــر م� ها نأت� ب�خي ننس� ( فهــو نســخ بالنســبة إلى أهــل106 )البقــرة: ﴾كل شيء قد�ير

مــا يــود﴿الكتــاب؛ ضــرورة الترابــط بين الآيــة والســابقة عليهــا: ل ر�ك�ين أن ينــز ن أهــل� الك�تــاب� ولا المشــ الذين كفروا م�اء ــ ن ربكم والله يختص ب�رحمت�ه� من يش ن خير م� عليكم م�

ل� العظ�يم� ــرة: ﴾واللــه ذو الفضــ ــيخ105 )البقـ ــال الشـ (. قـــا؟»: &الطوسي ــتي قبله فإن قيل: أي تعلق بين هذه الآية وبين ال

ن أهــل�﴿قلنا: لما قال في الآية الأولى: ما يود الذ�ين كفروا م�ن ن خيـــر م� ل عليكم م� ر�ك�ين أن ينـــز الك�تـــاب� ولا المشـــ

لا يخليهم من إنزال«جل وعز» دل في هذه الآية على أنه ﴾ربكم . فالآيــة الأولى تقــول:(87)«خير إليهم، خلاف ما يــود أعــداؤهم لهم

يؤمنوا بما أنــزل عليكم، مــا إن الذين كفروا من أهل الكتاب، ولم يودون أن ينزل عليكم خــير من ربكم، قــد يكــون ذلــك الخــير آيــة تنسخ آية من آياتهم. ثم تقول الثانية: إذا مــا ننســخ أو ننســي آيــةــل ــه على ك من آياتهم نأت بخير منها أو مثلها في القرآن، فإن الل

شيء قدير. ولذا قــال أبــو مســلم الإصــفهاني على مــا حكى عنــه إن المــراد من الآيــات المنســوخة هي الشــرائع»الفخــر الــرازي:

التي في الكتب القديمة من التوراة والإنجيــل، كالســبت والصــلاةدنا ـاـ، وتعب ــالى عن ــه تع ــا وضــعه الل ــرب، مم ــرق والمغ إلى المش

. وكيــف كــان، فــإذا ثبت بالآيــات المتقدمــة وغيرهــا أن(88)«بغــيره تنسخ منه آية فلا بد أن يكون النسخ المذكور في قولــه القرآن لم

ن آية﴿تعالى: نسخا لآية من غير القرآن. ﴾ما ننسخ م� بــأن(89)والفخــر الــرازي، بعــد أن اعــترف في مفــاتيح الغيب

ــال: الاستدلال بهذه الآية على إثبات النسخ في القرآن ضــعيف، قــالى: ــه تع �ذا بدلنا﴿الأقوى أن نعول في إثبات النسخ على قول وإ

ــر �نمــا أنت مفت ل قالوا إ آية مكان آية والله أعلم ب�ما ينز (. ولكن الحق أن التبديل101 )النحل: ﴾بل أكثرهم لا يعلمون

المذكور فيه كان بالنسبة إلى أهل الكتاب أيضا؛ وذلك لدلالة الآيةن ربك﴿التاليــة عليــه، حيث تقــول: دس� م� لــه روح القــ قل نز

ين ل�م� رى ل�لمســ ــوا وهــدى وبشــ ــالحق ل�يثبت الذ�ين آمن ﴾ب� (، فهي تدل بــوجهين على أن المــراد تبــديل آيــة من102)النحل:

ـةـ»: أولهماالكتب السابقة بآية قرآنية: إن النســخ للآيــات القرآنيهــ يكــون داعيــا من ت قلوب المؤمنين، بل إن ليس من شأنه أن يثب دواعي الإزعــاج النفســي؛ بســبب تلــك الآيــات الــتي يعيش معهــا

ــون عنها «المســلمين»: إن ثانيهما؛ (90)«المسلمون زمنا ثم يتخل هم من أهــل الكتــاب«الــذين آمنــوا»المــذكورين هنــا في مقابــل

ــزل على الرســول ــا ن ــوا بم ــذين آمن ــرائن: |ال ــك لق :أولاها؛ وذل : إن تبــديلثانيتها؛ «الــذين آمنــوا»المقابلة في الآيــة بينهم وبين

يكن لهم هدى وبشرى، وإنمــا الهــدى والبشــرى لهم آية قرآنية لمــذا ــارات ه ــا من أم روا بأنه ــ ــة بش ــاتهم بآي ــة من آي ــديل آي في تب

. ولذا قــال أبــو مســلم الأصــفهاني، على مــا حكي عنــه:|الرسول

في الكتب المتقدمة، مثل: إنه حــول﴾إذا بدلنا آية مكان آية﴿»�نما أنت مفتر﴿القبلة إلى الكعبة، قالوا: .(91)« في هذا التبــديل﴾إ

ة، ففي مثل تبديل القبلة تثبيت للذين آمنوا، بجعل قبلـة لهم خاصـروا في كتبهم بــأن النــبي وهدى وبشرى لأهــل الكتــاب الــذين بشــ

: تصــريح القــرآن بــذلك،ثالثتها؛ (92) يصلي إلى القبلتين|الموعودــوان ــاب بعنـ ــل الكتـ ــالقرآن من أهـ ــوا بـ ــذين آمنـ ــر الـ حيث ذكـ

ــه�﴿، حيث قــال: «المســلمين» ن قبل� الذ�ين آتيناهم الك�تــاب م��نه ـه� إ م قــالوا آمنا ب�ـ �ذا يتلى عليه� نــون * وإ ـه� يؤم� هم ب�ـ

ين ل�م� ن قبل�ــه� مســ �نا كنا م� ن ربنا إ ـ52 )القصــص: ﴾الحق م�53.)

المتشاب�هات قالوا بالنســبة إلى الآيــات المتشــابهات: إنهــا آيــات مجملات

آيــات القــرآن نوعــان:»: (93)مبهمــات. ففي التفســير الوســيطضح، بــل محكمات...؛ ومتشابهات، أي التي لم يظهر معناها ولم يت

وأخر﴿»: (94). وفي الجلالين«خالف ظاهر اللفــظ المعــنى المــراد . وفي تفســير ابن« لا تفهم معانيهــا، كأوائــل الســور﴾متشاب�هات

ومنه آيات أخر فيهــا اشــتباه في الدلالــة على كثــير من»: (95)كثيرــير«الناس أو بعضهم اب�هات﴿»: (96). وفي التفسير المن هي﴾متشــ

التي لم يظهر معناها ولم يتضح، بل خالف ظــاهر اللفــظ المعــنىــور ــل السـ ــراد، كأوائـ ــرآن«المـ ــير من وحي القـ :(97). وفي تفسـ

اب�هات﴿» ــ ر متش ــة على﴾وأخــ ــوح في الدلال ــك من الوض لا تمل معناها ما تملكه الآيات المحكمات، فقد يــتردد معناهــا بين نــوعينــد ــظ عن ــنى الحقيقي من اللف ــادر المع ــاني من حيث تب من المعهــ المــراد منــه، ومن حيث وجــود بعض ل للســامع أن إطلاقــه، فيخي

. «القرائن الموحية بالمعنى المجازي أو الكنائي

والــذي يســتفاد من هــذه العبــارات، ونحوهــا في غيرهــا من هو الإبهام وإجمــال المعــنى وخفــاء«التشابه»التفاسير، أن معنى

ــرف المراد وعدم فهمه ونحوها. وهذا ما لا تساعد عليه اللغة والع والاســتعمالات القرآنيــة، وإن كــان ـــ كمــا ســيجيء ـــ من لــوازم التشابه إجمال في المصاديق أحيانا. ولكن هنا دلائــل عديــدة على

أن المراد بالتشابه في الآية ليس الإبهام والإجمال، نذكر منها: ـ إن إجمال بعض آيات الكتــاب نقض للغــرض الــذي لأجلــه1

أنزل الكتاب، ومناف له؛ إذ الكلام المجمل لا يهــدي المخــاطب أو السامع، بل يجعله شاكا باقيا في حيرة الضلالة وتيه الجهالــة! بــل

ــذاهب» ــان ســببا لاختلاف الم ــرآن ك ــود المتشــابه في الق إن وج والآراء، وتمسك كل واحد منها بشيء من القــرآن بالشــكل الــذي ينسجم مع متبنياتــه. وهــذا ينــاقض الأهــداف الــتي جــاء من أجلهــا

. وبهذا يظهر بطلان ما جاء في بعض التفاسير،(98)«القرآن الكريم أنه متى كانت المتشابهات موجــودة»، من (99)مثل: غرائب القرآن

كان الوصول إلى الحــق أصــعب وأشــق، وزيــادة المشــقة تــوجبــد مزيد الثواب. وأيضا لو كان كله محكما كان مطابقا لمذهب واح فقط، فكان ينفر أربــاب ســائر المــذاهب عن قبولــه، وعن النظــر فيه والانتفاع به، وإذا كان مشــتملا على القســمين فحينئــذ يطمــعد مقالتــه، فيجتهــد في فهم صاحب كل مذهب أن يجد فيــه مــا يؤيرة معانيه، وبعــد الفحص والاستكشــاف صــارت المحكمــات مفســ للمتشابهات، ويتخلص المبطل عن باطله ويصل إلى الحق. وأيضا إذا كــان فيــه محكم ومتشــابه افتقــر النــاظر فيــه إلى الاســتعانةــة ــد إلى ضــياء البين ــة التقلي ــة، فيتخلص من ظلم ــدلائل العقلي بال والاســتدلال والطمأنينــة، وافتقــر أيضــا إلى تحصــيل علــوم أخــر، كالصرف والنحو والمعاني والبيــان وأصــول الفقــه وأصــول الكلامــابت ــيز بين الث إلى غير ذلك، ولما في المشابهة من الابتلاء والتمي

على الحق والمتزلزل فيه. وهاهنــا ســبب أقــوى، وهــو أن القــرآن كتاب مشتمل على دعوة الخواص والعوام، وطباع العامة تنبو فيــات الأغلب عن إدراك الحقائق، فمن سمع منهم في أول الأمر إثبزــ ولا مشــار إليــه ظن أن هــذا عــدم موجود ليس بجســم ولا متحيــاظ دالـةـ ونفي، فوقع في التعطيل، فكان الأصلح أن يخاطبوا بألفلــوه، مخلوطــا بمــا يــدل على الحــق على بعض مــا توهمــوه وتخي الصريح. فالأول وهو الــذي يخــاطبون بــه في أول الأمــر من بــاب المتشابهات، والثاني وهو الذي يكشف لهم آخر الحــال من قبيــل:

. «المحكمات ـ عشرات الآيات تقول بصراحة تامة: إن القرآن مبين ونور2

وبيان للناس وبلاغ لهم وهــدى لهم، وآياتــه بينــات مبينــات، والــذي هذا شأنه ووصفه لا يتطرق إليه شائبة الإجمال والإبهام أبدا، فضلاــة ــام على جه ــال والإبه ــا؛ إذ الإجم ــون مجملا أو مبهم عن أن يك

النقيض من هذه الأوصاف. ــذين رأوا أن الآيــات المتشــابهات هي3 ـ أغلب المفسرين ال

ــع الآيات المجملة والمبهمة قالوا بأن الآيات المحكمات مرجع لرف الإبهام والإجمال عن غيرها؛ حيث إنها أم الكتــاب. ثم لــو بقي مــع

نها للنــاس، فحينئــذ لم|ذلك إبهام لها فالنبي يدع تلك الآيات إلا وبي يبق مجــال للفتنــة للــذين يبق لها من الإبهام شيء، وعليه فلم لم

في قلوبهم زيغ. ولكن الآية صرحت ببقاء هذا المجال لهم. وحينئذ لرفــع|لا بد من رفع اليد عن مرجعيــة الآيــات المحكمــات والنــبي

الإبهـــام والإجمـــال عن المتشـــابهات، أو عن كـــون المتشـــابهاتث مجملات ومبهمات، أو عن كليهما. وبعبارة أخرى: إن وجه تشــب الذين في قلوبهم زيغ بالآيات المتشابهات للفتنـة هــو تشــابه هــذه

يبق لهــا إبهــام وإجمــال. لم|الآيات، ومع الآيات المحكمات والنبي والآية صرحت ببقاء مجال الفتنــة لهم. فتشــابه هــذه الآيــات كــان

باقيا. وعليه فالتشابه لايعني الإبهام والإجمال. ـ الآيات المتشابهات ـ كما تقول الآية ـ آيــات يتبعهــا الــذين4

ــغ، و ــوبهم زي ــاع»في قل ــق إلا في حــال كــان للفــظ«الاتب لا ينطب مفهوم لغوي يكون أخذه والعمل بــه اتباعــا لــه؛ إذ ليس من اتبــاع الكلام ـ أي كلام ـ أن نأخذ بأحد معانيه المشــتركة أو المــرددة إذا

يكن له ظهور فيــه، وإنمــا يكــون هــذا العمــل من اتبــاع الهــوى لمنه . (100)والرأي الانفرادي في تعيين المعنى؛ لأن الكلام لايعي

ــذي يمكن»ـ 5 ــة الكريمــة أخــذ بالشــكل ال التشــابه في الآي . فلــو كــانت المتشــابهات مجملات(101)«استغلاله في مجال الفتنة

ث بها للفتنة؛ إذ الكلام المجمــل المبهم مبهمات لما أمكنهم التشب مجمــل مبهم لا يتــبين مــراده عنــد النــاس، ولــو وجهــه الــذين في

ــد أن قلوبهم زيغ للناس بما يوجب الفتنة لم يقبل الناس منهم، بعــه. لم يفهموا منه المراد بأنفسهم، وما زالوا في شك في المراد ب

يكن للفظ ظهــور في معــنى معين لايمكن إذا لم»وبعبارة أخرى: حيث جــرى دأب أهــل اللســان»؛ (102)«اســتغلاله في مجــال الفتنة

بعــوا مــا هــذا شــأنه من الألفــاظ، فلم في ظــرف التفــاهم أن لا يت يقدم على مثلــه أهــل اللســان، ســواء في ذلــك أهــل الزيــغ منهم

هو». فإن الفتنة كما يظهر من القرآن (103)«والراسخون في العلم ، ولا يعد مطلق اختلاف الناس(104)«ما يوجب اختلالا مع اضطراب

في أمر، مثل: اختلافهم في استظهار مــرادات الآيــات، فتنــة، بــل هو محض اختلاف أو تنــازع، ومــا كــان مبهمــا أو محتملا لأكــثر من معنى إنما يوجب اختلاف أنظار النــاس في اســتظهار المــراد بــه،رين والفقهــاء والأصــولين كمــا نــرى هــذا الاختلاف بين المفســ

ــا لم والمحدثين وغيرهم، ولكنه لم تنضــم ينته إلى الفتنة بينهم، مإليه الدواعي غير العلمية والأهواء الفاسدة.

ـهـ لا يقــدر6 ـ معنى كون القرآن إعجازا أن الســامع يــدرك أن

ــذا الإدراك العقلائي يتوقف على ــه. وه ــد على إنشــاء كلام مثل أحبع عجــزهم عن إتيــان كلام مثلــه. فلــو فهم آياته جيدا؛ ليدركوا بالت

يدركوا عجــزهم عن إتيــان كان بعض آيات القرآن مبهما عليهم لم بإنشاء جملات مبهمة، ثم عدها من|مثله، بل لهم أن يقابلوا النبي

سنخ الآيات المبهمات. والأمر بالنسبة إلى التحدي أيضا كذلك. ولهذا كله عد الشهيد مطهري التصور المتقــدم بالنســبة إلى

هنا تصور عامي بالنســبة»المحكم والمتشابه تصورا عاميا، فقال: زــعم أن الآيــات المحكمــات هي إلى المحكمات والمتشــابهات، في التي طرحت فيها المطالب بشكل بسيط وصــريح، وعلى العكســز ومعمى. في الآيات المتشابهات، طــرحت المطــالب بصــورة لغر في الآيـات المحكمــات وطبقا لهذا التعريــف فللنــاس حــق التـدبر فيهــا فقــط، والآيــات المتشــابهات لا يمكن المعرفــة بهــا والتفكــات ــة الآي ــا هي حكم ــو: م ــؤال ه ــا س ــرح هن ــالطبع يط ــلا. وب أص المتشابهات؟ ولماذا جــاءت في القــرآن آيــات لا يمكن معرفتهــا؟ والجواب الإجمالي أن معنى المحكم ليس الصــريح والبســيط، ولا

. (105)«معنى المتشابه اللغز والمعمى نعم، هنا إبهامات كثــيرة على كثــير من النــاس في كثــير من كلمــات القــرآن وعباراتــه في عصــرنا، وكــذا في ســائر الأعصــار المتـأخرة عن عصـر الـنزول، فإنهــا إبهامـات حملهـا على الكتـاب

المبين أمور، منها:ةـ ـ1 ـ ـ تطور اللغة العربية بمفرداتها وتركيباتها. فاللغة العربي

ب الزمــان كأي لغة ـ كائن متحرك، تختلف مدلولات كلماتهــا حســب ــ ةـ، وحسـ ــ ــذاهب الفكري ــف والمـ ب الطوائـ ــ ــان، وحسـ والمكـ

المجتمعات.م مــرض﴿ـ محاولة 2 ــاني﴾الذ�ين في قلوب�ه� ــف مع لتحري

القرآن أولا، وتلبسه بالإبهام والإجمال ثانيا.

فــة الــتي زعمت أنهــا قــرائن3 ـ الروايات المختلقة أو المحرمنفصلة لبعض مداليل الآيات والكلمات.

ـ قصور أو تقصير علماء العربية في ضبط معاني مفــردات4القرآن وتراكيبه.

ـ البعد الزمني بين عصر النزول والأعصــار المتــأخرة عنــه،5ر الهائل في أساليب الحوار والكلام من ذلك العصر الموجب للتغي إلى ما بعــده. فلم يمض من عصــر الــنزول إلا مائــة أو مئــتين من السنين وحــدثت أو أحــدثت هــذه الأمــور وغيرهــا، وحملت الإبهــام والإجمال على كثير من مداليل ومرادات الكتاب المبين، الذي هونات. ومع ذلك هنا نات المبي نور وبيان وبلاغ وهدى للناس بآياته البي فارق بين المؤمن وغيره؛ فإن المؤمن يؤمن بما وصف الله كتابــهــا أو مهملا )أي ليس في ــزل مجملا أو مبهم ـهـ ن ــول بأن ــه، ولا يق ب مقام البيان(، وإن ير في القرآن كثيرا مما لا يتبين مراده لــه، بــلــة، وللبلاغ قمــة، وللهــدى رايــة؛ خلافــا لغــير هــ للبيــان قل يقــول: إنهــ زــعم أن المؤمن، فحيث يرى في القرآن ما لا يتــبين لــه مــراده يــرة مبهم أو مجمل أو قاصر أو غيرها مما يليق بنا وبأنظارنا القاص وأفكارنا الفاترة. ولايقدح في هذا ما عرض من الإبهام على نوادرــرآن ــات الق ــوادر من كلم ــنزول في ن ــرين لل ــاس المعاص من النــدار على ــا؛ إذ الم ــتفهام عنه ــوجهم إلى الاس ــه، بحيث يح وعبارات الغالب، وما نقل في التاريخ من هذه الاستفهامات ـ لو ثبت ـ نادر كل النــدرة، بــل في بعضــه دلالــة على أن القــرآن كــان مــرجعهم

وملاك عملهم، وإن أخطأوا أحيانا نادرة في فهمه وتطبيقه. ــا بعد أن ثبت فساد ما قيل بالنسبة إلى المتشابه أقــول تبيين للمراد به: إن المتشابهات ـ جمع المتشــابهة ـــ من التشــابه، وهــوــيئين مختلفين أو ــارب بين ش ــق والتق ــاكل والتواف ــو من التش نح

التشــابه توافــق أشــياء مختلفــة»أشياء مختلفــة. وبعبــارة أخــرى:

. واســـتعمل في(106)«واتحادهـــا في بعض الأوصـــاف والكيفيـــاتالقرآن على نحوين:

. وهذا في آيتين:«على»: يذكر متعديا بـ أحدهما )البقــرة:﴾إ�ن البقر تشابه علينا﴿: قوله تعالى: إحداهما

ــير، وشــابه70 (، أي بما أن البقر الموصوف بالتعوين والصفرة كث . والبقــر(107)بعضه بعضا، صار البقر متشابها، فاشتبه علينا شخصه

ــل: ــابها، وقي ــه متش ــف بكون ــابه واتص ــه التش ــند إلي ــر»أس البق ، إذا شابه بعض أفــراده بعضــا. ولــذا قــال ابن منظــور:«المتشابه

.(108)«تشابه الشيئان واشتبها: أشبه كل واحد منهما صاحبه»وا﴿: قوله تعالى: وثانيتهما ركاء خلقــ أم جعلوا للــه� شــ

م ه� فتشابه الخلق عليه� والمعــنى أنهم»(،ــ 16 )الرعد: ﴾كخلق�خــذوا للــه شــركاء خــالقين مثلــه حتى يتشــابه عليهم الخلــق، ما ات

. والخلــق أســند إليــه(109)«فيقولــوا هــؤلاء خلقــوا كمــا خلــق الله ، إذا«الخلـق المتشــابه»التشابه، واتصف بكونـه متشــابها، وقيـل:

شابه بعض أفراده بعضا. إذن هذه المشابهة بين الأفراد قــد تنتهيــا إلى التباس بينها وعدم امتياز لبعضها عن بعض، ولكن الكلام إنم

ومــدخولها،«على»يفيد الالتباس إذا اســتخدم المتكلم في كلامــه ــادي: ــال الفيروزآب ــذا ق ــدلول. ول ــدال والم ــدد ال ــل تع ــك لأج وذل

. ولكن(110)«وتشابها واشتبها: أشبه كل منهمــا الآخــر حتى التبسا» هذا الالتباس التباس في ناحيــة المصــاديق فقــط، ولا يســري إلى

المعنى والمراد من الكلام. ــذكر من دون أن يتعــدى بـ النحو الثــاني ــه«على»: ي ، ومن

﴿قوله تعالى: اب�ها ــه� متشــ ابهت﴿(، و25 )البقــرة: ﴾وأتوا ب� تشــــوبهم ــرة: ﴾قل ــون﴿(، و118 )البق يت ــاب والز ن أعن وجنات م�

ان مشتب�ها وغير متشاب�ه م يتون﴿(، و99 )الأنعام: ﴾والر والزان متشاب�ها وغير متشاب�ه م ــام: ﴾والر ــذا141 )الأنع (. وفي ه

النحو أيضا أسند التشابه إلى شــيء واتصــف بالمتشــابه إذا شــابه بعض أفراده بعضا، من دون أي فــرق مــع النحــو الأول. فــالقلوبــان ــا، والزيتـــون والرمـ ــها بعضـ ــابه بعضـ ــابهة قلـــوب شـ المتشـ المتشــابهان زيتــون ورمــان شــابه بعض أفرادهمــا بعضــا. كمــا أنــا كــذلك. البقر والخلق المتشابهين المذكورين في النحو الأول كان فلا يســند التشــابه إلى الشــيء ولا يتصــف بكونــه متشــابها إلا إذا شابه فــردا آخــر من نوعــه أو صــنفه. وأمــا إذا شــابه بعض أجــزاء

ــال: هــذا شــيء»الشــيء للبعض الآخــر من أجــزاء نفســه فلا يق ، إلا على نحــو«هذا شــيء أجــزاؤه متشــابهة»، بل يقال: «متشابه

من التجوز، ومن باب وصف الشيء بحال أجزائه. ﴿ومنه أيضا: قوله تعالى: ــا ل أحسن الحد�يث� ك�تاب الله نز

اب�ها ــ ــر: ﴾متش ــاب23 )الزم ــرف أن الكت ــا تع ــاه آنف ــا قلن (. وبمــال المحقق ــذا ق ــراده بعضــا. ول ــاب أشــبه بعض أف المتشــابه كت

أي كتابــا يحتــوي على أحســن»مصــطفوي في توضــيح الآيــة: الحديث، يحدث عن الحقــائق والمواعــظ والمعــارف وقصــص من

، لا مــا أشـبه(111)«السابقين، وهــو في ظــاهره شـبيه كتب أخـر...بعض أجزائه بعضها الآخر.

إلا أن يقــال: إن إفــراد الكتــاب وتنكــيره لا يســاعدان لحــاظ جنس الكتاب أو لحـاظ كتـاب آخـر أشـبه أحـدهما الآخـر، وأطلـق على كليهما كتاب متشابه، فلا بد أن يكــون إطلاق المتشــابه علىــع ــه ترتف الكتاب الواحد بلحاظ مشابهة أجزائه بعضها لبعض. وعلي الخدشة في ما قالوه في تفسير الآية، من أن تشابه الكتاب لأجل

»مشابهة بعض أجزائه بعضا. قال الشيخ الطوسي: معناه متشابها في الحكم التي فيه من الحجج والمواعــظ والأحكــام الــتي يعمــلــاقض ــدبير يشــبه بعضــه بعضــا لا تن ــدين وصــلاح الت ــا في ال عليه

﴿» وقال الطبرسي: (112)«فيه هــو مطلــق في مشــابهة﴾متشاب�ها

بعضه بعضا، فيتناول تشابه معانيــه في الصــحة والإحكــام ومنفعــةرـ ـ الأنــام، وتشــابه ألفاظــه في التناســب، والتناصــف في التخي

. وقـــال(113)«والإصـــابة، وتجـــاوب النظم والتـــأليف في الإعجـــاز وتشابهه تشابه أبعاضه في الإعجــاز، وتجــاوب النظم،»البيضاوي:

ــافع العامة ــة على المن . ونحــوه في(114)«وصــحة المعــنى، والدلال معناه أنه يشبه بعضــه بعضــا في صــحة». وقال أيضا: (115)الأصفى

معنــاه يشــبه بعضــه». وقال أبو حيان: (116)«المعنى وجزالة اللفظــديق ــ ــور: (117)«بعضـــا في الجنس والتص ــ أي». وقـــال ابن عاش

متشابهة أجزاؤه، متماثلــة في فصــاحة ألفاظهــا وشــرف معانيهــا، . وقــال عبــد الكــريم(118)«فهي متكافئــة في الشــرف والحسن

ــه،»الخطيب: ــو منزلت ــدره، وعل ــاب متشــابه في جلال ق ــو كت وهــدة وسمو معانيه. إنه الحق في آياته وكلماته. فهو على درجة واح

المقصــود من». وقــال بعض المعاصــرين: (119)«في كمالــه وجلاله هنا هــو الكلام المتناســق الــذي لا تنــاقض فيـه، ويشــبه«متشابه»

بعضه البعض، فلا تعارض فيه، ولا تضاد، وكل آيــة فيــه أفضــل من الأخـــرى، والمتماثـــل من حيث اللطـــف والجمـــال والعمـــق في

. (120)«البيانــالى: ــه تع ــ أي قول ــا ـ وأخر﴿وكيف كان فآيتنا المبحوث عنه

ـ أيضا مما ذكر فيهــا التشــابه من دون أن يتعــدى بـ﴾متشاب�هات ، فلا يفيد التشابه فيها إلا معنى مثـل المعـنى الـذي يفيـده«على»

في الآيات المتقدمة. ولعمــري، لا أدري كيــف كــان المتشــابه في تلــك الآيــات بمعــنى المتشــاكل والمتماثــل والشــبيه، بــل بمعــنى

، كمــا«الكلام المتناسق الذي لا تناقض فيه ويشبه بعضــه البعض» الآيــات»تقدم عن بعض المعاصرين، ولكن إذا وصــلت النوبــة إلى

صار معناه المجملات والمبهمات! «المتشابهات يشــبه بعضــها»وعليه، فالصواب أن الآيات المتشابهات آيات

، فهي مجموعــة من الآيــات المتشــابهة(121)، كمــا في العين«بعضاهــ يشــابه بعضــها بعضـا موضـوعا، في نسخ الكتـاب المتعــددة، فإن ويختلف حكما اختلافا تحفظ معه الشباهة العرفية بينها. ولذا روى

ـهـ قــال: ×العياشــي، مرســلا عن أبي عبــد الله ...والمتشــابه:»، أن (123). ونحوه في مجمع البيــان(122)«الذي يشبه بعضه بعضا . وأيضــا

علم»نرى أن الزركشي جعل النــوع الخــامس من علــوم القــرآن فه بقوله: «المتشابه وهو إيــراد القصــة الواحــدة في صــور»، وعر

،(124)«شتى وفواصل مختلفــة، ويكــثر في إيــراد القصــص والأنبــاءنها﴿وجعل قوله تعالى: �ذ قلنا ادخلوا هذ�ه� القرية فكلوا م� وإ

طة ــوا ح� دا وقول ج ــاب ســ ــوا الب ئتم رغــدا وادخل حيث شــ�ن�ين نز�يد المحســ� ــاكم وســ ر لكم خطاي ــ ــرة: ﴾نغف� (58 )البق

ــوا﴿مشابها لقوله: ــة وكل كنوا هــذ�ه� القري يل لهم اســ وإ�ذ ق� دا ج ــاب ســ ــوا الب طة وادخل ــوا ح� ئتم وقول ا حيث شــ� نهــ م�

ن�ين ر لكم خط�يئات�كم سنز�يد المحس� ــراف: ﴾نغف� (،161 )الأع )البقــرة:﴾قل إ�ن هدى اللــه� هــو الهــدى﴿وجعل قوله تعالى:

)آل عمــران:﴾قل إ�ن الهدى هدى اللــه�﴿( مشابها لقوله: 120 (. ومثل للمتشابه بآيات كثيرة غيرهــا. وهــذا تصــريح منــه بــأن73

البرهــان في»تشابه الآيات شــباهة بعضــها لبعض. كمــا أن كتــاب كشف المعــاني عن متشــابه»، للكرماني، وكتاب «متشابه القرآن

ح به نفســه«المثاني ، يبحثان عن آيات أشبه بعضها بعضا، كما صر .(126)، وغـــيره، كالســـيوطي في الإتقـــان(125)في نفس الكتـــاب

ولاينقضي عجــبي منــه كيــف قــال مــع ذلــك، في النــوع الســادس :«معرفة المحكم من المتشــابه»والثلاثون من علوم القرآن، وهو

المتشـــابه لا يـــرجى بيانـــه، والمحكم لا تتوقف معرفتـــه على»! (127)«البيان

ثم إن تصــنيف آيــات الكتــاب إلى الصــنفين المــذكورين في

ــا،﴾وأخر متشاب�هات﴿الآية، حيث قال: يدل على أن لا ثالث لهم وأن المتشــابهات صــنف يضــاد المحكمــات، فهمــا ضــدان لا ثــالث لهما. وبما أن التضاد بينهما تعلق بوصف الإحكام والتشــابه، ونشــأــةـ تـــدل على أن عنهمـــا، فإلقـــاء المقابلـــة بينهمـــا قرينـــة داخلي المتشابهات آيات ذات صفة هي ضد صفة اتصف بها المحكمــات. وثبت في ما تقدم أن المحكمات آيات ثابتة المضامين، لا يعرضها تغيير أو تبديل. وعليه فما يضادها من المتشابهات يعرضه التغيــيرر أو تتبدل من كتاب إلى كتاب، وإن كــانت مــع والتبديل، فهي تتغيةــ بينهــا، ذلك التغيير والتبــديل متشــابهة، أي تبقى الشــباهة العرفي

تكن متماثلة. ولذا روى في الكافي، فيشبه بعضها بعضا، ولكن لمهـ قــــــــــال: ×عن أبي جعفر وخات م�ن» أنـــــــــ المنســــــــ

اب�هات ــ ــــ على مـــا في الروايـــة ــــ بـــأن×، فقـــال(128)«المتشــل بــأن المنســوخات هي المنســوخات بعض المتشــابهات، ولم يق

المتشابهات؛ إذ المتشابهات مجموعة المنسوخات ونواسخها. وما حكي عن ابن عباس وابن مسعود وقتــادة والربيــع والضــحاك من

ــابه المنســـوخ»أنهم قـــالوا: فلم(129)«المحكم الناســـخ، والمتشـ يريــدوا بــذلك أن جميــع المحكمــات ناســخة وجميــع المتشــابهاتـرـ والتبــدل، فهن منسوخة، بل أرادوا أن المحكمات لايعرضها التغيرــ ةــ، والمتشــابهات آيــات يــأتي فيهــا التغي ثابتــات في الكتب الإلهي والتبدل من كتاب إلى كتاب بعــده. ولعلـهـ لهــذا قــال ســليمان بن

إنمــا أمرنــا»حبيب المحاربي، على ما رواه الحافظ الــرازي عنــه: ؛ فــإن عمــل(130)«أن نؤمن بالتوراة والإنجيــل، ولا نعمــل بمــا فيها

ــا رواه أيضــا المسلمين على القرآن فقط. وقال الضحاك، على م . فما في(131)«نؤمن بمتشابهه، ولا نعمل به»الحافظ الرازي عنه:

التوراة والإنجيل مما لا نعمــل بــه من الأحكــام المشــابهة للقــرآنيكون من الآيات المتشابهات.

نـا من القــرآن؛ ولنـذكر لهـذه الآيـات المتشـابهات نموذجــا بي ابتعادا من الافتراضية واقترابــا إلى الموضــوعية، وهــو أن القــرآن حكى لنا ما كتبه الله في التــوراة على بــني إســرائيل في مجــازاة

فس والطرف، حيث قال: ا﴿الجناية على الن ــ يه م ف� وكتبنا عليه�ــالأنف� ــف ب�ـ ــالعين� والأنـ ــالنفس� والعين ب�ـ أن النفس ب�ـاص فمن روح ق�صــ ن والجــ ن ب�الســ ــالأذن� والســ والأذن ب�

ارة لــه ومن لم و كف يحكم ب�مــا أنــزل اللــه تصدق ب�ه� فهــ (، فجعــل عليهم مجــازاة45 )المائــدة: ﴾فأولئ�ك هم الظال�مون

القتل عمدا قتل القاتل مهما كــان المقتــول، وجعــل للجنايــة علىــا. هــذا بعض الأعضاء مجازاة مثلها، ولمجازاة الجروح جروحا مثله ما كتبه الله في التوراة على بني إسرائيل بتصريح الآية. فهذه آيةر ـهـ تعــالى غي من آيات التوراة حكاها الله تعالى في القــرآن. ولكنــة ــبة إلى الأم ــدي بالنس ــل العم ــازاة القت ــام مج ــما من أحك قس

ــوا كت�ب عليكم﴿الإســـلامية، حيث قــال: ا الذ�ين آمن ــ ــا أيه يــد� والأنثى ــد ب�العب صاص ف�ي القتلى الحر ب�الحر والعب الق�

(، ففــرض على المؤمــنين في مجــازاة178 )البقرة: ﴾ب�الأنثى...ــة، القتل عمدا المساواة بين القاتل والمقتول في الحرية والعبودي والذكورة والأنوثـة. وتنتج هــذه المســاواة ــ على مــا شـرحناه في

ـــ عــدم مجــازاة القاتــل في«القصاص في القرآن الكريم»مقالة ــا. ــل فيه ست صور، هي أكثر ابتلاء من تلك العشر التي يقاد القاتفقتان في الموضوع، وهو القتل عمــدا، وكــذا في فهاتان الآيتان متــاني على الطرف، ــاني على النفس والج ــازاة الج أصــل حكم مج ولكنهمــا تفترقــان في بعض أحكــام مجــازاة الجــاني على النفس، فكــان حكم التــوراة قــود القاتــل مهمــا كــان مقتولــه، ولكن حكم القــرآن يختلــف عنــه في بعض صــور الموضــوع والمســألة. فكــل واحدة من هاتين الآيتين تشــابه الأخــرى في الموضــوع وفي بعض

ــان متشــابهتان، الأحكام، وتختلف عنها في بعض الأحكام. فهما آيترت الآيــة القرآنيــة حكم الآيــة التوراتيــة في بعض صــور القتــل غي العمدي بالنســبة إلى المؤمــنين فقــط، وأمضــاه في بعض صــوره الأخرى، كمــا أمضــاه بالنســبة إلى مجــازاة الجنايــة على الطرف،

. المذكورةوبالنسبة إلى الجروح. والتفصيل يطلب من مقالتنا ــرائع، لا من وقد ظهر مما ذكر أن المتشابهات من آيات الشنة، ــة والأخلاق الحســ ــد الحق ــإن العقائ ــد والأخلاق؛ ف ــات العقائ آي وأضــدادهما من العقائــد الباطلــة والأخلاق الســيئة، أمــور ثابتــة لار هــو الشــرايع. ولــذا أشــاروا في كلمــاتهم إلى ر، وإنما المتغي تتغيــرة العمل بالآيات المتشابهات، كما تقدم، وما يتعلق بالعمل مباشــاب ــا أن الكت ــر أيض ــدة، ولا الأخلاق. وظه ــريعة، لا العقي هي الش بنسخه المتعددة كان مشتملا على المتشابهات من الآيات، بعد إذ أنزلت نسخة ثانية منــه، وفيهــا مــا ينســخ شــيئا من نســخة قبلهــا، وهكذا بعد إنزال النسخة الثالثة، فليس التشابه ظاهرة مســتحدثةةــ على ظهرت في الكتاب بإنزال نسخته الخاتمة المهيمنــة القرآني

ــبي الخــاتم ــاب|الن ــول: إن الكت ــة، حيث تق ــده الآي ــا تفي ــذا م . وهــود ــندت الحكم )أي وج ــابهات، فأس ــات المتش ــتمل على الآي مش الآيات المتشابهات( إلى الكتاب بما هــو كتــاب، لا بمــا هــو قــرآن،

بــالقرآن. نعم، بمــا أن|وإن سمي ما نزل منه على النــبي الخــاتم ، وأن اللـه هــو الــذي|الآية وجهت للـذب عمــا نـزل على الرســول

أنزلــه عليــه، يكــون توجه الآيــة إلى متشــابهات القــرآن وموقــف معارضيه أكثر وأصرح. فالله تعالى؛ بغرض إثبات أن القــرآن نــزل من عنده، قال: إن بعض آيات القرآن لا تطــابق أو لا تماثــل آيــات

ند� الله�﴿كتابكم، ولكنه لايضر بأنه ن ع� ؛ القصــص:89 )البقرة: ﴾م� (؛ فإن آيات47؛ النساء: 41 )البقرة: ﴾مصدقا ل�ما معكم﴿(ـ 49

ــان: ــه طائفت ــاب الل خطائفــةكت ــ جــاءت في مــا جــاءت من نس

ــات»، من دون أي تغيير في مفادها ومضامينها، هي «الكتاب» الآيــات ــخة منوالطائفــة الثانية؛ «المحكم رت من نس ــات تغي : آي

، فأحكامهــا«الآيات المتشابهات» إلى نسخة أخرى، هي «الكتاب» في تلك النسخ المتعددة ليست متماثلة، بل هي مشــابهة لبعضــها

البعض.

الذين في قلوبهم زيغم زيغ﴿ : إنهم ـ على ما أسند إليهم هنــا﴾الذ�ين ف�ي قلوب�ه�

يكونوا كافرين أو منكرين للكتاب رأسا؛ إذ المنكــر أو الكــافر‌ـ لمــق ، وليس الكتــاب عنــده بشــيء ليتعل ينكره رأســا، ويكفــر بــه كلا بجزء منه؛ لغرض، صالحا كان أو فاســدا. بــل هم على الــرغم من دعواهم الإيمان بالكتاب كانوا على مر العصور يعارضــون الرســلما المبعــوثين منهم بنســخة أو نســخ المبعوثين بعد رسلهم، ولا سي من الكتاب غير نسختهم، بطرق عديدة، منها: إنكار أنهم مبعوثون بوحي الله تعالى وأن ما أتوا به من الكتاب أنزله اللــه. وفي الآيــة

�ذ هــديتنا﴿التالية، وهو قوله تعالى: ﴾ربنا لاتــز�غ قلوبنــا بعــد إ ( إشـارة إلى ذلـك، حيث جعـل نقمـة إزاغـة القلب8)آل عمران:

بعد نعمة الهداية، فزيغ القلب يتحقق بعد أن كفر الإنسان بالهدايةى﴿التي أنعم الله عليه بها. كما أن قوله تعالى: �ذ قــال موســ وإ

ه� يا قوم� ل�م تؤذونن�ي وقد تعلمون أني رسول الله� ل�قوم�ا زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهد�ي القوم �ليكم فلم إ

ين ق� ــذائهم5 )الصف: ﴾الفاس� ر عن إي ( يشير إليه أيضــا، حيث عبهـ رسـول اللـه، بـالزيغ. فـالزيغ يتحقق في لموسى، مع علمهم بأن

من كان عالما بالحق، ومع ذلك يكفر به. م زيغ﴿وعلى هذا فـ من أهــل الكتــاب،﴾الذ�ين ف�ي قلوب�ه�

كما يشهد على ذلك قول بعض أهل الســيرة والحــديث والتفســير

ا﴿»: (132)بأن هذه الآيات نزلت في اليهود، ففي تفســير مقاتل فأمم زيـغ يعــنى ميــل عن الهــدى، وهم هــؤلاء﴾الذ�ين ف�ي قلـوب�ه�

ــود ــع آخر«اليه ــوه في موض ــمرقندي:(133)، ونح ــال الس ــه. وق من يعــني». وقــال الطــبري: (134)«يعني ميل عن الحــق، وهم اليهــود»

. وفي(135)«هؤلاء اليهود، الـذين قلـوبهم مائلـة عن الهــدى والحـقم زيغ﴿»: (136)بيان المعاني ا الذ�ين ف�ي قلوب�ه� عن الحــق،﴾فأم

. وســيأتي أن قولــه«وميــل إلى الشــك، كوفــد نجــران... واليهــودندهم التوراة...﴿تعالى: مما يشــير إلى﴾وكيف يحكمونك وع�

بعض مواضع اليهود الفاسدة في ذلك. وقال بعض آخر: إنها نزلت في وفد نجران. ففي تفســير ابن

قد ذكر محمد بن إسحاق وغـير واحـد أن صـدر سـورة»: (137)كثير .«آل عمران، إلى بضع وثمانين آية منهــا، نــزلت في وفــد نجــران

»: (138)وفي زاد المسير ةــ، وأن صــدرا ذكر أهل التفســير أنهــا مدني قـال»: (139). وفي مجمــع البيــان«من أولهــا نــزل في وفــد نجــران

ــل الســورة الكلبي ومحمد بن إسحاق والربيع بن أنس: نزلت أوائــة في وفــد نجــران ــف وثمــانين آي . وفي أحكــام القــرآن،«إلى ني

روى الربيع بن أنس أن هذه الآية نــزلت في وفــد»: (140)للجصاص . وبــه قــال«هم نصارى نجران»: (141). وفي البحر المحيط«نجران

ابن عاشور ودروزة وغيرهما. ــون﴾يتب�عون﴿ هؤلاء من أهل الكتاب ﴾فـ﴿ مــا﴿ (142) أي يتعلق

نه أي الآيــات المتشــابهة من الكتــاب؛ فإنهــا في نســخ﴾تشابه م� الكتاب ـ مع كونهــا مشــابهة لبعضــها البعض ـــ يختلــف بعضــها عنخ ســـ رـت أو تبـــدلت في الن ــ بعض في بعض الأحكـــام، فهي تغي

مجمــوع الآيــات الناســخة﴾ما تشابه﴿المتأخرة. وعليه فالمراد بـ والمنسوخة، فهي متشابهات؛ لكون الناسخ منها يشــابه المنســوخدي منها. ولذا حكى الحافظ ابن أبي حاتم الرازي، مسندا عن الس

بعون المنسوخ والناسخ»أنه قال: . (143)«فإنهم يتــاب أمــرين ــهم من اتبــاع مــا تشــابه من الكت وكــان غرض

فاسدين:ــة�﴿: ما ذكره تعالى بقوله: أحدهما تن ﴾ابت�غاء الف� ــا ، أي طلب

لما يوجب اختلالا واضطرابا بين المؤمنين بالرسـل الــذين أرســلوا بعد رسولهم، وبكتبهم التي أنزلت بعد كتابهم؛ إذ ما من رسول إلاـهـ من الكتــاب، فلمــا وهو مصدق للرســل من قبلــه، ولمــا بين يدي سمعوا ذلك التصــديق منهم ورأوا أن مــا أتــوا بــه من الكتــاب قــد يختلف عما بأيديهم من الكتاب قالوا: لو كنتم رسل الله، وكتــابكم أنزل من عند الله تعالى، لماذا يختلف كتابكم عما قــد أنزلــه اللــه علينا سابقا؟ وكان لابتغاء الفتنة هذا سابقة بسابقة مــا تشــابه من

يستحدث بعد نزول ما تشــابه من القــرآن، وإن وقــع الكتاب، فلم بالنسبة إلى رسول اللــه وكتابــه القــرآن أظهــر وأكــثر، حيث كــان

ــاب: إن هــذا الرســول ــا لأهــل الكت دق﴿يقــول القــرآن خطاب صــل�ين نــد� اللــه�﴿(، وهــو 37 )الصــافات: ﴾المرســ ن ع� ول م� ﴾رســ

ــرة: دق ل�مــا معكم﴿(، و101)البق ول مصــ ــران:﴾رســ )آل عمند� اللــه�﴿(، وكتابه أيضا 81 ن ع� (،49، القصــص: 89 )البقــرة: ﴾م� مصدقا ل�مـا﴿(، و47، النساء: 41 )البقرة: ﴾مصدقا ل�ما معكم﴿

،31، فاطر: 48، المائدة: 3، آل عمران: 97 )البقرة: ﴾بين يديه� (. وحيث أطلق التصديق المذكور للرســل الماضــين30الأحقاف:

ده بقيــد، ولم والكتب الســابقة، ولم يســتثن منــه شــيئا، فلا يقي بعض مــا| يطابق كتاب هذا الرســول يتحقق التصديق بداهة إذا لم

، فطعنوا عليه، وقالوا: لو كان القــرآن^في كتب الرسل الماضين من عند الله تعالى لماذا لايطابق بعض ما قد أنزله الله علينا أهلرــه. كمــا تقــدم آنفــا كلام في طعنهم على القــرآن، الكتاب، بل غي

نــده أم﴿عنــد قولــه تعــالى: اء ويثب�ت وع� يمحو اللــه مــا يشــ

ــاب� (. فكــانوا يبتغــون بــذلك تزلــزل إيمــان39 )الرعــد: ﴾الك�ت وبما أنزل إليــه، فيقولــون؛ إلقــاء للشــبهة في|المؤمنين بالرسول

قلـوبهم: مـا بـال هـذه الآيـات المنزلـة على رسـولكم، مـع كونهـا مشابهة لما أنــزل علينــا، تختلــف عنــه في بعض الأحكــام؟! أليس رسولكم يقول: إن كتابه مصدق لما في كتبنا فلمــاذا يختلــف عنــه في بعض هذه الأحكام من هذه الآيات؟! فإن شبهتهم هذه تــوجب

وكتابه. |الشك في قلوب المسلمين في حقانية الرسولــه�﴿: مــا ذكــره تعــالى بقولــه: وثانيهما يل� ، أي﴾وابت�غاء تأو�

طلبا لتأويله. فقال كثير: إن المراد بالتأويل هو التفسير.ولكنه ليس كذلك؛ لوجهين:

1 ـ لو كانت في الكتاب آيــات لا يعلم تفســيرها ومراداتهــا إلا الله )أو هو والراسخون في العلم( لأخل ذلك بغرض الهداية الذي لأجله أنــزل الكتــاب، بــل لنافــاه؛ إذ الهدايــة بــه تتوقــف على فهم مراداته، ولا يمكن الرجــوع إلى اللـه لتعـيين المـرادات. ولــو كــانــوا ــا دام ــالرجوع إليهم ممكن م ــون تفســيرها ف ــخون يعلم الراســانوا ــا إذا ك معلومين مشهودين، غير مقهورين، ولا محبوسين، وأم مجهـــولين بالنســـبة إلى أكثريـــة المســـلمين، أو مقهـــورين أو محبوسين أو محجوبين بالنسبة إلى آخرين منهم، فلا. فبقيت هذهــا بقيت وســيلة ــول: إنه ــة يق ــل صــريح الآي ــة، ب ــير هادي ــات غ الآي

لاستغلال الذين في قلوبهم زيغ. لأجــل»وبهذا اتضــح فســاد مــا قيــل: إن إنــزال المتشــابهات

ــاد إلى مســألة الأوصــياء، ورفــع مفســدة مصــلحة أن يحــوج العبــا رواه(144)«اســتغنائهم عن مســألة الأوصــياء ــل مســتنده م . ولع

، في احتجاجــه الطويــل×الطبرســي، مرســلا عن أمــير المؤمــنين عليه بآي من القرآن: إن الله جل ذكره؛»على زنديق جاء مستدلا

يـر دــلون من تغي هـ المب لسعة رحمته ورأفته بخلقه وعلمه بما يحدث

هــ يعرفــه العــالم ما من م كلامه ثلاثة أقسام؛ فجعــل قســ كتابه، قسح ه وصــ ـهـ ولطــف حســ فا ذهن والجاهل؛ وقسما لايعرفه إلا من صــــه إلا اللــه ما لايعرف لام؛ وقســ دره للإســ تمييزه ممن شرح الله صــعي دــ ــك لئلا ي مــا فعــل اللــه ذل خون في العلم. وإن اســ وأمناؤه والر

ول اللــه تولين على مــيراث رســ |أهــل الباطــل من المســ من علمطرار إلى الائتمــار الكتاب ما لم يجعــل اللــه لهم، وليقــودهم الاضـــرـاء على اللــه زا وافت لمن ولاه أمرهم، فاستكبروا عن طاعته؛ تعزدـ اللـه عـز اـهرهم وعـاونهم وعان رـة من ظ ، واغترارا بكث عز وجل

كانوا في معزل^. فإن العترة الطاهرة الهادية(145)«وجل ورسوله عن المجتمــع، مقهــورين أو محبوســين أو مقتــولين أو محجــوبين،

ــه في ذيــل المرســلة، حيث قــال: ح ب تكبروا عن»كمــا صــر فاســ ، فهل يعقل أن يجعل الله قسما من كلامه ما لا يعرفــه«طاعته...

يزالــوا مقهـورين أو محبوســين أو لم^إلا أمنـاؤه، وهــو يعلم أنهم محجوبــا عن أعين النــاس، عجل×مقتــولين، إلى أن جعــل بقيتهم

الله تعالى فرجــه الشــريف؟! وعلى أي حــال كــانت أيــدي النــاســات؟! ــالات والإبهام ــذه الإجم ــوا لهم ه ــف بين ــرة، فكي عنهم قاص

حوا بــه من تأويــل أكــثر^عــدم بيــان الأئمة»مضــافا إلى مــا صــرةـ، لا المتشابهات، بل تفسيرهم المتشابه بالمتشابه مزيد في العلـ

ــا للقلة ــا للشــبهة، ولا مورث ــاس إلى(146)«رافع . مــع أن حاجــة الن لاينحصر في هذا؛ إذ هم ولاة المجتمع الإنساني. ولعمري^العترة

ما ولاة ليست حاجة المجتمع إلى شيء كحاجته إلى واليه، ولا ســي. ^كهؤلاء الصالحين

ـ إبراز المتكلم كلامــه الموجه إلى النــاس للإفــادة والبيــان2 بعبارة لا يفهمها إلا نفس المتكلم والأوحدي من النــاس يــدل على

. (147)عجزه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا تأويلــه عواقبــه، مــتى يجيء الناســخ فينســخ»قــال الســدي:

. يعــني(149). ونحــوه عن الســدي في جــامع البيــان(148)«المنســوخرـ أو يبــدل حكمــا من أحكــام ـ دون أن يجيء مــا يغي أنهم يترصــثوا بــه؛ للفـــرار عن الحكم الثــابت عليهم في شــرائعهم، ليتشـــب

اعون﴿شــرائعهم. كمــا أشــير إلى ذلــك في هــاتين الآيــتين: م سـاحكم بينهم أو اؤوك فــ إ�ن جــ حت� فــ الون ل�لســ ــذ�ب� أك ل�لك�ن يئا وإ وك شــ ر ــ �ن تعر�ض عنهم فلن يض أعر�ض عنهم وإط�ين سط� إ�ن الله يح�ب المقســ� حكمت فاحكم بينهم ب�الق�ا حكم اللــه� ثم يهــ نــدهم التوراة ف� ــك وع� * وكيف يحكمون

ن�ين ن بعد� ذل�ك وما أولئ�ك ب�المؤم� ـ42 )المائــدة: ﴾يتولون م� فأخبر تعالى أنهم لم»(. قال الجصاص: 43 ــديقا يتحاكموا إليه تص

إنهم». وقال الكياهراسي: (150)«منهم بنبوته، وإنما طلبوا الرخصة يتحــاكموا إليــك طلبــا لحكم اللــه تعــالى، وإنمــا تحــاكموا إليــك لم

وفيــه تنبيــه على»: &. وقال الفيض الكاشاني(151)«لطلب الرخصة أنهم ما قصدوا بالتحكيم معرفة الحق وإقامة الشرع، وإنما طلبــوا

.(152)« يكن حكم الله في زعمهم به ما يكون أهون عليهم، وإن لمــال بعض المعاصــرين: ــوراة»وق ــا في الت ــرون حكم ــانوا حين ي ك

لايوافق ميولهم وأهواءهم يتركون ذلك الحكم، ويبحثــون عن حكموا ولم آخر في مصادر لم . (153)« يعترفوا بها يقر

ــا لم ــاني أيض ــاء الث ــاء الأول، فالابتغ ــدم في الابتغ ــا تق وكم يستحدث بعد إنزال القرآن ومتشابهاته وبالنســبة إليهــا، بــل ظهــرخ الســابقة من الكتــاب، ســ قبله، وبعــد إنــزال المتشــابهات في الن فهــؤلاء أهــل الزيــغ لمــا رأوا أن مســير بعض الأحكــام النازلــة في المتشابهات إلى السهولة، كما أشار إليـه القـرآن، حيث حكى عن

م عليكم﴿ أنه قال: ×عيسى ر ل لكم بعض الذ�ي حــ )آل﴾ولأح� الذ�ين يتب�عـون﴿: |(، وحيث قــال بالنســبة إلى النــبي50عمران:

م ر ــ ــات� ويح ــل لهم الطيب ... ويح� ول النب�ي الأمي ــ س الر

رهم والأغلال الت�ي ــ ع عنهم إ�صـ ــ ــائ�ث ويضـ م الخبـ عليه�م... اص في﴿(، وذكرنا أن 157 )الأعراف: ﴾كانت عليه� ــ ص الق�

كــذلك، اســتقربوا أن مــا نــزل من الأحكــام في نســخة﴾القتلى الكتــاب الأخــيرة على خــاتم النــبيين ـــ وهي لا محالــة من الآيــاتبعوا ما تشــابه من كتبهم؛ المتشابهات ـ أسهل مما نزل عليهم، فات ابتغاء تأويله الأسهل في النسخة الأخيرة من الكتــاب، فــرارا عمــا

ثبت عليهم في كتبهم. يقــل: في الآيــة، حيث لم«الابتغــاء»وبهذا ظهر وجــه تكــرار

، فإن للذين في قلوبهم زيغ ابتغاءين اثنين:«ابتغاء الفتنة وتأويله» : بالنســبة إلى الــذين آمنــوا للرســل بعــد رســولهم، وهــوأحدهما

: بالنســبةوالثانيابتغاء الفتنة بينهم بإلقــاء شــبهتهم المــذكورة؛ إلى أنفســهم، وهــو ابتغــاء تأويــل المتشــابه؛ طلبــا للرخصــة لهم،ر ــر وفرارا عما ثبت عليهم. ومثل هذا في إفادة التكرار تغاير المك

ـهـ تعــالى: ول﴿قول ســ في خمس﴾أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا الر يدل على أن متعلق إطاعــة«أطيعوا»آيات، حيث قالوا: إن تكرار

اللــه وموردهــا يغــايران متعلق إطاعــة الرســول وموردهــا. راجــع وغيره. (154)الميزان

ــه﴿كما يظهر وجه التعبير بقوله: يله إ�لا الل ،﴾وما يعلم تأو� فالتغيير والتبديل في الشرائع بيده، وهــو الــذي يعلم أن الشــريعةرـ أو تبــدل أي حكم من أحكــام الشــرائع ـ الخاتمــة القرآنيــة تغي

م زيــغ﴿السابقة لصالح الأمة المحمدية. و لم﴾الذ�ين في قلوب�ه�ــال لم لم ــرآن، ليق يبتغوا التأويل بعد نزول جميع ما تشابه من الق

، بــل ابتغــوه قبلــه، وحتى قبــل القــرآن«ومــا يفعــل تأويله»يقــل: ــاب، ثم ــطى من الكت خ الوس ــ س ــابه في الن ــا تش ــبة إلى م بالنس استمروا على ذلك إلى عصر نــزول القــرآن، علمــا منهم بــأن في القــرآن أيضــا مــا يشــابه متشــابهات الكتب الســابقة، فيبــدلها أو

يغيرها. ــبري، عن ــرازي والطـ ــاه الحافـــظ الـ ــا حكـ ولا يخفى أن مـ

هــ(، من أن تأويلـه عواقبـه هـو الـذي يناسـب سـائر127السدي) اســتعمالات التأويــل في القــرآن، وهي خمســة عشــر مــوردا، في أربع عشرة آية، غير آيتنا هذه، نذكرها، مع مــا في بعض التفاســير

ذيلا لها. يــا أيهــا الذ�ين آمنــوا أط�يعــوا اللــه وأط�يعــوا﴿ـ 1

يء ــازعتم ف�ي شــ إ�ن تن نكم فــ ول وأول�ي الأمــر� م� ســ الرنون ب�الله� واليوم� �ن كنتم تؤم� سول� إ فردوه إ�لى الله� والر

ر� ذل�ك خير وأحسن تأو�يلا (. 59 )النساء: ﴾الآخ�ــان ــاد الأذهـ ــير(155)في إرشـ ــدة التفاسـ ــواتح(156) وزبـ والفـ

ــاب التأويل(157)الإلهية ــيز(158) ولب ــد عاقبة»: (159) والوج ؛«أي وأحمــان ــان(160)وفي التبي ــع البي ــال»: (162) والبحــر المحيط(161) ومجم ق

(163)؛ وفي زاد المســير«قتــادة والســدي وابن زيــد: أحســن عاقبة

»: (164)والبحر المديد (165)؛ وفي تفســير مقاتل«أحسن عاقبة ومآلا

ــوم ــر العل ــن عاقبة»: (166)وبح ــبين«أحس ــير الم (167)؛ وفي التفس

؛ وفي«مــآلا وعاقبة»: (169) ومعــالم التنزيل(168)والتفسير الوســيطةــ، وأجمـل عاقبة»: (170)جــامع البيــان ؛«يعــني: وأحمـد مــوئلا ومغب

»: (171)وفي محاسن التأويل ؛ وفي إيجــاز«أحســن عاقبــة ومصــيراــان ــ ــابوري: (172)البي ــ »، للنيش ــا ــ ــة ومرجع ــ ــير«عاقب ــ ؛ وفي تفس﴿»: (173)خسروي . « يعني أحمد عاقبة﴾أحسن تأو�يلالم هــدى﴿ـ 2 لناه على ع� ــاب فصــ ــاهم ب�ك�ت ئن د ج� ولقــ

يله يوم يأت�ي نون * هل ينظرون إ�لا تأو� ورحمة ل�قوم يؤم�ــا ل ربن ن قبل قد جاءت رســ يله يقول الذ�ين نسوه م� تأو�ــرد فنعمــل ن شفعاء فيشفعوا لنا أو ن ب�الحق فهل لنا م�روا أنفسهم وضل عنهم مــا غير الذ�ي كنا نعمل قد خس�

(. 54 ـ 53 )الأعراف: ﴾كانوا يفترون ، عن قتادة أنه(175) وجامع البيان(174)في تفسير ابن أبي حاتم

أي»، لابن قتيبــة: (176)؛ وفي غــريب القــرآن«تأويلــه عاقبته»قال: أي هــل»: (177)؛ وفي تفســير المــراغي«هــل ينتظــرون إلا عاقبته

ــنة الرسل ــه على ألس ــدوا ب ــا وع ــة م ــرون إلا عاقب ؛ وفي«ينتظ :(179)؛ وفي روح البيــان«أي عاقبــة مــا فيه»: (178)التفســير المنــير

:(180)؛ وفي تفسير سورآبادي«أي يوم يأتيهم عاقبة ما وعدوا فيه» :(181)؛ وفي زبدة التفاسير« ما ينظرون إلا عاقبة وعيد القرآنأي»ـهـ﴿المعنى: ما ينتظرون إلا عاقبة ما وعدوا بــه. » ـأـتي تأويل ـوـم ي ﴾ي

، عن الحســن وقتــادة(182)؛ وفي مجمع البيــان«عاقبة ما وعدوا به أي هل ينتظرون إلا عاقبــة الجــزاء عليــه، ومــا»ومجاهد والسدي:

أي ما ينتظر أهــل»: (183)؛ وفي مراح لبيد«يؤول مغبة أمورهم إليه. «مكة إذ لايؤمنون إلا عاقبة ما وعدوا به في القرآن

م﴿ـ 3 ــأت�ه� ا ي ــه� ولم ــوا ب�ع�لم� يط ــذبوا ب�مــا لم يح� ــل ك بانظر كيــف كـاـن م فــ ن قبل�ه� يله كــذل�ك كــذب الذ�ين م� تأو�

ين بة الظال�م� (.39 )يونس: ﴾عاق�ــرآن ــ ــريب الق ــ ــة: (184)في غ ــ ؛ وفي«أي عاقبته»، لابن قتيب

؛ وفي بحــر«معناه ما يؤول أمــره اليــه، وهــو عاقبته»: (185)التبيان ؛«يعني: ولما يأتهم عاقبة ما وعدوا في هــذا القــرآن»: (186)العلوم

يعني: ولما يأتهم عاقبة ما وعد الله عز»: (187)وفي كشف الأسرار أي عاقبـة مــا وعـد»: (188)؛ وفي معــالم التنزيل«وجل في القــرآن

. «الله في القرآنــل�﴿ـ 7 إلى 4 ي ن تأو� ــك ربك ويعلمــك م� ــذل�ك يجتب�ي وك

ا ــ ه الأحاد�يث� ويت�م ن�عمته عليك وعلى آل� يعقوب كما أتمحاق إ�ن ربك عل�يم ــ يم وإ�س ــراه� �ب ــل إ ن قب ــك م� على أبوي

صر لأمرأت�ه�﴿(؛ـ 6 )يوسف: ﴾حك�يم ن م� وقال الذ�ي اشتراه م�

ذه ولــدا وكــذل�ك ى أن ينفعنــا أو نتخ�ــ أكر�م�ي مثــواه عســاد�يث� ن تأو�يــل� الأحــ ف ف�ي الأرض� ول�نعلمــه م� مكنا ل�يوســــر الناس� لا يعلمــون ﴾واللــه غــال�ب على أمــر�ه� ولك�ن أكث

ــ 21)يوسف: ﴿(؛ دا ج وا له ســ ورفع أبويه� على العرش� وخرا ربي ن قبل قــد جعلهــ وقال يا أبت� هذا تأو�يل رؤياي م�اء ب�كم جن� وجــ ن الســ رجن�ي م� �ذ أخــ حقا وقد أحسن ب�ي إوت�ي �خــ يطان بين�ي وبين إ ــزغ الشــ ن بعد� أن ن ن البدو� م� م�

�نه هو العل�يم الحك�يم )يوســـف:﴾إ�ن ربي لط�يف ل�ما يشاء إــ 100 ــل�﴿(؛ ي ن تأو� ــك� وعلمتن�ي م� ن المل رب قــد آتيتن�ي م�

ماوات� والأرض� أنت ول�يي ف�ي الدنيا الأحاد�يث� فاط�ر السين ال�ح� قن�ي ب�الصــ ل�ما وألح� ن�ي مســ ــوف رة� ت )يوســف:﴾والآخ�

101 .)اص: (189)في أحكام القرآن يــل�﴿»، للجصــ ن تأو� ويعلمــك م�

: فــإن التأويــل مــا يــؤول إليــه المعــنى، ويرجــع إليــه.﴾الأحاد�يث�ــو مرجعه ــيء ه ــل الش ــير«وتأوي ــير المن م�ن﴿»: (190)؛ وفي التفس

تعبير الرؤيا، أي الإخبار بما يؤول إليـه الشــيء﴾تأو�يل� الأحاد�يث� في الوجود. وسميت الرؤيا أحاديث باعتبار حكايتها والتحديث بهــا.ــاديث ــك الصــادقة وبين أح ــاديث المل ز بين أح ــا يمي ــير الرؤي وتعب

ــان«النفس والشيطان الكاذبة يــل�﴿»: (191)؛ وفي روح البي ن تأو� م� ... المراد بتأويـل الأحــاديث تعبـير الــرؤى... وتســميتها﴾الأحاد�يث�

ر ــذكره المعب ؛ وفي«تأويلا لأنه يؤول أمرها إليه، أي يرجع إلى ما ياد�يث�﴿في »: (192)غرائب القــرآن وجــوه، منهــا: إنــه﴾تأو�يل� الأحــ

تأويل أحاديث الناس في ما يرونه في منامهم، سمى التعبير تأويلا لأنه يؤول أمره إلى مــا رآه في المنــام، أو يــؤول أمــر مــا رآه في

ويعلمــك م�ن﴿قولــه: »: (193)؛ وفي جامع البيــان«المنام إلى ذلك يقــول: ويعلمــك ربــك من علم مــا يــؤول إليــه﴾تأو�يل� الأحاد�يث�

؛ وفي«أحاديث الناس عما يرونه في منــامهم، وذلــك تعبــير الرؤيااد�يث�﴿قــالوا: »: (194)دقائق التأويل المــراد عــواقب﴾تأو�يل� الأحــ

:(195)؛ وفي زاد المســـير«الأمـــور، وهـــو مـــا يـــؤول إليـــه آخـــرهن تأو�يل� الأحاد�يث�﴿» ــهأحدها فيه ثلاثة أقوال: ﴾ويعلمك م� : إن

مي تعبير الرؤيا، قالــه ابن عبـاس ومجاهــد وقتـادة. فعلى هــذا ســ ؛ وجاء نحو هذه العبارات«تأويلا؛ لأنه بيان ما يؤول أمر المنام إليه

(198) ولبــاب التأويل(197) والكشــف والبيــان(196)في زبــدة التفاســير

وغيرها. (200) ومعالم التنزيل(199)ومجمع البيانال أحــدهما﴿ـ 11 إلى 8 جن فتيـان� قــ ودخل معه الســ

ــل �ني أران�ي أحم� ر إ ر خمــرا وقــال الآخــ �ني أران�ي أعصــ� إ�نا نــراك يل�ه� إ نه نبئنا ب�تأو� ي خبزا تأكل الطير م� فوق رأس�

ن�ين ن المحســ� ــف: ﴾م� ــ 36 )يوس ــام﴿(؛ قــال لا يأت�يكمــا طعا م يل�ــه� قبــل أن يأت�يكمــا ذل�كمــا م� ترزقان�ه� إ�لا نبأتكمــا ب�تأو�ــون ب�اللــه� وهم ن لة قــوم لا يؤم� �ني تركت م� علمن�ي ربي إ

رون رة� هم كاف� ــ 37 )يوسف: ﴾ب�الآخ� ﴿(؛ غاث أحلام قالوا أضــين � ب�عــال�م� وقــال﴿(؛ــ 44 )يوســف: ﴾وما نحن ب�تأو�يل� الأحلام

ـه� يل�ـ ة أنــا أنبئكم ب�تأو� نهمــا وادكــر بعــد أم الذ�ي نجــا م�لون� (. 45 )يوسف: ﴾فأرس�

يل�ه�﴿ أخبرنا ﴾نبئنا﴿»: (201)في تقريب القرآن ــؤول﴾ب�تأو� ــا ي ميل�ه�﴿ أي أخبرنا ﴾نبئنا﴿»: (202)؛ وفي روح المعاني«إليه منامنا ﴾ب�تأو�

أي تفســير»: (203)؛ وفي بيان المعاني«بتعبيره وما يؤول إليه أمره والتفســير(204)؛ وفي مجمــع البيــان«ما رأيناه وما يؤول أمر رؤيانا

أي أخبرنـا بتعبـيره ومـا يـؤول»: (206) والتفسير الوجـيز(205)المعين أي بتفســيره، ومــا يــؤول»: (207)؛ وفي تفسير الســعدي«إليه أمره

ــره ــه أم ــن التأويل«إلي ــاب التأويل(208)؛ وفي محاس أي»: (209) ولب ؛ وفي«أخبرنـا بتفســير مــا رأينـا ومــا يـؤول إليـه أمــر هــذه الرؤيا

يل�ه�﴿»: (210)أطيب البيان تأويل: نتيجة العمــل وعاقبتــه،﴾نبئنا ب�تأو� ؛ وفي«تعبـير»ومــا هــو أثـر هــاتين الــرؤيين؟ ويقولــون لــه أيضــا:

ــراغي ــير الم ــاي﴿»: (211)تفس ــل رؤي ي ــا وعاقبتها﴾تأو� ؛« أي مآلهاد�يث�﴿»: (212)وفيه ن تأو�يــل� الأحــ ــني مــا﴾علمتن�ي م� أي وعلمت

ر به عن مآل الحوادث ومصــداق الرؤيــا الصــحيحة، فتقــع كمــا أعب أي﴾هــذا تأو�يــل﴿»: (213)؛ وفي البحـــر المحيط«قلت وأخـــبرت

ــر رأيتهم لي ــواكب والشــمس والقم ــك الك ــاي، أن تل ــة رؤي عاقبــل﴿»: (215) والوســيط(214)؛ في التفســير المنــير«ســاجدين ي تأو�

. « ما آل إليه الأمر﴾رؤيايطاس�﴿ـ 12 ســ �ذا ك�لتم وز�نــوا ب�الق� وأوفــوا الكيــل إ

يم� ذل�ك خير وأحسن تأو�يلا (.35 )الإسراء: ﴾المستق� معنــاه أن ذلــك خــير لكم»، للجصاص: (216)في أحكام القرآن

، لابن(217)؛ وفي أحكــام القــرآن«وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة أي عاقبة. معناه: إن العــدل والوفــاء في الكيــل أفضــل»العربي:

ــه، للتـــاجر وأكـــرم للبـــائع من طلب الحيلـــة في الزيـــادة لنفسـقين ؛ وفي«والنقصان على غيره، وأحسن عاقبة؛ فإن العاقبة للمت

ــان ــ ــاد الأذه ــ ــبزواري: (218)إرش ــ ــآلا وعاقبة»، للس ــ ؛ وفي«أي م وفتح(221) وأنــوار التنزيل(220) وإعــراب القــرآن وبيانه(219)الأصــفىــدير ــن عاقبة»: (222)الق ــرآن«أحس ــام الق ــامع لأحك (223)؛ وفي الج

، عن سعيد(225)؛ وفي الدر المنثور«أي عاقبة»: (224)وروح المعاني﴿»بن جبــير: ــأو�يلا ن ت ــ ؛ وفي التســهيل لعلــوم« عاقبــة﴾أحس

»: (226)التنزيل ؛ وفي التفســير لكتــاب اللــه«أي أحسن عاقبة ومآلا :(228)؛ وفي البحر المحيط«بمعنى أحسن مآلا وعاقبة»: (227)المنير

أي عاقبة؛ إذ لا يبقى على المــوفي والــوازن تبعــة، لا في الــدنيا،» خير﴿ولا في الآخرة. وهــو من المــآل، وهــو المرجــع، كمــا قــال:

﴿، ﴾مردا ﴿، ﴾خير عقبا ـهـ﴾خير أملا ، وإنما كانت عاقبته أحسن لأن

اشتهر بالاحتراز عن التطفيف، فعول عليه في المعاملات ومــالت. «القلوب إليه

راق بين�ي وبين�ك سأنبئك ب�تأو�يل�﴿ـ 14 و13 قال هذا ف� برا ــه� صــ تط�ع علي ــ 78 )الكهــف: ﴾ما لم تســ دار﴿(؛ ــ ا الج� وأم

فكان ل�غلامين� يت�يمين� في المد�ينة� وكان تحته كنــز لهمــادهما ال�حا فــأراد ربك أن يبلغــا أشــ اـن أبوهمــا صــ وكـن ربك وما فعلتــه عن أمــر�ي ويستخر�جا كنزهما رحمة م�

(. 82 )الكهف: ﴾ذل�ك تأو�يل ما لم تستط�ع عليه� صبرا ما لم تستط�ع عليه�﴿يعني بعاقبة »: (229)في تفسير مقاتل

التأويل: رجــوع»: (231) وروح البيان(230)؛ وفي البحر المديد«﴾صبرا ؛ وفي روح«الشـــيء إلى مآلـــه، والمـــراد هنـــا: المـــآل والعاقبة

ــا المــآل»: (232)المعاني التأويل رد الشيء إلى مآله، والمراد به هن أي ســأخبرك بعاقبــة هــذه»: (233)؛ وفي تفسير المــراغي«والعاقبة

والمحــرر(234)؛ وفي الجــواهر الحســان«الأفعال التي صدرت مني. « أي مآل﴾ذل�ك تأو�يل﴿قوله: »: (235)الوجيز

حــدت كلمتهم على أن تأويــل ها القارئ الخبير كيف ات انظر أي الشيء عاقبته ومآله ومرجعه ونحوهــا. فهي معنــاه عنــدهم. ولــذا

روا التأويل بـ ما تقدم عن بعضهم ـ تراهم ـ ك «التفســير»كلما فس.«ما يؤول إليه أمره» يكتفوا بذلك حتى ضموا إليه قولهم: لم

ح به كثير من أهل اللغــة أيضــا. ففي وهذا المعنى هو ما صر آل»: (237)؛ وفي المحيط«آل يؤول إليــه، إذا رجــع إليه»: (236)العين

ــه إلى ــة. وأول الحكم: أي أرجع ــع، والأول: المراجع ي ء: رج ــ الشـهـ آل أي رجــع. يقــال: طبخت الشــراب»: (238)؛ وفي الصــحاح«أهل

ــدر كــذا وكــذا، أي رجع ، عن(239)؛ وفي لســان العــرب«فآل إلى قه:»التهذيب: أــويلا، وثلاثي ؤــول ت أويل فهــو تفعيــل من أول ي وأما الت

ح ابن فارس أن هذا أحــد معنييــه«آل يؤول أي رجع وعاد . بل صر

الهمزة والواو واللام أصــلان: ابتــداء الأمــر،»الأصليين، حيث قال: وانتهاؤه. أما الأول فالأول، وهــو مبتــدأ الشــيء... والأصــل الثــانيؤـول ـ لا لأنه ي ل الذكر من الوعول... وإنما سمى أي قال الخليل: الأي إلى الجبل يتحصن... وآل يؤول أي رجع... ومن هـذا البـاب تأويـل

ـهـ ومــا يــؤول إليــه، وذلــك قولــه تعــالى: هل﴿الكلام، وهــو عاقبت. (240)﴾ينظرون إ�لا تأو�يله

ومع ذلك شاع عند كثير من أهــل التفســير واللغــة والحــديث وغيرهـــا اســـتعمال التأويـــل مقـــام التفســـير، حتى أن بعضـــهم،

جــامع البيــان»كالطبري، بعد أن سمى كتابه الكبــير في التفســير ر في آلاف المواضــع من كتابــه عن أهــل«عن تأويــل القــرآن ، عب

؛«تأويل هــذه الآية»، و«أهل التأويل»التفسير وتفسير الآية بقوله: ــتين، ولكنه اصطلاح مستحدث بعد عصر النزول، بمائة ســنة أو مئ انطلاقــا ممــا كــانوا تســالموا عليــه قبــل ذلــك من أن الآيــاتــو ــه، أو هـ ــا إلا اللـ ــات لا يعلم تأويلهـ ــات مبهمـ ــابهات آيـ المتشـــو فهم ــات ه ــل المبهم ــان العلم بتأوي ــة ك ــخون. ولا محال والراس مــداليلها والوصــول إلى مراداتهــا، وهــذا يعــادل التفســير عنــدهم، فحينئذ قالوا بــأن التأويــل هــو التفســير على مــا اصــطلحوا عليــه.

تعمل في»ر المنــار: يففي تفســ اــنت تســ يــرا من الألفــاظ ك إن كثزــمن قــريب ــك، ب نزيل لمعان، ثم غلبت على غيرها بعد ذل زمن الت

أويل»أو بعيد، من ذلك لفظ ير مطلقــا،«الت فســ تهر بمعنى الت ، اشـه جاء في القرآن بمعان أخرى .«أو على وجه مخصوص، ولكن

المراد بالتأويــل نقــل ظــاهر اللفــظ»كما أن ما قالوا من أن ـرـك ظــاهر عن وضعه الأصلي إلى ما يحتاج إلى دليــل لــولاه مــا ت

مصطلح آخر عنـدهم، مســتحدث بعـد القــرون الثلاثـة(241)«اللفظ وأما»الأولى، على مـــا في تفســـير المنـــار، نقلا عن ابن تيميـــة:

اجح رف اللفـظ عن الاحتمـال الـر الث، وهو صـ أويل بالمعنى الث الت

ــرف في ــد ع طلاح لم يكن بع ــذا الاصــ إلى الاحتمال المرجــوح، فهـاـن ــة، ولا ك ــل ولا الأئمة الأربع ابعين، ب ــل ولا الت حابة، ب ــد الصــ عهــل ولا علمت ةــ، ب لاث م بهذا الاصطلاح معروفــا في القــرون الث كل التــظ يص لف ار تخصــ أويل بهذا. ولكن لما صــ أحدا فيهم خص لفظ التـوـا أن ـأـخرين فطن ـيـر من المت ــرف كث ائعا في ع ــذا شــ ــل به أوي التابه القـرآن اروا يعتقـدون أن لمتشــ اـه صـ أويل في الآية هذا معن الت

هـ . ولكن ــ بحمــد اللـه ــ قـد ثبت؛ بمـا«معاني تخالف ما يفهم منــد تقدم، أن ما أرادت الآية بالمتشابهات بعيد عما شــاع عنــدهم بع المشرقين، فلا جرم ما نشأ منه من معنى التأويل وغيره مما جاءــرف في الآية كذلك. وعلى هذا كله لا يبعد أن يقال: إن اللغة والعفقة على ذلــك، فلا يوجــد في عصر النزول واستعمالات القرآن مت فيها ما استعمل التأويل وأريد به التفســير، خصوصــا في القــرآن،

وفي آيتنا هذه.

الراسخون في العلم ﴿� خون في الع�لم ــ� اس ة هم من﴾والر أهــل الكتــاب خاصــ

أيضا؛ وذلك لوجوه أربعة: ــ متوجهــة إليهم، فينبغي أنالأول ــ كمــا تقــدم ـ ــة ـ : إن الآي

يكون الراسخون منهم أيضا. ــدم أن الثــاني ــغ﴿: تق م زي ــوب�ه� من أهــل﴾الذ�ين في قل

�﴿الكتــاب، فالمقابلــة بينهم وبين خون في الع�لم اســ� قرينــة﴾الرتدل على أن هؤلاء أيضا منهم.

: القـرآن أطلـق على طائفـة من أهـل الكتـاب نفسالثالثــاب�﴿هذا العنوان في موضع آخر، حيث قــال: يسألك أهــل الك�ت

ى ألوا موســ د ســ ماء� فقــ ن الســ م ك�تابــا م� ل عليه� أن تنزنهم � م� خون ف�ي الع�لم اســــ� ـــك... لك�ن� الر ن ذل�ـ أكبــــر م�

ن قبل�ــك ــز�ل م� �ليك ومــا أن نون ب�ما أنز�ل إ نون يؤم� والمؤم� (، فأسند الإيمــان بكــل مــا أنــزل اللــه162 ـ 153 )النساء: ﴾و...

إلى الراســخين في العلم من أهــل الكتــاب، وجعــل هــذا الإيمــان علامة رسوخهم في العلم. كما أنه هنا أيضا أســنده إليهم، وجعلــه

ــل﴿علامة رسوخهم في العلم، فقال تعالى: ﴾يقولون آمنا ب�ه� كــا لم» ــه وم ــا نســخ من ــني م ــا روي عن ابن(242)« ينسخ يع ، في م

ند� ربنا﴿عباس، ن ع� . كما أسند إلى بعض أهل الكتاب الإيمــان﴾م� بكل ما أنزل اللــه في مواضــع أخــرى، منهــا: آخــر نفس الســورة،

ن ب�اللـه﴿حيث قال تعــالى: ن أهـل� الك�تـاب� لمن يـؤم� وإ�ن م�م... �ليه� �ليكم وما أنز�ل إ (. 199 )آل عمران: ﴾وما أنز�ل إ

ــا نشــأالرابع : إن الراسخين المذكورين إيمانهم المذكور هن عن علمهم التفصيلي بما نزل عليهم وما نسخ منه وبما نزل علينا وهو ناسخ لبعض ما نزل عليهم، ولكن المؤمنين ما كـانوا يعلمـون بما نزل على أهل الكتاب وما نسخ منه، بل كانوا مؤمنين بما نزل

يا أيها﴿على أهل الكتاب، حيث أمرهم الله تعالى في مثل قوله: ل على نوا ب�الله� ورسول�ه� والك�تاب� الذ�ي نز الذ�ين آمنوا آم�

ــل ن قب ــزل م� ــاب� الذ�ي أن ول�ه� والك�ت ــ (136 )النســـاء: ﴾رسبالإيمان بالكتب السابقة، من دون أن يعلموها تفصيلا أو إجمالا.

ــأن ــغ﴿بل لا يبعــد القــول ب م زي ، وكــذا﴾الذ�ين في قلوب�ه�﴿� خون في الع�لم اس� ، من اليهود خاصة؛ وذلك لقرائن: ﴾الر

ــالى: الأولى ــه تع ــغ إليهم في قول ــناد الزي �ذ قــال﴿: إس وإــوبهم ا زاغوا أزاغ الله قل ه�... فلم )الصــف:﴾موسى ل�قوم�

5 .) : التصـريح بـأن الراســخين في العلم منهم في قولــهالثانية

م ك�تابــا م�ن﴿تعــالى: ل عليه� ألك أهــل الك�تــاب� أن تنــز يســـك... لك�ن� ن ذل�ـ ى أكبـــر م� ألوا موســ د ســ ماء� فقـــ الســـ

نهم... � م� خون في الع�لم اس� (. 162 ـ 153 )النساء: ﴾الرــالى: الثالثة ــه تع ــدم في قول ــا تق ــك﴿: م ــف يحكمون وكي

ــدهم التوراة... ن ــبي﴾وع� ــهم من تحكيم الن ــا| أن غرض طلب ميكون أهون عليهم، وهو ابتغاء التأويل المذكور في آيتنا هذه.

: مــا تقــدم من تصــريح بعضــهم بــأن المــراد بقولــهالرابعةن الأحزاب� من ينك�ر بعضه﴿تعالى: هم اليهود خاصة. ﴾وم�

ــة ــ ــذا ظهـــــر أن جملـ ــ �﴿وبهـ خون في الع�لم اســــ� والرــة ﴾يقولون... ــة على جمل ــغ﴿ معطوف م زي ــوب�ه� الذ�ين في قل

، كما عليه جماعة من أهل النحو. قال ابن هشــام: قــد﴾فيتب�عون يترك تكرار إما بكلام يذكر بعدها في موضع ذلــك القســم الثــاني،

نه﴿نحو: م زيغ فيتب�عون ما تشابه م� ا الذ�ين في قلوب�ه� فأميل�ه� تنة� وابت�غاء تأو� أي وأما غــيرهم فيؤمنــون بــه....﴾ابت�غاء الف�

ــك ــدل على ذل ــه�﴿وي ــون آمنا ب� � يقول خون في الع�لم اس� والرند� ربنا ن ع� ، أي كل من المتشابه والمحكم من عند اللــه،﴾كل م�

ـهـ قيــل: ــا الراســخون في العلم»والإيمــان بهمــا واجب، وكأن وأم . وهنــاك روايــات أيضــا تــدل على أن الرســوخ في(243)«فيقولــون

العلم هــو الإيمــان بالمتشــابهات بلا علم بتأويلهــا. فراجــع: توحيــد . وعليـــه(246)، ونهج البلاغة(245)، وتفســـير العياشي(244)الصـــدوق

يله إ�لا الله﴿فجملة ــه﴾وما يعلم تأو� ــل: قول معترضة بينهما، مثعت وليس الــذكر كـاـلأنثى﴿تعــالى: ﴾واللــه أعلم ب�مــا وضــ

ـةـ عن امــرأة عمــران. والوجــه في المعترض بين الجملات المحكي اعـتراض هــذه الجملــة، وكـذا كـل جملـة اعتراضــية، رفـع الـدخل

ـهـ تعــالى لمــا قــال: ابت�غــاء﴿المتــوهم ممــا تقــدم من الكلام، فإنيل�ه� لعل أن يتوهم أن تأويل ما تشابه من الكتــاب ممــا يمكن﴾تأو�

ــه، فقــال من دون أي فصــل؛ حســما لمــادة هــذا ــاس العلم ب للنيله إ�لا الله﴿التوهم الباطل: . ﴾وما يعلم تأو�

وعلى هذا، من أن الراسخين في العلم هم من أهل الكتاب، يقينـا، ورتب أنبيـائهم دون رتب^فهم في رتبة دون رتب أنبيـائهم

نا ــال: إن|، ورتبهم دون رتبة النــبي^عترة نبي ، فكيــف يمكن أن يقــه ثلاث|النبي ــل رتبت من الراسخين في العلم؟! أليس هذا إلا تنزي

منهم تنزيل لرتبهم مرتبتين! كيف لا،^مراتب؟! كما أن عد عترته ، فعنهم ينبع العلم، لا أن العلم(247)«معدن العلم»وهم بفضل الله

|عـــرض عليهم، فرســـخوا واســـتقروا فيـــه. تـــرتيب رتب النـــبي يستفاد من عدة آيات، منهــا: طائفــة من^ وسائر الأنبياء^وعترته

آيات سـورة الإنسـان، عسـى اللـه أن يوفقنـا للكلام فيهــا في مـايأتي.

النتيجةر الآيــة الشــريفة، أن اللــه هــو الــذي والمعنى الحاصل؛ بتــدب

كتابه، الذي أنزل نسخا متعددة منه على رسله|أنزل على رسوله ، بأسماء مختلفة، كالتوراة والإنجيــل والفرقــان والــذكر^الماضين

والزبور وغيرها.ـرـ ولا فصــنف من آيــات هــذا الكتــاب آيــات محكمــات لا تتغيــات ــدل في نســخه المتعــددة وأســمائها المختلفــة، وهــذه الآي تتب

بمجموعها تسمى أم الكتاب. وصــنف من آيــات هــذا الكتــاب متشــابهات، فمنهــا في بعضحد مع ما في بعضها الآخر في الموضوعات وبعض نسخ الكتاب مت متعلقات الموضوعات، ولكنها مختلفــة في بعض الأحكــام اختلافــابه العرفي. فأما الــذين في قلــوبهم زيــغ عن الحــق يبقى معه الشبعون ما تشابه من الكتــاب؛ ابتغــاء الفتنــة بين من أهل الكتاب فيت الناس بإلقاء الشبهة؛ لتزلزل إيمانهم برسولهم وبالنسخ المتأخرةما النســخة القرآنيــة منــه، وابتغــاء عاقبــة مــا من الكتــاب، ولا ســي

ثوا بــه للفــرار عمــا ثبت تشابه ومآله من التغيير أو الإبدال، ليتشــب عليهم في شرائعهم، وما يعلم عاقبته ومآله إلا اللــه تعــالى. ولكن الراسخون في العلم من أهل الكتاب يقولون: آمنا بما تشابه منه،

نا. وما يذكر إ�لا أولو﴿ناسخا كان أو منسوخا؛ إذ كله من عند رب. صدق الله العلي العظيم. ﴾الألباب�

وبهــذا كله اتضــحت وجــوه الخدشــة في الأقــوال الــتي بناهــا أصحابها على أن الإحكام بمعنى الوضوح والظهور، أو أن التشــابه معناه الإجمال والإبهــام، أو أن التأويــل هــو التفســير. وهي أقــوالرين، وتبعهم غيرهم فيهــا. وقــد تعــرض لتفنيـد قال بها أكثر المفس

(248) في الميزان&ستة عشر منها السيد الطباطبائي ــولا ، واختار قــر، ــولا آخ ــاقر الحكيم ق ــد ب ــار الســيد الشــهيد محم ــر. ثم اخت آخ

ــرآن ــوم الق ــه عل ــه في كتاب ــول الســيد(249)واســتدل ل ، وجعــل ق سادس الاتجاهات الرئيسة في المحكم والمتشــابه،&الطباطبائي

، فربمــا تنــاهز هــذه الأقــوال(250)وناقش في جميع تلك الاتجاهــاتــه القــرآن»عشرين قولا، كما صرح به السيد الطباطبائي في كتاب

.(251)«في الإسلامــات ــة وبين الآي كما ظهر أنه لا تعارض ولا تنافي بين هذه الآي

الدالة على أن القرآن حكيم، أو أنه كتاب حكيم. كما ظهر أنه لا تنافي بينها وبين ما يقــول: إن القــرآن كتــاب متشابه، وبينها وبين ما دل على أنه الكتاب المبين، وهو نور وبيان وبلاغ وهدى للناس بآياته البينــات المبينــات؛ إذ لاحظنــا هــذه الآيــة المباركة كجزء من منظومة منظمة، مركبــة من نحــو ســتين آيــة،رين للعلاقــات القائمــة ناظرين إلى سائر أجــزاء المنظومــة، متــدب

بينها.ر المزيل للأوهام، الموصل إلى حقيقة المـرام، وهذا هو التدب

لآية من آيات الله الملك العلام.

الهوامش

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

نقد الفقه الإسلامي عند الصادقالنيهوم

من مسؤولية أداء الشعائر إلى مسؤوليةالأمور الدنيوية

*(*()د. محمد بن سباع

تمهيد من المفكرين العرب الذين قدموا(252) يعتبر الصادق النيهوم

قراءة معاصرة للفكر الإسلامي، وتحديدا للفقــه الإســلامي، ولكن حتى لو كان النيهوم واحدا من الذين انتقدوا هــذا الفقــه إلا أن مــازه عنهم في الوقت نفسه هو أن كل ما كتبــه عن الفقــه كــان يمين للــنيهوم أن الفكــر نقدا له وإظهــارا لعيوبــه وتناقضــاته، حيث تبي الإسلامي عموما لم يعــد قــادرا على مواكبــة مســتجدات الــراهن، وأنه يعيش تناقضات كثيرة، حيث يعتبر الفقه الإسلامي تحديدا هوــاوز م، لذا وجب علينا تجاوزه بتج من أوصله إلى هذا الوضع المتأز أحكامــه وآراء الفقهــاء. إن كــل الانتقــادات الــتي قــدمها الصــادق النيهوم للفقه الإسلامي كانت انطلاقا من قناعتـه بـأن هــذا الفقــهنة أوجدته من أجــل خدمــة ظهر في ظروف تاريخية وسياسية معي النظام السياسي وضمان بقائه واستمراره، دون مراعاة مصــلحة المواطن المسلم. وهنا دعا النيهوم إلى تحرير الــدين من ســطوة

الفقهاء.

.أستاذ في جامعة قسنطينة ـ قسم الفلسفة، من الجزائر)*( *( ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

87هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

نـا لقد تبين للنيهوم أن الفقـه الإسـلامي كــرس مفهومـا معي حول الإسلام، مفاده أن الإسلام هــو شــعائر وشــعارات يجب على الفرد المسلم أن يتنازل عن أموره الدنيوية، ويتفرغ للالتزام بأداء هذه الشعائر، إذا أراد أن ينال رضا ربه، ويكون مصيره الجنة، فيــل ــلام عم ــلام يكمن في أن الإس ــنى الحقيقي للإس حين أن المع وممارسة، لا يهمل الدنيا لحساب الآخرة، وهذا هو المنزلــق الــذيــلم من الحكم وقع فيه الفقه الإسلامي عندما أبعد المواطن المس والمســـؤولية والحيـــاة، فـــانحرف هـــذا الفقـــه عن أداء رســـالته الحقيقية، التي هي تعريف المسلم بدينه، بل الأخطر من ذلك أنــه

عمل على تجهيله به. إن من أكثر النتائج السلبية المترتبة عن تكلم الفقهاء باسم الدين هو أننا لم نعد نعمل بالدين، وإنما نتحدث عن الــدين فقــط. وهذا هــو الوضــع الــذي أصــبحنا نعيشــه اليــوم، وخصوصــا بعــد أنــاد المســلم عن المســاهمة في تســبب الفقــه الإســلامي في إبع تسيير شؤون الحكم، مع أن الإسلام في حــد ذاتــه هــو دعــوة إلى العمل وإلى الاجتماع، وما التقاء المسلمين معــا في مكــان واحــد في الجــامع، سـواء في صـلاة الجمعــة أو خمس مــرات يوميـا، إلاقــه الفــرد المســلم في أكبر دليل على ذلك، وهذا ما يجب أن يطب حياته، من خلال تفعيل علاقاتــه بكــل أفــراد مجتمعــه، ســاعيا إلى تحقيق مصلحته الخاصة، دون إهمال المساهمة كذلك في تحقيــق

المصلحة العامة؛ لأن هذا ما دعانا إليه الدين الإسلامي. إن من بين أهم الأسباب التي جعلت الصادق الــنيهوم ينتقــد الفقــه الإســلامي هــو الحــال الــذي وصــل إليهــا المجتمــع العــربي المسلم، ذاك أن حريــة المــواطن المســلم، وبالتــالي مســؤوليته، انتفت في ظل مجتمــع تســيطر عليــه الطبقــة السياســية ورجــال الدين، حيث أصــبح المــواطن المســلم مغلوبــا على أمــره، ملزمــا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد88هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

باتباع الأوامر، وليس له حـق التكلم وإبـداء الــرأي. فالـدين أصـبح ملكية خاصة لأشخاص معينين يتكلمون باســمه، هم الفقهــاء، مــع أن الدين الإســلامي عنــدما ظهــر لم يكن ملكــا لبعض الأشــخاص،ــنيهوم وإنما كان رسالة للناس أجمعين. لذلك فقد تبين للصادق ال أن تاريخ الفكر الديني نأى تمامــا عن المغــزى الحقيقي للإســلام، الذي من المفروض أن يدعو إلى الخير والعــدل والصــلاح وخدمــة مصــالح الإنســان وضــمان حــريتهم، لا إلى الاقتصــار على تطــبيققت كــانت في الأحكام الشرعية، كالسرقة والقتــل، والــتي إن طب أغلبها خدمة لمصالح السياسة ونظام الحكم. وعليــه نتســاءل: مــاــا هي أهم هي مبررات انتقاد الصادق النيهوم للفقه الإســلامي؟ م هذه الانتقادات التي وجهها له؟ وما هو النقد الموجه لنقد الصادق

النيهوم للفقه الإسلامي؟

أولا: الفقه الإسلامي بين الدين والسياسة لقــد رأى الصــادق الــنيهوم أن الفقــه الإســلامي تاريخيــا لم يظهر خدمة للدين والإنسان، وإنما خدمة للحكم والسياسة، وهــذا من خلال ربط الإسلام بالشعائر، والتأكيد على ضرورة اتباع الفرد المسلم لها إذا أراد الفوز في الآخرة. وبالتــالي فقــد عمــل الفقــه الإسلامي على تحويل انتباهه واهتمامه عن مصلحته الدنيوية، مــع

ــه ــدين في حقيقت ــاه المــرء من معلم، بــل»أن ال ــا يتلق ليس فقه استجابة لغريزة في طبيعة الإنسان نفسه، إنه دســتور يقــوم على الاعــتراف على أن الإنســان الحي مفطــور على حب الحيــاة، وأن الحياة لا يضمنها قيام مؤسسة فقهيــة، بــل يضــمنها قيــام مجتمــعــر ــ ــد الظلم والفق ــ ــا ض ــ ــدفاع عنه ــ ــادر على ال ــ ــراطي ق ــ ديمق

ــوف ــه(253)«والخ ــط الفق ــرورة رب ــد على ض ــه للتأكي ــعيا من . وس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد89هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

الإسلامي بما هو دنيوي، على غرار الأمور الأخروية، يؤكد الصادق النيهوم على أن الإنســان مفطــور على حب الحيــاة الآمنــة، وعلى العيش مــع الأشــخاص الآخــرين في جــو من العدالــة واحــترام الحقوق والواجبات. وهذا هــو الفــرق بين دعــوة الأنبيــاء والرســل ودعوة الفقهاء؛ فالرســل يــدعون إلى إقامــة العــدل والإخــاء؛ أمــاــك ــدها، وذل ــعائر والتوقف عن ــة الش ــدعون إلى إقام ــاء في الفقه

إن الدين»بتوظيف الدين في خدمة المصالح الخاصة، ومنه قوله: ــود ــدد ببن ــام إداري مح ــة في نظ ــدل للأغلبي ــمن الع ــذي لا يض ال الدستور لا يستحق اسم الدين، ولا يستطيع أن يجمع الناس حوله إلا بوســائل الوعــد والوعيــد وغســيل المخ، الــتي يتــولى الفقهــاء تطويرها لحساب الإقطاع، في حلف شيطاني ينتحل لنفسه صــفة

.(254)«القداسة بالذات لطالما أكد الصادق النيهوم أنه بين رسالة الفقــه الإســلامي

ر تسمية كتابه بـ إسلام ضــد»ورسالة الإسلام فرق كبير، وهو مبر ؛ إذ يعتقد أن الفقيه الإسلامي لم يفهم الرسالة الحقيقية«الإسلام

ــه أن للدين الإسلامي، فعمل الصادق النيهوم من خلال كل مؤلفات يبين أن الإسلام ليس فقها، أو على الأقل ليس فقها فقط، بل هو وسيلة تهدف إلى بناء مجتمــع عــادل. فقــد عبث الفقهــاء بالــدين، وذلك منذ أن دخلوا في أحلاف سياسية مع الأطــراف المتصــارعة على السلطة، وتحديدا منذ عصر الأمــويين. وهــذا مــا تحــدث عنــه

تعــود أولى محــاولات إلغــاء»أيضا نصر حامد أبو زيد عنـدما قـال: ــنة ــاحف على أس ــع المص ــة رف ــاب النص إلى حادث ــل لحس العق

من جانب الأمويين في«تحكيم كتاب الله»السيوف والدعوة إلى ــة ــفين»موقع ــة«ص ــة أيديولوجي ــانت حيل ــا ك ، ولا خلاف على أنه

اسـتطاعت أن تخـرق باسـم النص صـفوف قـوات الخصـوم، وأن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد90هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

وهذا ما جعل.(255)«توقع بينهم خلافا أنهى الصراع لصالح الأمويين رسالة الإسلام تنحرف عن مســارها، وتتحــول إلى خدمــة مصــالح السياسة، مثل: إهدار دم المعارضين السياســيين، وأيضــا الفتــوى بشــرعية الحكم الــوراثي، وغيرهــا، وهي جــرائم يتحمــل الفقهــاءلــوا التشــريع الإســلامي، وأعطــوا مســؤوليتها؛ لأنهم هم من مث لأنفسهم كامل الوصاية عليه، وجعلوا أحكامهم الفقهية في خدمــة

مــا على الفقهــاء: ــنيهوم، متهك إن»أسيادهم الحكام. وهنا يقول ال الفقيه المسلم الذي يرفع يديه على المنــبر المقــام في بيت اللــه لكي يدعو لسيده بطول العمر والبقــاء لم يجــد ذلــك في القــرآن، ولم يطلب منه الله أن يجعل شعائر الصلاة الخاشعة بمثابة إعلانهـ علم ذلـك من التـاريخ الكهنـوتي مجاني للدعاية السياسية، ولكنئ الســمعة. فرجــال الــدين في مصــر القديمــة كــانوا يقيمــون سي

كلها باسم الملك؛ لأنه هو الرب نفسه. أما أحبار المعبد«الصلاة» اليهودي، الذين فقدوا لعبتهم الوثنيــة بتــدخل التــوراة، فقــد نقلــوا اسم الملك من بداية الصلاة، ووضعوه في النهاية؛ لكي يطلبوا له

بالتــالي فــإن.(256)«المغفــرة من اللــه، ويــدعوا لــه بطــول العمر الكثير من الأحكـام الفقهيـة والتصــرفات الــتي يقــوم بهــا الفقهــاء المسلمين، كما يرى الــنيهوم، ليســت فقــط انحرافــا عن المغــزى الحقيقي لرســـالة الإســلام، وإنمـــا هي تقليــد أعمى للكثــير من العــادات والتصــرفات الــتي كــانت موجــودة من قبــل عنــد اليهــود

والمسيحيين. إن النقد الذي يوجهه الصادق النيهوم للفقه الإســلامي ليســوانب النقص ــان ج ــعى إلى تبي ــد يس ــو نق ــا ه ــداما، وإنم ــدا ه نق والتناقض الكامنة في الفقه الإســلامي. كمــا أنــه لا يقلل أبــدا منــه ــوير الفقـ ــاهمته في تطـ ــرورة مسـ ــه، ولا من ضـ ــأن الفقيـ شـ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد91هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

الإســلامي، بــل إنــه يــرى ضــرورة إعــادة ربــط الفقيــه بوظيفتــه الحقيقيــة، الــتي هي الــدفاع عن رســالة الإســلام، مــع توفــير كــلــه: ــه: قول ــك. ومن ــاعده على ذل ــتي تس ــروف ال ــروط والظ الش

امنحــوه فرصــة العمــل واســع النطــاق، الــذي يمتــد على طــول» مسرح الفكر الإنساني، واتركوه يبحث لنا عن سبيل الرشاد. فهذاــه الرجل الغارق في الخرافات لا يستطيع أن يفهم القرآن بمعارفــه الفرصــة ــه إذا أتيحت ل طــة من القــرون الوســطى، ولكن المحن لفهمه فإنه وحده يســتطيع أن يجــد لنــا الطريــق. أعطــوه فرصــة العمل بوسائل الفكر الشــجاع، كمــا أعطيتمــوه الســيارة الحديثــةــة جره لخدمــة الدعاي ــ ــتركوا أحــدا يس ــه القديمــة، ولا ت ـدـل ناقت ب السياســـية، والـــدعاء على المنـــابر لمن يـــدفع راتبـــه في وزارة

. إن هذا الموقف النقدي من طرف الصادق النيهوم(257)«الأوقافرين للفقــه الإســلامي، ولشــخص الفقيــه، نجــده عنــد بعض المفك الذين تندرج مواقفهم في إطار مــا يســمى بــالقراءات المعاصــرة للفكر الديني، وتحديــدا للفقــه الإســلامي، مثــل: القــراءة النقديــة التي قدمها محمد شحرور للفقه الإسلامي، والتي رأى من خلالهــا أن الفقيه المسلم لم يعد قادرا على مواكبة التطــورات المعرفيــةــا في ــل توظيفه ــا من أج ــه معرفته ــتي يجب علي ــرة، وال المعاص أحكامه الفقهية، لا أن تنحصر وظيفته في خدمة السياســة، لــذلك

في كل بلد نجد عشرات المشــايخ من فقهــاء ومتصــوفة،»يقول: دورها الأساس تخدير النـاس، وإبعــادهم عن مشــاكلهم المباشــرةــاع ــلطة والأوض ــدة الس ــيين، فقــد كــانوا أعم ــدائهم الحقيق وأع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الفاسدة، سواء عرفوا ذلــك أم لم يعرفوا. وما زال ورثة هــؤلاء النــاس يعيشــون بيننــا حتى يومنــا هذا، تحت أســماء شــتى، يعيشــون ويفقهــون على المســلمين مــا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد92هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

يسمى بالإسلام، حسب زعمهم، ولم يعلموا أن وجودهم هــو أحــد . وربمــا يكــون محمــد(258)«المشــاكل الــتي يعــاني منهــا الإســلام

شحرور هنا متأثرا بموقف الصادق الــنيهوم من الفقــه الإســلامي، وخصوصا أن موقف النيهوم ظهر قبل موقف محمد شــحرور، مــعــه المســؤولية ــنيهوم يحمل الفقي ل في أن ال ــارق بينهمــا، يتمث ف الكاملــة في تخلف المجتمــع المســلم، وينظــر بالتــالي إلى الفقــه الإسلامي نظرة سلبية خالصة، في حين أن محمــد شــحرور، على ــبرا الرغم من الانتقادات الكثيرة التي وجهها للفقه الإسلامي، معت أنه لم يعد قادرا على الاستجابة لمقتضيات الواقع الــراهن، ســعى في الوقت ذاته إلى تطوير الفقــه الإســلامي، بدعوتــه إلى تجديــد مصادر التشــريع، وإصــدار أحكــام شــرعية جديــدة يمكن اعتبارهــا

حلولا للكثير من المشكلات التي يعيشها الفرد المسلم اليوم. يزداد انتقاد الصادق الــنيهوم للفقيــه الإســلامي، معتــبرا أنــه نصب نفسه متحدثا باسم الدين، حتى أصبح الإسلام هو مــا يقولــهب، وكــأن اللــه اختــارهم لأداء هــذه الفقهــاء ورجــال الــدين فحســــوى أداء المهمة. أما المواطن المسلم فليس لديه مهمة أخرى ســتزام الشعائر الدينية التي أقر بها السادة الفقهاء، وما عليه إلا الال بهــا إذا أراد الفلاح في الــدنيا والآخــرة. هــذا هــو الفهم الــذي أراداـه حــول الإســلام. فمــا رأي الـنيهوم ثنــا إي الفقه الإسـلامي أن يور

الإسلام هو الشرع الجماعي نفسه، وليس مــا»فيه؟ يجيبنا بقوله: يقوله الفقهاء عن هذا الشرع. إنه ليس معلومــات في الكتب عن دين عــادل، بــل إنــه نظــام إداري موجه لتحقيــق العــدل في أرض الواقع، بإخضاع الإدارة إلى سلطة الأغلبية. من دون هذه السلطةــة ــة ملح ــدو الحاج ــاس، وتب ــع الن ــأة من واق ــلام فج يختفي الإس بتعويضهم بإسلام لا يلمس واقعهم، وهي مهمة استدعت دائما أن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد93هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

. هــذه(259)«يصبح الفقهاء ـ وليس الأغلبية ـــ هم مصــدر الشــرعيةفاتــه أنهــا باطلــة؛ د الــنيهوم في كــل مؤل الشرعية التي لطالمــا أك لأنها لم تكن في خدمة الــدين من جهــة، ولا في خدمــة المــواطن المسلم من جهة أخــرى، وإنمــا كــانت ولا تــزال في خدمــة نظــام

الحكم والفقيه على حد سواء.

ثانيا: علاقة العبادة بالشعائر إن أكــبر انتقــاد وجهــه الصــادق الــنيهوم للفقــه الإســلامي

؛ إذ رأى أن الفقهــاء«أركــان الإســلام»التقليدي كان حول مفهوم ــتي هي: ــان الخمســة، وال ــدما ربطــوا الإســلام بالأرك أخطــأوا عن شهادة أن لا اله إلا الله وأن محمــدا رســول اللــه؛ وإقــام الصــلاة؛ وإيتاء الزكاة؛ وصوم رمضان؛ وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا؛ إذ يرى الصادق النيهوم أن الــدين الإســلامي لا ينحصــر بالضــرورةــذين في هذه الأركان تحديدا، كما أنها لا تنطبق على كل الأنبياء ال وصفهم نص القــرآن بــأنهم مســلمون، مثــل: إبــراهيم وإســماعيل

يم بن�يه�﴿وإسحاق، وخصوصا في قوله تعالى: �براه� ووصى ب�ها إ ويعقوب يا بن�ي إ�ن الله اصطفى لكم الــدين فلا تمــوتن

ما﴿ وأيضــا قولــه تعــالى: .(132 )البقــرة: ﴾إ�لا وأنتم مسل�مونيم يهود�يا ولا نصران�يا ولك�ن كان حن�يفا مسل�ما �براه� كان إ

ر�ك�ين ن المشــ ــالي فهــذه.(67 )آل عمــران: ﴾وما كان م� وبالت الشعائر الخمس هي من وضـع الفقهــاء؛ خدمــة لمصـالح مــا كــان

. وهنا يقول:«العقد والحل»النيهوم قد أسماهم بالحكام وأصحاب فالإسلام رسالة تقوم على الألفة بين جميــع الرســالات، وتتوجــه»

لاحتـواء الشــقاق الفقهي بـإعلان وحــدة العقيـدة، وتقــديم العمـل على شكل الشعائر، واعتماد مبدأ مســؤولية النــاس عمــا كســبت

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد94هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

أيديهم، وإن كان الفقه قد أصر على القول بأن الإسلام لا يستقيم أنــه قــد اســتمد هــذا الحكم من دــ إلا بــأداء الشــعائر الخمس فلا ب

لأن العبــادة في الإســلام لا تقتصــر على؛(260)«قرآن لا يعرفه أحدــة ــا ثابت ــاء أركان ــا الفقه ــتي رأى فيه ــا ال ــعائر، وخصوص أداء الش للإســلام، وإنمــا أيضــا على العمــل الملمــوس الــذي يحقق العــدل ويضمن حقوق كل الناس. وفي هذا الإطــار بالتحديــد نجــد محمــد

إننــا نــرى»شحرور يقول عن موقف الفقهاء من أركــان الإســلام: ــة ــذه الثقاف ــاظ على ه ــاولين الحف ــون مح ــف يتخبط ــوح كي بوض بالتركيز وبشدة عل الشعائر )إقامة الصــلاة/الصــيام/الحج(، علمــا أن هذه الشعائر لا تدخل في الثقافــة، وإنمــا تحــدد هويــة الانتمــاء إلى الرسالة المحمديــة، وإن مــا يــدخل في الثقافــة هــو التشــريع

.(261)«وحقوق الإنساند على أن يبين لنــا الصــادق الــنيهوم أن الفقــه الإســلامي أك الإسلام ينحصــر في القواعــد الخمس تحديــدا في العهــد الأمــوي،ــاد عندما استبد الأمويون بالسلطة، وعمل الحجاج بن يوســف وزي بن أبيه على هدم بيوت مكـةـ، وتخويــف النــاس، وقتــل حفيــد أبي بكر، وحتى قتل الحسين في كربلاء، وغيرها من الحوادث، وعندما قام يزيد بن معاوية بأداء فريضة الحج بعد أن أحرق ستار الكعبة.

وأمام هذا الســيف القــاطع كــان على الفقــه الإســلامي أن»وهنا، : أنوالأخــرى: أن يموت الفقهــاء؛ إحداهمايختار بين طريقين:

يموت الإسلام. ورغم أن الكثــير من الفقهــاء العظــام قــد اختــاروا سبيل الشهادة والجنة، فإن أغلبهم كان مضطرا للعودة إلى عياله

وهنا ظهر مفهوم جديد للإسلام، يــراعي حكم .(262)«في آخر النهارــاس عن شــؤون الحكم. ــرد، وعــدم الاعــتراف بمســؤولية الن الف فكانت قواعد الإسلام الخمس المعروفة من وضع الحكم الأموي،

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد95هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

وبمصــادقة من طــرف الفقهــاء، مــع أن القــرآن ذاتــه، كمــا يــرى الصادق النيهوم، لم يحصــر قواعــد الإســلام في خمس، ولم يمنح الوصاية على الدين لأحد، حتى يأتينــا الفقهــاء ليأمرونــا بــأداء هــذا

الشعائر، دون غيرها. إن الفقه الإسلامي، كما يؤكد على ذلك الصادق النيهوم، لم يكن فقها حقيقيا، بمعنى أنه لم يكن في خدمة الإســلام، بــل كــان في ذمة السياسة وتحقيق مصالحها التي تتعــارض بالضــرورة مــعــان ــو أن أرك ــك ه ــدليل على ذل ــوق المســلمين. وال مصــالح وحق الإسلام المعروفة أريد لها من قبل الفقه الإســلامي أن لا تعــارض السياسة من جهة؛ وأن تكــون إرضـاء لضــمير الفــرد المســلم منـهـ. هــذا جهة أخرى، الساعي إلى إثبات إســلامه ابتغــاء مرضــاة رب التشريع الذي صدر عن الفقهاء يعتبر فصــلا بين الإســلام وشــؤونــنيهوم: الحكم، من خلال حصر الإسلام في قواعد محددة. يقول ال

إن هذا المسلم الذي صنعه فقهاء بني أمية على هواهم قد صــار»ــو لا الآن عمره أربعة عشر قرنا، من دون أن يبلغ سن الرشد، فهاـ من ــ ــه، ومعفي ــؤوليته عن حياتـ اـ من مسـ ــ ــا معفي يـــزال مواطنـــه، ولا ر مصيره ومصير عيال مسؤوليته عن شؤون الدولة التي تقر يــزال الإعفـــاء ســـاري المفعــول بضــمان من نظريــة الأركــان

، لتبقى هــذه النظريـــة الـــتي مـــا هي إلا جـــزء من(263)«الخمسةــذي الإسلام، وليست الإسلام كله، والذي هو الإســلام الحقيقي، ال لا يخدم بالضرورة مصالح النظام السياسي، وإنما يراعي مصــلحة

الإنسان باعتباره فردا في المجتمع. ب الفقــه الإســلامي عــبر مــدة زمنيــة طويلــة في لقــد تســب تكريس ســيطرة الحــاكم، وبالتــالي تعطيــل دور العقــل، فأصــبحنام يحتاج إلى تشخيص، بل إلى حل مســتعجل، الآن أمام وضع متأز

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد96هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

ل في أن ننظر إلى الواقع في عينه، وننصت مليا إلى صوت»يتمث الحق. فالإسلام الذي ورثناه عن أســلافنا ليس هــو الإســلام الــذيــه القــرآن، بــل نســخة ناقصــة عنــه، ومشــوهة إلى مــا لا ر ب بشــــا، ويهمنــا أن نهايــة)...( وإذا كنــا حريصــين على جــوهر الــدين حق نلتزم بروح النص ومحتواه، فإن علينا أن نراعي أن جميع نصوص القرآن وفتاوى أصحاب المذاهب وخــبراء التشــريع الإســلامي قــد التقت على القول بأن الإسلام لا يقــوم من دون ســلطة الأغلبيــة، وأن كل محاولة لتطبيق الشريعة من دون إشراف المواطن على سير الإدارة وإصدار القوانين فكرة موجهة عمدا لضــرب الإســلام

؛ لأن الكثــير من الآيــات القرآنيــة والأحــاديث(264)«باســم الإســلام النبوية الشريفة تبين أن المواطن المسلم مسؤول عما يحدث لهد الصـــادق الـــنيهوم على أن المبــدأ ويحــدث حولـــه. وعليــه يؤك

الأمــر»الحقيقي الــذي يجب أن تقــوم عليــه أركــان الإســلام هــو ؛ وذلك لأهميتــه في تســيير شــؤون«بالمعروف والنهي عن المنكر

الأمر بالمعروف»المسلمين ومراعاة العلاقات بينهم، بحيث يكون ــا وحفــظ«والنهي عن المنكر واجبا على كل مسلم. فتحــريم الرب

حقــوق المــرأة والــدفاع عن المستضــعفين والمجادلــة بالحســنى وحفظ حق الطفل والعمل بكتاب اللـه هــذه القواعـد وغيرهـا هيب عنه الكثير التي أهملها الفقهاء؛ خوفا من بني أمية. وهذا ما ترت من النتائج السلبية على الإسـلام، وعلى المـواطن المسـلم الـذي حرم حتى من ممارسة مســؤوليته تجــاه نفســه. لــذلك يجب على

أن يعــرف أن قواعــد الإســلام فكــرة جــاءت»المــواطن المســلم لحرمانه شخصيا من بقية الإسلام، أن يعرف أن أداء الشعائر هو ـ فقط ـ نصف القاعدة، وأن النصف الباقي أن يكــون أداء الشــعائر ــا شكرا لله على نعمة الحياة، هنا فوق هذه الأرض، وليس طقوس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد97هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

.(265)«للبحث عن النعمة في أرض الله الأخرى

ثالثا: الفرق بين السنة الإلهية والسنة الرسوليةرين المعاصرين الذين قدموا قراءات هناك الكثير من المفك جديدة للنص الــديني، ســواء القــرآن أو الســنة، وإذا كــانت إعــادة قراءة القرآن تهدف إلى تقديم فهم جديــد لمعــاني النص، وتبيــان أن له بعدا تاريخيـا لا ينبغي إهــداره في محاولـة توظيفــه في فهم مشــكلات الـراهن، وهـذا مــا نجــده مثلا عنـد بعض المفكرين، من أمثال: محمد أركون ومحمد شحرور ونصر حامد أبو زيد وغيرهم،ــا وبين ــاواة بينه ــرفض المس ــنة ت ــف من الس ــإن أغلب المواق فز بين مــا القرآن، وهذا ما نجده عند محمد شــحرور مثلا، الــذي مي

، ومنــه: قولــه:«الســـنة النبوية» و«الســـنة الرســولية»أســماه الرسالة المحمديــة هي الصــيغة النهائيــة للســنة الإلهيــة الأبديــة،»

جرى التعبير عنها بين دفتي المصحف بأسلوب نظري مجرد، على كان بمثابة بدايــة|اعتبار أن الرسول خاتم المرسلين، وأن عصره

لمرحلة ما بعد الرسالات في تاريخ المسيرة النبوية. فجاءت بهذه الصيغة حتى يتمكن الناس من سن مناهجهم الاجتهادية التطبيقيــة النســبية على ضـوئها؛ ذلــك أن سـنة اللـه مطلقــة؛ لأن اللـه ليس مجتهـدا، بـل عـالم ذو علم مطلـق أبـدي، بينمـا النـاس متعلمـونــبيعتهم ــ ــع ط ــ ــق م ــ ــرفي متواف ــ ــبي ظ ــ ــدون بعلم نس ــ ومجته

لــة في .(266)«الإنسانية فتبين لــه أن الســنة النبويــة الشــريفة، ممث آنذاك، هي تعبير عن فهمه الخاص لآيات نصصلى الله عليه وسلمأقوال الرسول

القرآن، وليست أقواله وحيا، كما اعتقــد الفقهــاء، فجعلــوا الســنةمن مرتبة القرآن.

ب الصــادق الــنيهوم، إن الخطأ الذي وقع فيه الفقهــاء، حســ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية عشرة، الاجتهاد والتجديد98هـ1439م ـ 2018شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

عندما أنشأوا علم الحديث هو أنهم أعطوه قداسة تضاهي قداسة نص القرآن، واعتبروه مصدرا من مصادر التشريع الإســلامي، مــع

لم يدع إلى ذلك. فالأحكام الشــرعية كلهــا، كمــاصلى الله عليه وسلمأن الرسولــه تعــالى: اليوم﴿يرى النيهوم، موجــودة في القــرآن، ومنــه: قول

يت لكم ــ� ــ أكملت لكم د�ينكم وأتممت عليكم ن�عمت�ي ورض الإ�سلام د�ينا فمن اضطر ف�ي مخمصة غير متجان�ف لإ�ثم

يم حيث تفيــد الآيــة هنــا بــأن،(3 )المائدة: ﴾فإ�ن الله غفور رح� الحكم الشرعي انتهى واكتمل مع القرآن، الذي جعلــه اللــه كلامــاد الصادق النيهوم، لها معــنى محفوظا. بالتالي فإن السنة، كما يؤك واحد، هو الذي نجده في نص القــرآن ذاتــه؛ وذلــك لقولــه تعــالى:

نة� اللـه�﴿ د ل�ســ ن قبـل ولن تج�ـ سنة الله� الت�ي قـد خلت م�حا موقفــه من.ــ (23 )الفتح: ﴾تبـد�يلا وهنــا يقــول الــنيهوم، موضــ

فالسنة التي يتحدث عنها القرآن ليست»المعنى الحقيقي للسنة: هي كتب الحديث النبوي، بـل هي نص القــرآن الــذي رفض فكـرةر الشــريعة من عبوديــة التــاريخ، ـةـ بالــذات، وحــر الأحــاديث النبويــاعي؛ لكي وأنهى سلطة رجال الدين، واعتمد دستور الشرع الجمن ضــد الظلم يعيد القرار إلى أيدي الناس في نظــام إداري محصــ بقدر الإمكان. هذه السنة لا تقوم على أحاديث منســوبة إلى أحــد من الأنبياء؛ لأنهــا ليســت ســيرة تاريخيــة، بــل منهج تطــبيقي حي،ــالا لا تحصــى، في ظــروف لا يعيش عــبر العصــور، ويخــاطب أجيــه ــد علي ــول محم ــة لم تغب على علم الرس ــى، وهي حقيق تحص

ــنة ــلاة والســـلام، بـــل غـــابت عن علم السـ ــا أن.(267)«الصـ وبمـ رسول من الله يبلغ رســالته فقــد اعتقــد الفقهــاء أنصلى الله عليه وسلممحمدا

كلامه أيضا هو وحي، فرفعــوا حديثــه إلى مرتبــة القــرآن الـــمنزلــاني مصــدر من مصــادر ــوي أهم ث ــديث النب ــبروا الح ــه، واعت علي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد99هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ولهــذا الســبب تعــرض الحــديث»التشريع الإسلامي بعــد القــرآن. للبحث عنــه بشــكل منقطــع النظــير في كــل الأمصــار بعــد مــوت

.(268)«النبي، وذلك من أجل جمعه وتثبيته كتابة، كما حصل للقرآندــع النــاس إلى كتابتــه فالرسول الكــريم لم يكتب الحــديث، ولم ي في حياته، بل كان همه تبليغ الرسالة كما هي؛ لأنه يعلم أن النص الشرعي اكتمــل مــع القــرآن، وبالتــالي فــإن ظهــور علم الحــديث لاحقــا لم يكن لأســباب دينيــة، وإنمــا لأســباب سياســية. وهــذا مــا

ــه: ــرفي في قول ــد الش ــد المجي ده عب ــون»يؤك ــبي أن يك أراد الن القــرآن وحــده النـبراس الــذي يهــدي المســلمين في حياتـه وبعــدــة، وأراد ــة ملزم ــه هــو صــبغة معياري ــه، وأن لا تكــون لأقوال ممات المسلمون غــير ذلــك، بــل عكســه، أو قــل: إن جــدة الأمــر الــذي دعاهم إليه، وعدم تهيئتهم لتحمل المســؤولية الجســيمة المترتبــة على اجتهـــــــاداتهم في تنظيم حيـــــــاتهم، حـــــــال بينهم وبين

.(269)«الاستجابةــة إلى لقد حدث التحول بعد وفاة الرسول من الســنة الإلهيــنيهوم مــؤامرة على ســنة ــبره ال الســنة الرســولية. وهــو مــا اعت القــرآن، وخصوصــا أن علم الحــديث أصــبح يحمــل الكثــير من الأحاديث التي تخدم نظــام الحكم، وتحديــدا نظــام الحكم الأمــوي آنذاك، حتى أصبحت السنة هي الحق الإلهي المقدس في الحكم،

ــد. ــورث الســلطة لأح ــات ولم ي ــريم م ــع أن الرســول الك إن»م الرسول لم يكتب الحـديث؛ لأنـه كـان يقصـد أن لا يكتبــه. وكــانت رســالته موجهــة أساســا إلى إلغــاء كتب الحــديث، وتحريــر النص المقــدس من أهــواء المؤسســات السياســية، وجمــع النــاس على سنة نافعة واحدة، وهي رسالة أبلغها الرسول حرفيا، واختار حجة الوداع لكي يسمع بشهادة المسلمين على أنفسهم بــأن البلاغ قــد

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد100هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

ــيغة ــل في صـ ــد اكتمـ ــرعي قـ ــاملا، وأن النص الشـ ــلهم كـ وصـ .(270)«القرآن

رابعا: انتقاد النيهوم لأحكام الفقه الإسلامي إن أهم بــل أخطــر مــا يعيبــه الصــادق الــنيهوم على الفقــه الإسلامي هو تأثره بالفكر اليهــودي والمســيحي؛ ذلــك أن الفقهــاء المسلمين قاموا ـ حسب رأيه ـ بنقل الكثير من العادات والأحكامــلامي، الموجودة في اليهودية والمسيحية وإدراجها في الفقه الإس جاعلين هذه الأحكام من ثوابت الإسلام، مع أنه في حقيقــة الأمــر لا علاقة لها بديننا، لا من قريب ولا من بعيد، وخصوصا أنها ليستــه ر الفق ــأث ــنيهوم عن ت ــول الصــادق ال ــا يق ــرآن. وهن من نص الق

إن الفقيــه الــذي يضــع»الإسلامي بــالتراث اليهــودي والمســيحي: عمامة فوق رأسه، ويلبس جبته الحريرية؛ لكي نعــرف أنــه فقيــه،ل يده من بـاب التـأدب، لم يجــد هـذا الــزي في القــرآن، ولم ونقبه تعلم ز نفســه عن بقيــة المواطــنين. ولكن يطلب منه اللــه أن يميئ الســمعة. فرجــال الــدين في هذه الحيلة من تاريخ الكهنوت سيا؛ لكي يتعــرف عليهم ـاـ خاصــ مصــر الفرعونيــة كــانوا يلبســون زي اليهودي الورع، ويســارع بتقبيــل أيــديهم عنــدما يجــدهم يطــاردون امرأته من باب المحبة في الله. وقسس الكنيسة المسيحية كانواــاع. ـةـ الرع يلبسون زيا خاصا؛ لكي يميزهم جباة الضرائب عن بقيا؛ من أجــل ذلــك كله مــرة اــ خاصــ وفقهــاء المســلمين يلبســون زي

.(271)«واحدةــة، ــة الخاطئ يرى النيهوم أن هناك الكثير من الأحكام الفقهي والــتي لا علاقــة لهــا بالإســلام، حتى وإن حققت إجمــاع الفقهــاء. لذلك نحن مطالبون اليوم بإعادة تجديد فهمنا للدين، وتجاوز هــذه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد101هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ت الأحكام التي لم تكن في خدمــة الــدين، بــل تشــويه لــه، وأضــرــيرا بســمعة الإســلام. وعليه ــراءة »كث ــوم إلى الق ــدعو الي ــا ن فإنن

ــة ــاب والقوام ــات الإرث والحج ــل الحكيم، ولآي ــرة للتنزي المعاص والتعددية الزوجية، ولأحكام الحدود كما جاءت، وللجهــاد والحــربـذـب، وأن الماضــين والقتال والغزو، واعين تماما أننــا ســنكفر ونكــا، الـــتي نعرفهـــا كمـــا هم ذاتهـ في دروب الآبائيـــة ســـيكيلون الت ـاـ يعرفونها، وسيقيمون الدنيا ويقعدونها، وسينعون أهــواءهم، لا حباـ بامتيــازاتهم، ودفاعــا عن ـ بالحقيقــة وباللــه ورســوله، بــل حب

ومن بين أخطر هذه الأحكام هو ما أسماه الصادق.(272)«وجودهم أو الحكم بالإعــدام؛ نتيجــة الــردة عن«قطــع الرقــاب»الــنيهوم بـ

الإسلام؛ إذ يرى أن هذه الفتوى لا علاقة لها بالإسلام، منطلقا فيــالى: د﴿تبريره لموقفه هذا من قوله تع لا إ�كراه ف�ي الــدين� قــ

ــؤم�ن ر ب�الطاغوت� ويـ ــ ن الغي فمن يكفـ د م� ــ شـ تبين الرا ام لهــ صــ ك ب�ــالعروة� الــوثقى لا انف� د استمســ ب�اللــه� فقــ

يع عل�يم وهــذا مــا يحــدث في بعض.ــ (256 )البقرة: ﴾والله سم�ــريح، الدول الإسلامية، خصوصا في السعودية، مع أن نص الآية ص ويرفض إكراه المــرء على الــدين. كمــا أن الإســلام يــراعي حريــة

ــواع»الفرد في اختيار دينه أو حتى عدم اختيار أي دين: إن أشد أنــديولوجيا الإكراه في الدين هو إكراه الإنسان على تبني عقيدة وأي

خلق جوا عاما ضد الأصــنام قبــل تحطيمهــاصلى الله عليه وسلملا يريدها، والنبيهــ لم يــدخل بيت أحــد ليبحث مــاذا يوجــد في الأماكن العامة، ولكنــة هي من فيه؟ ولم يكره أحدا على أداء شعائر الإيمان. وهذه الآيــه تعاليم الرسالة المحمدية، وضمان لحرية الإنسان في اختيار دين

ــة.(273)«وعقيدته ــدا تثبت علاق ــوى تحدي ــذه الفت ــإن ه ــالي ف بالت التواطؤ بين الفقه الإسلامي ونظــام الحكم السياســي، الــذي رأى

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد102هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

ــا يقــول الصــادق في الفقــه وســيلة لتحقيــق بعض أغراضــه. وهندا على الأصول التوراتية المسيحية للفقــه الإســلامي النيهوم، مؤك

الواقـع»من جهة، وعلى علاقة الفقيه بالسياسي من جهة أخــرى: أن ما يدعوه الفقهاء المسلمون بـ ]أحكام السنة النبويــة[ هــو في شكله ومحتواه تطــبيق حــرفي لأحكــام التــوراة، يمارســه الحــاكم المسلم والمواطن المسلم على حد سواء، في اســتعراض علــني لمدى التخــريب الـذي لحــق بمفهــوم الــدين، تحت ســتار الحفــاظ

.(274)«على السنة هذا بالنسبة إلى حكم الإعدام.

ــد رأى أما بالنسبة إلى موقف الفقه الإسلامي من المرأة فقلا في آراء الفقهــاء الصادق النيهوم أن الفكر الديني الإسلامي ممث وأحكامهم عمل على اضطهاد المرأة. وحاشا الدين الإســلامي أنده الكثــير من نصــوص القــرآن، يكون مضطهدا لهــا. وهــذا مــا تؤك الـتي تعلي من شــأن المــرأة، وتـدعو إلى الحفـاظ على كرامتهـا،

ــه تعــالى: نــات�﴿ومنه: قول ن�ين والمؤم� والذ�ين يؤذون المــؤم�ــا ــا مب�ين �ثم ــا وإ ــوا بهتان د� احتمل بوا فقــ ــ ــر� مــا اكتس ﴾ب�غي

ا تــرك﴿وأيضا قوله تعالى: ،(58)الأحزاب: م يب م� جال� نص� ل�لرــدان� ــرك الوال� ا ت م يب م� الوال�دان� والأقربون ول�لنساء� نصــ�

يبا مفروضــا نه أو كثر نص� ا قل م� م ــاء:﴾والأقربون م� )النس (. وعلى الــرغم من أنــه يقــال: إن المجتمعــات الغربيــة قطعت7

ــك بالضــرورة أن ــة المــرأة فلا يعــني ذل أشــواطا في مجــال حريع المــرأة الغربيــة وصــلت إلى أعلى درجــات الحريــة، أو أنهــا تتمت بكامل حقوقها. وإن كانت حققت بعضا منهــا فإنهــا لم تتخلص منــا باهظــا للخلاص منــه، من خلال الاضــطهاد إلا بعــد أن دفعت ثمن

الحروب والثورات لقرون متتالية. ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

103هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــلحة إن اضطهاد المرأة في المجتمع الإسلامي كان في مص ، والــذي هــو الســلطة أو«نظــام الإقطــاع»مــا أســماه الــنيهوم بـ

النظام الحاكم، مع أن النظام الاجتمــاعي بكــل مؤسســاته ســاهم في اضطهادها وتكريس هيمنــة الرجــل عليهــا. وأهم مظــاهر هــذا الاضطهاد دعوتها إلى تغطية شعرها، بل حتى تغطية وجهها، مثلما يدعو البعض من الفقهاء، معتبرين وجهها عورة. وهنا اعتمد الفقه

ــه تعــالى: ــات�﴿الإسلامي في هــذا الحكم على قول ن وقل ل�لمؤم�ــد�ين ار�ه�ن ويحفظن فــروجهن ولا يب ــ ن أبص ن م� يغضضــر�بن ب�خمـــر�ه�ن على ا وليضـــ نهـــ ر م� ز�ينتهن إ�لا مـــا ظهـــ

ن (، رغم أن نص القـرآن هنـا لم يـذكر الوجــه31 )النور: ﴾جيوب�ه�ــدر. والشعر، وإنما الجيب، الذي هو ـ حسب النيهوم ـ منطقة الصر إلى نــوع محــدد من اللبــاس، وإنمــا نهى كما أن القــرآن لم يشــ

ج: أمــا لمــاذا»المرأة عن ارتداء اللباس الذي يكون عرضــة للتــبر اختار الفقه الإسلامي أن يخــالف نص القـرآن، ويتوجــه إلى إلــزام المرأة بتغطية وجهها؟! فـذلك مـرده إلى أن تغطيـة الوجـه تشــل حركة المرأة كليا، وتوقفهــا عن أداء أي عمــل خــارج الــبيت، ممــا

ــة الجارية ــدها إلى خان .(275)«يسلبها حقها في الكسب شرعا، ويعيــل إن وبالتالي فالإسلام بريء من إذلال المرأة، وسلب حقوقها، ب الفقه الإسلامي هو من شوه صورة المرأة، وألحق بالإسلام صــفة

ك المــرء»اضــطهاد المــرأة؛ لأنــه من المثــير للســخرية أن يتمســ اليــوم بنظــرة فوقيــة إلى المــرأة جاءتــه من عصــور حكمتهــاــار من مبطلات الذكورية، كانت فيها المرأة والكلب الأسود والحمكه هــذا أنــه صلاة الرجل. والأكــثر إثــارة للســخرية أن يظن بتمســ

.(276)«يتمسك بالكتاب المنزلــة إن أهم الأحكام التي أخذها الفقهاء المســلمون عن الكهن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد104هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

، حيث رأى فيه«الختان »اليهود، كما يرى النيهوم، ما تعلق منها بـ الفقهاء أنه شرط لا يستقيم إسلام المرء إلا بــه، مــع أنــه لا يوجــد في القرآن نص يتحدث عن ضرورة ختن الأطفال. أما الختان فهو وصفة قديمة جدا للعلاج من الأمراض التناسلية، أخذها اليهود عن

ئل الفقيــه المســلم عن المصــدر»المصــريين القــدامى: ــو ســ ول الشرعي للختان لما وجد أمامه نصا دينيا واحدا يبيح هــذه الفعلــة،

وقال»سوى الإصحاح السابع عشر من سفر التكوين الذي يقول: الله لإبراهيم: هذا هو عهــدي الــذي تحفظونــه بيــني وبينكم، يختن

. فالنظرية اليهوديــة تقــوم على الاعتقــاد بــأن«منكم كل ذكر)...( الختــان هــو القربــان الــذي يقدمــه اليهــود للــدخول في عهــد

وهذا الفعل غير موجود أصــلا في المســيحية. أمــا في.(277)«الرب الإسلام فقد رأى الفقهاء أن في ختان الأطفال حفاظا على السنة النبوية الشريفة، وبالتالي فإن ما قام بــه الفقهــاء هــو تمريــر هــذا

الفعل تحت غطاء الدين. ــامهم على ــاء وأحك ــنيهوم على الفقه ــتراض ال لا يتوقف اع مسائل الإعدام واضطهاد المرأة وختان الأطفال، وإنما يتعداه إلى

،«الذبح الشرعي»مسائل كثيرة أخرى، مثل: ما يسميه الفقهاء بـ الذي يرى أنه لا يوجد نص قــرآني حــول طريقــة الــذبح الشــرعي،

هــو طقــوس شــكلية أوردهــا«الذبح الشــرعي»وإنما ما يسمى بـ ــذبح المعاصــرة. ــة ال ــع طريق ــا لا تتناســب م ــرى أنه ــاء. وي الفقهر بهــا فقهــاء وبــالعودة إلى طريقــة الــذبح عنــد اليهــود، وكيــف تـأثــة مــأخوذ من الإسلام؟ فإننا نجد أن توجيه رأس الذبيحة إلى القبل أن التوراة تشترط توجيه الذبيحة نحو الهيكل. أما قطع الشــرايين فهدفه تفريغ الجســم من الــدم، الــذي تعتقــد التـوراة أنــه الــروح،م أكــل الــدم؛ م أكلــه، مــع أن نص القــرآن أيضــا يحــر وبالتالي تحر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد105هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

نز�ير�﴿لقوله تعالى: ــ ــدم ولحم الخ� مت عليكم الميتة وال ﴾حرــ (3)المائدة: ــأمر. وهذا ما لم يفهمه فقهاء الإسلام. فالقرآن لم ي

ولعــل الــدليل على أن مــا»بسفك الدم، وإنما بالامتناع عن أكلــه. هو مجــرد بدعــة فقهيــة مســتعارة من«الذبح الشرعي»يسمى بـ

ل بوضــوح في ذبح الجمــل؛ فتحــريم أكــل الجمــل في اليهــود يتمثــة التوراة ترك الباب مفتوحا أمام المسلمين لاختيار أفضــل طريقفقــوا على طعنــه عنــد أســفل العنــق، من دون أي لقتلــه، وقــد ات

.(278)«تفاصيل فقهية يناقش الصادق النيهوم حكما فقهيا آخر شــاع في الأوســاط

فهم قد أفتوا بأن كل.«تحريم الصور والتماثيل»الفقهية هو حكم من يرسم صورة إنسان أو حيوان فقــد تعــدى حــدود اللــه. وهــذهــدى المســلمين، ــنيهوم، قــد عطلت الفن ل ــرى ال ــوى، كمــا ي الفتــاحف ــبر المت ــد أن أك ــرون. ففي حين نج ــدة ق ــأخر ع ــه يت وجعلتــان، ر عن الإنس العالمية تزخر بالكثير من الأعمال الفنية، التي تعبــذوق ــا نحن المســلمون بت ــاة بصــفة عامــة، ننظــر إليه وعن الحيم الرسـم والتصـوير. وإعجاب، مع أننا لا نجد نصا قرآنيا واحدا يحر

وفي مــا تزخــر اللوحــات العالميــة باللوحــات»وهنا يقول النيهوم: د ملامح المجتمعــات في جميــع الحضــارات والتماثيــل الــتي تجســ القديمة يضيع وجه الحضــارة الإســلامية، وتغيب ذاكرتهــا في غبــارر لها سوى الجهل المطلــق، أو التاريخ؛ بسبب فتوى مريبة، لا مبر

ــوء النية ــدرت عن(279)«س ــتي ص ــام ال ــإن أغلب الأحك ــذا ف . هك الفقهاء، سواء في القضــايا الســابقة أو غيرهــا، لا تســتند إلى نصر الفقهــاء المســلمين ر عن تــأث ديني صريح؛ وإنما هي من جهة تعبر عن قناعــة الفقيــه بالــديانات الأخــرى؛ وهي من جهــة أخــرى تعبــام الحكم ــاكم ونظ ــاء الح ــه لإرض ــة من ــية، أو هي محاول الشخص

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد106هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

السياسي. وبالتالي جاءت أغلب أحكام الفقــه الإســلامي في كلتــا الحالتين بعيدة كل البعد عن التعبير عن الرســالة الحقيقــة للــدين

الإسلامي.

خامسا: الجامع كبديل عن المسجد يرى الصادق النيهوم أن اجتماع المسلمين كــل يــوم جمعــة لم يعد له معــنى؛ وذلــك لأننــا لم نعــد ننــاقش الموضــوعات الــتيرنا تتعلق بحاضــرنا، وإنمــا نكتفي بالاســتماع إلى الإمــام وهــو يــذك بذنوبنا، وهذا راجع إلى أن المواطن المسلم تنازل تماما عن حقه في إبداء رأيه، مع أنه من المفروض أن الجامع ليس مكانا للصلاة فقط، بل للحوار أيضا. فقبل الإسلام كان بيت اللـه مكانـا للصــلاة فقط، مثل: المعبد والكنيسة وغيرهما، ولكن لما جاء الإسلام دعــا

إلى الاجتماع في الجامع من أجل التحاور ومناقشــةصلى الله عليه وسلمالرسول في»الأمور الاجتماعية والسياسية. وهنـا يقــول الصــادق الــنيهوم:

الجامع اكتسب بيت الله وظيفة سياسية لأول مرة ولآخر مرة في التاريخ، فلم يعد بيتا مقدســا للصــلاة وحــدها، بــل صــار أيضــا بيتــا مقدســـا للحـــوار السياســـي، ونقـــد الإدارة، وصـــياغة القـــوانين،ــل والمحاسبة والمراجعة دوريا، كل أسبوع ومن دون انقطاع، وقب

كان هذا الجامع مــؤتمرا مفتوحــا رســميا أمــامصلى الله عليه وسلموفاة الرسولــة ــتوى الأمـ ــة على مسـ ــوم جمعـ ــل يـ ــد كـ ــواطن، ينعقـ ــل مـ كـ

.(280)«بأسرهاــامع؛ إننا نلاحظ اليوم أنه حدث تحول جذري في وظيفة الج إذ لم يعد هناك حوار سياسي، ولم يعد المــواطن المســلم يســمعب الخلفــاء الراشــدين على أخطــائهم، كلمتــه بعــد أن كــان يحاســ كعثمـــان وعلي، وهـــذا عنـــدما كـــان الجـــامع يمـــارس وظيفتـــه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد107هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــذي هــو ــذاك، وال ــان المســؤول السياســي آن السياســية، حيث ك الخليفة، هو من يؤم الناس ويصلي بهم، حتى تتاح فرصــة الحــوار المباشر بينه وبين المواطنين المسلمين. لذلك وجب على الثقافة الإسلامية أولا أن تدرك الفــرق بين المســجد والجــامع؛ فــإذا كــان

كلمة مشتقة من ســجد؛ لأنــه خلــوة للصــلاة؛ فــإن الجــامع»الأول مشتق من كلمة جمع؛ لأنه مؤتمر سياسي، مهمته أن يضمن لكل مواطن حق المشاركة شخصيا في اتخــاذ القــرار السياســي. وإذاز الآن بين المســجد والجــامع فــذلك كانت ثقافتنا الإســلامية لا تمي أمر مرده إلى أنهــا ثقافــة فقهيــة مســخرة أساســا لتغــييب نظــام

أما إذا أردنا توضيح المعنى الحقيقي للجامع،.(281)«الجامع بالذاتــوم المســجد، والذي عمل الفقه الإسلامي على تغييبه لصالح مفه

ــا: الجــامع ليس هــو المســجد، وليس مدرســة لتلقين علــوم»قلنــيير الإدارة ــ ــؤول عن تس ــ ــاز إداري مس ــ ــو جه ــ ــل ه ــ ــدين، ب ــ ال

.(282)«جماعيا لقــد غــاب الحــوار السياســي والاجتمــاعي اليــوم، وإن هــذا التحـــول في وظيفـــة الجـــامع من الحـــوار القـــائم على إشـــراك المواطن إلى الاقتصار على الوعظ، واكتفاء المواطن بالاســتماع،ب الصــادق دون أن يكون له الحــق في إبــداء رأيــه، راجــع ـــ حســ النيهوم ـ إلى العهد الأموي؛ لأن الأمويين ســعوا إلى إلغــاء الحــوار في الجامع عندما أرسلوا خطباء وعاظا من أجــل إلقــاء المواعــظ على الناس فقط. وبالتالي حتى لو أن الاجتماع لا زال قائمــا فــإن الذي زال هو الحوار. ومنه يقول النيهوم، معقبــا على هــذا الوضــع

ــاع»الجديد: فهذا مواطن اسمه عبد الله يذهب أسبوعيا إلى اجتم في بيت الله؛ لكي يحضر مؤتمرا رسميا على مستوى الأمة، لكنه لا يفتح فمه خلال الاجتماع، ولا يتكلم مع المجتمعين، ولا يبوح لهم

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد108هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

بكلمة، ولا يطلب عونهم، ولا يعاتبهم، ولا يقــول لهم شــيئا، ســوىــترك عملــه لحضــور المــؤتمر، ويغتســل«عليكم الســلام» ــه ي . إن

ويستعد وينطلق إلى الجامع، حــاملا في صــدره أكــثر من مأســاة، لكنه لا يفعل شيئا في الجامع نفســه ســوى أن يجلس ســاكتا بين

ــاكتين ــؤلاء، (283)«صــفوف من الس ــرغم من أن من بين ه على ال المصلين الساكتين من هو فقير ومن هــو مــريض ومن هــو منبــوذ اجتماعيا، وربما لا يجد ما يأكل، ولــو اســتمع المصــلون إلى هــؤلاء جميعا لحلت مشاكلهم، وما بقي بيننا مــريض ولا فقــير ولا منبــوذ.ـةـ الــدنيا لكي فهل فعلا أن الله دعانا إلى أن نحرم أنفســنا من جن

نحصل على جنة الآخرة؟! إن الفقه الإسلامي هو من عطل دور المواطن المسلم في المساهمة في الإدارة والحكم، وحرمه من إبداء رأيه، عندما جعلــاء ــوم الجمعــة، لق ــاء ي ــو لق ــذي ه ــاء بين المســلمين، وال أهم لق للاستماع فقط، يلتقي فيه المواطنــون للاســتماع والموافقــة دون إبداء الــرأي. فأصــبحت دروس وخطب يــوم الجمعــة إملاءات من الطبقة السياسية يبلغها الأئمة والفقهاء لكل المواطنين الذين هم مطالبون بالالتزام بها. أمــام هــذا الوضــع إذا أردنــا التغيــير يقــترح

،«حــزب الجــامع»علينا الصادق النيهوم أن نؤسس حزبا يسميه بـ سيتوجه إلى تغيير لقاء الجمعة من مناسبة للصلاة والوعظ»الذي

إلى مؤتمر للديمقراطية المباشرة على مستوى القاعدة، ويمتلــك بذلك أوسع وأفضل برنامج سياسي عرفه العرب طــوال تــاريخهم

حيث يجب على هــذا الحــزب إذا أراد أن ينجح في، (284)«بأســره أداء مهمته أن يتصف بمجموعة من الخصائص، أهمها أنه حــزب لال أي طــرف على يحكم، وإنمــا يــدعو إلى تحكيم الأمــة، فلا يمث حساب الآخــر، وإنمــا يكــون هدفــه الجمــع بين كــل الأطــراف، ولا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد109هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ل الإسلام؛ لأن ما نــأى بالإســلام ل مذهبا فقهيا معينا، وإنما يمث يمث عن بعـده العـالمي هـو حصـره في مــذاهب وأحكـام فقهيـة ثابتـةح تجاوزها الزمن، ولم تعد قادرة على مسايرة الواقع. ولكي يوضــ الـــنيهوم حقيقـــة حـــزب الجـــامع، وضـــرورته في تغيـــير أوضـــاع

إن نظام الجامع ـ مثل نظام الأحزاب ـ صــيغة»المسلمين، يقول: إداريــة لتحقيــق ســلطة الجماعــة، ظهــر في تاريخنــا بعــد ســحق المؤسسات العسكرية والدينية في زلزال أكثر قــوة وأكــبر نطاقــاــام ــا. لكن نظ ــرب أوروب ــعوب غ ــته ش ــذي عايش ــزال ال من الزل الأحزاب صيغة لا نملك لها دســتورا في ثقافتنــا؛ أمــا الجــامع فهــوــة بينهم، صيغة لها تاريخ نعرفه ودستور بلغة مواطنينــا، بلغــة معلن باعتباره أعز مقدساتهم. إن كل مواطن يعرف في الجــامع معــنى

كذلك فــإن الجــامع، كمــا .(285)«الكلام الذي يقوله الآن دون معنى يرى النيهوم، هو الحزب الحقيقي الذي ينبغي أن يجمع كــل أفــرادــذي يجب أن يتم ــو الدســتور الحقيقي ال المجتمــع الإســلامي، وه الاتفاق على مواده داخل الجامع بحضور وإشراك كل المســلمين، الذين يجب أن يتكلموا عن أنفسهم بأنفسهم، لا أن يتكلم الفقهاء

باسمهم وباسم الدين. هذا هو نظام الجامع الذي يدعو إليه الصادق النيهوم، الــذي يكون الحكم فيه لله والإدارة للناس. لكن للأسف إن ثقافتنا اليوم هي ثقافة مسجد، وليست ثقافــة جــامع، أي ثقافــة كلام، وليســت ثقافة عمل، مع أن الإسلام جاء ليثبت أن كــل فــرد مســؤول عمــا يحدث له انطلاقا من أنه حر في قراراتــه وأفعالــه. لــذلك فعنــدما نتحدث عن المسلمين نقول: الأمة الإسلامية؛ لأن الأمــة تعــني أن هناك صلة وثيقة بين أفرادها، فكل فرد مســؤول عمــا يحــدث لــهــدي وما يحدث لغيره من المسلمين، حيث لا تكون السلطة في أي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد110هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

ــت»المؤسسة السياسية، ولا المؤسسة الدينية: فكلمة الأمة ليس مجرد كلمة، بل لغة ونظــام في الحكم والإدارة، يقــوم على ثلاثــة

:الشرط الأولشــروط عقائديــة، لا تتــوفر في شــريعة أخــرى: «إن الملك لله وحده» ـاـ ــا إلهي ، فلا أحد داخل نظام الأمة يملك حق

،«إن كل نفس بما كسبت رهينة»: والشرط الثانيفي الحكم. إن الــدين عنــد اللــه»: والشرط الثــالثفلا أحــد يشــفع لأحــد.

، فنظــام الأمــة ليس دعــوة لعقيــدة أخــرى، بــل دعــوة«الإســلام .(286)«لاحتواء جميع العقائـد والألــوان والأنســاب في مجتمـع جديد

ــرار بين أيـــدي النـــاس، فهم ــا القـ ــع دائمـ ــة يضـ ــام الأمـ إن نظـــام ــه نظ ــك لأن ــة؛ وذل ــلحتهم العام ــق مص ــؤولون عن تحقي المس السلطة الجماعية التي تمارس عن طريق الشورى المباشرة في الجـــامع. وإن زوال هـــذا النظـــام اليـــوم في مجتمعنـــا المســـلم المعاصر دليل على أن ثقافتنــا أصــبحت ثقافــة نظريــة، لا عمليــة،

بعيدة تماما عن الإسلام.

سادسا: نقد نقد الصادق النيهوم للفقه الإسلامي لا يعتبر الموقف النقدي من الفقــه الإســلامي عنــد الصــادق النيهوم الموقف الوحيد في الفكر العــربي المعاصــر؛ إذ إننــا نجــد الكثير من المواقــف النقديــة الأخــرى عنــد المفكرين العــرب، من أمثــال: محمــد شــحرور ومحمــد أركــون وعبــد المجيــد الشــرفي وغيرهم. لكن ما يميز الصادق النيهوم عن هؤلاء جميعا هو رفضــهع لآرائه حـول الفقـه الإسـلامي يبـدو لـه لكل ما هو فقهي. فالمتتب وكأن هذا الفقه دخيل على الإسلام، وأن الفقهــاء لم يطلعــوا أبــداــدعي أن أغلب أحكــام الفقــه على القرآن، وخصوصا أن النيهوم ي الإسلامي مستمدة فقط من التراث اليهودي والتراث المســيحي.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد111هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ــا ــه لم يكن مطلع ــد ذات ــنيهوم في ح ــا أن ال ــة هن ــع أن المفارق م بالشكل الكافي على الفقــه الإســلامي، فجــاءت كــل آرائــه عامــة ســطحية، ولم تخض في تفاصــيل الفقــه. فكيــف يمكن لمن لم

يطلع على الفقه الإسلامي أن ينتقده؟ إن حــال الــنيهوم لا يختلــف كثــيرا عن حــال المستشــرقين ــدا الذين يتخذون مواقف نقدية من الفكر الديني الإسلامي، وتحدي الفقه الإسلامي، وهم لم يطلعوا عليه إلا اطلاعا ســطحيا؛ لأنهم لا تربطهم علاقة مباشرة بالثقافــة العربيــة الإســلامية. والكلام ذاتــه يقــال هنــا عن الصــادق الــنيهوم، الــذي درس في أوروبــا على يــدــه متنقلا بين ــترات حيات ــى أغلب ف ــان، وقض ــرقين الألم المستش

الدول الأوروبية تلميذا مجتهدا ينهل من الثقافة العلمانية. إن أكبر وأهم الانتقـادات الـتي وجهت إلى الصـادق الـنيهوم كانت حول موقفه الــذي أرجــع فيــه الفقــه الإســلامي إلى أصــولرين بأحبـار يهودية، وكأن الفقهـاء المســلمون كــانوا معجـبين متـأث

ــدصلى الله عليه وسلماليهود، متجاهلين قرآنهم وأقوال الرسول . وهنا يقول محم من: الإمام أحمــد»سعيد رمضان البوطي: وما الدليل على أن كلا

ــان، ــة النعم ــافعي، وأبي حنيف ــد بن إدريس الش ــل، ومحم بن حنب ومالك بن أنس، وأتباعهم جميعا، كانوا أقطابا في مدرسة التــوراة وطليعة المعلمين فيها؟ ومن أين لنا أن نعلم ما قد علمه الصادق النيهوم من أن الفتاوى التي كان يصدر عنها هؤلاء الأئمــة لم تكنــنا س صادرة من القرآن، وإنما من أقوال التوراة. لقد درسنا ثم در ما يملأ قلب كل عربي ومسلم فخرا واعــتزازا بتاريخنــا الحضــاريله هؤلاء الأساطين من علماء الشريعة في القرنين الأعز، الذي مث الأول والثاني الهجريين، ومــا رأينــا باحثــا حــرا إلا وينغض الــرأس؛

.(287)«إجلالا لعلمهم، ثم إكبارا لأمانتهم

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد112هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

لقد أراد النيهوم أن يحول الإســلام من شــعائر تربـط الفــرد المسلم بربه إلى مجرد نظــام إداري عنــدما دعــا إلى التحــول من مسؤولية أداء الشــعائر إلى المســؤولية عن أمــور دنيويــة، فـأفرغ بالتالي الإسلام من محتواه الروحي؛ انطلاقا من دعوته إلى تجاوز الفقــه الإســلامي إلى فقــه الواقــع. ومــا يريــده الصــادق الــنيهوم،

ــديني، ــر ال ــراءات المعاصــرة للفك ن»وأغلب الق ــدي أن يصــبح التيا لقيمهــا، فلا رقابــة تقيــد حريــة متجاوبا مع فلسفة الحداثة، ومتبناــت تكلــف، الأفراد، ولا طقــوس شــعائرية توجه الســلوك، ولا غيبين ن المــوروث، والاكتفــاء بالتــدي ر من أسر التدي وعليه ينبغي التحرة الشخصــي، الــذي يترجمــه كــل إنســان في دائــرة حياتــه الخاصــ

هكذا كان تهجم النيهوم عل الفقــه الإســلامي،.(288)«بحسب هواه ،صلى الله عليه وسلممتناسيا أن أول ظهور لهذا الفقه كان مــع شــخص الرســول

ر ــدب ــير من الأحــاديث إلى ت ــا المســلمين في الكث ــذي دع ــو ال وهــل: ــو القائ ــه، وه ــه وأفعال ــداء بأقوال ــرآن، وإلى الاقت عليكم»الق

. فلــولا(289)«بسنتي وسنة الخلفاء الراشــدين المهــديين من بعــدي المجهود الذي بذله فقهاء وعلمـاء الأمـة في الحفــاظ على السـنة

،صلى الله عليه وسلمالنبوية الشريفة وجمع الأحاديث لما وصلنا شيء من أقواله وهو رســول اللــه إلينــا وإلى النــاس أجمعين. لــذلك يجب أن يعلم الصادق النيهوم وغيره، من منتقدي الفقــه الإســلامي والرافضــين

الفضــل»اعتبار السنة النبوية من مصادر التشــريع الإســلامي، أن ع الأعظم، رائــد الأول في تأســيس علم الفقــه يرجــع إلى المشــر

، فهــو من أقــامصلى الله عليه وسلمالحركة العلميــة في الأرض، الرســول محمدــع مظــاهر الســمو ــل بجمي ــذا النظــام العلمي المتطــور، الحاف ه

.(290)«والارتقاءــل؛ لأن الاهتمــام الكبــير من طــرف إن رفض السنة أمر جل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد113هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

الفقهــاء بالســنة لا يرجــع، كمــا يعتقــد الــنيهوم، إلى اعتبــارهم أن السنة وحي، وإنما لكونهــا أقــوالا صــدرت عن الرســول. فأهميتهــا ترتبط بمكانة الرسول عند اللــه وعنــد المســلمين. وبالتــالي فــإن

إبعاد السنة والتشكيك في مكانتها في التشريع الإسلامي مسألة» ــا ــرا ممكن ــريم أم ــالقرآن الك ــبح التلاعب ب ــدها يص ــيرة، فبع خط

ــة. (291)«ويسيرا أما تبرير ظهور علم الحديث فذلك راجع إلى حاج المسلمين للاستفادة منه في أخذ الكثير من الأحكام التي لا توجد صراحة في نص القـرآن. ولكن رغم ذلـك كــان الفقهــاء على علم ودراية بضرورة تحصين هذا العلم، بالتحقق من مصــادر الحــديث، والتمييز بين الصحيح والضعيف منها؛ لأنهم يــدركون أن مســؤولية

نة. وعليــه ـدـ من الوصــل»إصدار الأحكام الفقهية ليست بالهي فلا ب بين الفقـه والحـديث النبـوي. فممـا لا جــدال فيـه أن معظم أدلـة الفقه من السنة؛ فإن آيات الأحكــام في القــرآن قليلــة محــدودة، وجل استدلال الفقهاء إنما هو بالأحــاديث)...(. وهــذا يــوجب علينــا الاهتمام بعلم الحديث رواية ودرايــة، ومراجعــة أدلــة الأحكــام في ضوء علوم الحــديث الكثــيرة، مثــل: علم الجــرح والتعــديل، وعلم الرجــال، وعلم علــل الحــديث، وعلم مختلــف الحــديث، والناســخ

.(292)«والمنسوخ منه، إلخ هكذا، فقد قدم الــنيهوم قــراءة علمانيــة للإســلام، من خلال تأكيده على أن الفقهــاء أخطــأوا عنــدما ربطــوا الإســلام بــالآخرة،ــاع ــوتهم إلى اتب ــدنيا، وأيضــا من خلال دع ــط بال ــه لا يرتب ورأوا أنةــ. فوصــل الأمــر بــالنيهوم إلى حــد الشعائر من أجــل الفــوز بالجنر عن حقيقة الإســلام. وإن اعتبار أن أركان الإسلام الخمسة لا تعبدين هذا الافتراء هــو مــا اعــترض عليــه الفقهــاء المعاصــرون، مؤك

أن الذي يقرأ كتاب اللــه وســنة رســوله يجــد في نصوصــها»على

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد114هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

ارتباط الأحكام بالمعاني والعلــل في مئــات من المواضــع. وحــتىدية نفسها لم تخل من هذا التعليل، الذي هــو مظهــر الشعائر التعب

«تنهى عن الفحشــاء والمنكر»حكمة الله في ما شــرع. فالصــلاة ، والحج«الصيام لعلكم تتقــون»، و«الزكاة تطهرهم وتزكيهم بها»و . وقد أخذ الراسـخون من«ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله»

علماء الأمة، من أمثال: الغــزالي، وابن عبـد الســلام، وابن تيميـة،م، والشاطبي، وغيرهم، من اســتقراء الأحكــام الجزئيــة، وابن القي وتعليلاتهــا الــتي ثبتت بنصــوص الكتــاب والســنة، أن الشــريعة مــاــرور جاءت إلا لإقامة مصالح العباد في المعاش والمعاد ودفع الش

.(293)«والمفاسد عنهم. وهذا ما لا ريب فيه أما بالنسبة إلى نقــد الــنيهوم لموقــف الفقهــاء من المــرأة،د على واعتبــاره أن الفقــه الإســلامي قــد أهــان المــرأة عنــدما أك ضرورة ارتدائها الحجاب وسترها لوجههــا؛ حيث اعتــبر الــنيهوم أن هذا الحكم تعد على حقوق المرأة، وإقصــاء لهــا من أداء وظيفتهــا في المجتمع، فقد كان موقف النيهوم هذا محل اعتراض من كثير من الفقهــاء؛ إذ نجــد مثلا محمــد ســعيد رمضــان البــوطي يقــول،

فهل لي أن أعود وأسال الصادق النيهوم»منتقدا لفهمه الخاطئ: ــاب ــه الحج ــذي فرض ــوت ال ــذا الم ــاريخي له ــداق ت عن أي مص الإسلامي على المرأة، ثم عن العلاقــة اللزوميــة بين ثيــاب العفــة

.(294)«والستر والتخلف العلمي والاجتماعي؟ وهنا أيضا نجد موقفادا في آخر ينفي تماما إمكانية احتقار الفقه الإسلامي للمرأة، مؤكم المـرأة مثــل: الـدين الــوقت ذاتـه على أنـه ليس هنــاك دين كــرعت كــل الأحكــام الفقهيــة إلى إثباتــه في الإســلامي. وهــذا مــا ســ

ــه ــك أن لمــا من اللــه على البشــرية بعبــده ورســوله»الواقــع؛ ذل أنقذ المرأة من واقعها المريــر، وأضــفى عليهــا جميــعصلى الله عليه وسلممحمد

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد115هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

ألــوان التبجيــل والتكــريم، وســاوى بينهــا وبين الرجــل في معظم الحقوق، فمنحها حق التملك، وحق التصرف في أموالها، من دون إذن زوجها وأبيهــا، وحــق الإرث، وأشــاد بمكانتهــا ومنزلتهــا، ونعىــة في أي ــا كامل ــل المــرأة حقوقه ــذين يحتقرونهــا، ولم تن على الــوق قانون أو نظام اجتماعي ـ قديما وحديثا ـ مثل ما نالته من حق

.(295)«في التشريع الإسلامي عطفا على ما سبق ذكره، يتــبين لنــا أن النقــد الــذي وجهــهــه الصادق النيهوم للفقه الإسلامي نقد هدام، لا بناء. كما أن موقف ــق من علم واه لا يقوم على حجة دامغة. بالإضافة إلى أنه لا ينطلــة ــه الحقيقي ودراية. بل كان النيهوم جاهلا بالفقه الإسلامي وعلاقت بالإســلام. وهــو إذ أراد أن يثبت أن الفقــه الإســلامي انحــرف عن رسالة الإسلام فإن النيهوم هو من شوه مفهــوم الإســلام والفقــه الإسلامي معا. وبالتالي فإن موقفــه من الفقــه الإســلامي لم يكن في خدمة الإسلام، ولا في خدمة المــواطن المســلم، كمــا ادعى،

وإنما كان خدمة للمواقف العلمانية المعادية للإسلام.

خاتمة فاتــه أن يــبين أن لقــد حــاول الصــادق الــنيهوم في كــل مؤل المجتمع العربي المســلم أصــبح يعيش حالــة من العمى الفكــري،ــره وســلوكه؛ حيث رأى أن ل في التنــاقض الصــارخ بين فك يتمثم هـو الفقـه الإسـلامي. ب الرئيس في هــذا الوضـع المتـأز المتسب وقــد أراد الــنيهوم فضــح علاقــة التواطــؤ بين الفقهــاء والساســة، فوجه كل انتقاداته إلى الفقهاء، متهما إياهم بأنهم ســرقوا الــدين، وهم من أوجــدوا الأنظمــة الإقطاعيــة في بلاد الإســلام، فســاهموا بالتالي في سلب المواطن المسلم كل حقوقه، وحرمــوه من أداء

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد116هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الفقه الإسلامي عند الصادق النيهوم، من مسؤولية أداء الشعائر إلى • مسؤولية الأمور الدنيوية

مسؤوليته تجاه نفسه وتجاه مجتمعه. ز موقف النيهوم من علاقة الدين بالإنســان هــو إن الذي يمي تأكيده على ضرورة ربط الفقه الإســلامي بــالأمور الدنيويـة، الــتيــه معيشــة كريمــة، ــراعي تحقيــق مصــلحة الإنســان، وتضــمن ل ت معترضــا بالتــالي على الفقــه الإســلامي التقليــدي، الــذي رأى أنــه أخطـأ في فهم الــدين عنـدما ربطـه بـأمور أخرويـة فقـط، ملزمــا بالتالي الإنسان المسلم بــأداء شــعائر محــددة ليس لهــا ثــواب إلا

الجنة. لقد تبين للنيهوم أن من أهم مظاهر سيطرة السياسة على الدين هو أن المواطن وحده من يطبق قوانين الشريعة، ولا يكون له أي دخل في اختيار حكامه وحكومته، وهذا ما أفرز تاريخيا قيام .سلطة الحاكم، وسقوط حكومة النــاس الــتي دعــا إليهــا الإســلام

كما أن العبـادة الحقيقيـة ليســت في الشـعائر الـتي يـدعونا إليهــا الفقهاء، وإنما في تحقيق العدل والسلام والمصــلحة العامــة، ولن

، الذي تكون«حزب الجامع»تتأتى هذه النتائج العملية إلا بتأسيس مهمته الأولى تحويل يوم الجمعة من موعد للصلاة فقط إلى لقاءــدعونا ــالي ي ــراطي بين المواطــنين المســلمين. وبالت ــوار ديمق ح الــنيهوم إلى ديمقراطيــة اجتماعيــة جديــدة تبــدأ من الجــامع، مــع ضــرورة تحقيــق شــرط مهم، ألا وهــو تحريــر الجــامع من ســلطة الفقيــه؛ لأن المنعــرج الخطــير الــذي حــدث في تــاريخ الفكــر الإســلامي هــو عنــدما ســلب الفقيــه المــواطن المســلم حقه في

الحوار، وأعطى لنفسه دون غيره حق التكلم. يبــدو لنــا أن موقــف الصــادق الــنيهوم من الفقــه الإســلاميره الشديد بالحداثة الغربية، ونمط الحيــاة فيهــا، حتى راجع إلى تأث

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد117هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد بن سباع•

جعلتــه تجربــة الدراســة والعيش في أوروبــا ينظــر إلى الشــعوبر شــيئا. هــذا فــة، ولا تعــرف من التحضــ المســلمة على أنهــا متخل ناهيــك عن أن نقــده للفقــه الإســلامي لم يكن من منطلــق درايــةــل؛ إذ إنــه لم يكن واطلاع، وإنما نظر إلى الفقــه الإســلامي من ع متخصصا في الفقه الإسلامي، وهــذا مــا جعــل من نقــده لــه نقــدا

هداما، لا بناء.

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد118هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

د الديني عقلانية أو عدم عقلانية التعبتقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان

*(*()د. آرش جمشيد پور

ترجمة: وسيم حيدر

ن، والارتبـــاط بين الإيمـــان» إن العلاقـــة بين التعقل والتـــديل ـ من وجهة نظــري ـ د والاستدلال، تمث والعقل، والصلة بين التعب

. (296)«أهم مشاكلنا

مصطفى ملكيان ج مصطفى ملكيان عبر خمس مراحل فكرية. فطبقا لقد تدر

ل إلى1380لما قاله بنفسه: إنه منذ عام ــ هـ.ش فما بعد قد توصــة( ــة والمعنوي ــ )العقلاني ــه بـ ر عن ــا يعب ــواره(297)م ــدأ مش ، حيث ب

ــديني ــوير ال الفكري من الأصولية الإسلامية، ثم التقليدية، إلى التن )أو التجديد الإسلامي(، والوجودية الإلهية، ليصل إلى ما هــو عليــه الآن، حيث أقام على نحو مؤقت في المرحلة الخامسة، التي هي

. إن من الأسئلة الهامة حول انتقال )ملكيان((298)من بنات أفكاره من هــذه المراحــل الفكريـة هــو الســؤال القائــل: مــا الــذي أزعج

، ودفعه ـ بمعزل عن المرحلة الرابعة«التنوير الديني»ملكيان من . إن(299)؟«العقلانيــة المعنوية» ـ نحــو مشــروع «الوجودية الإلهية»

الإجابة عن هذا السؤال هو ما يــدعوه الــدكتور مصــطفى ملكيــان أن»بعدم التناغم بين التعبد الــديني وبين العقلانيـة. يـرى ملكيـان

الغربية من جامعة الشهيد بهشتي. أستاذ جامعي، حائز على شهادة الدكتوراه في الفلسفة)*(*( ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

119هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ــة لا قوام التنوير بالعقلانية، وقوام التدين بالتعبد، والتعبد والعقلانيــوع من ــديني ينطــوي على ن ــوير ال ــإن التن ــالي ف ــان، وبالت يتناغم

ـدـ الــديني(300)«التناقض الداخلي . إن مسألة عدم التناغم بين التعبــة ــروع العقلاني ــة في مش ــاث الرئيس ــد الأبح ــد أح ــة تع والعقلاني والمعنوية، واستدعت إجابات من قبل تيارين في منظومــة الفكــر

. وفي(301)الديني، وهما: تيار الحوزة العلمية؛ وتيار التنــوير الــدينيــه. هذا المقال سنبحث في مدعى الدكتور مصطفى ملكيان، وأدلت والنتيجة التي سوف نصل إليها هي أن الأدلة التي يسوقها ملكيان على إثبات عدم عقلانية التعبد الديني غــير قاطعــة. ومن الواضــح أني لا أرد مدعى ملكيان، غاية ما هنالــك أني لا أرى كفايــة الأدلــة التي يسوقها على هذا المــدعى. وعلى هــذا الأســاس فــإني أبقيــة ــديني والعقلاني دـ ال ـ ــاغم بين التعب ــدم التن ــألة ع ــاب في مس الب مفتوحا، وأكتفي بتقـييم وانتقـاد أدلـةـ ملكيـان فقـط. والمــراد من

هنا ليس مجرد بيان مواطن الإشــكال في رأي الــدكتور«الانتقاد» ملكيان فقط، بل سنعمل في الوقت نفسه على بيان نقاط القوة

في أبحاثه أيضا. ومن الضروري قبل كل شيء التذكير بهذه النقطة، وهي أنـدـ الــديني الدكتور ملكيان قد ذكــر مســألة عــدم التنــاغم بين التعب والعقلانية في مواضــع متعــددة. وقــد ورد ذكــر هــذه المســألة فيفاته ومحاوراتــه وكلماتــه ومقترحاتــه وندواتــه طيف واسع من مؤلــدين ــاحثين والناق ــر على الب ــد الأم ت يعق ــذا التشــت ودروســه. وه لأفكاره. ولســت أدعي أني قــرأت جميــع الأمــور المرتبطــة بهــذهــطفى ــة من كتب مصـ ــراءة خمسـ ــا اكتفيت بقـ ــألة، وإنمـ المسـ

، وبعض كلماته والحــوارات الــتي أجــريت معــه في مــا(302)ملكيان يتعلق بمسألة التعبد والعقلانية. وعليه فإن التفســير الــذي أقدمــه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد120هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

عن موقف الدكتور مصطفى ملكيان يقــوم على ثلاث مجموعــاتــا في فاته، وهي: الكتب، والحوارات، والكلمات التي ألقاه من مؤل

. (303)الأوساط العامة في البداية يجب أن نعمل على تقرير مدعى ملكيان. ويجــدر بنا أن نميز هنا بين مسألتين؛ إذ قد يتم الخلط بينهما، الأمر الــذيــان من حين ب ببعض الغموض والإبهام. يتحدث الدكتور ملكي يتسب

. ويبـدو أن(304)لآخر عن مسألة إثبات )الحجيـة المعرفيـة للـوحي( مراد الدكتور مصطفى ملكيان هو: هــل المســائل المطروحــة في النصوص المقدسة تقدم لنا معرفـة عن عـالم الواقـع أم لا؟ يـرى

تضــع بين»ملكيان أن الحس والعقل والشهود والعلــوم التاريخيــة . في حين أن ســؤال مصــطفى(305)«أيدينا معرفة عن عالم الواقع

هـل يقــدم الـوحي لنـا صـورة معرفيـة عن عـالم»ملكيان يقــول: الواقع؟ إذ لربما عرضـنا الــوحي إلى الــوهم، ولربمــا دفـع بنــا إلى

.(306)«مجرد الخيالات والأوهــام، ولا يقربنــا من الوقــائع قيــد أنملة نوع من»يذهب الدكتور مصطفى ملكيان إلى الاعتقاد بأن الوحي

. وعليـه يمكن طـرح(307)، وأنه من أقسام التجربة الدينية«الشهود تساؤل الدكتور ملكيــان على النحــو التــالي: هــل تحظى التجــارب العرفانيــة أو التجــارب الدينيــة أو التجــارب القائمــة على الكشــف والشهود بالاعتبار المعرفي؟ وهنا يوجد غمــوض؛ إذ يمكن تفســير هذا التساؤل على شــكلين. وعلى أســاس أحــد التفســيرين يمكن بيان السؤال الأول على النحو التــالي: هــل يحظى هــذا النــوع من التجارب بالاعتبار المعرفي لدى أصحاب هذه التجارب أنفسهم أم لا؟ بمعنى: هل يحق للأنبياء والعرفاء ـ من الناحية المعرفيــة ـــ أن يعتمدوا على تجاربهم الدينية ــ العرفانيـة، واعتبـار هـذه التجـارب مخبرة عن الواقـع؟ وهــذا السـؤال يرتبــط بمجــال فلســفة الــدين

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد121هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

وفلســفة العرفــان. وعلى أســاس التفســير الآخــر يقــول الســؤال الثاني: هل تكون تجارب الأنبياء والعرفــاء حجــة على الآخــرين أم لا؟ أرى أن هذين السؤالين مختلفان. فعنــدما نســأل عن عقلانيــةــاء التعبد الديني لا يكون سؤالنا عما إذا كانت التجربة الدينية للأنبي معتبرة بالنسبة إليهم أنفسهم أم لا؟ وإنما السؤال يقــول: هب أنــة، ولكن الأنبياء كانوا على حق في اعتمادهم على تجــاربهم الديني هل يحق للآخــرين، الــذين لم يعيشـوا هـذه التجـارب، أن يعتمـدواــوى ــوا بمحت ــ، ويؤمن ــة ـ ــة المعرفي ــ من الناحي ــاء ـ على كلام الأنبي كشــفهم وشــهودهم؟ وعلى الــرغم من ارتبــاط هــذين الســؤالينـهـ يمكن القــول بوجــود الفــرق بينهمــا. وإن الــدكتور ببعضــهما فإن

ـدـ أن جــل أبحاثــه(308)ملكيان يطرح هــذا الســؤال الأول أحيانــا ، بي تدور حول محور السؤال الثــاني. وأنــا في هــذا المقــال أبحث فيــارة بعض ــال بإث ــة المق ــاني، وســوف أكتفي في نهاي الســؤال الث

المسائل حول السؤال الأول. د الـديني؟ إن»ما هو سبب عدم انســجام العقلانيـة مـع التعب

د د؛ وعليــه فــإن التعب ن بالتعب قوام التنوير بالعقلانيــة، وقــوام التــدي والعقلانية لا يتناغمــان... إن العقلانيــة تقتضـي أنـني إذا ادعيت أن )أ( هي )ب(، وطالبني شخص بالدليل، قلت: إن )أ( هي )ب(؛ لأن

د فهــو أن أقــول:«)أ( هي )ج(، و)ج( هي )ب( . أمــا مقتضــى التعب . ومن الواضــح«إن )أ( هي )ب(؛ لأن فلانا قــال: إن )أ( هي )ب(»

أن هذين النمطين من الاستدلال لا يتطابقان مع بعضهما، فإنــك لا تستطيع أن تدين بدين إلا إذا كنت تــؤمن مطلقــا بكلام شــخص أو

. لقــد(309)«أشــخاص أسســوا لــذلك الــدين، أو كــانوا من أئمتهدــ الــديني»استعملت في هــذا المقــال عبــارة في أكــثر من«التعب

يـأتي من بـاب«التعبد» بعــد «الــديني»موضع. وإن ذكــري لصــفة

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد122هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

في غير الدائرة الدينية أيضا. وسوف«التعبد»إمكان الحديث عن دــ في دــ في مجــال العقائــد الدينيـة يشــبه التعب نـرى أن بنيــة التعبــذي المجالات غير الدينية في الكثير من الجهات. وهذا الأمر هو ال يزيــد من اســتعار جــذوة النقــاش بين الــدكتور مصــطفى ملكيــان

والمخالفين له. ما الذي يمكن لنا قوله في مــورد نقــل الكلام المتقــدم؟ من الواضح أن الدكتور ملكيان يســتعمل العقلانيــة بمعــنى المعياريــة. ومن هنا يندرج بحثه في دائرة أخلاق المعتقد. وطبقا لتعاليم هــذه الــدائرة علينــا أن نــراعي سلســلة من الأصــول والقواعــد في مــا يتعلق بفعــل الإيمــان النفســاني. إن أخلاق المعتقــد تفــرض علينــا وظائف وتكاليف معرفية، ومن بين تلــك الوظــائف أن لا نقبــل أي عقيدة من دون دليل، أو بعبــارة أخــرى ـــ ربمــا كــانت أقــل إثــارةــدو من ــل. يب للجدل ـ: أن لا نقبل بأي أمر غير بديهي من دون دلي كلام مصطفى ملكيان المتقدم أنه يرى أن الإيمان بشيء بلا دليل فعل غير أخلاقي، بمعنى أن القبول بمعتقد من دون دليل عمل لاـدـ أخلاقي، تماما كما هو الكذب بوصفه فعلا غير أخلاقي. وهنــا لا ب

من دراسة مسألتين: دـالمســألة الأولى ــ : هـــل قـــوام التـــدين يكمن في التعب

حقيقة؟ والإجابة عن هذا السؤال رهن بماهيــة المتــدينين المــأخوذين بنظر الاعتبار. فلو أخذنا عرفاء المسلمين بنظــر الاعتبــار ربمــا لم يكن للحديث عن التعبد محل من الإعراب؛ إذ يدعي العرفــاء أنهم من خلال اتباعهم لتعاليم النبي توصلوا إلى تجارب روحية مماثلة، وأنهم قد عاشــوا تجربــة التعــاليم القرآنيــة بأنفســهم. وربمــا قــال شــخص: إن العرفــاء في الحــد الأدنى قــد قبلــوا كلام الأنبيــاء في

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد123هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

بدايـــة الأمـــر من دون دليـــل، ثم حصـــلوا على تلـــك المقامـــاتوالتجارب لاحقا.

وعلى الرغم من صحة هذا الكلام، لا يمكن اعتبــار مثــل هــذا الإيمان عملا غير عقلائي؛ لأننا نرى مــا يماثلــه في غــير المجــالات الدينيــة أيضــا. فعلى ســبيل المثــال: إن الــذين يمارســون عمليــة التحقيق في العلوم التجريبية والطبيعية يؤمنــون في بدايــة الأمــر بالكثير من المعطيات والمعلومــات الــتي يأخــذونها من أســاتذتهم

. كما أن الدكتور مصطفى ملكيان نفسه يذعن(310)أخذ المسلمات لا تعني عــدم التعلم من الآخــرين، وعــدم الجلــوس»بأن العقلانية

بين يــدي الأســاتذة؛ للاســتفادة منهم، وعــدم الاســتعانة بتجــارب . ومن(311)«الآخرين، أو عدم الاهتمــام بمعطيـات العلـوم البشــرية

ــرى ــان ن ناحية أخرى لو نظرنا إلى عامة المتدينين عبر تاريخ الأدي أنهم قد آمنوا بكلام الأنبيــاء بشــكل مطلــق، دون أن يتوصــلوا إلى تجارب مماثلة، وبقوا على إيمــانهم النظــري بتعــاليم الأنبيــاء حتى آخــر لحظــة من حيــاتهم. فمــا الــذي يمكن أن نســتنتجه من هــذا البحث؟ إن النتيجــة الــتي أصــل إليهــا هي أن البنيــة التعبديــة فيـدـ في غــير العقائــد العقائد الدينيــة لا تختلــف كثــيرا عن بنيــة التعب الدينيــة. أجــل، إن العرفــاء في بدايــة ســيرهم وســلوكهم يقبلــونـدـ ـــ كمــا ـدـ أن هــذا الســنخ من التعب بالتعبد بكلمات أئمة الدين، بي

أسلفنا ـ موجود حتى في غير مجالات الدين، مثل: العلم، أيضا. : لو افترضنا أن قــوام الــدين بالنســبة إلىالمسألة الثانية

ــه ليس جميع المتدينين في الحقيقة والواقع إنما يكون بالتعبد، وأنــهود ــف والش ــة الكش ــول إلى مرحل ــه الوص ــدين يمكن ــاك مت هن الشخصي أبدا، فالسؤال الذي يطرح نفسـه في هــذا المقـام هـو:ــل على هل التعبد منحصر بمجال العقائد الدينية فقط؟ وهل نحص

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد124هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

ــدد من ــخص أو ع دـ بكلام ش ـ ــاس التعب ــة على أس ــدنا الديني عقائ الأشخاص الآخرين؟ وهل أن مخزون العقائــد والمتبنيــات العلميــة والتاريخية والرياضية والفلسفية وما إلى ذلك من العلــوم الأخــرى هي بأجمعها حصيلة التحقيق والدراسات الشخصية لنــا؟ هــذه هي المسألة التي تدور حولها عامة أبحاث الــدكتور مصــطفى ملكيــان

ما من المنتسبين إلى الحوزة العلمية. ومخالفيه، ولا سي وحقيقة الأمــر هي أننــا نحصــل على الكثــير من عقائــدنا من طريــق الشــهود، ويصــطلح علمــاء المعرفــة على هــذا النــوع من

. والنقطــة الهامــة(312)«المعرفة من طريــق الشــهادة»المعرفة بـ في البين هي أن المعرفة من طريـق الشــهادة إذا اقـترنت ببعض القيود ستكون مبررة من الناحية المعرفية، ولا يمكن من الناحيــة الأخلاقية مؤاخذة شخص على ما يــؤمن بــه من طريــق الشــهادة.ــبرره يجب في فإذا قبلنا بأن التعبد في غير المجال الديني له ما ي مثل هذه الحالة إعادة النظر في حكم أخلاق الإيمان الذي ذكرناه ـدـا عملا سابقا. إن أخلاق الإيمان لا ترى في القبــول بالمــدعى تعب دــ عملا غير أخلاقي. فإذا لم نعتبر قبول العقائــد على أســاس التعب غير أخلاقي أمكن للمتدين أن يــدعي أن اعتمــاده على كلام أئمــة

الدين هو من سنخ الرجوع إلى المتخصص. إن الدكتور مصطفى ملكيان مدرك لهذه المسألة، وقال في

...إن على الشخص في المجــالات الأخــرى، غــير مجــال»تأييدها: ين في تخصصه، أن يتخذ موقف المتعبد في حضرة جميع المختصــ

. وعليــه يمكن لنــا أن نتســاءل )كمــا تســاءل(313)«تلــك المجــالاتـدـ»ملكيان نفســه ذات الســؤال(: كيــف نقــول من جهــة: إن التعب

بالنسبة إلى الإنسان العصري يعــد عملا غــير مقبــول، ونقــول في الوقت نفسه: إن ضرورات تطور العلوم تلزمنا بأن نتعبد بالرجوع

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد125هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

.(314)«إلى المتخصص؟ يمكن لنا أن نحدس جواب الدكتور ملكيان عن هــذا الســؤال

ر؛»على النحو التالي: ص هــو رجــوع مــبر إن الرجوع إلى المتخصــ : إن الأمــر الــذي يــبيحالطريق الأولوذلك لأحد الطرق التالية:

ص. ص هـو عـرف أصـحاب ذلـك التخصـ لنـا الرجـوع إلى المتخصـ فعندما يجمع كافة علماء الفيزياء على اعتبــار أنشــتاين عالمــا فيــد مجال الفيزياء فإننا إذا رجعنا إليه بدورنا إنما نكون في الواقع ق رجعنا إلى إجماع علماء الفيزياء الذين يعتبرون أنشــتاين فيزيائيــا. يوجد هنــا نــوع من الاتجــاه العــام، والاتجــاه العــام في الكثــير من

:والطريــق الثــانيالموارد ـ ومنها: هذا المورد ـ يبدو مجديا.... ن...؛ وذلــك لأنــه أن نرجــع أحيانــا إلى عــالم في مجــال علمي معي أثبت في مقام العمل أن كل ما قـام بـه على أسـاس علمـه كـاندـ ـ موفقا وناجحا.... وفي هذا الرجوع ليس لدينا تجربة شخصية، بيع بخــبرة شخصــية أن تجارب الآخرين تثبت أن هــذا الشــخص يتمت

: أن نرجع إلى شخص دون أنالطريق الثالثاستثنائية.... وأما ره، ولكننا بعد هذا الرجوع يكون لرجوعنا في الوهلة الأولى ما يبر

را . وعلى هــذا(315)«الأولي ندرك أن رجوعنا إليه كان موفقـا ومــبرص في غــير العقائــد الدينيــة الأســاس فــإن للرجــوع إلى المتخصــ

شروطا لا تتوفر في مجال التعبد الديني. فهل الأمر كذلك حقا؟

لنبدأ قبــل كــل شــيء من الطريــق الأول. إننــا نــؤمن بــالآراءــاء ــائر علم ــتاين(؛ لأن س ـرـت أنش ــ )ألب ــة لـ ــات الفيزيائي والنظري الفيزيــاء يعــترفون بأنــه مرجــع بــارز في علم الفيزيــاء. وعليــه ألاـدـوا بكلام أئمــة يمكن للمتدينين العاديين أن يقولــوا: إنهم إنمــا تعبرــين قــد اعــترفوا الدين؛ لأن الكثير من العرفاء والفلاسفة والمفك

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد126هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

بأن هؤلاء الأئمة في الدين يمثلون مرجعية هامة وبارزة في مجال ــا الأمور الروحانية؟ يمكن لنا أن نأخذ ـ على سبيل المثال ـ شخصد بكلام النــبي؛ لأنـه وجــد الكثـير من أصـحاب البصــائر مسلما يتعب الثاقبة، من أمثال: مولانا جلال الدين الرومي، ومحــيي الــدين ابن عربي، وصدر المتــألهين، وشــيخ الإشــراق الســهروردي، ومنصــور الحلاج، وبايزيــد البســطامي، وعين القضــاة، والكثــير غــيرهم، قــد اعتبروه مرجعا موثوقا، ويعترفون بقدره وقيمته، أو صــحة كشــفه وشهوده. فهل هناك بين هذين السنخين من الإيمان بكلام ألــبرت أنشتاين والنبي فجوة لا يمكن سدها؟ وما هو الفرق بين أن نؤمنــه، وبين الإيمــان ــائيين ب بكلام أنشــتاين، اعتمــادا على ثقــة الفيزي بكلام النــبي، اعتمــادا على ثقــة هــذا العــدد الكبــير من الفلاســفة

والمتكلمين والمفكرين به؟ ولو قــال شــخص: ليس جميــع العرفــاء في التــاريخ يؤمنــون بشأن ومنزلة النبي الأكرم، قلنا له في المقابل: وهل جميع علماء الفيزيـاء يؤمنـون بجميـع آراء ونظريـات ألـبرت أنشـتاين في علم الفيزياء؟! يضاف إلى ذلك أننا إذا رجعنا إلى العلوم الأخــرى ـــ ولاما العلوم الإنسانية ـ سوف نجــد أن دائــرة الاختلاف والتفــاوت سي بين التعبد في الدائرة الدينية والدائرة غــير الدينيــة ســوف تضــيق أكثر. فعلى سبيل المثـال: هنـاك الكثـير من علمـاء النفس الـذيندــ( والفرويــديين في يؤمنون تعبدا بآراء ونظريات )ســيغموند فرويــاء ــ ــع العلم ــ ــني أن جمي ــ ــذا لا يع ــ ــال علم النفس، ولكن ه ــ مج والمختصين في علم النفس طوال القرن المنصرم كــانوا يقبلــون

.(316)بآراء فرويد ونظرياته في هذا المجالــدائرة دـ في ال ـ ــاوت بين التعب ــور تثبت أن التف ــذه الأم إن ه الدينية والتعبد في غـير الـدائرة الدينيـة ليس بهـذا الحجم الكبـير،

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد127هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

كما يبدو. كما يمكن لنا أن نذكر ذات هذا الشيء بالنسبة إلى الطريــق الثاني أيضا. ألا يمكن للمتــدينين الادعــاء بــأن تجــارب المتقــدمين منهم تثبت إمكانية الإيمان بتعاليم إمام الدين على أساس التعبد؟ لنتصور مرة أخرى ـ مثلا ـــ مســلما يصــل من خلال التعويــل علىــدين ــال: جلال ال ــخاص من أمث ــة لأش ــة والأخلاقي ــاة الروحي الحي الرومي، ومنصور الحلاج، وعين القضــاة، وســائر العرفــاء وعلمــاءــك إلى نتيجــة ــة، يصــل من خلال ذل الأخلاق في العصــور المتقدم

مفادها إمكان الاعتماد على تعاليم النبي الأكرم. وطبقا للطريق الثــالث يمكن للمتــدينين الادعــاء بــأنهم حيث التزموا بالتعاليم الاعتقادية والأخلاقية لأئمة الدين فــإنهم يعيشــون

تجربة آثار هذا الالتزام والتعهد بالحياة الروحية ـ الدينية أيضا. يبدو أن الشروط التي يفترضــها ملكيـان في تجــويز الرجــوع

إلى المتخصص متوفرة في دائرة التعبد الديني أيضا. بيد أن هذا الأمر لا يمثل نهاية للمطاف؛ إذ هناك أدلة أخــرى لدى الأستاذ ملكيان أيضا. ومن بين الأدلــة الكثــيرة والهامــة الــتيـدـ الــديني: إننــا لا يســوقها ملكيــان في إثبــات عــدم عقلانيــة التعبةــ قبــل المــوت. وإن نستطيع أن نحــرز صــحة بعض العقائــد الديني الإيمان بالمعاد وعالم ما بعــد المــوت في الأديـان الإبراهيميـة هــوــراد الأســتاذ ــدات. إن م ــوع من المعتق ــذا الن من بين مصــاديق ه ملكيان من هذا الكلام هو أننــا في مــا يتعلق بــالأمور غــير الدينيــةــه من خلال عندما نرجع إلى المختص يمكن لنا أن ندرك صحة رأياــ في الآثار المترتبة على رأيه. فإننا ـ على سبيل المثــال ـــ وإن كن بداية الأمر نؤمن بكلام الأطباء تعبدا، ولكن عندما نستعيد عافيتنــا ونبرأ من المــرض بعــد تنــاول الــدواء نحــرز صــحة رأيهم في هــذا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد128هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

العــالم. ومن الواضــح أن مثــل هــذا الأمــر لا يصــدق على الإيمــان بالمعاد وعالم ما بعــد المــوت، فإننــا من خلال الاعتمــاد على كلام الأنبياء لا نستطيع الوصول إلى صحة آرائهم في هــذه الــدنيا أبــدا،ت من صحة كلام الأنبياء عنــدما تقــوم القيامــة وإنما يمكن لنا التثب

في العالم الآخر. ـدـ في الأمــور ق بين التعب وعلى هذا الأساس فإن ملكيان يفر الدينية والتعبد في غير الأمور الدينية؛ فالأول من وجهة نظره غير

عقلاني؛ وأما الثاني فهو عقلاني. ولكن توجــد هنــا بعض النقــاط الجــديرة بالتأمل. يبــدو أنـدـ الــديني الأمثلــة الــتي يســوقها ملكيــان لإثبــات الفــرق بين التعب والتعبد غير الـديني أمثلـة انتقائيـة. ولا بـأس بـذكر مثـال لتوضـيح الأمر. لنفــترض أن شخصــا لا يمتلــك أي اســتعداد لفهم المســائل الفيزيائية، كما أنه لا يمتلك حتى معلومات بسيطة ومستهلكة فيــه هذا العلم، ثم يذهب إلى متخصص بارز في الفيزياء، ويطلب من أن يشــرح لــه نظريــة النســبية العامــة والخاصــة. من الواضــح أن جهــود هــذا الفيزيــائي في إفهــام معــنى النظريــات النســبية لهــذا الشخص ستبوء بالفشل. ومن الواضح أن هذا الشخص لن يتمكنــدها يمكن من فهم هذه النظريات حتى آخر لحظة من حياته. وعن لهذا الشخص أن يقــوم بأحــد أمــرين؛ فإمــا أن يتخلى عن جهــودهــو افترضــنا أن في فهم النظرية النسبية؛ أو أن يؤمن بها تعبدا. ولــه ــبر إيمان ــبية لا يمكن أن نعت ــة النس ــخص آمن بالنظري ــذا الش هــدـي عملا غـــير عقلاني، حتى إذا بقي على جهلـــه بالنظريـــة التعب

النسبية إلى آخر حياته. ــاء في بعض ــدقوا بكلام الأنبي ــدينين إذا ص ــإن المت ــذا ف وهكن صــدقها قبــل المــوت، لا يمكن الموارد، دون أن يتمكنوا من تــبي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد129هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

القول بأن تعبدهم غير عقلاني. ثم إنه يمكن أن نفترض متــدينا لم يتوصل إلى نتيجة حاسمة بشأن الإيمان باليوم الآخــر، يمكن لهــذا أن يعلق الحكم أو يؤمن بوجود اليوم الآخر والقيامــة بعــد المــوت تعبدا. فهل إذا آمن باليوم الآخر في مثل هذه الحالة يكــون عملــه غير عقلاني؟ يبـدو أنـه طبقــا لآراء ملكيـان نفســه لا يمكن اعتبـار الإيمان بوجود الآخرة تعبدا في مثل هذه الحالة عملا غير عقلائي.

،(317)يرى الأستاذ ملكيان أننا عنــدما نتعــاطى مــع مــورد لا عقلاني يجب علينــا»بحيث يتساوى هو ونقيضه من حيث النفي والإثبــات،

الإيمــان بتلــك القضــية الــتي تكــون الآثــار والنتــائج المترتبــة علىــا من«الاعتقاد بها أكثر ضمانا وتلبية لسلامتنا النفسية ، بمعــنى أنن

ــة المعرفية(318)الناحية الواقعية ـ(319) ـ أو بعبارة أخرى: من الناحيدـ أننـا هــذه لا يمكن لنـا الانحيـاز إلى أي واحـدة من القضـيتين. بي

، وبرؤيــة(320)المـــرة ننظــر إلى القضـــية بشـــيء من البراغماتية ذرائعية تبحث في الآثـار المترتبـة على الإيمــان بهــا على مســتوىــتي تضــمن ســلامتنا ــك القضــية ال ــار تل الســلامة النفســية، فنخت الروحية والنفسية بشــكل أكــبر. وهــذا الأمــر لا يحــدث في الــدين والمذهب فقط. فعلى سبيل المثال: ما هــو الــدليل الــذي تمتلكــه على إثبات أن العالم الخارجي مستقل عن ذهنــك ونفســك؟ ليســل على أن ــاك أي دلي هناك أي دليل على ذلك. كما أنه لا يوجد هن عن ذهنــك ونفســك. ومــع ذلــك هذا العالم الخارجي ليس مستقلا عن ذهنــك ونفســك ســتجد عندما تعتبر العــالم الخــارجي مســتقلا ذلــك أضــمن لســلامتك الروحيــة والنفســية. وهنــا يــأتي دور بحث ملاكات سلامة النفس والـروح، وســيتخذ البحث من الآن فصـاعدا

(321)«منحى نفسيا، ومنحى إنسانيا . وعلى هذا الأساس، فإنه طبقا لرأي الأستاذ مصطفى ملكيــان نفســه لن يكــون الإيمــان باللــه أو

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد130هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

الآخرة ـ شريطة أن يضمن لنا سلامتنا الروحيــة والنفســية ـــ عملاغير معقول.

تتخذ انتقادات الأستاذ ملكيان ـ من حين لآخــر ـــ شــكلا آخــرــا على ــديهم دليلا عقلي ــان: إن ل ــالفون لملكي ــول المخ ــا. يق أيض

ــه: ـدـهم. ويجيب الأســتاذ ملكيــان عن ذلــك بقول : هــاتواأولا»تعبــاص. دليلكم العقلي على التعبد بشــخص خ ـدـ إذاوثانيا : إن التعب .(322)«استند إلى دليل سوف يخرج عن كونه تعبدا

ولنتجاوز الآن النقطة الثانيــة؛ لكونهــا أشــبه بــالنزاع اللفظيـدـ أو الذي لا ينطوي على أهميــة كبــيرة؛ إذ إن إطلاق عنــوان التعب

التعقل على التعبد المستند إلى الدليل لن يغير شيئا.ــا مــا هــو أما الدليل الأول لملكيان فإنه مثير للتأمل جدا. حق الدليل على التعبد بشخص خاص؟ في الحقيقة إن الأستاذ ملكيانـدـهم بشــخص بعينــه. يطــالب خصــومه بــأن يــأتوا بــدليل على تعبدـ. وإن ـ ــذا التعب ــل ه ةـ على مث ــون أدلـ ــدورهم يمتلك ــومه ب وخص التمسك بوحيانية تجربــة الأنبيــاء، والتشــبث بــالمعجزات الصــادرة

على الأنبياء، من بين الأدلة التي يسوقونها على التعبد بالأنبياء. ملاك»يبحث الأستاذ مصطفى ملكيان، في مقال له بعنوان:

، في ملاكات تمييز الدين الحق من الدين الباطل.«أحقية كل دين إن ذكر جميــع المســائل المتعلقــة بمقــال الأســتاذ ملكيــان تطيــل البحث دون طائل، ولــذلك ســأكتفي بالإشــارة إلى إحــدى النقــاط الهامــة. فكمــا تقــدم أن ذكرنـا إن أحــد أهم أدلـة خصــوم ملكيـانــتي لتبرير التعبد بشخص هو التمسك بالمعاجز. ومن بين الأمور ال يذكرها الأستاذ ملكيان في مقاله أن الكرامة والموهبة والفيض أو

دليلا على صــدق أحكــام»الاستعدادات الربانية لا يمكنها أن تكون . (323)«وتعاليم الدين

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد131هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

يقول الأستاذ مصطفى ملكيان: لا بد أن يكون هناك نوع من التناسب بين الدليل والمدعى. وهنــا يــذكر الأســتاذ ملكيــان مثالــه

إن الذي يدعي أن مجمــوع زوايــا المثلث تعــدل»البديع؛ إذ يقول: درجة لن يستطيع إثبات ذلك من خلال حمــل سلســلة جبــال180

ــا نســتطيع أن الهمالايا وإرسالها إلى أمريكا اللاتينية؛ إذ إن غاية م نفهمه من ذلك هو أن لديــه قــدرة خارقــة أو علمــا يســتطيع معــهــيره أن ــز، الـــذي لا يمكن لغـ ــر المعجـ ــذا الأمـ ــتراح مثـــل هـ اجـ

ــوتى ـ(324)«يفعله . وعلى هذا الأساس فإن فلق البحر أو إحياء المعلى فرض تحققه ـ لا يثبت أحقية تعاليم الشخص.

ــد ــدعو إلى التأمل. ولكن ق ــان ي ــتاذ ملكي ــتدلال الأس إن اس يمكن للمتدينين أن يأتوا بتوضيح معقول في هذا الشــأن؛ إذ يمكن لهم أن يدعوا أن اجتراح مثل هــذه الأمــور الخارقــة لا تحصــل في التاريخ إلا نادرا، ولذلك يجب في بيــان أســباب حــدوث مثــل هــذه الأمور أن نفترض أن الذين يستطيعون اجتراح مثل هذه الخــوارق مسددون ومؤيدون بنصر اللــه. لا أقــول: إن هــذا الكلام يمكن لــه أن يكون جوابا مقنعا عن إشكال الأستاذ مصطفى ملكيان، إلا أنهــداث ــذه الأح ــل ه ــان لمث ــير بي ــدعوا أن خ ــدينين أن ي يمكن للمتك بالمــدد أو النصــر الإلهي. ومن ناحيــة أخــرى الخارقة هو التمســ فإن التعبد في غير الأمور الدينيـة هـو من هـذا القبيـل أيضـا. فلـو تســاءلنا: لمــاذا يجب الاعتمــاد والتعويــل على إجمــاع العلمــاء في مجال علمي بعينه؟ قـد يكـون الجــواب: إن العلمـاء المتخصصـينــاتهم في ذلك العلم قد أفنوا سنين طويلة من حياتهم، وأوقفوا حي على البحث والتحقيق في مسائل ذلك العلم، وعليــه تكــون نتــائج تحقيقهم موثوقة، ويمكن الاعتماد عليها. فهنا أيضا لا يوجد تناسب متين بين المدعى العلمي الخاص وأدلتنا على الإيمان والقبول به.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد132هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

خلاصة الكلام إن انتقادات الأستاذ ملكيان بشأن عقلانية التعبد الديني قوية وجادة. بيد أنه يمكن القول في الوقت نفســه: إن الإجابــات الــتي يقدمها خصومه مقنعة إلى حد ما. إن بعض أدلة الأستاذ مصطفى ملكيان تبدو للوهلة الأولى حاسمة، وتحمل معها فصــل الخطــاب، ولكن يمكن في المقابـــل تصـــور إجابـــات لا تخلـــو من القـــوة

الاستدلالية.وعلى أي حال يبدو أن ملف البحث يبقى مفتوحا على حاله.ــان وربما كانت النقطة الرئيسة في إجابات المخالفين لملكي تكمن في أن صيغة وبنية التعبد في الأمــور الدينيــة لا يختلــف عن بنية التعبد في غير الأمور الدينيــة كثــيرا، وإن الاختلافــات القائمــة

بين هذين التعبدين لا يضر بعقلانية التعبد الديني. ولو نظرنا إلى نقاش الطرفين بنظرة حيادية ومتجــردة يبــدو أن الكفة لا تميل لصالح أحد الطرفين. ولا بأس هنا بإعادة النقطة المنطقية التي افتتحنا بها هــذا المقــال، وهي أني قــد استعرضــت الأدلة التي أقامها الأستاذ ملكيان على مدعاه، واستنتجت أن هذه الأدلــة ليســت قاطعــة، كمــا يبــدو. ولكن كمــا نعلم فــإن رد أدلــة المـــدعى لا يمكنـــه أن يـــرد ذات المـــدعى. فلكي نثبت بطلان المدعى من الضروري أن نثبت نقيض المدعى. وأنا لم أتعرض إلافاته وحواراته وكلماته العامة، إلى رد أدلة الأستاذ ملكيان في مؤلــدـ الـــديني وتـــركت ملـــف البحث في مســـألة التنـــافي بين التعب

والعقلانية مفتوحا. وفي الختام لا بد من التذكير ببعض النقاط:

: لا شك في أن جميع المسائل التي أثارهــاالنقطة الأولى

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد133هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ـدـ الأســتاذ ملكيــان في بــاب عــدم الانســجام بين العقلانيــة والتعبــديني دقيقــة، وتــدعو إلى التأمــل. لقــد فتح الأســتاذ مصــطفى ال ملكيــان من خلال أســئلته الجديــدة وإثاراتــه الفكريــة أعيننــا على آفاق جديدة. إن مفهوم التعبد يعد اليوم واحــدا من أهم المســائل النظرية والعمليــة. وقــد تحــدث )هانــا آرنت( في بعض كتاباتــه أنــائص القضاء على جميع أنواع التعبد التقليدي يعد واحدا من الخص

(325)المبهرة للعالم الحــديث ل تحــديا كبــيرا ـدـ تمث . إن مســألة التعب لعلمــاء المعرفــة وفلاســفة السياســة، فقــد أخــذ علمــاء المعرفــة

،(326)يواجهون البعد الاجتماعي لمسار المعرفــة أكــثر من ذي قبل وبـــدأ الليـــبراليون من فلاســـفة السياســـة يســـعون للـــدفاع عن

. لقــد(327)مشروعية الحاكمية السياســية في مواجهــة الفوضــويين تسبب الاستقلال الــذاتي، والمطالبــة بالمســاواة، بمعضــلة كبــيرةــح أن ــة. ومن الواض ــية التقليدي ــة والسياس ــات المعرفي للمؤسس المجتمع الذي تعمـل فيـه المؤسسـات غـير الجماهيريـة )أي تلـك التي لا تخضع للرقابة، ولا تتحمل المسؤولية( على انتهاك الحقوق السياســية للنــاس، وتقضــي على كافــة فــرص التنميــة السياســيةـدـ ـــ ســواء على المســتوى والاقتصادية، تكتسب فيه مســألة التعب المعرفي أو السياسي ـــ أهميــة مضــاعفة. إن جانبــا من مشــاكلناــاتج عن أن بعض الأشــخاص والمؤسســات تطــالب ــة ن الاجتماعي بتعبد لا يحظى بأي مكانة في ذهن العاملين في الوســط الثقــافيفنــا ـــ من الحديث. وللإنصاف فــإن الأســتاذ ملكيــان هــو الــذي عر خلال إثارته للأسئلة الناظرة إلى الحجية المعرفية للوحي، والقول بعدم التناغم بين العقلانية والتعبد الديني ـ إلى أحــد أهم الأبحــاث النظرية والسياسية الحديثة. وقد لا تكون إجاباتنا عن تلك الأسئلة هي ذات إجابات الأستاذ ملكيان عنها، بيد أن الأمــر الــذي لا يمكن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد134هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

ــر إلى ــتطيع النظ ــاره لا نس ــق في آث ــد التعم ــا بع ــو أنن ــاره ه إنك المسائل بنفس النظرة القديمة. ومن هذه الناحيــة فــإن الأبحــاث المتنوعة الــتي يثيرهــا الأســتاذ ملكيــان ترفــع من مســتوى البحث والتأمل النقدي في مجال المسائل المعرفية والدينية إلى الحــدود

القصوى. ــانالنقطة الأخرى : إن النقاش والبحث بين الأســتاذ ملكي

وخصومه من الحوزويين نقاش غــير متكــافئ. ولســنا نــرى حاجــةــ لا إلى القول بأن الأستاذ ملكيان ـ لأسباب لا تخفى على اللبيب ـ يستطيع الإدلاء بكــل مــا يجــول في ذهنــه، خلافــا لخصــومه الــذينــا ــل م ــة، يســمح لهم بقــول ك ــير من الحري ــامش كب ــون به ع يتمت يريدون. إن الأمر بين ملكيان وخصومه من هذه الناحية يشبه إلى حد كبير منافسة في مباراة بين فريقين لكرة القدم، يســمح فيهــا لأعضاء أحد الفــريقين باســتعمال أيــديهم مــع أرجلهم، في حين لا يسمح لأعضاء الفريق الآخر باستخدام أيديهم. ومثل هــذا الامتيــاز هو الذي حرم منه الأستاذ ملكيــان، دون خصــومه. إن هــذا البحث والحوار غير المتكافئ، الــذي هــو نتــاج الفضــاء الفكــري المغلــق، ينتهك قواعد اللعبة، ويســدل الســتار دون مواصــلة الحــوار الحــر. ومن هنا فإن البرم والشكوى الصادرة عن الأستاذ ملكيان بقولــه:

لهــا مــا«إن البحث والتحقيــق الفلســفي لا ينســجم مــع التكفــير»رهـــا. وعليـــه نأمـــل من الـــذين يـــدعون الآخـــرين إلى البحث يبر والنقاش أن يعملوا على منح خصومهم فرصة متكافئــة من حريــة

التعبير، وهامشا واسعا في الحوار. ــة»وفي الختام لا بد من الإشارة إلى نقطة في مجال الحجي

. سبق لنا أن ذكرنــا أن هــذه المســألة هي غــير«المعرفية للوحيــاط بين مسألة عقلانية التعبد الديني. فعلى الرغم من وجود الارتب

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد135هـ1439م ـ 2018شتاء

آرش جمشيد پور• د.

ــدو لي هاتين المسألتين، بيد أن بالإمكان التفكيك بينهما. والذي يب هو أن النقطة الرئيسة في الأبحاث التي يطرحها الأســتاذ ملكيــان تكمن في البحث عن الحجية المعرفية للــوحي؛ إذ إن الــذي ينكــر الحجية المعرفية للوحي ـ أو يشــكك فيهــا على أحســن التقــادير ـ

تكون مسألة التعبد الديني مرتفعة بالنسبة إليه من تلقائها. وربما أمكن تبــويب مســألة الأســتاذ مصــطفى ملكيــان على

ما الذي تعنيه النصوص الدينية المقدســة المجــردة»النحو التالي: ـدـ؟ ومــا هي منزلتهــا وآليتهــا؟ ك في أن الأســتاذ«عن التعب . لا شــ

فاته العديد من الأسئلة الجــادة في مصفى ملكيان قد أثار في مؤلهذا الشأن. إن الأسئلة الثلاثة التي يثيرها الأستاذ ملكيان، وهي:

أـ الحجية المعرفية للوحي. ب ـ وثاقة النصوص الدينية المقدسة من الناحية التاريخية.

ج ـ المنهجيــة والاعتبــار الهرمــنيوطيقي لتفســيرنا للنصــوص. (328)المقدسة

ــع على ــذي لم يطل ــة جــدا. ومن ذا ال هي من الأســئلة الهام الأبحاث الجديدة في هذا المجــال، ولا يــدري أن دراســاتنا الدينيــة في هذه المحاور الثلاثة لا تعدو أن تكون مجــرد شــكليات بحتــة؟! والــذي يبـدو أن هــذه المســائل الثلاث هي الــتي أوصـلت الأســتاذـدـ ملكيــان إلى مــا هــو عليــه الآن، وليس البحث في عقلانيــة التعب

هـ المـــرتبطين بـ ــ ضـــرورات البحث»الـــديني. وإن دراســـة لقاءيــرآني ــول المعنوية» و«الق ــتفهامات ح ــلط«اس ــا أن تس يمكن له

ضوءا كاشفا من هذه الناحية. وأرى أن على الراغبين في الاطلاع على مشروع العقلانية والمعنويـة، وعلى الشــغوفين بتيـار التنـوير الديني، أن يتابعوا البحث بشأن المسائل الثلاث المتقدمــة بشــكل جاد؛ إذ يمكن لهذا المشروع التحقيقي أن ينطوي على الكثـير من

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد136هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

عقلانية أو عدم عقلانية التعبد الديني، تقييم نقدي لأدلة مصطفى ملكيان•

.(329)الثمار النظرية والعلمية

الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد137هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

أصول الفقه المقارنمحاولة للتأصيل النظري

ن *(*()الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

عــرف العلمــاء المســلمون قــديما الدراســات المقارنــة فيــتراث ع لل ــالمتتب ــة؛ ف ــتوى الممارس ــلامية على مس ــوم الإس العل الإسلامي منذ بداياتــه ســيلاحظ هــذا الأمــر، ولــو بصــورته وشــكله البســيطين. وقــد شــملت هــذه المقارنــة علومــا متعــددة، كالفقــه

وأصوله، وتفسير وعلوم القرآن، وعلوم الحديث، وغيرها.ل ولكن على مستوى النظرية لم نجد بحوثا تحــاول أن تؤصــــوابط للبحث المقارن في العلوم الإسلامية؛ لتعطي المعايير والضــديها، والأطر للبحث المقارن، حتى يسير الباحث والطالب على ه

كسيره في البحوث غير المقارنة. ففي مجال علم أصول الفقه ـ وبعــد متابعــة متواضــعة ـــ لم أجد عند الإمامية، على سبيل المثال، محاولات للتأصــيل النظــري للبحث الأصولي المقارن، ســوى بعض التجــارب، والــتي تتصــدرها تجربة السيد محمد تقي الحكيم، في كتابه المهم )الأصول العامــة للفقه المقارن(، الــذي كــان حصــيلة محاضــرات كــان الحكيم قــدــافة إلى ــف، بالإض ــه في النج ــة الفق ــه في كلي ــا على طلاب ألقاه

تجارب ومحاولات أخرى لا تتعدى هذه التجربة الرائدة.ــة عي أي محاول أما في الوسط السني فلم أجد في حدود تتب تأصيلية نظرية لهذا الفــرع من أصـول الفقــه، وخصوصـا بـالمعنى

أستاذ في الحوزة العلمية، من المملكة العربية السعودية.)*( *( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد138

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

الذي نقصده هنا، على ما سيأتيك لاحقا بحول الله تعالى. في هـــذه الأوراق الماثلـــة أحـــاول أن أتقمص دور البـــاحث الأصــولي المقــارن؛ للتأصــيل النظــري لأصــول الفقــه المقــارن؛ لأساهم في وضع الأطر العامة لهذا الفــرع المهم من علم أصــول

الفقه.وسيتم البحث من خلال المحاول التالية:

ـ تمهيد حول فلسفة أصول الفقه المقارن.1ـ التعريف والهوية.2ـ الموضوع ومحور البحث.3ـ الغايات، والفوائد.4ـ بين أصول الفقه المذهبي والمقارن والعام.5

ـ تمهيد حول فلسفة أصول الفقه المقارن1 بداية، وقبل الدخول في هــذه المقــدمات التمهيديــة لأصــول الفقــه المقــارن، ينبغي مواجهــة ســؤال أساســي في إطــار هــذا البحث، من شأنه أن يشرعن أصل دخولنا في بحث بعنوان أصول الفقه القارن، وهذا الســؤال هــو: هــل توجــد حاجــة لبحث بعنــوان

أصول الفقه المقارن؟فها ضــمن ـةـ يمكن أن نصــن وبتعبير آخر: هل توجد مادة علمي زاوية ورؤية محددة يطلق عليها اسم أصــول الفقــه المقــارن؟ ثم

إن كانت لماذا وجد؟ وإن لم تكن هل ينبغي أن توجد؟ـدـ من وبغية الإجابة عن هذا الســؤال الأساســي وفروعــه لا ب النظــرة التحليليــة إلى موضــوع علم أصــول الفقــه الموجــود بينضــح أيدينا، ومحاولة فــرز مســائله أو موضــوعاته الجزئيــة؛ حتى يت

المشهد كاملا.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد139هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ه إلى أن الحــديث والبحث أعم من إطــاره ـدـ من التنب هنا لا ب المذهبي الخاص، إنما هو شامل لعلم أصول الفقه عند المسلمينس جميعا، سنة وشــيعة؛ من أجــل التعــرف على الأفــق الــذي أســ

عليه علماء المسلمين علم أصول الفقه الذي بين أيدينا. وســـيكون تركيزنـــا على المـــذهب الإمـــامي من المـــذاهب الشــيعية، وعلى الجــامع المشــترك بين المــذاهب الســنية، إلا في

بعض الحالات التي قد نضطر إلى التفصيل بينها.ــتويين: ــم البحث على مس ــتوىالأولوسينقس : على المس

: المستوى التطبيقي.والآخرالنظري؛

أولا: موضوع علم أصول الفقه في مستواه النظريــ في الجــانب الإمــامي1 ــاـ ــد رض ــيخ محم ــدد الش : يح

هـ( مثلا موضوع علم الأصول بقوله: )إن هذا العلم1380المظفر) غير متكفل للبحث عن موضوع خــاص، بــل يبحث عن موضـوعات شتى، تشترك كلها في غرضــنا المهم منــه، وهــو اســتنباط الحكم

هـــ( إلى أن1400، كما يذهب السيد الشهيد الصدر)(330)الشرعي(.(331)موضوعه )الأدلة المشتركة في الاستدلال الفقهي(

فقــا ـ هذان أنموذجان لتحديــد موضــوع علم الأصـول. وقــد ات كما نرى ـ على تحديده في مركز واحد، وهو )الأدلـةـ المشــتركة(.دا هذه الأدلة بالــدائرة المذهبيــة والملاحظ فيهما أيضا أنهما لم يقيفق عليهــا والمختلــف الخاصة، إنما أطلقا الأدلة لتشمل الأدلة المتتــرقب منــه فيها، ليكون أصول الفقه شــاملا لكــل دليــل ومصــدر ي إنتاج حكم شرعي. فموضوع علم الأصول كما يشمل البحث حول حجيــة القــرآن والســنة النبويـة، يشــمل أيضــا البحث حــول حجيـة المصـــالح المرســـلة ومقاصـــد الشـــريعة، الـــتي هي من الأدلـــة

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد140هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المبحوث فيها عند المــذاهب الســنية. فعلم الأصــول بحســب هــذا التحديد لموضوعه محايـد من الجهــة المذهبيــة، فلا يعنيــه الانتمــاءــروعية المذهبي للدليل والمصدر، إنما عمدة البحث فيه حول مشب مــا تقــوده أدوات الرجوع إليــه، واعتمــاده في الاســتنباط، حســ

البحث العلمي المعتمدة.ــ(،1231ولهذا نقد أعلام الأصول الإمامي المحقق القمي) هـ

وغيره من الذين قصروا الأدلة التي يبحثها علم الأصول بمجموعةة، كالأدلــة الأربعــة. قــال في )القــوانين(: )أدلـةـ ـةـ الخاصــ من الأدل الفقه هي الكتاب والسنة والإجماع والعقل. وأما الاستصحاب فإن أخذ من الأخبار فيدخل في الســنة، وإلا فيــدخل في العقــل. وأمــا

.(332)القياس فليس من مذهبنا( : قد حدد موضوعه الشيخ محمــدـ وفي الجانب السني2

ــة(1421العثيمين) .(333)هـ( بقوله: )يبحث عن أدلة الفقــه الإجمالي هـ( بـ )الأدلة الشرعية الكلية1436وحدده الدكتور وهبة الزحيلي)

ــام الشــرعية من من حيث ما يثبت بها من الأحكام الكلية، والأحك هـــ(1435. والــدكتور عبـد الكـريم النملـة)(334)حيث ثبوتها بالأدلة(

يقول في تحديد موضوعه: )الأدلة الإجمالية الموصلة إلى الأحكام الشرعية العملية وأقسامها واختلاف مراتبها وكيفية أخــذ الأحكــام

. والملاحظ، وبشكل واضح، أنها كلها(335)الشرعية على وجه كلي( أيضا لم تحد الأدلة التي يبحث عنها أصول الفقه في دائرة معينــة، بــل أطلقت في التحديــد لكــل مــا يمكن أن ينتج أحكامــا شــرعية، سواء كانت هذه الأدلة من الأدلة المعتــبرة في الوســط الأصــولي السني أو خارج هذه الدائرة المذهبية الخاصة، لتشمل حتى الأدلة

المعتبرة عند المذاهب الإسلامية الأخرى. إذن، على المســـتوى النظـــري يتنـــاول علم أصـــول الفقـــه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد141هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الإســلامي كــل الأدلـةـ والمصــادر الــتي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شرعية، ولا فرق بين هذه الأدلة والمصــادر في انتمائهــا المــذهبي الخاص. ووفقا لهــذه التحديــدات لــدائرة علم أصــول الفقــه ينبغي على الأصولي أن يتناول في بحثــه عن الحجيــة والمشــروعية كــل

تلك الأدلة المنتجة أو المترقب إنتاجها للحكم الشرعي.ــه هذا كله في الجانب النظري الذي حدده علماء أصول الفق

الإسلامي.

ثانيا: موضوع علم أصول الفقه على مستواه التطبيقيع كتب أصول الفقه والمقصود من هذه الخطوة الثانية هو تتب والمدونات الأصولية، وتحديد الأدلـةـ والمصــادر الــتي بحث أصــولــا، وإلى أي الفقه الإمامي والسني حجيتها ومشروعية الرجوع إليه مدى تطــابق تحديــدهم النظــري لموضــوع علم أصــول الفقــه مــع

البحوث التي تناولوها في كتبهم ومدوناتهم.ــاـ في المدونات الأصولية الشيعية الإمامية1 : يمكننـ

ملاحظة المشهد بتجزئته إلى جزءين: : الملاحــظ في المــدونات الأصــولية الإماميــةالجــزء الأول

الأولى الحضور البــارز للبحث في حجيــة بعض المصــادر الخلافيــةــاس؛ التي يترقب إنتاجها للحكم الشرعي، وبالتحديد موضــوع القي فنجد البحوث حول حجية القرآن والسنة والإجماع وبجانبها البحث حول القياس. ففي كتاب )الذريعة إلى أصــول الشــرعية(، للســيد

هـ(، باب بعنــوان: )الكلام في القيــاس ومــا يقابلــه436المرتضى) . وكذلك في كتاب )العدة في أصول الفقه(، للشيخ(336)ويلحق به(

ــي) ــوان: )الكلام في460الطوس ــا بعن ــر باب ــو الآخ ــد ه ــ(، عق هـ هـــ(676. وكذلك من جاء بعــدهما، كــالمحقق الحلي)(337)القياس(

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد142هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

هـ( في كتابه726، والعلامة الحلي)(338)في كتابه )معارج الأصول(101، إلى الشــيخ حســن)(339))مبادئ الوصــول إلى علم الأصــول(

.(340)هـ( في كتابه )معالم الدين وملاذ المجتهدين(1ــتزام ـ فإلى بدايات القرن الحادي عشر كان هناك توافق وال ولو في الحد الأدنى ـ بين التحديــد النظــري لموضــوع علم أصــولــذا ــول: إن ه ــه. ويمكن الق ــبيقي في مدونات ــه والبحث التط الفق التوافق كان قريبا من مستوى الظاهرة العلمية، بغض النظــر عن الــدافع لهــذا الاستحضــار للموضــوعات الخلافيــة الجدليــة، بجــانب

فق عليها. الأصول المتــدونات الثلثالجزء الثــاني ــه من خلال م : ويمكن ملاحظت

الثاني من القرن الحــادي عشــر الهجــري إلى الفــترة المعاصــرة، والــتي نجــد فيهــا تراجعــا ملحوظــا للبحث في موضــوعات أصــولة بكــل الفقه الخلافية إلى حد الانحســار لصــالح موضــوعات خاصــ

مذهب ومدرسة أصولية. وفي هذا الجزء من المشــهد وقعت المفارقــة المنهجيــة في موضوع علم أصول الفقــه؛ فمن الجهــة النظريــة نجــد أنهم حــدوا الموضوع بما يشمل كل ما يترقب إنتاجه للأحكام الشرعية؛ ولكن من الجهة التطبيقيــة حصــروا أنفســهم في موضــوعات راجت في الأوساط المذهبية الخاصة، فلم نعد نجــد نقاشــا حــول مشــروعية القياس الموضــوع الــذي كــان لــه حضــوره الأساســي في مصــادر

الفترة الأولى. وهنــا يحــق التســاؤل عن ســبب حــدوث هــذه المفارقــة بين التحديد النظري لموضوعات الأصــولية والممارســة التطبيقيــة في

البحث الأصولي؟ ربما يرجــع هــذا إلى تــأريخ التـأليف الأصـولي عنـد الإماميـة؛

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد143هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

فالمدونات الأولى لهــذا العلم جــاءت محاكيــة للمصــادر الأصــوليةــدرة ــبب ن ــك بس ــوع والمنهج؛ وذل ــتويي الموض ــنية على مس الســة، المدونات الأصولية الكاملة عند الإمامية في تلك الفترة الزماني والتي من المفترض أن تشكل المصادر الأساسية لأصــول الفقــه.ــني، فاضطر أصوليو الإمامية أن يعتمدوا على مصادر الأصول الس

ر والانجرار لبحث الأصول الخلافية. فوقع التأث وقد اســتمر الأمــر على هــذه الوتــيرة إلى صــاحب المعــالم، الــذي تشــكلت بعــد عصــره المصــادر الأصــولية الإماميــة، فبــدأتــذا على ر ه مدوناتهم تستقل في التأليف عن المصادر السنية، فأث

.(341)استحضار الأصول غير المذهبيةع في البحث ويمكن القول تلخيصا: إن ما لاحظناه من التوســة ــاتج قناعـ ــهد لم يكن نـ ــزء الأول من المشـ ــولي في الجـ الأصـ بالشمولية في البحث الأصولي، إنما بسبب ظــرف تــأريخي أجــبر

الباحث الأصولي لخوضه.ــالبحثـــ أمــا في الجــانب الســني2 : فكــان الاهتمــام ب

المقارن بين المـذاهب أكــثر حضـورا من الوسـط الإمـامي. وهـذاــني يرجع إلى تعدد المذاهب داخل الوسط السني، فالأصولي الس يجــد أمامــه آراء متعــددة حــول الموضــوع الواحــد، فيستحضــرها ويناقشها؛ فإن التركة الأصولية عنده كبــيرة تســاعده على خــوض

هذا الميدان. إلا أن المؤاخذ على هذه المصادر أنها لم تستوعب المذاهب الإســلامية من غــير الســنة، ســوى بعض المــذاهب، وفي بعض الموضــوعات. فلا نجــد استحضــارا لأصــول الفقــه الشــيعي بكــل مدارسه وتوجهاته، وربما يكون سبب هذا هو كــون الشــيعة أقليــة في مقابل أكثرية المذاهب السنية، وكأن الأصولي الســني لا يجــد

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد144هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

نفسه معنيا بملاحظة أصول هذه الأقليات. وبناء على مــا تقــدم فالمصــادر والأدلــة الــتي يبحثهــا أصــول الفقه الإسلامي العام الشامل للأصول الشيعي الإمامي والأصــول

عند السني يمكن تصنيفها صنفين:فق عليها في الأصــولين الســنيالأول : المصادر والأدلة المت

والإمامي على السواء، والتي نجدها مبحوثة عند علماء المذهبين، مثل: مصدرية القرآن الكــريم وحجيتــه، ومصــدرية الســنة النبويــة

وحجيتها، وكذلك الإجماع، وغيرها. وهــذا يشــمل تفاصــيل البحــوث في هــذه المصــادر والأدلـةـفق عليها؛ فهناك بعض البحوث التفصــيلية حــول مصــدر معين المتــذلك ــني، وك ــول الس ــا الأص ــامي لم يتناوله ــول الإم ــا الأص تناولهــدليل العقلي مثلا بحثت العكس. فكثير من تفاصــيل البحث عن ال

عند الإمامية، ولم يتناولها السنة. : المصادر والأدلة المختصة بأصول مذهب دون آخــر،الثاني

ــتي نجــد ــف فيهــا بين الأصــولين الســني والإمــامي، وال أو المختل بعضها مبحوثة في الأصول الإمامي، دون السني، كمصــدرية ســنة

وحجيتها، وبعضها الآخر مبحوثة في الأصــول الســني،^أهل البيتدون الإمامي، كمصدرية القياس أو مذهب الصحابي وحجيتهما.

ووفقا للتحديد النظري لموضــوع علم أصــول الفقــه، والــذي اتفقوا فيــه على أن أصــول الفقــه يتنــاول المصــادر والأدلــة الــتي يترقب إنتاجها للحكم الشرعي، وبغض النظر عن انتمائها للأصولــة في ــادر والأدل ــذه المص ــل ه ــالواجب أن تبحث ك ــة، ف المذهبي الصــنفين الســابقين في علم الأصــول، ويكــون لــدينا علم أصــولفــق عليهــا إسلامي عام، يشمل بالبحث كل تلك الموضـوعات المت

أو المختلف فيها والمختصة بمذهب ما.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد145هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ولكن، حيث إن واقع علم الأصول عند المسلمين ـ كما رأينــاــدعونا إلى جمــع ز بين الأصول المذهبية وغيرها، هذا الواقع ي ـ يمي هذه المصادر والأدلة المختصة أو المختلف فيها ضمن إطار واحد، تستعرض فيه جميع الآراء بجانب بعضها البعض، وبغض النظر عنــق عليــه )أصــول الفقــه انتمائها المذهبي. هذا الإطــار هــو مــا يطل

المقارن(.

ـ التعريف والهوية2 عند تعريفنا لـ )أصول الفقه المقارن( يمكننـا ملاحظــة هــذاــاظ يمكن ــل لحـ ــاظين، ومن خلال كـ ــوي من لحـ ــتركيب اللغـ الـ

استعراض تعريف خاص به.

التعريف الأول وفيه يلاحظ قيد )المقارن( قيدا للفقه، فتكون قراءة العنوان هكذا )أصول )الفقه المقارن(( وبهذا التقييد سيكون الحــديث هنــاة بالفقــه المقــارن أو أصــول المقارنــة الفقهيــة. عن أصــول خاصــ

وبهذا اللحاظ جاء هذا التعريف الأول. ولقلة وندرة مصادر أصول الفقه المقارن فإن تعريف السيد

هـــ( في كتابــه )الأصــول العامــة للفقــه1423محمــد تقي الحكيم)فــه المقارن( يعد أقدم تعريف للأصول المقارن بهذا اللحــاظ، فعر بأنه )القواعد التي يرتكز عليها قيــاس اســتنباط الفقهــاء للأحكــامــل الشــارع الشرعية الفرعية الكلية، أو الوظائف المجعولة من قبأو العقــل عنــد اليــأس من تحصــيلها من حيث الموازنــة والتقــييم(

(342).ــل ــذا على تحلي ــه ه ــيد الحكيم في تعريف ــد الس ــد اعتم وق المفردات الواردة في العنوان الرئيس للبحث، وهو )أصول الفقه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد146هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المقارن(. وهذه المصــطلحات هي: )الأصــول، الفقــه، المقارنــة(.ولهذا جاء تعريفه موازيا للمصطلحات الثلاثة.

وهنا سنوضح هذه المصطلحات؛ حتى يتضح التعريف أكثر: : وهو في اللغة الأساس الذي يقوم عليه الشيء،ـ الأصل1

.(343)ومنشأه الذي يبنى عليهــة من ــ ــق على مجموع ــ ــطلح علمي يطل ــ ــل( كمص ــ و)الأص

ــاس، على(344)المعاني ، منها: )ما يقابل الفرع(، كما في بحث القي ما سيأتيك؛ ومنها: )الدليل(، أي الكاشف عن الشيء؛ ومنهــا: )مــاـةـ في يقابل الدليل المحرز(، الــذي يحــدد للمكلف وظيفتــه العملي

بعض الظروف.ــا بمعــنى )القاعــدة(، وهي ولكن المقصــود من )الأصــل( هن

.(345)أساس الشيء، والأمر الكلي المنطبق على جزئياته فقوله: )القواعــد الــتي يرتكــز عليهــا...( إشــارة إلى مفــردة

)أصول(. : ويراد بــه في المــدلول اللغــوي الفهم والفطنــة؛ـ الفقه2

.(346)ففقه الشيء فهمه، وفطن إلى ما فيهــيرة. استنســب الســيد ــات كث ــه في الاصــطلاح تعريف وللفق الحكيم منهــا التعريــف القائــل بأنــه )مجموعــة الأحكــام الشــرعية الفرعية الكلية، أو الوظائف المجعولة من قبل الشــارع أو العقــل

.(347)عند عدمها(ـةـ الكليــة....( فقوله في التعريف: )الأحكام الشــرعية الفرعي

إشارة إلى مفردة )الفقه(. : الموازنة بين الشيئين أوالأول: ولها معنيان: ـ المقارنة3

ــال: أمـــرانوالثـــانيالأشـــياء؛ ــتران والمصـــاحبة، فيقـ : الاقـ.(348)مقارنان

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد147هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

والمقصود هنا المعنى الأول، وهو الموازنة. فقولــه في التعريــف: )من حيث الموازنــة والتقــييم( إشــارة

إلى )المقارن( في اصطلاح )أصول الفقه المقارن(. وبعد هذا التبيين للمصطلحات يمكن إعــادة صــياغة التعريــف

بما يوضحه أكثر، وبالتالي: : هي القواعد الــتي يتم من خلالهــاأصول الفقه المقارن

ــة، موازنة وتقييم استنباط الفقهاء للأحكام الشرعية الفرعية الكليأو الوظائف المجعولة شرعا أو عقلا.

التعريف الثاني ويمكن ملاحظة قيد )المقارن( بلحاظ آخر، بــأن يكــون قيــداب الإضافي )أصول الفقه(؛ فيقرأ العنــوان ))أصــول الفقــه( للمركا بالفقــه، كمــا في اللحــاظ المقارن(، فلا يكون قيد المقارنة خاصــ

ب. الأول، وإنما هو لكل المرك وبتوضيح أكــثر: اتضــح من خلال الاســتعراض في التمهيـد أن ثمة أدلة ومصادر تشريعية مشتركة بين المذاهب، ومصادر تختص بهــا بعض المــذاهب دون الأخــرى تبحث في إطــار أصــول الفقــه

المذهبي. يحاول أصول الفقه المقارن أن يــأتي على المصــادر والأدلـةـ المختصة بكل مذهب، ويبحثها بحسب المباني الأصــولية المذهبيــة الأخرى؛ ليعطي التصــور العــام لكــل مــذهب تجــاه تلــك المصــادر

والأصول.فق عليهــا، فيبحث طريقــة كما يتناول المصادر والأصول المتــالج بعض تناول كل مذهب لهذه المصادر؛ فأصول الفقه السني عفــق عليهــا، ولعــل الأصــول الموضوعات المرتبطــة بالمصــادر المت

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد148هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

الإمامي يتناولها بأسلوب وطريقة ومنهج مختلف.ةـ وقابليـــة ــ فالأصـــولي المقـــارن يبحث مثلا في مـــدى أهليــتنباط الحكم )القياس( أو )سنة أهل البيت( لأن تكون مصدرا لاس

الشرعي، وفقا للمباني الأصولية العامة لكل مذهب. كمــا يبحث المقــارن مثلا مصــدرية القــرآن الكــريم بوصــفهاــة أصــول كــل مــذهب إســلامي مصــدرا مشــتركا، ولكن من زاوي

بحسب ما يواجهه من مسائل وعوائق مانعة من الحجية. فأصــول الفقــه المقــارن يبحث في تلــك المصــادر أو الأدلــة الاجتهادية المختلــف فيهــا مــادة أو منهجــا، ومــدى أهليتهــا لتكــون

مصدرا أو دليلا مشتركا لاستنباط الحكم الشرعي منها.ــام ــادر الأحك ــو: البحث في مص ــارن ه ــه المق ــول الفق فأصـةـ اعتبارهــا، والمختلــف فيهــا فق عليها من جهة كيفي الشرعية المت

من جهة اعتبارها وعدم اعتبارها بين المذاهب الإسلامية.

ـ الموضوع ومحور البحوث3 اتضح من تعريف الأصول المقارن أن الموضــوع الــذي تــدور حوله مسائله هو المصادر الخلافية والمتوافق عليها بين المــذاهب

الإسلامية في علمية استنباط الأحكام الشرعية.حد في مجموعــة من فمن المعلوم أن المذاهب الإسلامية تت مصادر التشــريعات الفقهيــة، وهي على العمــوم: القــرآن الكــريم

والإجماع والعقل، مــع خلاف بينهم في تفاصــيل هــذه|وسنة النبيالمصادر، وطرق اعتبارها، وحقيقة بعضها.

وبجانب الاتفاق على هذه المصــادر، فقــد امتــازت المــذاهب عن بعضها البعض بمصادر أخرى، كاعتبار سنة الصحابة عند بعض المذاهب وعدم اعتبارها عند آخرى، وكاعتبار سنة أهل البيت عنــد

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد149هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

مذاهب أخرى وعدم اعتبارها عند آخرين.ــدى ــدرس م ــارن نحن نبحث ون ــول المق ــتنا للأص في دراسة في عمليــة اعتبــار ومشــروعية هــذه المصــادر المذهبيــة الخاصــفــق عليهــا استنباط الأحكام الشرعية، وكيفية اعتبار المصــادر المت

منهجا وأسلوبا.

ـ الغايات والفوائد4ــام، ــكل ع ــة بش ــوث المقارن ــاع عن البح ــون الانطب ــد يك قـةـ، الــتي لا رفي والأصول المقارن بشكل خاص، أنها من البحوث الت

ب عليها أثر عملي. يرتجى منها فائدة علمية أساسية، ولايترت وفي أحسن الانطباعات ما يعتقده البعض من أن فائدة هــذا البحث تنحصــر في مقــام المحاجــة والجــدل المــذهبيين. فــالبحثــم المقارن يؤمن لهذا الفريق التعرف على المباني الفكرية للخص المــذهبي؛ للكشــف عن الثغــراث المنهجيــة في مذهبــه، وبالتــالي

إثبات عدم صحة بناءاته، وإلزامه بلوازمها. إلا أن الاطلاع التفصيلي على البحــوث المقارنــة وممارســتهار في بعض الأحيـان العمليــة تكشــف عن أهميـة علميـة جــادة تـؤث

على سير البحث العلمي ونتائجه. ويمكن هنا ذكـر مجموعـة من الفوائـد لأمثـال هـذه البحـوث

المقارنة، وهي:ــدة الأولى : إبـــراء الذمـــة في تبني أو رفض بعضالفائـ

المصادر والأدلة التي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شــرعية. فينبغي على الشــيعي دراســة المصــادر التشــريعة الــتي يتبناهــا المــذهب السني والبحث فيها، فإذا أسلمه البحث إلى رفض هــذه المصــادر أو بعضها فسيكون رفضه وعدم اعتماده عليها قائما على مبررات

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد150هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

علمية، وبهذا سيخلي ذمته من أي مســؤولية تجــاه هــذه المصــادروالأدلة التي ثبت له عدم صلاحية الاعتماد عليها.

وكــذلك في الجــانب الســني في مــا يرتبــط ببعض المصــادرــتنباط الحكم ــيعي في اس ــذهب الش ــدها الم ــتي يعتم ــة ال والأدل

الشرعي. فالبحث المقارن في مصــادر التشــريع ضــرورة دينيــة لإبــراء

الذمة أمام الله عز وجل وأمام الحقيقة. : تحديــد مركــز الخلاف والوفــاق المــذهبي،الفائدة الثانية

وحدودهما. فقد يبحث الأصولي المقــارن في مصــادر الخلاف، ولا يقوده بحثه إلى تبني أو مشــروعية الاعتمــاد على هــذه المصــادر،ــواطن ــرف على م ــه تع ــدة، وهي أن ــيخرج بفائ ــاحث س ولكن الب الخلاف مــع الآخــر؛ فالســني عنــدما يبحث في حجيــة ســنة أهــل

سيتضح مركــز خلافــه مــع الآخــر الشــيعي في دائــرة هــذا^البيتــة المصدر، فهل أصل مصدرية سنة أهل البيت لم تثبت بدليل حج عنده، أو أن هناك تفصــيلا في الحجيــة والمشــروعية، وإنهــا حجــةــني في ــ الس ــيعي ـ ــري، إلا أن الخلاف الش ــتوى النظ على المســر ــا من دوائ ــبيت؟ وغيره ــل ال ــنة أه ــود من س ــداقية الموج مص

الخلاف. وكــذلك عنــد الأصــولي المقــارن الشــيعي عنــدما يبحث فين لــه عــدم حجيــة القيــاس كلـهـ، وقــد حجية القياس مثلا، فقد يتبيــوع يظهر له أن خلافه مع السني فيه محدد في نقطة معينة ، أو ن

ن منه، وهكذا. معي فــالبحث الأصــولي المقــارن ســيحد من النظــرة الشــمولية لمصادر التشريع عند الآخــر، والــتي لهــا دور في تشــكيل الصــورة

مطية عن الآخر المذهبي. الن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد151هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

س وأســباب الخلافــاتالفائدة الثالثة ــ : التعــرف على أس ــا الفقهية المذهبية، والتماس الأعذار لهذا الخلاف. وهذا الأمر أيض مما يؤمنه البحث المقارن؛ إذ قد يكون هناك خلاف بين المــذاهب الإسلامية حول موضوع فقهي ما، ومن خلال التعرف على مصادر التشريع عند المذاهب وأدلة حجية هذه المصــادر ســيقف البــاحث على أهم المناشئ لهذا الخلاف الذي قد يرجع إلى أن يكون خلافا مبنائيا، كأن يعتمد الفقيه الســني في حكم مســألة مــا على )ســد الــذرائع( مثلا، فيفــتي بحكم إيجــابي في المســألة؛ وفقيــه شــيعيــبيت ــل ال يفتي بحكم سلبي في نفس المسألة؛ لتوفر نص عن أهنة بسبب الخلاف في الفتوى بين في المسألة، هنا سنكون على بي

الفقيهين الشيعي والسني. ولأن البــاحث قــد تعــرف على أدلـةـ الســني في قبــول )ســد الذرائع(، وعلى أدلة الشيعي في حجية )سنة أهل البيت(، ســنعذر للاثنين نتيجتهما الفقهية. فكما أن هناك خلافات فقهيـة بين فقهـاء المذهب الواحد يرجع بعضها لاعتبار حجية ومشــروعية مصــدر مــاــاء المــذاهب لدى فقيه دون آخر، فكذلك الخلاف الفقهي بين فقه

قد يرجع بعضه إلى نفس السبب.ــدة ــف من ح ــدور التخفي ــيقوم ب ــارن إذن س ــالبحث المق ف

الخلاف المذهبي، لا أقل في إطاره الفقهي. : تربية النفس على الموضوعية في البحثالفائدة الرابعة

العلمي. فالموضوعية لها دور كبير في جودة البحث بشــكل عــام، وحاجــة البــاحث المقــارن لهــا أجلى وأوضــح؛ لأن المواضــيع الــتيــزداد يبحثها ذات طابع حساس؛ لارتباطها بالجانب المذهبي، وهنا ت

معاناته في الاتصاف بالموضوعية. فالواجب أن تكــون لــدى البــاحث المقــارن اللياقــة النفســية

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد152هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

ــول ــان البحث لأدوات البحث العلمي، والقب ــليم عن ــة لتس والعلميبالنتائج التي سوف تخلص إليها.

ــول ــية للقب ــة النفس ــة واللياق ــوعية البحثي إن امتلاك الموض بالنتائج يحتاج من الباحث السعي الحثيث لاكتســاب هــذه الصــفة، وذلك من خلال دراســة آراء الآخــرين، وبــذل الجهــد في إنصــافهم

فهما ونقدا. ويعتبر الدرس الأصولي المقارن من البيئات العلميــة الهامــة

المساهمة في بناء هذه الموضوعية. : المساهمة في تطوير الدرس الأصــوليالفائدة الخامسة

ــادر ــة المص ــه في دراس ــارن خلال تجربت ــولي المق ــام. فالأص الع الخلافية سوف يكتســب عناصــر جديــدة، بعضــها غــير متــوافر في بيئته البحثية، وهذا سيفيده في تطــوير الأدوات البحثيــة المعتمــدةــذاهب ــا الم ــلوبا أو أداة عرفته ــا أو أس ــل منهج ــوله، فلع في أص

الأخرى لم يعرفها علماء مذهبه.ــاحث ــا الب ــرج به ــدة يمكن أن يخ ــة من الفوائ ــذه مجموع ه المقارن من هذا النوع من البحث. وثمــة فوائــد أخــرى تظهــر من

ثنايا البحث، وتراكم التجربة في هذا الميدان.

ـ بين أصول الفقه المذهبي والمقارن والعام5 اتضح من المقدمة التمهيدية أن موضــوع أصــول الفقــه عنــد المــذاهب الإســلامية على المســتوى النظــري يشــمل كــل الأدلــة ومصادر التشريع الــتي من شــأنها أن تنتج أحكامــا شــرعية؛ ولكن على المستوى التطــبيقي لم يلــتزم أصــول الفقــه عنــد المــذاهبقت دائرتــه على مجموعــة من الأصــول بهذه الشمولية، وإنما تضي العامة والأصول المذهبية. فلا نجــد في الــدرس الأصــولي الســني

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد153هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

بحوثا مرتبطة ببعض الأدلــة المبحوثــة في أصــول الفقــه الإمــاميــامي ــدرس الأصــولي الإم ــود في ال ــذلك العكس، فلا وج مثلا؛ وك لبحوث مرتبطة ببعض الأدلة المبحوثة في أصول الفقه السني، لا

أقل في الأصول المعاصر.وعلى هذا يمكن تقسيم علم أصول الفقه إلى فرعين:

: نطلق عليه أصول الفقه المذهبي، وهو أصول الفقهالأول الخاص بكل مذهب من مذاهب المسلمين، كأصول الفقه الإماميــه ــول الفق ـدـي وأص ي ــه الز ــول الفق ــه الحنفي وأص ــول الفق وأص الإباضي وغيرها. وفيــه يتم تنــاول الأصــول الاجتهاديــة العامــة بين عموم المسلمين والأصول الاجتهادية الخاصة بهذا المذهب، والتي قد يقــع الخلاف فيهــا بين علمــاء هــذا المــذهب في جزئيــات هــذه

الأصول والمصادر. : نطلق عليه أصول الفقه المقــارن، وهــو الــذي يهتمالثاني

بدراسة الأصول الخلافية بين المــذاهب الإســلامية، بالمقارنــة بينأدلة قبولها ورفضها، بالتفصيل المذكور سابقا.

دــرس كـل تلـك الأصــول ففي هذا الفرع من أصـول الفقـه ت بجانب بعضــها البعض، من دون ملاحظــة انتمائهــا المــذهبي، فيتم ـةـ وفقــا ــة الطــرفين أو مــا يمكن أن يســاق من أدل اســتعراض أدل لمباني كل مذهب، فتناقش هذه الأدلة، وتعطى النتيجة المتوقعــة

وفقا للمباني. وينبغي الملاحظة هنــا أن بعض الأصــول لم تنــاقش بعنوانهــا المستقل، ولكن يمكن أن تكون قد نوقشت ضمن موضــوع آخــر،ــه ــة في أصــول الفق ــار. فبجول ــارة والاختص ــو الإش ــو على نح ول الإسلامي نلاحــظ أن ثمــة موضــوعات تمت مناقشــتها وبحثهــا في أصول الفقه الإمــامي أو الســني، وهي موجــودة في أصــول فقــه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد154هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول الفقه المقارن، محاولة للتأصيل النظري•

المذاهب الإســلامية الأخــرى، لكنهــا ليســت بعنوانهــا، وإنمــا بحثت بعنوان آخر، أو أن روح البحث وجوهره تم بحثه ضــمن بحث آخــر أو بعنوان آخر. فقد ذهب بعض إلى أصــول الفقــه الإمــامي يبحثــواجب(. ــة ال موضوع )سد وفتح الذارئع( بعنوان آخر، وهــو )مقدم وإن بحث )إجمــاع أهــل المدينــة( يرجــع في روحــه إلى مــا بحثــه

أصول فقه الإمامية بعنوان )عمل المشهور وإعراضهم(. فمادة أصول الفقــه المقــارن يمكن الحصــول على كثــير من

موادها في ثنايا أصول الفقه المذهبي.ــدر أن جمــع الفرعــان الأصــوليان ضــمن درس وبحث وإذا ق واحد فسيكون الإطار العام الجامع هو )أصول الفقه الإسلامي( أوفق )أصول الفقه العام(، الجامع بين طياته الأصول الاجتهادية المتــذاهب، ــل الم ــاتها من ك ــلمين، ومناقش ــاء المس ــا بين علم عليه كالبحث حول مصدرية القرآن الكريم، وتذكر كل المناقشات التي سجلها علماء المسلمين، الإماميــة والزيديــة والإباضــية والأحنــاف

والشافعية وغيرها، وكذلك بقية المصادر. كما يتناول الأصول الخلافيــة بين المــذاهب باســتعراض أدلـةـةـ ــتعرض أدلـ ــا. فتس ــة بينه ــتها، والموازن ــراف، ومناقش ــل الأط ك

، ومناقشــات علمــاء أهــل^الإمامية في حجيــة ســنة أهــل الــبيتالسنة لهذه الأدلة، وكذلك بقية المصادر.

وبتعبير آخر: أصول الفقه العام يتناول المواد الأصولية الــتي بحثها علماء المسلمين، مع تجاوز حاجز الانتمــاء المــذهبي للمــادة الأصــولية ومصــدرها. ويتم التعامــل معهــا وفــق المنهج الأصــوليى عند الباحث. كل هذا ليصل علم أصول الفقــه إلى نضــجه المتبن. في مساهمته لاستنباط الحكم الشرعي الحجة عند الله عز وجل

خاتمة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد155هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

عرفنا بعد هذه المحاولة المتواضعة للتأصيل النظري لأصول الفقــه المقــارن حجم الفــراغ الموجــود في هــذا الفــرع من علمــاحثين المهتمين ــاء والب ــذي يتطلب من العلم ــه، وال ــول الفق أص بأمثال هذه البحوث والدراسات المزيد من الاهتمام بــه؛ للوصــول بـــه إلى المســـتوى المطلـــوب في حوزاتنـــا العلميـــة وجامعاتنـــاــة ــام التعليمي والممارسـ ــه في النظـ ــذ طريقـ ــة، فيأخـ الأكاديميـ

الاجتهادية، والتأثير على واقعنا الذي يحتاج إلى نهضة جادة.

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد156هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

الرد في الإرث في ضوء القرآنالكريم

دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤيةالمحقق الخوئي

*(*()د. الشيخ خالد الغفوري الحسني

المقدمة للوارثفي البدء ينبغي أن نعرف حالات قسمة التركة؛ فإن

عدة حالات؛ فهو تارة ينفرد؛ وأخرى يتعدد: ففي حالــة الانفــراد إن كــان الــوارث يــرث بغــير فــرض ]= بالقرابة[ فإنه يحوز جميــع التركــة، كــالابن؛ وأمــا إن كــان الــوارث يرث بالفرض؛ فإن كــان من ذوي الأنســاب فيأخــذ البــاقي بــالرد،ةـ، كـالبنت الواحـدة؛ وأمـا إن كـان من ذوي الأسـباب ـ طبقا للأدل كالزوج أو الزوجة ـ فإما أن يقال بالرد عليه؛ وإما يعود الزائد إلى

الإمام، وحينئذ لا تبقى أي زيادة. وأما في حالة تعدد الوارث فلذلك عدة أقسام:

أـ إما أن يرث كل واحد منهم بالقرابة، دون الفرض، فالمـالبينهم، ولا يفضل شيء من التركة، كاجتماع ابن وبنت.

ــة، فيأخــذ ب ـ وإما أن يرث بعضهم بالفرض، والآخــر بالقراب ذو الفرض فرضه، والباقي للوارث بالقرابة، فلا يفضل شــيء من

التركة، كاجتماع الأب والابن. . من العراق.^ورئيس تحرير مجلة فقه أهل البيت العالمية،| عضو الهيئة العلمية في جامعة المصطفى)*(*(

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد157هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ج ـ وإما أن يرث جميع الورثة بالفرض، وفيه عدة صور، تبعا: (349)لنوع النسبة بين التركة والسهام

ــتي يســتوي فيهــا مالهــاالصورة الأولى: وهي الصــورة ال وفروضـها، وذلـك فيمـا إذا كـان الورثـة أصـحاب فـروض، وكـانت

، فيقع التساوي بين التركة والســهام.(350)فروضهم مساوية للتركةوسميت هذه المسألة بالعادلة، كالزوج والأخت.

وهي الصــورة الــتي تزيــد فروضــها علىالصورة الثانيــة: ــة ــتين وأب وأم وزوج، أي تنقص الترك مالها، وسميت بالعائلة، كبن عن الســهام، وذلــك لا يتحقق إلا بمزاحمــة الــزوج أو الزوجــة إمــاــل الأبــوين أو الأب. للبنت أو البنـات، أو للأخت أو الأخــوات من قب

.(351)والقول بالعول ناظر إلى هذه الصورةوأما ما هو الموقف في معالجة هذا النقص؟

المعـــروف لـــدى المـــذاهب الســـنية هـــو القـــول بـــالعول؛ القــول بعــدم العــول، وورود النقص^والمعروف عن أهــل الــبيت

على البنت أو البنات. ــا على فروضــها،الصــورة الثالثــة: ــد ماله ــتي يزي وهي ال

، بــل قــد يطلــق(354) أو الــرد(353) أو العاذلة(352)وسميت بالقاصــرة. (355)عليها الناقصة. (356)أبوان، وبنت(: 1مثال )

للأبـــــوين الثلث = 13 =

2، وللبنت النصـــــف = 6

12 =

36،

والإخوة لا شيء لهم. 1فهنا تكون التركة زائدة على السهام، كالتالي:

3 + 12 =

26 +

36 =

56

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد158هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

فزيادة التركة = 66-

56 =

16

زوجة، وبنت. (: 2مثال )للزوجة الثمن =

1، وللبنت النصف = 8

12 =

48

1فهنا تكون التركة زائدة على السهام كالتالي: 8 +

48 =

58

فزيادة التركة = 88 -

58 =

38

زوجة، وبنتان فصاعدا.(: 3مثال )للزوجة الثمن =

18 =

3، وللبنتين الثلثان = 24

23 =

1624

3فهنا تكون التركة زائدة على السهام كالتالي: 24 +

1624 =

1924

فزيادة التركة = 2424 -

1924 =

524

وليعلم أنه في صورة زيادة التركــة على الفــروض فــإن هــذاالمقدار الزائد عن الفروض له ثلاث حالات:

ــأنثى، وهيالحالة الأولى: إذا كان ثمة من يتصل بالميت ب طبقة أولي الأرحام بحسب ما هــو المصــطلح في الفقــه الســني،لا في كما لو كان الوارث أختين مع خال. وهذه الحالة تبحث مفصــ

بحث )إرث أولي الأرحام( المختلف فيه بين الفقهاء. إذا لم يكن ثمــة وارث غــير أهــل الفــروض.الحالة الثانية:

رــد عليهم أو لا؟ وهــذه الحالــة تبحث في بحث وهــذا الزائــد هــل ي)الرد(. وهو من المسائل الخلافية أيضا أصلا وفروعا.

بالحالة الثالثة: بة ـــ بحســ إذا كان ثمة عاصــب ـــ أو عصــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد159هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

اصطلاح الفقه السني. وهذا هو المراد بحثــه هنــا بالدرجــة الأولى. وتجدر الإشارة الى أنهم ذكروا للعصبة بعض التعاريف، منها: إنهــا

؛ أو كــل ذكــر ليس بينــه وبين الميت أنــثى،(357)الوارث بغير تقديردـلي إلى(358)لي بهماوهم الأب والابن ومن يد ــ ــر لا ي ــل ذكـ ؛ أو كـ

.(360)؛ أو إنهم القرابة الذكور الذين يدلون بالذكور(359)الميت بأنثىبة، وهــو كما أن البحث هنا ينصب على نوع واحــد من أنـواع العصـ

العصبة بنفسه.

مفاصل البحث الموقف تجاه مشكلة زيادة التركة عن السهام

وأما ما هو الموقف تجاه زيادة التركة عن سهام الورثة؟ لقد اختلف موقف الفقه الإمامي عن موقــف الفقــه الســني

تجاه هذه الزيادة: بة المعروف عند المذاهب السنية القــول بالتعصــيب. فالعصــ

يرثون هذه الزيادة.رــد ^والمعروف عن أهل البيت عدم القول بالتعصــيب، بــل ي

أو بعضا. الفاضل على الورثة الذين يرثون بالفرض، كلاإذن، حلت هذه المشكلة بشكلين، وهما: التعصيب؛ والرد.

والشكل الأول في تقسيم الزائـد من التركـة هـو مــا اختـارهــأخرة إذا ــدرجات المت أهل السنة من إعطاء الباقي للطبقات أو ال كانوا من العصبة. ومن هنــا جــاء اســم التعصــيب، أي دفــع المــال

للعصبة. والشكل الثاني في تقسيم الزائد من التركــة هــو مــا اختــارهــة على ذوي الفــروض ــة من رد الفاضــل من الترك ــاء الإمامي فقهــدرجات ــات أو ال ــائر الطبق ــة، دون س ــك الطبق ــبيين من تل النســزوجين مــع ـرـد على ال ــة؛ لأنهم أقــرب إلى الميت. نعم، لا ي التالي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد160هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

اجتماعهما مع الأنساب، وأما مع انفرادهما عن الأنساب ـ كمــا لــو انحصر الوارث بالزوج فقط أو بالزوجة فقط ــ ففي ذلــك اختلاف

ن في بحث الرد. وتفصيل، كما هو مبي

أدلة الإمامية لقد استدل الإمامية على رد الزيادة على الوارث ذي الفرض في هذه الحالة وعــدم إعطائهــا للعاصــب بعــدة وجــوه. وغايــة مــا يمكن استفادته من كلمات الفقهاء واســتدلالاتهم ســبعة أو ثمانيــة

ـةـ&وجوه. ولكن الوجــه الــذي أفــاده المحقق الخــوئي هــو: إن أدل الإرث الدالة على تعيين الفروض هي بذاتها يستفاد منها توزيع كلــة التركة على ذوي الفروض، بحيث لا يبقى باق كي نحار في كيفيــات التعامل معه ولمن يعطى، بل لا زائد ثمة. وهذا الوجــه في إثب

.&الرد وإبطال التعصيب هو الذي ابتكره المحقق الخوئي ل قراءة خاصة وتفســيرا مة، وتمث وهي وجهة نظر جديدة وقي تجديديا للنص القرآني؛ فإننــا لــو ألقينــا نظــرة على الوجــوه الــتي يستدل بها عادة، أو يمكن انتزاعها من كلمات الفقهاء، فإنها تخلو

من ذكر هذا الوجه أو الإشارة إليه. ونحن في هــذه المقالــة نتصــدى لتســليط الضــوء على هــذهالرؤية، وبيانها، وعرض أدلتها أولا، ثم تحليلها وتقويمها وتكميلها.

ق الخوئي &تبيين رؤية المحقــني،&لقد استدل المحقق الخوئي على إبطال التعصيب الس

يكم﴿وإثبات الرد الإمامي، بهذه الآيات، وهي: قوله تعــالى: يوصــ�اء ثل حظ الأنثيين� فإ�ن كن ن�ســ الله ف�ي أولاد�كم ل�لذكر� م�ا دة فلهــ ــ �ن كـاـنت واح� ــرك وإ فوق اثنتين� فلهن ثلثا ما ت�ن ــرك إ ا ت م دس م� نهمــا الســ د م� النصف ولأبويه� ل�كل واح�

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد161هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ه� الثلث كان له ولد فإ�ن لم يكن له ولد وور�ثه أبواه فلأمي ية يوصــ� ن بعد� وصــ� دس م� ه� الس �خوة فلأم فإ�ن كان له إ

ا أو دين ف مــا﴿(، وقولــه تعــالى: 11 )النســاء: ﴾ب�هــ ولكم ن�صــاــن لهن ولــد إ�ن ك �ن لم يكن لهن ولــد فــ تــرك أزواجكم إا أو دين ين ب�هــ ية يوص� ن بعد� وص� ا تركن م� م بع م� فلكم الرإ�ن كـاـن ــد فــ �ن لم يكن لكم ول ــركتم إ ا ت م ــع م� ب ولهن الرون ية توصــ ن بعد� وصــ� ا تركتم م� م لكم ولد فلهن الثمن م�ــه أخ ــة أو امــرأة ول ب�ها أو دين وإ�ن كان رجل يورث كلالن ــر م� دس فإ�ن كـاـنوا أكث نهما الس د م� أو أخت فل�كل واح�ية يوصى ب�ها أو ن بعد� وص� ذل�ك فهم شركاء ف�ي الثلث� م�

يستفتونك قل﴿وقوله تعالى: (،12 )النساء: ﴾دين غير مضار�ن امرؤ هلك ليس لــه ولــد ولــه الله يفت�يكم ف�ي الكلالة� إــد ا ول �ن لم يكن لهــ أخت فلها ن�صف ما ترك وهو ير�ثها إ

ا تـرك م ،(176 )النســاء: ﴾فإ�ن كانتا اثنتين� فلهما الثلثان� م� حيث ادعى أن ظاهر الآيات يستفاد منه كون تقسيم الحصص في

الإرث تقسيما بالنسبة، لا على الإطلاق. ــدمهما المحقق ــذين ق ــوابين الل ــد الج ــو أح ــان ه ــذا البي وه

لما قد يتوجه من الإشكال على تعــيين ســهام الإرث في&الخوئي الشريعة الإسلامية، من أن بعض السهام لا مصــداق لهــا، كــالبنتن سهمها، وهو النصف، بيد أنه لا توجد صورة واحدة ترث التي عي

.(361)فيها البنت الواحدة النصف ولهذا التقسيم باب في علم الحساب، ومنــه: مــا»: &ثم قال

×نسب الى أمير المؤمنين حينما أوصى رجل له سبعة عشر بعيراعا، فأضـاف ×بأن يعطى أحد أولاده نصفا والآخر ثلثـا والثـالث تســ

ــف مها بينهم: لصاحب النص إليها بعيرا، فصارت ثمانية عشر، فقس

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد162هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

تسعة، ولصاحب الثلث ستة، ولصاحب التســع اثنــان، فبقي واحــدب مـوازين×فأخــذه . وهـذا التقسـيم هـو التقســيم الصـحيح بحسـ

.(362)«القسمة بالنسبة

الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة لقد ذكر تقريبان لكلام المحقق الخوئي في بيان الفــرق بين

التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة:

ق الخوئي &التقريب الأول لرؤية المحق &وهــو مــا يظهــر من تقريــرات بحثــه المطبــوع. وقــد أوضح

الفرق بين التقسيم المطلق والتقسيم بالنسبة بأن للمــال الواحــدب الحصــص المشــاعة بينهم، فكــان إذا جعل لأشــخاص على حســ المال زائــدا على حصصــهم؛ فإمــا أن لا يكــون من الأول لهم، بــل لهم الحصص فقط؛ وإما أن يكــون المــال من الأول لهم، ثم تــبين

كيفية التقسيم على الحصص المذكورة. إذن هنا حالتان. هــ تـارة يوصــي الميت بـأن ومثال ذلك في بـاب الوصـية؛ فإن لولده الأكبر نصف الأغنام، ولولده الأوسط ربعها، ولولده الأصــغر ثمنها، فيبقى حينئذ ثمن الأغنام خارجا عن مورد الوصــية، فينتقــل

إلى الورثة. ن كيفيــة وأخرى يوصي أن تكــون جميــع الأغنــام لهم، ثم يــبيــدي الثلاثــة، القسمة، كما لو قال: مــا أتركــه من الأغنــام كلهــا لولم المــال نصفها للأكبر، وربعها للأوسط، وثمنها للأصــغر، فــإذا قســــا، وهــذا الثمن أيضــا داخــل في الوصــية، فنصــفه ــد ثمن بينهم يزي للأكبر، وربعــه للأوســط، وثمنــه للأصــغر، ويبقى ثمن الثمن أيضــا،

م هكذا، وهكذا إلى أن تستوفى التركة. فيقس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد163هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ومورد التقسيم بالنسبة إنما هو الثــاني، لا الأول. والمســتفاد من آيات الإرث أن الوارث هم أولو الأرحام والأقربون. فما تأخذه البنت إذا اجتمعت مع الأبوين ـ أو مع أحــدهما ـــ النصــف بالنســبة

إلى التركة. (، ولكــل واحــد من15( دينارا كان لهــا )30فلو ترك الميت )

ــا ) ــاقي )5أبويه ــذ البنت نصــفه5(، والب ــة، فتأخ ( أيضــا من الترك والأبوان سدسيه، ويبقى سدس السدس، وهكذا إلى أن تســتوفى

التركة. (، ونصــف النصــف15وكذا لو انفردت البنت، فلها النصــف )

(، إلى أن3.75(، ونصف النصف الباقي، وهــو )7.5الباقي، وهو ) تستوفى الفريضة. فلا تتصور هنا زيادة أبدا؛ لأن التقسيم كمــا هــو

.(363)ظاهر الآيات المباركة تقسيم بالنسبة، لا على الإطلاقــوئي أن&وبهذا البيان الفني والصناعي استطاع المحقق الخ

د صــحته، قــال: وبهــذا يتضــح»ينتصر لموقف الفقه الإمامي، ويؤكــا ــا ورد عن أئمتن ــا لم ــا الأعلام، تبع ــه فقهاؤن ــا ذهب إلي ــحة م ص

إنه لا يتصور على هذا ف؛(364)«المعصومين، من بطلان التعصيب... في الخارج مورد تكون فيه الزيــادة على التركــة؛ كي يبحث عنــه.

هــو الموافــق لظــاهر(365)فما ورد من أن العصبة في فيه الــتراب هذا الوجه أول الوجوه في إبطال&. وقد جعل(366)الآيات المباركة

. (367)التعصيب

تعليق وتعميق وتكميل : &لدينا بعض التعليقات على ما أفادهأقول:

، وهو المحكي عن الإمام أمــير&إن المثال الذي أوردهأولا: في قسمة الإبل الموصى بهــا، لا ينطبــق على المقــام×المؤمنين

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد164هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

من كون القسمة بحسب النسبة؛ وذلك لأن كــل واحــد من هــؤلاءنــة لــه بلحــاظ الثلاثة الموصى إليهم قد أخذ أكثر من الحصة المعي كـل المـال، أي لا يصـدق النصـف على مـا أخـذه الأول، ولا الثلث على ما أخذه الثاني، ولا التسع على ما أخذه الثالث؛ فــالأول أخــذ أكثر من النصف كثيرا، والثاني أخذ أكــثر من الثلث قليلا، والثــالث

اــ لــو بــدلنا الإبــل بالقيمــة، أي أكثرأخذ من التسع، وهذا يتضح جلينبدلها إلى دنانير؛ تخلصا من الكسور.

( دينــارا،54وبيان ذلك: إننــا نفــترض كــون قيمــة كــل بعــير )ــارا 54فيكون مجموع التركة = قيمة البعير الواحد ) (17 )×( دين

دينارا. 918بعيرا = أــ فلو كانت القسمة بــالإطلاق لــوجب تعــيين الحصــص كمــا

يلي: ــارا، وللثـــاني )الثلث( = 459للأول )النصـــف( = 306 دينـ

دينارا. 102دنانير، وللثالث )التسع( = (، لا يعطى لأحد من الموصى لهم. 17والباقي )

ب ـ ولو كانت القسمة بالنسبة لــوجب تعــيين الحصــص كمــايلي:

(، وهكـذا، وهــو لا8.5 دينارا، ونصــف البـاقي )459للأول = ( دينارا. 469يتجاوز )

(، وهكــذا، وهــو5.666 دينارا، وثلث الباقي )306وللثاني = ( دينارا. 313لا يتجاوز )

(، وهكذا، وهــو1.888 دينارا، وتسع الباقي )102وللثالث = ( دنانير. 105لا يتجاوز )

ــذوه ج ـ ولكن بحسب ما ذكر في المثال المنقول كان ما أخكما يلي:

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد165هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

دينارا، وهو أكثر من النصف486 =ـ 54 ×ـ 9(ـ =ـ 9للأول )( دينارا.17النسبي بما يزيد عن )

دينارا، وهو أكثر من الثلث324 =ـ 54 ×ـ 6(ـ =ـ 6وللثاني )( دينارا.11النسبي بما يزيد عن )

من التسع أكثر دنانير، وهو108 =ـ 54 ×ـ 2( = 2وللثالث )( دنانير.3النسبي بما يزيد عن )

ــا بلحـــاظ الحصـــص المطلقـــة )وهي: النصـــف والثلث وأمـ والتسع( فهي تفوق على الحصص المطلقة أيضا. وهذه الزيــادات

(. 17استوفوها من الفائض من مجموع المبلغ، وهو ) وهذا ما يكشف عن وجــود نكتــة في القســمة المـذكورة في

وهي عبــارة عن وجــود قرينــة،×النص المأثور عن أمير المؤمنينخاصة في المورد.

ــا: ــاده المحققثاني ــذي أف ــ ال ــه ـ ــذا الوج ــأن ه لا يخفى بــوئي ــروض دون&الخ ــحاب الف ــل لأص ــتدلال على رد الفاض للاس

العصبة ـ لو تم فإنما يتم في صــورة اجتمــاع ذوي الفــروض، وأمــا في صورة انفــراد ذي الفــرض بــالإرث فلا يمكن الإفــادة من هــذا الوجه. فلو كان الوارث بنتا فلها النصف بالفرض، وأمــا رد البــاقي

ك بآيــة أولي الأرحــام.عليها فهــو بحاجــة إلى دليــل آخــ ر، كالتمســ وعليه فإن الآيات المعينة للســهام لوحــدها لا تــدل على رد الزائــد

على الورثة. ضح مما ذكرنــاه في النقطــة الأولى أن للقســمةثالثا: قد ات

ــمة أكثر من معنى؛ فتارة يراد القسمة العرفية؛ وأخرى يراد القسعلى الإطلاق؛ وثالثة يراد القسمة بالنسبة.

ونحن إذا دققنـا النظـر يتضــح عـدم كــون هـذه الأقســام في عرض واحد؛ لعدم كونها أقساما لمقسم واحد. لذا فالأدق القــول:

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد166هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

تنقســم القســمة إلى قســمين: قســمة على الإطلاق؛ وقســمةبالنسبة.

وكل منهما تارة يلحظ بالمنظار العرفي المسامحي؛ وأخــرى يلحــظ بالمنظـار الرياضـي الــدقي. وإن شــئت قلت: إنهــا تنقســم

بلحاظ آخر إلى: قسمة عرفية مسامحية؛ وقسمة رياضية دقية. فالقسمة الملحوظة باللحــاظ العــرفي المســامحي

وم أدنى م�ن﴿من قبيــل: قولــه تعــالى: إ�ن ربك يعلم أنك تقـن الذ�ين معــك واللــه ثلثي الليل� ون�صفه وثلثه وطائ�فة م�

وه فتــاب عليكم ﴾...يقدر الليل والنهار عل�م أن لن تحصــ وهي هنا قسمة عرفية مسامحية؛ فإن المراد من،(20)المزمل:

قيام ثلــثي الليــل أو نصــفه أو ثلثــه قيــام هــذه الأزمنــة على وجــهالتقريب، لا الدقة والتحقيق، كما هو صريح الآية.

وأما القسمة الملحوظة باللحاظ الرياضــي الــدقيقــا غن�متم م�ن﴿فهي من قبيــل: قولــه تعــالى: ــوا أن م واعلم

سول� ول�ذ�ي القربى واليتامى شيء فأن لله� خمسه ول�لرب�يل� اك�ين� وابن� الســ ــال: ﴾...والمســ ــراد؛(41 )الأنف ــإن الم ف

استقطاع )الخمس( من المال كله، وحساب المال بصورة دقيقة، من دون ترك شيء منــه، ولــو كــان يســيرا؛ إذ مــع تــرك شــيء لا يصدق عليه أنه أخرج الخمس من جميــع مالــه. وكــذا في حســاب

الأنصبة في الخمس والزكاة. ـ لا على الإطلاق ـ فهي من قبيل:وأما القسمة بالنسبة

قسمة المال المشاع بين الشركاء، وقسمة الــربح في المضــاربة؛ب ــه بحســ ــال كلـهـ وتقســيمه على أرباب ــا الم ــإن الملحــوظ هن ف

حصصهم. ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

167هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

فهي من قبيل: أغلب مواردوأما القسمة على الإطلاقــأن لزيــد الثلث، ولبكــر الوصية السائدة، فحينما يوصي الموصي ب الربع، ولعمرو الخمس، فيلحظ إعطــاؤهم النســب المــذكورة من

المال فقط، من دون أي زيادة، وأما الفاضل فيدفع للورثة. ــة النحــو المــراد منوهنا يبرز سؤال: ــف يمكن معرف كي

القسمة في الأدلة في ما نحن فيه ـ أي في باب الإرث ـ ما دامتكل هذه الأنحاء واللحاظات ممكنة وواقعة؟

ــواب: في&إن الظـــاهر من بيانـــات المحقق الخـــوئيالج المقام أن المقصود هنا من تعــيين الســهام هــو النــوع الثــاني من

...إن ظاهرهــا ـــ أي» :&التقســيم، وهــو التقســيم بالنســبة. قــال .(368)«الآيات ـ كون التقسيم تقسيما بالنسبة، لا على الإطلاق

المناقشة إن هذه مجرد دعوى غير بينة، ولا مبينة، فتفتقر إلى الدليل. ــتي عينت الفــرائض ينا نحن والآيات ال فالصحيح هو أننا لو خلــا التقســيم بنحــو الإطلاق. وهــذا مقتضــى الظهــور لاســتفدنا منه الأولي، كما هو واضح. وهذا المعنى هــو الــذي يتبــادر إلى الــذهن،رين، على اختلاف ــ ــاء ومفس ــل من فقه ــل أو الك ــه الج ــا فهم كم

مذاهبهم. ؛ لعدم حجيته،(369)وليس هذا من باب التمسك بمفهوم العدد

بل لكون المقام مقــام القســمة، فيشــكل هــذا قرينــة حاليـة علىإرادة الاقتصار على الحصص المذكورة، دون زيادة عليها.

وأيضا المتبادر من تعــيين الســهام عنــد الإطلاق هــو اللحــاظهــ المعــنى الحقيقي الرياضي والدقي، لا العــرفي المســامحي؛ فإن

لهذه الكسور، كالنصف والثلث والربع وغيرها. ــبة ـ وأما إرادة النوع الثاني من القسمة، وهو التقسيم بالنس

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد168هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

وكذا إرادة اللحاظ العرفي المسامحي ـــ، فهــو بحاجــة إلى نصــبقرينة تدل عليهما.

ـهـ في بــاب الإرث قــد قــامت القرينــة اللفظيــة وهنا يدعى أنل المنفصــلة على إرادة التقســيم بالنســبة، وهــذه القرينــة تتمث

، أو ما دل على(370)بالكتاب والسنة. أما الكتاب فآية أولي الأرحام . وأما السنة فالمتواتر من الأخبــار الــواردة عن(371)توريث الأقرب

(372)^أئمتنا . فنرفع اليد عن ذلك الظهــور الأولي،(373) تواترا معنويا وينعقد ظهــور ثــانوي؛ بســبب القرينــة الــتي تفيـد انحصــار الورثــة بالأقرب. ومع وجــوده لا تصــل النوبــة إلى تــوريث الــذي يليــه من الورثة. ومقتضاه استئثار الأقرب بالتركة، لكن بنسبة ســهمه منهــا

من جميع المال. ثم إنه لا مجال للتشكيك في هذه القرينة، ولا في ما تقتضيهـهـ على أســاس التســليم بهــذه القرينــة ثبت القــول من ظهور؛ لأن بالرد، وعلى أساس التســليم بمــا تقتضــيه من ظهــور ثبت القــول بكــون الــرد يكــون على أســاس الســهام بالنســبة. أجــل، لم تقم

القرينة هنا على إرادة اللحاظ العرفي المسامحي. ــا: إن التفــاوت بين اللحــاظ الرياضــي الــدقيق وبينرابع

اللحاظ العرفي المسامحي واضــح دائمــا؛ حيث يغض عن الزيــادةفيه أو النقيصة منه إذا كانتا قليلتين.

وأما التفــاوت بين القســمة على الإطلاق والقســمة بالنســبةضح فيما لو تعددت الكســور والنســب المئويـة، وإلا لـو فهو إنما يتحدت فلا تفاوت بينهمــا حينئــذ. فصــاحب النصــف إذا انفــرد فلــه ات نصف المال، والقســمة هنــا لهــا صــورة واحــدة لا أكــثر، ولكن إذاــر ثلث، أو تعدد أصحاب الحصص، كما لو كان لأحدهم نصف وللآخ كان لأحدهم ثلث وللآخر ربع وللثالث خمس، فهنا تختلــف النتيجــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد169هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

بحسب اختلاف القسمة المقصودة. فلــو كــان المقصــود القســمة على الإطلاق فيبقى فاضــل عن المــال المقســوم، وأمــا لــو كــانر القســمة ــر ــل تتك ــاق، ب المقصــود القســمة بالنســبة فلا يبقى ب بحسب الحصص عدة مرات حتى يفنى المال حقيقة أو تقريبا، أي

يبقى منه شيء حقير لا اعتداد به لدى العقلاء. فــإن×وأما فى المثال المأثور عن أمــير المؤمــنينخامسا:

ب القاعـــدة هي القســـمة على الإطلاق، لا نـــوع القســـمة بحســـ القسمة بالنسبة. وأيضا لا بد أن تكون ملحوظة باللحاظ الرياضــي

الدقي. على وجـود×ومن هنا ينبغي أن تحمل فتوى أمــير المؤمــنين

قرينة لفظية أو حالية تفيد إرادة الموصي في تلك الوصية بالذات. هــذا أولاالقســمة بالنســبة، لا القســمة على الإطلاق، :وثانيــا

ــة على أن الموصــي قصــد قســمة ينبغي افتراض وجود قرينــة دال الإبل سالمة، لا قسمة لحمها؛ فإن مــا قصــده الموصــي ليس هــو تقسيم الإبل ولو بتقطيع لحمها إلى أجزاء، بــل قصــد التوزيــع مــع حفظ سلامة الإبل؛ لينتفع بها الموصى له بما هي إبــل، لا بمــا هيــك لتمت ــرض أن الموصــي لم يكن يقصــد ذل ــو ف لحم وعظم. ول القسمة بنحو آخر، ولوجب التقسيم بحسب القيمة تقسيما دقيقا، من دون تســامح بالكســور والأعشــار. وبحكم هــذه القرينــة يصــح القول بأنها كانت قســمة عرفيــة مبنيــة على التســامح والتقــريب،ـهـ من البعيــد رفة، وإلا فإن ولم يرد القسمة الرياضية والعقلية الصــ جــدا افــتراض تســاوى الإبــل في القيمــة والســن وفي الخصــائص

كافة. ومن الطريف أن الرواية التي عثرنا عليها تشتمل على هــذه القرينـــة، وأن المشـــكلة بين الأشـــخاص الثلاثـــة تتعلق بانكســـار

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد170هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

الحصص، كما سوف تطلع عليه. ــا: ــة المــأثورة عن أمــيرسادس ــثر على الرواي ــا لم نع إنن

ــانت واردة×المؤمنين ، التي أشار إليها المحقق الخوئي من أنها ك في تقسيم مال موصى به. والــذي عثرنــا عليــه هــو روايــة أخــرىـذـكر كونهــا في تشــتمل على نفس الأعــداد والحصــص، لكن لم ي الوصية، بل ذكر نزاع ثلاثة أشخاص في المال. ونص الروايــة كمــا

ـهـ جــاءه»يلي: ــة ابن المقــرئ: إن ــة رجــال×عن شــرح بديعي ثلاث يختصمون في ســبعة عشــر بعــيرا، أولهم يــدعي نصــفها، وثــانيهم

ر. فقــال رــد على كــل منهم الكســ عها، وكــان ي ×ثلثها، وثالثهم تســــمها بينكم؟»لهم: ــا وأقس ــيرا مني فوقه ــع بع ون أن أض ــ ،«أترض

قالوا: نعم، فوضع واحدا فوقها من نفسه، فصـارت ثمانيـة عشـر،عها فأعطى الأول نصفها تسعة، والثــاني ثلثهــا ســتة، والثــالث تســ

. (374)«×اثنين، وبقي بعيره لهأقول:

ـ لم أعثر على المصدر الأصــلي الــذي نقــل منــه التســتري1هذه الرواية. ومن المستبعد تمامية سندها.

ــ إن المحقق الخــوئي2 ــة في&ـ ــذه الرواي لم يســتند إلى هدا، ولــذا لا يضــر رؤيته التي أفادها، بل اعتبر الروايــة شــاهدا ومؤي

يتها؛ فإن مستنده كان هو ظهور الآيات. إرسالها أو عدم حج ـ الظاهر بحسب هذا النقل أن النزاع والخصومة بين أولئك3

الرجال الثلاثة لم تكن في أصل الشركة، بل كــانت المشــكلة فيانكسار الحصص بسبب القسمة.

ـهـ بنــاء على اعتبــار الســهام بالنســبةسابعا: قد يقــال : إنم الزيادة على الورثــة بنســبة يلزم القول بصحة العول. فكما تقس سهامهم إلى أن يفنى الزائد فكذلك لو فرض زيــادة الســهام على

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد171هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ــة بنســبة ســهامهم إلى أن ــة يتم تقســيم النقص على الورث الترك تجبر النقيصة. ومن الواضح أن الالتزام بــالعول لا ينســجم مــع مــا

هو الثابت عند الإمامية من بطلانه.

محاولة للدفاع : إن هذا التوهم غير صحيح؛ لأن حالةلكن يمكن أن يقال

كون السهام بمقدار التركة أو دونهــا أمــر معقــول، وأمــا افــتراضــه؛ كي كون السهام أكثر من التركة فهو أمر غير معقول في نفس نحتاج إلى علاجه. كمــا لــو كــان لــدي دينــار، وأردت أن أهب زيــدا نصفه وبكرا ثلثيه، فهنا لا يعقل هذا النحو من الهبة، لا أنه معقول،

والمشكلة كامنة في عملية التقسيم خارجا.

ق الخوئي &التقريب الثاني لرؤية المحق .(375)وهــو مــا يظهــر من أحــد تقريــرات بحثــه غــير المطبــوع

والفــرق بين هــذا التقــريب والتقــريب الســابق يكمن في تصــوير )القسمة بالنسبة(، وأن المراد بها هو القســمة بلحــاظ نســبة كــل حصة إلى الحصص الأخرى، لا نســبتها إلى جميــع المــال، وبعبــارة أخرى: القسمة بحسب نسبة الكسر إلى الكسر، أي نســبة ســهم كل من الشركاء من المال إلى غيره نسبة الكسر إلى الكسر من الواحد، فنسبة الثلث إلى النصف نسبة الثلثين إلى الكــل، فيكــون لصاحب الثلث ما يساوي ثلثي مــا لصــاحب النصــف. ففي المثــال

؛ حيث اجتمـع×الوارد في الخبر المــأثور عن أمـير المؤمـنين علي فيه سهام النصف والثلث والتســع في ســبعة عشــر بعــيرا، يكــون لصاحب الثلث ستة، وهي ثلثا التسعة التي هي لصــاحب النصــف، كما أن نسبة التسع إلى الثلث نســبة الثلث إلى الكــل، فلصــاحب التســع ثلث مـا لصـاحب الثلث، وهـو اثنـان. ]إلى هنــا انتهى بيـان

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد172هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ر الفاضل، بتصرف يسير في العبارة[. المقر

المناقشة ـرـد عليــه إن كان هذا هو المقصود من )القسمة بالنســبة( في

ما يلي: ــاس إلى1 ـ إنه لو لوحظت نسبة كل من الثلث والتسع بالقي

النصف فنسأل في المقام عن المقيس عليــه، وهــو النصــف: إلىأي شيء يقاس هذا النصف؟

والجواب: لا شك بأن النصــف يقـاس بلحـاظ الأصـل، وهــو ) ، وفيوالكســر هــو عبــارة عن نســبة(؛ لأن النصف هو كســر، 17

المثال المأثور لا تكون التسعة من الإبل مســاوية لنصــف الأصــل، بل هي أكثر من النصف. وهذا التفــاوت في المقــدار ســوف يــؤثر على نتيجـــة الكســـرين الآخـــرين، أي الثلث والتســـع، فلا يكـــون مقــدارهما مطابقــا مــع النســبتين الواقعيــتين، إلا إذا أريــد النســبة

والقسمة التقريبية المسامحية، لا الدقيقة. ل نســبة إلى شـيء2 ـ إن الكسر ـ أي كسر كان ــ دائمـا يمث

ما؛ باعتبار أن الكســر يتشــكل من بســط )= صــورة( ومقــام )=ل ة والجــزء، والمقــام يمث ل الســهم والحصــ مخــرج(، فالبســط يمث الكل، فكلما كان كسر كانت هناك نسبة مفترضة، أي نسبة الجزءم في إلى الكل، والقسم إلى المقسم. وهنا نسأل: ما هو المقســ

هذه الكسور؟ والجواب: إن المقسم الملحوظ هو الأصل )= الكل( لا غير،

ما لجميـع الكســور، وهي النصــف والثلث17وهو ) (، ويكون مقســ(. 17والتسع، فتنسب كلها إلى )

وأما الفرضيات الأخرى: ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

173هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

كــافتراض لحــاظ الأصــل مقســما لبعض الكســور، والكســور الأخرى يلحظ فيها الباقي بعد فرز الكسر الأول، فهذا في حقيقته

يعود إلى تعدد القسمة، وهو بحاجة إلى بيان زائد. أو افتراض لحاظ نسبة كل كســر إلى الكســر الآخــر فهــذا لا يحتاج إلى لحاظ، فإنه أمر واقعي، ككــون الكــل أكــبر من الجــزء،ل ثلثي النصــف، ولا يصــح جعــل فإن أي ثلث نفترضه هو دائما يمثــرة؛ أحد الكسور مقسما إلا إذا تعددت عملية القسمة لأكثر من مم حينئــذ. والظــاهر من إذ مع تعدد القســمة يمكن اختلاف المقســ القسمة في الإرث أو في الوصية وغيرهما إرادة اتحاد القسمة، لا

تعددها؛ فإن التعدد يحتاج إلى بيان زائد، وليس موجودا. ـهـ3 ـ لو فرض إرادة هذا التفسير للتقسيم بالنسبة فنقول: إن

ب الكسـور المــذكورة في المثـال إن أمكن تصوير القسـمة بحســ ، وهي: النصف والثلث والتسع، فمــا هــو الحــال×المأثور عن علي

لو افترضنا كسورا أخرى غير ذلك؟ كما لو كانت الكسور كالتالي:ب هــذا البيــان ســوف يكــون لصــاحب نصف وسبع وتســع، فبحســ

(، ولصاحب السبع ما يعادل نسبة الســبع إلى17( من )9النصف ) النصف، ولصاحب التسع ما يعــادل نســبة التســع إلى الســبع، فيــا ترى ما هي نسبة السبع إلى النصف؟! وما هي نســبة التســع إلى

السبع؟! ـ لــو فــرض إرادة هــذا التفســير للتقســيم بالنســبة فنقــول4

ــدد أيضا: لو افترضنا تبديل المقسم المذكور في المثال المأثور بع (،18آخر، مــع إبقــاء الكســور على حالهــا، كمــا لــو كــان الأصــل )

(،6(، ولصــاحب الثلث ثلثــا النصــف، وهــو )9فلصــاحب النصــف ) (، فيبقى واحــد، لمن يكــون2ولصــاحب التســع ثلث الثلث، وهــو )

حينئذ؟

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد174هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

(، ولصــاحب8(، فلصاحب النصــف )16ولو افترضنا الأصل )رــى كيــف يتم الثلث ثلثا النصف، ولصاحب التسع ثلث الثلث، فيا ت

تحديد الكسرين الآخرين؟! ــيف ) ــابقة، فنض ــة الس ل بالحيل ــ ــا أن يتوس ــبح2فإم (، فيص

(، وحينئــذ2( و)6( و)9(، ويكون التقسيم كالتالي: )18المجموع ) (، وهو أكــثر من الأصــل بواحــد، فمن أين لنــا17يكون المجموع )

به؟ فهذا الطريق مسدود أمامنا. ــا أن نعطي ) (، وهــو8( للأول، ثم نضــيف واحــدا إلى )8وإم

مه، فنعطي للثــاني )9النصف، فيصبح ) (،2(، وللثــالث )6( ونقســدــ أن وهنا لا تكون مشــكلة؛ إذ لا زيـادة ولا نقصــان عن الأصـل. بيد مــا قلنــاه هذا يستلزم تعدد القسمة لأكثر من مرة. وهذا مــا يؤك من أن هذا النحو من التقسيم يستبطن تعدد القسمة، وهو بحاجة

إلى بيان زائد.

ق النجفي والمحقق&المقارنة بين رؤيتي العلمين المحق &الخوئي

إنه من المحتمل العثور على جذور هــذه الرؤيــة في كلمــات في جواهره، حيث قال&بعض السابقين، ومنهم: المحقق النجفي

ــدا لم يــرث، ورد ــ شــارحا لقــول المحقق الحلي: )وإن كــان بعي ـ الفاضل على ذوي الفروض، عدا الزوج والزوجــة، مثــل: أبــوين أو

بل قد يقال: في كل مقام تبقي» ـ: (376)أحدهما وبنت وأخ أو عم( الفريضة شيئا إنما يرث ذو الفرض فرضه وغير الفــرض بالقرابــة، كما يومئ إليه جملة من النصوص. وتكون فائدة ذكر الفرض بيانرـاد منـه أن المـال مقدار إرثهم ـ كمـا في مثـال المتن ــ، الـذي ي يقسم بين البنت والأبوين أخماسا: ثلاثة للبنت وخمســان للأبــوين.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد175هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

ومن ذلك يعلم الوجه في ذكر الفرض، لا أن المراد منه عدم إرثه أصلا، الذي هو مقتضى مفهوم اللقب، المفــروغ من عــدم حجيتــه في الأصول، ومن الخروج عنــه هنــا ـــ بعــد تســليمه في خصــوص المقام، ولو للقرائن الظــاهرة في إرادة القيديــة منــه ـــ بــالمتواتر

ـةـ الشــيعة في إثبــات^من الأخبار عن أئمتنا ، الــتي هي عمــدة أدلــع ــة م ــق المجادل ــه من طري ــادة علي ــر بعضــهم زي ــك، وإن ذك ذل

. (377)«الخصم وصدر العبارة ناظر إلى تفسير نصوص السهام، وهي الآيات الكريمة، بأن المراد بالسهام فيها ليس استحقاق السهم فحسب، حتى لو بقي شيء من التركة، بل المراد أخــذ الســهام، واقتســامــات، الفاضل بحسب السهام أيضا؛ أما أخذ السهام فبمقتضــى الآيــار وأما اقتسام الفاضل وفقا للسهام فبمقتضى المتواتر من الأخب

. ومراده بالتواتر: التواتر المعنوي، لا اللفظي،^الواردة عن أئمتنا كما هو واضح. والمتحصل من مجموع ما أفــاده أن آيــات الســهامــهام، ب الس ــ ــال بحس ــع الم ــون لجمي ــمة تك ــدل على أن القس ت

ومرجعه إلى القسمة بالنسبة، لا النسبة على الإطلاق. حــدتان في النتيجــة، وهيأقول: إذن، فرؤيتا كلا العلمين مت

دـ أن المحقق ـ ــبة. بي ــمة بالنس ــهام القس ــات الس ــاد آي ــون مف كب مــا أورده&الخوئي يرى أن هذا هو المعــنى الظــاهر منهــا حســ

ر لبحثه، في حين أن المحقق النجفي يرى أنه مستفاد من&المقرالمتواتر من الروايات، كما هو صريح ذيل عبارته المتقدمة.

وبهــذا يتضــح الفــرق بين رؤيتيهمــا ورؤيــة مشــهور الإماميــة،ــاع، ــتقلة، ألا وهي: الإجم ةـ مس ــا بأدلـ ــرد ثابت ــبرون ال ــذين يعت ال

. (378)وضرورة المذهب، وآية أولي الأرحام، والروايات

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد176هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ق الخوئي &أهمية رؤية المحق مهمة وجديرة&إن هذه الرؤية التي طرحها المحقق الخوئي

بالبحث؛ وذلك: ــا1 ـ لكونها رؤية جديدة، بالتقريب الذي أفاده، لم يسبق إليه

أحد من قبل، بحسب الظاهر. ـ لكونها من حيث الجغرافيــا الفقهيــة تقــع في بــاب الإرث،2

وهو باب محدود يصعب المناورة فيــه، ومجــال التجديــد فيــه يكــاديكون منعدما أو نادرا جدا.

ـ قلة البحوث الاجتهادية في باب الإرث بشكل عــام إذا مــا3 قيســت بســائر الأبــواب الفقهيــة، كالطهــارة والصــلاة، بــل ســائر

المعاملات. ـ لقد اعتاد الفقهاء غالبا في المسائل الخلافية القديمة بين4

ــا ــتي ذكره ــدفاعات ال ــة وال ــرار الأجوب ــنة تك ــة وبين الس الإمامي السابقون بحذافيرها، أو مع تعديل في العبارة، أو إضافات جزئية، في حين أن المحقق الخوئي حاول طرح دليل جديد، وهو الاستناد إلى الظهور القرآني. ولا يخفى مدى أهمية الاستدلال بالكتاب في

المسائل الخلافية بين الشيعة والسنة. ر عن&ـ إن هذه الرؤية الــتي طرحهــا المحقق الخــوئي5 تعب

قراءة جديدة للنص القــرآني. ومن الواضــح أن النص القــرآني لم يأخذ نصيبه الكافي في البحوث الفقهية، ولم يلق الاهتمام الكبير،ــال ــريم في مج ــاب الك ــل دور الكت ــة لتفعي ــة محاول ــذه الرؤي فه

الاستنباط الفقهي. &ـ ومن الطريف أن هذا البحث قد طرحه المحقق الخوئي6

في المراحل الأخــيرة من عمــره الشــريف، الــذي قضــاه بــالبحثــه ل إلي ل آخر ما توصــ والتحقيق والتدريس. ومقتضى ذلك أنها تمث

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد177هـ1439م ـ 2018شتاء

د. الشيخ خالد الغفوري الحسني•

بعد تلك الرحلة البحثية الطويلة من عمره العلمي، وبعــد إشــرافه وتسلطه على البحث الفقهي وطريقــة الاســتنباط فيــه. فــالتقرير

خ بـ )&المطبوع لأبحاثه هـ(. 1417 ـ 1413 في الإرث مؤر ورغم أهمية هــذه الرؤيـة القرآنيـة ودقتهــا، لكن مـع الأسـف الشــديد لم يلتفت إلى هــذه الرؤيــة المهمــة، ولم تعــط حقهــا منالبحث والدرس، ولم أعثر على بحث مدون تناولها أو أشار إليها.

أهم نتائج البحثنا رؤيــة قرآنيــة فقهيــة مهمــة 1 ــلـــ عرضــ مطروحــة من قب

دها أن آيــات ســهام الإرث لوحــدها كافيــة، ومفا&المحقق الخوئي لإثبات رد الفاضل عن الســهام على الورثــة. وقــد ســلطنا الضــوء

عليها، وشرحناها. ــة2 ــة المحقق الخــوئي، مقرون ـ لقد ذكرنا تقريبين لبيان رؤي

بالإيضاح والتحليل. ـ إن الرؤيــة القرآنيــة الــتي قــدمها المحقق الخــوئي تــدعم3

موقف الفقــه الإمــامي القائــل بــرد الزائــد عن ســهام الإرث على الورثة أنفسهم، من دون حاجة إلى روايــة؛ لتبــيين الموقــف تجــاه

الزائد. ـــ إن الرؤيــة القرآنيــة الــتي قــدمها المحقق الخــوئي تثبت4

ــد بطلان التعصيب، الذي يتبناه الفقه السني، القائل بإعطــاء الزائعن سهام الإرث للعصبة.

ـ ذكرنا بعض التعليقات التوضيحية على هذه الرؤية، وبعض5 التعليقات التكميلية، من قبيل: بيان أنواع القسمة ولحاظاتهــا، من كونها قسمة رياضية دقيقــة أو عرفيــة مســامحية، وكونهــا قســمة

على الإطلاق أو بالنسبة.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد178هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

الرد في الإرث في ضوء القرآن الكريم، دراسة تحليلية تقويمية تكميلية لرؤية• المحقق الخوئي

ـ اعترضــنا على الاســتدلال بالروايــة الــتي أوردهــا المحقق6د للقسمة بالنسبة، وذكرنا عــدم×الخوئي عن أمير المؤمنين كمؤي

انطباقها على محل البحث. ـ حاولنا تحليل هــذه الرؤيـة الـتي قـدمها المحقق الخــوئي،7

ــور ــة الظه ــة، وهي حجي ـةـ اجتهادي ــه من أدل ــا تســتند إلي ــان م وبيالقرآني.

ـ تصدينا لتقويم هــذه الرؤيــة ونقــدها، وبيــان عــدم تماميــة8 الــدليل عليهــا، وأن المفهــوم عرفــا من الآيــات المحــددة لســهام

الإرث القسمة على الإطلاق، لا القسمة بالنسبة. ـ قارنا أولا بين رؤيــة المحقق الخــوئي وبين رؤيــة المحقق9

اــ بين الرؤيــتين من جهــة وبين رؤيــة مشــهور النجفي. وأيضــا قارننا التفاوت بين هذه الرؤى. الإمامية من جهة أخرى. وبي

نا مــدى أهميــة الرؤيــة الجديــدة الــتي قــدمها المحقق10 ـ بيالخوئي، من حيث كونها قراءة تجديدية للنص القرآني.

ـ إن هذه الدراسة للرؤيــة الجديــدة الــتي قــدمها المحقق11 الخــوئي تعكس مــدى إمكانيـة تفعيـل الــدليل القــرآني في مجــال

الاستنباط الفقهي.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد179هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

نقد الصوفيةقراءة في الروايات النبوية

*(*()د. الشيخ محمد عيسى الجعفري

ترجمة: حسن علي الهاشمي

يعتبر الاستناد إلى الروايات ضمن الدائرة الدينية من الســبلــ في الأقل مؤنة )من حيث القدرة على الإقناع(، والأمضى تأثيرا ـــل المخــالفين لهم. الوقت ذاته ـ في نقد وتخطئة الخصــوم من قب والصــوفية هم من أولئــك الــذين أتقن خصــومهم اســتخدام ســلاح الروايات ضدهم. وفي هذا الإطــار نســعى في هــذا المقــال ـــ من خلال دراسة طائفة من الروايات )النبوية( ـــ إلى الإجابــة عن هــذا السؤال القائل: هل يمكن من الناحية الروائية أن نعثر على مكانة

وصورة للصوفية غير تلك التي صورها المخالفون عنها؟ ـدـ من التــذكير هنــا بــأن العثــور على رؤيــة إيجابيــة في ولا ب معــرض الجــواب عن هــذا الســؤال لا يعــني تجاهــل الانحرافــاتــود والأخطاء الجزئية التي تعاني منها الصوفية. فلا يمكن إنكار وج بعض الأخطاء عند هــذه الجماعــة ـــ كمــا هــو الحــال بالنســبة إلى الكثير من الفرق والمذاهب الإسلامية الأخرى ـ، إلا أن وجود هــذه الأخطاء يجب أن لا يؤدي إلى إصدار الأحكام المجحفة في حقهم، وذبح جميع المنتسبين إلى هذه الطائفة بمقصلة واحــدة. إن هــذه الدراسة ـ بطبيعــة الحــال ـــ لا تســعى إلى تطهــير وتنزيــه شــامل للتصــوف والصــوفية؛ إذ إن هــذا المســعى، مضــافا إلى اســتحالته

الاقتصاد النظري. متخصص في مجال التصوف والعرفان، وفي مجال علم)*(*( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد180

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ــاع ــه؛ إذ إن الأوض ــة ل ل غاي ــطور، لا يمث ــذه الس ــاحب ه على ص الســابقة والراهنــة، ونــوع الســلوك غــير المناســب لبعض الفــرق وأعيان الأشخاص، لم يترك مجالا لذلك. إنما نروم في هذا المقالةـ في هــذا الشـأن ـ الحصـول ــ من خلال دراسـة الروايـات النبوي

على صورة واضحة وحقيقية عن هذه الطائفة. على البحث فيأولاوفي إطار هذه الدراسة ســوف نعمــل

الروايات المــذكورة في مصــادر أعــداء الصــوفية وخصــومهم؛ لأن ذلك أدعى لاستقصاء كامل الروايات ذات الصــلة بموضــوعنا. وإنل المنهج الأوثـــق في البحث عـــدم إســـقاط أي واحـــد منهـــا يمث المتقن. وبعد الفــراغ من هــذه العمليــة الاستقصــائية نعيــد البحث عن الروايات التي عثرنـا عليهــا مــرة ثانيـة في المصـادر الروائيـة الأخرى، فإذا وجـدناها هنـاك أيضـا نأخــذ في دراسـتها من الناحيـة السندية، لننتقل بعد ذلك إلى البحث في مضامينها. ولا بد هنـا من التذكير بأن الخوض في مضامين الروايات، حتى بعد إثبات ضـعفــك السند، لا يعني تجاهل ضعف أسانيدها، بل يعود الســبب في ذل إلى أن ضـعف السـند، رغم تقييـده الاسـتفادة من الروايـة، ولكن

قائمــا )مهمــا كــان×يبقى احتمــال صــدور الروايــة عن المعصــوم ضئيلا(، ومن هنا يكــون بحث مضــامين الروايــات مجــديا على كــل

حال.

ـ رواية الرهبانية1ــة في» أنه نهى عن الترهب، قــال: |عن رسول الله لا رهباني

ل، ونهى«الإسلام. تزوجوا؛ فإني مكــاثر بكم الأمم . ونهى عن التبتلن، ويقطعن أنفسهن من الأزواج . (379)النساء أن يتبت

أـ دراسة السند ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

181هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

على الرغم من شهرة هذا الحديث، إلا أن المصــدر الشــيعيفــه القاضــي أبي الوحيــد الــذي ينقلــه هــو )دعــائم الإســلام(، لمؤلــذكر ســنده. حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، دون أن ي ويبــدو أن التميمي قــد رواه من مصــادر أهــل الســنة. فهــو ينقــل الرواية بشكل غير مباشر، ويمكن لهذا أن يكــون علامــة على أنــه

في نقلــه روايــة عثمــان بن مظعــون على هــذه(380)مثل ابن سعد الشاكلة. ثم إنه لا أثر لهذه الروايــة في المصــادر الروائيــة الأولى لأهـــل الســـنة، من قبيـــل: الصـــحاح الســـتة، والمســـتدرك علىــير الصحيحين، والموطأ لابن مالك أيضا؛ إذ لم يعثر عليه إلا عند غــير، من ــري والزمخشــري وابن الأث ــال: الحري ــدثين، من أمث المح

.(381)الذين عاشوا في القرنين السادس والسابع الهجريين إن ذكرنا لهـذه الروايـة هنـا يـأتي من أن عامـة المسـلمين ـ بمن فيهم الشيعة ـ قد نظروا إليها بوصفها رواية معتبرة في نفي

ــال ـ&الرهبانية؛ فقد استند إليها الإمام الخميني ـ على سبيل المث )وإن كــان هــذا«شــرح حــديث جنــود العقــل والجهل»في كتابــه

.(382)الكتاب بصدد ترسيخ الرهبانية الإيجابية والمقبولة(ــدوي في ــرحمن ب ــد ال ــدكتور عب ــق ال ــدو من تحقي ــذي يب وال

أن هذا الحديث كان في الأصــل بصــيغة أخــرى،«تاريخ التصوف» وأنه نقــل لاحقــا بــالمعنى، وكــان ابن ســعد هــو أول من رواه في

. وقــد نقلت(383)مصادر أهل السنة بهذا المعــنى عن روايــة أخــرى هذه الرواية بهــذا المضــمون، ولكن بعبــارات مختلفــة، في قضــية عثمان بن مظعـون. ويبـدو أن هـذا هـو النص الأول لهـذه الروايـة أيضا. وعلى أي حــال فــإن هــذه الروايــة تعــد ضــعيفة من الناحيــة

السندية.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد182هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ب ـ دراسة المضمون في معرض دراسة مضمون هــذه الروايــة يجب التــذكير بــأنــأن ــات بش ــائفتين من الرواي ــتمل على ط ــيعية تش ــادر الش المص الرهبانية: طائفة منها تنفي الرهبانيـة وتبطلهـا؛ والطائفـة الأخـرى

دها. تثبتها وتؤي

ـ الروايات الناظرة لنفي الرهبانية1 عن ابن القــداح، عن أبي عبــدـــ عن الكليــني، في روايــة، 1

، فقــالت:|جاءت امرأة عثمان بن مظعون إلى النبي» قال: ×الله يا رسول الله، إن عثمان يصوم النهار ويقوم الليل، فخرج رســول

هـ، حتى جـاء إلى عثمـان، فوجــده يصـلي،|الله مغضبا يحمـل نعلي ، فقــال لــه: يــا عثمــان، لم|فانصرف عثمان حين رأى رسول الله

يرســلني اللــه تعــالى بالرهبانيــة، ولكن بعثــني بالحنيفيــة الســهلة الســـمحة، أصـــوم وأصـــلي وألمس أهلي، فمن أحب فطـــرتي

. (384)«فليستن بسنتي، ومن سنتي النكاح ـ وفي رواية أخرى نجد مشهدا آخر لهذه الحادثة؛ إذ تقول:2

، فاشــتد حزنــه عليــه، حتى اتخــذ&توفي ابن لعثمان بن مظعون»د فيه، فبلــغ ذلــك رســول الله فقــال لــه: يــا|من داره مسجدا يتعب

عثمان، إن الله ـ تبارك وتعــالى ـــ لم يكتب علينــا الرهبانيــة، إنمــا. (385)«رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله

قلت»عن عثمــان بن مظعــون قــال: ـ وفي روايــة أخــرى، 3 : يا رسول الله، أردت أن أســألك عن أشــياء، فقــال:|لرسول الله

ــا وما هي يا عثمان؟ قال: قلت: إني أردت أترهب؛ قال: لا تفعل ي عثمان؛ فإن ترهب أمتي القعود في المساجد وانتظار الصلاة بعــد الصلاة، قال: فإني أردت يا رسول الله أن أختصي؟ قال: لا تفعل

. (386)«يا عثمان، فإن اختصاء أمتي الصيام ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

183هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــال: ـ 4 ــون ق ــان بن مظع ــول الله»عن عثم : إن|قلت لرس نفسي تحدثني بالســياحة وأن ألحــق بالجبــال، قــال: يــا عثمــان لا

. (387)«تفعل؛ فإن سياحة أمتي الغزو والجهاد ويبدو أن الرواية الثالثة والروايــة الرابعــة روايــة واحــدة؛ لأنــارات، وبعض هاتين الروايتين قد وردتا ـ مع اختلاف في بعض العب

جــاء عثمـان على النحـو التـالي: «دعائم الإسلام»الإضافات ـ في يــا رســول اللــه، قــد غلبــني»، فقال: |بن مظعون إلى رسول الله

حديث النفس، ولم أحدث شـيئا حتى أسـتأمرك، قـال: بم حـدثتكك يــا عثمــان؟ قــال: هممت أن أســيح في الأرض، قــال: فلا نفســ

ــال:(388)تسح في الأرض؛ فإن سياحة أمتي المساجد .... إلى أن ق وهممت أن أجب نفسي، قال: يا عثمان، ليس منا من فعــل ذلــك

. قــال: وهممت أن(389)بنفســه، ولا بأحــد، إن وجــأ أمــتي الصــيامم خولة على نفسي )يعني امرأته(، قال : لا تفعــل يــا عثمــان؛|أحر

خذ بيد زوجته كتب الله ـــ عــز وجــل ـــ لــه فإن العبد المؤمن إذا ات |عشر حسنات، ومحا عنه عشر سيئات...، ثم ضــرب رســول الله بيده على صدر عثمان، وقال: يا عثمان، لا ترغب عن سنتي، فــإن من رغب عن سنتي عرضــت لــه الملائكــة يـوم القيامــة فصــرفت

. (390)«وجهه عن حوضي ،«الصــلاة»، و«الهجــرة»ــ وفي روايــة أخــرى تمت إضـافة 5

. (391)«الجهاد» إلى «العمرة»، و«الحج»، و«الصيام»و إن اللــه ـ»قــال: ×ـ وفي رواية أخرى عن الإمــام الصــادق6

ــالى ـــ أعطى محمدا ـاـرك وتع ـرـاهيم وموســى|تب ـوـح وإب رائع ن شــة^وعيسى رـة الحنيفي دـاد، والفطـ ـ عـ الأن ــد والإخلاص وخلـ وحي ، الت

م فيهــا اــت، وحــر ب ة، ولا سياحة، أحل فيها الطي محة، ولا رهباني الس. (392)«الخبائث

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد184هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

كوني، عن أبي عبد اللهـ وفي موضع آخر: 7 ــال:×عن الس قــه ول الل ــ ــال رس ــرب، إن»: |ق ة الع جد رهباني ــ اـء في المس ـ ك الات

. (393)«المؤمن مجلسه مسجده، وصومعته بيتهــال: ×عن عليـ 8 ــول الله» قـ ــال رسـ ــتي|قـ : ليس في أمـ

. (394)«رهبانية، ولا سياحة، ولا زم ـ يعني السكوت ـني، قــال:: |ـ قال رجل لرســول الله9 يــا رســول اللــه، أوصــ

ـهـ رأس أمــرك كله» ... قلت: يــا رســول«أوصيك بتقــوى اللــه؛ فإن. (395)«عليك بالجهاد؛ فإنه رهبانية أمتي»الله، زدني، قال:

قـد أبطـل|يتضح من مجموع هذه الروايات أن النبي الأكــرمــات تم التعريــف بالجهــاد بوصــفه ــة. وطبقــا لأكــثر الرواي الرهباني رهبانية الإسلام؛ وفي بعضها الآخــر اعتــبرت رهبانيــة الإســلام في

الصلاة والصيام والحج والعمرة.

ـ الروايات الناظرة إلى تأييد الرهبانية2 وفي الطرف المقابل للروايات المتقدمة هناك طائفة أخرى

من الروايات تؤيد الرهبانية، وهي: في وصف شيعة أمــير المؤمــنين علي×ـ عن الإمام الباقر1

فاه،»: ×بن أبي طالب ما شيعة علي الحلماء العلماء، الذبل الش إنة على وجوههم هباني . (396)«تعرف الر

أنــه قــال| عن النــبي الأكــرم،×ـ روى الإمام جعفر الصادق2ــل»: ×لعلي بن أبي طالب يا علي، إخوانك ]شيعتك وأنصــارك[ ذب

ةــ في وجــوههم وقـد تم نقــل هــذه. (397)«الشــفاه، تعــرف الرهباني. (398)الرواية بسندين مختلفين

يــا»، يصف شيعته لنــوف البكــالي: ×ـ وقال أمير المؤمنين3ــذين تعــرف ــذبل الشــفاه، الخمص البطــون، ال ــوف، شــيعتي ال ن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد185هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــذين الرهبانية والربانية في وجوههم، رهبان بالليل، أسد بالنهار، الــرافهم، ــدوا على أط ــاطهم، وارت زروا على أوس ــل ات هم اللي إذا جن وصـــفوا أقـــدامهم، وافترشـــوا جبـــاههم، تجـــري دمـــوعهم على خدودهم، يجأرون إلى الله في فكاك رقابهم، وأما النهــار فحلمــاء

. (399)«علماء كرام نجباء أبرار أتقياء في وصــف الــذين يوالــون أهــل×ـــ قــال الإمــام الصــادق4ــر، ولم...»: ^البيت الطبقة الثالثة النمط الأوسط، أحبونا في الس

ــا في الســر، دون ــانوا أحبون ــة. ولعمــري لئن ك ــا في العلاني يحبونــر ــرى أث ــل، ت ــون باللي ــار، القوام ــوامون بالنه ــة، فهم الص العلاني

. (400)«الرهبانية في وجوههم أن قوما أتوه في أمــر من أمــور الــدنيا×روينا عن علي»ـ 5

لوا إليه بــأن قــالوا: نحن من شــيعتك يــا يسألونه في الدين، فتوس أمير المؤمنين، فنظر إليهم طويلا، ثم قال: ما أعــرفكم، ومــا أرىــرا ممــا تقولــون. إنمــا شــيعتنا من آمن باللــه ورســوله، عليكم أث وعمل بطاعته، واجتنب معاصيه، وأطاعنا في ما أمرنا ودعونا إليهــني التحفظ من ــ يع ــوم ـ ــر والنج ــاة الشــمس والقم شــيعتنا، رع مواقيت الصلاة ـ. شـيعتنا ذبـل شــفاههم، خمص بطـونهم، تعــرف

. (401)«الرهبانية في وجوههم اللهم صــل على محمــد وآل محمــد، واجعلنــا من الــذين»ـ 6

رتعــوا في زهــرة ربيــع الفهم حتى تســامى بهم الســمو إلى أعلىــنة ــك ألس ــوبهم، حتى ناجت ــك في قل ــر هيبت ــموا ذك عليين، فرس القلوب الخفية بطول استغفار الوحدة في محاريب قدس رهبانية

. (402)«الخاشعين ذبــل الشــفاه» في وصف الشــيعة: ×ـ وقال أمير المؤمنين7

ــون من ــ ــوع، عمش العي ــ ــون من الج ــ من العطش، خمص البط

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد186هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

. (403)«السهر، الرهبانية عليهم لائحة، والخشية لهم لازمةــال: ـ 8 ــي ق ــلمان الفارس ــنين»عن س ــير المؤم ــا أم خطبن

)صلوات الله عليه( بالمدينة، فــذكر الفتنــة وقربهــا، ثم ذكــر قيــام ثم ]بعــد... القــائم من ولــده، وأنــه يملأهــا عــدلا كمــا ملئت جــورا

الفراغ من خطبته[ انضجع، ووضع يده تحت رأســه، يقــول: شــعار. (404)«الرهبانية القناعة

إن هــذه الروايــات تثبت أن الرهبانيــة ليســت غــير مذمومــة أيضا. ×فحسب، بل هي من العلامات البارزة لشيعة الإمام علي

ــات: ــائفتين من الرواي ــه ط ــا نواج ــاس فإنن ــذا الأس وعلى ه طائفة تــرفض الرهبانيــة؛ وطائفــة تقرهــا. والشــيء نفســه يســود

الروايات الواردة في مصادر أهل السنة أيضا.ــدوي إلى مقارنــة هــذه ــدكتور عبــد الــرحمن ب وقــد عمــد ال الروايات بما جاء في القرآن الكريم من الآيات الخاصة بالرهبانية؛ــوب ــوع مطل ــة: ن ــوعين من الرهباني ــود ن ــك وج ــتنتج من ذل ليس

ــوع آخــر27وممدوح، كما هو وراد في الآية من سورة الحديد؛ ونــدنيا ر لل ــة على التنك مذموم، من قبيل: الرهبانية المسيحية القائمف ــ ــد والتقش ــو الزه ــاه نح ــذاتها، والاتج ــاع من التنعم بمل والامتن واعتزال الناس والمبالغة في الارتيــاض، حتى أنهم كــانوا يعملــون على إخصاء أنفسهم، ويضعون الأغلال في أعناقهم، إلى غير ذلــك من تحمل أنــواع العقوبــات الجســدية الأخــرى. وقــد أبطــل النــبي الأكرم هذا النوع من الرهبانية في الإسلام، ومنع المسلمين منهــا،

. (405)«عليكم الجهاد. رهبانية أمتي في الجهاد»قائلا: ــال ــاظرة إلى إبط ــات الن ــول: إن الرواي ــا يمكن الق ومن هنح الرهبانية إنمــا تنفي هــذا النــوع الثــاني من الرهبانيــة. كمــا تصــرــه إنمــا قــة بقضــية عثمــان بن مظعــون بأن ــات المتعل بعض الرواي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد187هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

؛ لأنه هجر زوجته، وانشــغل عن شــؤونه|تعرض لعتاب رسول الله وشؤون أسرته بالعبادة، وفي بعضــها الآخــر أن النــبي الأكــرم قــد منعه من جب نفسه وهجران أهله وما إلى ذلك. وفي لسان أكــثر هذه الروايات عد هجران الأهــل أبــرز مظــاهر الرهبانيــة الباطلــة، وفي بعضها الآخر عد اجتنــاب أكــل اللحم وتــرك الطيب من أبــرز

خصائص هذا النوع من الرهبانية. وأمــا بالنســبة إلى الروايــات النــاظرة إلى تأييــد الرهبانيــة ـ والتي ورد في أكثرها أن الرهبانية من علامــات الشــيعة ـــ فتعتــبر التقوى والزهد هو الميزة الأبرز في هــذا النــوع من الرهبانيــة. إن هذا النــوع من الرهبانيــة الــتي تــدعو إليهــا الروايــات المــذكورة لالــة تفضي إلى اعتزال النســاء أو تــرك الطيب وبعض المتــع المحل الأخرى، وإنما تدعو إلى نوع من اعــتزال النــاس. ومن هــذا النــوع

ــة في|الاعتزال الخاص الذي كان النبي الأكرم ــل البعث يقوم به قبــه، ــوحي علي غار حراء، والتي أدت في نهاية المطاف إلى نزول ال

وتحمل أعباء الرسالة السماوية. في الفصل بين هذين النوعين من&وقد قال الإمام الخميني

الرهبانية بهذا المعنى ـ أي ترك المجتمع وترك النسـاء»الرهبانية: ــان عن ومنع القوى الإلهية الشريفة التي أعطاها الله تعالى للإنسب عليهــا مفاســد كثــيرة.. العمــل ـــ هي من غايــة الجهــل، وتــترتــلحات والخوف من الله تعالى، الذي هو من جنود العقل ومن مصــل، لا يلازم النفس، ومقابله الجرأة على الله، وهي من جنود الجه الرهبانية بــذلك المعــنى ]الــذي تقــدم ذكــره[. بــل إن الخلــوة فيبهم، وإن كــانت عرف أهل المعرفــة لا تعــني اعــتزال الخلــق وتجن الخلوة في مصطلحهم عبارة عن تــرك اشــتغال القلب بغــير اللــه تعالى، وقد لا تحصل أحيانا إلا من خلال اعــتزال النــاس والاختلاط

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد188هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

بهم لفـترة محـددة، وهي بهـذا المعــنى ليســت رهبانيــة ]بـالمعنى . (406)«المتقدم[، بل هي راجحة شرعا وعقلا

ــنين ــير المؤمـ نـــوف» في وصـــفه الشـــيعة لـ ×إن كلام أمـ ، يقــدم صــورة واضــحة(407)«همام»، أو وصفه المتقين لـ «البكالي

للرهبانية الجائزة والممدوحة في الإســلام. وقــال أمــير المؤمــنين طــوبى للزاهــدين في الــدنيا،»في كلام آخر لــه في هــذا الشــأن:

الراغبين في الآخرة، أولئك قوم اتخذوا أرض اللــه مهــادا، وترابهــا .(408)«وسادا، وماءها طيبا، وجعلوا الكتــاب شــعارا، والــدعاء دثــارا

وهناك الكثير من هذا النوع من الروايــات الــتي تثــني على الزهــد والإعراض عن الدنيا في المصادر الروائية لدى الشــيعة، وهي من

الكثرة بحيث لا يمكن ذكرها بأجمعها في هذا المقال المختصر. ــه هــو أن الإســلام لم ــذي يمكن قول ــإن ال وعلى أي حــال ف يشــجب الرهبانيــة بــالمطلق، بــل المنهي منهــا هــو المــذموم في لسان الروايات، وأما الممدوح منها فهو جائز، بل هناك حث عليه.

ـ رواية التنبؤ بالمستقبل2 لا تقوم الســاعة على أمــتي» أنه قال: |ورد عن النبي الأكرم

حتى يخــرج قــوم من أمــتي يحلقــون للــذكر رؤوســهم، ويرفعــون ، بل هم أضــل×أصواتهم بالذكر، يظنون أنهم على طريق إبراهيم

من الكفار، لهم شــهقة كشــهقة الحمــار، وقــولهم كقــول الفجــار، وعملهم عمــل الجهــال، وهم ينــازعون العلمــاء، ليس لهم إيمــان،

. (409)«وهم معجبون بأعمالهم، ليس لهم من عملهم إلا التعب

أـ مناقشة السند لم ترد هذه الرواية في المصادر الروائية الشيعية المتقدمــة.

. وهــو مصــدر«الاثــني عشــرية»وأول مصدر وردت فيه هو كتــاب ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

189هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

غير روائي، وإنما هو كتاب في الرد على الصــوفية. وأمــا المصــدر ،«سفينة البحــار»الروائي الأول الذي أورد هذه الرواية فهو كتاب

الذي هو من المصادر المتأخرة، معتمدا على أساس روايات بحــار الأنوار. وقد نقــل صــاحب ســفينة البحــار هــذه الروايــة عن كتــاب

ــدور» ــة المص ــابوري)«نفث ــبي النيس ــد الن ــيرزا عب ــد بن م ، لمحمــة1232 هـ(، وهو كتاب في النقض على الصوفية. وقد نقل الرواي

ــات»، وكذلك صاحب «نفثة المصدور»صاحب ، عن«روضات الجنــه«الكشــكول» ــيرزا حــبيب الل ــا الم ــا نقله ــائي. كم ، للشــيخ البه

ــند. وإلى«شرح نهج البلاغة»هـ( في 1361الخوئي) دون ذكر الس هنــا يمكن القــول: إن هــذه الروايــة لا ســند لهــا، وبــذلك تعــد من

الروايات الضعيفة. وفي ما يتعلق بالمصدر الرئيس لهــذه الروايــة يجب القــول:

، للشـــيخ البهـــائي)«الكشـــكول»إن هـــذه الروايـــة تنســـب إلى ـدـ أن هــذه الروايــة لا وجــود لهــا في جميــع النســخ1013 هـــ(. بي

المطبوعة والمتوفرة بين أيدينا لهذا الكتاب. ففي حدود بحثنــا في طبعــة الكشــكول ذات الأجــزاء الثلاثــة الصــادرة عن دار نشــرــدين الصــادرة عن دار نشــر الفراهــاني، وطبعــة الكشــكول بمجل شركة الطباعة والنشر، وطبعة الكشكول بمجلــدين الصــادرة عنــكول ــة للكش ــة الحجري ــذلك الطبع ــة، وك ــاء الكتب العربي دار إحي المتــوفرة في بعض المكتبــات، لم نعــثر على أثــر لهــذه الروايــة. وزيادة في الاطمئنــان راجعنـا المخطوطــة المحفوظــة في مكتبـة

/ــ 114السيد الكلبايكاني )بــرقم ( ومــع ذلــك لم نعــثر عليهــا32 هناك. وقــد ســبق لبعض الأشــخاص، الــذين تــوفر لــديهم الــداعي

، ولكنهم(410)الكافي، أن بحثوا عن هذه الروايــة في هــذا المصــدر مع ذلك لم يحققـوا نجاحـا، واكتفـوا بـالاعتراف بعـدم وجــود هـذه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد190هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

الروايـــة في النســـخ المطبوعـــة والمتـــوفرة حاليـــا من نســـخة الكشكول. يضاف إلى ذلك أن نظرة عابرة على هذا الكتاب تثبت أن لا وجود لأرضية تساعد على نقل هذه الرواية في ذلك الكتاب؛

؛ وبــذلك«الكشــكول»إذ على الــرغم من تســمية هــذا الكتــاب بـ يمكنه أن يذكر فيه الموضــوعات من شــتى المطــالب، إلا أن هــذا الكتاب يغلب عليه الطابع الأخلاقي والعرفاني، حيث قدم النصائح التربوية الخاصة في إطار مختلف الوصايا العمليــة. ولهــذه الغايــةرة. وفي هذا أكثر من نقل الأقوال عن الشخصيات الكبيرة والمؤثــرة الشأن نجد الاستفادة من كلمات كبار العرفان والتصوف حاض بقوة. وقد استعمل في معرض الاستناد إلى كلام هؤلاء الأشخاص

ــل: ــاب، من قبي ــفات وألق ــارف»ص ــيخ الع ــيخ»، و(411)«الش الش العـــــارف»، و(413)«العـــــارف الكامل»، و(412)«العـــــارف العامل

،(416)«جمال العارفين»، و(415)«العارف الصمداني»، و(414)«الربانييه»، و(418)«العلامة»، و(417)«مولانا»و ،(419)«حشـــره اللــه مـــع محب عطر الله مرقــده»، و(421)«رحمه الله»، و(420)«قدس الله روحه»و

. وهــذه الألقــاب تفــوق نقــل(423)«طــاب ثــراه»، و(422)«بالرضــوانر عن نوع من التعلق والارتبــاط الــروحي الأقوال العادية، فهي تعب الخاص من قبل المؤلف تجاه هؤلاء الأشخاص. كما أن ســعة هــذا

، المصحوب بهذه الألقاب والعنــاوين المــذكورة،(424)النقل للأقوال تثبت النظرة الإيجابية تجــاه أفكــار وآراء هــؤلاء الأشــخاص. وعلى هذا الأساس يمكن القول: إن أجــواء الكتــاب لا تســاعد أبــدا على ذكر رواية صريحة في تخطئة الصوفية، وإن الذين أسندوا الرواية إلى هــذا الكتــاب أرادوا بــذلك في الحقيقــة إنكــار تعلق المؤلف ـ الــذي هــو من مشــاهير علمــاء الشــيعة ـــ بالاتجــاه الصــوفي والعرفــاني، وإظهــاره واقفــا على الطــرف النقيض من الصــوفية.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد191هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

الأمر الآخر الذي يجب ذكره هو أن هــذا الكتــاب زاخــر بالروايــات ذات الصبغة العرفانية، الأمر الــذي ينفي نســبة أي روايــة مخالفــة

. (425)للعرفان إلى هذا الكتاب ومــع عــدم وجــود هــذه الروايــة في المصــادر الروائيــة فــإن الشيء الوحيد الــذي يمكننــا قولــه هــو أن نقــل هــذه الروايــة في المصادر المناوئة للصوفية كان لدوافع غير علمية. وعلى أي حــال مــع وجــود التشــكيك الجــاد في أصــل وجــود هــذه الروايــة ـــ بــل والاطمئنان إلى عــدم وجودهــا ـــ لا يبقى هنــاك من داع لمناقشــة

مضمونها ومحتواها.

ـ رواية أبي ذر الغفاري3 يا أبا ذر، يكون في آخر الزمان قــوم يلبســون الصــوف في»

صـيفهم وشــتائهم، يـرون الفضـل لهم بــذلك على غـيرهم، أولئـك. (426)«تلعنهم ملائكة السماوات والأرض

أـ مناقشة السند إن السند المذكور لهــذه الروايــة في كتــاب وســائل الشــيعة أكمل من سائر المصادر الأخرى؛ فقد ذكر السند هناك على النحوــالس ــي[، في المج ــيخ الطوس ــن ]الش ــد بن الحس ــالي: محم التل، عن رجــاء بن ــبر[، عن أبي المفضــ ــار، عن جماعــة ]معت والأخب يحيى العبرتائي، عن محمد بن الحسن بن شــمون، عن عبــد اللــهــد بن عبد الرحمن الأصم، عن الفضيل بن يســار، عن وهب بن عب الله الهمــداني، عن أبي حــرب بن أبي الأســود الــدؤلي، عن أبيــه،

، في وصــيته لــه، قــال: يــا أبــا ذر...،|عن أبي ذر، عن رســول اللهالحديث.

وهذا السند وقع في بدايته أبو المفضل محمــد بن عبــد اللــه ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد192

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

ــعفه ابن الغضـــــائري ــ ــد ضـ ــ ،(427)بن المطلب الشـــــيباني. وقـ. (430)، والشيخ الطوسي(429)، وابن داوود الحلي(428)والنجاشي

وأما الراوي الثاني، وهو رجــاء بن يحــيى العبرتــائي الكــاتب،. (431)، ولم يرد فيه توثيق×فهو من أصحاب الإمام الهادي

ــد بن وأما الراوي الثالث في هذا السند فهو أبو يعقوب محم الحسن بن شمون البصري. ذهب الكشي والشــيخ الطوســي إلى

ــي(432)اعتباره غاليا، بل اعتبراه من رؤساء الغلاة ، وضعفه النجاشهماه بفساد المذهب، بينما اكتفى ابن الغضــائري(433)والعلامة ، وات

. (434)بتضعيفه أيضا وأما الراوي الرابع في هذه السلسلة فهو أبو محمد عبد الله بن عبــد الــرحمن الأصــم البصــري. ذكــرت في حقــه أوصــاف من

. (435)قبيل: الغلو وما إلى ذلك وأما الراوي الخامس في هذا السند فهــو الفضــيل بن يســارهدي الكــوفي البصــري الإمــامي، وهــو ثقــة جليــل من أصــحاب الن

. (436)الإجماع وأما الراوي السادس فهو أبو حرب بن أبي الأسـود الـدؤلي،ــحاب وهو مجهول. وقد ذهب الشيخ الطوسي إلى اعتباره من أص

، وذهب الــبرقي إلى القــول بأنــه من(437)×أبي عبد اللــه الحســين ، وأنه كذلك من أصحاب أبي×أصحاب أبي محمد الحسن بن علي

×عبد الله الحسين . ولم يرد فيه أكثر من هذا. ولا بد من(438) أيضا الالتفات إلى أن مجرد الصــحبة لا تكفي دليلا على وثاقــة أو مــدح

الراوي. وفي آخر هذه السلسلة من السند يقــع )ظــالم( أبــو الأســود

ــنين ــير المؤم ــو من أصــحاب أم ــدؤلي، وه ــام الحســن×ال ، والإم . وهــو، مثــل(439)×، والإمــام الســجاد×، والإمام الحسين×المجتبى

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد193هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــيف أو نجله )الذي يروي عنه(، مجهول. فلم يرد في حقه أي توصتوثيق غير ما ذكر.

وعلى هذا الأساس تعد هذه الرواية ـ بلحاظ أوصاف الــرواةـ ضعيفة.

كما أن ســند ورام إلى ابن أبي الأســود مقطــوع. وقــد عمــدــاب ــدوره في كت ــي ب ــارم الأخلاق»الطبرس ــند«مك ــل س إلى نق

. وأما صــاحب كتــاب(440)الوسائل الذي يصل إلى الشيخ الطوسي«أعلام الدين» الذي أورد هذه الرواية فإنه لا يذكر سندها، مكتفيــا

بذكر أبي الأسود الدؤلي فقط، مما يوحي أنه قد اعتمد على سند الشيخ الطوسي. وأما سائر أصــحاب المصــادر الأخــرى المتــأخرة

عن عصر الشيخ الطوسي فقد نسجوا على ذات المنوال أيضا.

ب ـ مناقشة المحتوى إن هذه الرواية تعد واحــدة من أطــول الروايــات؛ إذ تشــتمل على أكــثر من ثلاثين ألــف كلمــة. وإذا اســتثنينا الأدعيــة المــأثورة فقلمــا نجــد لهــا مــثيلا في الطــول بين الروايــات. وهــذه الروايــة

ــة في محلها م ــارف القي ــير من المع . إلا أن(441)تشــتمل على الكث الذي يرتبـط من هــذه الروايـة بمحــل بحثنـا هـو خصـوص الفقــرة المذكورة آنفا. إن هذه الفقرة ذات بيان عام يشــمل كــل جماعــة تتصف بالأوصاف المذكورة فيها. ولا شك في أن الصــوفية تعــرفــذه ــوع من الملبس به ــذا الن ــيص ه ـدـ أن تخص ــوف، بي بلبس الص الجماعة فيه تجاهل لجماعات أخــرى من أفــراد المســلمين؛ فــإن هـــذا الملبس يعكس نوعـــا من الزهـــد، وإن الزهـــاد من غـــير الصوفيين يستعملون هذا الملبس كثــيرا. والمهم في هــذا القســم من الرواية هو التذكير برياء أصحاب هــذا الملبس. وقــد أدى هــذا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد194هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

اللحن إلى توظيف البعض له في ذم جماعة بعينها. ومن الطبيعيــا ــة الجماعــات. ومن هن أن يوجد هذا النوع من الأشخاص في كاف فإن إسقاط الرواية على جماعة بعينهــا يعتــبر نوعــا من التصــرف في منطوق الرواية، وتضييق دائرة شمولها. ولا يمكن العثور على وجه مقبول لهذا التصرف. ومــع هــذا التصــرف لــو عثرنــا من بين سائر الفئات الإسلامية على أشخاص من هــذا النمــط ـــ وبطبيعــة الحــال يمكن العثــور عليهم، ولا يســتطيع أحــد أن ينكــر ذلــك ـــ لا يمكن اعتباره مشمولا لهذه الروايــة. وهــذا حكم لا يمكن الالــتزام به بســهولة. فكــل شــخص أو جماعــة تبــاهي بهــذا الملبس تكــون مشمولة لهذه الرواية، ســواء أكــان من الصــوفية أم من غــيرهم. وأمــا إذا لم يكن اتخــاذ هــذا الملبس من أجــل التبــاهي، وإنمــاــل ب، ب ــه لن يكــون غــير مــذموم فحســ للتواضــع والخضــوع، فإن سيكون ممدوحا أيضــا. وبالمناســبة فــإن هــذه الناحيــة من اللبس

في ذات هــذه|المذكور قد ورد الاهتمام بها من قبل النبي الأكرم يا أبا» لأبي ذر: |الرواية )الوصية لأبي ذر الغفاري(؛ وذلك إذ يقول

ــو من ذر، أكثر من يدخل النار المستكبرون، فقال رجل: وهل ينج الكبر أحــد يــا رســول اللــه؟ قــال: نعم، من لبس الصــوف، وركب

. (442)«الحمار، وحلب العنز، وجالس المساكينــيته لأبي وقال النبي في موضع آخر من هذه الرواية في وص

يــا أبــا ذر، إني ألبس الغليــظ، وأجلس على الأرض،»ذر الغفاري: رج، وأردف خلفي، فمن وألعق أصــابعي، وأركب الحمــار بغــير ســ رغب عن ســـنتي فليس مني... يـــا أبـــا ذر، البس الخشـــن من

. (443)«اللباس، والصفيق من الثياب، لئلا يجد الفخر فيك مسلكار القســم الســابق من الروايــة بشــكل إن هذه الكلمات تفس صريح. وبــذلك يثبت أن الفهم الســابق كــان بمعــزل عن ملاحظــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد195هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

الجوانب الأخــرى من الروايــة، وهــو لــذلك فهم خــاطئ، ولا يمكنالاعتماد عليه.

يضــاف إلى ذلــك وجــود روايــات أخــرى تعمــل على تفســيرــداء ــرفض ارت ــات لا ت ــذه الرواي ــا. فه ــكل م ــذكور بش الكلام الم

×الصوف، بل تحكم برجحانه أيضا. فقــد روي عن الإمــام الكــاظم جزى الله الدنيا عني مذمة بعد رغيفين من»أن أبا ذر كان يقول:

الشعير، أتغدى بأحدهما وأتعشى بــالآخر، وبعــد شــملتي الصــوف،زر بإحداهما وأرتدي بالأخرى . (444)«أت

ــدوره إن هذه الرواية ـ وجميع رواتها ثقات ـ تثبت أن أبا ذر ب لم يفهم الذم المطلق للبس الصوف الوارد في هذه الوصية. وقد قال العلامة المجلسي في توضيح هذه الرواية، والجمع بينها وبين

]إن هذا الحــديث[ يــدل على»الروايات الناهية عن لبس الصوف: ــذم محمــول جواز لبس الصوف، بل استحبابه. وما ورد بالنهي وال على المداومة عليه، أو على مــا إذا لم يكن للقناعــة، بــل لإظهــار

لأبي ذر رضــي اللــه|الزهــد والفضــل، كمــا ورد في وصــية النــبي. (445)«عنه

ومن الجدير بالذكر أن هذا القسم من بحــار الأنــوار ـــ الــذيب تنظيم العلامــة المجلســي ل المجلــد الخــامس عشــر بحســ يمث نفسه ـ لا يحتوي على تاريخ كتابته. ولعــل الســبب في ذلــك يعــودــد بعــد الفــراغ من إلى أن المجلسي قد أعاد النظر في هذا المجل

ــدين . وقــد تم(446)المشروع برمته، وعمد إلى تقسيمه ضــمن مجل هـــ؛ وعليــه ـ1104الفــراغ من تنظيم المجلــد الرابــع عشــر ســنة

طبقا للترتيب المعمول ـ يجب أن يكون هذا المجلد قــد كتب بعــد هذا التاريخ. وفي مثل هذا الحال يمكن القول بأن هذا القسم من بحــار الأنــوار هــو من الأقســام الأخــيرة من هــذه الموســوعة؛ لأن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد196هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

العلامــة المجلســي قــد فــرغ من تــأليف البحــار في هــذه الفــترة . ويمكن لهــذا أن يعــني أن مــا كتبــه قبــل هــذا(447)الزمنيــة تقريبــا

ــاد(448)«عين الحياة»التاريخ بشأن لبس الصوف في كتاب ــد أع قالنظر فيه هنا.

ــبي الأكــرم ــة أخــرى عن الن ــه قــال: |وفي رواي خمس لا» أن أدعهن حتى الممــات: الأكــل على الحضــيض مــع العبيـد، وركــوبيــليم على الحمار مؤكفا، وحلبي العنز بيدي، ولبس الصوف، والتس

. (449)«الصبيان؛ لتكون سنة من بعديــال: ــه ق ــراز، عن أبي ــير الخ ــد بن الحســين بن كث وعن محم

وعليه قميص غليظ خشن تحت ثيابه، وفوقه×رأيت أبا عبد الله»ــتها، فقلت: جعلت ــظ، فمسس ــا قميص غلي ــوف، وفوقه ةـ ص ـ جب فـداك، إن النـاس يكرهــون لبـاس الصــوف، فقـال: كلا، كــان أبي

^ يلبســها، وكــانوا’ يلبسها، وكان علي بن الحسين’محمد بن علي .(450)«يلبسون أغلظ ثيابهم إذا قاموا إلى الصلاة، ونحن نفعل ذلك

ــل وفي بعض هــذه الروايــات كلام عن لبس الصــوف من قبــاء ، ومــع ذكــر(451) بشــكل عــام، ومن دون ذكــر أســمائهم^الأنبي

. وهنــاك روايــات تتحــدث(452)أسمائهم في بعض المــوارد الأخــرى لهــذا النــوع من÷ والســيدة فاطمــة الزهــراء^عن لبس الأئمة

. وهناك مجموعة أخرى من الروايات تحدثت عن شيوع(453)الثياب ، وبين أمــة(454)وفضــل هــذا النــوع من الثيــاب بين الأمم الســابقة

. وفي بعض الموارد تم اعتبار لبس(456)، وأصحابه(455)خاتم الأنبياء . وفي بعض هـذه الروايـات تم اعتبـار(457)الصوف جزءا من النبوة

ــة لــدخول(458)لبس الصــوف موجبــا لإدراك لــذة الإيمــان ، ومقدم. (459)ملكوت السماوات

وعليه فبالنظر إلى وجود كل هذه الروايات في فضــيلة لبس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد197هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

ــذا الصوف، وأن أبا ذر كان يعتبر نفسه من أولئك الذين يرتدون ه^النوع من الثياب، وأن الأنبياء وأئمة الهدى كــانوا يتخذونــه لباســا

لهم، وبالالتفات إلى ما جاء في موردين ـــ في الحــد الأدنى ـــ من ذات هـــذه الوصـــية لأبي ذر في اعتبـــار لبس الصـــوف دليلا على فضيلة التواضع، كيــف يمكن أن يســتفاد من هــذا القســم الخــاص من الرواية ـ الــوارد في ذم أشــخاص بعينهم ـــ ذلــك الفهم العــام

بشأن جماعة أو طائفة محددة؟!رين في تفسير قوله تعــالى: ل�بــاس﴿وقد ذهب بعض المفس

هو الذي يقتصــر عليــه من» إلى القول: (26 )الأعراف: ﴾التقوى أراد التواضــع والنســك في العبــادة من لبس الصــوف والشــعر

.(460)«والوبر والخشن من الثياب وعليه فإن غاية ما يمكن قوله: إن لبس الصــوف أو أي نــوع آخــر من الثيــاب؛ بــداعي الفخــر والتبــاهي، هــو المــذموم، من أي شخص أو جماعة صدر. من هنــا إذا أراد شــخص أن يســقط هــذهن عليـه قبـل كــل الرواية على شخص بعينه، أو طائفـة بعينهــا، تعيخــذ لبس شيء أن يثبت أن هذا الشخص أو هــذه الطائفــة إنمــا تت الصــوف للفخــر والمباهــاة، عنــدها فقــط يمكنــه أن يجــري عليهــاــة ــة زمني الحكم الوارد في هذه الرواية. ولا شك في أن كل مرحل قد شهدت وجود بعض الأشخاص ـ سواء من الصوفية أو غيرهم ـ قــد اتخــذوا من هــذا النــوع من الثيــاب وســيلة للفخــر والتبــاهي، والإغراء بالناس، وهذه مسألة لا يمكن إنكارها من أي منصــف، إلا أن إثباتها في حــق شــخص بعينــه، أو جماعــة أو طائفــة بعينهــا، أو

تعميمها على جميع أفراد فئة خاصة، دونه خرط القتاد. ولا بأس في الإشارة إلى أن بعض الروايات قــد ربطت لبس

. وبــذلك يقــع التعــارض بينهــا وبين الروايــات(461)الصــوف بالحاجة

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد198هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

المتقدمة. وقد سبق لنا أن ذكرنا رأي العلامة المجلســي في رفـع التعارض بين هذه الروايات. وكانت نتيجة جمعه ترجيح كفــة لبس الصوف. وأما صاحب الوسائل فقد قــال في رفــع هــذا التعــارض:

ويحتمل الحمــل على نفي التحــريم؛ ويحتمــل التخصــيص بــوقت» الصلاة، كما يفهم من آخــره؛ ويحتمــل التقييــد بوجــود العلــة، كمــا

. (462)«مر وللحمــل ]أي حمــل الروايــات الــتي»وقال في موضع آخــر:

تجــيز لبس الصــوف[ على النســخ ]بمعــنى أن الروايــات النــاظرة لسنة لبس الصــوف ناســخة للروايـات الـتي تـذم لبس الصـوف[،ــيص[ بلبس ــواز على التخص ــات الج ــل رواي ــيص ]أي حم وللتخص العباء؛ فإنه لم ينقل أنه كان يلبس غيرها من الصوف، بل نقل أن

. (463)«لباسه كان من القطن يستنتج مما قيل حتى الآن أن لبس الصــوف في حــد ذاتــه لا ينطوي على إشــكال، بــل هــو مرغــوب إذا كــان للتواضــع والزهــدك، وأمــا إذا تحــول لبس الصــوف إلى وســيلة للتفــاخر والتنســب، بــل ســيكون مــذموما، والتفضل فلن يكون غير مرغوب فحســ وإن كــل شــخص أو جماعــة تتخــذه لهــذه الغايــة سيشــملها الــذم

|المذكور في هذه الرواية )وصية الرسول ـدـ لأبي ذر الغفــاري(. بيــار أننا لا نستطيع أن نشير بإصبع الاتهام إلى جماعة خاصــة، واعتب الروايــة نــاظرة إليهــا بعينهــا، إلا إذا كــانت تلــك الجماعــة متصــفة بالملاكات المذكورة في تلــك الروايــة. وعليــه إذا وجــدنا مصــاديق في ســلوك أو آثــار الصــوفية تــدل على اتخــاذهم الصــوف شــعارال على الآخـــرين فـــإنهم ســـيكونون للتبـــاهي والتفـــاخر والتفضـــ مشمولين لحكم الروايــة بلا تــردد، وأمــا إذا لم يمكن العثــور على مثل هذا الشــيء فــإن الحكم في هــذا المــورد على أســاس هــذه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد199هـ1439م ـ 2018شتاء

محمد عيسى الجعفري• د. الشيخ

تة. الرواية لن يكون له من دافع سوى النوايا المبي

الاستنتاجــة ــد دراس ــة، بع ــة نهائي ــه كنتيج ــروج ب ــذي يمكن الخ إن ال الروايــات المتقدمــة، هــو أننــا لا نســتطيع الحصــول من مضــامينـةـ على مــا يمكن بــه نقــد وتخطئــة الصــوفية. أمــا الروايــات النبويل نوعا من الســلوك الخــاص بالصــوفية، والــذي الرهبانية التي تمث ينكره عليهم المخالف لهم، فهي لا تنطوي على سابقة سلبية بينــترغيب ــور على شــواهد تشــير إلى ال ــل يمكن العث المســلمين، ب والحث عليها باعتبارها أمرا مطلوبا. إنما الذي ينبغي الالتفات إليه هو نبذ الإســلام لنــوع خــاص من الرهبانيــة المتطرفــة، حيث ينهىــد ــاز إلى الزه ــوة وانحي ــاك دع ــل هن ــا، وفي المقاب ــلام عنه الإســة ــمولي لروايـ ــادي والشـ ــة. إن الفهم الأحـ ــة المعتدلـ والرهبانيـن حــدود الرهبانية، والإحجام عن بيان الروايــات الأخــرى الــتي تــبي شـمول الروايـة المـذكورة، يمهد الأرضـية لتوظيـف هـذه الروايـة بشــكل خــاطئ. ومن خلال الجمــع بين مختلــف الروايــات ينقشــع

الضباب عن حدود الدائرة الاستيعابية لرواية الرهبانية. ــالا للصــوفية( كما أن روايات لبس الصوف )التي اعتبرت مث لا تعتــبر هــذا الأمــر ظــاهرة ســلبية، بــل تنظــر إلى لبس الصــوفل الأســلوب بوصــفه مثــالا للزهــد والإعــراض عن الــدنيا، وأنــه يمثــل الأنبيــاء الســابقين والأئمــة الكبــار في الــدين بــع من قب المت الإسلامي أيضا. وإنما الذي اعتــبر مــذموما هــو التفــاخر والكبريــاء

في لبس هذا النوع من الثياب. إن تكثـــير المصـــادر الروائيـــة في نقـــد الصـــوفية يعـــد من الأساليب التي عمدت الآثــار المناهضــة للصــوفية إلى اتباعهــا من

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد200هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

نقد الصوفية، قراءة في الروايات النبوية•

أجــل التـأثير على المخـاطبين. وهــذا في حــد ذاتـه يشــكل ضـربةقــة بــذم الصــوفية، كمــا يضــر كبــيرة لمصــداقية الروايــات المتعل بمصداقية الناقدين للصوفيين أيضا. وفي هــذا المقــال عمــدنا إلى التعريف بمصادر الروايات المذكورة. وقد أثبتنا من خلال الشواهد أنها في بعض الموارد )كما هو الحال بالنسبة إلى الرواية الثانيــة( تنتهي بأجمعها إلى مصدر واحد، وعند الرجــوع إلى ذلــك المصــدر

وجدناه خاليا من الرواية المذكورة. وفي بعض الموارد تم تضليل المخاطب من خلال نقل بعضر الروايـة، وتعمد تجاهــل الأجــزاء الأخــرى من الروايــة الــتي تفســل المدعى المذكور )كما حصــل ذلــك بالنســبة إلى الجزء الذي يمثــليل والفهم ــية للتض ــوفر الأرض ــذي ي ــر ال ــة(، الأم ــة الثالث الرواي والاستدلال الخاطئ. وبالتالي يمكن القول: لا شيء من الروايــاتــد ــة ونق ــا تخطئ ــذي يمكن من خلاله ــتوى ال ــذكورة في المس المدــ في نقــد الصــوفية من البحث عن شــواهد الصــوفية، وعليــه لا ب

أخرى أفضل من هذه الشواهد.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد201هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

بين تراث دعاء السمات والتلمودالبابلي

*(*()د. محمد هادي گرامي

عماد الهلالي: وتنسيق وتعليق ترجمة

مقدمةــاء ــراث دع ــال نســعى للبحث عن مصــادر ت ــذا المق في همات ـــ في الــتراث الشــيعي، وجــذوره في السمات ـــ وليس الســ التلمــود البــابلي. ومضــافا إلى ذلــك ســعينا في هــذا التحقيــق أن

نتناول هذا الدعاء في التراث الشيعي الإمامي.

أهمية مقدمة الدعاءــير من الكتب ــاك الكثـ مات هنـ ــ ــاء السـ ــوص دعـ في خصـــةـ ةـ الـــتي دونت بـــاللغتين العربي ــ والبحـــوث والرســـائل الجامعي والفارسية. ولكن بحسب علمي كل هذه الدراســات والبحــوث لن تبحث ما أصبو إليه من التحقيــق في جــذور مقدمــة الــدعاء، حيثب مــا جـاء في مقدمـة فيها الكثير من المعلومـات المهمـة. بحســــر ل بن عم ــ ــان عن المفض ــل في بعض الأحي ــذي ينق ــدعاء، ال ال

ــد بن180الجعفي)في حدود هـ(، والنقل الثاني والأشهر عن محم ، الإمــام الغــائب×هـــ(، نـائب الإمــام المهــدي304عثمان العمري)

الثاني عشر لدى الشيعة الإمامية. وبحسب مــا جــاء في المقدمــة فإن هذا الدعاء كان متداولا لدى اليهود، وكــان لتلاوة هــذا الــدعاء

أستاذ جامعي، متخصص في مجال الحديث والتراث.)*(*( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد202

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

دور واســع في انتصــار يوشــع بن نــون في حربــه على العمالقــة. وبحسب التصحيح والتحقيق والتقديم للدعاء الذي قمت به مؤخرا شاهدت أن هــذه العلاقــة الوثيقــة بــدأت من المقطــع الثــاني إلى

رت مجلس»الثامن من هذا الدعاء. وإليكم هذا النص: ــال: حضــ قعيد العمــري قــدس اللــه يخ أبي جعفر محمد بن عثمان بن ســ الشاس يـرا من الن رــى كث اــ ن دي، مـا بالن ي اـ ســ روحه، فقال بعضنا له: يـوـن على رق منهم وهم ملعون ور اليهــود على من ســ ب يصدقون شـــاـن: ت ــذا عل ــال: له لسان عيسى بن مريم ومحمد رسول اللــه؟ فقــا ه أن ها أسماء الله ومدائحــه، إلا ظاهرة؛ وباطنة. فأما الظاهرة فإنادتنا أهــل الــذكر، حيحة موفــورة عن ســ عندهم مبتورة، وعندنا صـــاـ ا روين ى وصلت إلينا. وأما الباطنة فإن نقلها لنا خلف عن سلف حتوت : صـ ه قال: إذا دعا المؤمن يقـول اللـه عـز وجـل عن العالم أنماء ــة بين الســ ق ــا معل ـهـ، واجعلوه وا حاجت ــ معه، اقض ــ أحب أن أساــفر يقـول هــ، وإذا دعــا الك ي إلي ى يكثر دعاءه شوقا من والأرض حتـهـ، ــا ل لوه ـهـ، وعج وا حاجت : صوت أكره سماعه، اقضــ الله عز وجلى لا أسمع صوته، ويشتغل بما طلبه عن خشوعه. قالوا: فنحن حتى ندعو به ور حت ب ذي هو للش مات، ال نحب أن تملي علينا دعاء الس

زين علينا.... على ظالمنا ومضطهدنا والمخاتلين لنا والمتعزع بن نــون وصــي موسي×ثم قــال لمـا حــارب×: إن يوشــ

عفت نفـوس بـني إسـرائيل ةـ، ضـ ور هائل العمالقة، وكــانوا في صـع أن يــأمر×عنهم، فشكوا إلى الله تعالى، فأمر اللــه تعــالى يوشــ

ة من خزف الخواص من بني إسرائيل أن يأخذ كل واحد منهم جر هـ قرنـا ر باســم عمليـق، ويأخـذ بيمين ـ فارغـة ــ على كتفـه الأيسـ مثقوبا من قرون الغنم، ويقرأ كل واحد منهم في قرن هذا الدعاءـهـ. مون ياطين الجن والإنس فيتعل سرا؛ لئلا يسترق السمع بعض شــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد203هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

رونها، ثم يأتون ]بـ[ الجرار في عسكر العماليق آخــر الليــل ويكســهم أعجــاز نخــل خاويــة، منتفخي ففعلوا ذلك فأصبح العمــاليق كــأناــس. خذوه على من اضــطهدكم من ســائر الن الأجواف، موتى. فاتائل وــن العلم ومخــزون المســ ثم قــال: هــذا هــو من )عميــق( مكن المجابة عند الله تعالى )فادعوا بــه للحاجــة عنــد اللــه، ولا تبــذلوه

فهاء والصبيان والظالمين والمنافقين( ساء والس . «للن

الدراسات القديمة والحديثة للدعاء مع الأسف لم نلحظ أو لم نجد في اللغة العربية أو الفارسية

ــتي(464)بحثا أو دراسة جادة في النقد الداخلي ـةـ ال للجذور اليهودي تنســـب لهـــذا الـــدعاء. وأغلب الكتابـــات والبحـــوث، وحتى بعضــة، الرسائل الجامعية، تدور في فلك التحقيقات الكلاسيكية الرائجــل ـ ــار داخ ــوص من منظ ــق النص ــوم بتحقي ــتي تق ــان ال أو اللجةــ إســلامي. وكــل مــا تفعلــه أن تجمــع وتبــوب المعلومــات القرآني

والحديثية، ومن ثم صبها على النص.

الشرارة الأولى لا شك أن أول من قام بإعطائنا معلومات عن هــذه الجــذور الخارج ـ دينية لهــذا الــدعاء هــو الأســتاذ الفاضـل الــدكتور حســين المدرسي الطباطبائي، الذي ندين له بالفضل على هذه المعلومــة

مة. الثمينة والقي ذكر الأستاذ المدرسي في كتابه:

Tradition and Survival: a Bibliographical Survey of Early Shi‘ite Literature

ل في أثناء حديثه عن الــتراث المخطــوط المنســوب للمفضــ : ومن هــذا×بن عمــر الجعفي، أحــد أبــرز تلامــذة الإمــام الصــادق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد204هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

التراث المنسوب للمفضل هــو نص دعــاء الســمات، الــذي وصــل إلينا. وأشار الأستاذ المدرسي في الهــامش على الشــبه الموجــود

من التلمود البابلي. الهامش«موعد كتان»بين هذا الدعاء وقسم ــل ــة يتكئ على التحلي ــي في الحقيق ــتاذ المدرس ــر للأس المختصـةـ اللغــوي، ويســتند على علم فقــه اللغــة المقــارن للكلمــة العبري

ةـ بـ «שמתא» ـ ــاكن إلى الإنجليزي ــرجمت في أغلب الأم ــتي ت »، الShammetha»ومع الأسف في الترجمة العربية للتلمود التي نشرت .

من هـــذه«موعـــد كتـــان»في الأردن مـــؤخرا حـــذف قســـم . (465)الترجمة

«ســمات»على العمــوم يــؤمن الأســتاذ المدرســي أن كلمــة بت من كلمة العبرية. ومضافا إلى الأستاذ المدرسي«شاماتا»عر

هناك البروفسور استيفن لمبدن، الذي نشر في موقعه المســمىمات، ومقــالا لأحــد شــروح دعــاء )هورقليا( مقالين عن دعــاء الســ

هـ(. ومــع أن الســيد لمبــدن1259السمات للسيد كاظم الرشتي)ـةـ، وكــذلك سعى لترجمة أكثر نصوص الــدعاء إلى اللغــة الإنجليزي جهد في السعي المحمود والجاد أثناء رجوعه لبعض المصطلحات

، وغيرهــا، إلى الكتــاب المقــدس،«جبل فاران»، «بئر شيع»مثل: ولكن لم يوفق في )الرد( أو )إثبات( ما جــاء في مقدمــة الــدعاء، التي تشير إلى الصلة بينه وبين التراث اليهــودي. ومــا عــدا هــذينــني ق للنقد الخارج ـ دي البحثين لم نجد أي بحث أكاديمي آخر تطر

لهذا الدعاء. جذور الدعاء في التلمود

مع كل ذلــك سأســعى في هــذا المقــال أن أبحث عن جــذور دعاء السمات في التلمود البابلي، طبقا لنظرية فقه اللغة أو علم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد205هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

. وإن أي شــخص لديــه ولــو خــبرة(466)اللغــة المقــارن وتاريخانيتهــة ــي في العلاق ةـ المدرس ـ ــيجد نظري ةـ س ـ ــة العبري ــيطة باللغ بس

ـةـ بين كلمــة مات»الظاهراتي أقــرب إلى الواقــع،«شــاماتا» و«ســــق في قسم ــد البحث والتحقي ــا. وبع ــة كله ولكن ليســت الحقيق

ــان» ــد كت ـةـ لبعض«موع ــابلي، والتوضــيحات التاريخي ــود الب للتلمــراح عن كلمة ــاماتا »الش ــتين«ش ــد نقط ــنتوقف عن ةـ، س ـ العبري

أساسيتين: ـةـ بين مفهــومالأولى أو«شــاماتا »: مع وجــود العلقــة القوي

فــإن هــذا النص يعتــبر من النصــوص«سمات » ومفهوم«ساماتا» الدعائية في التراث الشيعي. في حين لم نجد في التلمود البابلياــ بهــذا الشــكل، لكن ســنجد في التلمــود مفهومــا باسم نصا دعائي

. «شاماتا» : طبقا لبعض التوضـيحات الــتي أشــار إليهـا شــارحيالثانية

ــطلح ــة أو مص ــإن كلم ــدس ف ــاب المق ــاماتا »الكت ــنة«ش هي س اجتماعية يهودية جــاءت لطــرد الأفــراد وتــأديبهم، ولفــترة محــددة

)محصورة( من الزمن، مثلا: يومين أو ثلاثة أيام فقط. ــا نظــرة خاطفــة وســريعة إلى بعض الشــروح إذن لــو نظرنــترو على ـةـ(، وشــرح جاس ــدس )البايبلي ــاب المق والتفاســير للكت

يتعلــق«شــاماتا»التلمود، سنصل إلى نتيجة ســريعة أن مصــطلح ــذه إذن من أهم بالتراث اليهودي الاجتماعي، وليس نص دعائيا. هةـ. ـ الأمور التي بحثتها. وبعد التدقيق توصلت إلى هذه النتائج الأولي علما أن البحث والتحليل الدقيق للنص التلمــودي، وإحصــاء جميــع

، ومطابقة بعضــها مــع البعض الآخــر، تتطلب«شاماتا»استعمالات بحثا أكاديميا دقيقا لهذه الظاهرة التلمودية.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد206هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

أهمية الشاماتا في التراث اليهودي تســتخدم في«شــاماتا »وهذه الظــاهرة تــدل على أن ماهية

التراث اليهودي لنوع من العقاب الاجتماعي، ومضافا إلى ذلك لهاـةـ. وبعبــارة أبعــاد غنوصــية مــع مــزيج من العلــوم الغريبــة اليهودي

ـةـ الــتي تحــدثت عن الـــ ، مثــل:«شــاماتا »أخرى: التعابير التلموديــة»، و«رمي الشاماتا على بعض الأشياء»، و«قراءة الشاماتا» كتاب

، وغيرها، كل هذه الأمــور تجعلنــا نميــل إلى«الشاماتا على الورقةـ تســتخدم في الأوراد أو الطلاسـم أو مــا شـابه أن للشاماتا ماهيــا ــلنا عليه ــتي حص ــات ال ــا للمعلوم ــك، وطبق ــل ذل ــع ك ــك. وم ذل والاستنتاجات التي وصلنا لها، والإشكالين الســابقين، من الصــعب

. «سمات» وكلمة «شاماتا »ملاحظة علقة أو ارتباط بين كلمة

الشبور بين التراث اليهودي والإسلامي ولكن أهم وأفضل شاهد يتعلق بفقه اللغة ويبعث الاطمئنانــة لنا بهذه العلاقة ـ التي لم يشر إليها السيد المدرسي ـ هــو أهمي

في التلمـود البـابلي، الـذي اسـتخدم بعـد كلمـة«شبور»مصطلح بمسافة قليلة جدا.«شاماتا»

النص الإنجليزي للترجمة الشهير للتلمود هو: «There was a domineering fellow who bullied a certain Collegiate. The latter

came before R. Joseph [for advice]. Said he to him: ‘Go and put the shammetha

on him’. ‘I am afraid of him’, he replied. Said he to him, ‘Then go and take

[out] a Writ against him’. - ‘I am all the more afraid to do that!’ Said R. Joseph

to him: ‘Take that Writ, put it into a jar, take it to a graveyard and hoot into it a

thousand Shipur [horn blasts] on forty days’. He went and did so. The jar ـ

burst and the domineering bully died» (Talmud, Mo'ed Katan, 17 a - 17 b).

وطبقا لأكثر الكتب اللغوية، وما ذكــره الــدكتور محمــد جــواد ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

207هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

«شــبور»، فــإن كلمــة (467)م( في معجمه التطبيقي1995مشكور)بة من كلمة الفارسية. وفي نص التلمــود ذكــرت«شيپور»هي معر

، ومفهومها هــو نفس المفهــوم والمعــنى المتــداول«شيپور»كلمة ــا أن نبحث وأن ــوقت علينـ ــية. وفي نفس الـ ــة الفارسـ في اللغـ نتساءل طبقا لعلم اللغة أو فقه اللغة المقارن: هــل هــذه الكلمــة الفارسية من الناحية اللغوية والتاريخية هي التي دخلت إلى النص ــا ــال طبق ــاكس؟ وعلى أي ح ــير مع ــا مس ــان له ــودي أم ك التلمـةـ الموجــودة بين أيــدينا كــان هنــاك تفاعــل بين للشــواهد التأريخيـةـ في بابــل، ومن المحتمــل أن الثقافة الفارسية والثقافــة اليهوديـةـ، كمــا أن هنــاك هذا المصطلح الفارســي دخــل إلى اللغــة العبري

الكثير من المصطلحات دخلت إلى العبرية. «شــبور »في مقدمة دعاء السمات سمي هذا الدعاء بـــدعاء

ــان أيضا. ومن خلال المسير التاريخي الذي نقل إلينا هذا الدعاء ك. «السمات » قرينا لـ«شبور »اسم

اــ هي مــوارد والنقطة الثانية المتممة التي نستدل بهــا تاريخي في نصوص الكتــاب المقــدس والنصــوص«شبور»استعمال لفظ

التلمودية. من المحتمــل أن بعض القــراء لا يعلم مــا مــدى أهميــةــة«الشبور» في التراث الديني اليهودي؛ حيث تقترن أهميته بأهمي في الفكــر والــتراث المســيحي. وفي الواقــع كمــا أن«الناقوس»

للنــاقوس مظهــرا ودورا مهمــا في الإعلان عن أوقــات الصــلاةةــ كــذلك للشــبور أهميتــه في الــتراث اليهــودي، والمراســيم الديني حيث يعتــبر مظهــرا من مظــاهر أعلان الحــرب على العــدو، أو

للتذكير عن أوقات الصلاة، أو أمور أخرى.

في الروايات التأريخية الإسلامية

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد208هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

وفي الكتب التأريخية في الصدر الأول للإسلام هناك تقـاريرـةـ، وإقبــال بعض تحكي وتشير لأهمية الشــبور في الثقافــة اليهوديــد المســلمين الشــبور في المسلمين عليه. وفي بعض الأحيــان قل بعض المراســيم الإســلامية. من أهم هــذه الكتب الــتي تــروي لنــا

في التــاريخ الإســلامي«الشــبور»تقريرا عن هذا التراث اليهــودي ــظ ابن كتاب التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، للحاف

حــدثنا عبــد اللــه بن محمــد قــال: حــدثنا»هـ(، قال: 463عبد البر) محمد بن بكر قال: حدثنا أبـو داوود قـال: حــدثنا عبــاد بن موســى وزيــاد بن أيــوب، وحــديث عبــاد أتم، قــالا: حــدثنا هشــيم، عن أبي بشــر، قــال زيــاد: أخبرنــا أبــو بشــر، عن أبي عمــير بن أنس، عن

للصــلاة كيــف يجمــعصلى الله عليه وسلمعمومة له من الأنصار قالوا: اهتم النبيــا ــإذا رأوه الناس لها؟! فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، ف أذن بعضهم بعضا، فلم يعجبه ذلــك، قــال: فــذكر لــه القنــع، يعــني الشبور، وقال زياد: شبور اليهود، فلم يعجبــه ذلــك، قــال: هــو من أمــر اليهــود، فــذكر لــه النــاقوس: فقــال هــو من أمــر النصــارى، فانصرف عبد الله بن زيد وهــو مهتم بهم النــبي، فــأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله، فأخبره، فقال: يا رسول الله، إني ليس بنائم ولا يقظــان إذ أتــاني آت فــأراني الأذان]...[ فقــال رسول الله: يــا بلال، قم فــانظر مــا يــأمرك بــه عبــد اللــه بن زيــد

. (468)«فافعله، قال: فأذن بلال هذه الرواية التأريخية هي نمــوذج من روايـات عـدة في هــذا

كــان«الشــبور اليهــودي»الموضوع، والــتي تــدل على أن مفهــوم هو«شبور ». والنكتة هنا أن أشهر لفظ لـ|معروفا في عصر النبي

، المشــهور في اللغــة«قــرن»، أو ألفــاظ أخــرى، مثــل: «شوفار» 72العربية، والذي يستخدم للإنذار. استعمل هذا المفهوم بحــدود

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد209هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

ــاهيم لم ــذه المف ــل ه ــدس، ولكن في ك ــاب المق ــرة في الكت مــذا«شبور »يستخدم لفظ ــيرا ه بشكل مباشر. وكذلك استعمل كث

المفهوم في التلمــود البــابلي. في حين يتوجه القــارئ أن كلمــة )Shipur/اســتعملت مــرتين فقــط في كــل التلمــود والكتــاب(ــ שפורי

.«شــامتا»المقدس، وفي هــاتين المــرتين اســتخدمت في ســياق وهذه الظاهرة لا يمكن أن نعتبر أنها جاءت من باب الصدفة أو ما

شابه ذلك.

ف على دعاء نفائس الفنون، للآملي، مصدر مهمول للتعرمات وتداوله التاريخي الس

ةـ ـ بغض النظر عن البحوث النصية والنقود الداخلية والخارجيقنـا إليهـا، حيث حاولنـا الكشـف عن لنص دعاء السمات التي تطرـةـ لهــذا الــدعاء المتــداول والمشــهور لــدى بعض الجــذور التلمودي الشـــيعة الاثـــني عشـــرية، وبمعـــنى آخـــر: من الأمـــور المهمـــةةـ ةـ النص والكتابـة التاريخي والأساسـية في المواجهـة بين تاريخاني هناك بحث عن جذور تــداول هــذا النص في تــراث مــا، أو مجتمــعــوع من القــراءة هــو من أهم خــاص، وفي وقت محــدد. وهــذا الن

تاريخ»الدراسات التأريخية للأديان في الغرب. وما ذكرناه بعنوان » بإمكاننــا أن نصــطلح عليــه بـ «التــداول التــأريخي» أو «التــداول

reception history»ـاـ أن هــذا المصــطلح ــا نشــاهد عملي . في حين أننيستخدم في البحوث التي تتعلق بتاريخ تداول النصوص.

ومضــافا إلى ذلــك، بإمكاننــا البحث عن تــاريخ تــداول دعــاء السمات من منظــار معــرفي في قــالب أو إطــار علم الأنســنة أو الأنثروبولوجيــا. في الحقيقــة إحــدى همــوم بــاحثي الأنثروبولوجيــاعهــا، وتحليــل الآداب ـةـ للنص وتتب الثقافية مشاهدة الرؤيــة التداوليــةـ، مـــع التأكيـــد على آليـــات البحث والرســـوم للظـــواهر الثقافي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد210هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

ــراث المستشــرقين ــذ القــديم شــاهدنا في ت ــثروبولوجي. ومن الأنــا أو علم الإنســان أنهم يبحثــون عن الــذين يعتنــون بالأنثروبولوجيـةـ والشــعائرية للمجتمــع الشــيعي. الجذور التداولية للأبعــاد الثقافي وإحدى الظــواهر المهمــة في الثقافــة الشــيعية هي ثقافــة قــراءةــتراث ــه. إذن طبقــا لهــذا ال ــتي تعقــد حول ــدعاء، والمجــالس ال الــه، الشيعي فإن ثقافة قراءة دعاء السمات، والمجالس المتعلقة بـةـ الشــيعية، وبإمكاننــا أن ندرســها من هي إحدى الظــواهر الثقافيــاريخي في ــداول الت ــافي في الت ــثروبولوجي الثق ــد الأن حيث البع العصر الحاضر. وحتى الآن صدرت بعض الدراسات عن الظــواهر الثقافية عن بعض الأدعيـة وتــداولها في الثقافــة الشــيعية، كــدعاءـةـ في كميل، ولكن دعاء السمات ومجالسه ـ بوصفه ظاهرة ثقافي الــتراث الشــيعي ـــ لم يبحث عنــه، ولم تصــدر أي دراســة فيــل حتى لم أشــاهد أي بحث حــول هــذا الموضــوع في الشــرق، ب

الغرب. وبعـد كــل هــذه المقــدمات الــتي ذكرتهـا أردت الإشـارة إلى

، وأهميته في البحــوث«نفائس الفنون في عرائس العيون»كتاب ــيعي. ــتراث الش ــدعاء في ال ــذا ال ــداول ه ــة بت ةـ المتعلق ـ التأريخي وبحسب المعلومـات المتـوفرة لــدينا من خلال الطبعـة المتداولــة

ــعراني) ــن الش ــو الحس ــيرزا أب ــحيح: الم ــاب، بتص م(،1974للكت وتقديم: الســيد هــدايت اللــه المســترحمي، والمــدخل الــذي كتبـهــلامية ــارف الإسـ ــرة المعـ ــوش في دائـ ــاش آذرنـ ــدكتور آذرتـ الـ

، فإن مؤلف الكتاب هو شمس الدين محمد بن محمود(469)الكبرى الآملي، من علماء القرن الثامن للهجرة. ولا توجد لدينا معلومــاتــف بــدأ بتــدوين عنه في كتب التراجم، ولكن من الواضح أن المؤل

هـــ، وقدمــه لأبي742هـ، وأتمــه بحــدود ســنة 736كتابه قبل سنة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد211هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

إسحاق بن محمود شاه في مدينة شــيراز ـــ جنــوب إيــران. يمتــازــة. ــه المتناهي أســلوب الآملي ببســاطته الشــديدة ووضــوحه ودقت وينتهج فيه نهج علماء القرنين السابع والثــامن الهجــريين، ويشــبهإلى حد كبير أســلوب كــل من: الخواجــة نصــير الــدين الطوســي)

ــدين الشــيرازي)672 ــ( وقطب ال ــان المؤلف في710هـ ــ(. وك هـــائل ما في المس ــي ــده، ولا س ح قص ــ ــاب يوض ــع الكت أغلب مواض العلمية، بلغة بسيطة ومفهومــة، وحــاول شــرح العبــارات الصــعبة والغامضة من دون أي تكلف. إذن هــذا الكتــاب هــو بمثابــة دائــرة معارف مهمة في قسمين)علوم الأوائـل، وعلـوم الأواخــر( باللغــة

الفارسية، وكان إلى حدود ما بعيدا عن الأنظار. نفــائس الفنــون في عــرائس»من جهات متعددة يعتبر كتاب

من المصادر المهمــة للتحقيــق والبحث عن أهميــة دعــاء«العيونالسمات. : مــا عــدا البحــوث الســالفة الــتي ذكرناهــا، بإمكاننــا أنأولا

ف هذا الكتاب في مصاف المصادر غــير المعروفــة والمهملــة نصن لدعاء السمات. قبل ذلــك عنــدما كــانت تــذكر المصــادر المتعلقــة بدعاء السمات وشروحاته في الغــالب كــانوا يــذكرون كتب مثــل:

هـ(، وجمال الأســبوع، لابن460مصباح المتهجد، للشيخ الطوسي) هـ(، والبعض الآخر من تراثه، وتراث إبراهيم664طاووس الحلي)

هـ(، واختيار مصباح المتهجد، للســيد مجــد905بن علي الكفعمي)ــد بن653الدين بن باقي الحلي)كان حيا هـ(، وعدة الداعي، لأحم

ــدم المصــادر841فهد الحلي) هـ(، و... كل هذه كانت تعتبر من أق لدعاء السمات وشروحاته. في حين أن كتاب نفائس الفنون يعتبر من المصادر المهمة في القرن الثامن الهجــري، الــتي غفــل عنهــا إلى الآن. وإذا أردنـــا البحث العلمي والأكـــاديمي، والنهج النقـــدي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد212هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

لدراسة النص، سيكون كتاب نفائس الفنون من المصادر المهمــةالتي ستفتح لنا بعض الأمور في ثنايا البحث والتحقيق.

: هذا الكتاب هو المصــدر الفارســي الوحيــد الــذي ذكــرثانيا فيه النص الكامل لدعاء السمات، قبل كتــاب زاد المعــاد، لمحمــد

. (470)هـ(1111باقر المجلسي) : طبقا للمدخل الذي كتبه الأستاذ آذرتاش آذرنـوش عنثالثا

نسخ الكتاب المتعددة والمتواجدة في مختلف المكتبــات، وتــداول الدعاء في القرون التي تلت تأليف الكتاب في إيـران، فإنهـا تـدل على أهميـــة الكتـــاب والاعتنـــاء بـــه من خلال الثقافـــة والـــتراث

الشيعيين. ــة ــار، والمقدم ــيرتين بعين الاعتب ــتين الأخ ــذنا النقط وإذا أخ القصيرة التي كتبها المؤلف لدعاء السمات، فإن كل هــذه الأمــورةــ التــداول التــاريخي لهــذا ســتعيننا في البحث والتحقيــق عن كيفي الدعاء باعتباره نصا شيعيا، وظاهرة ثقافية في إيران، قبل الفترة

الصفوية. مات مــا يلي: وكــذلك» جاء في مقدمة المؤلف لــدعاء الســ

من أفضل الأوقات لقراءة هذا الدعاء هــو يـوم الجمعـة. والعلمــاء قد اختلفوا في تحديد الوقت المفضل لــه. البعض قــال ـــ نقلا عن

ـ: إن الوقت المفضل هو ما بين أن يجلس الإمام إلى أن×الإمام ؛ والبعض الآخر قال: إن الوقت المفضل لقراءة(471)يقضي الصلاة

هذا الدعاء هو قبل الزوال عنــدما ينشــغل النــاس بالصــلاة؛ وقــال البعض الآخر: إن الوقت المفضل هو أن يكون مــا بين الخطبــتين؛ وذكر البعض عندما يستقبل الإمام القبلة، ويتوجــه إلى المحــراب؛ وقال جمع آخر: إن الوقت المفضل هو وقت الركوع الأولى؛ وذكرــدرك آخرون أنه لا يوجد وقت مفضل ليوم الجمعة، ومن أراد أن ي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد213هـ1439م ـ 2018شتاء

د. محمد هادي گرامي•

هذا الوقت فعليه أن ينشغل بالدعاء والعبادة في هــذا اليـوم كلـهـ؛ لكي يدرك هذا الوقت المفضل؛ وقال البعض: إن هذا الــوقت هــو أثناء غروب الشمس من يوم الجمعة. وهذا العبــد الضــعيف ســمع عن الكثير من علماء الشريعة وأهل التقــوى بــأنهم يرجحــون هــذا

. وذكر لي أحد هــؤلاء العلمــاء أنــه(472)القول على الأقوال الأخرىاــم شــبابه بــأمراض كثــيرة، وعنــدما ســمعت هــذا قد أصيب في أيمات، القول بدأت أقرأ الدعاء المنقول، والذي يشــتهر بـدعاء الســــذا ــدما انتهي من ه ــروب، وعن ــة في وقت الغ ــوم جمع ــل ي في ك الدعاء حيث غابت الشمس أدعو الله أن ينعم لي ببدن سالم؛ لأن جسمي لا يستطيع تحمل الأمراض. ومنذ ذلك الــوقت وإلى يومنــا الحاضر، الــذي مــر عليــه بحــدود ســتين عامــا، لم أدرك المــرض. ورغم طول الدعاء سأذكره في نهاية هــذا القســم من الكتــاب إنمات في كــل يــوم جمعــة، أثنـاء شاء الله تعالى... يقرأ دعــاء الســ الغروب. وإن للدعاء فوائد كثيرة، منها: الوقاية من الأمراض، كما

. (473)«ذكرنا سالفا من خلال هذا البحث نستكشف أن دعاء السمات كان رائجــا ومتداولا في إيران في القــرن الثــامن الهجــري، بــل كــان متــداولا قبل شمس الدين الآملي، أي بسنوات قبل قيام الدولة الصــفوية. وهذا الدعاء يعتبر من الأدعيــة المتداولــة والمعمــول بهــا. وشــهرةــة من ــذاك تســتخدم للشــفاء والوقاي ــانت آن ــدعاء الأساســية ك ال الأمراض، مــع أن هــذه الأمــور لم نجــدها اليــوم عنــدما يــذكر هــذاـهـ وســيلة للغلبــة على الدعاء؛ حيث يشــتهر هــذا الــدعاء اليــوم بأن

.(474)الأعداء، والانتقام منهم

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد214هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

بين تراث دعاء السمات والتلمود البابلي•

الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد215هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

رؤية حول حمل الروايات على التقيةعند الشيخ الطوسي

*(*()السيد محمد كاظم المددي الموسوي

ترجمة: مرقال هاشم

ـ التقية في المرحلة السابقة لعصر الشيخ الطوسي1ــاء ــتقل لفقه ــور المس ــة الأولى من الحض ــة المرحل في بداي الشيعة بعــد عصــر الأئمــة، منــذ منتصــف القــرن الهجــري الثــالث وصولا إلى ظهور الشيخ الطوسي في القــرن الهجــري الخــامس، رغم الحضــور القــوي لمفهــوم التقيــة في الفقــه بوصــفه مســألة فقهية هامة، إلا أننا قلما نجد حملا للروايــات على التقيــة كوســيلة

لعلاج الأخبار المتعارضة. ما المتقدم منها، يندر أن نعــثر ففي المصادر الروائية، ولا سي على كتــاب ـــ من الكتب الــتي وصــلتنا ـــ يتعــرض صــاحبه لحمــل

مسائل»، و«فقه الرضا»الروايات على التقية. فإن كتبا من قبيل: ــناد»، و«علي بن جعفر ــرب الإسـ ــيري، و«قـ ،«المحاسن»، للحمـ

، لمحمـــد بن«الجعفريـــات»، للأشـــعري، و«النـــوادر»للـــبرقي، و ، لابن«كامــل الزيـارات»، للمغــربي، و«دعائم الإسلام»الأشعث، و ، للصـــدوق، هي من أهم المصـــادر«معـــاني الأخبـــار»قولويـــه، و

الروائيــة المتقدمــة، ومــع ذلــك لا نــرى في أي منهــا أثــرا لحمــل الروايات على التقية، إلا الصدوق في نهاية القرن الهجري الرابع،

. باحث في حوزة قم العلمية)*(*( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد216

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

روايــتين فقــط«من لا يحضــره الفقيه»حيث نجــد لــه في كتــاب ، ومع ذلك فإن البيان الــذي يـذكره الشــيخ(475)حملهما على التقية

الصدوق لتوجيه حمل هاتين الروايتين على التقية، والموضع الذي حدث فيه التعارض، يختلف بوضوح عن مواضــع وأســاليب الشــيخ

الطوسي وغيره من المتأخرين، على ما سيأتي توضيحه لاحقا. وفي مــا يتعلــق بــالكتب الفقهيــة كــذلك لا نجــد الحمــل علىــد وجــود ــار قــول عن ــأتي بــداعي الســبب في عــدم اختي ــة ي التقي

، للشــيخ الصــدوق،«الهداية» و«المقنع»الاختلاف. ومن هنــا فــإن ،«الكــافي»، لســلار، و«المراسم»، للمغــربي، و«تأويل الــدعائم»و

«المقنعة»، لابن الــبراج، و«الجــواهر» و«المهــذب»لأبي الصلاح، و ، للشيخ المفيــد، لم«النساء» و«المهر» و«الإشراف» و«الإعلام»و

يتم التعرض في أي منهــا لمســألة الحمـل على التقيـة. وحتى فيــة، والاضــطرار إلى حــل ــات المخالف ــاطي مــع الرواي مــوارد التع

في خصــوص«المقنعة»التعارض ـ كما حصل للشــيخ المفيــد في مسألة الحضور في المشعر الحرام ـ تم حمل الروايــة المعارضــة

. (476)على الندرة، ونسبة الرواية المختارة إلى التواتر والمورد الوحيد في هذه المرحلة، في نهاية القــرن الهجــري الرابع وبداية القرن الهجري الخامس، هو للسيد المرتضى، أستاذ الشــيخ الطوســي، حيث ذكــر الحمــل على التقيــة في موضــعين. وعلى الرغم من ذلك فإن التمعن في مبناه في خبر الواحــد يثبت أن هذا الحمــل منــه على التقيــة لم يكن من قبيــل: حمــل الشــيخ

. وخــير«إلــزام المخــالف بمــا يعتقد»الطوسي، وإنما كان أشبه بـ شــاهد على ذلــك تصــريحه في مســألة تــرجيح روايــات العــدد أوح بعــدم وجــود الرؤية في شهر رمضان بهذا الخصوص؛ حيث صــر أثر للحمل على التقية مع القول بعدم حجية خبر الواحد. ومن هنا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد217هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. كمــا أنــه في موضــع آخــر من(477)لا يمكن للخصم أن يتخذه دليلا هذا البحث ينتقد أصل توظيف الحمل على التقية وفقا لأي مبــنى،

. (478)معتبرا إياه منهجا مفتقرا إلى ما يضمن صحته

ـ التقية في عصر الشيخ الطوسي2خذ بعد ظهور الشيخ الطوسي في القرن الهجري الخامس ات حمل الروايات على التقيــة فجــأة مســتوى مختلفــا، وســرعان مــاــتعمال في ــائعة الاس ــل إلى أداة ش ــوع من الحم ــذا الن ــول ه تح التعاطي مع الروايات. وقد عمل في البداية على تفعيل هذا النوع

تهــذيب»من الحمل على نطاق واسع في مجموعتيــه الروائيــتين: . ومن ذلك، على ســبيل المثــال: إنــه في«الاستبصار»؛ و«الأحكامــة ـ«الاستبصار»كتاب وحده عمد إلى حمل مئتين وعشــرين رواي

مما يقرب من خمسة آلاف وخمسمئة روايــة ـــ على التقيــة. وقــد تم استعمال هذا الحمل في بعض الأحيان بوصــفه التــبرير الوحيــد

، وفي بعض المــوارد يــذكر بوصــفه احتمــالا من(479)لحل التعارض. (480)بين سائر المحتملات الأخرى

وكان من نتائج ذلــك وقــوع انفــرادات، وحتى ظهــور عنــاوين جديدة في الأبواب الفقهية، تعتبر بالقياس إلى الفقه المتقدم غير مسبوقة من حيث الأسلوب، ومن حيث النتيجة أيضــا. ففي جميــع الموارد الــتي حمــل فيهــا الروايــات في الفقــه على التقيــة كــانت تختلف في الموضوع أو النتيجــة عن فقــه المتقــدمين، من قبيــل: الرواية التي لم يستند إليهــا غــير الشــيخ، وفي الفقــه لم يتعــرض

. (481)لأصل المسألة أحد غيرهــل المتــأخرين كما تم توظيــف هــذا الأســلوب والمنهج من قب عن الشيخ الطوسي أيضا. وعلى الــرغم من وجــود بعض مراحــل

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد218هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ما بسبب نبذ مباني الشيخ الطوســي في مــا يتعلق الأفول، ولا سي بحجية خبر الواحــد، فقــد تم في الفقــه بعــده في نهايــة المطــاف القبول بمــوارد حملــه على التقيــة، وتم توظيــف وتوســيع أســلوبه

ومنهجه على نطاق واسع.

ــود الاختلاف بين3 ــبب وج ــأن س ــية الأولى بش ــ الفرض ـمرحلتين

إن الفرضــية الســائدة بشــأن بيــان الســبب في حــدوث هــذا التغيــير وهــذا الاختلاف المبنــائي تقــوم على التحليــل القائــل بــأنــرد ــذكرون مج ــانوا ي ــة ك ــأليف الكتب الروائي ــد ت ــدمين عن المتق الروايات المقبولــة عنــدهم بوصـفها روايـات صـحيحة، وفي كتبهم الفقهية لا يتعرضون لغير الروايات الــتي يرونهــا معتــبرة، ويفتــونــبيعي أن لا ــان من الط ــه ك ــانيهم. وعلي ــا لمب ــها طبق على أساسضوا في كتبهم إلى حمــل الروايــات على التقيــة؛ لكــونهم قــد يتعر حذفوا هذه الروايات في مرحلة سابقة على التأليف. ومن هــؤلاء: الشيخ الصدوق، حيث صرح بوجــود مثــل هــذا المنهج في مقدمــة

، ببيان أن مراده في هذا الكتــاب لم«من لا يحضره الفقيه»كتاب فين الــذين يـذكرون كـل مــا وصـل يكن شبيها بمقصد سائر المـؤل إليهم من الروايات، وإنما الذي يريده هو ذكر مجرد الموارد الــتيــه وبين ــة بين أفتى على طبقها، وحكم بصحتها، والتي يرى أنها حج

ــرمي(482)الله . وهذا على خلاف منهج الشيخ الطوسي الذي كان يح بــه إلى جمع كافة الروايات الصــحيحة والســقيمة، وهــو مــا صــر

، حيث يقول: إنه ـــ بعــد«تهذيب الأحكام»الشيخ في مقدمة كتاب ــذلك ــذكر ك ــ ي ــدة ـ ــات المعتم ــات والإجماع ــات والرواي ــر الآي ذك الروايات التي لا تنافي هذه المصــادر، ثم يتعــرض إلى بيــان وجــه هذه الروايات من التأويل الذي يؤدي إلى الجمع بينها، وصــولا إلى

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد219هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. ومن الواضــح أن ســبب هــذا الأمــر أنــه لم(483)بيان وجه فسادها تبق ـ في الأساس ـــ روايــات متعارضــة في كتب المتقــدمين؛ كي تمس الحاجة لاحقا إلى الحمل على التقية في علاجهــا، لا أنهم لم يكونوا ليستفيدوا من هــذا النـوع من الحمـل أصـلا. وفي الحقيقـة إنهم قـــد اســـتفادوا من الحمـــل على التقيـــة قبـــل أن يباشـــروا التصنيف والتأليف، وبذلك قاموا بحذف الروايات المتعارضة وغــير

المعتبرة، وهكذا لم يبق من أثر لها في تراثهم وكتبهم.

ــود الاختلاف بين4 ــبب وج ــأن س ــة بش ــية الثاني ــ الفرض ـمرحلتين

ــع ــجمة م ــاهر منس ب الظ ــ ــدو بحس ــية الأولى تب إن الفرضــة بعمــل وأســلوب الأصــحاب. إلا أن ــة المتعلق الشــواهد التاريخي ملاحظــة جــانب آخــر من الشــواهد، وإعــادة قــراءة المســتندات التاريخية، يثبت وجود إشكالات جادة. ومن هنــا يتم طــرح فرضــية

ثانية بشكل جاد. وترى هذه الفرضية أن عدم وجود الحمــل على التقيــة ينشــأ من عدم اعتقاد المتقدمين بهــذا الأســلوب والمنهج )منهج الشــيخ الطوسي( عند حصــول التعــارض. وطبقــا لهــذه الفرضــية لم يكن لدى المتقدمين حاجة للاستفادة من حمــل الروايــات على التقيــة،ــذا وإنهم في حل التعارض كانوا يستفيدون من أساليب أخرى. وه على خلاف طريقــة المتــأخرين، حيث كــانوا يعملــون على حــل التعارض من خلال الاستناد إلى القواعد العامــة، من قبيــل: حمــلــر عن ــ ــة، بغض النظ ــ ــة على التقي ــ ــة للعام ــ ــات الموافق ــ الرواي خصوصيات المــورد، وهي القواعــد الــتي تم إنتاجهــا وبلورتهــا فيــل ــة ح ــانت طريق ــد ك ــول. وق ــار علم الأص ــل وازده ــار تكام إط الأصحاب المتقــدمين للتعــارض، مــع فقــدان طريقــة الحمــل على

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد220هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

التقية وغيرهــا من القواعــد العامــة، تكمن في دراســة كــل روايــة بشــكل مســتقل على أســاس القــرائن والشــواهد التاريخيــة، من ناحية المضــمون، ومن ناحيــة الســند. وهــو المنهج المنســجم مــع

ــة،^الكلام المأثور عن الأئمة الأطهار بشأن خصائص مواضع التقي وكيفية التعـاطي معهــا. ويـترتب على ذلــك ضـبط تلـك المواضـع،بــة على مــا نشــاهده من أعمــال وتناغمهــا مــع النتيجــة المترت المتقدمين بالفعل. ويمكن لها أن تكون بيانا لهذا الوضــع، حيث تم مجرد نقل الروايـات المعتمــدة أيضــا. وفي مــوارد ذكــر الروايــات المتعارضة، بدلا من الاستعانة بقاعدة عامة، تتم دراســة الشــواهد

والقرائن الموافقة والمخالفة. وفي مـــا يلي نبحث في الشـــواهد الدالـــة على تأييــد هـــذه

الفرضية، ورد الفرضية الأولى.

أـ وجود الاختلاف المبنائي في دائرة حجية خبر الواحد إن أهم شـــاهد على وجـــود الاختلاف المبنـــائي بين الشـــيخ الطوســي والمتقــدمين، والــذي يــبين بوضــوح اختلافهم المبنــائي بشأن الحكم على الروايات، يكمن في مسألة حجية خبر الواحــد. فإن الشيخ الطوسي قد سلك طريقا مغايرا لعمل الأصحاب. فقد

؛ بسبب عدم وجود دليل شرعي،(484)كان أستاذه السيد المرتضىد العقلي، والشــيخ المفيد ؛(485)بعد عدم إفــادة العلم وإمكــان التعب

ــة خــبر ــدم حجي ــا يقــولان بع ــادة العلم، كان من حيث اســتحالة إف الواحد. أما الشيخ الطوســي فإنــه بعــد ذهابـه إلى القــول بإمكـاند عقلا؛ بسبب وجود الدليل الشــرعي، على الــرغم من عــدم التعب إفادة العلم ومجرد إفادة الظن، كان أول من قال صراحة بحجيــة

، وذكــر الإجمــاع في مــا ذكــر من الأدلــة الشــرعية(486)خبر الواحد

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد221هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

. (487)على حجيته، معتبرا ذلك موضع إجماع الأصحاب وقد كان لاتخاذ هــذا المبــنى تــأثير مباشــر في بحث تعــارضــة؛ بســبب وجــود ــة التعبدي ــة القــول بالحجي ــات؛ إذ في حال الرواي الدليل الشرعي، حتى مع فرض التعــارض، ســيكون كلا الطــرفينـدـ صــحة المتعارضين حجة، ولا بد أن يكــون هنــاك مــرجح؛ كي يؤي مضمون أحد الخــبرين. وإن حمــل الروايــة الموافقــة للعامــة علىــظ ل مرجحا يحاف التقية ـ بدلا من الخدش في أصل صدورها ـ يمثــقطه من ــه يس ــوقت نفس ــبر، وفي ال ــلامة الخ ــة وس على الحجي

الاعتبار، ويحل التعارض. ومن هنا فإن المتقدمين لم يقولوا بحجية خبر الواحد انطلاقا من عنوان الخبر، بل كانوا ينظرون إلى الخبر بما هو مفيــد للعلم.دية، ليتم بعد ذلك وإن الروايات في الأساس لم تكن لها حجية تعب ـ في حالة حصــول التعــارض ـــ المحافظــة على حجيتهــا بواســطة الحمل على التقية، بــل إن مضــمون كــل روايــة عنــد إفــادة العلم يعتبر حجة، ومن بين الأمارات على إفادة العلم عدم كون الرواية صادرة بداعي التقية. وبالتالي فإنهم كانوا يدرسون كل رواية قبل حصول التعارض بشكل مستقل، ويعتبرونهــا مفيــدة للعلم أو غــير مفيدة له. وكان ذلك على خلاف طريقة الشــيخ الطوســي، الــذي لم يكن ينظر في الأساس إلى الرواية بوصفها صــحيحة وحجــة إلا بعد حصول التعارض. وعليه فإن الشــيخ الطوســي؛ بســبب مبنــاهــتي في حجية خبر الواحد، كان يعمل من جهة على جمع الأخبار ال لم يعمل بها الأصحاب، وكــان من جهــة أخــرى يعمــد إلى توظيــفيتها. في حين أن غيره من الحمل على التقية؛ للمحافظة على حجــ كالســيد المرتضــى ـــ؛ حيث لم يقولــوا بحجيــة خــبر الأصــحاب ـــإنهم ــذلك ف الواحد، كانوا يتبعون ملاكات العلم في هذا الشأن، ول

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد222هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــة ــة. كمــا أنهم من ناحي ــوا بحاجــة إلى الحمــل على التقي لم يكونــادل ــاث التع ــاس إلى أبح ــون في الأس ض ــوا يتعر ــرى لم يكون أخ والتراجيح، بل لم يكونوا يحملون هاجس التعارض، كما ذكر السيدــبر المرتضى هذه المسألة في بحث إمكان وعدم إمكان التعبد بخ الواحد في فصل مختصر، إذ قال: إننــا حيث لا نعتقــد بحجيــة خــبر الواحد لسنا بحاجــة للــدخول في بحث فــروع هــذه المســألة، من

. وفي المجمــوع فــإن(488)تقسيمات الخــبر إلى مســائل التعــارضل علامــة هامــة تــبين اختلاف الاختلاف في حجيــة خــبر الواحــد يمث المتقدمين المبنائي في مواجهة الروايات، وكيفيــة الحكم بشــأنها،

كما يوضح منزلة الحمل على التقية في هذه المسألة أيضا.

ــكوت في ــرين أو الس ــاليب الآخ ــتفادة من أس ــ الاس ب ـموارد بيان التعارض

إن دراسة موارد نقل التعــارض، وكيفيــة تعــاطي المتقــدمينرات الأخــرى على وجــود الاختلاف مع اختلاف الأقوال، من المؤش المبنــائي بينهم وبين الشــيخ الطوســي. وفي أغلب المــوارد الــتي نقلها المتقدمون بشأن وجود التعارض أو الأقوال المخالفة عمدوا إلى حل التعارض القائم من خلال الأساليب الأخــرى النــاظرة إلى دراسة كل رواية بشكل مســتقل، بعيــدا عن الحمــل على التقيــة. ــرا ــل من صــحة الفرضــية الأولى أم ــذه المســألة تجع ــا أن ه كمــة ــوارد المرتبط ــذف الم ــية ح ــك الفرض ــه، ولازم تل ــكوكا في مش بالتعـــارض من كلام المتقـــدمين، والإبقـــاء على مجـــرد أقــوالهمــير من المــوارد في المختارة. ولكننا في الوقت نفسه نشاهد الكثــات ــحابها إلى الرواي ــا أص ــرض فيه ــة، حيث تع ــك المرحل ــار تل آث المتعارضة مع الأقوال والروايات المختــارة، الأمــر الــذي يثبت أنضون إلى بحث التعارض، ولم يكن الأمــر كمــا الأصحاب كانوا يتعر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد223هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

لــو أنهم كــانوا قــد بحثــوا هــذه المســائل في مرحلــة ســابقة علىتأليف الكتب.

ــارض في وفي ما يلي سنأتي على ذكر موارد معينة من التع ، للشيخ المفيــد، مــع«المقنعة»أحد كتب تلك المرحلة، وهو كتاب

توضيح أسلوب حل التعارض في كل واحد من تلك الموارد: وإذا أخذ الرجل حجة ففضــل منهــا شــيء فهــو لــه، وإن»ـ 1

ــرده عجزت فعليه. وقد جاءت رواية أنه إن فضل مما أخذه فإنه يــرده. وعلى ر على نفســه لم ي إن كانت نفقته واسعة، وإن كان قت

.(489)«الأول العمل، وهو أفقه فنجد الشيخ المفيــد هنــا يــرجح الروايــة الثانيــة على الروايــة

ــوب«على الأول العمل» و«الأفقه»الأولى؛ بمجرد ذكر ، ويرى وجالعمل على طبقها.

ــوم»ـ 2 فإن حضر المشعر الحرام قبل طلوع الشمس من ي النحر فقد أدرك الحج؛ وإن لم يحضره حـتى تطلـع الشـمس فقـد فاته الحج. وقد جاءت رواية أنه إن أدركه قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج. غــير أن هــذه الروايــة جــاءت من نــوادر الأخبــار، ومــا

.(490)«ذكرناه متواتر ظاهر من الآثار وفي هذا المورد يصف الشيخ المفيــد الروايــة الــتي اختارهــا

.«ومــا ذكرنــاه متــواتر ظــاهر من الآثــار»بمجــرد التعبــير عنهــا بـ غــير أن هــذه»وكــذلك في رد الروايــة المعارضــة يكتفي بــالقول:

. «الرواية جاءت من نوادر الأخبار وابن الســـبيل، وهم المنقطـــع بهم في الأســـفار، وقـــد»ـ 3

جاءت رواية أنهم الأضياف، يراد به من أضــيف لحاجتــه إلى ذلــك، وإن كــان لــه في موضــع آخــر غــنى ويســار، وذلــك راجــع إلى مــا

.(491)«قدمناه «ابن الســبيل»وهنا ينقل الشيخ المفيد رواية أخرى تــذكر لـ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد224هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

معنى مختلفا. ولكي يحل تعارضها مع معنى الرواية المختارة عمد إلى حمل ذلـك التعبـير المختلـف على ذات المعـنى الموجـود في

الرواية الأولى.

ج ـ الاختلاف المبنائي في تعريف مخالفة العامةن وجها آخر من هذا الاختلاف وجــود المسألة الأخرى التي تبيــاه الشــيخ التفاوت في تعريف مخالفة الرواية للعامة. فخلافا لاتج الطوسي، الذي يضع فيه كل رواية تحتوي على شائبة الانفراد فيـوـن في ــدمين أنهم يتبن مظان التقية بشكل مطلق، يبدو من المتقــة في هذا الشأن مبنى مضيقا بشدة، حيث يحصرون روايات التقيــدم ل دليلا على ع ــك ــا تش ــألة كم ــذه المس ــة. إن ه ــواب خاص أب استفادة المتقدمين من القواعد العامة، فإنها تدل أيضــا على أنهم لم يكونوا بوارد حذف الروايات المحمولة على التقية قبل التأليف الدال على عدم الاستفادة من هذا الحذف. وهنــاك عبــارة للشــيخ

ن هــذه المســألة بوضــوح.«الرسالة العددية»المفيد في نهاية تــبي فهــو في معــرض رد الادعــاء القائــل بــأن الروايــة موضــع البحث صادرة بداعي التقية قال: إن حمل الرواية الموافقـة للعامـة علىــترحم على التقية يرتبط في الأساس بمواضع مدح أعداء الله، والح بــأن هــذه الروايــات لا تشــمل الروايــات خصــماء الــدين، ويصــر

. (492)الفقهية

د ــــ اختلاف أســـلوب الحمـــل على التقيـــة في المـــواردالمحدودة

بالالتفــات إلى أن مســألة وجــود الروايــات الصــادرة بــداعي التقية، وسقوطها عن الحجية، حقيقة تاريخية ثابتـة ومسـلمة عنـدـرـد ذكــر الشيعة في جميع المراحــل يجب ـــ على القاعــدة ـــ أن ي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد225هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

ــبين لموارد منها في كتب المتقدمين أيضا. والمسألة الهامة في ال هي أن كيفية المواجهة مــع هــذه الظــاهرة وأســلوب حلهــا كــانتــإن ــا ف تختلف اختلافا ماهويا عن مرحلة الشيخ الطوسي. ومن هن ل بدورها شاهدا هذه الموارد المعدودة من الحمل على التقية تمث

من لا»مهمــا آخــر على وجــود الاختلاف المبنــائي. ففي كتــاب ل المــورد الوحيــد بين«يحضره الفقيه ، للشيخ الصدوق، الــذي يمث

كتب المتقدمين في حمل الروايات على التقيــة، نجــد أن أســلوبخذ من التعــارض الحاصــل حمل الرواية على التقية والموقف المت يختلف بشكل واضح عن أساليب الشيخ الطوسي. ففي الروايتينــرازه اللتين تم حملهما على التقية تذكر التقية بوصفها أمرا تم إحــة ــة الخارجي ــاظر إلى الواقعي ــد الن ــه الوحي ــا الوج ــالقرائن، وأنه ب والتاريخية، خلافا لطريقة الشيخ الطوسي، حيث يستفيد في أكــثرــل إلى الموارد من الحمل على التقية بوصفه طريق الحل المحتمــتحباب، جانب سائر المحامل الأخرى، من قبيل: الحمل على الاس والخدش في السند، دون أن تكون هنــاك أمــارة بالخصــوص على

. (493)كون الرواية صادرة بداعي التقية

ــ روايــات التقيــة في المصــادر الروائيــة، والفتــاوى ــ ـ هـالمستندة إليها في الكتب الفقهية القديمة

ــنى ــتي تثبت وجــود الاختلاف بين مب إن من أهم الشــواهد ال المتقدمين وبين الشيخ الطوسي وجود روايات حملها الشيخ على التقية، بينما تم تصحيحها في كتب المتقــدمين. إن أكــثر الروايـات

«التهــذيب»التي حملهــا الشــيخ الطوســي في كتبــه ـــ من قبيــل: ـ على التقيـة قـد تم حــذفها في المصــادر الروائيـة«الاستبصار»و

على اعتقــاد أصــحاب تلــك المتقدمــة. ويمكن لهــذا أن يكــون دالا ـدـ أن هنــاك عــددا المصادر بصدور تلك الروايات بداعي التقيــة. بي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد226هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــة لم يتم حــذفها، فهي ــة على التقي ــات المحمول ــيرا من الرواي كبــدورها ــارة إلى ص ــة دون أدنى إش ــادر القديم ــذكورة في المص م بداعي التقية. إلا أن هذه الروايات بالقياس إلى المحذوفات قليلة جدا. ولكن يمكن لها رغم ذلك أن تطــرح شــبهة جــادة تجــاه هــذه النظرية، وهي أن المتقدمين كانوا بدورهم يحملون على التقية ما حمله الشــيخ على التقيــة أيضــا، ومن هنــا فــإنهم لم يــذكروها في

مصادرهم. وفي مــا يلي نــذكر بعض الأمثلــة من الروايــات الــتي حملهــا

ــي في ــيخ الطوس ــار»الش ــام» أو «الاستبص ــذيب الأحك على«ته «من لا يحضــره الفقيه»التقية، وذكرها الشيخ الصدوق في كتابــه

أيضا: «الكافي»، والشيخ الكليني في كتاب «علل الشرائع»أو ؛ الشــيخ الصــدوق،331:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، الاستبصــار 1

. 342: 2علل الشرائع ؛ الشــيخ الصــدوق،387:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، الاستبصــار 2

. 262: 1من لا يحضره الفقيه ــام 3 ــذيب الأحك ــي، ته ــيخ الطوس ــ الش ــ 7ـ ــيخ298: ؛ الش

. 356: 5الكليني، الكافي ــام 4 ــذيب الأحك ــي، ته ــيخ الطوس ــ الش ــ 7ـ ــيخ480: ؛ الش

. 532: 5الكليني، الكافي كما أن هناك روايات على مستوى آخر موجودة في المصادر الروائية الرئيسة، ومع ذلك حملهــا الشــيخ الطوســي على التقيــة، الأمر الذي يثبت في الجملة وجــود الاختلاف المبنــائي بين الشــيخــرواة الأصــليين، وهــو غــير اختلافــه ــك المصــادر وال وأصــحاب تل المبنائي مع الجامعين لتلــك الكتب الروائيــة. ويمكن لنــا أن نــذكر

الأمثلة التالية على ذلك:

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد227هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

؛ محمــد بن محمــد211:ــ 1ـ الشيخ الطوسي، الاستبصــار 1. 204الأشعث الكوفي، الجعفريات:

؛ مســائل علي بن313:ــ 1ـ الشيخ الطوســي، الاستبصــار 2. 238جعفر: ؛ مسائل علي بن17:ـ 8ـ الشيخ الطوسي، تهذيب الأحكام 3. 281جعفر:

من الممكن أن تحمــل مــوارد الروايــات الموجــودة في كتب المتقـــــدمين على النـــــدرة واختلاف الآراء بينهم وبين الشـــــيخــة ــة في الكتب الفقهيـ ــة فارقـ ــاك علامـ دـ أن هنـ ــ ــي، بي الطوسـ للمتقدمين تعد الأهم في هــذا الشــأن؛ فهنــاك في الكتب الفقهيــة القديمــة الكثــير من المــوارد الــتي حملهــا الشــيخ الطوســي على التقية، وحذفها المتقدمون في مصادرهم الروائية، ولكنهم عملــوا بها، وأفتوا على طبقها، فهي روايات لم تذكر في كتب المتقدمين لســبب من الأســباب، إلا أن العمــل والإفتــاء على طبقهــا يثبت بوضوح أن عــدم ذكرهــا لم يكن بــداعي التقيــة. وهــذا الأمــر يثــير الشــك في صــحة الفرضــية الأولى؛ لأنهــا ذكــرت أن حــذف تلــكــة، في حين أن ــداعي التقي ــدمين كــان ب ــات في كتب المتق الروايــدل على هؤلاء المتقدمين قد عملوا بها في كتبهم الفقهية، وهذا يــك. اعتمادهم الموازي لنقل تلك الروايات، إن لم يكن أشد من ذل

، للشيخ الصدوق،«المقنع»فهناك ـ على سبيل المثال ـ في كتاب روايــات كثــيرة نقلهــا على شــكل فتــوى، إلا أن الشــيخ الطوســي

ــة(494)وآخرين عمدوا إلى حملها لاحقا على التقية ، وإن هذه الرواي من لا يحضــره»عمــد حتى الشــيخ الصــدوق نفســه في كتــاب

«الفقيه . (495) إلى حملها على التقية أيضا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد228هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

و ـ العناوين الفقهية غير الموجودة في تراث المتقدمين بغض النظــر عن الروايــات، فــإن انفــراد الشــيخ الطوســي، وعدم وجود ســابقة لهــذا المســتوى من الحمــل على التقيــة، في جميع موارد حمــل الشــيخ لروايــة على التقيــة في كتبــه ورســائله الفقهية ـ ســواء في المــوارد الاســتدلالية أو الفتوائيــة ـــ، حيث لم يكن هناك شخص قبله قد سبقه في حمل تلك الرواية على التقية ــ رغم أن أكـثر الروايـات الــتي يســتند إليهــا قـد ذكـرت من قبـل الأصحاب ـــ، ولم يحكم أحــد بكــون تلــك المســألة صــادرة بــداعيــرع التقية، مضافا إلى أنه في بعض الموارد لا يكون أصل ذلك الف الفقهي والعنوان الذي يطرحه الشيخ موجودا في فقه المتقدمين أساســـا، إن هـــذا المســـتوى من الانفـــراد في الفقـــه الفتـــوائيما في المـوارد الـتي لا يكـون أصـل العنـوان والاستدلالي ـ ولا سي مطروحا في فقه المتقدمين ـــ يمكن أن يكــون شــاهدا جــادا على وجود اختلاف الــرأي المبنــائي بين الشــيخ الطوســي والمتقــدمين من الأصحاب في باب الحمل على التقية؛ إذ لو لم يكن مثــل هــذا الاختلاف المبنائي موجودا لكانت هذه المسائل والعناوين موجودةن عليهم بحسب القاعدة في فقه المتقدمين أيضــا. كمــا كــان يتعيــة أيضــا. عند ذكر هذه الروايات في موارد ذكرها حملها على التقي في حين أنهم لم يفعلوا ذلك. وهــذا أمــر أدى في نهايــة المطــاف

إلى إنتاج مسائل وعناوين جديدة في فقه الشيخ الطوسي.ــي ــيخ الطوس ــل الش ــوارد حم ــع م ــذكر جمي ــا يلي ن وفي م للروايــات في كتبــه الفقهيــة على التقيــة، مــع مقارنتهــا من حيث

المستند الروائي والحكم الفقهي بالمصادر الفقهية السابقة له: ـ في بحث المســح اســتند الشــيخ الطوســي إلى روايــة لم1

يذكرها أحد، على الرغم من وجود روايات أخرى بمضمونها، وأمــا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد229هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

في الفقه فلم يتعرض أحد من العلماء المتقــدمين في الفقــه إلى هذه المسألة، سوى السيد المرتضى، حيث تناولها بــالبحث، ولكن دون إشارة منه إلى هذه الرواية. وبذلك كان الشيخ الطوسي هــو

. (496)أول من تعرض لها ذكر الشيخ المفيــد هــذه الروايــة في(497)ـ في بحث الإرث2 ضــمن مــا انفــردت بــه الإماميــة، دون أن يحملهــا«الإعلام»كتاب

، وإنما حملها على تعجب وإنكار الإمام، الأمر الذي(498)على التقية يعكس بوضــوح مــدى الاختلاف بين منهج الشــيخ المفيــد ومنهج الشيخ الطوسي. وقد تقدمت نماذج مشابهة لذلك. كما أن الســيد المرتضى ـ بالالتفات إلى أصل مبناه في عدم حجية خبر الواحــد ـ

. (499)يرد هذه الرواية من الأساس، ولا يراها حجة ذكر الشيخ الصدوق هذه الرواية في(500)ـ في بحث الصلاة3 ، ثم حملهــا ـــ بعــد التوضــيح ـــ على«من لا يحضــره الفقيه»كتابه

ــواز ــيد المرتضى(501)الجـ ــذكر السـ ــه فلم يـ ــا في الفقـ (502). وأمـ

سوى(505) وأبو الصلاح الحلبي(504) وأبو الصلاح سلار(503)والصدوقــة. وفي كتب من ضوا إلى الرواي الحكم بعدم الجواز، دون أن يتعر

ــرض حتى إلى«الهداية»قبيـــل: ــدوق، لم يتم التعـ ــيخ الصـ ، للشـ باب ما يجوز الصلاة فيه ومــا لا»الحكم، وتم الاكتفاء بذكر عنوان

. «يجوز لا وجود لأصل هذه الروايــة، حتى في(506)ـ في بحث الإرث4

كتب الشــيخ الطوســي نفســه. وإنمــا أقــرب الروايــات الموجــودة . وإن هــذه الروايــة(507)بشأن نصراني أسلم ثم عاد إلى نصــرانيته

ذاتها لم يتعرض لها أحد، غير الشيخ الطوســي. وفي الفقــه أيضــا لم يتعرض أحد قبل الشيخ الطوسي إلى ذكر هذا الباب والعنوان.

لم يذكر الرواية التي يستند إليها هذا(508)ـ في بحث الفقاع5

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد230هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

. وفي الفقــه ـــ كمــا في(509)الحكم ســوى الشــيخ الطوســي فقط المورد السابق ـ لم يتعرض أحــد قبــل الشــيخ الطوســي إلى هــذا

العنوان.

ــراث ــة في ت ــع على التقي ــل لموض ــود حم ــدم وج ــ ع ز ـالمتقدمين

ــإن من الطــرق الأخــرى ــة، ف ــانب الحمــل على التقي إلى ج للجمع بين الروايات المتعارضة حمل موضع إحدى الروايــتين على حالة التقية، ببيان أن مــراد الإمــام في الروايــة الأنــدر هي الحالــة التي يكون الشخص فيها على حالة التقيــة، خلافــا لحمــل الروايــة نفسها على التقية، حيث لا يكون فيها للإمام مــراد جــدي أساســا.ــذين الحملين يثبت أن ــاهوي بين ه ــات إلى الاختلاف الم إن الالتف أسلوب المتقدمين في اختيار وانتخاب مجــرد الروايــات المعتــبرة كان يؤدي إلى حذف الروايات المحمولة على التقية من الأساس.ــذف بيد أن هذا الأسلوب يجب ـ على القاعدة ـ أن لا يؤدي إلى ح الروايات الخاصة بموضع التقية؛ لأن هذه الروايات صحيحة قطعا،ــو كــان ســبب عــدم ــة. وعليــه ل ــة التقي ــط بحال وإن حكمهــا مرتبــذف ــو ح ــة ه ــل على التقي ــدمين للحم ــف المتق ــاهدة توظي مش الروايات الصادرة بداعي التقية فيجب إبقاء موارد حمــل الموضــع على التقيــة على حالــه، وأن تشــاهد كــثرة في تــراث المتقــدمينــك ــأخرين. في حين أن الوضــع على العكس من ذل ــابهة للمت مشمــا نشــاهد في تــراث المتقــدمين حملا لموضــع على تمامــا؛ إذ قل

ـــ على«من لا يحضــره الفقيه»التقية. ففي جميع مــواطن كتــاب ــذا(510)سبيل المثال ـ لا نجد إلا موردا واحدا من هذا الحمل . إن ه

الأمــر، بالإضــافة إلى كــثرة وجــود هــذا الحمــل في تــراث الشــيخــدمين الطوسي والمتأخرين عنه، يشكل أمارة قوية على أن المتق

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد231هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

لم يكونــوا يعتقــدون بالحمــل على التقيــة في حــل التعــارض على نطاق واسع، كالذي نشهده عند المتأخرين، لا على نحو حمل ذات الرواية على التقية، ولا على نحو حمل موضع الرواية على التقية. والشــاهد الآخــر الــذي يزيــد من أهميــة هــذا الأمــر، ويثبت وجــود الاختلاف المبنائي في هــذا الشــأن، ويعمــل على بيانــه بمزيــد من الوضوح، هو أن جميع المــوارد الــتي حمــل الشــيخ مواضــعها على التقية قد ذكرهــا المتقــدمون دون أي قيـد أو شــرط، الأمــر الــذي يثبت بوضوح ـ بالالتفــات إلى إمكــان جمعــه مــع حــذف الروايــات الصادرة بداعي التقية ـ أن المتقدمين لم يكونوا يعتقدون بالحمل على التقية بأي صورة من الصور. هناك الكثــير من المــوارد الــتي

على التقية، في«الاستبصار»تم حمل موضعها في باب واحد من ــة الأخـــرى دون هـــذا ــادر الروائيـ ــرت في المصـ ــا ذكـ حين أنهـ

. (511)الحمل

ح ـ كثرة الأحكــام الفقهيــة المرتبطــة بالتقيــة في جميــعالأبواب

ــة لم ربما ادعي أن عدم أنس المتقدمين بالحمــل على التقي يكن من جهــة الاختلاف المبنــائي في أســلوب ونهج التعــاطي مــع الروايات، وإنما يعــود الســبب في ذلــك إلى أن مســألة التقيــة لمــاء العلمي تكن في الأساس جزءا من المسائل الشائعة في الفضـدـ أن هــذا لــدى الشــيعة، وأن الأصــحاب لم يهتمــوا بهــا كثــيرا. بي الإشكال سيرتفع بأدنى نظـرة على الكتب الفقهيـة لتلـك الحقبـة، ــوذا ن أن مسألة التقية في فقه تلك الفترة كانت أكثر نف حيث يتبي وتأثيرا بالقياس إلى فقه المرحلــة المتــأخرة، بحيث إن الأصــحابضـــون إلى حكم افـــتراض التقيـــة في أكـــثر الأبـــواب كـــانوا يتعر والعناوين الفرعيـة، وعمــدوا إلى التفريـع في هــذا الفـرض أيضــا.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد232هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

رؤية حول حمل الروايات على التقية عند الشيخ الطوسي•

ــف ــل تكلي ــأخر، حيث تم تحوي ــه المت ــذا النهج على خلاف الفق وه المكلف في التقية بشكل عام إلى العمومات. كما أن هذا هو غيرــأن قــرب عصــر المتقــدمين من عصــر الأئمــة، وكــذلك القــول ب استمرار الظروف القاسية على الشيعة في تلــك المرحلــة، جعــلــر ــل عص ــبة لهم، وليس كمث ــة بالنس ل مشــكلة فعلي ةـ تمث ـ التقيل مســألة تاريخيــة. المتــأخرين؛ إذ كــانت التقيــة بالنســبة لهم تمثــف ــدم توظيـ ــتفيد من عـ ــوع أن نسـ ــه لا يمكن في المجمـ وعليـ الأصحاب للحمل على التقية أن مفهوم التقيــة كــان غريبــا عليهم. بيد أن عدم غرابة التقيــة عنــدهم يمكن لهــا أن تشــكل دليلا قويــا على أنهم إنمـــا لم يكونـــوا يســـتفيدون من الحمـــل على التقيـــة عالمين عامدين. فعلى سبيل المثــال: يتم ذكــر عــدة فقــرات من أحد الكتب الفقهيــة المتقدمــة، تم الحــديث فيهــا ضــمن تضــاعيف

. (512)الأبواب المختلفة بشأن فرض التقية مرارا وتكرارا

الاستنتاج في إطار بيان أسباب وجود الاختلاف بين العلماء المتقــدمين والشيخ الطوسي يمكن التوصل ـ من خلال دراسة جميع الشواهدــع ــاطي م ـ إلى أنه؛ بسبب وجود الاختلاف المبنائي في كيفية التع الروايات، لم يكن حمل الروايــات الموافقــة للعامــة على التقيــة ـ بوصفه طريقــا لحــل التعــارض ـــ طريقــا متــداولا بين المتقــدمين،ــوا ــاء لم يكون ــام الإفت ــات وفي مق ــار الرواي ــام اختي وإنهم في مق يستفيدون من هذه الوســيلة إلا في المــوارد النــادرة. وعنــد عــدمــان منهج الاستفادة من هذا الأسلوب والأساليب العامة الأخــرى ك المتقــدمين من الأصـحاب في التعـاطي مـع الروايـات يقــوم على دراسة كل رواية بشكل مستقل على أســاس القــرائن والشــواهد

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد233هـ1439م ـ 2018شتاء

السيد محمد كاظم المددي الموسوي•

التاريخية، من ناحية المضــمون، ومن ناحيــة الســند. خلافــا لرؤيــة المتــأخرين في البنــاء على القواعــد العامــة، على أســاس أصــول

وقواعد من قبيل: حمل الرواية الموافقة للعامة على التقية. وبنفس النسبة لا يمكن للفرضية الأخــرى، الــتي تعتــبر عــدم وجود الحمــل على التقيــة في الكتب الفقهيــة والمصــادر الروائيــة لدى المتقدمين مجرد مسألة أسلوبية نــاظرة إلى حــذف روايــات

التقية قبل مرحلة التأليف، أن تكون دقيقة.

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد234هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل بالأخبار، ودور الفهارس فيه•

منهج القدماء في العمل بالأخبارودور الفهارس فيه

*(*()الشيخ محمد باقر ملكيان

ـدـ من بيــان مســلك القــدماء في تعــاملهم مــع ـهـ لا ب اعلم أن الأخبار، حتى يتضح لك وجــه تــدوين أصــحابنا الفهــارس، فــأقول ـ ومن اللــه عــز وجــل أســتمد التوفيــق ـــ: قــال الشــيخ حــول منهجــدا منهم ]أي ــلوكهم العلمي: إن واحـ ــة في سـ ــحابنا الإماميـ أصـ أصحابنا[ إذا أفتى بشــيء لا يعرفونــه ســألوه: من أين قلت هــذا؟ فإذا أحالهم على كتاب معروف، أو أصل مشهور، وكان راويه ثقــةــذه لا ينكر حديثه، سكتوا، وسلموا الأمر في ذلك، وقبلوا قوله. وه

ومن بعــده من الأئمــة، ومنعــادتهم وســجيتهم من عهــد النــبي ، الـذي انتشــر العلم عنـه، وكــثرت×زمن الصادق جعفر بن محمد

. (513)الرواية من جهته وقال في موضع آخر: وإذا كــان أحــد الــراويين يــروي الخــبرــة ــدم رواي ــه إجــازة، فينبغي أن يق ســماعا وقــراءة، والآخــر يروي

السامع على رواية المستجيز. فا اللهم إلا أن يروي المستجيز بإجازته أصلا معروفا، أو مصن

. (514)مشهورا، فيسقط حينئذ الترجيحــر منه ــذي يظه ــار ليس(515)فال ــدار في عملهم بالأخب أن الم

باحث ومحقق بارز في مجال إحياء التراث الرجالي)*(*( والحديثي. حقق وصحح كتاب جامع الرواة، للأردبيلي، ورجال

النجاشي، في عدة مجلدات ضخمة. ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

235هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

على كـــل خـــبر، بـــل هم عملـــوا بمـــا ورد في الكتب المعروفـــة والأصول المشهورة، وهذا بضميمة شــرط آخــر، أي وثاقــة مؤلف

الكتاب وصاحب الأصل. فهــذا إن دل على شـيء يـدل على أن المناقشـات الســندية

حول الكتب المشهورة والطرق إليها مما لا محل لها. ــار ــورده من الأخب ــأتي في أكــثر مــا ن وقــال الطبرســي: لا ن

ـهـ×بإسناده...، إلا ما أوردته عن أبي محمد الحسن العسكري ، فإن ليس في الاشتهار على حد ما سواه...، فلأجل ذلك ذكرت إسناده

. (516)في أول جزء من ذلكـهـ من كتب معتمــد على صــحتها، وقال الكفعمي: وقــد جمعترــ العصــرين، ولا مــر رهــا ك مأمور بالتمسك بــوثقى عروتهــا، لا يغي

. (517)الملوينــيى، وقـــال ابن الغضـــائري في الحســـن بن محمـــد بن يحـ المعروف بــابن أخي طــاهر: كــان كــذابا، يضــع الحــديث مجــاهرة، ويدعي رجالا غربــا لا يعرفــون. ويعتمــد مجاهيــل لا يــذكرون. ومــا تطيب الأنفس من روايتــه إلا في مــا يرويــه من كتب جــده، الــذي رواها عنه غــيره، وعن علي بن أحمــد بن علي العقيقي، من كتبــه

. (518)المصنفة المشهورةــهل ــه بن س ــد الل ــد بن عب ــهل بن أحم ــا في س ــال أيض وق الديباجي: كان ضعيفا، يضع الأحــاديث، ويــروي عن المجاهيــل. ولاــا روى ــا مم ــأس بمــا رواه من الأشــعثيات، وبمــا يجــري مجراه ب

. (519)غيره وقال أيضا في الحسن بن أسد الطفاوي البصري: يروي عن الضعفاء، ويروون عنه، وهو فاسد المذهب، ومــا أعــرف لــه شــيئا أصلح فيه إلا روايته كتاب علي بن إســماعيل بن شــعيب بن ميثم،

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد236هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل بالأخبار، ودور الفهارس فيه•

. (520)وقد رواه عنه غيره في أحمـــد بن هلال العبرتـــائي: توقـــف ابنوقـــال العلامة

ــوب من الغضائري في حديثه إلا في ما يرويه عن الحسن بن محب كتاب المشيخة، ومحمد بن أبي عمير من نوادره، وقد سمع هذين

. (521)الكتابين جل أصحاب الحديث، واعتمدوه فيها فهذا يدل على أن الرجل وإن كان ضــعيفا، فاســد المــذهب،ــه، ــل من وضاعا للحديث، إلا أنه إذا روى أحد الكتب المشهورة تقب

ولم يناقش معه في هذا النقل. نعم، هذا لا يعني عدم الاحتياج إلى البحث الرجالي على نحو القضية السالبة الكلية، فإن الحاجة إلى التقويم الرجالي ما زالت باقية حول صاحب الكتاب، وكــذا الــرواة من صــاحب الكتــاب إلى

، وكذا حول الكتب غير المشهورة. ×الإمامــا كتب ــا مــع الكتب الأربعــة، فإنه ــل تعاملن وليس هــذا إلا مث مشهورة، ولأجــل ذلــك يختص البحث الرجــالي في الكتب الأربعــة

فقط. ×بالرواة من صاحب الكتاب إلى الإمام والذي يشهد على ذلــك أن الشــيخ قــد ينقــل بعض الروايــات عن الكافي، والرواية موجودة بسندين في الكافي ـــ عن أصــل أو

ب مصــطلح المتــأخرين؛أحدهماكتاب معروف ـ، : ضــعيف بحســ ، فلا(522): صــحيح، والشــيخ ينقــل الخــبر بالســند الضــعيفوالآخر

ر لذلك ظاهرا إلا ما قلنا. مبر والذي يشهد لــذلك أننــا إذا ســبرنا الكتــاب الرجاليــة نجــد أن

فين. فين والمصن أكثر التوثيقات والتضعيفات حول المؤل %75هذا كتاب الرجــال للشــيخ الطوســي، فتجــد قريبــا من

من نصوص الجرح والتعديل فيه للمؤلفين، بل لم تجــد فيــه كلمــة ، وفي هــذا العهــد بدايــة نظــام× قبــل عهــد الإمــام البــاقر«ثقة»

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد237هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

التحديث وشروع التأليف والتصنيف. %90، فتجــد أكــثر من ومثله كتاب الرجال لابن الغضــائري

فين فقط. من نصوص الجرح والتعديل فيه للمؤلرـ توثيقـا أو تضـعيفا حـول كثـير من الـرواة ولأجل ذلـك لم نفات الــذين ليس لهم تــأليف، بــل شــأنهم نقــل الكتب والمصــن فحسب. وهذا مثل أحمد بن محمــد بن الحســن بن الوليــد، الــذي أكثر الشيخ المفيد الرواية عنــه، وكــذا أحمــد بن محمــد بن يحــيى العطار، الذي أكثر الشيخ الصدوق الرواية عنه، وكـذا الحسـين بن

الحسن بن أبان. قال صاحب المعالم: ترك التعرض لذكرهم في كتب الرجال ليس إشعارا بعدم الاعتماد عليهم؛ فإن الأسباب في مثلــه كثــيرة،فة في الرجــال ـهـ لا تصــنيف لهم، وأكــثر الكتب المصــن وأظهرها أن لمتقــدمي الأصــحاب اقتصــروا فيهــا على ذكــر المصــنفين، وبيــان

. (523)الطرق إلى رواية كتبهم وكيفما كان، تظهــر ثمــرة ذلــك إذا كــان الطريــق إلى كتــاب ضعيفا بحسب المصطح الرجالي، ولكن الكتاب مشهور، فأحاديث هذا الكتاب بحسب مصطلح المتأخرين ضعيفة، بينما الــذي يظهــر من قدماء الأصحاب ـ الذين عليهم مدار الجــرح والتعــديل وقبــول

الأحاديث وردها ـ أنها صحيحة. قال المحقق المجلسي: لا بأس بالوجادة مع تحقق انتســاب

. (524)الكتب إلى أصحابهاــده العلامــة: الأظهــر ]في الوجــادة[ جــواز العمــل وقــال ولفيهــا، بــالكتب المشــهورة المعروفــة الــتي يعلم انتســابها إلى مؤل

. (525)كالكتب الأربعة، وسائر الكتب المشهورةــق إلى ــعف الطري ــر ض ــوئي: لا يض ــل الخواج ــال الفاض وق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد238هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل بالأخبار، ودور الفهارس فيه•

. (526)صاحب الكتاب أو الأصل؛ لاشتهارهما عند نقله عنهما وقال صاحب الحدائق ـ في ذيل رواية رواها ابن إدريس في مستطرفات سرائره ـ: رواية ابن أبي نصر صحيحة؛ لأنهــا منقولــة

. (527)من أصله المشهور بلا واسطة ولأجل ذلك تــرى أن القــدماء عــدوا روايــات كتبهم صــحيحة،

نظرا لكونها مستخرجة من الكتب المشهورة. قــال الصــدوق في ديباجــة كتــاب من لا يحضــره الفقيــه: لمفين في إيـراد جميـع مــا رووه، بــل قصــدت أقصد فيه قصد المصنـهـ حجــة فيمــا إلى إيراد ما أفتي به، وأحكم بصحته، وأعتقد فيــه أن بيني وبين ربي ـ تقدس ذكــره وتعــالت قدرتــه ـــ. وجميــع مــا فيــه مستخرج من كتب مشهورة، عليها المعول، وإليها المرجــع، مثــل:

. (528)كتاب حريز بن عبد الله السجستانيفت كتــابي هــذا، وســميته كتــاب وقــال في المقنــع: إني صــن المقنع، لقنوع من يقرأه بما فيه. وحذفت الأســانيد منــه لئلا يثقــل حمله، ولا يصعب حفظه، ولا يمل قارئه؛ إذ كان مــا أبينــه فيــه في الكتب الأصولية موجودا مبينا عن المشايخ العلماء الفقهاء الثقات

. (529)ـ رحمهم الله ـ وهذا معنى قول كثير من علمائنا بأن ذكر الأســانيد والطــرق

ك. للتيمن والتبر قال المحقق المجلســي: الظـاهر منهم ]أي القــدماء[ النقــل من الكتب المعتــبرة المشــهورة. فــإذا كــان صــاحب الكتــاب ثقــة يكــون الخــبر صــحيحا؛ لأن الظــاهر من نقــل الســند إلى الكتــابك، ولا ســيما إذا كــان من المشهور المتواتر مجــرد الــتيمن والتــبر الجماعــة المشــهورين، كالفضــيل بن يســار، ومحمــد بن مســلم ـ

. (530)رضي الله عنهما ـ، فإن الظاهر أنه لا يضر جهالة سنديهما

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد239هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

وقال الشيخ أحمد آل طعان البحراني: إن مدار القــدماء، ولاما أصــحاب الكتب الأربعــة، على الكتب المشــهورة، والأصــول سي المعتــبرة، وإن ذكــر الســند للــتيمن بــذكر سلســلة الرجــال، ولئلا

. (531)يتوهم في الخبر الإرسال ولعل هذا يظهــر من الشــيخ الطوســي أيضــا، حيث قــال في بداية المشيخة: نحن نذكر الطرق التي يتوصل بها إلى رواية هــذهفات، ونذكرها على غايــة مــا يمكن من الاختصــار، الأصول والمصن لتخـــرج الأخبـــار بـــذلك عن حـــد المراســـيل، وتلحـــق ببـــاب

. (532)المسنداتــذه ــد أوردت جملا من الطــرق إلى ه ــا: ق ــال في خاتمته وقفات والأصول. ولتفصيل ذلك شرح يطــول، هــو مــذكور في المصن الفهارس المصــنفة في هــذا البــاب للشــيوخ، من أراده أخــذه من هناك إن شاء الله. وقد ذكرنا نحن مســتوفى في كتــاب فهرســت

. (533)الشيعةــه الشــيخوهنا نسأل : ما معنى إحالة طريق كتاب روى عن

إلى فهارس الأصحاب وفهرست الشيخ نفسه على حد سواء؟! بأن معــنى ذلــك أن الكتب الــتي نقــل الشــيخونحن نجيب

منها مشهورة، وذكر الطرق إليها لإلحاقها بباب المسانيد فقط. ومن هنا يعرف وجــه الحاجـة إلى الفهـارس، حيث بهـا نقـدر

على تشخيص الأصول المعروفة والكتب المشهورة. ــة والكتبولكن هنا نسأل ـزـ الأصــول المعروف ــف نمي : كي

المشهورة؟ دــ من فهم النصــوص الــتيوللإجابة عن هذا السؤال لا ب

ــ ولا ســيما ــا ـ ــا الشــيخ والنجاشــي في فهرســتيهما. ففيهم ذكره فهرست النجاشي ـ تعابير يستظهر منها شهرة الكتب، بل بعضــها

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد240هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

منهج القدماء في العمل بالأخبار، ودور الفهارس فيه•

ــذه ــذكر بعض ه ــال، ن ــبيل المث ــك. ونحن، على س ــريح في ذل صالعبائر:

. (534)أـ له كتاب كثير الرواة. (535)ب ـ له كتاب يرويه عنه جماعة

. (536)ج ـ له كتاب يرويه عدة من أصحابنا. (537)د ـ له كتاب بروايات كثيرة

. (538)هـ ـ له كتاب قد رواه جماعات من الناس )أصحابنا(. (539)و ـ له كتاب رواه غير واحد

. (540)ز ـ رواة هذا الكتاب كثيرون. (541)ح ـ له كتاب تكثر الرواة عنه

كما أن هناك تعبـيرات يظهـر منهــا عـدم الشــهرة، منهـا: لـه. (542)كتاب لم يروه إلا فلان

فهارس قدماء الشيعة وكيفما كان إن لقـدماء أصـحابنا ــ قبـل الشــيخ والنجاشـي ـ

: (543)فهارس ثمانية.(544)هـ(301ـ فهرست سعد بن عبد الله الأشعري)1.(545)هـ(305ـ فهرست عبد الله بن جعفر الحميري)حدود 2.(546)هـ(310ـ فهرست حميد بن زياد النينوائي)3.(547)هـ(330ـ فهرست محمد بن جعفر بن بطة)حدود 4.(548)هـ(343ـ فهرست محمد بن الحسن بن الوليد)5.(549)هـ(368ـ فهرست ابن قولويه)6.(550)هـ(381ـ فهرست الشيخ الصدوق)7.(551)هـ(423ـ فهرست ابن عبدون)8

وهذه الفهارس ـ رغم اشتهارها، ومــع الأســف الشــديد ـــ لم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد241هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ محمد باقر ملكيان•

، وذكــرا(553). إلا أن الشيخ والنجاشي ألفا فهرســتين(552)تصل إلينافيهما كثيرا من كتب قدماء أصحابنا مع ذكر الطرق إليها.

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد242هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

إرث الزوجةمحاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم

ـ القسم الثاني ـ

*(*()الشيخ فخر الدين الصانعي

حسن علي الهاشميترجمة:

تقــدم ذكــر أربــع من الروايـات الــتي اســتدلوا بهــا على حرمــان الزوجــة من إرث الأرض والعقــار )الأرض

والدور(، وهي: ×، عن أبي جعفرـ صحيحة محمد بن مســلم1ــال: ــار»قـ ــرثن من الأرض، ولا من العقـ ــاء لا يـ النسـ

. (554)«شيئا إن» قــال: ×، عن أبي جعفرـــ صــحيحة زرارة2

ــدور ــرك زوجهــا من القــرى وال ــا ت ــرث مم المــرأة لا تــدواب شــيئا، وتــرث من المــال والفــرش والســلاح وال والثياب ومتاع البيت مما ترك، وتقــوم النقض والأبـواب

. (555)«والجذوع والقصب، فتعطى حقها منه ، والــتي هي×، عن أبي جعفرـــ موثقــة زرارة3

بــدل«الرقيق»مثــل الصــحيحة، مــع فــارق أنهــا تــذكر . (556)«الأبواب»الفرش، مع عدم ذكرها لـ

، الــتي هي مثــلـــ روايــة طربــال بن رجــاء4.مقتبس من آراء المرجع الديني الشيخ يوسف الصانعي باحث وأستاذ في الحوزة العلمية، من إيران. وهذا البحث)*(*(

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد243هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

قة زرارة .(557)موث كما ذكرنا الإشكال على الاستدلال بهذه الروايات.

وبقي الحديث في بقية الروايات، وهي: ــ صــحيحة الفضــلاء الخمسة5 يلـ ــ رـ وفض ـ : زرارة وبكي

ـ منهم من’وبريد ومحمد بن مسلم، عن أبي جعفر وأبي عبد اللهــد الله ــال:’؛ ومنهم من رواه عن أحــدهما×رواه عن أبي عب ــ، ق ـ

إن المرأه لا ترث من تركــة زوجهــا من تربــة دار أو أرض، إلا أن»ــا يقوم الطوب والخشب قيمة، فتعطى ربعها أو ثمنها ـ إن كان له

. (558)«ولد ـ من قيمة الطوب والجذوع والخشبـرـد في كتــاب«لهــا ولد»ومن الجدير بالــذكر أن عبــارة لم ت

ــذيب» ــ ــار» و(559)«الته ــ ــاب(560)«الاستبص ــ ــا وردت في كت ــ ، وإنم.«إن كان» بعد عبارة «الكافي»

مناقشة الاستدلال بالرواية الخامسة

ــارة ــا يتعلق بمرجــع الضــمير في عب ــاك في م ــا أو»هن ربعه احتمالان: «ثمنها

ــود إلى «ها»إن الضــمير : الاحتمــال الأول ــرأة» يع ،«المــع ــرث الثمن أو الرب ونتيجة لذلك يكون معنى الرواية: إن المرأة ت من جميع تركــة الميت )الزوجــة(، وذلــك بــأن يتم تقــييم الخشــب والطوب الموجود، ويدفع منه قيمة سهم المرأة من جميع التركة، بشرط أن تفي قيمة هذا الخشــب والطــوب بمقــدار قيمــة ســهم المرأة من جميـع تركــة الميت، وإلا ففي غـير هــذه الحالـة يكتفى

بإعطائها ما تفي به قيمة الخشب والطوب فقط. ــاني ــال الث إلى«ها»أن يكــون مرجــع الضــمير : الاحتم

، بمعنى أن الزوجة ترث من قيمة أرض الدار،«الأرض» و«التربة»

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد244هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

والأراضي الأخرى، ولا ترث من أعيانها. وعلى كلا الاحتمالين تؤخذ.(561)«إن كان وفى» بمعنى «إن كان»عبارة

وعليه يكون معنى الحديث على أساس هذين الاحتمالين هــو أن المــرأة لا تــرث من عين الأرض، ولكنهــا تأخــذ ســهم الربــع أو الثمن من قيمة الطــوب والخشــب إن وفت قيمتهمــا بســهم إرثــوب أو الزوجة. وعلى هذا الأساس إذا لم يكن في تركة الميت ط خشب، أو لم تكن لهما قيمة، لم تــرث الزوجــة من الأرض )لا من

عينها، ولا من قيمتها(.ـهـ بالالتفــات إلى كــون الاســتثناء متصــلا يكــون والخلاصــة أن مضمون الحديث مخالفا للإجمـاع؛ إذ لم يفت أحــد بـأن الزوجــة لاــا ترث من عين الأرض، ولكنها ترث من قيمتها بشرط أن تدفع له

من قيمة الطوب والخشب. الإشكال في الاحتمال الثاني

إن الإشكال الذي يطرح في الاحتمال الثــاني هــو أن أســاس هذا الاستدلال على مخالفة مفاد الرواية للإجماع منوط بأن يكون الاستثناء متصلا؛ إذ لو كان الاستثناء منقطعا لن يكون هناك معنى لاحتمــال أن يكــون المــراد من عــدم إرث الزوجــة من الأرض هــو عدم إرثهــا من عين الأرض، لا من قيمتهــا؛ إذ بنــاء على الاســتثناء

إن المــرأة لا تــرث من»المنقطع سيكون معنى الروايــة مــا يلي: تركة زوجها من تربة دار أو أرض )لا عينا، ولا قيمــة(، إلا أن يقــوم

. «الطوب والخشب قيمة، فتعطى ربعها أو ثمنهاويمكن إثبات كون الاستثناء منقطعا بأحد وجهين:

ـــ وهــو الضــمير المســتتر ـــ إلى«كــان»ـــ أن يعــود اســم 1 معا. «الثمن» و«الربع»

فقط. «الثمن» إلى «كان»ـ أن يعود الضمير المستتر في 2

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد245هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

دفع إشكال لا يمكن اعتبار الاستثناء في الروايــة منقطعــا؛ لعــدم تماميــة

الوجهين المذكورين لإثباته. ــع الضــمير إلى : أما الاحتمال الأول «الربع»إن كان مرج

مســتدركة عمــا«كان» فسوف تكون الجملة التالية لـ «الثمن»أو قال: تعطى الزوجة الربع أو الثمن من قيمة×قبلها، أي إن الإمام

الطــوب والخشــب، إن كــان الربــع والثمن ســهمها وحقهــا. وهنــا غافلا ـ والعيــاذ باللــه ـ×يطرح هذا السؤال نفسه: هل كان الإمام

ــة على نحــو القضــية ــده ثاني ــدار ســهم الزوجــة، حتى يعي عن مقالشرطية، مع شيء من التردد؟!

«الثمن»إذا كان مرجع الضمير إلى : أما الاحتمال الثاني تعطى الزوجـة الثمن إذا كـان»فقط كان معــنى الروايـة مـا يلي:

. في حين أن هذا الاحتمال بعيد للغاية؛ إذ لا وجه«حقها أو سهمها. «الربع» وحده، وترك تقييد «الثمن»للتقييد بـ

وخلاصة القول: لو أردنا اعتبار الاســتثناء منقطعــا نكــون قــد ارتكبنا ما يخالف الظاهر، وعليه نكون بحاجة إلى قرينة، ولا توجد هنا مثــل هــذه القرينـة، أو دليــل على مــا يخــالف الظـاهر. وعليــه ــة دالا يكون الاستثناء متصلا. وعلى هذا الأساس يكون مفاد الرواي على مضمون لم يفت به أحد. وطبقا لهذا الكلام لا تكـون الروايــة

حجة. ×، عن أبي جعفرـ صحيحة زرارة ومحمــد بن مســلم6

»قال: . (562)«لا ترث النساء من عقار الأرض شيئا

مناقشة الاستدلال بالرواية السادسةــار ــة على عق ــان الزوج ــر حرم ــة تقص ــذه الرواي حيث إن ه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد246هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الأرض ــ الـذي هـو أخص من مطلـق الأرض؛ بسـب إضـافتها إلى العقار ـ، من هنا فإنها تعارض الرواية الأولى والخامســة والحاديــة

عشرة، الدالة على عدم إرث الزوجة من مطلق الأرض. كــان في×دليلنا على هذا الاختصاص هو أن الإمام المعصوم

مقام بيان استثناءات حكم توريث الزوجــة، وإذا كــان المتكلم فيرا عن أن مقام بيان استثناء موارد من الحكم الثابت كان ذلك معب لهذا الاســتثناء مفهومــا وانحصــارا في المــوارد المــذكورة. وعليــه يكون مفهوم اللقب والموضوع هنا حجة؛ لكون الروايـة في مقــام

البيان. ليس» قـال: ’، عن أحدهماـ رواية عبد الملك بن أعين7

. (563)«للنساء من الدور والعقار شيء

مناقشة سند الرواية السابعة تعاني هذه الرواية من ضعف الســند؛ بســبب وجــود شــخص

، وهــو مشــترك بين مجاهيــل، أو أنــه«مثــنى»في ســندها باســم مشترك بين أشخاص مجهولين وآخرين ورد الكلام في تحســينهم، دون تمييز من هو المقصــود من بينهم. وبــذلك تكــون ضــعيفة من

هذه الناحية، ولا يمكن الاستدلال بها. ــد اللهـ رواية يزيد الصائغ8 ــال: ســألته×، عن أبي عب ، ق

رــثن قيمــة»عن النســاء هــل يـرثن من الأرض؟ فقـال: لا، ولكن يــال: «البناء ــا فلم»، قال: قلت: إن الناس لا يرضون بذا، ق إذا ولين

وا ضـــربناهم بالســـوط، فـــإن لم يســـتقيموا ضـــربناهم يرضـــ. (564)«بالسيف يقــول:× قــال: ســمعت أبــا جعفرـ رواية يزيد الصــائغ9

إن النساء لايرثن من رباع الأرض شيئا، ولكن لهن قيمة الطــوب»

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد247هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

والخشب، قال: فقلت لــه: إن النـاس لا يأخــذون بهـذا، فقـال: إذا ولينــاهم ضــربناهم بالســوط، فــإن انتهــوا وإلا ضــربناهم بالســيف

. (565)«عليه

الإشكال في الروايتين الثامنة والتاسعة إن هاتين الروايتين تشــتملان على إشــكال ســندي، وإشــكال

دلالي أيضا. يزيــد»أما الإشــكال الســندي في الروايــة فيكمن في وجــود

في سلسلة السند، وهو مجهول. وقــد ورد ذكــره في(566)«الصائغ ـــ وهــو«شــعيب»كلا سندي الرواية. كما أن وجود شــخص باســم

مجهول ـ يضر بحجية الرواية الثامنة. وهكذا فإن وجود رجل باسمــة«مثنى» في الرواية التاسعة، يستوجب ضعف السند وعدم حجي

تلك الرواية؛ وذلك لذات العلة المذكورة في الرواية السابعة. ــا، أما الإشكال الدلالي في هاتين الروايتين،فيكمن في ذيلهم

كلاما لا ينسجم مــع أي من القواعــد×حيث تنسبان إلى المعصومــار ــة الأطه ــودة من الأئم ــة والمعه ــوازين الثابت ــه لا^والم ــل إن ، ب

ينسجم مع أساليبهم عندما حكمــوا المســلمين؛ إذ تقــوم ولايتهم ـ عندما استلموا السلطة ـ على الرحمــة والعــدل ورعايــة المصــالح والإرشــاد والهدايــة، وكــانوا في إبلاغ الأحكــام الشــرعية والدينيــة يعتمدون على منهج الإقنـاع، مصــحوبا ببيـان أدلــة الأحكـام، لا من طريق الإكراه واستعمال السوط والسيف؛ إذ حيث تنسجم أحكام اللــه مــع العــدل والحب والرحمــة وموافقــة الفطــرة الإنســانية لار والإكــراه. بــل عنــدما يــدرك تكــون هنــاك من حاجــة إلى القســــواع الإنسان حقيقة الأحكام الواقعية للإسلام، البعيدة عن جميع أن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد248هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الخرافات والتزوير، يجدون أنفسهم يميلــون إلى اعتناقهــا تلقائيــا.ــير ــؤدي إلى غ ــيف لا ي ــوط والس ــراه بالس ــح أن الإك ومن الواض العداوة والبغضاء، في حين أن الــدين الإســلامي الحــنيف لا يقــومــدين؛ إذ ورد في ــاء ال ــدين وأولي ــغف بال ةـ والش ـ ــير المحب على غ

» قولــه: ×الحديث عن الإمــام أبي جعفــر الصــادق وهــل الــدين إلا. (567)«الحب؟

، قــال: ســمعته×، عن أبي عبــد اللهـ صحيحة الأحـول10 لا يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن قيمة البناء والشجر»يقول: ، يعني )من البناء( الدور، وإنما عنى من النساء الزوجة. «والنخل

الإشكال في الرواية العاشرة بالالتفــات إلى مفــاد هــذه الروايــة الــدال على أن النســاء لا يرثن إلا من قيمة البناء، فإنها تتعــارض مــع ظــاهر صــحيحة زرارة

(، الدالــة على إرث النســاء من عين15وابن مسلم )الرواية رقم . والقاعــدة في التعــارض هي التســاقط«يرثن ذلك البنــاء»البناء:

وعدم الحجية. قــال: لا أعلمــه إلا عن ميســرـ صحيحة أبــان الأحمر11

، قال: سألته عن النســاء، مــا لهن×بياع الزطي، عن أبي عبد اللهــال: ــيراث؟ قـ ــاء والخشـــب»من المـ ــة الطـــوب والبنـ لهن قيمـ

والقصب، فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه، قــال: قلت: فالبنات؟ قال: البنات لهن نصيبهن )منه(. قــال: قلت: كيــف صــار ذا ولهذه الثمن ولهذه الربع مســمى؟ قــال: لأن المــرأة ليس لهــا نسب تــرث بــه، وإنمــا هي دخيــل عليهم، إنمــا صــار هــذا كــذا لئلا تتزوج المــرأة، فيجيء زوجهــا أو ولــدها من قــوم آخــرين فــيزاحم

. (568)«قوما آخرين في عقارهم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد249هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي• الإشكال في الرواية الحادية عشرة

: إن هــذه الصــحيحة تــدل على إرث الزوجــة من قيمــةأولا الطوب والخشب والقصــب والبنــاء، بينمــا تــدل صــحيحة الفضــلاء الخمسة )الرواية الخامسة( على إرث الزوجــة من قيمــة الطــوب والخشب فقط، ولا تشتمل على ذكر قيمة البناء. ومن الواضح أن قيمة البناء تختلف عن قيمــة المــواد المســتعملة فيــه. وعلى هــذابعــة الأساس تكون هاتان الصــحيحتان متعارضــتين، والقاعــدة المت

في التعارض هي التساقط. :الاحتمــال الأول: هناك في هذه الروايــة احتمــالان: ثانيا

في الروايــة مطلــق«العقــارات» و«الأرض»أن يكون المــراد من الأرض، وبطبيعة الحال فــإن هــذا هــو مــا يــدل عليــه ظــاهر لفــظ

: أن يكــون المــراد من هــذهوالاحتمال الثــاني أيضا. «الأرض» الألفاظ ـ بقرينة ذكر قيمة الأشياء الخاصة بالمنازل السكنية ـ هــو أرض الــدور الســكنية. وعليــه يكــون للروايــة احتمــالان، ولا يمكن

الاستدلال بها. ــد اللهـ صحيحة محمد بن مسلم12 ــو عب :× قال: قال أب

ترث المرأة الطوب، ولا ترث من الرباع شيئا، قال: قلت: كيــف» ترث من الفرع، ولا ترث من الربــاع شــيئا؟ فقــال: ليس لهــا منــهــرث نسب ترث به، وإنما هي دخيل عليهم، فترث من الفرع، ولا ت

. (569)«من الأصل، ولا يدخل عليهم داخل بسببها

الإشكال في الرواية الثانية عشرةــطراب؛ إن العلة المذكورة في هذا الحديث تشتمل على اض إذ إن التعليل المذكور لحرمان الزوجة من الربــاع هي أن الزوجــة لا ترتبط بالميت بربــاط نســبي، إنمــا الربــاط بينهــا وبينــه ســببي،

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد250هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ولذلك لا ترث من الأصــل )الأرض(، وتــرث من الفــرع )الطــوب(.ويمكن لهذه العلة أن تشمل إرث الزوجة من الطوب أيضا.

: إن المراد من الطوب قيمته.ولو قيلقلنا : حيث يحتاج هذا المعنى إلى التقدير فإنه يكون مخالفاللظاهر. ــدـ صــحيحة زرارة ومحمــد بن مســلم13 ، عن أبي عب

لا تـرث النســاء من عقــار الــدور شــيئا، ولكن يقــوم» قـال: ×الله ــك لئلا ــا ذل ــال: وإنم ــا، ق ــا أو ربعه ــاء والطــوب، وتعطى ثمنه البن

. (570)«يتزوجن، فيفسدن على أهل المواريث مواريثهم

الإشكال في الاستدلال بالرواية الثالثة عشرة إن التعليل المذكور في هذه الرواية )إن النساء لا يــرثن منــه إلى الأرض؛ إذ قد يتزوجن بعد وفاة أزواجهن بزوج جديد يأتين بــذي ــر ال البيت، وبذلك يعملن على تضييع حقوق سائر الورثة، الأم يثقــل عليهم( لا يمكن أن يكــون تامــا لحرمــان النســاء من عقــار الدار؛ إذ إن هذا التعليل إنمــا يصــح إذا قلنــا بــأنهن يــرثن من عين الأرض، وأما إذا قلنا بأنهن يرثن من قيمتهــا فلا يكــون هنــاك وجــهــاء ــا يتعلق بالبن ــام نفســه في م ــا ورد عن الإم ــل، كم ــذا التعلي له والطوب، قوله: إنهن يرثن من قيمتهما. ولا فرق بين عقــار الــدور

وأرضها من ناحية الإرث من القيمة. ــد اللهـ صحيحة حماد بن عثمان14 قــال:×، عن أبي عب

إنما جعل للمرأة قيمــة الخشــب والطــوب لئلا يــتزوجن، فيــدخل». (571)«عليهم ـ يعني أهل المواريث ـ من يفسد مواريثهم

الإشكال في الاستدلال بالرواية الرابعة عشرة إن العلة المذكوة في مورد هذه الرواية يجب أن تجــري في

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد251هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

مورد البنات أيضا؛ إذ إنهن بزواجهن قد يحدثن مفسدة ونزاعا بين سائر الورثــة. وعلى هــذا الأســاس فــإن العلــة ســوف تتخلف عن معلولهــا في إرث البنــات. ثم إن هــذه العلــة إذا كــانت علـةـ تامــة يجب أن تجـــري حتى بالنســـبة إلى إرث الـــزوج من عين غـــير

منقولات الزوجة أيضا، وهو كما ترى. ــحيحة15 ــ صـ ــلم وزرارة ــ ــد بن مسـ ، عن أبيمحمـ

إن النساء لا يرثن من الدور ولا من الضياع شيئا، إلا أن»: ×جعفر. (572)«يكون أحدث بناء، فيرثن ذلك البناء

الإشكال في الاستدلال بالرواية الخامسة عشرة إن هذه الرواية ـ كما تقدم بشــأن الروايـة العاشـرة ــ؛ حيث تدل على توريث الزوجة من البناء، فإنها تعارض الرواية العاشــرةــاء. ــة البن ــة من قيم ــدالتين على إرث الزوج ــة ال ــة الثامن والرواي

والقاعدة في التعارض هي التساقط. ،«الاستبصــار»التهــذيب و»ـ ما رواه الشــيخ في 16

«علل الشرائع» و«من لا يحضره الفقيه»والصدوق في ،، بإسنادهما إلى محمد بن ســنان«عيون أخبار الرضا»و

علة المرأة» كتب إليه في ما كتب من جواب مسائله: ×أن الرضا أنها لا ترث من العقار شيئا إلا قيمة الطــوب والنقض؛ لأن العقــار لا يمكن تغييره وقلبه، والمرأة قد يجــوز أن تقطـع مــا بينهـا وبينـه من العصمة، ويجوز تغييرها وتبديلها. وليس الولــد والوالــد كــذلك؛ي منهمـا، والمـرأة يمكن الاسـتبدال بهــا. فمـا لأنه لا يمكن التفصـ يجوز أن يجيء ويذهب كان ميراثه في ما يجوز تبديله وتغيــيره إذا أشبهه، وكان الثابت المقيم على حاله كمن كان مثلــه في الثبــات

. (573)«والقيام

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد252هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الإشكال في الاستدلال بالرواية السادسة عشرةهناك إشكالان في هذه الرواية:

ـ إن العلة أو الحكمة المذكورة في هذه الرواية ـ كما تقدم1ــبيت ــير في ال في الرواية الرابعة عشرة ـ ليست تامة؛ إذ إن التغي وإدخال الغرباء فيه يصدق على البنات والأمهات أيضا، بـل يصــدقــه ــه من غــير منقــولات زوجت ــزوج في مــا يتعلق بإرث حتى على الــق ــدت )وكــانت تامــة( تحق أيضــا. ومن الواضــح أن العلـةـ إن وج المعلــول. في حين لم يفت أي فقيــه بعــدم إرث هــذه الجماعــات

الثلاث من البيت.: إن ما ذكر إنما هو حكمة، وليس علة.ولو قيل

ــة والحكمــةقلنا في الجواب : إن الفــرق الوحيــد بين العل يكمن في أن انعدام الحكمة لا يلازم عــدم الحكم )بخلاف العلــة(.

بيد أن وجود الحكمة ملازم لإثبات الحكم. ـ إن ظاهر ألفــاظ هــذه الروايــة بحيث يمكن لمن كــان لــه2

ــذه^أدنى إلمام بألفاظ أحاديث الأئمة المعصومين أن يدرك أن ه الألفاظ والكلمات لا يمكن أن تكون صــادرة عن الأئمــة. وهــذا مــا

ع الســيد الــبروجردي د عليه الفقيــه المتتب ، وذلــك في التقريــر&أك وهــذه الروايــة تنــادي»الذي كتبه عنه الشيخ الاشتهاردي؛ إذ قال:

، كمــا يعــرف×بأعلى صوتها: إنها ليست بهذه الألفــاظ من الإمــامــة ــاديث المنقول ــاظ الأح ــيرة في ألف ــه أدنى بص ــان ل ــك من ك ذل

ــمعه من^عنهم ــه س ــه زعم أن ــديث: إن ــا في أول الح ــذا قلن ، ول. (574)«×الإمام

عدم تمامية الإشكال في سند الرواية لقد ذهب السيد البروجردي إلى اعتبار هذا الحــديث ـــ طبقــا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد253هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

؛ بســبب اشــتمال ســندها على علي بن(575)لنقل الشــيخ الصــدوق العباس وقاسم بن الربيع الصحاف الكوفي، اللذين ضعفها العلامة

ـ غير صحيح وضعيف.(576)الحلي بيد أنه بالالتفات إلى رواية هــذا الحــديث ـــ مضــافا إلى نقــل

ــ في «من لا يحضــره الفقيه»الشــيخ الصــدوق في ــذيب» ـ «الته أيضا، كما سبق أن ذكرنا، وأن سند الشــيخ إلى(577)«الاستبصار»و

ـ صــحيح أيضــا،(578)محمد بن سنان ـ طبقا لما جاء في الفهرستتكون هذه الرواية صحيحة من حيث السند.

ــر الواســطي17 ــة موســى بن بك ــ رواي ــال: قلتـ قـرـا حــدثني عن أبي جعفر ــزرارة: إن بكي إن النســاء لا تــرث»: ×ل

امرأة مما ترك زوجها من تربــة دار، ولا أرض، إلا أن يقــوم البنــاء والجذوع والخشب، فتعطى نصيبها من قيمة البناء. فأما التربة فلاك ــ ــذا لا ش ــال زرارة: ه ــة دار. ق ــيئا من الأرض، ولا ترب تعطى ش

. (579)«فيهالإشكال في الاستدلال بالرواية السابعة عشرة

إن الإشــكال الــوارد على هــذه الروايــة هــو ذات إشــكالالمعارضة الوارد على الرواية العاشرة المتقدمة.

ــائر الـــدرجات(،18 ــفار في )بصـ ــا رواه الصـ ــ مـ ــ ،× بكتــاب علي× قــال: دعــا أبــو جعفربإسناده عن عبد الملك

اــ، فــإذا فيــه: إن النســاء»فجاء به جعفر مثــل فخــذ الرجــل مطوي ليس لهن من عقــار الرجــل )إذا تــوفي عنهن( شــيء، فقــال أبــو

. (580)«| بيده، وإملاء رسول الله×: هذا والله خط علي×جعفر

الإشكال في الاستدلال بالرواية الثامنة عشرة : تشتمل هذه الروايــة على ضــعف في الســند من جهــةأولا

. (581)«أبي مخلد»وجود ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد254

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ــار»: تشتمل هذه الرواية على حرمان الزوجة من وثانيا عق يشمل الأراضي العامرة والدار يكون«العقار»، وحيث إن «الأرض

ــار الأرض» ــا وبين«عق ــارض بينه ــيقع التع ــذلك س ــه، وب أخص من ـــ الشــاملة لجميــع الأراضــي،«الأرض»الروايات الــتي تجعــل من

الأعم من البوار والعامرة ـ موضوعا لحرمــان الزوجــة من الإرث. إلا إذا قلنا: إن العقار يعني خصوص الأراضــي العــامرة، والــتي تم إحياؤها، سواء بالزراعة أو البناء، وفي زمن صدور الروايات كانتــا، ولم تكن ــتي تم إحياؤه ــامرة، وال ــة هي الع ــي المملوك الأراض

ــة«العقار»الأراضي البوار شيئا يملك. وعليه فإن في هــذه الرواي من«الأرض»يتحد مع ما ورد في ســائر الروايــات الأخــرى بلفــظ

الناحية المصداقية، فلا يكون هناك تعارض في البين.

إشكال التعارض، ودفعه ليس هنــاك تعــارض بين هــاتين المجموعــتين من الروايــات؛

وذلك لأمرين: ــتين منالأمــر الأول ــاتين المجموع ــا ه ــال: إن كلت : أن يق

ة، إلا أنهــا توافــق الروايات وإن كانت إحداها عامة والأخــرى خاصــــدار ــزوج )أرض الـ ــوال الـ ــم من أمـ ــة من قسـ نفي إرث الزوجـــات بين كلامين ــق في الإثب ــا أن التواف ــامرة(. وكم والأراضــي الع يوجب رفع التعارض، كذلك الأمر بالنســبة إلى التوافــق في النفي

»أيضا، من قبيل: ، حيث إن كلا«لا تضرب الرجال، ولا تضرب زيدا أكرم العلمــاء، وأكــرم»الصيغتين تشتمل على عدم ضرب زيد، أو

. «زيدا العالم : لا ضرورة لــذكر الخــاص في مثــلالأمر الثاني: لو قيل

هذه الموارد؛ لأن الأمر بعدم ضرب زيد متحقــق مــع وجــود العــام

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد255هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

أيضا.: هناك احتمالان في ذكر الخاص، وهما: فجوابه

: اشتمال الخاص على خصوصية لدى المتكلم. أولا : ما يقال من أن الخاص يخصص العام. وفي مــا نحنوثانيا

ص ة، فإنهــا تخصــ فيه؛ حيث تكون )الروايــة الثامنــة عشــرة( خاصـــديم ــق الأرض، ويتم تق ــة على الحرمــان من مطل ــات الدال الروايالخاص على العام، ويتم رفع التعارض، والعمل بالرواية الخاصة. بيد أنه لا شيء من هــذين الاحتمــالين يمكنــه رفــع التعــارض

بين هاتين المجموعتين من الروايات. : إن اســتثناء إرث الزوجــةعدم تمامية الاحتمــال الأول

كمــا تقــدمت الإشــارة إليــه في معــرضمن بعض أموال الزوج ـــ مناقشة الاستدلال ببعض الروايات ـ إنمــا هــو اســتثناء من عمــوم

ا تركتم﴿قوله تعالى: م بع م� فلهن﴿(، و12 )النساء: ﴾ولهن الرا تركتم م (، وفهم العقلاء لمفهــوم الإرث12 )النســاء: ﴾الثمن م�

)شــمول الإرث لجميــع تركــة الميت(، وكــذلك الاســتثناء من قــول العامة )عدم حرمان الزوجة من جميع أموال الزوج(. وعليــه فــإنن يــدل ع والمقن هذا النوع من الاســتثناء الصــادر من جهــة المشــر على حصر المستثنى، يعني أن حرمان الزوجــة من بعض أصــناف الأرض )أرض الدار والأراضي العامرة( يثبت أن الشارع قد اكتفى بمجرد حرمان الزوجة من هذه الموارد المستثناة من العمومــات، وستبقى سائر الموارد الأخرى من الأموال تحت شمول عمومــات إرث الزوجة من جميع تركة الزوج. وإن كان مراد الشــارع مــوارد ومصاديق أخرى أيضا وجب عليه أن يذكرها أيضا. من هنا لا يكون ذكر هذه الروايات من باب ذكر الخاص بعد العــام؛ كي تكــون منــات قــد الروايات المتوافقة، بل كلتا المجموعتين من هاتين الرواي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد256هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

صدرت في عرض بعضها، فتكونان متعارضتين. ــأما عدم تمامية الاحتمــال الثــاني إن لازم تخصــيص ف

روايات الحرمــان المطلقــة بهــذه الروايــات هــو تــأخير البيــان عنــدرت في زمن ــ ــد ص ــ ــات ق ــ ــذه الرواي ــ ــة؛ إذ إن ه ــ وقت الحاج

ــات إلى ظــروف’الصــادقين ــه بالالتف ــا فإن . وكمــا ســبق أن ذكرن ، وأنهم كــانوا^وشرائط ذلك العصر، ومشــقة الوصــول إلى الأئمة

في مقام بيان أحكام الله، فإن بيان العــام دون بيــان الخــاص فيــؤدي إلى زمن واحد، وترك بيان الخاص إلى زمن الإمام اللاحق، يما إذا صــدر من تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو قــبيح، ولا ســي

ن. الشارع الحكيم والمقن

أدلة الأقوال الستة لقد سلك الفقهاء العظــام في بيــان الأقــوال في: المقدمة

مسألة حرمان الزوجة من الأموال غير المنقولة للزوج طريقين: ــوال من خلال دراســة الكتبالطريــق الأول ــويب الأق : تب

الفقهية. وقد سلكنا هذا الطريق في بداية البحث. : بالالتفــات إلى اختلاف الأقــوال يتم ذكــرالطريق الثــاني

عنــوانين يمكن تطبيقهمــا على تلــك الأقــوال، والعمــل على بحثالأقوال والقائلين بها تحت ذينك العنوانين. وهذان العنوانان هما:

ـ ما لا ترثه الزوجة من تركة الزوج. 1 ـ هــل يختص حرمــان الزوجــة من بعض تركــة الــزوج بغــير2

ذات الولد أم يشمل ذات الولد أيضا؟ ولكي نكون قد سلكنا كلا هذين الطريقين في بيــان الأقــوالــالأقوال نختار هنا سلوك الطريق الثاني في دراسة أدلة القائلين ب

الستة المتقدمة.

العنوان الأول: مــا هي الأمــور الـتي لا ترثهـا الزوجـة من ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

257هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي• تركة زوجها؟

هناك في هذه المسألة ثلاثة أقوال، بل إذا أمعنا النظر يمكن القول: هناك أربعة أقوال. وإن رابعهــا يظهــر ــ كمـا قـال صـاحب

ــاب ــيعة»كتـ ــتند الشـ ــاء«مسـ ع في آراء الفقهـ ــ من خلال التتب ــ. (582)والكتب

القول الأول عدم توريث الزوجة من جميع أراضي الزوج، سواء المــزروع منها وغير المزروع، وسواء أكان المزروع منهــا مزروعــا بالحنطــة والشعير أو غــيره، وســواء تلــك العــامرة بوجــود الشــجر أو البنــاء وغير ذلك. وعلى أي حال لا ترث الزوجة من عين هذه الأمور، ولا من قيمتها، وإنما تــرث من قيمــة الأدوات المســتعملة في البنــاء، من قبيل: الأبواب والشبابيك والآجر والخشــب والطــوب ومــا إلى

ذلك، كما ترث من قيمة البناء أيضا.

القائلون بهذا القول لقــد ذهب إلى هــذا القــول جماعــة من الفقهــاء، من أمثــال:

ــي في ــيخ الطوس ــبراج في(583)«الخلاف»الش ــي ابن ال ، والقاضــذب» ــزة في (584)«المه ــيلة»، وابن حم ــلاح(585)«الوس ، وأبي الص

. كما اختــار هــذا القــول(586)«الكافي في الفقه»الحلبي في كتاب ،(587)«شــرائع الإســلام»فقهاء آخــرون، مثــل: المحقــق الحلي في

إرشـــــاد»، و(588)«مختلـــــف الشـــــيعة»والعلامـــــة الحلي في ،(590)«اللمعـــة الدمشـــقية»، والشـــهيد الأول في (589)«الأذهـــان

، والذي عمد الشهيد الثــاني إلى تقويتــه(591)«الدروس الشرعية»وــام»في ــالك الأفهـ ــاني في (592)«مسـ ــاتيح»، والفيض الكاشـ مفـ

. وهناك من الفقهــاء من ادعى اشــتهار هــذا القــول،(593)«الشرائع ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد258

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

،(594)«تحريــر الأحكــام الشــرعية»ومن هــؤلاء: العلامــة الحلي في إيضـــــاح»، وفخـــــر المحققين في (595)«قواعـــــد الأحكـــــام»و

، والصــيمري في(597)«نكت الإرشــاد»، وصاحب كتاب (596)«الفوائد مجمــع الفائــدة»، والمحقــق الأردبيلي في (598)«غايــة المــرام»

،(600)«مســـالك الأفهـــام»، والشـــهيد الثـــاني في (599)«والبرهـــان كفايــة»، وصــاحب كتــاب (601)«مفــاتيح الشــرائع»وصــاحب كتــاب

، رغم أن الشــــيخ الطوســــي ذهب في كتــــاب(602)«الأحكــــام إلى ادعاء الإجماع على هذا القول. (603)«الخلاف»

ومن الجدير بالذكر أن بعض هؤلاء الفقهاء الذين قــالوا بهــذاـدـ من الــزوج المتــوفى، القول قد قيد الزوجة بأن لا يكــون لهــا ول

، والعلامــة الحلي في(604)«شــرائع الإســلام»كــالمحقق الحلي في ــام»، والشهيد الثاني في (605)«قواعد الأحكام» ،(606)«مسالك الأفه

حيث نسب هذا القول المقيد إلى المشهور من المتأخرين. وظــاهر هــذا القــول أن الزوجــة تــرث من عين الشــجر؛ لأنــق بعين الأرض، والأرض لا تصــدق الحرمــان في هــذا القــول متعل

على الشجر. أدلة القائلين بهذا القول، وكيفية الاستدلال بها

لقــد اســتند القــائلون بهــذا القــول إلى بعض الروايــات الــتي تقــدم ذكرهــا، من قبيــل: الروايــات الأولى، والثانيــة، والخامســة،

الــتي تقتضــي عــدم تــوريث(607)والحادية عشرة، وكذلك الروايات الزوجة من الأراضي التي تحتوي على أشــياء ثابتــة، مثــل: الــدور،

والنخيل، والأراضي العامرة، دون سائر الأراضي الأخرى. ، بشــأن الاســتدلال بهــذه الروايــات(608)قال صاحب الجــواهر

ــات ــار الرواي ــيرة: إن اقتص ــان(609)الأخ ــرد حرم ــة على مج الدال

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد259هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

،«عقار الدور» و«العقار»، و«رباع الأرض»، و«الرباع»الزوجة من لا تتنــافى مــع الروايــات الدالـةـ على حرمــان الزوجــة من مطلــقــدل على نفي ــات ي ــتين من الرواي ــاتين المجموع الأرض؛ إذ كلا ه

لا»التوريث، فتكون من باب ذكــر الخــاص بعــد العــام، من قبيــل: . «تضرب الرجال، ولا تضرب زيدا

الإشكال في سند الروايات إن الإشكال المشــترك بين جميـع روايـات حرمـان الزوجـة ـ كمــا ســبق أن ذكرنــا في معــرض مناقشــة الروايــات ــ؛ من حيث مرجوحية هذه الروايات عند تعارضها مع الأخبار الدالة على عــدم الحرمان، يكمن في مخالفتهــا للكتــاب. وأمــا الإشــكالات الخاصــة بكل واحدة منها فقد تقدم تفصيلها في الصفحات السابقة. وعليه لا نرى ضرورة لإطالة الكلام فيهــا. وأمــا جــواب صــاحب الجــواهر

فقد اتضح مما تقدم في ذيل الرواية الثامنة عشرة.

(610)القول الثانيــة، فلا حرمــان الزوجــة من عين وقيمــة الأراضــي ذات الأبني ترث إلا من قيمة الأبنيــة والآلات والأدوات المســتعملة فيهــا. كمــا ترث من عين سائر أراضي الزوج، من قبيــل: المــزارع والحــدائق

والضياع أيضا.

القائلون بالقول الثاني لقد ذهب إلى هذا القول بعض الفقهاء، مثل: الشــيخ المفيــد

،(612)«الســـــــــرائر»، وابن إدريس الحلي في (611)«المقنعة»في ، والفاضــل الآبي في(613)«المختصــر النــافع»والمحقق الحلي في

. هــذا وقــد مــال العلامــة الحلي في كتــاب(614)«كشــف الرمــوز» ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد260

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

كفايــة» إلى هذا القول. كمــا ذهب صــاحب (615)«مختلف الشيعة»ــيد(616)«الأحكام إلى عدم خلو هذا القول من القوة، بعد قول الس

المرتضى.

الاستدلال على القول الثاني لقد ذكروا لإثبات هـذا القـول الثـاني ــ المعـروف بأنـه قـول

الشيخ المفيد وأتباعه ـ وجهين:

الوجه الأولــة في كلام صــاحب لقد تم بيان هذا الوجه من خلال ثلاثة أدل

. «السرائر» وصاحب «مستند الشيعة»ــات الإرث على إرث: الدليل الأول ــات ورواي تدل عموم آي

ــات أخــرى ــاك رواي ـدـ أن هن ــزوج. بي ــع أمــوال ال الزوجــة من جمي تستثني بعض الموارد من هذه العمومات. إن هذه الموارد تختلف بسبب اختلاف الروايات، بيد أن المــوارد الــتي تحــرم الزوجــة من إرث عينها وقيمتهــا، وتتفــق جميـع الروايـات عليهــا، هي الأراضـي ذات الدور. كما أن هذه الأخبار تحرم الزوجة من مجرد الإرث من عين الأنهــار، دون قيمتهــا. وعلى هــذا الأســاس تبقى ســائر تركــة

فق الروايات بشأنها ـ تحت شمول العام. الزوج ـ التي لم تتــع: الدليل الثاني إن الأصــل في الإرث هــو الإرث من جمي

ــق بــالموارد الــتي وردت بشــأنها تركة الميت. وعليه ففي مــا يتعل الأدلة على خلاف هــذا الأصـل يجب الاقتصـار على المقـدار الـذي

فق عليها تلك الأدلة. تت إن الكثير من الروايات الدالة على حرمــان: الدليل الثالث

الزوجة من تركة الزوج تقتصر على ذكر الأراضي التي تقوم عليها ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

261هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

الدور. وإذا كان هناك من موارد أخرى غير هذه الموارد المذكورة وجبت الإشارة إليها في هــذه الروايــات. وبعبــارة أخــرى: إن ذكــر هذه الموارد في العديــد من الروايــات يــدل على حصــرية المــورد

المذكور. الإشكال على الدليل الأول

على هــذه الأدلـة(617)«مســتند الشــيعة»لقد أشــكل صـاحب ــل بجــواز تخصــيص الثلاثة، وقال: الجواب عن الأول أنــه إن لم نقــار ومــا الكتاب بأخبار الآحاد فلا فرق فيه بين ما اتفقت عليه الأخب

ورد في بعضها بعد كون ذلك البعض حجة.را. وإن قلنا به فخبر الواحد يخصصه، وإن لم يكن متكث

اشــتراك الجميــع وبالجملة لا تأثير لكثرة الأخبار وعــدمها بعدفي كونه خبر واحد.

الإشكال على الدليل الثاني إن المــذكور في الفقــه بوصــفه قاعــدة هــو أن الــواجب هــو الاقتصار في ما خالف الأصــل على موضــع الــدليل، دون الوفــاق.

والدليل على تخصيص غير الرباع أيضا موجود.

الإشكال على الدليل الثالث أما الــدليل الثــالث فلا يمكن الاســتناد إليــه أيضــا؛ إذ لا يلــزمن ذلك الحكم، بل هنــاك بيان كل حكم في جميع الروايات التي تبي في الفقه الكثير من الموارد التي تبين المصاديق المختلفة للحكم

في روايات متعددة. ومن الجدير بالذكر أن العلامة الحلي قد استدل لقول الشيخ

قائلا: يدل القرآن على إرث الزوجة«مختلف الشيعة»المفيد في ــات ــيص عموم ــتثناء. وإن تخص ــة الميت، دون اس ــع ترك من جمي الكتاب مخــالف لظهــور القــرآن. وكلمــا كــان تخصــيص عمومــات

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد262هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

الكتاب أقل كان ذلك أفضل. وقد اتضح الجواب على هــذا الاســتدلال من إشــكال صــاحب

على الدليل الأول. «مستند الشيعة»

الوجه الثانيــرات ــه(618)في هــذا الوجــه، المســتفاد من تقري درس الفقي

ك بأربعــة أمــور، على ع السيد حسين البروجردي، تم التمســ المتتبالنحو التالي:

ــدور: الأمر الأول ــو ال إن المراد من العقار في الروايات هما تلــك الروايــات الــتي تــذكر العقــار على نحــو الســكنية، ولا ســي

(619)«عقار الدور»الإضافة، من قبيل: ، أو التي تذكر العقار منضما فأمـــا الأرض»: ×إلى أمـــور أخـــرى، من قبيـــل قـــول الإمـــام

. (620)«والعقاراتــاك والإشكال في هذا يكمن في أن للعقار معاني كثيرة؛ فهن

؛ وهنــاك«مطلــق الأرض»من اللغويين من قال: إن العقــار يعــني متــاع» و«الضــياع»من رأى للعقــار معــاني أخــرى، من قبيــل:

. وعلى هــذا الأســاس،«الــدار»، وكــل مــا لــه أصــل، مثــل «البيتــام، وبالالتفات إلى تعدد المعاني المذكورة للعقار ـ ومنها ما هو ع

في«العقــار»ومنها ما هو خاص ـ لا يمكن القــول: إن المــراد من إذا جــاء الاحتمــال بطــل»الروايات هو أرض الـدار. وعليـه نقــول:

. «الاستدلالــاع»إن الروايات المشتملة على كلمــة : الأمر الثاني «الرب

تدل على أن المراد من هذين اللفظين هو الدور«عقار الدور»أو السكنية.

ويشكل على ذلك بما يلي:

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد263هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــان الزوجــة من: أولا إن عدم دلالة هذه الروايات على حرم مطلق الأرض موقوف على قولنا بحجية مفهوم اللقب، وقــد ثبت

في محله أن لا مفهوم للقب. إن الخاص والعام الموجبين لا يتعارضان فيما بينهما؛: وثانيا

إذ ورد في هذه الروايــات قولــه: إن الزوجــة لا تــرث أرض الــدار،وقالت الروايات الأخرى: إن الزوجة لا ترث من مطلق الأرض.

ــالث ــر الث ورد في بعض الروايـــات تعليـــل حرمـــان: الأم الزوجة من الإرث بإزعاجهـا لســائر الورثـة. ومن الواضـح أن هـذاــدور، دون مطلــق التعليــل أنســب بحرمــان الزوجــة من عقــار ال

الأرض. ويشكل على هذا الكلام بما يلي:

: إن إزعاج الزوجة للورثــة ينطبــق على ســائر الأراضــيأولاأيضا.

ةـ؛ إذ يجب في«لئلا يتزوجن...»: إن عبارة وثانيا ليست علـ هـذه الحالــة أن تجـري بالنسـبة إلى إرث الـزوج من دار الزوجـة،

وأن يمنع الزوج من أن يرث من دور الزوجة أيضا. بالالتفــات إلى الاختلاف في روايــات حرمــان: الأمر الرابع

الزوجة من تركة الــزوج يجب الاكتفــاء بالقــدر المـتيقن المسـتفاد من تلك الروايات، والقدر المتيقن منها هو عقــار الــدار، وأمــا في

سائر الموارد الأخرى فيجب التمسك فيها بعموم آيات الإرث. والإشكال على هذا الكلام هــو أن القــائلين بحرمــان الزوجــة من مطلــق الأراضــي إنمــا يــدعون ظهــور الروايــات في حرمــان الزوجة من جميع أراضــي الــزوج، لا أنهم يشــكون في المــراد منك في المـــوارد دـ من التمســـ ــ هـــذه الروايـــات، حتى يقـــال: لا ب

المشكوك فيها بعموم آيات الإرث.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد264هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

(621)القول الثالث

لا ترث الزوجة من عين الأرض التي أقيمت عليها دار سكنية فقط، ولكنها ترث من قيمة هــذه الأرض، وتــرث من ســائر تركــة

الزوج عينا وقيمة. . وذهب(622)ويعــرف هــذا القــول بأنـه قـول الســيد المرتضى

إلى قوتــه. وعلى الــرغم من ذهــاب(623)«كفاية الأحكــام»صاحب ـهـ(624)«مختلف الشــيعة»العلامة الحلي في إلى القــول الأول، فإن

عد هذا القول حسنا أيضا.

أدلة القول الثالث دليــل الســيد على هــذا القــول هــو الجمــع بين عمــوم آيــات وروايات الإرث وما أجمع عليه الأصحاب، وهو حرمان الزوجــة من أموال الزوج غــير المنقولــة، والــذي تـدل عليـه روايــات الحرمــان

أيضا.

&الإشكال على استدلال السيد دــ رغم أن الجمع بين الأدلة أسلوب متعــارف بين الفقهــاء، بي أن الجمــع الصــحيح هــو الــذي يحظى بشــاهد معتــبر من الكتــاب

»والســنة والإجمــاع، وبعبــارة أخــرى: يجب أن لا يكــون جمعــا عيا . وفي مــا نحن فيــه لا يوجــد على هــذا الجمــع أي دليــل أو«تبر

ــبر؛ إذ إن عمــوم آيــات الإرث تــدل على إرث الزوجــة شــاهد معت للربع أو الثمن من عين تركــة الــزوج، وإن القــول بأنهــا في بعضــد عملا بعمــوم تلــك الموارد تعطى من القيمة بدلا من العين لا يع الآيات، وهذا سيضر بسلامة تلك العمومــات؛ لأن العمومــات تــدل

على إرث الزوجة من عين التركة، لا من قيمتها.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد265هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــإن قيل ــوريث منف ــو الت ــوريث من العين ه : إن لازم الت القيمة أيضا؛ لأن عين كــل شــيء إذا ملكهــا شــخص ملــك قيمتهــا أيضا. وعليه فإن العمومــات تــدل على أن الزوجــة تــرث الربــع أو الثمن من عين وقيمــة تركــة الــزوج، وإن روايــات الحرمــان تــدلــرث من ــا ت ــة، ولكنه ــرث من عين بعض الترك ــة ت على أن الزوجــييق ــل على تض ــات الحرمــان تعم ــإن رواي ــا ف قيمتهــا. ومن هن وتخصيص دائرة شمول عمومــات الإرث لعين بعض تركــة الــزوج،ــا يتعلق ل الحد الأدنى من التخصيص في م وإن هذا التخصيص يمث

بالعمومات. : إن ما يقال من أن الشــخص إذا ملــكنقول في الجواب

عين شيء ملــك قيمتــه أيضــا لا تكــون فيــه ملكيــة القيمــة ملكيــة أصـيلة؛ لأن الأصـل يقـوم على ملكيـة العين، وأمــا ملكيــة القيمـة فهي ملكية فرعية تابعة لملكية عين ذلك الشيء. وبعبارة أخــرى: ليس الأمر بأن يجعل الشارع في ملكية الأشياء أمرين مســتقلين: أمرا بالعين؛ وأمرا بالقيمة. وإذا كان لمثل هــذا الوضــع من وجــود لوجب أن يكون بالإمكان القول: يمكن للشــخص أن يمتلــك قيمــة شيء ولا يمتلــك عين ذلــك الشــيء. وهــو كمــا تــرى. وعليــه فــإن الأصل في الملكية هو ملكيــة عين الأشــياء، والقيمــة فــرع للعين. فإذا منع الشــارع من عين مــال منــع من قيمتــه أيضــا، تبعــا لمنــعملكية العين؛ لأن لازم المنع من الأصل هو المنع من الفرع أيضا. ــل على هــذا ــه؛ حيث اتضــح أن لا وجــود لشــاهد أو دلي وعلي الجمع المدعى، نتقدم خطوة إلى الأمام، ونقول: مضافا إلى عدم

(625)وجود شاهد ودليل معتبر على هذا الجمع، فإن بعض الروايات

الدالة على حرمان الزوجة من قيمة الأراضي تدل أيضا على عدمتمامية هذا الجمع.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد266هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

&تقوية استدلال السيد المرتضى كما سبق أن ذكرنا فـإن بعضــهم قــد اســتند في عــدم صــحة

ــل الســيد المرتضى إلى روايــات حرمــان&الجمع المــدعى من قبـرـد الزوجة ومنعها حتى من قيمة الأرض. بيد أن هذا الإشــكال لا ي على الســيد المرتضــى؛ لأن أخبــار الحرمــان المطلقــة من أخبــار الآحاد، والسيد المرتضى لا يؤمن بحجية خبر الواحد من الأساس. وعليه فمن وجهة نظر السيد المرتضــى لا يمكن لهــذه الأخبــار أن تخصص العمومات، وإنما يعمل على تخصيص العمومــات بإجمــاع

الفقهاء، على ما تقدم بيانه.

رد الجواب عن الإشكال؛ وذلــك إن الــدفاع عن اســتدلال الســيد المرتضــى غــير تــام

للأدلة الثلاثة التالية: ـ إن هذه الأخبار ليست أخبار آحاد، بل هي ـ كما قال بعض1 ـ من الأخبار المتواترة معنويــا. ثم إذا ســلمنا أنهــا من(626)الفقهاء

أخبار الآحاد، إلا أنها مقرونة ومحفوفة بقــرائن تــدل على صــحتها.ــة ومخصصــة وإن السيد المرتضى يعتبر هذا النوع من الأخبار حج للكتاب. وإن فتاوى الأصحاب على طبــق أخبــار الحرمــان في حــد ذاتها قرينــة على صــحة هــذه الأخبــار وحجيتهــا. وعليــه فــإن هــذه الأخبار تخصص عمومات الإرث، حتى على رأي الســيد المرتضــى

أيضا. ـ نحن لا نرى اقتصار إجماع الفقهــاء على حرمــان الزوجــة2

ح صــاحب مســالك»من عين التركة، بل إن هذا الإجماع ـ كما صرــام ــاء(627)«الأفه ــاوى الفقه ع في فت ــر من التتب ــا ـ(628)، ويظه أيض

يشمل حرمان الزوجة من العين والقيمة أيضا. ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

267هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ـ كما تقدم أن ذكرنا فــإن اســتدلال الســيد المرتضــى إنمــا3 يكون صحيحا إذا تم الالتفــات في بــاب الإرث إلى أمــرين، وهمــا: التوريث من العين؛ والتوريث من القيمة. ولذلك يمكن القول: إنــوريث من ــوريث من العين، وإن الت ــدم الت ــائم على ع ــاع ق الإجم القيمة ـ الذي دلت عليه العمومات ـ قائم على حالــه. ولكن يجب القول: في باب الإرث لا وجود لمثل هذا التقسيم في مال الإرث، بل الذي وضع من قبل الشــارع هي الملكيــة على العين بواســطة التوريث. وإن ملكية القيمة فـرع عن تلــك الملكيــة المجعولــة منــق ــة العين من طري ــدم ملكي ــارع. ومن خلال الحكم بع ــل الش قب

الإرث يحكم تبعا بعدم الملكية من القيمة أيضا.

(629)القول الرابع

إن هذا القول على غرار القول الأول، مع فارق أن الزوجــة ـ طبقا لهذا القول ـ لا ترث من عين الأشجار والنخيــل، وإنمــا تــرث

من قيمتها فقط. ، وفخــر(630)«قواعــد الأحكــام»وقد ذهب العلامــة الحلي في

مســالك»، والشهيد الثاني في (631)«إيضاح الفوائد»المحققين في ، إلى اعتبار هذا القول هو المشهور. وقد تلقــاه فخــر(632)«الأفهام

ــاح»المحققين في ــة«الإيض ــده العلام ــبه إلى وال ــالقبول، ونس بالحلي.

أدلة القول الرابع إلى موارد الحرمان بالأدلــة«الأشجار»تم الاستدلال لإضافة

التالية: ، قــال:×، عن أبي عبــد اللهـــ صــحيحة مــؤمن الطــاق1

لا يرثن النساء من العقار شيئا، ولهن قيمــة البنــاء»سمعته يقول: ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد268

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

. (633)«والشجر والنخل وقيــل في كيفيــة الاســتدلال بهــذه الصــحيحة: إن في حصــر

إرث النساء بقيمة الأشجار دلالــة صــريحة على حرمــانهن×الإماممن الإرث من عين الأشجار.

ــان2 ــات من أعي ــدم إرث الزوج ــار الصــريحة في ع ــ الأخب ـ. (634)الجذوعــات3 ــ ورد في بعض الروايـ ــة(635)ــ ــان الزوجـ ــل حرمـ تعليـ

ــزوج باحتمال أن تتزوج من رجل غريب فتدخله على سائر ورثة ال الأول، الأمر الذي يشق عليهم؛ أو لكي لا تستطيع الزوجة إحــداثز الانتفاع؛ أو إخراج تغيير أو تبديل في الدار، بحيث تخرجه عن حيز الانتفــاع. وعليــه فــإن هــذه الروايــات الشــجر بتقســيمه عن حي

تشمل الشجر أيضا. ومن الجدير بالتوضيح أن الجــواب عن كــل واحــد من الأدلـةـ المتقدمـــة يتضـــح من المســـائل المـــذكورة في نقـــد ومناقشـــة

الروايات المتقدمة في اختيار القول المختار.

: هل يقتصــر حرمــان الزوجــة من بعض(636)العنوان الثاني تركة الــزوج على الزوجــة غــير ذات الولــد أم يشــمل ذات

الولد أيضا؟ هناك قولان في هذه المسألة، وهما:

القول الأولــد من إن الحرمان يقتصر على الزوجة الــتي لا يكــون لهــا ول

الزوج المتوفى. ،(637)«شـــرائع الإســـلام»وهـــو مختـــار المحقـــق الحلي في

. وقــال الشــهيد الثــاني(638)«قواعــد الأحكــام»والعلامة الحلي في

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد269هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ــام»في ــالك الأفه ــهور بين(639)«مس ــو المش ــول ه ــذا الق : إن هالمتأخرين، ثم قال: لا إشكال في هذا القول.

كيفية الاستدلال بــأن هــذا التفصــيل يســتوجبأولالقد اســتدل لهــذا القــول

تقليل التخصيص في هذه الآية الشريفة. : إن صــحيحة ابنوثانيـا صــريحة في هــذا(640)«إذا كن لهن ولد أعطين من الربــاع»أذينة:

القول.

رد الاستدلال؛ وذلك لوجهين: إن هذا الاستدلال غير تام

ــول ـالوجه الأول : مع وجود المخصص ـ الواقع موردا للقبر لاعتبار قلة التخصيص خيرا من كثرته، بــل لا يكون هناك من مبر

.هذا أولاالذي يعتبر مضرا هو تخصيص الأكثر وندرة المخصص، : لــو كــانت أدلــة الحرمــان تختص بالزوجــة غــير ذاتوثانيا

: تخصــيص فيالأولالولد سيؤدي ذلك إلى حصــول تخصيصــين: : تخصــيص في روايــات الحرمــان،والآخرعمومات إرث الزوجة؛

وأكثرها مطلقة وعامة. وعليه فإن هذا الاستدلال لا يؤدي إلى قلةالتخصيص.

ــاني ــه الث إن هـــذه الروايـــة )صـــحيحة ابن أذينـــة(: الوج ، لا تصــريحا ولا إضــمارا ولا×مقطوعة؛ إذ لم يتصل سندها بالإمام

ــا ــوحي بأنه بأي شكل آخر. بل إن ظهور هذه الفقرة من الرواية يكلام أو فتوى من ابن أذينة.ــأن هــذا الكلام صــادر عنوإذا قــال شــخص : نحن نظن ب

.×الإمام : إن مظنــون الروايــة لا يصــلح أن يكــونقلنا في الجواب

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد270هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

حجة.

دفع الإشكال السنديــام ــة إلى الإم ــذه الرواي ــاب ه ــروا وجهين لانتس ــد ذك ،×لق

وحجيته، وهما: ــة هي من قبيــــل: المرســــلات1 ــ ــ إن هــــذه المقطوع ــ ـ

والمقطوعات والمضــمرات الــتي قيــل بشــأن رواتهــا: إن شــأنهم . وعليــه تكــون هــذه×أرفع من أن يرووا عن غير الإمام المعصوم

الروايات الصادرة عن مثل هؤلاء الأشخاص حجة. وابن أذينة واحدمنهم. ـ إن شهرة الأصحاب تجبر ضعف السند. 2

الجواب عن دفع الإشكال السنديــذه ؛ إذ إن ظــاهر الكلام في ه ــام ــير ت ــواب الأول غ إن الجــة في ــدة الجاري ــة. والقاع ــوى لابن أذين ــه فت ــدو أن ــة يب المقطوع المراسيل والمضمرات والمقطوعات إنما تجري إذا لم يكن هناك

، في حين أن ظهــور×علم بخلاف صــدورها عن الإمــام المعصــومالكلام في هذه الرواية دليل على عدم كون هذا الكلام رواية.

كما أن الوجه الثاني غير تام أيضا؛ إذ كما تقدم ـ في معرض بيان الأقوال السابقة ـ لا وجود للشهرة القولية التي تجــبر ضــعفــير من ــوع؛ إذ إن الكث ــهرة ممن ــذه الش ــل إن تحقق ه ــند، ب الســا، ومن ــد وغيره ــة ذات الول ــا بين الزوج ــرون فرق الأصــحاب لا ي

، والشيخ المفيد في(641)«الكافي»هؤلاء: ثقة الإسلام الكليني في ، والشــيخ(643)«الانتصــار»، والســيد المرتضــى في (642)«المقنعة»

ــي في ــار»الطوسـ ــيخ(644)«الاستبصـ ــل ذهب الشـ ــيرهم. بـ ، وغـ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد271هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

، وابن إدريس الحلي في(645)«الخلاف»الطوســــــــــــــــــي في ، إلى ادعاء الإجماع على عدم الفرق. (646)«السرائر»

القول الثاني إن الزوجة مطلقا ـ سواء أكانت ذات ولد أم غــير ذات ولــد ـ في ما يتعلق بالحرمــان ـــ بالالتفــات إلى اختلاف مــوارد الحرمــان عند الفقهــاء من حيث عين وقيمــة الأبنيــة والأشــجار ـــ تحــرم من

الإرث. ،(647)«الكـافي»والقائل بذلك هم: ثقـة الإسـلام الكليـني في

ــد في ــ ــيخ المفي ــ ــى في(648)«المقنعة»والش ــ ــيد المرتض ــ ، والســو(650)«الاستبصــار»، والشــيخ الطوســي في (649)«الانتصــار» ، وأب

، وابن إدريس الحلي(651)«الكــافي في الفقه»الصلاح الحلــبي في ،(653)«المختصــر النــافع»، والمحقق الحلي في (652)«السرائر»في

، حيث قــالوا بوجــود الإجمــاع(654)«الخلاف»والشيخ الطوسي في على ذلك.

كيفية الاستدلال لقد ذكـر لهـذا القـول، وهـو القــول الحـق ــ إذا قبلنـا بأصـل

الحرمان من الأساس ـ، أدلة، وهي: ـ إطلاق جميع روايات الحرمان وعمـوم الكثـير منهــا، الـتي1

ــد ــا قيـ ــذكر فيهـ ــد أو عدمه»لم يـ ــذا الإطلاق«ذات الولـ . وإن هـ والعموم مســتفاد من كلمــة النســاء ـــ بصــيغة الجمــع ـــ مــع تــرك

التفصيل. »ـ التعليل الوارد في بعض روايات الحرمان، من قبيل: 2 لئلا ، الــدال على حرمــان مطلــق«لا يمكن تغيــيره وقلبه»، و«يتزوجن

الزوجة.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد272هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

إرث الزوجة، محاكمات في سياق الجدل الفقهي القائم / القسم الثاني•

ـهـ إذا رفضــنا أن تكــون هــذه العبــارات ومن الجدير بالذكر أن تعليلية فلا أقل من إمكانيـة اعتبارهـا حكمــة، ويمكن على أســاس الحكمة ـ كما تقدم ـــ القــول بــدلالتها على عــدم تقييــد الزوجــة بـ

. «ذات الولد» ـ صحيحة الفضلاء الخمسة )الروايــة الخامســة(، وصــحيحة3

محمد بن مسلم وزرارة )الرواية الثالثة عشرة(، حيث حكم فيهماــهمها بحرمان الزوجة من الإرث من عين الأرض، ولكنها تعطى ســاء والأدوات ــة البن ــ من قيم ــع أو الثمن ـ ــو الرب ــان ه ــ ســواء أك ـ المستعملة في الدور. ومن الواضح أن فرض الثمن إنما يكون إذاــان كان للزوجة ولد من الزوج المتوفى. فإذا أخذ في مسألة حرم

وجب أن«عــدم ذات الولد»الزوجــة من عين وقيمــة الأرض قيــد يذكر في هاتين الروايتين خصوص سهم الربع؛ إذ إن الزوجــة ذات الولــد ـــ طبقــا لادعــائكم ـــ لا تمنــع من الإرث من مطلــق الأرضــاتين ــرى(. في حين أن هـ ــي الأخـ ــائر الأراضـ ــدار وسـ )أرض الـدان صــراحة على أن الروايتين ـــ بالالتفــات إلى ذكــر الثمن ـــ تؤكـــد لا تـــرث إلا من قيمـــة البنـــاء الزوجـــة حتى إذا كـــانت ذات ول والأدوات والآلات، ولا ترث شــيئا من عين وقيمــة الأرض. وبعبــارة أخرى: إذا كان ادعاؤكم صحيحا سيكون ذكر ســهم الثمن للزوجــةــرث ــة يجب أن ت ــاء على القيدي ــوا؛ إذ بن ــتين لغ ــاتين الرواي في هــة ــا، لا من القيم ــة ومن العين أيض ــد من القيم ــة ذات الول الزوج فقــط، في حين تــدل هاتــان الروايتــان على أن الزوجــة ـــ ســواءــد ـــ لا تــرث إلا من قيمــة البنــاء ــد أم غــير ذات ول أكــانت ذات ول

والآلات والأدوات، ولا ترث من الأرض مطلقا.

الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد273هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ فخر الدين الصانعي•

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد274هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

فلسفة الدينوشروط الحداثة العقلية

*(*()أ. نبيل علي صالح

في كل الجماعــات البشــرية الــتي وجــدت على وجــه الأرض كان للعامل الديني الحضور الأبرز والأعمــق على مســتوى الــذات والموضــوع. فكلنــا نعلم بكتابــات ورســومات البشــر الأوائــل على الكهوف والمغــاور، ولاحقــا كتــابتهم وتــدويناتهم وتنظيمهم لثلاثيــة

، الــتي ظهــرت مــع أولى التقســيمات«المعبد والملــك والشــعب»الطبقية الاجتماعية لأقدم المدن البشرية المأهولة المكتشفة.

ــات ــا الحفري «الأركيولوجية»إذن في العلم المــادي تقــدم لنــدين فكرة واضحة عن أنه لم تنوجد جماعة بشرية قط إلا وكان ال عمودها الرئيس الأهم، بمعنى أن الدين ـ بقطع النظر عن تعاليمه وطقوسه وتقاليده وقناعات الناس فيه ـ كان لاعبا حيويا مهما في عالم البشر منذ أقدم العصور التي وجد فيها الإنســان؛ حيث كــان يعطي الحياة نوعا من المعنى والامتداد الروحي والأفـق المعنـوي المنفتح على العــوالم المجهولــة، ويقــدم معهــا بعض الإجابــاتالممكنة عن أسئلة الخلق الأولى، قد تشبع ظمأ الروح البشرية.

ولا يزال للدين حقيقة ـ شئنا أم أبينا ـ هذا الحضــور الشــامل الآسر، وتلك الهالة الكبيرة، في كــل الأمم والحضــارات الإنســانية المعاصرة. ففي مجتمعاتنا العربية، التي لم تتمكن بعــد من وضــع الأسس الأولى لولوج عالم الحداثة العقليــة والمعرفيــة والعلميــة،

باحث وكاتب في الفكر العربي والإسلامي. من سوريا.)*(*( ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

275هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

يبدو الدين وكأنه هــو المعيــار والفيصــل الحــاكم على النــاس، من خلال هيمنة ثقافته النمطية على الفرد والمجتمع ككل. فمن جهــةــة المعنى والمظهر الروحي الداخلي لهذه الثقافة القديمة المهيمنر على آليــة وكيفيــة م كلي لهــا بمســار هـذا الفــرد، يـؤث هنـاك تحكــاك إنتاجه وعطائه العملي؛ ومن جهة المظهر المادي الخارجي هن أشكال ومظاهر الحضارة الحديثة التي أخذت بها تلك المجتمعــات دونما تعمق أو إدراك حقيقي للفلســفة والــوعي العقلي الحــداثي

الذي أنتجها. ل في عــدم هذا التناقض الصارخ بين الذات والخــارج، المتمث وجود حالة تصالح واقعي بينهما على مستوى الفكر والعمل، يبقير على فاعليتهــا ر، بمــا يــؤث النــاس عنــدنا في حالــة القلــق والتــوت

وحضورها في زمانها الراهن. وبمـا أن طبيعـة الحلـول المقدمــة في هــذا الســياق ـــ لتلــك الأزمة الوجودية ـ لا تندرج ضمن الحلول الواقعية المتناسبة إيجاباــا، بــل هي في مع ثقافة وفكر وطبيعة النسيج التاريخي لمجتمعاتن أغلبها مفروضة بقوة القهر، وقـانون الغلبـة، ممــا يجعــل اسـتجابة الفرد العربي لها بطيئة، وحذرة، ولا تتناسب مــع تطــورات الحيــاة والعالم من حوله، فإن ذلــك كلـهـ ســيؤدي على الــدوام إلى توليــد الانتكاســات باســتمرار، بمــا يعــني البقــاء في قلب المشــكلة، واجترارها دون تغيير حقيقي، والتقلب من أزمة إلى أخرى، تخنــق المواطن العربي في عيشه وحياته، وتضع مصيره المستقبل رهن

المجهول. وبالنظر إلى هذه المشاكل والتحديات الصعبة الــتي يواجههــا الفرد والمجتمع العربي تبرز أمامنــا اليــوم أهميــة قصــوى لتجديــدــاد والحيـــوي في تحديـــد المعـــنى الحقيقي ــل الجـ البحث والتأمـ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد276هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

لفلسفة الدين، والغاية منه، على صعيد الفرد أولا؛ وإدراك وتحديد معايير حول كيفية انخــراط هــذا الفــرد، ومن ثم المجتمــع ككــل ـ والثقافـة الدينيــة المتأصــلة عربيـا وإســلاميا ــ، في شــتى ميــادين ومجالات الحياة المعاصرة، بتنوعاتها وتعابيرهــا ومعانيهــا الواقعيــة

الواسعة والشاملة. ولكن هناك سؤال أساس يطرح نفسه حــول وجــود إمكانيــةــ المهيمنــة على فكرية وعملية في داخل ثقافتنا الدينية القديمــة ـــق مــا أو ــ يمكن أن تهيئ المجــال لحــدوث تواف ــاد والبلاد ـ العبــة ــدين )كفلســفة وجودي انســجام معين ومحــدد ومضــبوط بين ال كينونية، وكهوية حضــارية تقــوم على المعــنى والتأويــل، وتســتنجد بالتاريخ لمقاربة الحاضر والمستقبل(، والحداثة )كواقــع اجتمــاعيــة، وينتج ـرـ، يقــوم على العقــل والتجرب واقتصــادي متحــرك ومتغي خطابا ثقافيا تنويريا متجددا يقترح على الوعي العربي والإســلامي عمومــا رؤيــة للعــالم والمجتمــع والثقافــة مغــايرة للرؤيــة الدينيــة

التقليدية(. ألا يمكن الجمع بين الرؤيتين في بوتقة واحدة؟! ــةلا شك بأن المجتمعات العربية والإســلامية تعيش الآن حال

ر بــالمعنى العملي للكلمــة، وتنــوء تحت عجــز تــاريخي كبــير قســــبيعي وفاضح في وعيها للذات وللآخر، وفي ممارستها لدورها الط

في الحياة والعصر. ويظهر لنا أن هناك دورا تعطيليــا تقــوم بــه معظم المفــاهيم والمعتقدات الدينية السائدة والمســيطرة على تلــك المجتمعــات، الغارقة في تخلف فكــري واجتمــاعي يعــاد اجــتراره وإنتاجــه علىــال الدوام، كما نقول دوما؛ حيث إنه من المعروف ـ في هذا المج ـ أن الفكر والمعرفة المختزنــة في داخــل كــل فــرد هي القاعــدةفاته وسلوكياته، وبالتــالي لقيامــه بــدوره، والمحرك الأساس لتصر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد277هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ومشاركته في صنع أحداث ووقائع حياته اليومية الخاصة والعامــة، أي إن رؤية هذا الفرد وفلسفته في تسيير الوجود الخاص والعــام هي المنطلق الجوهري لأي طموح أو رغبة لديــه في بنــاء عالمــه،

وتحقيق كماله الممكن له. ويمكننا أن نطلق على تلك الرؤية أو المعرفــة بكــل بســاطة

ــراكم«فلســفة الإنســان» ــه، وت ــة من خلاصــة تجارب . وهي متكون خبراته، وتجسد رؤيته، المنطلقة من ذاتيتــه المعرفيــة، المختلطــة بما يحيط به من أحداث وتحولات شاركت في تكوين وانبثاق تلــك الفلسفة التي اكتسبها من وجوده في هذه الحياة، لتسمو وتتطور في سلم الوجــود، عــبر حواراتــه وتفاعلاتــه واحتكاكاتــه واتصــالاته وتواصله مع باقي المكونات الإنسانية في مجتمعه، مــا قــد يجعــل هذا الفرد مدركا للأحداث، ومتفــاعلا معهــا، ســلبا أو إيجابــا. وهــذاــة، الكلام لا يعني عدم وجود بديهيات فكرية عقلية، وتصورات أولي أعطت المسيرة البشــرية الــدفع الأكــبر في تطورهــا وترقيهــا في

الوجود. من هنـــا كـــان الإســـلام ــــ كحالـــة في الفكـــر والإحســـاس والممارسة، وكرؤية للكــون والوجــود والحيــاة، وكفلســفة كونيــة، وكنزعــة خلاصــية ـــ هــو مصــدر الديناميكيــة التاريخيــة المؤسســةــل كة للإنسان المسلم عموما في ك لمجمل القيم والمبادئ المحر المراحل التاريخية الــتي قطعهــا هــذا الــدين، منــذ البواكــير الأولى وحــتى الآن. هــذه حقيقــة واضــحة وصـريحة، لا يمكن غض النظـر عنها، أو محاولة القفز فوقهــا، واعتبارهــا شــأنا ثانويــا، لا أثــر أو لا

معنى لها. وإذا كــانت الغايــة المقصــودة في كــل حراكنــا المعــرفي والعملي تهدف إلى محاولة التأثير على سلوك الفرد المسلم، من

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد278هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

خلال دفعه إلى الحضور في عصــره، أي في المشــاركة الفاعلــة ـ الطوعية الإرادية ـ في بناء واقعه وحاضره وتأمين مستقبل أجياله الطالعة واللاحقة، أي استثمار وجوده الحي على نحو فاعل ومنتج ومفيد، فإن المدخل الطبيعي إلى ذلك لا بد وأن يمر عــبر دراســةكة لهذا الفــرد شــبه الضــائع أو شــبه المغيب وتحليل القوى المحر حاليا ـ وخصوصا في ظل تطــورات الحيــاة والوجــود ـــ بين واقعــه النظري المفاهيمي )الإسلام كعقيدة وانتماء وهويــة ثابتــة مقولبــةــه ــات صــلبة( وبين واقع ــايير نصوصــية ومقدس ــدة على مع وجامر والمتحــول باســتمرار. والقضــية هنــا هي العملي الخارجي المتغي أن طاقات الفرد غير مستثمرة مطلقا، وهي مبددة وضائعة، مثــل

ثروات الأمة الطبيعية الهائلة. رة هي مجموعــة وهذه القوى النظرية غــير المنظــورة المــؤثــذات، رة للإرادة، والمحفزة لل ــر ــية المح ــادئ الأساس القيم والمبــه ــة واقع والدافعة لهذا الفرد للعمل والإنتاج والإبداع في كل حرك الخارجي. وليس هناك وسيلة لتحقيق ذلــك إلا من خلال ممارســة النقد والتحاور الفكري مع النص والنظريــة المعرفيــة المؤسســة. فبهذا الثمن يمكن أن يستعيد المسلمون هوية ســابقة، كــانت فيــة معطــاءة ومحفزة ــة وقيم ــرة إيجابي لها الأولى فك ــك ــة تش لحظــة هــرمت، وفقــدت للعمــل والنشــاط الحضــاري، أو يجــددوا هوي بوصلتها ووعيها الـذاتي والموضـوعي؛ لعلهم يســتطيعون التعـرف من خلالهــا على آليــات الحداثــة، وأولويــات الانــدماج في العصــر، وبالتالي الارتقاء بممارســتها وتطبيقهــا والســيطرة عليهــا بالعمــل والإنتاج، أي أن يكون لهم دور وأثر محقق من خلال إثبات فاعليــةد من خلال اجترار الحضور في المتن، وليس في الهامش المتجس التقليــد والتبعيــة للآخــر، في اســتجلاب ونقــل حداثتــه إلى داخــل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد279هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

حـــدودنا الجغرافيـــة من دون وعي معاييرهـــا وبناهـــا الفلســـفيةهم والشــتائم من دون أن نعيهــا التحتيــة، مــا يجعلنــا نكيــل لهــا الت وندرس طرائق وسبل تطورها لدى الآخر؛ ليس لأنهــا ســلبية بحــد ذاتها مع وجود سلبيات فيها، وإنما لأن ظــروف تشــكلها ومناخــات نشوئها وعملها مختلفة عن ظروفنــا وســياقاتنا الحضــارية بصــورة

وبأخرى. من هنــا يمكن التأكيــد على أن تقــدم مجتمعاتنــا العربيــةس لإنســاننا الإسلامية مرهون أساسا بتطور وتقدم الفكــر المؤســ المسلم على طريق تقبله وقناعته الكاملة بضــرورة العيش زمانــاــراهن، العيش الحقيقي المنتج، ومكانا )عقلا ووعيا( في عصــره ال وليس الهامشي الـدوني المسـتلحق للآخـرين، أي أن لا أن يكـونب العقــل، ومهمش الحضــور. وهــذه القناعــة حاضــر الجســد مغيس، وتجديــد الذاتية لن تتولد أو تنبثق عنده إلا بنقد الفكــر المؤســ المعرفــة والهويــة؛ ليكــون إنســاننا قــادرا على ممارســة معيشــتهــاريخي إنتاجا وعملا في زمانه، من خلال تجديد الفكــر الزمــني الت

نفسه.

نظرة تاريخية وفكرية إلى الحداثة العربية والإسلامية تقدم الحداثة في عالمنا العربي والإسلامي على أساس أنها خطاب ثقافي جديد، أو رؤية مفاهيمية جديدة مختلفة عن مفاهيم الخطابات القديمة، وتهدف إلى تشكيل وتنظيم مجتمعاتنا العربيــةــذ بعين ــدة، تأخ ــية جدي ــايير تأسيس ــا على مع ــلامية عموم والإس الاعتبار أولوية وجود الإنسان الفرد الحر )بعقله وسلوكه( على أي شيء آخــر، مســتفيدة من أجمــل مــا في تراثنــا وماضــينا من قيم

ومبادئ تلحظ تفعيل دور ونشاط الإنسان الإيجابي في الحياة.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد280هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وقـــد انبثقت الحداثـــة خلال مرحلـــة الزحـــف السياســـي والعسكري الأوروبي على عالمنا العــربي والإســلامي، الــذي امتــد زمانا منذ غزوة بونابرت لمصــر في خــواتيم القــرن الثــامن عشــر إلى انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالميــة الأولى، مــاب عند كثير من البــاحثين العــرب اســتنتاجا يقضــي بالشــك في رت

أصالة ميلاد فكرة الحداثة، وفي شرعيتها التاريخية. ــد ــ بع وقد تمظهرت الحداثة في مجالنا الحضاري الإسلامي ـــ من خلال أن حدثت عملية التفاعل والتعرف على حداثة الغرب ـ

: تيار الإصلاحية الدينية.والثاني: تيار الليبرالية، الأولتيارين: وكانت الليبراليــة العلمانيــة في ذلــك الـوقت حديــة وجامحــة ورافضة كليا للواقع السائد، وقد حاولت نقل الحداثة الغربيــة كمــا هي ـــ في نســختها الأصــلية التأسيســية ـــ في عــالم الغــرب إلى

مجالنا المعرفي والديني الإسلامي. أما أتباع الخطاب الإصــلاحي فقــد خضــعوا لجاذبيــة الحداثــة، وسلموا بأهمية النموذج الأوروبي، ودعوا إلى ضرورة الأخذ به، إلا أنهم في الــوقت نفســه حــذروا من الإذعــان والتســليم لمنطقــه، وأوحديتـه المرجعيـة، ورفضـوا وجــود أي تفـوق لـه على النمـوذج

الإسلامي. وفي اعتقــادي إن معظم المثقفين الــرواد الــذين ذهبــوا فيـوـا مــع تياراتهــا ونظمهــا القــرن التاســع عشــر إلى أوروبــا، واحتكــة ــة، أو القطيع ــة الغربي ــذه الحداث ــق ه ــدركوا عم ــدة، لم ي الجديلها تلــك الحداثــة، فخلطــوا بين مفهــوم الحداثــة التاريخية التي تمثـدـت وبين الثقافة الغربية التي أنتجتــه، وربطــوا عضــويا بينهمــا، فبــيرا عن نظــام آخــر، هــو نظــام الغــرب الفكــري في نظــرهم تعبر ونجتر هــذه الأفكــار عنــدما والاجتماعي. ولا نزال نحن نعيد ونكر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد281هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــه وخصوصــياته، ولا نفــرق ــة والغــرب، أو ثقافت ــط بين الحداث نرب بينهما، مــع أن الحاضــنة الثقافيــة للحداثــة العلميــة الغربيــة كــانت واضحة وظاهرة في نتاجــات فلاســفة التنـوير والعقلانيــة الغربيـة. وهكذا رأوا في ما هو حداثــة نظامــا غربيــا، وقــارنوه مــع نظــامهم الشرقي. وبسبب ذلــك لم يبحثــوا في أصــل هــذه الحداثــة، فبقي التاريخ الذي أوصل الغرب إلى ما هــو عليــه، تــاريخ الحداثــة، كلـهـ

مغيبا عنا جميعا. رات السياســية والاجتماعيــة؛ بعد ذلك حدثت جملــة من التغي نتيجة حصول معظم بلدان المشرق على استقلالها ـ ولــو بصــورة شكلية ـ عن دول الانتداب، بعد سنوات طويلة من حروب التحريرــارك ــة )المنتصــرة في مع ــا، ونجحت النخب الحاكم ــة فيه الوطني التحرير والاستقلال( في تكـوين وإرســاء أفكــار غـير وطنيــة، ذات طابع أيديولوجي شــمولي، فتشــكلت نظم قمعيــة تســلطية أمنيــةــا آذن ــف، م ــرأي المختل ــع ال ــات وتمن ــا، تكبح الحري في مجتمعاتن بانتقال دراماتيكي في الفكر والسياسة إلى حقبــة تقهقــر وتراجــع

«الثـــوابت» و«الأصـــالة» و«الهوية»وانحســـار، وتقـــدم خطـــاب والشــعارات الفحوليــة المنتفخــة، على حســاب تراجــع وانكمــاش واضمحلال لخطاب الحداثة والعقل التجريبي، حتى وصلنا إلى مــا نحن عليـــه الآن من تقهقـــر وتخلف وانســـداد في آفـــاق العمـــلــة ــارات الديني ــة للتي ــة شــبه كامل ــير والإصــلاح؛ نتيجــة هيمن والتغي والعقائــد والخطابــات الاصــطفائية والنخب والنظم الشـــمولية ـ الكارهة للحرية والتنوع والتعدد ـــ على حياتنــا العموميــة، الــتي لم

ــالمعنى ــة عصــرية صــحيحة ب ــا أي حداث ــق فيه ــرفي ـ»نحق المع ، بل كل ما هناك لا يعدو أن يكون أكثر من مجــرد حداثــة«العملي

ــنى بالشــكل والمظهــر أكــثر من عنايتهــا بالمضــمون قشــرية، تع

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد282هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والجوهر. ر عن كوننــا لا نــزال خــارج الحداثــة، كمــا إن ما نعيشه لا يعبد بــالعكس عمــق يقول أكثر من مستشرق مستغرب، وإنما يجســــون(، أو أزمة هذه الحداثة العربية الرثة )على حد تعبير برهان غليــكرية النسخة المشوهة منها التي وصلتنا من نخبنا الفكرية والعس السياسية. وهنا مكمن العطل، وجذر الخلل. إنه في نمط الحداثــةب للنص الرثة الذي اخترناه وأنتجناه، مناخ ثقــافي ـــ ديــني متعصــ

على حساب الواقع. ــة ــاريخي النمطي لمقولـ ــا التـ ــة فهمنـ ــالعودة إلى طبيعـ وبـ الحداثـة، الــذي لا يــزال مســيطرا على التفكـير والعقــول العربيـةــة ــة مقولب ــت حال ــة ليس د على أن الحداث ــا حتى الآن، نؤك عموم جــاهزة تفــرض من عــل، وإنمــا هي مســار تــاريخي طويــل وغــير مكتمــل، وتطــور متواصــل، وتحــولات مجتمعيــة كبــيرة، لــه )لهــذا المسار( بداية معينة بتواريخ وأحــداث وتحــولات كبــيرة لم تكتمــل ولم تنجز بعد. وفي الأصل ليس المطلوب أن يكون لهـا حالـة منــدتها هي في الثبات والنمطية المحددة، وإنما قيمتها وأهميتها وفائر الــذاتي والموضــوعي للفــرد تحولها وسيرورتها، تعبــيرا عن التغي والحياة والعــوالم الماديــة والمعنويــة. إنهــا طريــق مســتمر معقــد ومركب، يتضمن عناصــر عديــدة وكثــيرة، متماثلــة أو متباينــة، منــدم ــل تق ــوي على مراح ــتويات، تنط ــة والمس ــولات التاريخي التح ومراحل تراجع، على خطوات قوية وأخــرى ضــعيفة، على أخطــاء وتراجعات، على كــوارث وإبـداعات فـذة، في الــوقت نفســه. هيــات، ــات والتوافق ــاءات، والنزاع ــات والالتق ــاريخ مليء بالتناقض ت

والحروب واتفاقيات التفاهم والسلام. وباختصار: ينبغي أن ننزع من أذهاننـا تلـك الفكــرة المســبقة

التي تظهر الحداثة كما لو أنهــا نظــام أيــديولوجي ثــابت«اللعينة»

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد283هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

وكامــل متكامــل، ومتســق بين مســتوياته العقليــة ومســتوياته السياسية والاجتماعية ومستوياته الاقتصادية، لنرى بأنه يوجــد فيــاء ــة بن عمق الحداثة رؤى وورشات تاريخية مفتوحة، أي إنها عملي مستمر ومتواصل لا يكتمل، يمارســه الإنســان بعقــل مفتـوح علىــة، الحياة والعالم، ليتفاعل من خلال ذلك مع عوامل متعددة: البيئ البشر، التراث، الموارد، الوضع والســياق الجغــرافي والسياســي، الفرص التاريخية والمعيقات، إلخ. وعندما نقول: إن الحداثــة فكــرــال مفتوح فإننا نعني أنها تنطوي على عوامل تتغير وتتحول من ح إلى حــال، وقــد تكــون حركتهــا تقدميــة أو تراجعيــة على مســتوى العلم، أو على المســـــتوى التقـــــني، أو على مســـــتوى النظم

الاجتماعية. معايير الحداثة في السياق المعرفي التاريخي

ــة سنحاول هنا تحديد طبيعة البناء الفكري والمعرفي للحداث التي نشأت تاريخيا في الغرب الأوروبي، من خلال هذه المعطياتــل من ــورت ونضــجت عــبر زمن طوي ــتي تبل ــة ال ــايير التالي والمع الصراعات والسجالات والديناميات والتغييرات الهائلة التي حدثتــايير ــك المع منذ ما قبل عصر النهضة الأوروبي. ويمكن موضعة تل

على النحو التالي:

ـ أولوية العقل على النقل 1دـت دراسـات البـاحثين من المعروف تاريخيا ـ بحسب ما أك التاريخيين في علم الحفريات الأثرية ـ أنه لم توجد جماعة بشرية قــط إلا وكــان الــدين محورهــا وناظمهــا ومحركهــا الأول، بصــرف النظر عن طبيعته وخلفيته وأفكاره. ومنذ بدايــة الــدعوات الدينيــة التوحيدية حضر كل من النص والعقل في مقابل بعضــهما البعض،ــق وارتبطت مقولة النص بالنقل للنصوص الدينية، أي بكل ما يتعل بالتراث الديني الإســلامي والمســيحي واليهــودي )وبشــكل خــاص

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد284هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الأديان الســماوية(؛ لأن هــذه الأديــان تعتمــد بالدرجــة الأولى على النص الديني الثابت، وعلى المعرفــة المرتبطــة بالمعرفــة الغيبيــة المنزلــة، أي المســتمدة من الــوحي كوســيط بين عــالمي الــروح

والمادة. مرتبطــة«العقل» وفي مقابل ذلك انبثقت وتطــورت فكــرة

(، الــتي ابتــدأتhumanismبما نسميه بمرحلــة النهضــة والإنســانية )ــدأ النــاس يفكـرـون أن المخــرج من الإحباطــات الدينيــة ــدما ب عنــــط السياســــي والانحطــــاط الأخلاقي والمذهبيــــة، ومن التخب

«والقــذارة»والاجتماعي، ومن حالــة الفوضــى والجهــل والتخلــف الفكريــة والاجتماعيــة، الــتي كــانت تعيش في عمقهــا أوروبــا في القرون الوسطى، ربمــا كــان بــالعودة إلى تــراث القــدماء العقلي اليوناني والرومــاني، أي العــودة إلى تــراث العقــل والفلســفة، أو الحكمة العقليـة الـتي عرفهـا الأوروبيـون لفـترة طويلـة من خلال الترجمات العربيــة، وبــدأوا في لحظــة من اللحظــات يبحثــون عن حلول لمشكلاتهم الكبرى وتطلعاتهم في تراث الماضي، ويعكفون

على قراءته، وعلى تعلم اللغات القديمة التي كتب بها أيضا. لقد كان الجهد الحقيقي للنهضة )برموزها ونخبهــا المفكـرـة(لا في الدفع باتجاه تزخيم مفهوم العقل، وتثـويره إلى أقصـى متمث الحدود )إلى درجة تحوله إلى ما يشــبه الإلــه الأرضــي(، واعتبــاره الحجر الأساس في وسائل المعرفة والتقدير والتأسيس الوجودي الحياتي، أي فتح الإمكانيــة والمســارات العمليــة أمــام الإنســان لا ليكون مجرد وعاء تسقط عليه التعاليم والوصايا والأحكام والمثل والمبادئ من عالم الســماوات والأديــان، وإنمــا ليكــون عقــل هــذا الإنسان مصدرا أساســيا للمعرفــة والإبــداع الفكــري، الأمــر الــذي كان له بالغ الأثر في فتح آفــاق واســعة أمــام الإنســانية على كــلــورة المســتويات والأصــعدة، وخصوصــا على مســتوى انفجــار الث

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد285هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

العلمية والاكتشافات العلمية. وتتجسد الرؤية الحداثيــة الغربيــة في رؤيتهــا لجميــع الأشــياء الحقيقية، من حيث إنهــا تنطلــق من العقــل، والإنســان هــو الــذي يعكس تلك الأشياء والمدركات بواسطة وعبر إدراكاتــه المتنوعــة، وخاصة الإدراك العقلي، أي العقل الذي يشــكل المنطلــق والقــوة الأساسية الحاسمة في الرؤية والتقدير والتحليل والتوصيف، ومن ثم التقييم والحكم، بما يساعد الإنسان على كشف ماهية وجــوده الذاتي أولا، ومحاولات فهم أسرار عوالمه المتعــددة ثانيــا، ليصــبح لديه كامل الحرية في الاختيــار، وتحقيــق المعرفــة، والتفريــق بين الخطأ والصواب. ولا تفهم العقلانية بــالمعنى الاجتمــاعي البشــري إلا من منظور البحث المستمر في المعايير التي تقاس بها صــحة الاستراتيجيات التي تصــوغها الجماعــات، أو تســعى إلى صــياغتها،ــد من أجل إحراز التقدم ومسايرة التاريخ، وتحسين مردودية الجه

الإنساني، ورفع فعاليته. والعلم الحديث طبعا تطور ونشأ على أساس منطق التفكير العقلي النســبي في بنـاء منـاهج البحث العلمي، وتنظيم التجربـة.ــدها ــة من بعـ ــد المعرفـ ــوة تجريـ ــلت خطـ ــيئا حصـ ــيئا فشـ وشـ

الســحري والأســطوري، الــذي كــان يأخــذ بالألبــاب«الطــوطمي» والعقول والأفئدة. وشيئا فشيئا أصبحت المعرفــة العلميــة زمنيــة، مقوننة، صناعية، بنائيــة وتراكميــة، ليســت مســتقلة عن المعرفــة ب، ولكنهــا أيضـا زـة عنهـا في أســس بنائهـا فحســ الدينيـة أو متمي مستقلة عن جميع المعارف المنقولة والمتبعة، والحكم المقدسة،

والأساطير الموروثة الماضية.

ـ التغير الجذري لمعنى الحق واكتشاف معنى القانون 2

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد286هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

«الحق» حدث في الغــرب تحــول كبــير على معــنى مفهــوم le، قاد إلى إعادة اكتشاف الحق )«الحقيقة»و Droitس (. وقد تأســ

ــاء هذا البعد الجديد على رؤية قانونية جديدة في ســياق عمليــة بن العدالة الاجتماعية، فأصبح معــنى الحــق مغــايرا لمعــنى الشــريعة والعــرف الــديني الســائد، الــذي كــان يطلب من أتباعــه التســليم والخضوع والانصياع لأحكام منصوص عليهــا، أو مطلــوب تطبيقهــارــت في العدالــة مــرة واحــدة وإلى من قبل سلطة إلهية عليــا فك

الأبد. ولكن مــع التحــول باتجــاه نســبية الحقيقــة، وإعطــاء القيمــة الأكــبر للواقــع المنظــور، على حســاب النص المخبــوء والمكنــوز، اختلف الوضع، وأصبح الإنسان ـ بحسب الرؤيــة الحداثيــة ـــ قــادرا على بنــاء رؤى جديــدة ونظــرات فكريــة متنوعــة غــير نهائيــة، بــل متحولة وسيالة، كجزء من التفكير الـدؤوب والمسـتمر في معــنى العدالة الإنسانية، أي تفكير المجتمع نفسه بعدالة أسسه ونظمــه، وصلاحيتها ومدى فعاليتهــا. إنـه نـابع من المجتمــع المســؤول عنــه وعن تطويره وتطبيقه، لا من مصدر آخر. وبالنتيجة العمليــة يعــني ذلــك أن يمــارس المجتمــع مســؤوليته في ضــبط النظــام وتوجيــه مساراته من داخل صفوفه ولتحقيق غاياته كمجتمع لا على ســبيل الطاعة أو التوافق مع مطالب الدين، أي الغايات الــتي ترســم لــه من خارجه، ولكن تلك الــتي يرســمها هــو نفســه لوجــوده. وبــذلك تحــول إلى مجتمــع سياســي أيضــا، بعــد أن كــان مجتمعــا دينيــا أو لاهوتيا في طبيعة السلطة والصلاحية التي تحكم نظامه. وفي هذا المخاض استقل مفهوم الحق، بالمعنى المدني القانوني، وتطبيقه معا عن مفهوم الشــريعة، فصــار نظامــا إجرائيــا متكــاملا، يضــبطــؤولية ــات المس ــا درج ر عنه ــحة تعب ــات واض ــه من خلال آلي نفس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد287هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ومرتباتها، ولا يعتمــد في وجــوده على الإيمــان والــورع الشخصــي المتفاوت عند الأفراد بالضــرورة، ولا أيضــا على مــزاج أو معرفــة فقيه بالدين أو عالم دين أو سلطان. كما لا يحتاج لتحصــيل الحكم

وتطبيقه على التأويل الذاتي بالضرورة لكتب الدين أو الحكمة.

ـ القيمة العليا للفرد 3دــ ن شــرعية الســلطة، وتؤك )المعيار هو الحرية، كأرضــية تعي حق الإنسان في تقريـر شــؤونه المدنيــة، دون إكــراه أو قيــد(، أي إعادة الاعتبار والقيمة الحقيقية للفــرد بمــا هــو ذات واعيــة حــرة، مريدة، وبالتالي أيضا قابلة للصياغة والتكوين والمساءلة القانونيةــر ــل: الآخ ــادرة، مث ــة وق ــان أي ذات عاقل ــا إنس ــة. فأن والأخلاقي الإنسان. وأشخاصنا يتساوون في الحقوق والواجبــات. هــذا يعــني اعـتراف الجميـع ببعضــهم كأنـداد، لا كأسـياد أو أزلام ومحاسـيب. وهذا هو مظهر الاعتراف الرسمي القــانوني بالمســاواة المطلقــةــر، لا ــلية على آخ ــابقة أو أفض ــك س ــد يمل ــانية. فلا أح في الإنسب والنســب بالوراثة ولا بالمعرفة ولا بالعلم ولا بالثروة ولا بالحســــاء )وهذه نفسها قيم دينية من جوهر الدين ذاته(. فليس بين أعض المجتمــع الحــديث من هــو تــابع ولا إمعــة ولا زلمــة. هــذا كلـهـ من

تقاليد القرون الوسطى والثقافة التقليدية. من هنا لا قيمة لما يقال من أن القيم السائدة في المجتمعم مجتمعاتنــا هــو الحديث الغــربي هي قيم الفرديــة، بينمــا مــا يســ القيم الجمعيــة. العكس هــو الصــحيح تمامــا. أفرادنــا لا يــرون المجتمع إطلاقا خارج نطاق دائرة الأهــل والعشــيرة، وفي أحســن الحــالات فئــات المحــرومين الــذين تحــل لهم الصــدقات. فــالقيم الجمعية هنا متعلقــة بالعصــبية والقرابــة أو الــدين، لا بالمســؤولية

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد288هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الاجتماعية، والاهتمــام بمصــير المجتمــع ونظامــه ككــل. وهــذا مــا يفسر ضــعف الحــوافز السياســية في مجتمعاتنــا إلى اليــوم، على

الرغم من اندراجها منذ قرنين في منطق الحداثة السياسية.

ـ الديمقراطية السياسية وحكم القانون 4لت البشــرية إلى تثــبيت في مسارها التاريخي الطويل توصــــديلا عن حكم الاســتبداد ــة السياســية، ب ــادئ الديمقراطي قيم ومبــاء الحكم المقــدس. وهــذا ــة واحتكــار الحقيقــة وادع والديكتاتوري التعميم لا يغني عن بعض التخصيص الضــروري في هــذا المجــال؛ ذلك أن مبدأ فصل السلطات ربما كان أهم مــا في الديمقراطيــة، بصـــفتها طريقـــة في التـــدبير السياســـي والحاكميـــة. لا بـــل إن مونتســكيو رأى أن العلامــة الفارقــة للمســتبد هي، بالضــبط، أنــه

يدمج السلطات جميعا، ويتولاها بنفسه. ــرف إن فصــل الســلطات، في شــكله الحــديث، هــو مــا ع

. ومــؤدى«روح القوانين»أساسا عبر كتابات مونتسكيو، وخصوصا نظرية الفصل تلك أن ثمة ثلاث ســلطات ينبغي أن لا تتــداخل في مـــا بينهـــا لـــدى ممارســـتها الحكم، هي: التشـــريعية والتنفيذيـــة

ــذها بوصــفها قانونــا.الأولىوالقضــائية. : تصــوغ السياســة، وتنفز العملي. والثانية ــذها في الحي ــولى تطبيقهــا وتنفي :والثالثة: تت

تفض النزاعات، طبقا للقانون، وتبعا لمعايير العدالة. ــيلة وعليه، ليست الديمقراطية هدفا بحد ذاته، وإنما هي وس يتمكن من خلالها الشــعب من اتخــاذ مواقفــه البنــاءة، بمــا يجعلــه أكثر قدرة على الإبداع والإنتــاج والتشــارك، عــوض أن يكــون أداة للمباركــة والتصــفيق والتصــديق على قــرارات الحكــام الفــرديين. وليست الديمقراطية أيضا مفهومــا غربيــا ضــيقا، من شــأن تبنيهــا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد289هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الوقوع في التبعية للغرب والخضــوع لوصــاياه. إنهــا أكــثر تواضــعا مما يعتقده البعض حولها أو ينسبه إليها أو يطالبهــا بــه، فهي أبعــد ــا ــون نظام ــل من أن تك ــاملة، وهي أق ــدة ش ــون عقي من أن تك

اقتصاديا ـ اجتماعيا له مضمون عقائدي ثابت. إن الديمقراطية المعاصرة منهج لاتخاذ القرارات العامــة من قبل الملزمين بها، وهي منهج ضرورة يقتضــيه التعــايش الســلمي بين أفراد المجتمع وجماعاته، منهج يقوم على مبادئ ومؤسســاتــه الاختلاف في الآراء ــية من إدارة أوجـ ــة السياسـ ن الجماعـ تمكــالي، من ــة، بالت ن الدول ــلمي، وتمك ــكل س ــالح بش ــاين المص وتب السيطرة على مصادر العنف، ومواجهــة أســباب الفتن والحــروب الأهلية. وتصل الديمقراطيــة المعاصــرة إلى ذلــك من خلال تقييــد الممارسة الديمقراطية بدســتور يــراعي الشــروط الــتي تتراضــىــة ــا الجماع س عليه ــع، وتؤســ ــة في المجتم ــوى الفاعل ــا الق عليه السياسية أكثرية كافية. وقــد تمكنت الديمقراطيــة المعاصــرة منلت في ذلك عندما حــررت منهجهــا في الحكم من الجمــود، فتأصــ

مجتمعات مختلفة من حيث الدين والتاريخ والثقافة. ــف إن الديمقراطيــة المعاصــرة منهج يبــدع الحلــول، ويكيــل ــ ــة أو تعطي ــ ــادئ الديمقراطي ــ ــات، دون إخلال بالمب ــ المؤسس المؤسســات الدســتورية، الــتي لا تقــوم للممارســة الديمقراطيــة

قائمة دون مراعاتها والعمل بها.ز بين ثلاثــــة مســــتويات وفي هــــذا الســــياق فإننــــا نمي

للديمقراطية: : المســتوى الشــكلي )ديكــور خــارجي(، ينحصــر فيأولها

مجرد إقامــة المؤسســات الديمقراطيــة، المتمثلــة في المجــالســدني، من دون النيابية والأحزاب وغير ذلك من هياكل المجتمع الم

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد290هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وجــود أي فاعليــة لهــا في المســتوى العملي، بــل ينحصــر عملهــا ساعتئذ في الإمضاء على توجهات وسياسات النخب الحاكمة، من

دون أي نقاش أو مساءلة. ل في أداءوثانيها : )الأداء الـــــديمقراطي الفعـــــال(، يتمث

ــا الوظيفة الديمقراطية عبر المشاركة والمساءلة الحقيقيتين؛ لأنن تعلمنا من تجارب عدة ـ وخصوصــا في عالمنــا العــربي ـــ أنــه من الممكن أن تقـــوم المؤسســـات الديمقراطيـــة، فتنشـــأ أحـــزاب،ح المجــال لهــامش من التعبــير من وتشكل مجالس نيابيــة، ويفســــه لا يتحقـــق الأداء ــ ــك كل ــ ــع ذل ــ خلال صـــحف المعارضـــة، وم الديمقراطي. إنــه من الممكن أن تقــام جميــع الهياكــل المطلوبــةــرار ــاركة في الق ــوافر المش ــا، فلا تت ــة تمام ــا تعطل الوظيف بينملي الأمة حق مساءلة الســلطة التنفيذيــة، السياسي، ولا يتاح لممث

كما هو الحال في كثير من بلداننا العربية والإسلامية. ــذاوثالثها ــة(. وه : )التدرب على الثقافة والقيم الديمقراطي

ينصــب على شــيوع القيم الديمقراطيــة، وأهمهــا: قيمــة التســامح السياسي، وتــداول الســلطة، واحــترام حقــوق الإنســان؛ لأنــه من الممكن أن تقوم الهياكل وتـؤدى الوظيفـة، بينمـا يفتقـد المجتمـع تلك القيم التي لا تستقر إلا بمضي الوقت، واستمرار الممارســة،خ القيم الديمقراطيــة والســلوك وتــوافر الأنمــوذج الــذي يرســ

الحضاري بين أبناء المجتمع.

نظرة إلى واقع السياسة العربية الراهنة لقد كــان لغيـاب الفكـر التعــددي وثقافـة الاعـتراف بـالآخر، وضـعف المشــاركة السياسـية، وســيطرة الأنظمـة المســتبدة في اجتماعنا الــديني العــربي والإســلامي، آثــار ســلبية، تمظهــرت من

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد291هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

خلال خلق وتعمق نزعات سلطوية مــدمرة لــدى النخب الحاكمــة، لا تزال قائمة ومستمرة، وخصوصا عندما يطــول وقت احتلال منــة؛ يحكمون لمقاعدهم الثابتة، فتبدو رؤيتهم للأمور وردية ومغلوط لأنها تقوم على أســاس مفتعـل لا يـدرك الواقـع، ولا يعـايش نبض الجماهير، ولا يستشــعر معاناتهــا؛ حيث بــاتت هنــاك فجــوة كبــيرة تفصل بين الشعوب والمجتمعــات من جهــة وبين الحكــام والنظم القائمة من جهــة أخــرى. وهــذه الأزمــة والفجــوة القائمــة ليســت جديــدة، بــل هي تاريخيــة بامتيــاز، ولا تــزال تغلف العلاقــة بين الطـــرفين إلى حـــد أدى إلى عزلـــة من يحـــوزون الســـلطة عنــا. الجماهير العريضة بآمالها وآلامها وأحلامها وتطلعاتها وطموحاته وهو أمر يؤكد أن جزءا كبيرا من الصــراع المحتــدم نجم عن حــال الفراغ السياسي الذي يحتل المســاحة بين القمــة والقاعـدة لـدى

معظم الشعوب العربية. إن الشرعية السياســية في معظم النظم العربيــة تعــود إلىــتمرارها ــليم باس ــا، أو التس ــذ به ــعب الأخ ــات يص ــار ومرجعي أفكر هو الثابت الوحيد في هذا العالم، والدنيا تتغير، وصلاحيتها. فالتغيــات لم تكن ــة تجلي ــترة زمني ــل ف ــع ك ــدو م ــدل، وتب ــوال تتب والأحــولات ــانت مطروحــة على اســتحياء من خلال مق مطروحــة، أو ك صامتة تتحدث عن الإصلاح والتغيــير والديمقراطيــة. فقــد أضــحت الديمقراطية ـ على الرغم من مصدرها الغــربي ـــ مطلبــا إنســانياريـــة من شـــأنها إذا تـــوافرت شـــروطها الذاتيـــة ونزعـــة تحر والموضوعية أن تمكن الشعوب من تحقيــق اســتقلالها التــاريخي،

والتعبير عن قدراتها الحية، ومكنوناتها الهائلة. إن إعادة بناء مفهوم الدولة داخل الفكر السياسي المعاصر،ــة ــات البني ــالا يعكس تناقض ــا مج ــة كونه ــا من زاوي ــورا إليه منظ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد292هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ل مســألة الاجتماعية وتوازنــات القــوى فيهــا، ســمحت بإعــادة تمثــدم ــات التق الديمقراطية والنضال الديمقراطي. كما أخرجت حركــة، ــة عن الســاحة الجماهيري ــا الاضــطرارية أو الاختياري من عزلته ودفعتهـــا إلى الخـــروج بالعمـــل السياســـي من دائرتـــه الســـرية المطلقــة إلى الــدائرة الجماهيريــة الأوســـع، وأنقــذت التفكــير السياسي من مصطلحات القــاموس العســكري، كمــا قلصــت من

مظاهر ممارسة السياسة بمنطق الحرب. إذن هذه المعايير الأربعة للحداثة لا تزال قائمة. وهي تتبدل باستمرار، لم ينته العمل بها بعد؛ حيث نشهد بين الفينة والأخــرىصراعات ونزاعات حول العديد من الخيارات التي توجه نشاطها. فهل يمتلك الإســلام ـــ كــدين حــاكم على القلــوب، ومهيمنف مع على الأفئدة والعقول، عندنا ـ القدرة الفكرية والعملية للتكي ما تقدم ذكره من معايير ومقتضيات ومتطلبات الحداثة، وضرورةــديني والثقــافي ــة الإصــلاح ال الانخــراط الجــدي العملي في عملي

والسياسي في عالمنا العربي والإسلامي؟! في الواقـع لا نـزال نعيش حاليـا في مجتمعاتنـا حيـاة حديثـة بكل ما تعنيه هذه الكلمــة من معــنى، من حيث التعامــل الشــكلي والمظهري مع مقتضيات تلك الحداثة. فنحن نتعامل مع الإنــترنت، ــا ونسافر بالطائرات، ونعمل وفق قوانين حديثة، ونتواصــل تفاعلي وتبادليا مع مختلف بقاع الأرض، وتخضع كثير من حكوماتنا ونظمنا السياسية لمؤسسات وهيئات ومنظمات دولية اقتصادية وسياسيةــاليب ــنا متخلفين في أسـ ــددة...إلخ. إذن نحن لسـ ــة متعـ وثقافيـــاة ــة لا تعيش حي ــا العربي ــا. ومجتمعاتن ــة ووســائلها وطرقه الحداثــآخر القــرون الوســطى، بــل هي مجتمعــات خاضــعة بشــكل أو ب لقوانين ونظم الحداثة العالميــة ذاتهــا. ولكن الخطــر والخطــأ في

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد293هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الموضوع هو أننا فهمنا الحداثة مجرد نقل لمنجزات الآخر وتقنياته واختراعاته الكبيرة، لا صنعا واستنباتا لها في تربتنا المحلية، وإنمــادــ، ولكنــه غــير كــاف استهلاكا وشراء. وهذا لا شك أمر عظيم وجي لصنع الحضارة والحداثة العلمية. وهذا ما ندعوه بالحداثة القشريةــة أو الحداثة الكسيحة. إنه منطق التناقضات والتشوهات المرتبط بهذه الحداثــة من جهتنــا نحن، لا من جهــة الغــرب؛ فنحن لا نــزال نعيش على استهلاك متزايد لثمرات الحداثــة الناشــئة والمتطــورة خارج دائرتنا الحضارية الإسلامية، على الرغم من أننا ســاهمنا في الماضي في التأسيس لها بصورة وبــأخرى، كمــا أننــا عجزنــا حتى الآن عن زرع شجرة الحداثة عندنا، وبمــا يناســب مجالنـا وسـياقنا الحضاري الإسلامي، فلم نفتح ورشــات لهــا خاصــة بنــا وبشــروط وجودنا، لا ورشــات المعرفــة الزمنيــة، المدنيــة، الإنســانية، البحث العلمي، التطور الفكــري الحــر، ولا ورشــة الدولــة الحديثــة، دولــةــة تخضــع الحق والقانون. نحن لا زلنا إلى حد كبير مجتمعات حديث لسلطة الأعيان والأتباع، وكل مظاهر العشائرية والقبلية البغيضة، التي حاربها الإسلام ذاته. ولم نطـور أيضــا بمــا ربمـا فيـه الكفايـة

مسألة الفرد كذات، أو الفردية الحرة والمسؤولة.

ر والتقهقر الحضاري؟! على من تقع مسؤولية التأخــدور ومســؤولية في الحقيقــة، وعلى الــرغم من التســليم ب العامل الخارجي في ما وصل إليه حال العــالم العــربي من تخلف وانقسام وتجذر الأمراض الثقافيــة والسياســية، إلا أن هنــاك وعيــا متزايدا لــدى الغالبيــة العظمى من أفــراد مجتمعاتنــا العربيــة بــأن الكوارث التي تعيشها تلك المجتمعات ليســت ناجمــة بكليتهــا عن الأطمــاع والتــدخلات الأجنبيــة وحــدها، وأن الكثــير منهــا يعــود إلى

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد294هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــة ــا المنهك عجز النخب السياسية الحاكمة )التي أوصلت مجتمعاتن للارتمــاء في حضــن الإرهــاب، بعــدما عــانت ولعقــود من أنظمــة الاستبداد( عن إيجاد الحلــول الملائمــة لتناقضــات كامنــة في بنيــة

وثقافة المجتمعات، ونظم الحكم العربية. ــة في ــوى الخارجي ب على إهمالها وتراكمها نجاح الق وقد ترتــار، أو ــة الانفجـ ــلت إلى نقطـ ــتغلالها، إلى أن وصـ ــا واسـ تعميقهـ

انفجرت بالفعل، كما هو الحال في دول عربية كثيرة. فالعراق لا يعاني من الاحتلال الأجنــبي فقــط، وإنمــا تجتاحــهحه في الوقت نفسه صراعات متنوعة الأبعــاد والمســتويات، ترشــ للدخول في نفـق حـرب أهليـة واسـعة النطـاق، وتهـدده بـالتفتت

والانقسام إلى دويلات طائفية عدة.ن بعد من الانتصــار لســيادته، بــل ولبنان كذلك الأمر لم يتمكذـر إذا مــا تهدده على الدوام فتن طائفية، يبدو أنها لن تبقي ولن ت

بدأت فتائلها بالاشتعال. والأراضي الفلسطينية لا تعاني من حروب مستمرة، واحتلالب، وإنمــا أيضــا من صــراع إسرائيلي مقترن بحصــار دولي، فحســــزال ــال بين الإخــوة، ومــا ت ــاحري مقيت، وصــل إلى حــد الاقتت تن جذوره حية، وتشكل خطرا يهدد بتصفية قضية كانت وما تزال من

أنبل وأعدل قضايا العالم قاطبة. والصومال لا يعاني فقط من تدخل أجنبي شجع أثيوبيــا علىاــ لســنوات طويلــة، احتلاله، وإنمــا أيضــا من صــراع قبلي ظــل حي وأدى الفشل في احتوائه إلى إغــراء الآخــرين على التــدخل، تحت

دعوى ضبط الأمن وتحقيق الاستقرار. والأمر ذاته في السودان، الذي يعــاني من صــراعات عرقيــةت ومذهبية تهدده ليس فقط بتجدد الحروب الأهليــة، وإنمــا بــالتفت

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد295هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والتقسيم أيضا. أما حال بقية الدول العربيـة فلا تبـدو أفضــل كثـيرا. فهــا هي سوريا دخلت منذ أكثر من ثلاث سنوات في نفق وجودي مجهول، يتهدد مصــيرها ووجودهــا كدولــة وشــعب ومجتمــع متعــدد ومتنــوع

الأعراق والانتماءات والمكونات التاريخية والمجتمعية. ر الإصــلاح السياســي، والخلــل الــرهيب في إن البطالــة وتعث توزيع الثروة والمداخيل، تحولت إلى أمراض مزمنــة، راحت تنخــر في عظام هذه الدول؛ لتشكل قنابـل موقوتـة قابلـة للانفجـار فيد على الحقــائق التاليــة في جســدها في أي لحظــة. ومن هنــا نؤك سياق ضرورة قبولنا وتبنينا لأفكار الحداثة الــتي تنسـجم مــع ذاتنـا

الحضارية: ـ إن الإصلاح الداخلي المنطلــق من تــرتيب أوضــاع بيوتنــا1 

ــروض، لن الداخلية أفضل وأقوى وأمتن من أي إصلاح خارجي مف يأتي إلينا إلا نتيجة الغياب المتعمد لانطلاقة مناخ الإصلاح الطبيعي في المجتمعــات والشــعوب بمــا ينبــع منهــا، ويتفــق مــع تقاليــدها،

ويرتبط بهويتها. ــط2 ـ الإصلاح الحقيقي المطلوب الذي يستمر ويبقى هو فق

الإصلاح الذي يتم بالطرق السلمية التسووية الحضارية، مــع رفضــلاحية؛ لأن ــية الإص ــة السياس ــورة في العملي ــق الث كامــل لمنط مفاجآتها كثيرة، وردود فعلها معقدة، ونتائجها غير مضــمونة. بينمـا الإصلاح التدريجي المدروس، وفقا لخطة زمنية معلنة، هو السبيل الأفضل للانتقال نحو غايات الأمم وأهــداف الشــعوب الكــبرى في العيش الآمن والحر والمستقر وبنــاء الــذات الفاعلــة والمزدهــرة. وتســتطيع نظم عربيـة كثــيرة أن تتــواءم مــع التطــورات المقبلــة، بشرط أن تستوعب حقــائق العصــر، وأن تمضــي نحــو المســتقبل

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد296هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

بخطى ثابتة، بدلا من ترديد شــعارات خادعــة للاســتهلاك المحلي،وتسويف التغيير، وإجهاض الإصلاح.

ـ إن المؤسسة الدينيــة الحاكمــة ـــ ظــاهرا أم باطنــا ـــ في3ــة أكــثر من أي وقت مضــى العــالمين العــربي والإســلامي مطالبــني باعتماد العقل والحوار والانفتاح على الآخر، وإطلاق خطاب ديـاـء، وليس عصــري واضــح، يعتمــد على عنصــر النقــد الفاعــل البن

التلقي والقبول والتسليم الكامل. ولكن هنا نتساءل: كيف يمكن الاتفــاق في هــذه الحــال على مسألة النقد، وإشكاليات النصوص والتأويلات الدينية لها، والهادفة إلى تجديد الفكر والهوية؛ لتصبح منفتحة مســتوعبة تواصــلية على مستوى تصالحها مــع الــذات وانفتاحهــا المتــوازن على الآخــر، من دون الاتفــاق حــول الغايــات والقيم الأساســية الــتي ســوف تحكمــا ــة أو اجتماعاتهـ ــلامية المفككـ ــات الإسـ ــاء المجتمعـ ــادة بنـ إعـ

السياسية؟!ــا من ــا رافقه ــناعية )وم ــة والص ــورة التقني ــد انطلقت الث لق إنجازات علمية هائلة( نتيجة انبثاق تراكم معرفي وثقافي تنــويري كبير ـــ كمــا ذكرنــا ـــ، قادتــه مجموعــة كبــيرة من النخب الفكريــة

. ولئن«فولتــير» و«ديــديرو» و«مونتســكيو»المعرفيــة، من أمثــال حدث هذا التحول الذي عرفته مجتمعات الغــرب الأوروبي بفضــل ذلــك المنــاخ الثقــافي التنــويري فإننــا نســأل: هــل يمكن لثقافتنــاــه ــا أنجزت ــتثمر( بم ــتفيد وتس ل )وتس ــلامية أن تتمث ــة الإس العربي الثقافة الأوروبية؛ حتى تتمكن من إحداث النقلة النوعية المتوخــاة داخل المجتمعات العربية والإسلامية؟! وإذا كان لكل أمـة ثقافتهـا الخاصة فلا يعني هذا أن مستوى الثقافة واحد لكل الشعوب، لكن هذا المستوى يختلف من شعب إلى آخــر، لتعــدد درجــات الثقافــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد297هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

في مراتب الرقي. فعلى مســـتوى عالمنـــا العـــربي شـــاع ســـابقا ــــ في بعض المفاصل الزمنية القليلة ـ تأويل منفتح عقلاني للدين، منسجم معــدءا من عصــر ــه، ومتفاعــل مــع الحضــارات الأخــرى. ولكن ب ذات الانحطاط أخذ يسـود التأويـل الآخــر، أي الفهم الجامـد، المنغلـق، المتعصب. وغني عن القول هنا: إن الثقافة العربيــة هي بطبيعتهــا ثقافة جذرية تأصيلية، فيها إمكانات هائلــة للنظــر والــوعي والنقــد والبناء المعرفي الحضاري، إلا أن حاجتها للتجدد في عالم التحول والتغير والتنور يفرض عليها مزيدا من المساهمة الفاعلة؛ لتتمكن ــديا من أداء دورها الريــادي؛ بغيــة تنــوير المجتمعــات المؤمنــة عق بهذه الثقافة، وترشيدها بمـا يكفــل لهـا الارتقـاء في سـلم الــرقي والتقدم، كباقي الشعوب والأمم، أي إنه لا يكفي أن نــؤمن نظريــادــ من الاعتقــاد بقدرة ثقافتنا على البناء والنمو والتصــاعد، بـل لا ب أن شرط النمو هنا هو في مــدى قــدرة ثقافتنــا على الــدخول في حوار ونقد مع مسببات أزمة وجودنا الراهنة مــع أنفســنا أولا قبــل

الآخر. ولم يعد مقبولا أبدا اليوم أن تــراوح هــذه الثقافــة الإســلامية في مكانها؛ ليجتر أصحابها مقولات ومفــاهيم خــارج نطــاق الحيــاةحات والعصر والتاريخ الحديث، أو أن تكتفي بإنشــاد وترديــد موشــ الماضي التليد وإنجــازات العصــور القديمــة، بـل عليهــا أن تــواكب حركات التقدم الذي وصلت إليــه الثقافــات الأخــرى، وأن تتفاعــل بشــكل خلاق ومبــدع مــع كــل الانجــازات العلميــة والفكريــة الــتي

ساهم بها مثقفو الأمم الأخرى. د دائمــا على أن تجــاوز هــذه الإشــكالية قــائم على وهنــا نؤكــل على ــ ــيطة، لكن معقدة، وهي أن نعم ــ ــة بس ــ ــألة نظري ــ مس

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد298هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الاستفادة من ثقافتنا وحضــارتنا العربيــة بمــا يتلاءم ويتناســب مــع حاجات مجتمعاتنــا الراهنــة المتغــيرة، ومن دون أن نكــون أســرى لقيم الماضـــي، ومســـتغرقين في مناخاتـــه القديمـــة، وأن نأخـــذــراف بمعطيات الحاضر ونساهم في تطويره بما يمكننا من استش المستقبل. وأهم ما نحتاج إليه هو الثقافة التنويريــة؛ حيث لم يعــد مقبــولا الاكتفــاء بالنشــاطات الثقافيــة الشــكلية الــتي لا تمت إلى الجوهر، بل علينا أن نساهم في عملية البناء الفكري الذي يصوب سهامه إلى مكـامن الجهــل في زوايـا مجتمعاتنـا، المتعطشــة إلىــات ــل المقوم ــير ك ــا يتطلب توف ــذا م ــة. وه ــور العلم والمعرف ن والإمكانــات، عن طريــق إيجــاد منــاخ يكفــل حريــة البحث العلمي والإنتاج الأدبي والنقد السياســي، بمــا يؤهل مجتمعاتنــا لأن تكــونرائدة في ثقافتها منسجمة مع ماضيها، مترقبة لمستقبلها الواعد. ــاريخ وخلال العصــور. ــك هي مســيرة الثقافــات عــبر الت وتلــة، فالتواصل الثقافي بين الأمم أشبه بسلسلة ذات قنوات متداخل كل قناة تأخذ مما قبلها، وتعطي ما بعدها. هكذا كان حال ثقافــات الأمم الغــابرة، من مصــرية ورومانيــة وفارســية ويونانيــة وعربيــة إسلامية، مرورا بثقافة أوروبا في عصر النهضــة والتنــوير، وانتهــاء بالثقافــة المعاصــرة الــتي نعيش في رحــاب نتاجهــا، الــذي يرفــد

الإنسانية بعوامل الرقي والإبداع لما فيه خير البشرية جمعاء. ــر، ــع المعاص ــراط في الواق ــرب عن الانخ ــا كع ــديل لن ولا ب والاهتمام بكل أحداثه ووقائعه وأحداثــه وشــؤونه المختلفــة. وهــذاــا يتطلب البحث الجدي منا عن مضامين معرفية جديدة، بما يؤهلن

ف الإيجابي»لـ مع معطيـات ومواقـع هـذا العـالم، وبالتـالي«التكيــة ــة والثقافيـ ــادية والاجتماعيـ ــياته الاقتصـ ــراط في مقتضـ الانخـ والسياسية، بما يقلل من الخسائر الــتي علينـا دفـع أثمانهــا نتيجــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد299هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ر والانعتــاق في فواتنا التاريخي، ريثما تتوفر شــروط عامــة للتحــرالمستقبل.

فنحن لسنا وحدنا في هذا العالم، كما أننــا لســنا مركــزه، أو غايته، أو منتهاه، بل نحن أمة مثل باقي الأمم والحضارات، لها مــاــة أمم وثقافــات، لا يمكن أن لها وعليها ما عليها. إننا أمة من جمل نتكــور على أنفســنا ونتقوقــع، ونعيش من دون جــيران وأصــدقاء،ــاردة أو ســاخنة، وغــير ذلــك، ولا ــوترات، ومناخــات ب ومصــالح وت نستطيع أن ننعزل عن أي تأثيرات وتطورات قد تحدث في العالم

الذي نعيش فيه. طبعا نحن عندما ندعو أهل وأتباع ثقافتنا الأصيلة إلى أهميــة الانفتاح على العصر وقيم الحداثة المعاصــرة لا نقصــد الغــرق في بحور نتاجاتها الغربية بلا وعي ولا إدراك؛ لأن هنــاك حاجــات ذاتيــة في عمق الإنسان لا تستطيع حتى هذه الحداثة بكــل مــا فيهــا من حيوية وفاعلية ومعان مادية وثقافيــة وفلســفية إشــباعها، فمعــنى الوجود والحياة والغاية والعلة منها لا يمكن لغير الدين أن يشبعها،

عليها. إنها أســئلة الوجــود والخلــق«بمعان وافرة»ويقدم إجابات الأولى.

والقصــة هنــا هي بكــل أريحيــة وبســاطة أن أســئلة الضــمير الفردي حول الوجود، وإجابات الدين حول المعنى والحياة والكون والروح، تعطينــا فكــرة عن أن هــذا الــدين الــذي نطــالب معــاييره وأنظمته الفكرية دوما بالانفتاح على العصر هــو بالأســاس رســالةــة ــة؛ للتربيـ ــروح والنفس الباطنيـ ــردي، إلى الـ ــمير الفـ إلى الضـ والتقـــويم والتكامـــل النفســـي والســـلوكي على ســـلم الكمـــال المعنوي؛ لأن بناء الإنسان من الداخل هــو أســاس حركــة الوجــود

رت عنه مختلف النصوص: الخارجي. هذا ما عب

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد300هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

. «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»�نك لعلى خلق عظ�يم﴿ . ﴾وإين﴿ . ﴾وما أرسلناك إ�لا رحمة ل�لعالم�« . «إنما بعثت رحمة مهداة، ولم أبعث لعانا

إذن، ولتحقيق هذه النهضة الذاتيــة الفرديــة الضــميرية، قبــل الانتقال للخارج، تبــدو الديمقراطيــة بأوجههــا المتعــددة السياســية والاجتماعية ـ إذا صــح التعبــير ـــ في رأس أولويـات هــذا التجديــد، وهذه النهضة المعرفيــة؛ لأن النظــام الــديمقراطي كآليــة إجرائيــة للعمــل السياســي والاجتمــاعي يســمح للــذات الفرديــة )وهي المقموعة على طول مساراتنا التاريخيــة الإســلامية( بــالتعبير عن وجودها الحقيقي، أي يعطي للفــرد قيمتـه الحقيقيـة كــذات حـرة، وتشعره بأهميتــه كطاقــة خلاقــة تحتــاج لرعايــة خارجيــة، ومن ثم لاحقــا تــأتي وتتحــرك مســألة التقــدم الخــارجي، الــتي تســتدعي الانفتاح الكامل على مفــاهيم وطروحــات ومقــولات جديــدة بــاتتــة، معروفة حاليا على نطاق واسع، كالمجتمع المدني، الديمقراطي الدولة الحديثة، المواطنة. وهذا كله يمكن اختصاره بمقولة واحدة

هي: الحكم الصالح. ــتطاعتنا وتبدو أهمية ذلك واضحة إذا أدركنا أنه لن يكون باس حيازة أو تطوير لغة سياسية حديثة، منظمــة ومؤسســة، في بنانــا السياســية والثقافيــة، إذا بقينــا خــارج تسلســل وتــاريخ الأحــداث والتغيرات الهائلة التي تعصف بالعــالم المعاصــر. وهــذا أول وأهم شرط من شــروط الانتظــام في واقــع الحداثــة والتنــوير الحقيقي

المطلوب.

أخلاق المعرفة الدينية ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

301هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـ القسم الثاني ـ

*(*()د. أبو القاسم فنائي

وسيم حيدرترجمة:

. )الإمــام(655)«]العاقــل[ هــو الــذي يضــع الشــيء مواضــعه»(.×علي

وفي ما يلي ندخل في تفاصيل نقد الاستدلال المتقدم. يمكن نقد المقدمة الأولى من هذا الدليل )أي نقصان العقــل

البشري( على النحو التالي.ــد أنأول مسألةوإن ينبغي الالتفات إليها هي أن الذي يري

ـهـ بالإمكــان الاعتمــاد يثبت نقصان العقــل قــد أذعن مقــدما إلى أن على هذا العقل الناقص )على الرغم من نقصــانه(، وأن حكم هــذا العقل في ما يتعلق بمعرفــة التكليــف وجيــه ومعتــبر. أوليس هــذاــات ــذي يتم توظيفــه في الوصــول إلى إثب ــاقص هــو ال العقــل الن

«الوجــوب»ضرورة الوحي وإرسال الرسل وإنزال الكتب وإثبــات ــوب ــو وج ــوب ه ــذا الوج ــريعة؟ أوليس ه ــاع الش العقلي في اتب

أخلاقي؟ ــذا ــل لم يخطئ في ه ــذي يثبت أن العق ــدليل ال ــو ال ــا ه م الاســتدلال، وفي مــا يتعلــق بهــذا المــورد قــد أحــاط علمــا بجميــع الحقائق الحاضرة والغائبة، وجميع النتائج الواضحة والكامنة، وأنــه لم يكن في هذا المورد الخـاص أسـير الأهـواء والرغبـات؟ أوليســة؟ اتباع النقل في معرفة التكاليف أحد الأفعال الإرادية والاختياري هل للعقل في صــدور هــذا التكليــف في مــا يتعلق بجميــع النتــائج

الكلام الجديد وفلسفة الدين. الدين وفلسفة الأخلاق، ومن المساهمين في إطلاق عجلة علم أستاذ في جامعة المفيد، وأحد الباحثين البارزين في مجال)*(*( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد302

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والتبعات الدنيويـة والأخرويـة والغيبيـة وغـير الغيبيـة لاتبـاع النقـل إشراف وإحاطة علمية وقطعية ويقينية؟ ما هو الدليل الــذي يثبت

، بمعنى إلغاء العقل في مقابل النقل، واتبــاع«النزعة النقلية»أن المنقولات المخالفة للعقــل، تضــمن لنــا كمــال الســعادة الدنيويــة والأخرويــة على نحــو أفضــل؟ ألا يعتــبر تعطيــل العقــل في حــدود الأخلاق، وإحلال النقـــل محـــل الأخلاق، أهم أســـباب انحطـــاط المسـلمين ومــا حــل بهم من المصــائب؟ ألا يســعى هــؤلاء الــذين يدعون نقصان العقل ـ من خلال التمسك بهذا الاستدلال العقلي ـ

»إلى أن يثبتــوا في الحــد الأدنى ــا ــا ووظيفــة أخلاقيــة«واجب عقلي تفوق الدين، ألا وهو وجوب اتباع الشريعة والوحي والنقل؟ وعليه فالســؤال الــذي يتبــادر إلى الــذهن هــو: مــا هــو الفــرق بين هــذا الوجوب العقلي وفوق الديني وهذه الوظيفة الأخلاقية وبين ســائر الواجبات والمحظــورات العقليــة وســائر الوظــائف الأخلاقيــة ومــا وراء الدينية، التي تكون طبقا لادعاء أصحاب هذا الاستدلال فاقدة

للاعتبار؟ وعلى هذا الأساس يمكن لنــا أن نســتنتج أن هــذا الاســتدلال يشتمل على مفارقة واضحة، وأنــه ينــاقض نفســه؛ إذ كيــف يمكن للعقل الناقص والخاضع للأهواء والرغبات أن يكــون معصــوما منــاع ــوب اتب ــه ووج ــة لل ــق الطاع ــات ح ــا يتعلق بإثب ــأ في م الخط الشريعة، ولا يكون معصــوما في مــا يتعلق بــالتعرف على حقــوق الإنسان والأخلاق الاجتماعية القائمة على هــذه الحقــوق، والقــول بإمكان وقوعه في الخطأ، وأن مجرد هــذا الاحتمــال يســقطه عنــد ــه في تحدي ــاد علي ــاس الاعتم ــق للن ــة، فلا يح ــار والحجي الاعتبــرع أن حقوقهم وواجباتهم؟! كيف يمكن للعقل المستقل عن الش يعجز عن فهم طبيعة الإنسان وحقوقه، ولكن باستطاعته أن يفهم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد303هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

طبيعة الله وحق اللــه؟ ومضــافا إلى ذلــك ألم يختلــف النــاس فيضرورة اتباع الوحي والنقل؟

: إن الرجــوع إلى النقــل لا يقضــي على تــأثير الأهــواءوثانيا والرغبات على العقل، ولا يزيــل نقصــان العقــل؛ لأن وصــولنا إلى الشــريعة لا يكــون بلا واســطة، وإنمــا الوصــول إلى الشــريعة يتم دائما عبر توسيط هذا العقل المشوب والناقص والخــاطئ. وربمــاــراءة ــة الشــريعة من خلال ق ــل في فهم ومعرف ــذا العق أخطــأ ه

النص، وقد يقع تحت تأثير الأهواء والرغبات النفسية أيضا. : لو أراد شخص أن يستنتج من نقصان العقل ووقوعهوثالثا

في قبضة الأهواء إلغاءه في ما يتعلق بأخلاق البشر، واللجــوء إلىدــلا منــه، لا يمتلــك أي دليــل مقنــع على الســؤال الشرع والنقــل ب

. أفلا يكون خلق هذا العقل«لماذا خلق الله العقل أصلا؟»القائل: ـ الذي لا ينفع الإنسان في تحديــد وظائفــه وحقوقــه، ولا يســتطيع من خلاله الحكم بحسن الأشياء وقبحها، وصحتها وبطلانها، واتخــاذ القرارات القائمــة على تلـك الأحكـام ــ عبثـا ولغـوا؟ ألم يكن من الأفضل لو أن الله خلق الإنسان فاقدا للعقل؟ ألن يكون الإنســان غير العاقل أكــثر إطاعــة وانصــياعا للأوامــر الإلهيــة، وأكــثر إذعانــا وامتثالا لأوامر أولئك الذين يدعون تمثيــل اللـه، وأســلس خضــوعا

وانقيادا للشريعة النقلية؟ إن الإجابة الــتي تقــدم عن هــذا الســؤال عــادة هي أن خلــق العقل ليس لغوا، ولا عبثا؛ إذ بإمكان العقل أن ينشط في مساحة أصول العقائد، وإن الشــرع يــرى حكم العقــل في هــذه المســاحة حجـة ومعتـبرا، وهـذا المقـدار يكفي في إخـراج خلـق العقـل عن

اللغو والعبث. ولكن هذه الإجابة غير مقنعة، للأسف الشديد؛ إذ:

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد304هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

: إن القول بنقصـان العقـل ووقوعـه في قبضـة الأهـواءأولاره بالأمور المانعــة من معرفــة الحقيقــة، لا يقتصــر والرغبات، وتأثــاحة أصــول ــري حتى على مس ــا يج ــة، وإنم ــام العملي على الأحك العقائد أيضا. ومن هــذه الناحيــة لا يوجــد أدنى اختلاف بين العقــل النظري والعقل العملي، أو بين أصول العقائــد والفــروع العمليــة، وخاصة إذا التفتنا إلى أن نشاط العقل في مساحة أصول العقائــدــتي تســود التفكــير هــو الآخــر رهن بتشــخيص القيم والمعــايير ال والتحقيــق )أســاليب التفكــير والتحقيــق(، وإن الكشــف عن هــذه القيم والمعايير والحكم بشأنها يتبعان أسلوبا ومنهجا واحدا. فنحن البشــر في مــا يتعلق بالمســاحة الأخلاقيــة )ســواء أخلاق التفكــير والتحقيـــق أو أخلاق الســـلوك( لا نمتلـــك غـــير الظن، وفي كلاــواء ــأثير الأه ــع تحت ت ــل، ونق ــاني من نقصــان العق ــوردين نع الم والرغبات النفسية، ولا نحيط علما بجميع جوانب الموضــوع، وفي كلا الموردين يكون هناك اختلاف في الآراء بين الناس. فــإذا كــان الدليل إلى حاجة الإنسان إلى الوحي يكمن في نقصان عقله فإن هذه المشــكلة قائمــة حتى في مســاحة أخلاق التفكــير والتحقيــق أيضا، ولا تختص بأخلاق السلوك فقط. وعليه إذا قبلنا بهذا الــدليلن علينا إلغاء وتعطيل الإلهيات العقلية والطبيعيــة أيضــا، وأن لا تعي نعتمد على العقل المســتقل في مجــال العقــل النظــري ومعرفــة

الأمور الاعتقادية. : إن للوحي الكثير مما يقوله في أصول العقيدة أيضا،وثانيا

ــا إذا لم نقل: إن التعاليم السماوية في هذا المجال أكثر وأهم منه في الفروع والأحكام العمليــة، وإن الأمــور الغيبيــة الموجــودة في أصول الدين أكثر منها في فروع الدين. والســؤال المطــروح هنــا:

لماذا لا يتوقف القول بالتعاليم السماوية في مجال العقائــد على» . وإن الإجابــة الصــحيحة عن هــذا«إلغاء العقل ونفي الحجية عنه؟

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد305هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــؤال تثبت ــتغني عنأولاالس ــد لا يس ــل حتى في العقائ : أن العقالــوحي أيضــا؛ من العقــل والــوحي حجــة في هــذاوثانيا : أن كلا

المجال. وفي الحقيقة فإن الفصل والتفكيك بين العقــل والــوحي، وتقسيم الوظائف بينهما على النحو المتقــدم، والقــول باختصــاص حجية العقل بالأمور العقائديـة، واختصــاص حجيـة الـوحي بـالأمور

الفرعية والعملية، ليس صحيحا. ويبدو أن الفصل بين العقل والنقــل، وتقســيم منــاطق نفــوذ كل واحد منهما على النحو المتقدم، إنما هو ناشئ عن افتراض لاــوع يتم التصريح به عادة. وهذا الافتراض يقول: )للحيلولة دون وق

ــول بحكمـــه بـ ــ ــد القب ــ ــأ يجب تقيي ــ «القطع»العقـــل في الخطــور«اليقين»و ــيله في الأم ــع واليقين يمكن تحص ــذا القط . وإن ه

العقائدية، وأمــا في الفــروع العمليــة فلا يمكن تحصــيله في أغلبــوع إلى ــال من الرج ــذا المج ــة في ه ــذلك لا مندوح ــوارد، ول الم

الوحي(. وبعبارة أخرى: يقول السائل: ما الــذي يجب فعلــه من أجــل الحيلولة دون وقـوع العقــل في الخطـأ، والمنــع من تــأثير الأهــواء

وسائر الأمور الأخرى، التي تحول دون إدراك العقل للحقيقة؟ إن الإجابة التي يقدمها أكثر المسلمين، من الشيعة والســنة،

والعلماء وغيرهم، عن هذا السؤال ما يلي : لإثبات الاعتبار«اليقين» و«القطع»ـ يجب اشتراط حصول 1

والحجية لحكم العقل. ــق بــالموارد الــتي لا نحث فيهــا على القطــع2 ـــ في مــا يتعل

واليقين يجب علينا الرجوع إلى الوحي من طريق النقل. ــذا ــؤلاء عن ه ــدمها ه ــتي يق ــة ال ــرى: إن الإجاب ــارة أخ وبعب

السؤال كالتالي:

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد306هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ـ إن الظن العقلي )الظن المستند إلى الشهود والاستدلال1العقلاني( ليس حجة.

ــوص2 ــاهر النص ــتند إلى ظ ــ إن الظن النقلي )الظن المس ـالدينية( حجة.

ــارض بين الظن العقلي والظن3 ــوع التع ــد وق ــه، عن ــ وعلي ـ النقلي يكــون التقــديم دائمــا للثــاني )وإن الظن النقلي لا يســقط عن الاعتبــار إلا عنــد تعارضــه مــع القطــع العقلي أو الظن النقلي

الأقوى منه(. ـ وعليه فإن علم الفقه المستند إلى الظنون النقلية مقــدم4

ــو ــل الأول ه ــة، ب ــون العقلي ــتند إلى الظن على علم الأخلاق المس. (656)البديل عن الثاني

أرى أن هذا الافتراضات والأدلة الكامنة خلفها هي التي أدتــة، ــرع، وزوال العقلاني ــتقل عن الش ــل المس ــاء دور العق إلى إلغ وإحلال الفقــه محــل الأخلاق في الثقافــة الإســلامية؛ وأنهــا هي الســبب الــرئيس في بــؤس المســلمين، والمنشــأ الأساســي في انحطاط الحضارة الإســلامية، والبــذرة الأولى لتخلف المجتمعــات الإسلامية عن ركب العلم والحضارة البشرية. ولذلك فإنهــا تحتــاج

. فــإن كــان هنــاك من يســعى إلى(657)إلى دراســة عميقــة وجــادةــاج العلم، إحياء الحضارة الإسلامية، والقيام بحركة تفضــي إلى إنت فــإن الطريــق إلى ذلــك يتم عــبر تحريــر العقــل من قيــود النقــل، والــدعوة إلى توســيع التحقيــق العقلاني الحــر، وليس عــبر فـرض القيود على حرية التعبير، وتقييم نتائج التحقيق العقلاني بمقيــاســا: المنقولات. وإن أقل ما يقال في حق الافتراضات المذكورة آنف إنها لا تنسجم من الأساس مع مقتضــيات العقلانيــة. وإن مقتضــى

العقلانية في هذه الموارد عبارة عن:

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد307هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـ إن بعض الظنون العقلية )والتجريبية( معتبرة وحجة. 1ـ إن بعض الظنون النقلية معتبر وحجة أيضا. 2 ـ إذن، عند حصول التعارض بين الظنون يكون المقــدم هــو3

الظن الأقوى، دون فرق بين أن يكون كلاهما عقلي )أو تجريــبي(،. (658)أو نقلي، أو أحدهما عقلي )أو تجريبي( والآخر نقلي

وهناك الكثير من الأدلــة على اعتبــار بعض الظنــون العقليــة؛ ــدليل مختص بمجــالفــأولا : إن القطــع واليقين المســتند إلى ال

ــرى ــارف الأخ ــالات المع ــائر مج ــا س ــيات، وأم ــق والرياض المنط . وعليـه لـو حصـرنا حجيـة(659)فليست في متناول العقل البشــري

واعتبار العقل بحصول القطع واليقين فإننــا ســنعمل في الحقيقــة على تعطيله وإلغاء دوره، وإن تعطيل العقل يســتلزم هــذا القــول غير المعقول، وهو أن الله قد خلــق العقــل لغــوا وعبثــا. هــذا وإن الاستدلال مورد البحث لصالح تعطيل العقل وتقديم النقل عليه لو

كان معتبرا فإنما يفيد الظن، دون القطع واليقين. ــا : إن المطالبــة بتحصـــيل القطـــع واليقين في مـــواردثاني

تعذرهما لا تنسجم مع العقلانيــة؛ إذ لا تختلــف هــذه المطالبــة عن المطالبة بصنع المستحيل! إن الطرق والمنافذ المختلفــة لكســب المعرفة وتبرير الاعتقاد ما دام احتمال صوابها يغلب على احتمال الخطأ فيها، تعد موثوقة ومعتبرة، وإن تحصــيل الظن بصــدق أمــر ما يعني أن احتمال صدقه يفوق احتمــال كذبــه. فالعقــل لا يأمرنــا بالإعراض عن الظن والاحتمال بشكل مطلق، وإنمــا الــذي يريــده

العقل منا هو: ـ أن نقيس درجة تعويلنا وتمسكنا بــالأمر أو الحكم )أ( إلى1

درجة ظننا المستدل به، وأن لا نلتزم أو نرتب الآثار على الأمــر أو الحكم بما يفوق أو يقل عن الحد المناســب، وعنــدما يكــون لــدينا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد308هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــع واليقين، وأن دليل ظني لصالح ما ندعيه علينا أن لا ندعي القطلا نتعامل مع ظنوننا معاملة القطع واليقين.

ـ عند قيام التعــارض بين الأمــر أو الحكم )أ( وبين الأمــر أو2 الحكم )ب(، الذي يحظى بدعامــة ظنيــة أقــوى، أو إذا عثرنــا على دليــل جديــد يخــالف الأمــر أو الحكم )أ(، وكــان أقــوى من الــدليلد لهذا الأمــر أو الحكم، وجب علينــا إمــا التخلي عن الأمــر أو المؤي الحكم )أ(؛ أو أن نتصرف بشكل موجــه في مضــمون مــا نعتقــده؛

حتى يتم حل هذا التعارض لصالح المعتقد والدليل الأقوى. : إن حجيــة الظنــون النقليــة إنمــا تثبت من خلال الظنثالثا

العقلي أيضـــا، دون القطـــع العقلي؛ إذ لا ينتفي احتمـــال الخطـــأــة. وفي ــون النقلي ــة الظن ــام الاســتدلال على حجي العقلي في مق الوقت نفسه لا يعقل التفريــق بين الظنــون العقليــة )والتجريبيــة(

الصــدق،«احتمــال»والظنون النقلية؛ إذ إن المهم لدى العقل هــو «الوصــول» من الحقيقة. وهذا الاحتمال عندما يتعذر «الاقتراب»و

إلى الحقيقة تكــون لــه قيمتــه، ويكــون معتــبرا، ســواء حصــل منطريق الأدلة العقلية )والتجريبية( أو من طريق الأدلة النقلية.

إن أهم دليل على حجية الظنون النقلية هو منهج أو أســلوبر عنه بـ )السيرة العقلائية(. إلا أن هــؤلاء العقلاء العقلاء، أو ما يعب الذين يعملون بـالظنون النقليــة في ظــل ظــروف معينــة يعملــون أيضا بالظنون العقلية والتجريبية في ظــل ظــروف مشــابهة. وهم أنفسهم يعملون على طبــق الظن الأقـوى عنــد حصــول التعــارض بين الظنــون المختلفــة. كمــا أنهم لا يعملــون بــذلك الخــبر وذلــك الظاهر عند عدم انسجام مضمون خبر الواحــد وظــاهر الكلام مــعــك المعتقدات الظنية العقلية )أو التجريبية( الأقوى. وعلى من يش

في ذلك أن يتحرى حقيقة الأمر بنفسه.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد309هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن ظاهر الكلام وخبر الواحد الصادر عن»إن الادعاء القائل: لا يقبــل إلا في بعض«الثقــة حجــة، إلا في حالــة القطــع بــالخلاف

الحوزات العلمية. أما العقــل الســليم والعــرفي لعامــة البشــر فلا يصدر مثل هــذا الحكم. فلا وجــود لمثــل هــذه الســيرة بين العقلاء خارج الحوزة العلمية. وعلى هذا الأساس نجــد أن العلمــاء الأعلام قد أخطأوا في تشخيص حكم العقل وسـيرة العقلاء بهــذا الشـأن. ولذلك لا يمكن أن نعثر للعقلانية الفقهية السائدة على دليل خارج الحوزات العلميــة، وفي ســائر المســاحات المعرفيــة. فمن وجهــة

،«مطلقة»نظر العقلاء لا تكون حجية الظهور وحجية خبر الواحــد ة، ومن أكــثر هــذه الشــروط وإنمــا هي مشــروطة بشــرائط خاصــ تأثيرا أن لا يكون مضــمون الخــبر أو ظــاهر الكلام معارضــا للظن

الأقوى منه. فلنعد إلى أصل الاستدلال، ولنفترض أننا آمنا بنقصان العقل البشري في مجال الأخلاق. والادعاء هنا أن نقصان العقل لا يكون في حــد ذاتــه دليلا صــالحا للتشــكيك الأخلاقي، وإلغــاء دور العقــل

ونفي اعتباره في دائرة الأخلاق. يجب علينـا أن نـرى مـا هـو الطريـق الـذي يمكن من خلالــه التقليل من نقصان العقل، أو كيفيــة رفــع هــذا النقصــان إذا أمكن ذلك؟ إن نقصان العقــل البشــري في إدراك القيم الأخلاقيــة ليس ذاتيا، ولا أبديا، بل هو أمر عارض وزائـل. ويمكن رفعــه من طــرق أخــرى غــير الرجــوع إلى الــوحي والنقــل أيضــا. وحيث إن طريــق التعويض ومعالجة هذا النقص غير منحصــرة بــالرجوع إلى الــوحي والنقــل، بــالمعنى الاصــطلاحي للكلمــة، فلا يمكن لنــا أن نثبت أود من هذا الطريق تبعيــة الأخلاق المنطقيــة والمعرفيــة للــدين. نؤي فمن الناحية الدينية هناك طرق أخــرى غــير الــوحي يمكن للــه أن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد310هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

يوظفهــا، أو قــام بتوظيفهــا، من أجــل هدايــة وإرشــاد النــاس إلى الهدايــة الأخلاقيــة والعمليــة. فــإن الإلهــام والشــهود والإرشــادات الأخلاقية التي يعيش الناس تجربتهــا في حيــاتهم اليوميــة تعــد من أهم مصادر المعرفــة الأخلاقيــة، وهي نــوع من الــوحي. وقــد روي

ت آلاؤه، في البرهــة» أنه قال: ×عن الإمام علي ما بــرح للــه عــزــرهم، ــاهم في فك ــاد ناج ــترات، عب ــان الف ــة، وفي أزم ــد البره بع

. (660)«وكلمهم في ذات عقولهم وبطبيعــة الحـــال ليس هنـــاك من طريــق أو وســـيلة يمكن بواسطتها رفع نقصان العقل البشــري بشــكل كامــل، ولكن يمكن

العمل على التخفيــف من هــذا«الممارسة» و«التجربة»من خلال النقص والتقليل منه إلى حد مقبول. وعليه فإن إلغــاء دور العقــل وإحلال النقــل محلـهـ لن يحــل المشــكلة، بــل ســيؤدي إلى ظهــور مشاكل أخرى، أقلها إبقاء نقصان العقل كما هــو إلى الأبــد )وهــذاــام ما يسعى إليه البعض للأسف الشديد(. إن مران العقل في مق النظر رهن بحرية التفكير والبيان وما وراء البيان، كما هو متوقف على الاعتراف بحق الإنسان في اختيار العقائـد والأفكـار. كمــا أن مرانه على المستوى العملي رهن بحريته في مقام اتخــاذ القــرار والعمل. لو كان الأمر كمــا يــدعي الأصــوليون، من تحديــد تكليــف البشر في جميع المسائل العامة والخاصــة، وأنــه مــا على النــاس في معرفة وظائفهم سوى الرجوع إلى النقل، فسوف لا يبقي أي مجال لنمو العقل العملي لدى النــاس، وهــذا يتنــافى مــع فلســفة بعثة الأنبياء. وبطبيعة الحال فإن حرية التفكير والاختيـار لا تتنـافى

القيم والسنن العقلانية التي تهــدي التفكــير والعمــل،«وجود»مع الشــريعة والـوحي )وإن كــانت تنـافي إكـراه«وجــود»وكذلك مــع

ــة ــل الحكومـ ـ ــد من قب ــذه القيم والتقاليـ ــاع هـ ــاس على اتبـ النـ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد311هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والمؤسســات النافــذة(. وعلى هــذا الأســاس إذا كــان الأمــر بــأن تكــون شــريعة النقــل جامعــة وشــاملة، تســتوعب جميــع أعمــال وســلوكيات الإنســان الفرديــة والاجتماعيــة من المهــد إلى اللحــد،

النقــل» و«يحــل الفقــه محــل الأخلاق»بمعنى إذا كــان الأمــر بـأن محــل«شــريعة النقل»، وإذا كــان الأمــر بــأن تحــل «محــل العقل

، وإذا كــان الأمــر بــأن يقــوم«شــريعة العــرف» و«شريعة العقل» الفقه على إغناء الناس عن سائر العلوم الأخلاقية، لن يبقى هناك مجال لاتخاذ القرارات العقلانية، وتبعا لذلك لن يكون هناك أرضية

لتطوير الإنسان على المستوى العقلي. ومضافا إلى ذلك، لنفــترض أن العقــل البشــري نــاقص فــإن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل تم رفع هذا النقصان من خلال جعل الأحكام الشرعية؟ وهل يمكن رفع هذا النقص أساسا؟ نحن نرى أن نقصان العقل إنما يتم التعويض عنه ـ وذلك إلى حــد مــا ـ من خلال الرجوع إلى ذات العقل، وليس من خلال إلغائه وتعطيلهــذا في مقابل النقل. وإن من بين الأدلة التي يمكن إقامتها على ه

الادعاء ما يلي: . «معرفتها» بتعاليم الوحي لا بد من «نعمل»ـ لكي 1. «فهمه» الوحي من «معرفة»ـ لا بد لـ 2. (661)«تفسيره» الوحي من «فهم»ـ لا بد لـ 3دـ لـ 4 ـ ــ لا ب ــير»ـ ــف «تفس ــوحي من توظي ــات» ال «المعلوم

السابقة. ـ لتوظيف المعلومات السابقة يجب قبل كــل شــيء فصــل5

،«غــير ذات الصــلة» عن المعلومــات «ذات الصــلة»المعلومــات عن«المعتبرة»ومن ثم العمل على فصل المعلومات ذات الصلة

. «غير المعتبرة»المعلومات ذات الصلة

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد312هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــــ لكي نتمكن من فصـــل المعلومـــات ذات الصـــلة عن6 المعلومات غير ذات الصلة، والمعلومات المعتبرة عن المعلومات

ــوانين ، أي«العقلانية»غير المعتبرة، تجب الاستعانة بالمعايير والق الشـــهود» و«شـــريعة العقل» و«العقل»علينـــا أن نســـتعين بـ

. «العقلي وعلى هــذا الأســاس فــإن وصــول النــاس إلى الــوحي وحكم الشرع لا يكون مباشرة ومن دون واسطة، بل إنهم يتوصلون إلىــل الخــاطئ، ولا يمكن ــذا العق ــوحي وحكم الشــرع من خلال ه ال حذف هذه الواســطة. إن الــدين إنمــا يخــاطب العقــل، وإننــا إنمــا نحصــل على رســالة الــدين، ونــدرك هــذه الرســالة، من خلال الاســتعانة بالعقــل، وإن محــدوديات هــذا العقــل حاضــرة في فهم الــدين وتفســير النصــوص الدينيــة أيضــا. وإن احتمــال الخطــأ في المعرفــة الدينيــة ومعرفــة الشــريعة )علم الفقــه( ليس بأقــل من احتمــال الخطــأ في المعرفــة الأخلاقيــة ومعرفــة القيم الأخلاقيــة

ــات(662))علم الأخلاق( . إذا لم يكن لدى العقل طريق إلى المعلوم اللازمة لتشخيص القيم والقواعد الأخلاقية بشــكل كامــل وقطعي ســيواجه هــذه المشــكلة في تشــخيص التعــاليم الإلهيــة والأحكــام الدينية أيضا، هذا إذا لم نقل: إن المشكلة في هذا المورد ستكون

أشد وأعمق. هـذا، مضـافا إلى أن الأنـا والمصـلحة وخــداع الـذات وخـداع الآخر قد تحضر في مقام فهم وإدراك أحكام الشرع أيضا، فتحول دون الفهم الصحيح لهذه الأحكام، بمعنى أن العوامل الــتي تحــول دون إدراك القيم الأخلاقية بشكل صـحيح إذا لم نقــل: إنهــا تحــول بالأولوية دون إدراك الأحكام الشرعية فإنها في الحد الأدنى تحول دون ذلــك بنفس الحجم والمســتوى أيضــا؛ فــإن المعرفــة الدينيــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد313هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

والفقهية للناس ـ كما هو الحال بالنسبة إلى معـرفتهم الأخلاقيـة ـرات، وليسـت بمنجى من ر بمختلـف العوامـل والمـؤث عرضة للتـأث الأهواء والرغبات والميول والنزعات النفسية والمطامع الدنيويــة. ولذلك كان علم الفقه ـ مثل الكثــير من العلــوم البشــرية ـــ علمــا

« ــا . وإن فتــاوى الفقهــاء ـــ في أفضــل حالاتهــا ـــ نتــاج هــذه«ظنيالظنون.

وبعبارة أخرى: إن هذا الدليل، بدلا من أن يبين تبعية الأخلاق للدين على المستوى المعرفي والمنطقي، وضرورة إحلال الفقــه محل الأخلاق، يثبت تبعيــة الــدين وأخلاق الســلوك على المســتوى المنطقي والمعــرفي لأخلاق التحقيــق والتفكــير. إن أخلاق البحث والتحقيق والتفكير مجموعــة من القواعــد والقيم المعرفيــة الــتيك بها في مقام التفكير والتحقيق إلى اقــتراب العقــل يؤدي التمســأ، ــه في الخط ــال وقوع ــة، ويقلل من احتم ــري من الحقيق البش ويحول قدر الإمكان دون تدخل الهــوى والحــرص والطمــع والحب

. إن التفكير الديني والتفكير الأخلاقي(663)والبغض في حكم العقلــل: إن بحاجة إلى أخلاق البحث والتفكير بنفس المقدار، إذا لم نق

حاجة التحقيق والتفكير الديني إلى الأخلاق أكثر وأشد. ــخيص القيم ــأ في تش ــل من الخط ــا يمكن التقلي ــه إنم وعليــاع قيم وضــوابط أخلاق البحث ــة من خلال اتب والوظــائف الأخلاقيــيره من ــة، وتطه ــائل المعرفي ــذهن بالفض ــليح ال ــير، وتس والتفكــوحي والنصــوص ــوع إلى ال ــرد الرج ــة. وإن مج ــل المعرفي الرذائــوى الدينية في هذا الشأن لا يحل المشكلة، ولا يقلل من خطأ الق الإدراكيــة. وهــذا الحكم يصــدق أيضــا في مــورد إدراك وتشــخيص

. (664)الأحكام الشرعية أيضا لقد عمد فلاسفة الأخلاق؛ من أجــل رفــع الموانــع والعقبــات

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد314هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الماثلة في طريق تحصيل المعرفة الأخلاقية، والحيلولة دون تأثيرر والأنا والمصالح والتقليد وما إلى ذلك، أو عوامل من قبيل: التكب الحد من تأثيرها في العقل العملي، إلى تقديم مختلف الأســاليب. وإن آليــة فلســفة الأخلاق أساســا تكمن في أنهــا تســاعدنا في تشـــخيص الحكم الأخلاقي. ومن هـــذه الناحيـــة لا فـــرق بين علم الأخلاق وسائر العلوم الأخرى، فكمــا أن نقصــان العقــل واحتمــال ل دليلا خطأ الفرد في مجال الفلســفة والعلــوم التجريبيــة لا يشــك صالحا للتشكيك الفلسفي والعلمي، وإحلال الدين واللاهوت محل الفلسفة والعلــوم التجريبيــة، كــذلك الأمــر في مــورد علم الأخلاق

. (665)وإحلال الفقه محلهــفة إن لكل علم منطقه الخاص، وإن منطق الأخلاق هو فلس

. وكما أن التعاليم الدينيــة في بــاب الفلســفة والعلــوم(666)الأخلاق التجريبيـــة لا تجعـــل الإنســـان مســـتغنيا عن الفلســـفة والعلـــوم التجريبيـــة فـــإن التعـــاليم الدينيـــة في بـــاب الشـــريعة والأخلاق الاجتماعية لا تجعــل الإنســان في غــنى عن علم الأخلاق وفلســفةــة الأخلاق أيضا. وكما يلهم الله الإنسان الحقائق الفلسفية والعلمي من طريق العقل والتجربـة فـإن بإمكانـه أن يلهمــه ويعلمـه القيم

الأخلاقية من طريق علم الأخلاق وفلسفة الأخلاق أيضا. ومضافا إلى ذلك فإن الاستفادة من التعاليم الدينية في باب

ــك ــير؛ وذل ــف على التنظ ــريعة والأخلاق تتوق ــذهأولاالش : لأن هالتعاليم بحاجة إلى تفسير وشرح، : لأنها تتعارض في بعضوثانيا

الموارد فيما بينهــا، وفي بعض المــوارد تعــارض العقــل والوجــدان والتجــارب البشــرية. وعليــه فــإن المؤمــنين ســوف يحتــاجون في تفسير هذه التعاليم، ورفـع التعــارض فيمـا بينهـا من جهــة، وفيمـا بينها وبين سائر المصادر المعرفية الأخرى، إلى مقدمات متنوعة،

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد315هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

سواء أكانت دينية أو غيرهــا، وإلى نظريــات أخلاقيــة ومــا وراءهــا، وإلى غــير ذلــك من الأمــور والمقــدمات. وعليــه لا يمكن للــوحي والنقــل أن يحــل محــل العقــل والوجــدان في دائــرة الأخلاق، ولا يمكن له أن يسد الفراغ الحاصل في ظل غيابهما. وعليه لا يمكنــذا ك به ــ ــرة الأخلاق من خلال التمس ــل في دائ ــل دور العق تعطيــو أن الدليل، والعمل على إحلال علم الفقه محل علم الأخلاق. ولــاذ ــة، ولم يتمكن من اتخ ــة القيم الأخلاقي ــل عجــز عن معرف العق القرارات على أساس المعايير الأخلاقيــة، لن يكــون حتى بمقــدور الوحي أن يحل مشكلته. ولــو كــان عقــل الإنســان ناقصــا وواقعــاــأثر تحت تأثير الأهواء والرغبات )وهو كذلك( فإن هــذا النقص والت سيلازمه حتى في فهم الوحي أيضا، وسيحول دون الفهم الصحيح

والقطعي واليقيني للوحي أيضا. إن النصوص الدينية بحاجــة إلى شــرح وتفســير وتــبرير، وإذا لم يتم درج هــذه التعــاليم والنصــوص الدينيــة في دائــرة الســلوكــا ضمن نظرية أخلاقية متكاملة ومقنعة لن يكون بالإمكان توظيفه والاستفادة منها والتعويل عليهــا، هــذا إذا لم نقــل: إنهــا لن تكــون مفهومة أصلا. وحيث إن شرح وتفسير التعــاليم الــواردة في هــذه النصـــوص رهن بـــالرجوع إلى العقـــل والوجـــدان والاســـتناد إلىــاليم ــإن التع ــال الأخلاق ف ــة في مج ــة والوجداني ــام العقلي الأحك الشرعية الموجودة في هذه النصوص لن تلبي حاجة الإنسان إلى

العقل والوجدان في دائرة الأخلاق أبدا. : إن هــذا الادعــاء لا ينســجم مــع مضــامين النصــوصرابعــا

ــه ــة تقــول: إن إرشــادات الل ــة. فــإن هــذه النصــوص الديني الدينيــة. الأخلاقية تلهم للإنسان من طريق الوجدان أو الفطــرة الأخلاقي

ومن ذلك: قوله تعالى:

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد316هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ا فجورهــا وتقواها﴿ـ واها * فألهمهــ ﴾ونفس وما سـ(. 8 ـ 7)الشمس:

ــو ألقى﴿ـ يرة * ول ــ� ه� بص ان على نفســ� ــل الإ�نســ ب(. 15 ـ 14 )القيامة: ﴾معاذ�يره

امة�﴿ـ م ب�النفس� اللو (. 2 )القيامة: ﴾ولا أقس�ــ وروي عن الإمــام علي ــه قــال: ×ـ ــا لنفســك» أن كفــاك أدب

. (667)«اجتناب ما تكرهه من غيرك : إن الرجوع إلى الدين والنصــوص الدينيــة من أجــلخامسا

ــل ــاس لم ينجح في ح معرفة القيم والقواعد المنظمة لسلوك الن الخلافات بين الناس على المستوى الأخلاقي، بل فاقمت من هذهــوم الخلافات بمعنى من المعاني؛ فإن علم الفقه ـ مثل سائر العلم. ومن ــ الأخرى ـ كان ولا يزال وسيبقى حلبة لنزاع وجدل لا يحس جهة أخرى فإن إمكان معرفــة القيم الأخلاقيــة من طريــق العقــل والوجدان لا يتنافى مع اختلاف الناس في هذا المجال؛ لأن الناس لا يستفيدون من عقلهم في جميع الموارد، وليست لديهم الجــرأة

ــرون من ــا يف ــرون إنم ــا يف ــثر م ــير، وهم أك «الحرية»على التفكــع النــاس لا يعرفــون«الــوعي»و . وبالإضــافة إلى ذلــك فــإن جمي

الأساليب الضرورية للحد من الأهواء والرغبات النفسية والمطامعــذه الشخصية عند تشخيص الحكم الأخلاقي، أو إنهم لا يوظفون ه الأساليب. وعلى أي حــال فــإنهم يتجنبــون نقــد التقاليــد الأخلاقيــة

التي ورثوها من أسلافهم. إن اختلاف الآراء الأخلاقية لا تخلو؛ فهي إما قابلة للحسم؛ أوــة غير قابلة للحسم. وإن الخلافات من النوع الأول تنشأ من حقيق أن الناس في المواقف الأخلاقية الــتي يتخــذونها يركنــون التفكــير والنظر العقلاني جانبا، ولا يعملــون على توظيــف عقلهم بالشــكل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد317هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

المطلــوب أو الصــحيح. ويبــدو أن اختلاف الآراء الأخلاقيــة ـــ الأعم من تلك التي تقبــل الحــل والــتي لا تقبــل الحــل ـــ إنمــا تنشــأ من

المناشئ المختلفة التالية: ـ الاختلاف في تشخيص ومعرفة الحقائق ذات الصلة. 1 ـ الاختلاف في القواعــد الأخلاقيــة ذات الصــلة، وفي فصـل2

العوامــل الأخلاقيــة ذات الصــلة عن العوامــل الأخلاقيــة غــير ذاتالصلة. ــل: حب3 ــة، من قبي ـ الميول والرغبات النفسية غير الأخلاقي

الأنا والذات. إن الاختلافات من النوع الأول في الحقيقة ليست اختلافــات

، بـــل هي أولا وبالـــذات اختلافــات علميـــة أو فلســـفية«خالصة» وكلامية، من قبيل: الاختلاف في الحكم الأخلاقي لإسقاط الجنين؛

ــة الأخلاقية» و«الهوية»بســبب الاختلاف في للجــنين،(668)«المنزل وتبعا لذلك الاختلاف في أن إسقاط الجنين هل هو مصــداق لقتــلــون ــل يكـ ــذا القبيـ ــوارد من هـ ــة أم لا؟ في المـ النفس المحترمـ الاختلاف الأخلاقي اختلافا بنائيا، ينشأ عن اختلاف أعمــق في بــابرا في الفرضــيات العلميــة أو الفلســفية والكلاميــة، ممــا يعــد مــؤث تحديــد الهويــة والمنزلــة الأخلاقيــة لموضــوع البحث. وإن هــذا الاختلاف لا يقبــل الحــل من خلال الرجــوع إلى النصــوص الدينيــة؛ لأن هذا الاختلاف أولا وبالــذات اختلاف موضــوعي، وليس اختلافــا

حكميا. ــاني فهي اختلافــات أخلاقيــة ــوع الث وأمــا الاختلافــات من الن

، وتعــود إلى الاختلاف في مجــال النظريــة الأخلاقيــة، أو«خالصة» الاختلاف في أســلوب تــبرير الأحكــام الأخلاقيــة. وهــذا النــوع من

الاختلاف لا يقبل الحل من خلال الرجوع إلى الدين أيضا.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد318هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

إن الاختلافات الناشئة من المنشــأ الثــالث ليســت اختلافــات أخلاقية، ولا هي من الاختلاف العلمي أو الفلســفي والكلامي. وإن هــذه الاختلافــات أولا وبالــذات لا تنــدرج في دائــرة الحقــائق ذات الصلة، ولا في دائرة الحكم الأخلاقي المترتب على تلك الحقــائق. وبعبــارة أخــرى: إن هــذه الاختلافــات تنشــأ من الأهــواء والميــولــكل اختلاف ــتي تتجلى على ش ــية ال ــات النفس ــات والنزع والرغب أخلاقي. وفي هــذه الفرضــية لا يكــون موقــف أحــد الطــرفين أو كليهمــا موقفــا أخلاقيــا بـالمعنى الخــاص للكلمــة، بمعــنى أنهمــا لا ينشــآن من الناحيــة الأخلاقيــة. وإن هــذا النــوع من الاختلاف غــير

قابل للحل من خلال الرجوع إلى النصوص الدينية أيضا. ــة ــانت قابل ــإن هــذه الاختلافــات، ســواء ك وعلى أي حــال فــوحي ــ ــوع إلى ال ــ ــا من خلال الرج ــ ــم أم لا، لا يمكن حله ــ للحس والنصــوص الدينيــة. ولــذلك نجــد الــذين يحصــلون على قيمهمــذا الأخلاقية من النصوص الدينية يختلفون في الحد الأدنى حول ه

. وعلى(669)المقدار من المسائل والموضوعات والأحكام الأخلاقية أي حال يمكن العثور بسهولة على مثل هذه الاختلافات في دائرة

الفقه أيضا. : يمكن لنا أن نناقش في هذا الادعاء أيضــا، والقــولسادسا

بــأن المــرء؛ نتيجــة لعــدم إحاطتــه الكاملــة بالمصــالح والمفاســد والنتائج الإيجابية والسلبية المترتبة على أعماله، يعجــز عن إدراك

الحكم الأخلاقي لتلك الأعمال.ويمكن شرح بعض أهم تلك المناقشات على النحو التالي:

ـــ إن الحكم الأخلاقي للأعمـــال ليس تابعـــا لنتائجهــا على1 الدوام، وبشكل تام. وبطبيعة الحال فـإن لفلاسـفة الأخلاق بشــأنب عليهــا الحكم الســؤال عن العوامــل والخصــائص الــتي يــترت

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد319هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ـــــــة. ولكن ـــــــات متفاوتـ : إنأولاالأخلاقي للأعمــــــــال إجابـــتنتاجية» ــات والآراء؛(670)«الاس ــك الإجاب ــا هي واحــدة من تل إنم

ــتنتاجية»، التي هي نوع خاص من (671)«الأنوية»: إن وثانيا ،«الاس لا تحظى بشعبية كبيرة بالمقارنة إلى سائر أنواع الاستنتاجية. وإن الكثــير من فلاســفة الأخلاق لا ينظــرون إليهــا بوصــفها نظريــةــة أخلاقية، وإن كانت الأنوية بوصفها تفسيرا خاصا للعقلانية العمليع بمقبولية أكبر إلى حد ما. وعلى أي حــال فــإن النتــائج الــتي تتمتــل على يشتمل عليها الفعل بالنسبة إلى شخص الفاعل إنما تحص أهميتهــا من زاويــة الأخلاق الفرديــة والأخرويــة، وليس من زاويــة الأخلاق الاجتماعيـة والدنيويـة، بمعــنى أن أهميـة هـذه النتـائج من ناحية الأخلاق الاجتماعية تكــون في الحــد الأقصــى بمقــدار أهميــة

. (672)نتائج الفعل بالنسبة إلى الآخرين في هذه الحياة الدنيوية ـ لنفترض أن الحكم الأخلاقي لعمل مــا تــابع بشــكل كامــل2

للنتائج التي يشتمل عليها ذلك العمل لشخص الفاعــل. ففي هــذه الحالة يمكن الادعاء بــأن الإدراك الإجمــالي والظني للفــرد لنتــائج عمل ما كــاف لمعرفــة الحكم الأخلاقي لــذلك العمــل، وإن إدراك هــذا الحكم لا يتوقــف على الــوعي والمعرفــة التفصــيلية اليقينيــة لتلك النتائج، بمعنى أن بعض نتائج العمل من الأهمية بحيث يكونــك ــا التغلب على تل ــتي يمكنه ــائج المضــادة ال احتمــال وجــود النت

النتائج، وتبدل الحكم الأخلاقي للعمل، ضئيلا جدا. بالإضافة إلى ذلــك فـإن الحكم الأخلاقي ينقســم إلى: الحكم

ــادئ النظر»الأولي ــ ــائي. من الممكن أن لا«في ب ــ ؛ والحكم النه يدرك الفرد الحكم النهائي للعمل؛ نتيجة لعــدم إدراكــه التفصــيلي لنتائج ذلك العمل، إلا أن عدم الإدراك التفصــيلي لنتــائج العمــل لا تحول دون الإدراك البدوي لذلك العمــل التــابع للنتــائج المعلومــة،

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد320هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والتي يمكن توقعها. وإن مسؤولية الإنسان الأخلاقية تقتضي منه ـل إلى الحكم النهــائي ـــ، أن يعمــل على طبــق عنــد عــدم التوصــ

الحكم البدوي الذي يتوصل إليه في بادئ الرأي والنظر. ــع من3 ــا تمن ـ إن عدم المعرفة التفصيلية بنتائج الأعمال إنم بالحكم الأخلاقي لتلك الأعمال. ولكن«اليقين» و«القطع»حصول

كمـــا تقـــدم أن قلنـــا: إن القطـــع واليقين المســـتدل إنمـــا يمكن الحصول عليه في مجال المنطق والرياضيات فقــط. وعليــه فــإن الإصرار على المطالبة بتحصيل مثل هذا القطع واليقين في سائر المجالات المعرفية يعتبر مخالفا للعقلانية؛ لأن الحصول على مثلــان ــارج عن قـــدرة الإنسـ ــتوى من العلم والإدراك خـ هـــذا المسـ وطاقته؛ فإن هذه الدرجة من العلم لا يمكن الحصــول عليهــا حتىــا من خلال الرجوع إلى الوحي والنصوص الدينية أيضا، ولذلك فإنن لا نمتلك حتى الظن بالكثرة الكاثرة من الأحكام الشــرعية، فضــلا

عن القطع واليقين. ـ إن الأغلبية الغالبـة من الفتـاوى الفقهيـة إنمــا تســتند إلى4

ــل«الأحكام الظاهرية» ، وكما ثبت في علم أصول الفقه فإن العمد معــذر ويرفـع العقـاب الأخـروي، بالحكم الظاهري إنما هـو مجــرــالح ــائج والمص ــل من النت ــعية للعم ــار الوض ر في الآث دون أن يغيبــة على ذلــك العمــل. وعليــه والمفاسد الدنيوية والأخرويــة المترت فإن كمال عقل الشارع وإحاطته العلمية بالنتائج الغيبية والأخروية للعمل لا ربط له من الناحية المنطقية بما نحن فيه، ولن يحــل أي مشكلة؛ لأننــا في نهايــة المطــاف نضــطر إلى العمــل بظننــا، وإن الظن النقلي بــالحكم الشــرعي لا يحــل مشــكلتنا؛ لأننــا من خلالــاء، العمل بهذا الظن لا نستطيع إحراز المصالح الغيبية مورد الادعــاء. ولكن حيث إن تحصــيل ــورد الادع ــة م ب المفاســد الغيبي وتجن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد321هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة ــون المطالب ــتحيل تك ــاحة مس ــذه المس ــع واليقين في ه القط بتحصــيله مخالفــة للعقلانيــة. وعلى هــذا الأســاس فإننــا في هــذه المساحة مكلفون من الناحية العقلانية بالعمل على طبق ظنوننــا. وأما إذا كان القرار على القــول بــأن الظن بــالحكم الشــرعي هــو المعتبر فإننا نقول: إن العقــل العــرفي وعــرف العقلاء لا يــرى أي فرق بين هــذا الظن وبين الظن العقلي بنتــائج العمــل، الــذي هــو بحسب فرض المستدل مبنى لتشريع الحكم الشرعي. وعليه فإنع بالاعتبار المعرفي الكــافي أيضــا. الظن العقلي بنتائج العمل يتمتــالحكم الشــرعي ــد التعــارض بين هــذا الظن والظن النقلي ب وعن

يجب تقديم الظن الأقوى. وبعبــارة أخــرى: إن العمــل بمقتضــى الظن النقلي بالأحكــامره ســوى أنــه الشرعية ـ طبقا للاستدلال المتقدم ـ ليس له ما يبر

ب المفاســد.«الاحتمال»على مستوى ز إحــراز المصــالح وتجن يعزــارق بين الظن ــاك فــرق ف ــذا الأســاس لا يكــون هن ولكن على ه النقلي بالأحكام الشرعية وبين الظن العقلي بالمصالح والمفاســد أبــدا. وإن دعــوى أن الظن النقلي لا يســقط عن الاعتبــار إلا عنــد التعــارض مــع الــدليل العقلي القطعي مجـرد ادعـاء لا يســتند إلى دليل؛ فإن الظن العقلي بالمصالح والمفاسد إذا تعارض مع الظن النقلي بالحكم الشــرعي المعـارض لتلـك المصــالح والمفاسـد لن يسقط عن الاعتبار، وإنما نجد عرف العقلاء يعملون عنــد حصــول التعارض على طبق الظن الأقوى، سواء أكان ذلــك الظن الأقــوى عقليا أم نقليا، وسواء أكان متعلق الظن حكما شرعيا أم المصالح

. (673)والمفاسد المترتبة على الفعل وعليه فإن الأحكام الأخلاقية الظنيــة الــتي يتم اكتشــافها منــف ــبرة، ولا يتوق ــون معت ــة تك ــدان والتجرب ــل والوج ــق العق طري

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد322هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

اعتبارها على حصــول القطــع واليقين. وإن مجــرد احتمــال وجــودــع من ــل لا يمن ر الحكم الأخلاقي للعم ــتي يمكن أن تغي ــائج ال النت اعتبـار وحجيـة المتبنيـات الأخلاقيـة الظنيـة العقليـة. وإن الاعتبـارــار والحجيــة المعرفيــة لهــذه المعتقــدات ليســت بأقــل من الاعتب

والحجية المعرفية للمعتقدات الفقهية المستندة إلى النقل أبدا. وخلاصة القول: إن طريق الحل التقليدي لرفع التعارض بينــل؛ فــإن العقــل والــوحي من الناحيــة العقلانيــة لا يســتند إلى دلي

إن ظــاهر النصــوص الدينيــة»طريق الحل هذا ـ كما رأينا ـ يقول: ــه بشــكل قطعي ويقيــني .«حجــة إلا إذا حكم العقــل على خلاف

ويدعي أنصار هذه الرؤية أنهم يستندون في ذلك إلى حكم العقل والسيرة العقلائية. ولكن عرف العقلاء من وجهــة نظــري لا يحكم بهذا الأمر في باب حجية الظواهر. وإنما بمقتضى العقلانية، الــتي يمكن اكتشافها من طريــق الاتفــاق النســبي بين العقلاء، هــو أنــه عند التعارض بين دليلين أو شــاهدين وقرينــتين يجب العمــل علىــدليل ــان ال ــوى، ســواء أك ــة الأق ــدليل والشــاهد والقرين ــق ال طب والشاهد والقرينة الأقوى قطعيــا أو ظنيــا، وســواء أكــان عقليــا أم نقليا. فمن الناحية العقلية وعــرف العقلاء ليس هنــاك ظن يكــون

حجة ومعتبرا في مقابل ظن أقوى منه. وعلى هذا الأساس فإن العقلانية تحكم بأن نعمــل في مقــام تشخيص الحقــوق والوظــائف الأخلاقيــة والشــرعية على الظنــون التي يرى العقــل العــرفي وعــرف العقلاء أنهــا معتــبرة. وإن هــذه الظنون لا تنحصر بالظن المستند إلى خــبر الواحــد وظــاهر الكلامــا يشــمل حتى الظن المســتند إلى الشــهود العقلاني ــط، وإنم فقي )التجـــربي( أيضـــا. وإن مســـاحة الأخلاق والفقـــه هي والحســـ

مساحة جمع الظنون وتفريقها.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد323هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن أنصــار الرؤيــة التقليديــة يعتقــدون بإبطــال المتبنيــاتــارض بين ــد التع ــه عن ــنى أن ــة، بمع ــة الفقهي ــة من الناحي الأخلاقي المتبنيــات الفقهيــة والمتبنيــات الأخلاقيــة يجب تقــديم الأول على ــا الدوام، وإسقاط الثاني عن الاعتبار، إلا إذا كان هذا الثاني قطعي ويقينيا. أمــا العقلانيــة فتقــول: عنــد حصــول التعــارض بين العقــل والنقل يجب أن نرى أيهما يتمتع بقيمــة واعتبــار ودعامــة معرفيــةــار هــو أقوى؟ وإن الطريق الوحيد لتحديد درجة ومقدار هذا الاعتب المقارنــة بين المتبنيــات المتعارضــة والأدلــة القائمــة لصــالحها أو

ضررها. يقـــوم الافـــتراض المعـــرفي للرؤيـــة التقليديـــة على أن الاستنباطات الفقهية ذات قيمة ومعتــبرة مــا لم يكن هنــاك قطــع بخلافها، بمعنى أنه عند حصــول التعــارض بين الفهم الفقهي وبين القيم والقواعد الأخلاقية إنما يفقد الفهم الفقهي اعتبـاره إذا كــان

، وفي(674)لدينا قطع ويقين بالقيم أو الواجبات الأخلاقية المعارضة غير هذه الصــورة فـإن الفهم الفقهي ســيبقى محافظــا على قـوةــة أو الوجــوب أو الحظــر ــانت القيم ــه، حتى إذا ك ــاره وحجيت اعتبع بدعامــة ظنيــة أقــوى. وحيث إن القطــع الأخلاقي المعــارض يتمت واليقين ـ وخاصة في مجال الأخلاق ـــ أمــر نــادر الوجــود والتحقق فإن أدنى شك أو شبهة في أمر يحول دون القطع واليقين، وعليه عند وقوع التعــارض بين العقــل والنقــل أو الأخلاق والفقــه يكــون

التقدم من الناحية العملية للنقل والفقه. إلا أن هــذه النتيجــة غــير مقبولــة من ناحيــة العقــل العــرفي

وعرف العقلاء؛ وذلك لأن العقلانية تقتضي: ــةأولا ــرفي ومنهج المعرف ــا للمصــدر المع م توقعاتن : أن نقي

بحد متوسـط النتـائج القابلـة للتحقـق من ذلـك المصـدر والمنهج؛

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد324هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

فإن كــان أكــثر المتبنيــات العقليــة والوجدانيــة في مجــال الأخلاقــالقطع واليقين ــة ب ظنية سيكون اشتراط اعتبار المتبنيات الأخلاقي مخالفا للعقلانية، على غرار نقض القائــل للعقلانيــة عنــدما يقــول: إن المتبنيات الفقهية المستندة إلى القرآن والأحاديث إنمــا تكــون

معتبرة إذا كانت قطعية ويقينية. : لو أن النقل والعقل أديا إلى نتائج مختلفة ومتعارضةوثانيا

ع بدعامــة معرفيــة أقــوى. ولا وجب تقديم تلــك النتيجــة الــتي تتمت ــا فرق عند العقل العرفي وعرف العقلاء بين أن يكون الظن عقلي أو نقليا، أو أن يكــون مســتندا إلى الشــهود والتجربــة أو إلى خــبر الواحد أو ظاهر الكلام. فالمهم عنده هو درجة الظن والاطمئنــان، اــ وأن يكــون ذلــك الظن والاطمئنــان منطقيــا ومعرفيــا، وليس ظن نفســيا ومزاجيــا. وإن الظن والاطمئنــان المنطقي والمعـرفي هـو الظن والاطمئنان الذي يتناسب مع الشواهد والقــرائن الموجــودة

، والــتي تحصــل للنــاظر الحيــادي، الــذي(675)والمتوفرة بين أيــديناــة، وأن لا يكــون خارجــا عن ــة طبيعي ع بقــوى وحــواس إدراكي يتمتــة حدود الاعتدال والحالة الطبيعية؛ بسبب تأثير الأســاليب التعليمي والتربوية الخاطئة )كأن لا يكون مصابا بغسيل الــدماغ الأصــولي(. وإن هذا الظن والاطمئنان حالــة ذهنيــة عامــة، وليســت فرديــة أوــتي يســتند خاصة، بحيث لو تم عرض الشواهد والقرائن والأدلة ال إليهــا الظن والاطمئنــان على ســائر العقلاء لأنتجت بشــكل وآخــر

نفس درجة الظن واليقين في أذهانهم. إن درجة ظننا واطمئناننا بالمتبنيات الأخلاقيــة نوعــا مــا أكــثر من درجة الظن والاطمئنان الحاصل من طريـق الظـواهر النقليـة )القرآن والسنة(، ولذلك عند حصول التعارض بين العقل والنقــل، أو الأخلاق والفقه، يجب أن يتم حل هذا التعارض نوعا مــا لصــالح

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد325هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

العقــل والأخلاق. وفي الــوقت نفســه لا ينبغي جعــل درجــة الظن والاعتبار ملاكا للحكم قبل إجــراء المقارنــة؛ لأن المعيــار الصــحيح للحكم والــــترجيح في هــــذا المــــورد يكمن في درجــــة الظنــا والاطمئنان الذي سنحصل عليه بعد إجراء المقارنة، ويخــرج منه سالما. ففرق بين أن ننظر إلى طرفي التعارض بشــكل مســتقل،ــار، وبين أن ــر الاعتب ــر بنظ ــذ الآخ ــدهما دون أخ ــر إلى أح والنظ نأخذهما معا بنظر الاعتبار، ومن خلال سائر الأمور المحيطة بهما،بة عليهمــا. فــإن ذات والتي يكون لها دور في تحديد النتيجة المترت المقارنة قد تقوي أو تضعف ظننا واطمئناننا بأحــد الطــرفين. وإن قوة وضــعف المتنافســين إنمــا يتضــح من خلال أدائهمــا في حلبــةد حدس الصراع، وأما تقييم النتائج قبل احتدام المنافسة فهو مجر وتخمين. وإن حكم الإسلام أو إلــه الإســلام ســيكون لصــالح الــذي

يفرزه هذا التنافس، ويخرج منه منتصرا. إن النتيجة التي نحصل عليها من هذا البحث هي أنه لا يمكن

ــل ــور على دلي ــارض بين«مســبق»العث ــوع التع ــد وق ــول: )عن يق الأحكام الفقهية المستندة إلى النقل والأحكام الأخلاقية المستندة إلى العقل والوجدان يجب أن تكون الأحكام الفقهية هي المقدمة دائمـا، وبشــكل مسـبق، إلا إذا كـان الحكم الأخلاقي مـورد البحث

قطعيا ويقينيا(. في باب منهج المواءمة أو المناغمــة بين المتبنيــات الفقهيــةــان، ــان مختلفت ــاك في الحــد الأدنى رؤيت ــة هن ــات الأخلاقي والمتبني

وهما: ــديين1 ــوليين والتقليـ ــة الأولى تنتمي إلى الأصـ ــ إن الرؤيـ ــ

)وحتى بعض الإصلاحيين في الدولة(. وطبقــا لهــذه الرؤيــة تكــونــ على ــة ـ ــل هي المقدم ــتندة إلى النق ــة المس ــات الفقهي المتبني

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد326هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــ على ــارض ـ ــول التع ــوارد حص ــثر م ــتوى العملي، وفي أك المســة المتبنيات الأخلاقية المستندة إلى العقل؛ وذلك لأن الأدلة العقلي والتجريبية المتوفرة لصــالح المتبنيــات الأخلاقيــة في أكــثر مــواردــع ن بواسطتها من رف التعارض ليست قطعية، ولا يقينية؛ كي نتمك اليد عن حجيــة الظهــور وحجيــة خــبر الواحــد. يمكن تســمية هــذه

في مجــال المعرفــة«الرؤيــة النقليــة الأصــولية التقليدية»الرؤية: الدينية.

اــ حتى الآن منشــغلين بنقــدها، إن هــذه هي الرؤيــة، الــتي كن ونضيف هنا: إن علم الله الغيــبي وكمــال عقلــه وحكمتــه لا تــؤدي إلى حدوث فرق في هذا المجال، بمعنى أننــا من هــذا الطريــق لا نستطيع أن نوجـد فرقـا معرفيـا بين الظن العقلي والظن النقلي،ــا ــة. نعم، يجب علين وأن نمنع من العمل على طبق الظنون العقلي دائما أن نرجع إلى الله، وأن نتعــرف إلى حكمــه، وأن نعمــل على طبق ذلك الحكم. ولكن المشكلة الــتي نواجههــا هنــا هي مشــكلة معرفية، وليســت مشــكلة في مجــال الالــتزام الــديني والأخلاقي.ــه ك بعلم الل ــا من خلال التمســ ه ــذه المشــكلة لا يمكن حل وإن ه الغيبي، وتــرجيح النقــل على العقــل؛ لأن العقــل والنقــل طريقــانــد الوظيفــة العمليــة. وإن مختلفــان للكشــف عن الحقيقــة وتحدي القيمة والاعتبار المنطقي والمعرفي لهذين الطريقين رهن بدرجةاــ دون الظن الحاصل منهما. وليس باستطاعة اللــه أن يمضــي ظن أن يمضي الظن الآخر الأقوى منه؛ لأن مثل هذا الأمر يعني ترجيح المرجــوح على الــراجح، وإن القبح الأخلاقي لهــذا الأمــر أكــثر مناــ ولا عه أن يمضــي ظن قبح الترجيح بلا مرجح. كمــا أن اللــه لا يســ يمضي ظنا آخر مساو له في الدرجة؛ لما في ذلك من الترجيح بلا

مرجح.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد327هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

إن القيم والمعايير الأخلاقيــة تنــتزع من الشــاهد المثــالي، أو من خلال الرجوع إليه. ومن الزاويــة الدينيــة يعتــبر اللــه هــو ذلــك الشــاهد المثــالي. وعليــه فــإن بحثنــا يــدور حــول أســلوب ومنهج معرفة وإدراك حكم الله. ولكن إذا كــان البنــاء على معرفــة حكم الله من طريق الأدلة الظنية فــأي فــرق بين الظن العقلي والظن

النقلي؟ ــو يعلم أن»لا يمكن الادعاء ــذلك فه أن الله عالم بالغيب، ول

الظنون المستندة إلى النقل توصلنا إلى الواقع أكــثر من الظنــونــه قــد أمضــى الســيرة ــا فــإن الل المســتندة إلى العقــل، ومن هنــل، ولم يمض ــالظنون المســتندة إلى النق ــة في العمــل ب العقلائيــل نهى سيرتهم القائمة على العمل بالظن المستند إلى العقــل، ب

. إن مثـل هــذا الادعـاء«المؤمنين عن العمل على طبق هذا الظن يستلزم التناقض ومخالفة الوجدان؛ لأن الالتزام بمثل هذا الادعــاء

الظنــون العقليــة أضــعف دائمــا من»يعــني الالــتزام بفرضــية أن ، في حين أن الأمر ليس كذلك بالوجدان. هــذا إذا«الظنون النقلية

تجاوزنا القول بأنــه لا يمكن لنــا أن نكــون انتقــائيين في مــا يتعلق بالسيرة العقلائية؛ فإن ملاك وفلسفة العمــل بــالظن عنــد العقلاء

أمر عام، ولا يختص بالظنون النقلية فقط. ومضافا إلى ذلك فإن هذا الأمر يستلزم نسبة اللغو إلى الله الحكيم؛ لأن هذا الكلام يعــني أن اللـه من جهــة قـد خلــق العقــل، وأصدر من جهة أخرى الحكم بتعطيله وإلغائــه. ومضــافا إلى ذلــكــة ــالظن العقلي هي ظني فإن الأدلة النقلية التي تنهى عن العمل ب في حــد ذاتهــا، فكيــف يمكن الحكم من خلال الــدليل الظني على

عدم اعتبار الظن العقلي الأقوى منه؟! إن الأصــل»لا يوجد أي دليــل مقنــع لصــالح الادعــاء القائــل:

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد328هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

إن حجيــة واعتبــار»، و«يقــوم على عــدم حجيــة واعتبــار الظنــونــا إذا لم نتمكن من«الظنون رهن بإمضائها من قبل الشــارع ، فإنن

ــون ف ــة مكل ــرق الموثوق ــل من الط ــع الحاص ــول إلى القط الوص بالعمل على طبق الظنون الحاصلة من الطــرق المعتمــدة. وكمــا قلنــا فــإن نهي الشــارع عن العمــل بــالظنون العقليــة الأقــوى من الظنون النقلية تــرجيح للمرجــوح على الــراجح، كمــا أن نهيــه عن العمل بالظنون العقلية المساوية والمتكافئة مــع الظنــون النقليــة

. (676)ترجيح بلا مرجح لــو كــان بــاب العلم اليقيــني بالأحكــام الأخلاقيــة والشــرعية مغلقــا )ومنغلقــا(، ولــو أن الشــارع لم يــأت بطريــق جديــد لإبلاغــد أمضــى أحكامه، ولا يمكنه أن يأتي بمثل هذا الطريق، ولو أنه قــة سيرة العقلاء في العمل بالظنون، وجب علينا أن ننظر في كيفيــا ــة نظرن عمل العقلاء في مقام العمل بمختلف الظنون. من وجهــرف العقلاء في مقــام العمــل بــالظنون لا ــرفي وع إن العقــل العق بين الظنــون العقليــة والظنــون النقليــة، وفي ظــل ظــروف يفرة يعمــل على طبــق كلا هــذين النــوعين من الظنــون، وعنــد خاصــ التعارض يعمل على طبق الظن الأقــوى، وليس على طبــق الظن النقلي إلى حين حصول القطع بالخلاف. تقوم ســيرة العقلاء على العمل بالظن إذا كان واصــلا إلينــا من طريــق معتمــد، إلا إذا كــان هناك ظن أقوى بالخلاف. يرى العقلاء أن تقــديم الظنــون النقليــة على الظنون العقلية الأقــوى منهــا، وكــذلك التفريــق بين الظنــون النقلية والظنون العقلية في مقــام العمـل، قـبيح، ولا يمكن نســبة

. (677)مثل هذا الأمر القبيح والشنيع إلى الله الحكيم ـ أما الرؤيــة الثانيــة المطروحــة لحــل التعــارض بين الفقــه2

ل الرؤيــة الــتي نــؤمن بهــا. والأخلاق، أو العقــل والنقــل، فهي تمث

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد329هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

تقــول هــذه الرؤيــة: عنــد حصــول التعــارض بين الأحكــام الفقهيــةع النقلية والأحكام الأخلاقية العقليــة يجب تقــديم الحكم الــذي يتمتــون ــة أقــوى. ولا فــرق في هــذا الشــأن بين الظن بدعامــة معرفي المستندة إلى الأدلة النقلية والظنون المستندة إلى الأدلة العقلية )والحسية(. ومن وجهة نظر العقل العرفي وعــرف العقلاء يتقــدم الظن العقلي بعــدم الحكم الشــرعي على الظن النقلي الأضــعف

. (678)بوجود ذلك الحكم الشرعي وفي معرض حل التعارض القائم بين حكمين أو قضــيتين )أو طائفتين من الأحكــام والقضــايا( لا يمكن أن نحــدد مســبقا ضــمن قاعدة كلية وعامة أي الطرفين هو المقدم. إنمــا القاعــدة العامــة

عنــد»الوحيــدة الموجــودة في هــذا الشــأن هي القاعــدة القائلــة: حصول التعارض بين حكمين أو قضيتين كان حق التقدم للحكم أو

ع باعتبار معرفي أقوى . وإن هذه القاعــدة غــير«القضية التي تتمت ناظرة إلى مجرد التعارض بين الأحكام والقضايا الفقهية والأحكام والقضايا الأخلاقية فقط، وإنما تجري حتى في مورد التعـارض بين ســائر الأحكــام والقضــايا والمتبنيــات أيضــا. إن الاعتبــار المعــرفي للقضايا رهن بالمعايير والعوامل المتعددة، والتي ربما كان الجامع

. فكــل قضــية تكــون أقــرب إلى«الأقربيــة إلى الواقع»بينهــا هــو الواقع، وكان احتمال صدقها أكبر، كانت هي الأوجه. وأمــا مــا هــو معيار الأقربية إلى الواقع؟ فهــذا بحث مســتقل. يمكن أخــذ الظن الأقــوى والأكــبر هنــا بوصــفه قاعــدة عامــة، ولكن ليس على نحــو

مطلق، وإنما من خلال إحراز الشروط التالية: ـ أن يحصل الظن بعد المقارنة والمقاربة. 1 ـ أن يكون الظن بنحو مــا عامــا، وليس شخصــيا أو خاصــا،2

بمعنى أن يكون بمتناول عموم الناس الطبيعــيين الــذين يعيشــون

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد330هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ضمن مناخ واحد. ـ أن يتم حصوله من الطرق المتعارفة. 3ــنى أن4 وليس معللا، بمع ــتدلا ــذا الظن مس ــون ه ــ أن يك ـ

يستند إلى الدليل )العلة المعرفية(، وليس مستندا إلى العلة )غيرالمعرفية(.

ـ أن يكون الظن متناسبا مع قوة الدليل. 5وجميع هذه الشروط من مقتضيات العقلانية.وأما النتائج التي توصلنا لها حتى الآن فهي:

ـ إن نقصان عقل الإنسان وكمال العقــل الإلهي لا يســتلزم1 ترجيح الظنون النقلية على الظنون العقلية، بمعنى أن هذا النقص وذلك الكمال يعتــبر من الناحيــة المعرفيــة من العوامــل غـير ذات الصلة، ولا مدخلية لها في حجية الظنون وعــدم حجيتهــا، ولا يجب

أن يكون لها مثل هذه المدخلية. ــق2 ــه من طري ــري لا يتم تدارك ــل البش ــان العق ــ إن نقص ـ

الرجوع إلى الوحي، وتقديم النقل على العقل. وعليــه، فــإن المقدمــة الأولى والثانيــة من الاســتدلال الــذي

ــاه في الفقــرة رقم ) ( لصــالح إحلال الفقــه محــل الأخلاق1ذكرن صادقتان، ولكنها غير ذات صلة بموضــوع بحثنـا. فنحن نــؤمن بـأن عقل البشر ناقص، وأن عقــل اللــه كامــل. وكمــا تقــدم فــإن هــذار دعوى تقدم النقل على العقــل، ولا يثبت النقصان والكمال لا يبر عدم حجية الظنــون العقليــة، ومــا يســتتبع ذلــك من دعــوى إحلال

الفقه محل الأخلاق. ومن المستحسن هنا أن نتحدث قليلا حــول المقدمــة الثالثــة

إن الأحكــام الشــرعية»من هــذا الــدليل. تقــول المقدمــة الثالثــة: وضــعت لتــدارك نقصــان العقــل البشــري في مــا يتعلــق بتحديــد

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد331هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

. ويبدو لنا أن هذا الادعــاء يمكن مناقشــته من«الحقوق والتكاليفعدة جهات:

ــأولا : إن نقصــان العقــل البشــري لا يتم تداركــه بهــذهفالطريقة.

%(99: إن الكثير من الأحكــام الشــرعية )ربمــا تبلــغ وثانيا عبارة عن إمضاء الشارع للعــرف الســائد في صــدر الإســلام ومــا قبل الإسلام. وفي الحقيقة فإن هذه الأحكام الشرعية قــد انبثقت عن العقول الناقصة لأولئك الذين كانوا يعيشون في صدر الإسلام أو قبل ظهور الإسلام، لا عن عقل الله أو عقل النبي. وعليه، فإن تقديم هــذه الأحكــام على القــوانين الســائدة في العصــر الحــديثل في القــول بــأن عقــول يتضمن دعوى غريبة وغير معقولــة، تتمث

الأعراب البدويين أكمل من عقل الإنسان المعاصر. وعلى أي حال فــإن هــذه الإشــارة تثبت بوضــوح أن فلســفة تشريع الأحكام الشرعية لم تكن تهدف إلى تدارك نقصان العقــلــتطيع البشري عن هذا الطريق. نحن نرى أن الوحي والنقل لا يس أن يملأ الفراغ الذي يخلفه العقــل في حيــاة البشــر، وإن فلســفة إرسال الرســل وبعث الأنبيــاء تكمن في إثــارة العقــول وتحريكهــا وتنشــيطها، لا في كبحهــا وإلغائهــا وتعطيلهــا. كمــا أن الحكمــة والفلسفة من تشريع الأحكام الشرعية تشــمل الكثــير من الأمــور المتنوعة، وإنما يمكن في مورد بعض هــذه الأحكــام الشــرعية أنــتي ندعي بأن هذه الأحكام تنبثق عن المصالح والمفاسد الغيبية ال لا طريق للعقل البشري الناقص والمتعــارف إلى اكتشــافها. وفي الوقت نفسه يمكن لنا أن ندعي أيضا أن أكثر الأحكام الشــرعية ـ وخاصة الأحكام الشرعية غير العبادية ـ ليست كذلك، وإنمــا تنشــأــد تم من معايير وملاكات أخرى. إن دعوى أن الأحكام الشرعية ق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد332هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

تشريعها من أجل تدارك نقصان العقــل البشــري إنمــا تصــدق فيــول الموارد التي لا يكون للعقل البشري حكم بشأنها، ولا يمكن ق الشيء نفسه بالنسبة إلى الموارد التي يكون للعقل بشــأنها حكم مغاير لحكم الشرع؛ لأن فهمنا للحكم الشرعي في هــذه المــوارد سينطوي على مناهضة للعقــل. وإن تقــديم هــذا الحكم الشــرعي على حكم العقل لا يعني سوى إلغاء العقل وترجيح المرجوح على الراجح. وإذا كانت ظنية حكم العقل دليلا على نقصانه فإن الكثرة الكاثرة من الأحكام الشرعية ظنية أيضا، وإن ظننا بهــذه الأحكــام

أضعف بكثير من ظننا بالأحكام العقلية المعارضة لها.

ـ الاستدلال الثاني لصــالح إحلال علم الفقـه محـل علم3الأخلاق

يمكن تنسيق هذا الاستدلال على النحو التالي: ـ هناك جـزء كبـير من النصــوص الدينيـة )الأعم من الآيـات1

والروايات( تبين الأحكام العملية. ـ لو كــان للنــاس من طريــق غــير الــوحي والنقــل لمعرفــة2

الحقوق والتكاليف الأخلاقية لكــان إرســال الرســل وإنــزال الكتبلغوا وعبثا، ولفقد الوحي جدارته في هداية الناس في حياتهم.

. «علم الأخلاق» بديلا عن «علم الفقه»ـ وعليه يكون 3ــدينين ــواجس المت ــذا الاســتدلال يعكس هاجســا من ه إن ه بشأن العلاقــة بين الــدين والأخلاق. فهم يتصــورون أنهم من خلالــة في ــل والتجرب ــل العق ــكيك الأخلاقي وتعطي ــتناد إلى التش الاســل الأخلاق، ــه مح ــرة الأخلاق، وإحلال الفق ــل في دائ ــل النق مقاب يقــدمون خدمــة للـدين وللشــريعة وللـوحي. في حين أن هـذا من الأخطــاء الكبــيرة الــتي يرتكبهــا الكثــير من المؤمــنين والمتــدينين بسذاجة. إن المضمون الصريح والمكشوف لهذا الاستدلال هو أننا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد333هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

لكي نعطي للــوحي مكانــة في حيــاة الإنســان لا مندوحــة لنــا من إلغاء العقل والتجربة البشرية أمام النقل، وأن نسلك منهج الشكــة في ــل والتجرب ــل العق في الأخلاق. ولكن من الواضــح أن تعطي مقابل النقل والقــول بالشــك الأخلاقي لا يقــل ســوءا عن تعطيــل

الوحي والقول بالتشكيك الفقهي، إذا لم نقل: إنه أسوأ منه. ومضــافا إلى ذلــك لا يتم في هــذا الاســتدلال الفصــل بين

في الأخلاق. إذ يتم(680)«مقــــام الحكم» و(679)«مقــــام الكشف» الخلط هنا بين حاجــة الإنســان إلى الــدين في مقــام كشــف بعض القيم الأخلاقية وبين حاجته إلى الدين في مقــام الحكم الأخلاقي.

ق بين »في حين يجب علينا أن نفر ــا «الدين بوصفه كاشــفا أخلاقيعا للأخلاق»وبين . لنفــترض«الدين بوصفه حكما أو واضعا ومشــر

أننا لا نستطيع كشف بعض القيم الأخلاقيــة إلا من طريــق الــوحي وتعاليم الأنبياء، إلا أن اكتشاف القيم الأخلاقية من طريــق الــوحي لا يســـتلزم مرجعيـــة وحكم الـــدين في مجـــال الأخلاق؛ إذ يمكنــل ــرة الأخلاق وحكم العقـ ــوحي في دائـ ــفية الـ ــع بين كاشـ الجمـ والوجدان في هذه الدائرة؛ فـإن النــاس إنمـا تعرفـوا على قـانون الجاذبيـــة والنظريـــة النســـبية للمـــرة الأولى من خلال نيـــوتن وأنشتاين، إلا أن معرفتهم بصدق هذه النظريات لا تعود إلى ولايةــة والشــواهد ــوم على الأدل ــا تق ــالمين، وإنم ــذين الع ــة ه ومرجعي

المتوفرة لصالح هاتين النظريتين. ــة دورا في ــماوية والديني ــاليم الس ــوحي والتع ولكي يلعب ال هداية سلوك البشر ليس من الضروري أن يحكم الدين في دائرةــذه ــف في ه ــرد كاش ــدين مج ــون ال ــا يكفي أن يك الأخلاق. وإنم الدائرة؛ ليخرجــه عن العبث واللغويــة. ولربمــا أمكن الادعــاء بأنــه من الناحية التاريخيــة تنبثــق معرفــة النــاس الأخلاقيــة عن الــوحي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد334هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وتعاليم الأنبياء، إلا أن تعلم المتــدينين ـــ وبتبعهم غــير المتــدينين ـ للقيم الأخلاقية من الأنبياء أو النصوص الدينية أمر، وصدق وكــذبدية وتابعة لولايــة ومرجعيــة الــدين، أو صحة واعتبار هذه القيم تعب وكونه دائرا مدار الإرادة التشريعية أو الأمــر والنهي المولــوي للــه

الشارع وبيان ذلك من طريق الوحي، أمر آخر. يمكن اعتبار دور الأنبياء في الأخلاق )ولربما في الدين أيضا(

فا في دائرة . كما يمكن تصنيف التعاليم الدينية في«التذكير»مصن هذا الباب في إطار التعاليم الإرشــادية. وفي هــذه الفرضــية إنمــا يكون للناس الحق في اتبـاع هـذه التعــاليم إذا كـانت تنســجم مــع العقل والتجربة والوجدان وفهمهم العقلي والتجريبي والوجــداني،

نين يعملون على إحلال الشــريعة «في مقــام الحكم»إلا أن المتديــام الأخلاق، وليس ــام الكشف»مقـ ــو«في مقـ ــا لـ ، في حين أننـ

القيم الأخلاقية يكــون من خلال«كشف»افترضنا أن الطريق إلى الوحي فقط فإن هذا الأمر لن يدل بأي وجه من الوجــوه على أن تبرير هذه القيم إنما يكون عبر الوحي والنقــل أيضــا، وعليــه فإنــه

لن يدل بالأولوية على: ـ أن الفقه بديل عن الأخلاق. 1 ـ أن المؤمنين من خلال تطبيق الأحكام الفقهيــة يســتغنون2

عن الأخلاق. ك في أن الـــدين يســـاعدنا في اكتشـــاف بعض القيم لا شـــــأملات ــ ه للت ــة تلعب دور المنب ــ ــوص الديني ــ ــة، وأن النص ــ الأخلاقيــة، إلا أن الحكم بشــأن صــحة وخطــأ أو صــدق والبصــائر الأخلاقي وكذب القضــايا الأخلاقيــة وحــدودها وثغورهــا هــو على الــدوام من

. (681)شؤون العقل والتجربة والوجدان البشري في«الله»مضافا إلى ذلك فإن المهم هو الدور الــذي يلعبــه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد335هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

في«الــوحي»حياة الإنســان وســلوكه، وليس الــدور الــذي يلعبــه حياته. وإن العقل والوحي طريقان مختلفان لاضطلاع اللـه بـدوره في حيــاة الإنســان. وإن اللــه الشــارع )إلــه الفقــه( لا يحــل محــلــان على ــة الإنس ــام هداي ــه الأخلاق( في مق ــالي )إل ــاهد المث الشــوحي والنقــل أن يحلا محــل المســتوى الأخلاقي، كمــا لا يمكن لل العقــل والحكمــة في الأخلاق أيضــا، ولــذلك لن يكــون باســتطاعة

.(682)الفقه أن يغني الإنسان عن الرجوع إلى العقل والأخلاق أيضاــط بين ــة وبين«المعرفة»كما أن هذا الاستدلال يخل الأخلاقي

أيضــا. ولــو فصــلنا هــاتين«التعليم والتربيــة والتزكيــة والتهــذيب»ــدين ــدعي أن ال ــا أن ن ــتين عن بعضــهما فســوف يمكن لن المقولــا، ــة الإنســان أخلاقي ــا في تعليم وتربي ــوحي يلعب دورا جوهري وال وليس في معرفة القيم الأخلاقية. ومــع هــذا كلــه فــإن الاضــطلاعنين رؤيــة بهذا الدور الهام يتوقف أيضا على أن تكون لــدى المتــدي صحيحة في بــاب النســبة القائمــة بين الفقــه والأخلاق. وفي غــيرــة ــاة الأخلاقي هذه الصورة سوف يتحول الدين إلى عقبة أمام الحيــاء للمتدينين. وإن تفشي الرذائل الأخلاقية، من قبيل: الغش والري والكذب وإخلاف الوعــد وخيانــة الأمانــة ومــا إلى ذلــك من الأمــورن، خير دليل على هذا الادعاء. التي نشاهدها في المجتمع المتدي

لقد تعرضنا في الفصل الخامس من كتابنا )الدين في ميزانــيل. وإن ــال الأخلاق بالتفص ــدين في مج ــدمات ال الأخلاق( إلى خ أنــواع الخــدمات الــتي ذكرناهــا هنــاك للــدين والــوحي في مجــالــد الأخلاق تثبت بوضوح أنه لكي يلعب الوحي دورا مناسبا في البع الأخلاقي من حياة الإنسان ليس من الضروري أن يعمد إلى إلغــاء وتعطيل عقله، والقــول بالتشــكيك والنســبية الأخلاقيــة، وأن يحــل الفقه محل الأخلاق، والادعــاء بــأن الأخلاق الإســلامية تختلــف عن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد336هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الأخلاق الغربية، بمعنى أن الخدمات التي يقدمها الدين في مجال الأخلاق لا تحتوي على أي دلالــة على كــون الأخلاق مقولــة دينيــة، وليست مقولة علمانيـة تتخطى الحــدود الدينيــة، كمــا أن علمانيــةــة ــوص الديني ــاء النص ــك لا تســتوجب إلغ ــاء والطب والفل الفيزي

المشتملة على التعاليم الفيزيائية والطبية والفلكية. ومن ناحية أخرى يمكن لنا أن ندعي أن قسم المعاملات منــا من الأخلاق الاجتماعيـــة، ويـــراه الفقـــه، والـــذي يعكس جانبـــو ــا ه التقليديون والأصوليون بديلا للأخلاق الاجتماعية الحديثة، إنم بشكل عام عبارة عن إمضاء لقيم الأخلاق الاجتماعية الــتي كــانت

. وإن هــذا(683)سائدة في مجتمع صدر الإســلام ومــا قبــل الإســلام الإمضــاء إنمــا يســتمر مــا دامت تلــك القيم باقيــة، دون أن تفقــدـرـات التاريخيــة قيمتها. وعليه لو تحــولت تلــك القيم؛ بفعــل المتغي والاجتماعية والفكرية والثقافية والاقتصادية، إلى ضدها أو فقــدت قيمتها لن يكون هناك شيء كي يمضيه الشارع، بمعنى أن إمضاء

الشارع في مثل هذا الفرض سيكون سالبة بانتفاء الموضوع. إن هذا الادعاء لا يؤدي إلى النسبية في مجال القيم ومعــايير الأخلاق الاجتماعيــة، وإنمــا يعــني أن القيم والمعــايير الأخلاقيــة تنقسم إلى: أصلية؛ وفرعية. وإن القيم الأصلية مطلقــة، وتتخطى التـاريخ؛ أمـا القيم الفرعيـة فهي حصـيلة تطـبيق القيم والمعـايير الأصلية على الأوضاع والأحوال والظروف الخاصـة، ولــذلك تكــونرـ ـ رـ بتغي ـ ــايير تتغي ــذه القيم والمع ــان. إن ه ــان والمك ــا بالزم رهن الأوضاع والظروف، وتخلي مكانها للقيم والمعايير الجديدة. يمكن لله الشارع أن يمضي القيم والمعايير من النوع الأول بشكل دائم وأبــدي، وأمــا القيم والمعــايير من النــوع الثــاني فإنمــا يتمكن من إمضائها بشكل مؤقت ومشروط. وعليه فإن إمضاء اللــه الشــارع

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد337هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة والمشــروطة إلى قيم لا يمكنه أن يحول المعايير والقيم المؤقت ومعايير دائمة ومطلقة؛ لأن هذه القيم والمعايير في خارج ظرفها

التاريخي لا تخلو؛ إما أن تكون ذات قيمة؛ أو فاقدة للقيمة. وعليه، إذا أردنا أن نعلم ما إذا كان الحكم الشرعي الذي تم إمضاؤه قد أمضي بشكل مؤقت أو دائم لا نســتطيع الاســتناد إلى ظهــور الكلام وعمومــه وإطلاقــه الزمــاني أو أدلــة خلــود الأحكــامــرف العقلاء في العــالم، وهــل الشــرعية. وإنمــا علينــا أن نــرى ع ينظرون إلى الحكم الممضى ـ بقطع النظر عن إمضائه ـ بوصــفه ــا ومــؤطرا ــاريخ أو بوصــفه حكمــا مؤقت حكمــا مطلقــا يتخطى الت بالتاريخ؟ لا يمكن لله الشارع أن يمضي الحكم المؤقت والمــؤطر بزمانــه على نحــو مطلــق وأبــدي؛ إذ لا وجــود لهــذا الحكم خــارج نطاقه التاريخي. وبعبارة أخرى: في مثل هــذا المــورد ليس هنــاك أمر خاف ومجهول ليمكن الادعاء بأن اللــه الشــارع يعلمــه بعلمــه

الغيبي، وأننا نحن البشر لا نعلمه؛ بسبب نقصان عقلنا. وعليه ففي مــورد الأحكــام الممضــاة يكــون اســتمرار وبقــاء

بغض النظر عن»إمضاء الشارع تابعا لاستمرار وبقاء ذلك الحكم، ــارع ــاء الش ــرعية«إمض ــام الش ــرية الأحك ، وليس العكس. ولتس

الإمضائية على المجتمعات الراهنة، التي تختلف عن مجتمع صــدر الإسلام اختلافا جذريا، علينا أن نصرف النظر عن إمضاء الشــارع، لنرى ما إذا كــان ذلــك الحكم يبقى على قوتــه لــو لم يكن إمضــاء الشارع موجودا أم لا؟ وهل كان سيســتمر أم لا؟ وبعبــارة أخــرى: علينا أن نرى ما إذا كانت المجتمعات غــير الدينيــة الراهنــة تعمــل بذلك الحكم أم أنها قد استبدلته بحكم آخر؟ وكذلك علينا أن نــرى لو أن ذلك الحكم قد فقد دعامته الفقهية والدينية في المجتمعات

الإسلامية هل سيواصل الناس العمل به أم لا؟

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد338هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

وبعبارة أخــرى: إن على الفقهــاء في مقــام اســتنباط الحكمــوا أنفســهم في ــائي أن يفترض ــة الأولى»الإمض ، وأن(684)«الحال

يتصوروا المجتمع في أذهانهم وكأن الأحكام الفقهيــة غــير ســائدةــذوا بينهم، ليروا أنه لو ترك الناس في هذا المجتمع وشأنهم، واتخ قــراراتهم انطلاقــا من عقــولهم وطــبيعتهم العقلائيــة، هــل كــانوا يواصلون علاقاتهم على أساس ذلك الحكم أم لا؟ دون إحراز هــذا الشــرط لا يحــق لفقيــه أن يســري الأحكــام الممضــاة في صــدر الإسلام إلى الأزمنة المتأخرة، لأن مثــل هــذا الأمــر يعــد نوعــا من

البدعة في الدين. ــراهن أن فعلى سبيل المثال: لا يحق لأي فقيه في الوقت الــة الاســترقاق ق مشــروع في الإســلام، وإن إباح ــر ــأن ال ــول ب يق والعبودية وشراء الإنسان وبيعه من الأحكام الإسلامية الأبدية. كمار عن لا يحق لأي فقيه أن يســتند إلى الآيــات والروايــات الــتي تعب التفريق بين الرجل والمرأة، والمســلم وغــير المســلم، والشــيعي

ــدعي أن ــه، لي ــير الفقي ــه وغ ــني، والفقي ــوص»والس ــذه النص هــد والأحكام خالدة وأبدية، ولو أنكر شخص خلــود هــذه الأحكــام يع

ــوظ(«مرتدا ومبتدعا ؛ لأن هذه الأحكام لو كانت )في اللوح المحف مقيدة بحسب الواقع فإن الذي يدعي خلـود وأبديـة هـذه الأحكـام

. (685)سيكون هو المرتد والمبتدعــا عنــد الشــك نضيف هنا أنه لا يوجد أصل أولي يحدد وظيفتنـاـ البنــاء على اســتمرارية في اســتمرار حكم إمضــائي يقتضــي من ودوام ذلــك الحكم، إلا إذا كــان لــدينا قطــع ويقين بتوقيتــه وعــدم

. فعندما يكون لــدينا علم ســابق بــأن بعض الأحكــام(686)استمراره الشرعية مؤقتة سوف نحتاج في إثبات ادعائنا القائم على توقيتــاص؛ لأن ــل خ ــرعية إلى دلي ــام الش ــل حكم من الأحك أو دوام ك

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد339هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــة ــذور ومخالف ــتمل على ذات المح ــة يش ــام المؤقت إطلاق الأحكــبة ــإن نس ــة، ف ــام المطلق ــد الأحك ــترتب على تقيي ــاط الم الاحتي الاحتياط إلى كلا طــرفي القضــية واحــد، ولــو نســب شــخص أحــد الطرفين إلى الشارع دون دليل وجيه سيكون مبتــدعا في الــدين.ــوى على وكما رأينا إذا كان لدينا في مورد ظن عقلي وتجريبي أق تاريخية وتوقيت حكم ما فإن أدلته النقلية الدالة على إطلاقـه إمــاــه لمن الســذاجة أنها ستفقد ظهورها؛ أو ستسقط عن الاعتبار. إن أن نرى الاحتياط عند الشك في إطلاق أو تقييد الحكم في القــول بإطلاقه. مضافا إلى ذلك لا نستطيع تحديد ما هو الحكم المطلق؟ــة وما هو الحكم المؤقت؟ قبل العمل على ترجمة النصوص الديني

ثقافيا. ــدينين أن ــير من المت ــات»يتصــور الكث الحكم الشــرعي«ثب

دون في كلمــاتهم وكتابــاتهم ـ ةــ لــه، ولــذلك تــراهم يؤك يعتــبر مزي بشأن القوانين الشرعية وتقــدمها على القــوانين البشــرية ـــ علىر مســتمر، بينمــا القــوانين الشــرعية أن القوانين البشــرية في تغي

. وحجتهم في ذلك أن الإنســان لا يســتطيع وضــع(687)ثابتة لا تتغيرقوانين ثابتة وأبدية، بينما يمكن لله فعل ذلك.

: إن أصل هذا الادعاء موضــع شــك وترديــد. فهــلأولاولكن ر هناك من إحصاء حيادي يثبت أن القوانين البشــرية في حالــة تغي

وتبدل مستمر؟ : إن هؤلاء الأفراد لا يدركون هــذه الحقيقــةوثانيار القوانين والتشــريعات إنمــا ينشــأ عن الهامة، وهي أن ثبات وتغي

ــها، وليس عن «طبيعة» ــوانين نفس المقنن«علم» أو «إرادة» القع. فهناك من القوانين ما يتخطى التاريخ وتكون له قابليــة والمشررــ الثبات والبقاء، وتعطي نتائجهــا المطلوبـة والمنشــودة مهمــا تغين وما يتمتع به من الخصائص. الزمن، بغض النظر عن هوية المقن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد340هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــا ولكن سائر القوانين الأخرى ليست كذلك، فهي إنما تؤتي نتائجه المطلوبة منها في فترة زمانية ومكانيـة وضـمن شــروط محــددة. ولكي يصل الفرد والمجتمع الإنساني إلى الكمال المطلــوب فإنــه

«جميع»بحاجة إلى قوانين ثابتة، إلا أن هذا الأمر لا يقتضــي ثبــات ــا أن القوانين، وإنما الأمر على العكس من ذلك تماما؛ إذ يمكن لن ندعي أن الكمال المنشود للفرد والمجتمع الإنساني رهن بتوليفــةرة. وإن الدين الخالــد هــو من القوانين والتشريعات الثابتة والمتغي الــدين الــذي يــراعي هــذه الحقيقــة، ويأخــذها بنظــر الاعتبــار في

. (688)تشريعاته

ـ الاستدلال الثالث لصالح إحلال علم الفقــه محــل علم4الأخلاق

ــالث لصــالح التشــكيك الأخلاقي أولا ــدليل الث ــاءأمــا ال ، وإلغ العقل في مقابل النقل في دائرة الأخلاق ثانيا، وإحلال علم الفقه

محل علم الأخلاق، فيمكن بيانه على الشكل التالي: ـ إن الله أعقل العقلاء )رئيس العقلاء(. 1 ــــ إن من مســـؤولية اللـــه أن ينـــاغم أحكامـــه مـــع القيم2

الأخلاقية. ـ إن الأدلــة المتقدمــة على كمــال عقــل اللــه في التشــريع3

تدل على ضــمان التنــاغم والانســجام بين الأحكــام الدينيــة والقيمالأخلاقية بشكل مسبق.

ـ قد يختلف حكم رئيس العقلاء عن حكم سائر العقلاء. 4 ـ وعليه فإن مجرد تنافي الأفهــام الفقهيـة مــع حكم العقـل5

في باب الأخلاق لا يؤدي إلى سقوطها عن الحجية والاعتبار. ـ لذلك عند التعارض بين حكم العقلاء وحكم رئيسهم يجب6

.(689)علينا اتباع حكم رئيس العقلاء ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

341هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

أرى أن هذا الاستدلال إنما هو صورة أخرى للاستدلال الأول؛ لأن القول بأن الله أعقل العقلاء أو رئيسهم إما أن يعني أنــه يعلم أشياء لا يعلمها سائر العقلاء، أو أنه خلافا لسائر العقلاء لا يتعرض

لتأثير الأهواء والوساوس الشيطانية والنفسية. ـ وكما تقدم في الاســتدلال الأول ـــ إن مجــرد أنأولاولكن

ـدـا للادعــاء بــأن تلــك يعلم اللــه أمــورا لا نعلمهــا لا يصــلح دليلا جير الحكم الأخلاقي للموضوع. الأمور تغي

: يقوم الادعاء على إمكان القول من الناحيــة الدينيــة:وثانيا : الحكم الأخلاقي الــذيالنـوع الأولإن للــه نــوعين من الحكم:

ــادي(؛ ــا )الحكم الإرش والنوعيصدر عن الله بوصفه شاهدا مثالي : الحكم الصادر عن الله بوصفه شارعا )الحكم المولــوي(.الثاني

وعليه إذا كان هناك تعارض فإنما يكون في أحكــام رئيس العقلاء، وليس بين حكم رئيس العقلاء وحكم سائر العقلاء. وكما رأينا فإن حكم الشــاهد المثــالي في مقــام الثبــوت يتقــدم على حكم الإلــه الشارع. وأما في مقــام الإثبــات فإنــه في أغلب المــوارد ـــ إذا لمــوعين من الحكم عن نقل: في أجمعها ـ يتم الكشف عن هذين الن طريق الأساليب والأدلة الظنية، وليس الأدلــة القطعيــة واليقينيــة. وعلى هــذا الأســاس فــإن الطريــق الوحيــد الــذي يمتلكــه العقلاءــون. وفي للكشف عن حكم رئيسهم هو الجمع والتفريق بين الظنــة يحكم العقلاء ورئيســهم بوجــوب العمــل على الظن هــذه الحال

الأقوى. ر بالأهواء ـ كما رأينا ـ فــإن هــذا الأمــر لا وفي ما يتعلق بالتأث يختص بدائرة الأخلاق ومعرفة حكم الشاهد المثــالي فقــط، وإنمــا نواجــه هــذا الإشــكال حتى في دائــرة الفقــه ومعرفــة حكم رئيس العقلاء وحكم الإله الشارع أيضا. ولا يمكن حل هذه المشــكلة من

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد342هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

خلال الرجوع إلى الوحي والنقــل. وإن الطريــق الوحيــد للحــد من تأثير الأهواء والرغبات النفسية على معرفة التكليــف هــو الرجــوعــة في إلى المنطق والمعرفة، مع مراعاة القيم والمعــايير الأخلاقي

البحث والتفكير. ــارض بين حكم وعلى هذا الأساس صحيح أن علينا ـ عند التعــاع حكم رئيس العقلاء )الشــاهد ــ اتب العقلاء وحكم رئيس العقلاء ـ

فما»المثالي(، ولكن النزاع يدور حول ماهية حكم رئيس العقلاء، . يقــوم«كيــف يمكن التعــرف عليــه؟» و«هــو حكم رئيس العقلاء؟

ادعــاء الــذين يقولــون بــإحلال الفقــه محــل الأخلاق على أن حكم رئيس العقلاء هو ما نحصل عليه من طريــق الــوحي والنقــل، فيره، بل هو في الحقيقة نوع من حين أن هذا الادعاء ليس له ما يبر المصادرة على المطلوب؛ لأن الإدراكات العقلية والوجدانية عبارة عن إلهامات رئيس العقلاء نفسه، ولذلك فإن التعارض بين العقل والوحي هو تعــارض بين أحكــام رئيس العقلاء، وليس تعارضــا بينــرى: يتم ــ ــارة أخ ــ ــائر العقلاء. وبعب ــ حكم رئيس العقلاء وحكم س الحصــــول على حكم رئيس العقلاء من طــــريقين، وكلا هــــذينر بــالأهواء وارد فيهمــا الطريقين ظني، وإن احتمــال الخطــأ والتــأث

على السواء.

ـ الاستدلال الرابع لصــالح إحلال علم الفقــه محــل علم5الأخلاق

يقوم الاستدلال الرابع ـ لصــالح إحلال علم الفقــه محــل علم الأخلاق ـ على هذه الفرضية ما بعد الحداثيــة والأصــولية الحديثــة، القائلة بأن القيم الأخلاقية ملطخة بالثقافة وغير شــمولية. وطبقــاــة ــ ــل: الحري ــ ــة وقيم مث ــ ــة لا يمكن للأخلاق الغربي ــ ــذه الرؤي ــ له والديمقراطية وحقوق الإنسان ـ التي تعتــبر من الأصــول الجذريــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد343هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

لهذه الأخلاق ـ أن تسري على المجتمعــات الشــرقية والإســلامية،ع بثقافة مختلفة. التي تتمت

يقــوم هــذا الاســتدلال على النســبية الثقافيــة في مجــال العقلانية والأخلاق. وأول التبعات المترتبة على هذا الاســتدلال هــو أن القائل بـه لا يسـتطيع أن يـدعي بـأن القيم الـتي يـؤمن بهـا أو الدين الذي يعتنقـه شــمولي، بمعـنى أن الأخلاق العلمانيـة ليسـتــا ــا واعتباره ــر، وتســقط حجيته ــذا الأم ــأثر من ه ــتي تت وحــدها ال وقابليتهــا على التعميم، بــل إن الأخلاق الدينيــة )الفقــه( مشــمولة لهذا الحكم أيضا، وتفقد عموميتها وشموليتها، وتتحول إلى مسألةــتكون ــبية س ــة نس ــايير الأخلاقي ــانت القيم والمع ــإذا ك ــبية. ف نس المعــايير الفقهيــة نســبية بالأولويــة. وبعــد ذلــك لا يبقى هنــاك منــة، أو ــات الشــرقية والغربي ــات الاختلاف بين المجتمع ــق لإثب طري المجتمعات الدينية والمجتمعات العلمانيــة، من الناحيــة الأخلاقيــة. ولن يبقى هناك طريق لنقد المجتمعات الغربيــة أخلاقيــا. ولا يبقى هناك معيار للنقد والتقــييم العقلاني لهــذين النظــامين الأخلاقـيين،

. (690)وإيجاد الحلول العقلانية للنزاع بينهما

ـ تبعية الدين المنطقية والمعرفية للأخلاق3 وصلنا حتى الآن إلى إثبات أن الأخلاق غير تابعة للــدين على المســـتوى المنطقي والمعـــرفي. وهنـــا نـــدخل في البحث عن

.«هل الدين تابع من هذه الناحية للأخلاق أم لا؟»السؤال القائل: يمكن بيــان تبعيــة الــدين المنطقيــة والمعرفيــة للأخلاق على

مستويين مختلفين.دـعى أن معرفـــة الـــدين وفهمفي المســتوى الأول ــ : ي

المعتقدات الدينية بالمعنى العام للكلمة يقوم على الالتزام ببعض

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد344هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

الأصول والقواعد الأخلاقية. : يدعى أن معرفة الــدين بــالمعنىوفي المستوى الثاني

الخاص للكلمة ـ بمعنى معرفة الشــريعة وفهم الفتــاوى الفقهيــة ـ تقوم على الالـتزام بـالقيم والمعـايير الأخلاقيـة. وهنـا نضـطر إلىــلوك، وأن ــير وبين أخلاق السـ ــل بين أخلاق البحث والتفكـ الفصـ نستعرض دور وتأثير كل واحد منهما في المعرفــة الدينيــة بشــكل

. (691)مستقل

أـ دور أخلاق البحث والتفكير في المعرفة الدينية تعتـــبر المعرفـــة الدينيـــة نوعـــا من النشـــاط العقلاني. وإن اعتبارهــا وقيمتهــا المعرفيــة رهن بمراعاتنــا للضــوابط المنطقيــة والمعرفية أو المعايير العقلانية النظرية. وقــد بحثنــا في المواضــع السابقة من هــذا الفصــل بعض هــذه المعــايير، وسنواصــل البحث بهذا الشأن في الفصول اللاحقة أيضــا. والمهم هنــا على مــا يبــدو

هو التأكيد على الأمور التالية: ـ إن النقد الأهم الذي يمكن توجيهــه من الناحيــة المعرفيــة1

إلى الفقه التقليـدي والاجتهـاد المصـطلح هــو أنهمـا يقومــان على فرضيات خاطئة في العقلانية أو سيرة العقلاء. وإن أحد أهم هــذه

عــدم حجيــة الظنــون»الفرضــيات ـــ على مــا تقــدم ـــ عبــارة عن في مجال الفقه والأخلاق، الأمــر الــذي يــؤدي«العقلية والتجريبية

إلى تعطيل دور العقل المستقل عن النقــل في هــذين المجــالين، الأخلاق» محـــل «الفقــه النقلي»ويــؤدي تبعــا لــذلك إلى إحلال

ــا إلى«العقلية . وبطبيعة الحال فإن هذا النقد، قبل أن يكون متجهــة، بمعــنى أخلاق التفكــير ــاني الفقهي ــه إلى المب الفقــه، إنمــا يتج والبحث الفقهي. يقـــوم الادعـــاء على أن أخلاق البحث والتفكـــير

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد345هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الفقهي الراهن بعيد كل البعد عن أخلاق التفكــير والبحث الفقهي المثــالي؛ فــإن أخلاق التفكــير والبحث الفقهي الــراهن عبــارة عن

« مجموعة القيم والمعايير العقلانية أو العقلائية الــتي تعمــل حاليــا . ونطلــق على هــذه«على توجيه البحث والتفكير في مجال الفقه

ــمية ــة الفقهية»الأخلاق تس ــذه«العقلاني ــرف على ه . ويمكن التع الأخلاق أو العقلانية من خلال الرجوع إلى تاريخ الفقه. وأما أخلاق

مجموعـة القيم»التفكير والبحث الفقهي المثالي فهـو عبـارة عن والمعايير العقلانية أو العقلائية التي يجــدر أو يجب أن تعمــل على توجيه وهدايــة التفكـير والبحث في مجــال الفقــه، وتكــون القيمــة

. إن هذه القيم«والاعتبار المعرفي للفتاوى الفقهية رهنا بمراعاتهاــة. ومن أجــل دي والمعايير عقلانية وعقلائية، وليست شرعية أو تعبدـ من الرجـوع إلى العقـل العـرفي اكتشــافها والتعـرف عليهـا لا بــرف العقلاء، لا إلى الشــرع والنصــوص المقدســة. إن معــايير وعــا من ــا وحجيته ــير والبحث تحصــل على اعتباره وقيم أخلاق التفك الشــــــهود العقلاني أو توافــــــق العقلاء، وليس من إرادة وحكمــدين، ومن الشارع. إن هذه المعايير والقيم تفوق الفقه وتفــوق ال دون افتراضها في مقام معرفة الدين والشــريعة لن يكــون هنــاك

إمكان للمضي قدما. إن على الفقهاء والمجتهدين قبل كل شــيء أن يعملــوا علىدـ لهم في ذلـــك من ــ تصـــحيح وتنقيح قواعـــدهم المعرفيـــة. ولا بــدهم؛ أو أن ــة وتقلي ــاء المعرف ــرف العقلاء أو علم الرجــوع إلى ع يغدوا أنفسهم من المتخصصين والمجتهدين في هــذا المجــال. إن الموضوع الذي يحتاج اليــوم ـــ في الدرجــة الأولى ـــ إلى الاجتهــادــة، أو ــة أو المعرفي وإعادة النظر بشكل جذري هو العقلانية الفقهي أخلاق التفكير والبحث الفقهي )أخلاق الاجتهاد(. إذا أريد للفقه أن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد346هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

»يكون » فيجب أن يغــدو «ناجعا ، وإذا أريــد لــه أن يكــون«عصــريا عصريا وجب إعادة النظر في أسســه وقواعــده بشــكل جــوهري. وفي هذا الشأن تحظى القواعد الأخلاقية والمعرفية للفقه بأهمية

زائدة على سائر القواعد والمباني الأخرى. يمكن القــول بكــل جــرأة: إن الفقهــاء والمجتهــدين في مــالف، ولذلك لا يمكن العثــور يتعلق بأخلاق الاجتهاد إنما يقلدون الس على مثيـل للعقلانيـة السـائدة في الحـوزات العلميـة من خارجهــا أبدا. إن أهم الفوارق بين العقلانيــة الحوزويــة والعقلانيــة العرفيــة )العلمانية وما فوق الدينية( تكمن في الاعتبار والحجيــة المعرفيــة بالنسبة إلى الظنون العقلية والتجريبيـة؛ فـإن العقلانيـة الحوزويـة

«القيــاس الفقهي»تحصر الظنون العقلية في الظن الحاصــل من ــل المنطقي(، و ــان»)التمثي ــر«الاستحس ــداقا آخ ــرف مص ، ولا تع

للظن العقلي؛ ففي هـــذه العقلانيـــة تعتـــبر الظنـــون العقليـــةــداقا لـ د مص ــاب التعب ــة من ب ــك» و«الجهل»والتجريبي ، في«الش

حين أنه في العقلانية العرفية تنقسم الظنـون العقليـة والتجريبيـة إلى أقسام متعددة، وإن بعض أقسام الظنون العقليــة والتجريبيــة

ــاديق ــدخل في مص ــبرة، وت ــة«العلم»معت ــة العرفي . وإن العقلانيــذه تصنف الظنون العقلية والتجريبية والمتبنيات المســتندة إلى ه

الظنون ضمن المتبنيات المعتبرة والمقبولة. تنقسم الظنون من وجهة نظــر علمــاء المعرفـة المعاصـرين إلى: ظنون موثوقة ومعتبرة؛ وظنون غير موثوقة وغير معتبرة، أو إلى: ظنون عقلائية؛ وظنون غير عقلائية. وإن نسبة هذه الأقســام إلى الظنون العقلية والظنــون النقليــة نســبة العمــوم والخصــوص من وجه، بمعــنى أن هــذين التقســيمين لا ينطبقــان على بعضــهما تمــام الانطبــاق، في حين أنــه في العقلانيــة الحوزويــة أو الفقهيــة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد347هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ة من تكون الظنون المعتبرة والمقبولة عبارة عن مجموعــة خاصــــون ــول: إن الظن ــة تق ــذه العقلاني ــط، وإن ه ــة فق ــون النقلي الظن العقلية والتجريبية غير قابلة للاعتماد أبدا، وإن العمــل على طبــق هذه الظنــون اتبــاع للهــوى، ولــذلك فهي من الحــرام. نعم، يمكنر لا يكتفى ــ القول: عندما يمكن الحصول على القطع واليقين بيس بالظن، وعند إمكان ولزوم تحصيل الظن الأقوى لا يعتــنى بــالظن الأضعف؛ لأن مثل هذا الأمر إنمــا يــدخل في نطــاق اتبــاع الهــوى،ــاع حكم العقــل، ولكن لا فــرق من هــذه فيمــا لــو وجب علينــا اتب الناحيـــة بين الظن العقلي والظن النقلي. إن العقلانيـــة العرفيـــة تطلب منا عند عدم التمكن من القطع واليقين أن نعمل بــالظنونــتي يمكن الاعتمــاد عليهــا. وإن العمــل على طبــق الموثوقــة، وال الظنون الموثوقة، والتي يمكن الاعتمـاد عليهـا، لا صـلة لـه باتبـاع الهــوى، بــل العكس هــو الصــحيح، بمعــنى أن عــدم العمــل بهــذه الظنون هو الذي ينطلق من اتباع الهوى؛ لما في ذلك من مخالفة

صريحة لحكم العقل. ، الــتي هي نــوع«التجربــة الفقهية»ومضــافا إلى ذلــك، فــإن

خاص من التجربة الدينية، تعد واحــدة من أركــان البحث والتفكــير الفقهي. إن المؤمنين مكلفون باتبــاع النــبي، وإن اتبــاع النــبي في مجال الفقه لا يكــون ممكنــا إلا من خلال بســط التجربــة الفقهيــةــة ــأثير الأخلاق على تحقق التجرب للنبي الأكرم. ولكن لا شك في ت الدينية، وكــذلك على محتواهــا ومضــمونها أيضــا. كمــا أن التجربــةرة بأخلاقه أيضا. ولذلك يجب على المؤمنين في الدينية للنبي متأثــتي مــوا النصــوص ال ــة أن يقي ــة النبوي مقــام فهم وتفســير التجرب

تتحدث عن تجربته بالقيم الأخلاقية.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد348هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ب ـ دور أخلاق السلوك في معرفة الدين ننــاقش هنــا دور علم الأخلاق في معرفــة الشــريعة، ونــدافعة لهــذا العلم في اســتنباط الأحكــام عن المكانــة والمنزلــة الخاصــ الشــرعية. لقــد أثبتنــا، في الفصــل الرابــع من كتابنــا )الــدين في

ــرة ) ــيزان الأخلاق(، في الفق ــ 4م / ــة3 (، أن الأخلاق من الناحي الوجوديــة متقدمــة على الشــريعة، بمعــنى أن إرادة اللــه الشــارعــايير ــة للقيم والمعـ ــرعية تابعـ ــام الشـ ــدر الأحكـ ــتي هي مصـ الـ )الضـــرورات والمحظـــورات( الأخلاقيـــة، ولا يمكن العثـــور في الشريعة وفي اللوح المحفوظ وفي عــالم الثبــوت على حكم غــير منسجم مع القيم الأخلاقية، وإن كــان بالإمكــان العثــور على مثــل هذه الأحكام في النصوص الدينيــة. وإذا كــان النص الــديني مــورد البحث معتبرا من الناحية السندية وجب التعاطي مع متنه بوصــفهــاره من ــارج، ولا يمكن اعتب ــدين من الخ ــا على ال ــا مفروض حكم

ذاتيات الدين المطلق وما فوق التاريخي. إن الالــتزام بمثــل هــذه الفرضــية في مجــال الميتافيزيقــا أو المعرفــة الوجوديــة للفقــه يضــطرنا إلى الالــتزام بأصــل هــام في

أن الاســتنباط»المعرفــة الفقهيــة أيضــا، وهــذا الأصــل عبــارة عن ــة الأخلاقية ، أي«والفهم والفتوى الفقهية قابلة للإبطال من الناحي

إن الفتاوى الفقهية إنما تكون مقبولة ومعتـبرة بشــرط انســجامها مع القيم الأخلاقية. وعليه فإن وظيفة الفقهاء العقلانية والمعرفية تقتضــي منهم قبــل إصــدار الفتــوى أن يختــبروا فهمهم للنصــوص الدينية على أساس القيم الأخلاقية، وأن يجعلــوا الفتــوى متماهيــة

ومنسجمة مع تلك القيم. وكما قرأنا في كتــاب )الــدين في مــيزان الأخلاق( فــإن اللــه قادر على أن يصدر حكمــا منافيــا للقيم الأخلاقيــة، إلا أن أوصــافه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد349هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــإن وفضائله الأخلاقية تمنع صدور هذا الحكم من قبله. ومع ذلك فــل امتنــاع صــدور الحكم غــير الأخلاقي أو المنــافي للأخلاق من قبــة ــة أو المنافي ــوى غــير الأخلاقي ــاع صــدور الفت ــه شــيء، وامتن اللــل الفقهــاء شــيء آخــر تمامــا، بمعــنى أن الأول لا للأخلاق من قب يستوجب في حد ذاته امتناع واستحالة الثاني؛ إذ يمكن للفقيه أن يخطئ في فهم حكم الله. ومن الأخطاء المحتملــة والشــائعة أنــه قـد يســتنبط حكمــا منافيــا للقيم الأخلاقيـة من النصــوص الدينيــة، وينسب استنباطه إلى الله. ولهــذا الســبب تمامـا؛ وللحيلولـة دونــوا فهمهم م ــاء أن يقي ــأ، يجب على الفقه ــذا الخط ــوع في ه الوق

واستنباطهم من النصوص الدينية بميزان الأخلاق. ــه صــفاته ــ أي إذا لم تســمح ل ــه ـ إذا لم يكن باســتطاعة الل الأخلاقية ـ أن يبيح على المستوى الأخلاقي أمرا محظورا أو واجبا على المستوى الأخلاقي فلن يكون باستطاعة أي فقيه أن ينســب

ــذا الحكم إلى الله ــ ــل ه ــ ــاب العلم القطعي(692)مث ــ . وحيث إن ب واليقيني في علم الأخلاق ـ كما هو الحــال في علم الفقــه، وأكــثر العلوم البشرية الأخرى ـ مسدودا ومنسدا، ولا يمكن الحصول فيــالقيم ــيكون الظن بـ ــير العلم الظني، سـ ــال على غـ ــذا المجـ هـ والمعايير الأخلاقية من وجهة نظر العقــل العــرفي وعــرف العقلاءــد ــبرا، ويكــون ملزمــا على المســتوى العقلي والأخلاقي. وعن معتــايير ــة وبين المع ــة الظني ــة العقلي ــايير الأخلاقي التعــارض بين المع الفقهيــة النقليــة الظنيــة يجب تقــديم المعيــار الــذي يــراه العــرف

العقلاني هو الأقوى من الناحية المعرفية. ــوق ــاه حق ــرف العقلاء تج ــه ع ــذي يمتلك وحيث إن الظن ال الإنسان أقوى بكثير من الظن الذي يمتلكه الفقهاء تجــاه الفتــاوىــة الفقهية المنافية لحقوق الإنسان تسقط هذه الفتاوى عن الحجي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد350هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

والاعتبار. وليس المقلدون غير ملــزمين بالعمــل على طبــق هــذه الفتاوى فحسب، بل لا يحــق لهم ذلــك أساســا. ولــو عملــوا بهــذه الفتاوى فــإنهم ســيكونون مســؤولين، ويســتحقون المؤاخــذة؛ لأن الفتوى المنافية للقيم الأخلاقية لا تسقط المسؤولية الأخلاقية عن كاهل الإنسان، ولا يحق لأحد أن يســتند إلى الفتــاوى الفقهيــة في تجاهــل وهضــم حقــوق الآخــرين مــا وراء الفقهيــة والدينيــة. وهــذا

ــية في ــول الأساس ــد الأص ل أح ــة يمث ــل في الحقيق أخلاق»الأص. (693)«التقليد

ومن المناسب هنــا أن نشــير إلى بعض الشــبهات الموجــودةنين، مــع بيــان الجــواب المقنــع لهــا، على في أذهــان بعض المتــدي

النحو التالي: ــدالشبهة الأولى: إن للإنسان حقوقا، ولله حق أيضا. وعن

ــدم ك في أن التق ــه لا شــ ــق الل ــان وح ــق الإنس ــارض بين ح التع سـيكون لحـق اللـه. وإن التعــارض بين الفتـاوى الفقهيـة وحقــوق الإنسان يعود في الحقيقة إلى التعارض بين حقــوق اللــه وحقــوق

الإنسان، وليس تعارضا بين الفتاوى الفقهية وحقوق الإنسان. إلا أن هذا الكلام ليس سوى مغالطــة؛ لأن الــذي يــؤمن بــأنــه الله عادل عليه أن يؤمن بأن الله لا يهضم حقوق الإنسان. وعلي عندما تصل حقوق الإنسان إلى مرحلة الموضوعية والفعلية تكون حقوق الله سالبة بانتفاء الموضوع، بمعنى أن الله العادل ليس له حكم يستلزم سلب الحق من أحــد؛ لأن مثـل هــذا الحكم ســيكونــدما ــذلك عن ظالما. )ونزاعنا يدور حول وجود وعدم حكم الله(. وب يكون هنـاك حـق من حقــوق الإنســان فـإن اللـه لن يصـدر حكمــا مخالفا لذلك الحق، فيدعى بأن حق الطاعة للــه في هــذا المــورد يتعــارض مــع حقــوق الإنســان. وبعبــارة أخــرى: إذا كــانت حــدود

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد351هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

واعتبار حقوق الإنسان تابعـة للإرادة التشـريعية للإلـه الشـارع لنيكون هناك معنى لاتصاف الله بالعدالة.

إن بيان فكرة حقوق الإنسان إنما يأتي لدفع توهم شـائع بينــه اســتنادا إلى نين، وهو أن حق الله مطلق، وأن بإمكان الل المتدي هذا الحق أن يتجاهل القيم الأخلاقية، وأن يصدر حكما مخالفا لها، أو أن يــبيح لبعض عبــاده ـــ اســتنادا إلى حكمــه ـــ تجاهــل حقــوقي، وعلى الــرغم من د بقيــد لب الآخرين وانتهاكها. إن حق اللــه مقيــة على اســتغناء اللــه وكمالــه علمنا استنادا إلى بعض الأدلــة الدال الأخلاقي أن هذا القيد حاصل دائما، وهذا هو معــنى قولــه تعــالى:

ا يفعل وهم يسألون﴿ (، فإن عــدم23 )الأنبياء: ﴾لا يسأل عم إمكان سؤال الله لا يعــني أن بإمكانــه أن ينتهــك القيم الأخلاقيــة، وإنما يعني أن ما يقوم به منسجم على الدوام مع القيم الأخلاقية. وبعبارة أخرى: إن العقل الــذي يــدرك حــق الطاعــة للــه هــو ذاته العقل الذي يــدرك حــدود وثغــور هــذا الحــق أيضــا. وإذا كــان البناء على تقييد حقوق الإنسان بحق الله فعنـدها ســتكون حقــوق الإنسان لغوا وفاقـدة للمعــنى. إن حقــوق الإنســان هي حكم اللــه بوصفه شــاهدا مثاليــا )إلــه الأخلاق(، وإن حكم إلــه الأخلاق يحــدد الإطار الذي يحق فيه للإله الشارع )إله الفقــه( أن يصــدر حكمــه، وإن الإلــه الشــارع يــراعي هــذا الإطــار بإرادتــه ومقتضــى صــفاتهــتوى ــا على المسـ ــان الظلم قبيحـ ــه. إذا كـ ــة، ولا ينتهكـ الأخلاقيـــارز الأخلاقي فإن سلب أو إلغاء حقوق الإنسان مصداق واضــح وبهة عن مثل هذا الظلم. نعم، للظلم، وإن ساحة الله المقدسة منز يمكن لله بطبيعة الحال أن لا يخلق الإنسان ابتداء، أمــا أن يخلقــه

فســيكون(694)ثم يسلبه حقوقه الطبيعيـة أو يتجاهلهــا أو يحـد منهاــه التكوينيــة، ذلك لغوا وعبثا. إن إرادة الله التشريعية تابعــة لإرادت

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد352هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــه ــتراف بحقوق ــو عين الاع ــان ه ــق الإنس وليس العكس. وإن خلالطبيعية من قبل الله.

هــذا، مضــافا إلى أننــا حتى إذا قلنــا بــأن حــق اللــه في هــذا المورد ثابت، وهو يتعارض مع حقوق الإنسان، يمكن لنــا مــع ذلــك أن ندعي ـ كما يستنبط من بعض النصوص الدينية ـ أن اللــه يــرى تقدم حق الناس على حقه؛ لأن الله يمكنه يوم القيامة أن يتجــاوز حقوقه، ولكنه لا يســتطيع التغاضــي عن حقــوق النــاس؛ لأن ذلــك رهن برضا أصحاب الحقــوق، وإن تجــاوز اللــه عن حقــوق النــاس دون إذنهم يعتبر ظلمــا لهم. وهــذا يعــني أن اللــه يريــد من عبــاده مزيدا من الاهتمام بحقوق الناس، وأن يكــون اهتمــامهم بهــا أكــثرــه من اهتمامهم بحقوق الله. وعليه كيف يمكن أن ننســب إلى اللــوق انتهاكا لحقوق الإنسان، أو أن يبيح لبعض عباده أن ينتهكوا حق الآخــرين؛ اســتنادا إلى حقه، في حين إذا كــان حــق النــاس تابعــا

لإرادة الله فإن تغاضي الله عن هذا الحق لن يكون ظلما؟! وبعبارة أخرى: إن حق الله لا يكــون في مرتبــة حــق النــاســاك أبدا. وعليه لا يمكن تصور حصول التعارض بينهما. وإذا كان هن تعارض فهو بين رؤيتين بشأن كيفية توزيع حق الناس بين الأفراد. وفي الحقيقة فإن الأصوليين الدينيين الجدد والتقليــديين يســعون؛ من خلال الاستناد إلى حق الله، لتبرير التوزيــع غــير العــادل لحــق

الناس )حقوق الإنسان( بين الأفراد. ــل ــدم في الفص ــا تق ــات إلى م ــك، وبالالتف ــافا إلى ذل ومض السادس والســابع من كتــاب )الــدين في مــيزان الأخلاق( في مــاــارض بين ــدعي أن التع ــا أن ن ــالي، يمكن لن ــاهد المث يتعلق بالش حقوق الإنسان والفتــاوى الفقهيــة حتى إذا أدى إلى التعــارض بين الحقوق سيكون في الحقيقة تعارضا بين حق الطاعة للــه بوصــفه

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد353هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

شاهدا مثاليا )الإله الحكيم والعــادل والــرحيم( وحــق الطاعــة للــه الشارع والمالك؛ لأن حقوق الإنســان تســتند إلى إرادة واعتبـار أو علم الشاهد المثــالي. ويمكن الادعــاء بوضــوح أن وجــوب إطاعــة الشاهد المثالي مقدم على وجوب إطاعة اللــه الشــارع؛ لأن حــقــة في ــتراض القيم الأخلاقي ــه الشــارع متوقف على اف ــة الل إطاع مرتبة سابقة، وعلى تناغم وانسجام أوامر الإله الشارع مع تعـاليمــة أو ــق الطاع ــدة لح ــة الوحي ــمانة العقلاني ــه الأخلاق. وإن الض إل وجــوب إطاعــة اللــه الشــارع هي الصــفات الأخلاقيــة للــه )وهي:

الحكمة والعدالة والرحمة(. وبعبــارة أخــرى: إن التعــارض بين الفتــاوى الفقهيــة وحقــوق الإنسان هو غير التعارض بين حق اللـه وحقــوق الإنســان؛ إذ يجب أولا إثبات أن الفتاوى الفقهية المعارضة لحقوق الإنسان معتــبرة؛ كي يمكن لنا أن نستنتج أن اتباع تلـك الفتـوى من حــق اللــه، وأن تجاهلها ظلم لله. ولــو أن الفتــوى الفقهيــة مــورد البحث ســقطت عن الاعتبار؛ بسبب تعارضها مع حقوق الإنســان، فــإن اتبــاع هــذه الفتوى لن يكون مصداقا لاحترام حق اللــه؛ كي يســتلزم تجاهلهــا تضييعا لحق الله. وعليه فإن هذه الشبهة تعد نوعـا من المصــادرة على الموضوع؛ لأن بحثنا يدور حول ما إذا كــانت الفتــوى الفقهيــة المعارضــة لحقــوق الإنســان معتــبرة أم أنهــا تســقط عن الاعتبــار بفعل هذا التعارض؟ إذا كانت هذه الفتـوى معتــبرة فإننـا ســنواجه موردا من موارد تعارض حــق اللــه وحقــوق الإنســان؛ وأمــا إذا لمــا؛ لانتفــاء تكن معتبرة فإن حق الله في هذا المورد لن يكون فعلي موضـوعه. فلكي نكـون هنـا في مواجهـة التعـارض بين حـق اللـه وحقوق الإنسان يجب أن نفترض اعتبار الفتوى الفقهية. فــإذا أراد شـخص أن يثبت اعتبـار هــذه الفتــوى من خلال تطـبيق حــق اللـه

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد354هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

على هذا المورد يكون قد ارتكب مصادرة على المطلوب. ــة. وإنالشبهة الثانيــة: إن حقــوق الإنســان حقــوق فردي

دة بانسجامها مع حق أو مصــلحة المجتمــع فعلية هذه الحقوق مقي والنظــام. وعنــد حصــول التعــارض بين الحقــوق الفرديــة وحــق أو مصــلحة المجتمــع والنظــام تكــون الحقــوق الفرديــة ســاقطة عن

ــار ــ بالاســتناد إلى تقــديم مصــلحة(695)الاعتب . وهنــاك من ســعى ـ المجتمع والنظام على حق الفرد ـ إلى تبرير الفتاوى الفقهية غــيردــعى أن المجتمــع بمنزلــة المنسجمة مع حقوق الإنسان. وأحيانا ي السفينة، وأن جميـع أفـراد المجتمـع ركابهـا، ونحن لا نسـتطيع أن

نبيح لأحد تحت ذريعة حقوق الإنسان أن يثقب هذه السفينة. ــاطئ ــوم على فهم خ ــا يق ــة نظرن ــاء من وجه ــذا الادع إن ه

: إن المجتمع والنظــام ليس لــه من وجــودفأولالحقوق الإنسان؛ حقيقي، وإنما هو عبارة عن مجموعة من الأفراد، ولــذلك لا يوجــد لدينا حق باسم حق المجتمع والنظام. وعليه لا بد أن يكون المراد

دــ أن المجتمــع«حــق الأكثرية»من حق المجتمــع والنظــام هــو . بي العادل والأخلاقي لا يعتبر حقوق الأكثريـة أهم من حقــوق الأقليـة،ــة بمعنى أن جميع الأفراد يتمتعون بحقوق متساوية، وليس للأكثريــة كي يتم من حق خاص. بمعنى أنه لا يوجد حق باسم حق الأكثري من خلاله انتهاك حقوق الأقليــة. أجــل، يحــق للأكثريــة أن تطــالب بإدارة وتنظيم الأمــور الاجتماعيــة على أســاس مصــلحتها، أو حتى على أساس مذاقها، إلا أن هذا الحق إنمــا يكــون مباحــا في إطــار الانسجام مع حقوق الإنســان، بمعـنى أن حقـوق الأقليـات ليسـت تابعة لإرادة الأكثرية، ولذلك لا يمكن نقض حقــوق الأقليــة بذريعــة رأي أو رغبــة الأكثريــة. وبعبــارة أخــرى: عنــد التعــارض بين الحــق والمصلحة يكون التقدم للحق دائما، وإن الحــق هــو الــذي يرســم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد355هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الحدود المسموح بها من المصلحة. : إن حقوق الإنسان لا تقوم على المصلحة، ولا تنبثــقوثانيا

عن حقوق الأفراد، حتى يقال: عند حصول التعــارض بين مصــلحة الفرد ومصلحة المجتمع والنظام يكون التقدم لمصـلحة المجتمــع؛ بحكم كونه هو الأكبر. إن حقوق الإنســان هي من الحقــوق. وعنــد التعــارض بين الحقــوق والمصــالح يكــون التقــدم للحقــوق دائمــا. وأساسا فإن أحد الأدلة على عــدم كفايــة الاجتهــاد المصــطلح فيــك ــدور حــول فل ــه ي ــه في أفضــل حالات ــة هــو أن الحــوزات العلميــوق. وإن ــك الحق ــول فل ــدور ح ــالح، في حين أن الأخلاق ت المصالشيء الوحيد الذي يمكنه تحديد المصالح وتقييدها هو الحقوق.

ومضــافا إلى ذلــك فــإن هــذا الادعــاء لا ينســجم مــع فلســفة حقوق الإنســان؛ لأن التأكيــد على حقــوق الإنســان إنمــا يــأتي في ســياق نفي تقــدم المجتمــع والنظــام على الفــرد، والحيلولــة دوناــم والســلطات؛ فــإن ــل الحك إســاءة اســتغلال هــذا الأمــر من قب الأنظمـة الاسـتبدادية والدكتاتوريـة والشـمولية تعمـل على سـلب حقوق الأفراد تحت ذريعة الحفاظ على مصالح النظام والمجتمــع، في حين أنه طبقا لحقــوق الإنســان لا يحـق لأحــد أن يســلب حــق

فرد أو أقلية تحت ذريعة الحفاظ على المصلحة العامة. نعم، عندما يكون التعــارض بين الحقــوق يكــون المقــدم هــو الحق الأهم. بيد أن هذا الادعاء لا مصــداق لــه في مــورد الحقــوق الأساسية؛ لأن الحقوق الأساسية أهم من سائر الحقــوق الأخــرى، وإن جميع الناس يتكافأون في هذه الحقوق. وإن حقــوق الإنســان في الحقيقـة هي حقوقـه الأساسـية. فلـو تـوقفت حيـاة الجماعـة على قتــل فــرد بــريء، أو توقف إنقــاذ حيــاة النــاس على تعــذيب شخص بريء، كان قتل ذلك الفرد وتعذيبه غــير جــائز من الناحيــة

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد356هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

. (696)الأخلاقية ــارا ــة معي ــة والأقلي ــوق لا تشــكل الأكثري ــارض الحق ــد تع عن للتقديم والتأخير، وإنما الملاك يكمن في أهمية الحـق. فلـو توقف إنقاذ حياة شخص على تجاهل حق الآخر في ملكيته، أو التصــرف في هذه الملكية دون إذنه، كــأن يتوقف إنقــاذ شــخص من الغــرق على اجتياز أرض شخص آخر من دون إذنه، كــان ذلــك جــائزا من الناحية الأخلاقيــة. وأمــا إذا توقف إنقــاذ شــخص على إزهــاق روح

من الناحيــة الأخلاقيــة؛ إذ إنشخص آخر بريء لم يكن ذلك جائزاــة، ــة الأخلاقي ع بقيمة واحدة ومتساوية من الزاوي أرواح الناس تتمت

. (697)ولا فرق بين حق زيد في الحياة وحق عمرو فيها إن الذين يعملون على تبرير الفتاوى الفقهية غير المنسجمةــام، مع حقوق الإنسان، من خلال الاستناد إلى حق المجتمع والنظ أو حق الأغلبيـة، لا يلتفتـون إلى حقيقـة أنهم في المقلب الآخــر لا يرتضون تعميم هذا المعيار على المجتمعات غــير الإســلامية. فلــو أن حكومة في مجتمع غربي ـ على سبيل المثــال ـــ اســتندت إلى حق المجتمع والنظام أو حق الأكثرية، وعمــدت إلى تحديــد حريــةــة، وحظــروا عليهم بعض المسلمين في ممارسة فرائضهم العبادي ممارسة بعض تقاليدهم وأعـرافهم الدينيـة، لاعترضـوا على ذلــك،روا اعتراضهم في إطار الحقوق الطبيعية للإنسان. تعد النزعة وبر الفردانيــة أو أصــالة الفــرد وتقديمــه على الجمــع أحــد الفرضــيات الفلسفية لحقوق الإنســان. وإن هــذه الحقــوق في الحقيقــة تعينــة عن آراء الحدود والأطر لإرادة ومطالب الأكثرية والدولة المنبثق

. (698)أغلبية المواطنينع حقــوق الآخــرين، لا يحق لأحد من الناحية الأخلاقية أن يضــيــا ــع. كم لون الأكثرية أو الأقلية في المجتم سواء أكان الآخرون يمث

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد357هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

لا يحق للفرد أن يضـر بـالآخرين، وإن الإضـرار بـالغير ممنـوع من الناحية الأخلاقية. إلا أن الإضــرار بــالآخرين يختلــف عن إزعــاجهم؛ فليس هناك من كلام أو فعل لا يـزعج فــردا أو جماعــة. ولــو كــانرا لتعيين حدود حقوق الأفــراد لأصــبحت حقــوق ل مبر الانزعاج يمثــبر الإنسان لاغية وغير ذات مصداقية. إن عدم إزعاج الآخــرين يعت مستحبا من الناحية الأخلاقية، بيد أن التغاضي عن الحق؛ من أجل

. (699)عدم إزعاج الآخر، ليس واجبا من هذه الناحيةــة ذات ــام والأكثري ــع والنظ ــة على المجتم ــرد والأقلي إن للف الحقوق التي للمجتمع والنظام والأكثرية على الفرد والأقلية. وإنــوقهم؛ ون الطــرف عن حق ــة لا يغضــ ــع والنظــام والأكثري المجتم مخافــة إزعــاج الفــرد والأقليــة، أو إنهم غــير ملــزمين بــذلك على المستوى الأخلاقي. ليس للفرد ولا للمجتمع ولا للنظام ولا للأقلية ولا للأكثريــة حــق باســم حــق عــدم الانزعــاج من ســلوك أو كلام الآخرين؛ كي نقــول: إن مراعــاة مثــل هــذا الحــق يعــد واحــدا من

. إن ســلب حقــوق الأفــراد أو(700)التكاليف الأخلاقية على الآخرين الأقليات تحت ذريعــة عــدم اســتياء المجتمــع والنظــام أو الأكثريــةل في حقيقة الأمر ظلما من قبل المجتمع والنظام أو الأكثريــة يمث بحق الفرد أو الأقلية. وبطبيعة الحال فإن انتهاك المقدسات قــبيح من الناحية الأخلاقية، إلا أن موضوع هذا الحكم الأخلاقي لا يقتصرب، بــل كــذلك لا يحــق للأكثريــة أن على مقدسات الأكثريــة فحســــد العقائـــد والمتبنيـــات ــ ــك مقدســـات الأقليـــة. إلا أن نق ــ تنته والممارســات المذهبيــة والدينيــة وغــير الدينيــة هــو غــير الإســاءةفاتهم، للمقدسات، ويحق للجميع أن ينتقدوا عقائد الآخــرين وتصــر

هذا إذا لم نقل: إن ذلك قد يبلغ حد الوجوب أحيانا. وعلى هــذا الأســاس يمكن القــول: إن المجتمــع العــادل هــو

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد358هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

نين. وليس هنــاك نين وغــير المتــدي الذي تتساوى فيه حقوق المتدينين؛ كي يمكن القــول على أساســه: حق اسمه عدم إزعاج المتدينين. نين لا يحق لهم قول ما من شأنه إزعــاج المتــدي إن غير المتديــابت لجميــع الأفــراد ـ وإذا كــان مثــل هــذا الحــق موجــودا فهــو ثنين ــ بدرجـة واحــدة. نعم، لا يحـق لأحــد أن نين وغير المتدي المتدي ينتهك أو يدنس مقدسات الآخرين وعقائـدهم وآراءهم، إلا أن هــذانين، بــل يشــمل حــتى التكليف ـ كما سبق ـ لا يختص بغــير المتــديســوا أو نين لا يحــق لهم أن يدن نين أيضــا، بمعــنى أن المتـدي المتـدينين أيضا. وأما النقــد ينتهكوا آراء ومعتقدات ومقدسات غير المتدي المحترم لآراء الآخرين فهو حــق مكفــول لكلا الجــانبين، حتى وإن أدى ذلك إلى استياء وانزعاج أصحاب العقيدة التي تتعرض للنقد.ــع بالســفينة؟ ولكن ما الذي يمكن قوله بشأن تشبيه المجتم لنفترض أننا نسلم بهذا التشــبيه، في هــذه الصــورة يمكن القــول:ع المواطنين بحقوقهم الطبيعية بمنزلة خــرق الســفينة إذا كان تمتك ة من خلال التمســ فــإن ســلب وتضــييع هــذه الحقــوق ـــ وخاصــ بالدين وتوظيف الأساليب الاستبدادية ـ سيكون بمنزلة إغراق تلك الســفينة، أي إنــه إذا عمــد فــرد إلى الحيلولــة دون شــيء يعتــبره فاسدا، من خلال اللجوء إلى الاستبداد، سيكون كمن يدفع الفاسد بالأفسد، وسيكون كمن يفجر الســفينة بجميــع ركابهــا؛ كي يحــول

دون قيام أحدهم بثقبها. ــانالشـــبهة الثالثـــة: ــوق الإنسـ ــا: إن حقـ ــال أحيانـ يقـ

ــرب ــيين وش ــزواج بين المثل ــة ال ــؤدي إلى إباح ــة ت والديمقراطيل أحد الأسباب الرئيســة لمعارضــة الخمور وما إلى ذلك. وهذا يمثنين الســطحيين لحقــوق الإنســان والديمقراطيــة. وإن بعض المتدينون لهــذه المشــكلة يكمن في طريق الحــل الــذي يقترحــه المتــدي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد359هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

الفصل بين الحداثوية وأخلاق الحداثة، أو فصــل الديمقراطيــة عنــة والليبراليــة الليبراليــة، وإحــداث تقابــل بين الديمقراطيــة الدينيالديمقراطية، وتقييد حقوق الإنسان بتناغمها مع الأحكام الفقهية. ولكن لو فرضنا وجــود مثــل هــذه الملازمــة حقــا، وقلنــا بــأنــذه ــات، ففي ه بع ــذه الت ــل ه ــتمل على مث ــة تش الأخلاق العلماني

: إنــه قبــل المقارنــة بين نظــامينأولاالصــورة يمكن القــول: أخلاقيين علينا أن نصدر حكما واضحا بشأن قيمــة وأهميــة الأمــور التي تشتمل على أحكام أخلاقيــة مختلفــة في ذينـك النظـامين. لاـزـل في حرمــة الممارســات الجنســية ك في أن الأخلاق لا تخت شــ المحظورة وشرب الخمور وعـدم الحجــاب، بـل هنـاك الكثـير من الأمور التي هي من الناحية الأخلاقية أشد قبحا وفظاعــة من هــذه

إذا كنت لا تشرب الخمــر فلا الأمور، وكما يقول الخيام، ما معناه:ــدم تطعن في السكارى، وأنت تؤسس للمكر والخديعة. لا تغتر بعــد الخمــر شرب الخمر وأنت تخضم أنــواع المحرمــات، الــتي لا يع شيئا بإزائها. فإن الظلم مثلا والعنصرية والاستبداد وتضييع حقــوقــاء ــتيش والري ــاكم التف ــائق ومح ــويه الحق ــع وتش ــرين والقم الآخ والنفاق والتظاهر بالزهد وتوظيف الدين ومــا إلى ذلــك يعتــبر منــاقرة ــير من الشــذوذ الجنســي ومع ــة أســوأ بكث ــة الأخلاقي الناحيكر الحاصــل بســبب الســلطة أشــد خطــرا من الخمــور. وإن الســكر الحاصل بسبب شــرب الخمــر. وهكــذا الأمــر بالنســبة إلى الس الاتجــار بالــدين )الارتــزاق من خلال الــدين(. وإن رفــع ســقفــالآف ــوأ وأقبح ب ــريعة أس ــدة الش ــزاق على أعم ــلطة والارت السد )الارتـــزاق من خلال الفحشـــاء(. وإن المـــرات من بيـــع الجســـ الالــتزام الأخلاقي يقتضــي من الشــخص أن يبــدي من الحساســية والانفعــال تجــاه الأفعــال المنافيــة للأخلاق بمــا يتناســب مــع حجم

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد360هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

بة على تلك الأمور. وأهمية الأحكام الأخلاقية المترت إن الــذي يظهــر حساســية مفرطــة تجــاه الشــذوذ الجنســي وشرب الخمــر، ويرتــدي لامــة الحــرب والكفن؛ من أجــل القضــاء على ظاهرة التصفيق وسـوء الحجــاب، ولا يبـدي ذات الحساسـية تجاه الاستبداد والظلم السياسي وهضم حقوق النــاس، لن تكــونــة د على العدال ــذي يؤك ــة. وهكــذا ال مشــاعره وأحاسيســه أخلاقيــدي ذات ــه لا يبـ ــثروات، ولكنـ ــادل للـ ــع العـ ــادية والتوزيـ الاقتصـ الحساســية تجــاه العدالــة السياســية والتقســيم العــادل للســلطة )الديمقراطية(، لا يمكنه أن يدعي بأن القلق الــذي يســاوره قلــق أخلاقي، أو أنه منبثق عن الهواجس الأخلاقية، بل يجب النظر إلى صدق هؤلاء الأشخاص في مــا يــدعون بعين الشــك والريبــة. وفي الحقيقة فإن المبالغة في التأكيد على القيم الأخلاقيــة الثانويــة، أو التأكيد على مصاديق خاصة من القيم الأخلاقية العامــة، يعتــبر في حد ذاته نوعــا من الشــذوذ الأخلاقي؛ لأن مثــل هــذا التأكيــد يــؤديــة بالفرد والمجتمع إلى الغفلة وعدم الاهتمام بنقض القيم الأخلاقيــاظ على الأهم. ولو كان الفرد صادقا في هواجسه من أجــل الحف القيم فإنــه يجب أن لا يســاوي بين الأهميــة الــتي يوليهــا للقيم ونقضــها، وإنمــا يجب أن تكـون هواجســه متناســبة مــع حجم تلـك القيم. وعند التعارض والتزاحم بين ملاكــات القيم عليــه التضــحية بالقيم الدنيا من أجل القيم العليا، وأن يجعل الأولويــة للــدفاع عن القيم الأهم، وأن لا يــرتكب العشــرات من المنكــرات والفــواحش من أجل القضاء على منكر واحد. فما هي قيمة إغلاق حانة الخمر

إذا كان ذلك يؤدي إلى فتح أبواب الزيف والنفاق والرياء؟! : يمكن القــول: إن ميــول الأفــراد ورغبــاتهم الجنســيةوثانيا

والغذائية من زاويـة الأخلاق الاجتماعيـة تـدخل في نطـاق حيـاتهم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد361هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــاتهم وأذواقهم الخاصة، بمعنى أن الآخرين لا يحق لهم فرض متبنيــرين ر من ضغوط الآخ أو دينهم على هؤلاء الأفراد، وإن كان التحرر من قيــود الأخلاق في مجــال الحيــاة الخاصــة لا يعــني التحــرــة، من خلال ــة دون الانحرافــات الأخلاقي ـدـ أن الحيلول ــة. بي الفردي ممارسة الاستبداد الديني، إنما هو دفع للفاسد بالأفسد، وارتكــابــلاح الأخلاقي لا يتم لمنكر أكبر من أجل منع منكر أصغر؛ لأن الإص عبر الضغط والإكــراه، بــل إن مثــل هــذا الأمــر هــو عين الإفســاد؛

. (701)حيث يقضي على القيم الأخلاقية والدينية الأسمى والأكبر وبعبارة أخرى: إننا هنا نواجه موردا من مــوارد التعــارض بين الأخلاق الفرديــة والأخلاق الاجتماعيــة. وعنــد التعــارض بين هــذين النوعين من الأخلاق يكون التقدم للأخلاق الاجتماعية؛ لأن هذا هــو مقتضى العدالــة، بمعــنى الإنصــاف. فلــو أن الــذين يتبعــون نظــام الأخلاق الفردية، الذي يحظر ممارســة الشــذوذ الجنســي وشــرب الخمــر، كــانوا يعيشــون في مجتمــع تتــألف غالبيتــه من الشــاذين جنسيا والذين يشربون الخمر كــان لهم كامــل الحــق في اجتنــاب هذه الموبقات. ولو حاولت الأكثرية في ذلك المجتمع حملهم على ممارسة تلك الموبقات لاعتبر ذلك مصداقا بارزا للظلم، ولا يقــال بوجــود مثــل هــذا الحــق الــذي يــبيح للأكثريــة حمــل الأقليــة على

ممارسة واتباع أخلاقهم الفردية.

ـ كلمة أخيرة4ــاط المنطقي والمعــرفي بين ــا في هــذا الفصــل الارتب تناولنضنا بشكل محــدد بالنقــد والتقــييم لنظريــتي الدين والأخلاق. وتعر

إحلال علم الفقــه محــل علم»، و«تبعية علم الأخلاق لعلم الكلام». «الأخلاق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد362هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ــاء وكما رأينا، فإن حكم العقل طبقا للرؤية السائدة بين علم الشيعة إنما يكون معتــبرا إذا كــان قطعيــا ويقينيــا. ولكن حيث إنــادر التحقق لا يمكن الوصــول إلى حصــول القطــع واليقين أمــر ن حكم الشرع من خلال حكم العقل، ولذلك لا يمكن إبطال الفتاوى الفقهية بالاستناد إلى القيم الأخلاقيــة. ومن جهــة أخــرى، حيث إن حجيــة الــوحي من وجهــة نظــر هــؤلاء العلمــاء غــير متوقفــة علىــبرة أيضــا، يمكن القطــع واليقين، وإن بعض الظنــون النقليــة معت الوصول إلى حكم العقل من خلال حكم الشرع، ويمكن لنا إبطالــتركيب المتبنيات الأخلاقية من طريق الفتاوى الفقهية. وقد أدى الــل علم الأخلاق، ــه مح ــدعويين إلى إحلال علم الفق ــاتين ال بين هــخيص ــال تش ــرع في مج ــتقل عن الش ــل المس ــاء دور العق وإلغ

الحقوق والوظائف وتنظيم العلاقات الاجتماعية. كما تعاني ســائر الفــرق الإســلامية، بشــكل وبــآخر، من هــذا النوع من النزعة النقلية الجزميــة أو مــا كــان على شــاكلتها، رغمــرق ــذه الف ــل بين ه ــل على العق ــديم النق ــة على تق اختلاف الأدل المختلفــة؛ فــإن دليــل تقــديم النقــل على العقــل عنــد الأشــاعرة التقليديين ـــ مثلا ـــ يقــوم على أن أحكــام الشــرع لا تتبــع المعيــارــد والملاك العقلاني؛ في حين أن دليل تقديم النقل على العقل عن أكثر علماء الشيعة هو القــول بــأن الظنــون العقليــة )والتجريبيــة(

. (702)ساقطة عن الاعتبار في مواجهة الظنون النقلية ،«العقل» على «النقل»وقد عمــدنا إلى نقــد القــول بتقــديم

ــل «علم الفقه»وإحلال ــان من«علم الأخلاق» مح بالتفصــيل. وكلنا إليهــا عــدم وجــود دليــل يشــترط حصــول بين النتائج التي توصــ القطع واليقين على اعتبار وحجية حكم العقل، ويدل على التقديمــات الفقهيــة )المســتندة إلى الــوحي المنطقي والمعــرفي للمتبني

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد363هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. نبيل علي صالح•

ــل ــ ــتندة إلى العق ــ ــة )المس ــ ــات الأخلاقي ــ ــل( على المتبني ــ والنقــلة من خلال ــات الحاص ــارض بين المتبني ــد التع ــدان(. وعن والوج القنوات المعرفيــة المختلفــة يحكم العقــل بضــرورة مقارنــة هــذه المتبنيات فيما بينها، والالتزام بالمتبنى الذي يقوم الــدليل الأقــوى لصالحه. وإن الأدلة المتوفرة بين أيدينا لصالح المتبنيات الأخلاقيــة غالبا ما تكون هي الأقــوى من الأدلــة المتــوفرة لصــالح المتبنيــات

الفقهية المعارضة لها. ــك أيضــا. وليس كما أن التقوى والعدالة المعرفية تقتضي ذل هناك فــرق بين الــدليل العقلي والــدليل النقلي من هــذه الناحيــة. كما أن نسبة الاحتياط والتسليم لحكم الله في كلا طرفي القضية

متكافئ. إن النزعــة النقليــة القاطعــة، الــتي تقــوم على التفريــق بين النقــل والعقــل، وتكتفي في مــورد الأدلــة النقليــة بــالوهم )الظن الذي لا يرقى إلى الخمسين بالمئة(، وتشـترط في الـوقت نفســه لإثبات الحجية للأدلة العقليــة أن تبلــغ درجــة القطــع واليقين، غــيررة، ولا يمكن الدفاع عنها، بنفس المقدار الذي يكون في حالة مبر النزعة العقلية التي لا ترى أي قيمة واعتبار للتقاليد الدينيــة وغــير الدينية. إن المسؤولية المعرفية تقتضي من الفــرد أن يمنح قيمــةــوق ــة الحق ــام معرف ــل في مق ــل والنق ــل من العق ــاوية لك متس والتكاليف الأخلاقية والدينيــة. وعنــد حصــول التعــارض بين العقــل

والنقل يتم الانصياع للأمر الذي يحظى بدعامة معرفية أقوى. تــدخل»يذهب الدكتور عبد الكريم ســروش إلى القــول بــأن

ــة ــات العلميـ ــاء النظريـ ــاهم في بنـ ــدين يسـ ــل في فهم الـ العقـ والفلسفية والكلامية والعرفانية التي تساعد على فهم الــدين. ولاــه بد من اغتنام هذا العنصر المساعد، والاستمرار في توظيفه؛ لأن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد364هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فلسفة الدين وشروط الحداثة العقلية•

ل مفتاح السر الذي يفتح الطريــق أمــام التحــول والتقــدم في يمث.(703)«المعرفة الدينية

ــل في فهم ــدخل العق ــذا الفصــل تثبت أن ت ــوث ه إلا أن بح الدين أعمق وأكثر تجذرا من ذلك؛ فــإن هــذا التــدخل يحصــل أولا من طريق المعايير العقلانيــة وأخلاق التفكــير والتحقيــق )شــريعة العقل(. ولو تم الاعتراف بهذا التدخل فإنه ســيفتح الطريــق أمــامــه تدخل العلم والفلسفة والكلام والعرفان. وإن الذين يقفون بوج تدخل العلم ـ الأعم من العلوم الطبيعيــة والإنســانية ـــ والفلســفة والكلام والعرفان في فهم الدين والشريعة ليس لهم مســتند غــير العقلانية وأخلاق التفكير والبحث التقليدي. وإن العقلانية والأخلاق هما اللـذان يحظـران مثــل هــذا التــدخل، ويعتبرانــه محرمــا وغــير مشروع. وعليه فــإن أول شــيء يتعين علينــا القيــام بــه في إطــار إحياء الفكر الديني يجب أن يكون إصلاح هــذا النــوع من العقلانيــة والأخلاق. وإن حــل المشــاكل الماثلــة أمــام المجتمــع الــديني في

ــر في ــادة النظـ ــة رهن بإعـ ــة الحديثـ ــاد»المرحلـ «أخلاق الاجتهـــدم الحاصــل في مجــال فلســفة«أخلاق التقليد»و في ضــوء التق

الأخلاق وعلم المعرفة والهرمنيوطيقا.الهوامش

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد365هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

أصول فقه الإمامية رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق

التأريخيةـ القسم الثاني ـ

ن *(*()الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمي

أولا: مصنفات القرن الثاني الهجري قلنا فيما مضى إنه لم يصــلنا الكثــير من المــدونات الشــيعيةع آثــار المــدونات في القرون الأولى؛ لذا سيكون المنهج هنا هو تتبــا في كتب الفهارس والرجال، التي تعد المصدر الأســاس لإعطائن

الصورة العامة للتأليفات الشيعية آنذاك.

كتــاب من الأصــول في الروايــة على مــذاهب الشــيعة،ـ 1هـ(141لأبان بن تغلب الكوفي)

، ولــه^صــحب أبــان الأئمــة زين العابــدين والبــاقر والصــادق قــال:×عندهم منزلة وقرب؛ فلما بلغ خبر وفاتــه الإمــام الصــادق

)أما والله لقد أوجع قلــبي مــوت أبــان(. ويعــد من أعيــان الشــيعةالإمامية.

ــة ــديث والأدب واللغـ ــه والحـ ــالقرآن والفقـ ــا بـ ــان علمـ كـ.(704)والنحو

م.2004العلمية في قم عام محاضرات ألقاها سماحة الشيخ حيدر حب الله في الحوزة وهذا البحث في عمدته عبارة عن مجموعة من سلسلة أستاذ في الحوزة العلمية، من المملكة العربية السعودية.)*( *( ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد366

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــديم) ــه ابن الن ــر ل ــة من438ذك ــته مجموع ــ( في فهرس هـرــ فيــه(705)الكتب، منها: هذا الكتاب ، والذي يبدو من عنوانه أنه ذك

القواعد العامة للرواية عند الشيعة بمذاهبهم، ولم يذكر الشــيخان هـــ( لأبــان كتابــا بهــذا العنــوان،460هـ( والطوسي)450النجاشي)

، وقــد(706)وإنما ذكر الطوســي في )الفهرســت( أن لأبــان )أصــلا(هـ من أشــهر الـرواة، وروى بإسـناده عن عرف النجاشــي أبـان بأن

، مخاطبا أحد الرواة، قائلا: )إن أبان بن تغلب روى عني×الصادق ، وهــذا يعــني أنـه عـرف في(707)ثلاثين ألف حــديث، فاروهـا عنـه(

الأوساط العلمية بكونه أحد أكبر الرواة؛ بشهادة الإمام، ولامتلاكــهأصلا روائيا.

ــائي (708)لهذا ذهب كل من: السيد حسين المدرسي الطباطب

هـــ( إلى أن هــذا الكتــاب1434)(709)والشيخ عبد الهــادي الفضــلي الــذي نســبه ابن النــديم هــو نفس الأصــل الــذي ذكــره الطوســي

. ولعلهمــا ذهبــا إلى هــذا من عنــوان الكتــاب، الــذي هــو(710)لأبــانأقرب لأصول الرواية منه إلى أصول الفقه.

ويبقى احتمال انتماء الكتاب لأصول الفقه واردا.

ــ( بين دائــرتي أصــول199ـ هشام بن الحكم الكوفي)2 هـالفقه والكلام

، وعــرف×كان هشام بن الحكم من خــواص الإمــام الكــاظم.(711)ببراعته في علم الكلام والمناظرات المذهبية

فات مجموعــة من ــارس والمصــن ــه علمــاء الفه ــر ل وقــد ذكالكتاب، منها:

، وحديث الانتماء الأصولي أـ كتاب الألفاظ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد367هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

هــذا الكتــاب لهشــام.(712)ذكر الشيخان النجاشي والطوسيف أصــولي . وهــو وإن لم(713)وذهب كثيرون إلى أن الكتــاب مصــن

يصــلنا حتى نعــرف محتوياتــه، إلا أن عنوانــه واضــح في ذلــك؛ــذا ــاظ من الموضــوعات الأولى والأساســية في ه ــاحث الألف فمب

العلم. ولكن مــع هــذا، فمجــرد توافــق عنــوان الكتــاب مــع مبــاحثر عــد الكتـاب ضـمن الألفاظ الــتي تبحث في أصــول الفقــه لا يـبر المدونات الأصولية. وقد شــكك مجموعــة من العلمــاء في انتمــاءالكتاب إلى أصول الفقه، ومنهم: السيد محســن الأمين العــاملي)

والســيد(715)هـ(1434، والشيخ عبد الهادي الفضلي)(714)هـ(1370.(716)حسين المدرسي الطباطبائي

ــة، ــولية المتقدم ذـكر في الكتب الأص ـ ــوان لم ي ــذا العن إن ه والتي من المفترض أن ينتمي إليهــا )كتــاب الألفــاظ(. ولــو رجعنــا

هـ(، وهي من أقدم ما204إلى كتاب )الرسالة(، للإمام الشافعي)ــاحث ــوان )مب ــا عن وصــلنا أصــوليا من تلــك الفــترة، لن نجــد فيه الألفاظ( أو مــا يقــرب من هـذا العنــوان، وكـذلك الكتب الأصـوليةالقديمة من بعده، ككتاب )التذكرة بأصول الفقه( للشـيخ المفيـد)

ــى)413 ــيد المرتض ــريعة( للس ــول الش ــة إلى أص ــ(، و)الذريع هـ هـــ(،460هـ(، و)العدة في أصــول الفقــه( للشــيخ الطوســي)436

وغيرهــا. ولعلنــا لن نجــد عنــوان )مبــاحث الألفــاظ( إلا في القــرنالسابع الهجري أو قبله بقليل.

كما أن هناك محــاولات تحتمــل انــدراج )كتــاب الألفــاظ( فيعلوم أخرى غير أصول الفقه، ومنها:

ـ محاولة الدكتور حسين المدرسي الطباطبائي، الذي يــرى1ــة ــاف(. فبمراجع ــحفا من )الألط ــاء مص ــاظ( ج ــوان )الألف أن عن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد368هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

فهرســت الشــيخ الطوســي لا نجــده يــذكر لهشــام كتابــا بعنــوان . وهــذا(717))الألفــاظ(، بــل يــذكر كتابــا بعنــوان )كتــاب الألطــاف(

ــه هشــام، ــرف ب ــذي ع ــاحث علم الكلام ال ــوان مناســب لمب العنوخصوصا في مجال المناظرات مع المعتزلة.

كما يذكر المدرسي احتمالا آخــر يمكن حمــل عنــوان )كتــابفه ضمن المــدونات الكلاميــة. فبحث الألفــاظ الألفاظ( عليه، ليصن مرتبط بجـذور معرفـة الألفــاظ، وهـذا بحث كلامي، ولا علاقـة لـه

بالجانب اللفظي الذي يهم الأصولي.ــا لا نجــد أي ــك: إنن ــائي إلى ذل ويضــيف المدرســي الطباطب إشارة لهذا الكتاب عند متقــدمي أصــوليي الشــيعة الــذين وصــلتنا كتبهم، فضلا عن النقل عنــه، ولا حتى نســبة بعض الآراء الأصــولية

!(718)لهشام من هذا الكتاب ـــ محاولــة العلامــة الفضــلي، الــذي اســتبعد أن يكــون هــذا2

الكتاب منتميا إلى أصول الفقــه؛ فعنــوان )الألفــاظ( من العنــاوين المستعملة قديما في مدونات علمي المنطق والفلسفة، كمــدخل لتحديد مصطلحات العلم قبــل الــدخول في مباحثــه. ولأن هشــاما عرف بتخصصه في الحكمة اســتقرب الفضــلي أن يكــون الكتــاب

في مصطلحات الحكمة.رات جزمية لاعتبار )كتاب الألفاظ( لهشام إذن، لا توجد مؤش بن الحكم أحد المدونات الأصولية. وتبقى كل الاحتمالات مفتوحــة للأخذ والرد. ويحتمل أن يكــون الكتــاب في مســألة اللفــظ الإلهيــام بن الحكم من ــه هشـ ــرف بـ ــا عـ ــبة مـ والكلام الإلهي؛ لمناسـ

تخصصه في علم الكلام الإسلامي.

ب ـ كتاب الأخبار وكيف تصح؟

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد369هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

وهــو الكتــاب الآخــر لهشــام. وقــد ذكــره ابن النــديم في . وأما الشيخان الطوسي والنجاشي فقد ذكرا لهشــام(719)فهرسته

. ولا يبعــد أن يكــون العنوانــان لكتــاب(720)كتابــا بعنــوان )الأخبــار( واحد، وهو كما ذكره ابن النديم الذي عرف بدقته في الفهرســت؛

لأنه كان يعمل وراقا. وعنــوان الكتــاب يزيــد من احتمــال أن يكــون حديثــه في موضوعات أصول الفقه. فلعل حديثه حــول المعــايير في تصــحيح

الأخبار.د هذا الاحتمال ما نقله السيد المدرسي الطباطبائي، وما يؤك

هـ( نقل عن هشام رأيا في436من أن السيد الشريف المرتضى) . ومن المناسب أن يكون النقل من هذا(721))حجية الخبر المتواتر(

الكتاب دون بقية كتب هشام؛ لمناسبة المنقول لعنوان الكتاب.

كتـــاب اختلاف الحـــديث، ليــونس بن عبـــد الرحمـــان)ـ 3هـ(208

، وكــان’صــحب الإمــامين موســى الكــاظم وابنــه علي الرضاــد الإمــام الرضا زا عن ــا. وفي×ممي ــه في العلم والفتي ، ويشــير إلي

.(722)حديث أن الإمام وصفه بأنه ممن يؤخذ عنه معالم الدين . والعنوان يجعله في(723)ذكر له الشيخ الطوسي هذا الكتاب

أصول الفقه؛ إذ يبدو أن موضــوعه تعــارض الأحــاديث، والــذي هــومن مهمات أصول الفقه.

واحتمــل بعضــهم أن يكــون عنــوان الكتــاب: )كتــاب اختلاف (، فيكــون’الحــديث ومســائله عن أبي الحســن موســى بن جعفر

الكتاب عبارة عن مسائل في اختلاف الحــديث، دونهــا يــونس عن.×الإمام الكاظم

ما هو أول تصنيف في أصول الفقه الإسلامي؟ ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد370

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

خين لأصول الفقه وقع هذا الموضوع موردا للبحث بين المؤر الإسلامي عموما، وتضـاربت الآراء ووجهـات النظـر فيـه. ونحـاولــات في هنا أن نضيء على الموضوع من خلال اســتعراض الاتجاه

تحديد أول مدون لأصول الفقه عند المسلمين.وأبرز هذه الاتجاهات التي يمكن استعراضها، هي:

ــذيالاتجاه الأول : أو اتجاه المدرسة الشيعية الإمامية، واليرى أن الشيعة هم الرواد الأوائل في التصنيف في أصول الفقه.

ــد هــذا وهــذا الاتجــاه انقســم إلى رأيين أساســيين في تحديالمصنف الأول:

: الذي يذهب إلى أن )كتــاب الألفــاظ( لهشــامالرأي الأولبن الحكم هو أول مؤلف في أصول الفقه.

ــاب؟ ولكن من ــان تصــنيف الكت ــتى ك ــا لا نعلم م صــحيح أنند أنه دون قبل سنة ) ــا199المؤك ــوفي فيه هـ(، وهي السنة التي ت

هشام.ويبدو أن أول من رأى هذا الرأي هــو الســيد حســن الصــدر)

ــيد علي نقي(724)هـ(1354 ــة، منهم: السـ ــه مجموعـ ــه فيـ ، وتبعـ142، الشيخ محمد مهــدي شــمس الــدين)(725)هـ(1403الحيدري)

ــري(726)هـ(1 ــوي الجزائ ــيد علي الموس ــد(727)، الس ــيد محم ، الس، وغيرهم.(728)صادق الروحاني

ومن الواضح أن أصحاب هذا الرأي يقولون بأن هــذا الكتــابف ف في بعض مبــاحث أصــول الفقــه، لا أنــه أول مصــن أول مصــن جامع لمباحث هذا العلم، بل هذا ما نص عليه السيد الصدر بقوله:

.(729))وأول من أفرد بعض مباحثه بالتصنيف هشام بن الحكم...( : يرى أن كتــاب )اختلاف الحــديث ومســائله(،الرأي الثاني

ف في أصول208ليونس بن عبد الرحمان) هـ(، هو أول مؤلف صن ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

371هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الفقه. ومســتنده هــو أن صــاحب هــذا الــرأي، وهــو الســيد محســن

ــاملي) ــاظ(1371الأمين الع ــاب الألف ــون )كت ــكك في ك ــ(، ش هـــل ســنة ) ــ( في موضــوعات أصــول الفقه199المؤلف قب .(730)هـ

ف قبــل ســنة فعليه يكون كتاب )اختلاف الحديث ومسائله( قــد ألهـ(.208وفاة يونس، وهي )

ز هــذا الــرأي مــا ذكــره بعض البــاحثين، من أن عنــوان ويعــز (،×الكتاب هو )اختلاف الحديث ومسائله عن أبي الحســن موسى

ــل ) ــاظم، أي قب ــام الك ــاة الإم ــد دون في حي ــاب ق ــون الكت فيك.(731)هـ(، وهي سنة شهادة الإمام182

: أو اتجاه المدرسة السنية، والــذي يــرى أنالاتجاه الثانيالسنة هم السابقون في التصنيف في أصول الفقه.وانقسم هذا الاتجاه إلى الآراء الأربعة التالية:

ــدالرأي الأول : الذي يرى أن كتاب )الرسالة(، للإمام محم هـ(، هو أول مصنف إسلامي في أصول204بن إدريس الشافعي)

الفقه.ــان بن ــد الرحم فالمروي في سبب تأليفها هو أن الحافظ عب

هـ( التمس من الشافعي، وهــو شــاب، أن198هـ أو 192المهدي)ــالقرآن والســنة ــه شــرائط الاســتدلال ب ــذكر في ــا ي ــه كتاب يضــع ل والإجماع والقيــاس، وبيــان الناســخ والمنســوخ، ومــراتب العمــوم

.(732)والخصوص؛ فوضع الشافعي له كتاب )الرسالة( ةـ، عنـدما كـان شـابا ؛(733)وكان تأليفـه لهـا أول مـرة في مك

فها في بغداد هـــ(؛197هـــ و195، أي بين ســنتي )(734)وقيل: إنه أل . إلا إن(735)لأنهما السنتان اللتان أقـام فيهمـا الشــافعي في بغـدادهذا مستبعد؛ بملاحظة وفاة عبد الرحمان بن المهدي.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد372هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

هـــ( أو في199، أي في ســنة )(736)ثم أعاد تأليفهــا في مصر هـ( وما بعدهما؛ لأنه في إحــدى هــاتين الســنتين وصــل201سنة )

.(737)إلى مصر وهذا الرأي هو الغالب في الوســط العلمي الســني، كــالفخرر بـ)اتفق النــاس على أن أول من الرازي من المتقدمين، الذي عب

ف في هــذا العلم هــو الشــافعي( ؛ والزركشــي في )البحــر(738)صن المحيــط في أصــول الفقــه(؛ وابن خلــدون في )المقدمــة(؛ وأبــوــول(؛ ومن ــات الأصـ ــول من تعليقـ ــزالي في )المنخـ ــد الغـ حامـ المتأخرين: عبد الغني الــدقر في )الإمــام الشــافعي فقيــه الســنة الأكــبر(؛ والشــيخ محمــد ســليمان الأشــقر في )الواضــح في علم أصول الفقه(؛ والشيخ عبد الكريم زيدان في )الوجــيز في أصــولــه(؛ ــاب خلاف في )علم أصــول الفق ــد الوه ــيخ عب ــه(؛ والش الفق الشــيخ محمــد العــثيمين في )شــرح الأصــول من علم الأصــول(؛

؛(739)والأستاذ أحمــد محمــد شــاكر في )تقــديم رســالة الشــافعي(وغيرهم.

فه أبــو يوســفالـرأي الثــاني : ويــرى أصــحابه أن مــا صــن هـ(، صاحب أبي حنيفــة، هــو أول مصــنف182يعقوب بن إبراهيم)

فه. ولكن في أصول الفقه، وإن لم يذكروا عنوان الكتاب الذي صنــه ف في أصول الفق ابن خلكان ذكر أن أبا يوسف هو أول من صن

.(740)على مذهب أبي حنيفة ؛(741)واحتمل هذا الرأي كل من: الشيخ مصطفى عبد الرزاق

ــان(742)والدكتور محمود الشهابي ، الذي اعتمد على كلام لابن خلك الســابق، بالإضــافة إلى أن وفــاة أبي يوســف متقدمــة على وفــاة الشافعي، وهذا يعني أن تصنيفه للكتاب المنسوب إليه كــان قبــل

هـ(.182سنة ) ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

373هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

فات محمــد بن الحســنالرأي الثالث : الذي يــرى أن مصــنــولية، وهي189هـ أو 182الشيباني) فات الأص هـ( هي أولى المصن

ـ كما نسبها له ابن النديم ـــ: )أصــول الفقــه( و)كتــاب الاســتحان( . وقــد كــانت وفاتــه ســابقة على وفــاة(743)و)كتاب اجتهــاد الــرأي(

الشافعي بأكثر من عشر سنين..(744)وذهب لهذا الرأي الدكتور محمود الشهابي

ف في أصول الفقــه هــو مــاالرأي الرابع : هو أن أول مصنفه أبو حنيفة النعمان) هـ( أن911هـ(؛ فقد ذكر السيوطي)150صن

ف في أصول الفقه هو أبو حنيفة ، وتبعه على هــذا(745)أول من صنع ـــ مــا هي(746)أبو الوفا الأفغــاني ب التتب ، ولم يــذكر أحــد ـــ بحســ

ف الأصولي لأبي حنيفة. طبيعة هذا المصن هذه أبرز الآراء في تحديد أول مصنف في أصول الفقه على

مستوى الاتجاهين الشيعي والسني.

مداخلات وملاحظات ـ إن كون )كتاب الألفاظ( لهشام بن الحكم هو أول مصنف1

ــاب في ــوع الكت ــون موض ــه متوقف على أن يك ــول الفق في أص أصول الفقه. وهذا ما تمت مناقشته فيما ســبق. فليس هنــاك مــافات الأصــولية، فلا يدل بشكل واضــح على انتمــاء الكتــاب للمصــن

يمكن اعتباره المؤلف الرائد.ــد2 ــونس بن عب ــاب اختلاف الحــديث(، لي ــون )كت ــا ك ــ وأم ـ

ــاب ــون الكت ــوان لا يك ــذا العن ــو به ف الأول فه ــان، المصــن الرحم السابق في هذا المجــال؛ إذ الآراء الآتيــة تثبت تقــدم غــيره عليــه؛

بملاحظة سنوات الوفيات.ــاب ــاب، وهي: )كت ــوان لكت ــة لعن ــيغة الثاني ــوص الص وبخص

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد374هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

(،’اختلاف الحــديث ومســائله عن أبي الحســن موســى بن جعفرــالرجوع إلى نســخة فهرســت ــه ب ــة؛ إلا أن فهي وإن كــانت محتمل الطوسي المحققة نجدها ذكرت هذا العنوان كعنـوانين مســتقلين:

: )مســائله عن أبي الحســنوالآخر: )اختلاف الحــديث(؛ الأول.(747)(’موسى بن جعفر

ومع هذا، حتى لو كان عنوان الكتاب بالصــياغة الثانيــة فلعــل في حياتـه،×يونس قـد ســمع هــذه المســائل من الإمــام الكـاظم

ــأليف الكتــاب بعــد ســنة ) وألف الكتــاب بعــد شــهادته؛ فيكــون تهـ(.183

فهذا الرأي مستبعد أيضا. ـ من الواضح أن الرأي المشهور بين علماء أهل الســنة أن3

ف أصـــولي. ولكن؛ بملاحظـــة كتـــاب )الرســـالة( هـــو أول مصـــن الرســالة، ســوف نرصــد ظــاهرتين لا يمكن بعــدهما تصــحيح هــذا

الرأي والقبول به: : القارئ لكتــاب )الرســالة( ســيلاحظ فيالظاهرة الأولى

، بــل(748)أولها قولــه: )أخبرنــا أبــو عبــد اللــه محمــد بن إدريس...(ر عبـارة )قـال الشـافعي( في كثـير من مقاطعها ، وهــذا(749)وتكـر

يعني أن الكتاب من إملاءات الشافعي، لا من مدوناتــه. وإلى هــذا.(750)ذهب محقق )الرسالة( الأستاذ أحمد محمد شاكر

فإذا كــانت كــذلك ــ أي إنهـا من إملاء الشــافعي ــ فحـق أن هـ( هما أول من دونا148هـ( والصادق)114نعتبر الإمامين الباقر)

في أصول الفقــه؛ فقــد أمليــا على طلابهمــا الكثــير من النصــوص الأصولية. وقد جمعت في أكثر من كتاب، ككتاب )الأصول المهمةــول آل ــاب )أص ــاملي، وكت ــر الع ــيخ الح ــة( للش ــول الأئم في أص الرســول( للســيد هاشــم بن زين العابــدين الخوانســاري، وكتــاب

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد375هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ــاب )الأصــول )الأصــول الأصــيلة( للشــيخ الفيض الكاشــاني، وكتر. الأصلية( للسيد عبد الله شب

ــذه ــ ــياق، وهي: إن ه ــ ــذا الس ــ ــة في ه ــ ولكن تبقى ملاحظــرن’الإملاءات من الإمامين الباقر والصادق لم يتم تدوينها في الق

الثاني الهجري، أي لم تجمع أقوالهما في عصــرهما، إنمــا تم ذلــكبعد القرن الثاني بقرون، وكلامنا في التدوين.

ــاهرة الثانية : من الملاحـــظ أن )الرســـالة( حـــوتالظـ موضوعات غير الموضوعات الأصولية، مثل: )بــاب فــرض الصــلاة التي دل الكتاب ثم السنة على من تزول عنه بالعــذر وعلى من لاا(، تكتب صلاته بالمعصية(، و)وباب الفرائض الــتي أنــزل اللــه نصــمــات النســاء و...( ــدد ومحر و)جملة الفرائض: الزكــاة والحج والع

، فــورود أمثــال هــذه الموضــوعات في )الرســالة( لن يجعلهــا(751)ـرـت من أصــول الفقــه مــدونا خالصــا في أصــول الفقــه، وإن اعتب بالمعنى القديم، وقبــل أن تتبلــور القواعــد الأصــولية كمــا نعرفهــا

اليوم.زة لرسالة الإمــام الشــافعي؛ لكونهــا أحــد ومع الأهمية المميب أقدم النصوص الواصلة إلينا في الفكر الإســلامي، ولكن؛ بحســ ما بأيدينا من معطيــات، لا يمكن أن تكــون هي المــدون الأول في

أصول الفقه الإسلامي.ح مــا ذكــره العلامــة الســيوطي، من أن أبــا حنيفــة3 ـ إذا صــ

ــو ف في أصول الفقه، فبالتأكيد سيكون ه النعمان هو أول من صنهـ( متقدمة على جميع من ذكر.150السابق؛ إذ إن وفاته سنة )

ف، ولم إلا أن السيوطي لم يــذكر لنــا مــا هــو عنــوان المصــنــذه ــل ه ف؛ ليلاحظ ويدرس؛ فلع يصلنا ـ مع شديد الأسف ـ المصن

النسبة كنسبة سبق التصنيف إلى رسالة الشافعي.

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد376هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــة في ــبقية أبي حنيف ــيوطي من أس ــود الس ــان مقص ــو ك ولـرـ عنــه من قواعــد اســتنباطية كــان التصــنيف الأصــولي هــو مــا أث يمارسها فهذا خارج عن بحثنــا؛ فبحثنــا ـــ كمــا ذكرنــا ـــ حــول بــدء

التصنيف، لا المساهمة في التأسيس، التي تجاوزناها.ــيوطي، من أن لهذا لا يمكن الاطمئنان بما ذكره العلامة الس

أبا حنيفة هو الرائد في التصنيف الأصولي. ـ والملاحظة السابقة تأتي على مــا ذكــره ابن خلكــان، من4

ف في أصول الفقه؛ فلم يذكر لنا ما أن أبا يوسف هو أول من صن هو عنوان هذا المصنف؛ ولم يصلنا شيء من هــذا التصــنيف. ولــو صحت هذه النسبة لأبي يوســف فلا يضــر أن يكــون تصــنيفه على وفق مذهب أستاذه أبي حنيفــة. فــالمهم أن مــا ذكــره من قواعــد وموضوعات تصب في حريم أصول الفقه، ولو لم تقبل آراؤه عند

آخرين. وعليه فليس من الواضـح أن أبـا يوسـف هـو رائـد التصـنيف

الأصولي.ــة من5 ــ ــوى من بين الآراء المطروح ــ ــرأي الأق ــ ــ يبقى ال ــ ـ

ف في الاتجاهين هو الرأي القائل بــأن الشــيباني هــو أول من صــن أصول الفقه؛ فعناوين الكتب الــتي ذكرهــا لــه ابن النــديم واضــحة الانتماء إلى دائرة العلم، ووفــاة الرجــل متقدمــة على غــيره ممن

يحتمل في حقهم السبق في التدوين. ــيباني عن ــال يمكن أن يطـرـح ســيبعد الش ــة احتم إلا أن ثم الصدارة، وهو أن يكون كتاب أبان بن تغلب المعنون بـ )كتاب منف الأصــولي الأصول في الرواية على مذاهب الشيعة( هــو المصــن الأول؛ فالعنوان ـــ كمــا ذكرنــا آنفــا ـــ يناســب أن يكــون موضــوعا أصوليا ـ مع تجاوز ما احتملــه الــدكتوران الفضــلي والمدرســي ـــ،

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد377هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

هــــ(، وهي متقدمـــة على وفـــاة141ووفاتـــه كـــانت في ســـنة )الشيباني.

رـح سـابقا، وهـو أن6 ـ ويمكن هنا طرح رأي آخر غـير مـا ط يكون )كتــاب الأخبــار وكيــف تصــح؟(، لهشــام بن الحكم، هــو أولرــد تصنيف في أصول الفقه عنـد المســلمين؛ فعنــوان الكتــاب لا تلة على غيره من الكتب التي احتمــل عليه تلك الملاحظات المسجف الرائــد؛ لوضــوح عنــوان الكتــاب في في حقها أن تكون المصــنــار؛ أو انتمائه إلى الدائرة الأصولية؛ إما في البحث عن حجية الأخبد هــذا مــا نقلــه الــدكتور في البحث عن تعــارض الأخبــار. ويؤك

المدرسي، فراجع. وكانت وفاة هشام في أواخر القرن الثاني الهجري في سنة

ــنيف199) هـ(، فهو متقدم على كثيرين ممن قيل: إنهم رواد التصالأصولي.

ثانيا: مصنفات القرن الثالث الهجريهـ(217كتاب اختلاف الحديث، لمحمد بن أبي عمير)ـ 4

. وصفه’وهو ممن صحب وروى عن الإمامين الكاظم والرضا الشــيخ النجاشــي بأنــه )جليــل القــدر، عظيم المنزلــة فينــا وعنــد

.(753). وذكر له هذا الكتاب في )الفهرست((752)مخالفينا(ــارض والكتاب وإن لم يصلنا، إلا أن عنوانه يناسب مباحث تع

الأحاديث، وهو من الموضوعات الأساسية في أصول الفقه.

ال)5 ـ كتاب الناسخ والمنســوخ، للحســن بن علي بن فضــهـ(224

كان من القائلين بإمامة عبــد اللــه الأفطح ابن الإمــام جعفــرــادق ــاظم×الص ــام الك ــة الإم ــر بإمام ــام×، ثم أق . روى عن الإم

.(754). وكان ثقة، ووصف بأنه جليل القدر، عظيم المنزلة×الرضا

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد378هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

.(755)ذكر له النجاشي هذا الكتاب وعنوان الناســخ والمنســوخ وإن كــان من موضــوعات علــومــا القرآن الكريم، إلا أنه يعد من موضوعات أصول الفقه أيضا. ولن أن نراجع الكتب الأصولية المتقدمة الواصلة إلينا، كتــذكرة الشــيخ

ــيد المرتضى(756)المفيد ــة السـ ــدة الطوسي(757) وذريعـ ،(758)، وعـ وغيرها، لنرى أنها كانت تناقش هذا الموضوع ضمن أصول الفقه.

فعد الكتاب من أصول الفقه وجيه جدا.

كيت)6 ــو يوســف يعقــوب بن إســحاق الســ ــ أب ــ(،246ـ هـوالانتماء إلى علماء أصول الفقه؟

يت من أصــحاب الإمــامين ك ذكــر الشــيخ النجاشــي أن الســ ، وعــده من×، وممن روى عن الإمــام الجــواد’الجــواد والهــادي

.(759)الثقات الذين لا يطعن عليهمــاب ــا: )كت ــة من الكتب، منه ــون مجموع ــه المفهرس ــر ل ذك

. وقــد(761)، و)كتاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معنــاه((760)الألفاظ(ــنامه ــه )دانش ــد رضــا ضــميري، في كتاب ــتاذ محم ــا الأس اعتبرهميت، فقــال مــا ك فات الأصــولية للســ أصــوليان شــيعه(، من المصــن ترجمته: )...وقد كتب في الأصول كتاب الألفاظ؛ وكتاب مــا اتفــق

.(762)لفظه واختلف معناه. والكتابان غير موجودين(يت من ك ولنــا وقفــة مــع الأســتاذ ضــميري في اعتبــاره الســ

الأصوليين، وعده الكتابين من المدونات الأصولية: ـ أما في ما يخص )كتاب الألفاظ( فقــد وصــلتنا نســخة من1

الكتاب، وهو مطبوع بتحقيق: الدكتور فخر الدين قباوة.ــاط للكتــاب بعلم ومن خلال مطالعة الكتاب لم نجــد أي ارتب أصول الفقه، وإنما هو في )معاجم المعاني(، ومن أقدم المصــادر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد379هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

م إلى مائـة وســبعة(763)الواصلة إلينا في هذا المجـال . فهــو مقســ وأربعين بابا؛ مثلا: باب الفقر والجــدب، بــاب الجماعــة من الإبــل، باب حدة الفؤاد والذكاء، باب رفعك الصوت بالوقيعــة في الرجــل

تم له، باب أسماء القمر وصفته، و... والشــا في علم ــه، وإنم ــول الفق ــد ليس في أص ــاب بالتأكي فالكت

اللغة. ـ وأما كتابه الآخر )كتاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معنــاه(2

ــمونه، ومن ثم الحكم ــرف على مض ــلنا حتى نتع ــاب لم يص فالكت عليه؛ لإدخاله ضمن الدائرة الأصولية أو إخراجه منها. ولكن يمكنناــة؛ للخــروج بنتيجــة عامــة حــول ملاحظــة مجمــوع القــرائن التالي

الكتاب:ب مــا بأيــدينا من عنــاوينالقرينة الأولى : لم نجــد، بحســ

يت ك للكتب الأصولية، مع التركيز على الفترة الــتي عاصــرها الســ وما بعدها، أي كتاب أصولي بهذا العنوان؛ حتى يمكن أن نستقرب

يت كتابا في أصول الفقه. ك أن يكون هذا الكتاب للس : الملاحــظ أن مجموعــة من الكتب حملتالقرينـة الثانية

نفس هـــذا العنـــوان، وكلهـــا تنتمي إلى المجـــال اللغـــوي، أو أنفيها من اللغوين المعــروفين. مثلا: أبــو العميثــل عبــد اللــه بن مؤل

هـــ( الشــاعر213، الأصــمعي)(764)خليــد لــه كتــاب بنفس العنــواند اللغــوي(765)العــربي المعــروف لــه كتــاب بنفس العنــوان ، المــبر

هـ( له كتــاب )مــا اتفقت ألفاظــه واختلفت معانيــه في285البارز) ، الأحول بن العباس من علماء اللغــة والشــعر(766)القرآن الكريم(

، وغيرهم. وهذا أيضا مما يزيد احتمــال(767)له كتاب بنفس العنوانكيت هذا في اللغة، لا في أصول الفقه. أن يكون كتاب الس

ــة الثالثة كيت فيالقرينـ ــ ــ ــية ابن الس ــ ــرفت شخص ــ : ع

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد380هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

الأوساط العلميــة والثقافيـة كشخصــية لغويـة؛ فقــال عنــه الشــيخر(768)النجاشــي: )...وكــان وجهــا في علم العربيــة واللغــة...( ؛ وعب

عنه ابن النديم: )...وكان يعقــوب يكنى بــأبي يوســف، من علمــاء بغداد ممن أخذ عن الكوفيين... وكان عالما بنحــو الكوفــيين وعلم القرآن والشعر، وقــد لقي فصــحاء الأعــراب، وأخــذ عنهم، وحكى

؛ وعده أبو بكر محمــد بن الحســن(769)في كتبه ما سمعه منهم...( الزبيـدي الأندلسـي من علمـاء اللغـة، وذكـره في كتابـه )طبقــات

.(770)النحويين واللغوين( وترجم لهــ أو على مجموع هذه القرائن الثلاث يسلمنا إلى الاطمئنان ـ الأقل إلى الاحتمال القوي ـ بأن )كتــاب مــا اتفــق لفظــه واختلــف معناه( كتاب في اللغة، لا ما ذهب إليه الأســتاذ ضــميري، من أنــه

في أصول الفقه. قــد يــأتي إلى الــذهن هــذا الاحتمــال، وهــو: صــحيح أن هــذه القرائن المتقدمة قد أنهتنا إلى الاطمئنان بـأن الكتـاب في اللغــة، ولكن هذا لا يعني أن لا يكون للكتاب نحــو ارتبــاط بأصــول الفقــه

في مباحثه اللغوية. ويمكن دفع هــذا الاحتمـال من خلال الاطلاع على نمـاذج من محتويات الكتب التي تتناول ما اتفق لفظه واختلف معنــاه، ومنهــا

هـــ(،225ـ مثلا ـ: ما دونه إبراهيم بن أبي محمــد يحــيى اليزيــدي) يقول في مفردة )الدين(: )واحد الأديـان. والـدين: الطاعـة. يقــال دنت له: طعت له. والدين: الــدأب، يقــال: مــا زال ذلــك دينــه، أي

. فالكتب التي تحمــل هــذ العنــوان هي معــاجم(771)دأبه وديدنه...( في )المشترك اللفظي(، ولا يمكن عدها من المــدونات الأصــولية

بالمعنى الذي نقصده هنا.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد381هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

ــاذان)7 ــل بن ش ــر والنهي، للفض ــاع الأم ــالة اجتم ــ رس ـهـ(260

أحــد أشــهر المتكلمين الشــيعة في عصــره. روى عن الإمــام.×محمد بن علي الجواد

ذكر له البــاحث محمــد رضــا ضــميري هــذه الرســالة، وبهــذاــوان ــد(772)العن ــالة، ولم نج ــذه الرس ــدرا له ــذكر مص . ولكن لم ي

ع. مصدرها، بحسب التتب

هـــ(،260إســماعيل بن علي النوبخــتي)بعــد ـ أبو سـهل 8والتعدد في التصنيف الأصولي

وصفه الشـيخان النجاشـي والطوسـي بأنـه شـيخ المتكلمين. (773)من الشيعة

فاته في موضـوعات أصـول وقد تميز أبو سـهل بـوفرة مصـنرا عاليــا على تنــامي البحث الأصــولي الفقه. وهذا ما يعطي مؤشــ في الوسط الإمــامي وبـدء نضـجه في النصــف الثـاني من القــرن

الثالث الهجري.فات النوبختي في هذا المجال هي: ومصن

أـ كتاب الخصوص والعموم والأسماء والأحكام. وقد ذكــر لــه هـــذا الكتـــاب. وموضـــوع(775) والطوسي(774)الشـــيخان النجاشي

الخصوص والعموم من الموضوعات الأصولية الأساسية، كمــا هــوواضح.

ــت( ب ـ كتاب إبطال القياس. ذكره ابن النديم في )الفهرس . وتصنيف كتاب بهذا العنــوان يعطي الحجم الكبــير الــذي بــدأ(776)

يأخذه موضوع القياس في الوسط الإسلامي قبولا ورفضا، بعد أنــة، ةـ عن الأئم ـ ــاديث المروي ــرة على الأح ــه مقتص ــانت مواجهت ك

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد382هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

.×وخصوصا الإمام الصادقــر في ج ـ كتاب النقض على عيسى بن أبان في الاجتهاد. ذك

.(778) والطوسي(777)فهرستي النجاشي وموضوع الاجتهاد من الموضوعات التي كــان موقــف الأئمــة حاســما منــه؛ لأن بعض المــذاهب الفقهيــة الســنية كــانت تعتــبره مصـــدرا من مصـــادر التشـــريع في بعض الحـــالات. وقــد تنـــاولــار الأصوليون هذا الموضوع في كتبهم. وهذا ما ســيقودنا إلى اعتب

هذا النقض من المدونات الأصولية.ــره ــدي. ذك ــرأي على ابن الراون ــاد ال ــاب نقض اجته ــ كت د ـ

.(780) وابن النديم(779)الطوسيوهو كسابقه في اعتباره من مدونات أصول الفقه.

ــ ـــ كتــاب نقض رســالة الشــافعي. ذكــره ابن النــديم في هـ(781))الفهرست( بهذا العنــوان ؛ ولكن الطوســي لم يـذكر لــه كتابـا

ــألة ــاب نقض مس ــوان )كت ــا بعن ــر كتاب ــا ذك ــوان، وإنم ــذا العن بهــذكور(782)الشافعي( ــاب الم . ومن المرجح أن يكون هو نفس الكت

في فهرست ابن النديم مصحفا. ومن المظنون أن الكتب الأربعــة الأخــيرة جــاءت في ســياق السجال المذهبي بين الشيعة وخصومهم في بعض مباني التشريع واستنباط الأحكام الشرعية؛ فهذه الموضوعات كانت مادة خصــبةد أن مثــل هــذا النــوع من للمنــاظرات المذهبيــة. ولكن من المؤك الردود والنقوض كان له دور في فتح نافذة بدائية للبحث الأصوليــة ســاهمت المقارن فيما بعد. ولهذا يمكن عد هذه المرحلة مرحل في تأسيس أصول الفقه المقــارن بين المــذاهب الإســلامية فيمــا

بعد.

ــديث، ل9 ــاب اختلاف الح ــ كت ــدـ ــد بن خال ــد بن محم أحم ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

383هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين• هـ(274البرقي)

والطوسي بالوثاقة. قد ذكر له(783)وصفه الشيخان النجاشي.(784)الطوسي في )الفهرست( هذا الكتاب

ـ كتاب ناسخ القــرآن ومنســوخه ومحكمــه ومتشــابهه،10هـ(299لسعد بن عبد الله الأشعري)

ف الكثــير من وصف بأنه شيخ الطائفة وفقيهها في وقته. صن الكتب، ومنها: هذا الكتاب في أصــول الفقــه، الــذي ذكــره الشــيخ

.(785)النجاشي في )الفهرست(

ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، لدارم بن قبيصة11 . وقد ذكر لــه هــذا الكتــاب في×ممن روى عن الإمام الرضا

.(786)فهرست الشيخ النجاشي

ثالثا: مصنفات القرن الرابع الهجري هـــ(، والتنــوع352ـ أبو القاسم علي بن أحمد الكوفي)12

والتعدد في التدوين الأصوليفات ــن قيل في حقه: إنه ممن غلا في آخر حياته. صاحب مص

.(787)كثيرةللكوفي مجموعة من التأليفات في أصول الفقه، وهي:

أـ كتاب الفحص عن مناهج الاعتبار. ذكــره الشــيخ النجاشــي.(788)في )الفهرست(

وعنوان الكتاب مناسب جدا لموضوعات أصول الفقه. ولعله يتناول المناهج التي يمكن من خلالها اعتبار الحديث أو الأدلة. ومع

هذا تبقى بقية الاحتمالات في مادة الكتاب مفتوحة. ب ـــ كتــاب معرفــة تــرتيب ظــواهر الشــريعة. ذكــره الشــيخ

.(789)النجاشي أيضا في )الفهرست(

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد384هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

ــاول في وعبارة )ظواهر الشريعة( توحي بأن الموضوع المتن هــذا الكتــاب موضــوع أصــولي؛ إذ لعلـهـ تنــاول فيــه شــيئا مرتبطــا

بظواهر الكلام أو الأدلة.والجزم في هذا صعب.

ج ـ كتاب الرد على أهل القياس. ذكره الشيخ النجاشــي في.(790))الفهرست(

ـدـئ في القــرن ونستطيع أن نعتبر هذا الكتاب امتــدادا لمــا ب السابق من البحث في الأدلة الشــرعية عنــد المــذاهب الإســلامية

الأخرى، والتي وجدنا بدايتها مع أبي سهل النوبختي.ــا ــذا مم د ـ كتاب الرد على أصحاب الاجتهاد في الأحكام. وه

.(791)ذكره الشيخ النجاشي في فهرسته ويمكن أن نعتبر هذا الكتاب أيضــا امتــدادا لمــا وجــدنا بدايتــهــاد بوصــفه ــد النوبخــتي في القــرن الســابق. فموضــوع الاجته عن مصدرا للتشريع موضوع أصولي، وسنجد لــه حضــورا واضــحا إلى

القرون المتأخرة.

ـــ كتــاب الحــديثين المختلفين، لمحمــد بن أحمــد بن13هـ(368داوود)

كان شيخ الطائفة الشــيعية وعالمهــا، وعــرف كفقيــه وعــالم.(792)في الحديث

.(793)ذكر له هذا الكتاب الشيخ النجاشي في فهرسته

ــ كتــاب في إبطــال القيــاس، لأبي منصــور الصــرام)14 ـهـ تقريبا(370

وصفه الشيخ الطوسي بأنــه )من جملــة المتكلمين من أهــل نيســـابور. وكــان رئيســـا مقــدما(. وذكـــر لــه هــذا الكتــاب في

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد385هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

.(794))الفهرست(

ـ كتاب الناسخ والمنسوخ، للشيخ أبي جعفر محمــد بن15هـ(381علي الصدوق)

أحد أهم أعلام المذهب الشيعي، وصــاحب الكتــاب الحــديثيفات المعروف )كتــاب من لا يحضــره الفقيــه(، وغــيره من المصــن كثيرة، والتي منها هذا الكتاب، الــذي ذكــره الشــيخ النجاشــي في

.(795)الفهرست

هـــ(، وريــادة300ـ الحســن بن موســى النوبخـتي)بعــد 16التدوين في خبر الواحد

فات ــارز في زمانــه، وصــاحب المصــن المتكلم الإمــامي البالكثيرة. له في أصول الفقه:

أـ كتاب في خبر الواحد والعمل بــه. ذكــره الشــيخ النجاشــي.(796)في )الفهرست(

فات عنوانــا مخصصــا للبحث في لم نجد فيما سبق من مصــنخبر الواحد؛ فالكتاب يعد الأول من نوعه في هذا المجال.

والكتاب وإن لم يصلنا؛ حتى نتعرف على محتوياته، ومــا هــو موقف النوبختي من حجية خبر الواحد تأييدا أو رفضا؟ ولكن على مستوى المنهج من المحتمل جدا أن يكون تناوله لموضــوع الخــبرر من الجهة العقلية وبمنهج عقلي؛ فالنوبختي كان متكلما، وقد عبز على نظرائــه في عنــه النجاشــي بقولــه: )شــيخنا المتكلم المــبر

.(797)زمانه، قبل الثلاثمائة وبعدها( وثمة قرائن عامة يمكن من خلالهــا الميــل إلى أنــه كــان في

هذا الكتاب منتصرا لحجية الخبر، وهي:ر عنــه مثلا ـأولا : لو كان الكتاب في رفض خــبر الواحــد لعب

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد386هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

كما هو الغالب ـ )كتاب في رد خبر الواحد والعمل به(. : قد نسبت إلى النوبخــتي ـــ كمــا ســيأتي قريبــا ـــ ردودثانيا

د بــالظن( على أبي جعفر بن قبة، الذي أثــار موضــوع )جــواز التعبب إليــه ـ في الوسط الإمامي، وكــان من القــائلين ـــ على مــا نســد د بالظنون، فــالرد عليــه ســيكون في جــواز التعب بعدم جواز التعب

بالظنون، والتي منها خبر الواحد. لهاتين القرينتين يمكن الميل إلى أن الحسن النوبختي كانت

منتصرا لحجية خبر الواحد في هذا الكتاب. ب ـ كتاب الخصــوص والعمــوم، ذكــره الشــيخ النجاشــي في

.(798))الفهرست(ــه لأبي جعفــر بن قبة ــوان: جوابات ــ مجموعتــان بعن .&ج / د ـ

. ومن المحتمل أن تكون(799)ذكرهما الشيخ النجاشي في فهرستهةـ من عـدم جــواز هـذه الجوابـات حــول الـرأي المنســوب لابن قبد بالظن عقلا، وهــو الموضـوع الــذي كــان ضــمن موضـوعات التعب

الساعة آنذاك.

ـ كتاب الحديثين المختلفين وكتاب القياس، لعبد18 /ـ 17ميري) هـ تقريبا(300الله بن جعفر الح�

.(800)ذكرهما الشيخ النجاشي في )الفهرست( إلى احتمــال أن يكـون عنــوان(801)وقـد ذهب بعض البـاحثين

الكتاب هو )كتاب ما بين هشــام بن الحكم وهشــام بن ســالم فيــار والحــديثين المختلفين(، فيكــون ــة والن ــاس والأرواح والجن القي موضـــوع الكتـــاب اســـتعراض مـــا دار بين الهشـــامين في هـــذهــاس؛ ــوليان: القي ــوعان الأص ــا: الموض ــتي منه ــوعات، وال الموض

والحديثان المختلفان.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد387هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

وبهذه الصيغة يمكن اعتبــار الكتــاب من المــدونات الأصــوليةــالمعنى العــام، من خلال وصــفه للاختلاف بين هشــام بن الحكم ب

وهشام بن سالم الجواليقي.ــل الســيد ولكن مــا هــو مثبت في النســخة المحققــة من قب موسى الزنجاني كالتالي: كتاب مــا بين هشــام بن الحكم وهشــامــديثين ــ ــار، والح ــ ةـ والن ــ ـ ــاس، والأرواح، والجن ــ ــالم، والقي ــ بن س

. فهي مجموعة من الكتب، منها: )ما بين هشام بن(802)المختلفين الحكم وهشام بن سالم(؛ و)القياس(؛ و... وعليه يكون لعبــد اللــهــاص للكتب ــالمعنى الخ ــوليان ب ــان أص ــيري كتاب ــر الحم بن جعف

: بعنــوان )الحــديثانوالآخر: بعنوان )القياس(؛ أحدهماالأصولة، المختلفان(.

ـــ كتــاب الناســخ والمنســوح، لأبي الحســن علي بن19هـ(300إبراهيم بن هاشم القمي)بعد

ــني المحدث المعروف بوثاقته، والذي روى عنه الشــيخ الكليكثيرا في كتابه )الكافي(.

.(803)ذكر له الشيخ النجاشي هذا الكتاب في )الفهرست(

ــ كتـاب الناسـخ والمنســوخ، لأبي عبـد اللـه محمـد بن20هـ(328العباس )ابن الحجام()بعد

. ذكره الشــيخ الطوســي في(804)من الثقات، كثيري الحديث.(805))الفهرست(

نتائج واستخلاصات ـــ كــانت البــدايات الأولى لتأســيس علم أصــول الفقــه مــع1

الممارسات العملية الأولى للاجتهاد الشرعي، والتي مورست منذ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد388هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

رات؛ دت عليها مجموعة من المؤش عصر حضور المعصوم، كما أكخلافا للرأي النافي للاجتهاد في عصر المعصوم.

ـ لا يمكن وصف أي شخصية أو جماعة بأنها هي المؤسسة2 لعلم أصول الفقــه؛ لأن تأســيس العلم قــائم على عامــل الــتراكم التــاريخي وامتــداده الزمــني. فللكثــير من الشخصــيات الإســلامية مساهماتها في التأسيس للقواعد الأصــولية. فليس الشــافعي هــوس، كمــا ذهب لــذلك غالبيــة أهــل الســنة وبعض الشــيعة؛ المؤســ

س ـــ بــالمعنى الــذي نقصــده من×وليس الإمام الباقر هو المؤســ التأسيس ـ، كما ذهب إليه بعض علماء الشيعة. ولاحظنا كيف وقع

بعض الباحثين في خلط بين مرحلتي التأسيس والتدوين. ـ من الملحوظ أن البــدء بالتصــنيف الأصــولي بــدأ متــأخرا،3

بالمقارنة بينه والعلوم الأخرى العقلية. وأوضحنا أن هذا يرجع إلى ا انتماء أصول الفقه إلى العلوم النقلية، التي انتهجت منهجــا خاصــ

في التصنيف، أعاق بدء وسرعة التصنيف فيها. ـ بعد مرحلة التأسيس بدأت مرحلــة التــدوين أو التصــنيف،4

والتي كانت في القــرن الثــاني الهجــري، مــع أصــحاب أئمــة أهــل . ورأينا كيف كانت حركــة التصــنيف في تصــاعد؛ فبالرصــد^البيت

فات القرن الثاني الهجري، أما4تم التوصل إلى عناوين من مصنــاعد في10في القرن الثالث الهجري فقد تم رصد عناوين، لتتص

ــع الهجــري إلى ــا، وجــدنا أن بعضــها يمكن15القــرن الراب عنوانــه إلى دائــرة أصــول الفقــه، وبعضــها يمكن الاطمئنــان إلى انتمائ

النقاش في انتمائه إلى أصول الفقه.ف جــامع5 ـ الملاحظ من خلال الرصــد عـدم وجــود أي مصــن

وشامل لكــل الموضــوعات الأصــولية المبحوثــة في هــذه الفــترة،ــدها في ــ ــة. ويمكن تحدي ــ ق ــوعات متفر ــ ــانت الموض ــ ــا ك ــ وإنم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد389هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الموضوعات التالية: أـ الموضوعات المرتبطــة بالحــديث، والــتي تنــاولت تصــحيح

الأخبار، والاختلاف في الحديث، والتعارض بينها، وخبر الواحد. ب ـــ الموضــوعات المرتبطــة بالقيــاس، واجتهــاد الــرأي،

والنقوض على أصول المذاهب الإسلامية الأخرى. ج ـــ الموضــوعات المرتبطــة بالمبــاحث اللفظيــة، كــالعموم

والخصوص. ــارزا د ـ موضوع الناسخ والمنسوخ الذي وجدنا لــه حضــورا ب

في هذه الفترة. ـ يمكن اعتبار هذه القرون مرحلة بذر بدايات أصول الفقــه6

المقارن بين المسلمين، وذلك من خلال الكتب الــردود على بعض مبادئ الاجتهاد عند المذاهب الإسلامية الأخــرى، كنقض النوبخــتي

على رسالة الشافعي، وغيره.ف في7 ــد من الآراء حــول أول مصــن ــ لوحــظ وجــود العدي ـ

أصول الفقه الإســلامي بشــكل عــام. ووجــدنا أن كثــيرا من الآراءــتي لا يمكن ــية ال ــات الأساس ــلم من الملاحظ ــة لم تس المطروحــول في ــاب الأص ــرة بين: )كت ــالات دائ ــا. ولكن تبقى الاحتم تبنيهــة كتب ــان بن تغلب، ومجموع ــيعة( لأب ــذهب الش ــة على م الرواي الشيباني، الــتي ذكرهــا لــه ابن النــديم في )الفهرســت(، و)كتــاب

الأخبار وكيف تصح؟( لهشام بن الحكم. ـ الملامح العامة للبحث الأصــولي في هــذه المرحلــة يمكن8

إيجازه في التالي:ــة أـ من المتوقع أن تكون أبحاث هذه المرحلة بسيطة وخالي من البحث المعمق. وهــذه طبيعــة البــدايات، فهي تميــل إلى بــذر أسس المسائل والموضوعات التي سوف تتبلــور فيمــا يــأتي، مــع

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد390هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

أصول فقه الإمامية، رصد للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / • القسم الثاني

علماء هذا العلم.ــة لعلم أصــول الفقــه في هــذه ــة عام ل رؤي ــ لم تتشــك ب ـ الفترة. فكما ذكرنا لم نجــد أي كتــاب جــامع لمبــاحث موضــوعات هذه المرحلة، وبالتالي لن يكون هناك قابلية لتشكيل رؤية نظرية

لهذا العلم.ــذه ــه في ه ــول الفق ــون أص ــدا أن يك ــل ج ــ من المحتم ج ـــوعات ــة في الموض ــوم العقلي را بعلم الكلام والعل ــأث ــة مت المرحل ودراستها ومعالجها، وإن كانت عناوين البحوث ليست كذلك. ومــافين في هـذه المرحلـة يوجه هذا الاحتمال هو أن الكثير من المصن هم من المتكلمين، كالنوبختيين وابن الحكم وغـيرهم. ولعلـه لهــذا

هـ( علم الكلام أحــد1400اعتبر السيد الشهيد محمد باقر الصدر) مصــادر الإلهــام للفكــر الأصــولي، والــتي تمونــه وتمــده بالأفكــار

(806)والنظريات ــارا . وقد ذهب لهذا أحمد باكتجي، الذي اعتبرهم تي.(807)أصوليا ـ متكلما، له امتداده في علم أصول الفقه

هـــ(،1432وقد خالف في هذا الــدكتور أبــو القاســم كــرجي) الــذي ذهب إلى أن المبــاحث الكلاميــة والمنطقيــة لم تــدخل إلى

.(808)أصول الفقه إلا متأخرة، وليس في البدايات ـ لا يمكننا تحديــد الأســلوب الــذي ســار عليــه الإماميــة في9

ــلوب ــدوا الأس ــل اعتم ــولي؛ فه ــاريخهم الأص ــترة من ت ــذه الف هـةـ المذهبيــة، بمعــنى أنهم الهجــومي في معالجــة القضــايا الخلافي يقومون ـ بدون الدفاع عن وجهة نظــرهم ـــ بــرفض الموضــوعات التي اعتمــدتها أغلب المـذاهب الســنية آنـذاك، كالقيـاس واجتهــاد الرأي، أم كان أسلوبهم دفاعيا؟! لا يمكننا تحديــد الأســلوب الــذيفات الــتي دونت في ساروا عليه؛ نظرا لعدم امتلاكنــا هـذه المصـن

هذه الفترة. ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

391هـ1439م ـ 2018شتاء

الشيخ أحمد بن عبد الجبار السمين•

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد392هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

التطرف والعنف الدينيقراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة

*(*()أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد

اخـــترت في البدايـــة الوقـــوف على المـــراد من مجموعـــةالمفاهيم المطروحة، ومنها:

ــاهرة ، وهي عــدد من الحــالات الســلوكية المتكــررةالظــا والمتزايدة في مجتمع ما على نسق النشأة والآثار المترتبة عليه في المجــالات الاجتماعيــة والسياســية والاقتصــادية. فــاذا وجــدت حالــة جزئيــة من التطــرف الفكــري أو السياســي أو الــديني...إلخق، لكنهــا حين تتكــرر فهي نقطة توتر اجتماعي تتقد في مكان ضي وتتزايد نوعا )أي اطراد التطرف(، وكمـا )أي زيـادة المتطـرفين(، ينتقل الأمر إلى )الظاهرة(، وهي المتكرر الحاصل كسلوك فردير لتعظيم الظاهرة، فإن كانت وجمعي، يتبادلان بينهما التأثير والتأث معطياتها إيجابية، مثل: تحويل مفهــوم الجهــاد من معــنى الحــربــد والقتال والغزو إلى تعظيم الجهود للبناء والتقدم والتضــحية للبل والأمة، وبذل المزيد لأجل إســعاد النــاس، كــانت نتائجهــا إيجابيــة. ومثاله كــذلك: تعظيم ظــاهرة الوقــف، وتطــوير أشــكاله وأنواعــه ومشروعاته. فالوقف وإن كــان حكمــا شــرعيا، إلا أنــه في نطــاق الاستحباب، فإن تحول هذا الاســتحباب إلى رغبــة عامــة، ومعيــارا للتفاضل الاجتمــاعي، فتنتج عنــه آثــار إيجابيــة على مســتوى الكم

ية الفقه، ومدير مركز)*( *( الدراسات، في جامعة الكوفة. من العراق. رئيس قسم الدراسات العليا في كل ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

393هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

والنوع، وذلك بتأثير الأفراد ببعضهم، أو على مستوى النوع بابتكار مشروعات جديدة في الوقف، مثل: بيوت نقــل الخــبرة في مثــل أوضاع بلداننا. أما إذا كانت الظاهرة عدمية سلبية فإنها تجلب لهــار على المســتوى المــدني عــددا أكــبر من )متــدني الــوعي(، وتــؤث الحضاري للأمة، وتفتقد الظاهرة الســلبية إلى مشــروع حضــاري. فالأصل والنشأة هما اللذان يحــددان طبيعــة الظــاهرة ومعطياتهــا

وآثارها على مستوى راهن المجتمع ومستقبله. الجنوح غير المبرهن إلى اعتقاد ما بأفكارويراد بالتطرف

يعدها النهايات الأخــيرة للحقيقــة. وبنــاء على ذلــك فهــو يــرى أنــهــة، وأن الآخــرين ينطــوون على ــك الحــق والحقيقــة والحقاني يمتل

الباطل والوهم. ــط ولا يرتبط التطرف بفكرة محددة. فليس من الصــحيح ربف بالفكر الديني فقط، إنمــا كــل الأفكــار قابلــة لكي تكــون التطرــدأ نســبية المعرفــة فين حينمــا يغــادر أصــحابها مب مــادة للمتطــرــرف والبرهانية. فلقد عرف تاريخ الفكر البشري موجات من التط

ــرائيل ــود في إسـ ــيين واليهـ ــد الماركسـ ــار الإنجيلي(809)عنـ والتيـ البروتستانتي، الذي صدرت عنهم عشرات المــدونات الــتي تــزعم

ــه(810)أنها وصلت إلى نهاية التاريخ . بيد أن التطرف يظهر تارة كأن حالات فرديــة؛ ويتحــول تــارة أخــرى إلى ظــاهرة اجتماعيــة. وقــدب نــوع الــوعي يطول زمن استحكام الظاهرة؛ وقـد يقصــر؛ بحســ الذي يواجه الظاهرة، والبيئة الحاضنة، ووجــود أســباب موضــوعيةــزم أن تديم الظاهرة. ولا بد من أن نسجل أنه ليس كل تطرف يلفــون لا يســتخدمون العنــف لعــرض يقــترن بــالعنف؛ فهنــاك متطرفــة على عــدم اســتخدام أفكــارهم. وقــد تجــبر الحركــات المتطرــا في العنف، مع رغبتها فيه، أن ظروفا قاهرة لها تمنعهــا. وتجربتن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد394هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

ــئة بلدان العالم الاسلامي تكشف أن ممارسة العنف الديني الناشــة ضــعف ــر إلا في حال ــا نائمــة لا تظه عن التطــرف هي من خلاي أجهزة الدولة؛ إما لعدم وجود الكفاءات التي تــدير مؤسســاتها؛ أو لعوامل أخرى. ويكــاد يكــون موضــوعيا أن التطــرف رؤيــة فكريــة لممارسة العنف. ويقابل مناخ التطرف الوسطية، وهي القــدر من التوازن بين المتبنيات الفكريــة وبين مــا يختلــف معهــا من أفكــار،ــه بحيث يبدأ الاعتدال من ذلك القدر من المقبولية للآخــر، على أنــة مشــروعية تلــك الأفكــار. ليس بالضــرورة أن ينتج عن المقبوليــريم: ــرآن الك ــوارد في الق ــارف ال ــوم التع ــو مفه ــك ه ــل ذل ولع

، ولعل الوسطية التي يراد﴾وجعلناكم شعوبا وقبائ�ل...الآية﴿ منها أن تكون المناخ الذي يغلق الطريق على تدني الوعي المنتج للتطــرف هي الاعتبــار الممنــوح لكــل صــاحب رأي، والســماح للاســتماع لــه، ثم مطالبتــه بالبرهنــة على مــا يــرى. فهي إذن فيــدر من الشــمولية في الرؤيــة البداية منهج معرفي ينطوي على ق

متعددة الأبعاد. إن الأزمة في غياب الوسطية في إشكالنا الراهن )التطــرفــديني ــالفكر ال ــط ب ــري يرتب ــان الفط ــا أن الإنس ــف( مرده والعن بسرعة، وبانجذاب قوي، ثم يقــدس التعــاليم الدينيــة، صــعودا إلىر عن فكر ديني، ويتماهى مــع المقــدس، حتى كل ما يرتبط أو يعب يصــبح الســؤال عن محتــوى ديــني أو التســاؤل عنــه )مروقــا( عن

أن الــدين عبـارة عن نظــام»الدين. لــذلك يؤكــد جــان بــول ويليم رموز يعمل ويثــير لــدى البشــر حــوافز قويــة وعميقــة ومســتديمة

، عــبر صــياغة مفــاهيم عن«ومقدسة لا يجوز السؤال عن حقائقهاــاهيم الوجود والحياة والإنسان ودوره الوظيفي، وإعطاء هذه المفــدار الـــوعي الحقيقي ــا بمقـ ــدد نوعهـ ــلوكية، يتحـ ــيدات سـ تجسـ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد395هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

والبرهاني. ويرى أن الدين يوحد طريقة تصــرف عــبر الشــعائر الدينيــة، ويطرح عبر جاذبية شديدة مفــاهيم تفــوق مــا تطرحــه التجربــة أو

. ففرصـة الحــوار والمراجعــة والتأمــل غـير(811)الحقيقـة الارتقائية كافيــة. لهــذا يكــون الجهــل، وعــدم إخضــاع الفكــر الــديني للمنهج العلمي، سببا مهما في غياب التوازن والبرهانية وشــمولية الرؤيــة الفكرية، وهي عوامل مهمة للتطرف وغيــاب الممارســة النقديــة،

ف الإيجابي مع المتغيرات. وغياب الاستعداد للتكيــه؛ وفي ظني أن الوسطية حاضنة للاعتدال، وليست رديفة ل

لا«وضــع الأمــور في مواضــعها»ذلــك أن صــفة الاعتــدال بمعــنى ــدين ــائق ال تتكون إلا بعد أن يتوسط العقل بين التجاهل التام لحق وبين الغلــو في اعتبــار كــل مــا جــاء عن طريــق رجــال الــدين أوــة ر عن الحقيق ــالى، المعب المتصدين للفكر الديني هو قول الله تع الدينية النهائية. فالاعتدال ناتج عن وســطية تنظــر باعتبــار فكــريــا ــترم ذاته ــدد داع، وتح ــر، بحيث لا يبقى للتش ــات الآخ إلى متبني الفكرية أن أدراك مناشئ التطرف وتداعياته التي تســبب أزمــاتــة ضــرورية لاكتشــاف السياســات ــد مقدم ــة يع ــة ومجتمعي فكري المجتمعية للمواجهة. ويعتقد الكثير أن مواجهــة الظــاهرة العنفيــة ذات الغطاء الديني يلزم أن تنطلق من النطاق ذاته، أو من جنس

ــة ــون مواجهـ ــا، بحيث تكـ ــاهرة ذاتهـ ــاهرة العقائدية»الظـ «الظـ بالعقائــد، والثقافيــة بالثقافــة، والاقتصــادية بالوســائل الاقتصــادية. فهذا هو الأصل، ولا يمنع من أن تعضد المواجهة الأصلية بمعززات أخرى، بحيث ترسم سياسة المواجهة رسما استراتيجيا، شــموليا، يبدأ من الفكر إلى إعــادة بنــاء المجتمــع، إلى اقتصــاديات ماحقــة للتفاوت، إلى تطلع مدني للحاضر والمســتقبل لا يقــف من الــدين

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد396هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

موقفا ســلبيا. أمــا الارهــاب فلا يــرادف العنــف، إنمــا الإرهــاب أن يتحول من استخدام القوة لأجل نشر )فكر متطرف( إلى سياسـة مرسومة وقصدية تســتهدف إشــاعة أجــواء الــرعب، والإفــادة من سايكولوجيا الخوف. فالإرهاب استخدام مرسوم وقصــدي للعنــف

، ولتعظيم«غــير برهانية»ونمــاذج من القــوة لترســيخ قناعــات ــة الشعور بالهزيمة والوهن وعدم القدرة على الصمود أو المواجه

. في ما يطلق عليه بالتوحيش المراحــل(812)عند الآخر المستهدف ثلاث: استخدام العنــف الــديني؛ تحويلــه إلى الإرهــاب؛ ثم تحويلــه

إلى التوحش وما تقدم. إن التطرف ناشــئ عن أســباب ذاتيــة وموضــوعية ونفســية.ــة التطــرف. وإن الوسطية والاعتدال هما البديل الذي يواجه موج وإن الأزمة إشكالية مركبة لها أثار سلبية على الوضــع العــام. وإن السياسات المجتمعية عبارة عن لائحة عمــل اســتراتيجية تشــتغل عليها أجهزة الدولــة ومؤسســات المجتمــع المــدني والأفــراد. وإن

الإرهاب وسيلة بدائية لغرض القناعات من خلال الخوف.ــيوع ــباب ش ــنعرض أس ــطلحات البحث س ــد مص وعلى تحدي ظاهرة التطــرف، وأســباب انتشــاره، ودواعي وأهــداف اســتخدام

الإرهاب، ومحاولة رسم استراتيجيات المواجهة ومكملاتها.

الموقف القرآني من المشروع التكفيري، إشكالية الــدينوالتدين

لا يختلف اثنان على أن أصـل مشـروعية الأفكـار والمفـاهيمــوالت على تفســيره ــد ت ــرآني. وق ــو المســتند الق ــادات ه والاجته عشرات الأجيال من المفسرين. فكل أمر ينتسب إلى الإســلام لا بد أن يسوغه كتاب الله المجيد... ولو وقفنا على كتاب اللــه فإننــا

نرى: ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

397هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

�﴿ـــ أنــه يــدعو إلى الســلام، فيقــول: 1 لم ادخلوا ف�ي الســة .﴾كاف

ولا تعتدوا إ�ن الله﴿ـ ويمنع ويحرم أي ممارسة عدوانية: 2.﴾لا يح�ب المعتد�ين

ـ ويتحقق الإيمان والأمان بمعرفة الله الإيمانية. 3ـ ويحرم قتل النفس إلا بالحق. 4ـ ويكرم الإنسان ويستخلفه. 5ـ ويجعل للعقائد طريق العقل وحرية الاعتقاد. 6 ـــ ويمنــع النــاس من التفــتيش عن عقائــد النــاس، ويختص7

البارئ تعالى بمحاسبة الناس على الإيمان. ــرج عن8 ــل من خ ــة لك ــة والتوب ــاب الإناب ــرآن ب ــ يفتح الق ـ

الطريق القويم. ـ ويغفر البارئ الذنوب جميعا إلا الشرك بعناد. 9

ـ يــأمر بالحكمــة والجــدال بــالتي هي أحســن والموعظــة10الحسنة في الدعوة إليه.

11 ــا ــانا آمن طوع ــه المكي إنس ــرآن في نزول ــق الق ــ يخل ـ واستعد عقلا لتحمل مسؤولياته، ثم يشرع له بعد ذلك في الســور

المدنية نظاما أخلاقيا للحياة. فهل تجربــة الفكــر التكفــيري تجربــة منســجمة مــع التعــاليم

القرآنية الوارد ذكر بعضها في ما تقدم؟

ـ الموقف القرآني من المشروع التكفيري 1أعرض لنماذج قرآنية محددة:

ـ يتفــق الفهم العلمي للقــرآن الكــريم على أن المعتقــدات1 الأساسية هي الإيمان بالله واليوم الآخر. والشرط التــوأم للإيمــان

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد398هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

، فقال تعالى:«المشروع البنائي الإنساني»هو العمل الصالح، أي اب�ئ�ين من﴿ إ�ن الذ�ين آمنوا والذ�ين هادوا والنصارى والصــ

ال�حا ال�حا وعم�ــل صــ ر� وعم�ــل صــ ــ ــوم� الآخ� آمن ب�اللــه� واليم ولا هم م ولا خــــوف عليه� نــــد ربه� فلهم أجــــرهم ع�

. (62 )البقرة: ﴾يحزنون ـ يدين القــرآن الكــريم الغلظــة وقســاوة القلب )التــوحش2

ي﴿الــبربري(، فيقــول: ن بعــد� ذل�ــك فه� ثم قست قلــوبكم م�جارة� أو أشد قسوة . ومفهوم المخالفة أن(74 )البقرة: ﴾كالح�

المسلم يجب أن يكون رحيما. ـ ويدين القــرآن اتخــاذ المتشــابه القــرآني للفتنــة، فيقــول:3

نــه﴿ ابه م� م زيــغ فيتب�عــون مــا تشــ ا الذ�ين ف�ي قلــوب�ه� فأميل�ه� تنة� وابت�غاء تأو� (.7 )آل عمران: ﴾ابت�غاء الف�

ـ يحرم القرآن إجبار الناس على الاعتقاد )بأنموذج خاص(،4ن الغي﴿فيقول: شد م� . ﴾لا إ�كراه ف�ي الدين� قد تبين الر ـ لا يفوض القرآن البشر حق التفــتيش عن عقائــد النــاس،5يط�ر *﴿فقال: م ب�مســ ت عليه� ر * لســ �نما أنت مــذك ر إ فذك

ــر * إ�ن ــه اللــه العــذاب الأكب ر * فيعذب إ�لا من تولى وكفــابهم �يابهم * ثم إ�ن علينــا ح�ســ �لينا إ (.26 ـ 21 )الغاشــية: ﴾إ

ير﴿وقــال تعــالى: �نمـا عليـك البلاغ واللـه بصـ� �ن تولوا فإ وإ ( مــرة11(. وقــد وردت لفظــة البلاغ )30 )آل عمــران: ﴾ب�الع�باد�

في القرآن الكريم، تحدد الذي يحاسب على المعتقدات، وهو اللهفــه تعــالى، وأن اللــه لم يفــوض المحاســبة إلى البشــر، إلا أنــه كل

بالدعوة والنصح والإرشاد، وبوسائل الحكمة. ــر6 ــه إلى البش ــله الل ــذي أرس ــاني ال ــروع الرب ــ إن المش ـ

بواسطة الأنبياء والقادة الربــانيين هــو مشــروع الرحمــة بالإنســان

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد399هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

ين﴿مطلقا، فقد قال تعالى: ــالم� ﴾وما أرسلناك إ�لا رحمــة ل�لع(. 107)الأنبياء:

ــرى ــعدهم. وي ــا يس ــاء بم ــبي ج ــري: لأن الن ــال الزمخش ق البيضاوي أن الدين سبب لإســعادهم؛ لصــلاح معاشــهم ومعــادهم.ــة ــراد من الرحم ــة في الم ــة مهم ــاحث كلامي ــرازي مب ــد ال وعن

للعالمين. إنمـا»: |وقد روى أنهم قـالوا لـه: ادع على المشـركين، قـال

. «بعثت رحمة، ولم أبعث عذابا ـ يتضــح الموقــف القــرآني في معالجــة ظــاهرة الكفــر من7

النصوص التالية:�لى عــذاب�﴿أـ ه إ طر ر فأمتعــه قل�يلا ثم أضــ ومن كفــ

(. 126 )البقرة: ﴾النار�ه﴿ب ـ في آية الحج: ومن كفر فأمتعه قل�يلا ثم أضطر

(.97 )آل عمران: ﴾إ�لى عذاب� النار�واء﴿ج ـ ــ ل س ــ د ض ــ نكم فق ــك م� ــد ذل� ر بع ــ فمن كفب�يل� (.12 )المائدة: ﴾الس﴿د ـ ال�حا ــ ــل صـ ره ومن عم�ـ ــ ــه� كفـ ر فعليـ ــ من كفـ

م يمهدون ه� (. 44 )الروم: ﴾فلأنفس�ــ ـ عهم﴿هـ ــا مــرج� �لين ره إ ــك كفــ ر فلا يحزن ﴾ومن كفــ

(. 29)لقمان: د أن خصــائص المشــروع الربــاني أنــه هذه نماذج قرآنية تؤكــل يحقق مصــلحة الإنســان بواســطة )العمــل الصــالح(، وأن القت والقســوة والعدميــة لا تتفــق مــع )مشــروع العمــل الصــالح(، وأن مسألة الاعتقادات وتغييرها مسألة نظرية معرفية حوارية إقناعية،

طريقها العقل والجدال بالتي هي أحسن. من السنة الشريفة

ــاء في مســند أحمــد قوله1 ــ ج ــة إلا من»: |ـ ــنزع الرحم لا ت ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد400

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

. (813)«شقي. (814)«أنا محمد نبي الرحمة»: |ـ جاء في مسند أحمد قوله2 ـ في دلائل النبوة: يقول ابن عباس تفســيرا لقولــه تعــالى:3

ن�ين﴿ ك�ينة ف�ي قلــوب� المــؤم� قــال: الســكينة هي﴾أنزل الســ. (815)الرحمة بوجوب نصيحة المسلم لأخيه|ـ وردت مئات الأحاديث عنه4

المسلم، بل ورد أنها رأس الدين. لا تقتل نفس ظلمــا إلا كــان»: |ـ جاء في مسند أحمد قوله5

ــن ــان أول من سـ ــه كـ ــا؛ لأنـ ــل من دمهـ على ابن آدم الأول كفـ. (816)«القتل

المســلم أخ المســلم، لا يظلمــه» قــال: |ـ عن ابن عمر أنه6. (817)«ولا يخذله

ــ ورد عنه7 ــرين»: |ـ ــو ق ــذنوب، وه ــائر ال ــل من كب إن القت. «الشرك بالله

ف مناشئ التطرــنيون بظــاهرة التطــرف ونشــوء الجماعــات ــا مع نظــرا لأننع التكفيرية الــتي تــزعم أنهــا حركــات إســلامية فإننــا ملزمــون بتتب أســباب النشــوء. ويظهــر من التتبــع أن مناشــئ ذلــك النمــط من

التطرف أربعة:. «الأصول النظرية للدين»أـ المناشئ الذاتية:

ب ـ المناشئ الموضوعية: أزمات الواقع والحدث. . «أزمات الوضع النفسي المتوتر»ج ـ المناشئ النفسية:

د ـ المناشئ المنهجية في تلقي المعرفة الدينية.

«الأصول النظرية للدين»أـ المناشئ الذاتية ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

401هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

أذا أجرينــا مقارنــة مضــمونية بين القــرآن الكــريم ومحتــوى التوراة والإنجيل فإننا نــرى أن التــوراة نص تــاريخي يحكي ســيرة )بني إسرائيل( كاملة، بينما يحكي الإنجيل ســيرة النــبي )عيســى(ــع بين روا بالمسيحية بعده. أما الخلاف الذي يق والرسل الذين بش الأحبار والرهبان أو بين بعضهم فهو خلاف في فهم حقائق التاريخ

ـرـ عنــه في العهــدين. ونجــد في القــرآن الكــريم(818)الديني ، المعب ثلاثــة محــاور أساســية للــدين، هي: محــور آيــات العقيــدة، وآيــات التشريع، وآيات القيم الأخلاقية. وهذه الآيــات فيهــا مــا هــو محكم وفيها ما هــو متشــابه. والفــارق بينهمــا أن المتشــابه لــه أكــثر من معـــنى وأكـــثر من دلالـــة، بينمـــا المحكم نص في معـــنى واحـــد

، وهو نص حاكم ومعياري للمتشابه. (819)محدد ولكــثرة المتشــابه في القــرآن الكــريم فقــد تعــددت دلالاتــالك ــوع مس ــداعيات النص تن ــعة ت س، وزاد في س ــ النص المؤس التأويل، التي كثرت بازديــاد طــرق تحصــيل المعرفــة، بحيث صــار

بإمكان أي اتجاه أن يلتمس لنفسه مستندا من القرآن الكريم. وهذا الحال يفسح المجــال لتفســيرات متطرفــة وراديكاليــة،دـ ما مـع غيـاب ضـوابط التأويـل المتفـق عليهـا. لـذلك لا ب ولا سـي للمؤسسات الدينية المعترف بها، والتي تعد مرجعيات للمسلمين، أن تعمل على نشر منهجيــة علميــة للتغيــير. ومــع تعــدد اتجاهــات التفسير ومدارسه، والتعامل مع آراء المفسرين على أنها بمنزلــة النص المؤسس من جهة احتوائه على الحقيقة النهائية، فإنه يزداد عدم الوصول إلى المراد. وفي ظني أن هذا العامل يعد من أبــرز

ا الذ�ين ف�ي﴿مناشئ التطرف. ويذكر القــرآن ذلــك فيقــول: فأمتنة� وابت�غاء نه ابت�غاء الف� م زيغ فيتب�عون ما تشابه م� قلوب�ه�

يل�ه� . (820)(6 )آل عمران: ﴾تأو�

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد402هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

والـــذي يفهم من الآيـــة أن جماعـــات قاصـــرة تنطلـــق من مقولاتها الفكرية، ثم تتبع المتشابه لإسناد وجهة نظرهــا. والهــدف

تحقيق الفتنة، وتأويل النص على وفق مرادها الأيديولوجي.ــدعاء فيقــول: ــز�غ﴿ثم يعقب القــرآن بأســلوب ال ــا لا ت ربن

ــران: ﴾قلوبنا ــ ــاب 7 )آل عم ــ ــة»(، أي إن غي ــ ــول العلمي ــ الأص في صناعة تفسير النص القــرآني، والتعامــل«والبرهانية المقارنة

ر بوصفه )حقائق نهائيــة(، دون إجــراء مقارنــة مــع مع فكر المفســكلات ــدة من المش ــا يشــكل واح ــه، ربم ــبقه أو ألحــق ب من سف؛ لفقدان الرادع الفكري أو الضد المعرفية التي ينمو فيها التطر

النوعي له. |وقد اتفق أهــل العلم على أن ســيرة الرســول محمد ، قــولا

وفعلا وإقرارا، هي المصدر الثاني للفكر الديني. لكن هذا المصدر قد عانى من مجموعة من المشكلات، من أبرزهــا: إيقــاف تــدوين

ــان، ــرن من الزم ــديث لق ــه جماعــاتفي الح ــرت في وســط ظه مختلفــة الــدوافع والأهــداف عقائــديا وسياســيا، بحيث تســلل إلى

ــديث ــامين الح ــل»مض ــعيف ومرس ــريب وض ــر وغ ــو منك ــا ه م . وحينما نلحظ مــوازين التعــرف على صــحة حــديث مــا«وموضوع

ــل ــوازين، بحيث أضــحت ك ــدثين في الم ــاختلاف المح نصــطدم بفــون ث المتطر مشكلة تؤدي إلى متاهــة فكريــة أكــبر. كمــا يتشــبرين، ويستندون الى أحاديث ضعيفة. ومن أبــرز بآراء شاذة للمفسص لم يســتكملوا مشاكل هذا المصدر أن أهــل العلم بهــذا التخصــق في الحديث النبوي بين ما هو )زمــني(، صياغة المعيار الذي يفر أي في حدود زمن النبوة أو ما يقــترب منــه، وبين مــا هــو إطلاقيــات يعمل به في كل العصور والبيئات بمختلف المجتمعات، حتى ب لباس أهل ذلك الزمن وطريقهم تعاملا مقدسا لما يجب أن يعمـل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد403هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

به أهل الأزمان اللاحقة. وعقائديا انقسمت )أمــة المســلمين( إلىفات؛ يعتمدها البعض؛ وغير معتمدة عند آخــرين، مدارس، لها مصن بحيث تهــاوت وحــدة الأصــول النظريــة الحاكمــة والمعياريــة الــتيــة، نتحاكم إليها، سواء من جهة القرآن، أو من جهة الســيرة النبويــاك ــة النص الفقهي. فهن ــد، أو من جه أو من حيث نصــوص العقائ اتســاع وتبــاين وآراء لكــل الموضــوعات المســتجدة، من دون أن يكون في هذا الشأن معيار ترجيحي أو ميزان تفضيلي، مع إهمالــة ــات الحاضــر، باعتمــاد طريقــة العيش في الأزمن كامــل لمتطلب

التاريخية الأولى.ــيريتان: ــتان تفسـ ــر الأول مدرسـ ــرت في العصـ ــد ظهـ لقـ

ــدة أنإحداهما ع في تفسير النص، مستعينة بالعقل، معتق : تتوســه فقط ــة موجــودة في النص ذات . ولم نلحــظ(821)الحقــائق النهائي

قدرا من التقارب بين المدرستين. ولأن النص القرآني نص معجــز بلاغة وصــياغة، نص إطلاقي يتخطى الأزمنــة والمــدنيات، وعنــدما نعتمد القراءة الحرفيــة نكــون قــد وقعنــا في اتجــاه يحــول الــرأي البشري إلى نص مقدس، ويعجز عن التكيف مع العصــور اللاحقــةر ومقتضياتها. ونتيجة لاصطدام الفهم المتقدم للنص مع واقع متغي فقد وضع أصحاب الاتجاه أنفسهم أمام أمــرين؛ إمــا التحــول نحــو القــراءة العقلانيــة الواقعيــة، وبــذلك يتخلون عن اتجــاه آمن بأنــه مقدس ونهائي؛ أو التشدد على تلك القــراءة، فيقــع في التطــرف

ــه قــال:|الذي يدعونه، حتى جرهم ذلك إلى أن يرووا عن النبي أن . وهــذا الحــديث،(822)«من قال بالقرآن برأيه وأصــاب فقــد أخطأ»

رغم مخالفة )متنــه( للاعتيــاد؛ إذ الوصــول إلى الحقيقــة أو إصــابة الحق غرض شرعي لا ينسجم مــع وصـفه بأنـه )أخطــأ(؛ لأن ذلــك|إقرار بالإصابة وتوصيف بالخطأ، وهذا لا يتصور صدوره عن النبي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد404هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

(823).ــزمن الأول لمتلقي ــاد على فهم ال ب على الاعتم ــرت ــد ت ولق النص أن آراء الصحابة وفهمهم صارت آثارا ملزمــة لأهــل الأزمنــةـاـ، حتى لــو وقــف اللاحقــة، فصــار الفهم الصــحابي وضــعا مرجعي الحديث عليه، فقد اعتبروه مرفوعا. وقد وضعوا لــذلك قاعــدة أن

روا ذلــك أن الصــحابي ربمــا(824)موقوف الصحابي كمرفوعه ، وبــر، فصار بحكم المرفوع. |قد سمع ذاك من النبي

مما تقدم يتبين أن الجذر الأول الــذي شــكل أساســا تاريخيــا ودينيا للتطرف هــو القــراءة الحرفيــة وأحاديــة الرؤيــة. وكــان قــد تأسس في عصر الصحابة. وقد أطلق عليه بعد قرنين من الزمانلف. وارتبـط هــذا المفهــوم لف(، أو عقيدة الســ مرجعية )فهم الس بمبدأ عدالة الصــحابي مطلقــا، حــتى لــو ثبت عليــه مــا هــو خلاف العدالــة، أو حتى لــو لم يكن الصــحابي فقيهــا أو عنــده شــيء من

العلم. لف في فكر الإمام أحمـد بن حنبـل، لقد ظهرت مرجعية الســار مي ذاك بتيـ ــ ــه، وسـ ــذين زادوا على آرائـ ــه، الـ وفي آراء تابعيـ الحنابلة، الذي طــور مفهــوم البدعــة حتى شــمل كــل الاجتهــادات

س لمبـدأ رفض تأويـل(825)العقلانية، وعلى رأسهم المعتزلة ، وأسـ ، ممــا أوقعهم بالتجســيم؛ لأن«الحــرفي»النص، والعمل بالظــاهر

ـرـاد جعلــه التأويــل عنــدهم حمــل الظــاهر على محتمــل مرجــوح ي . وتأسيسا عليــه وصــل الأمــر الى تكفــير المتــأولين في(826)راجحا

القــرن الرابــع، فشــمل المرجئــة والمعتزلــة والصــفوية والشــيعةوالأشاعرة والإسماعيلية والمتكلمين...إلخ.

ــورة، وكانت نظرية الفرقة الناجية، وأطروحة الطائفة المنص التي صرفت حصـرا إلى أهـل الحـديث، من دون النـاس، مسـتندا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد405هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

على ضلال بقية الفرق والاتجاهات ما عدا أهل الحديث، الذين هم أحق من يتكلم بالمعرفة الدينية. وإذا كــان الإمــام أحمــد يــرى أن من خالف )المتواتر( فهو ضال فــإن تيــار الحنابلــة اعتــبره كــافرا، وكان أحمد يرى أن البلاد التي تظهر فيهــا البدعــة هي دار الكفــر، تجب الهجرة عنها، ويجوز غزوها، وتقتيــل أهلهــا. وقـد حصــل هــذا

في )ماردين(. وبذلك تأسست المبادئ الأولى لخطاب العنف:

أـ اعتماد منهج القراءة الحرفية للنص الديني، والتشديد علىالاجتهاد، وإسقاط البرهنة والحوار.

ب ـ الالتزام بمعيارية فهم أهــل الــزمن الأول، بحيث يتحــول الدين من حقيقــة كونيـة تســتوعب الإنجــاز الإنســاني إلى أنمـوذج

تاريخي سكوني. ج ـ استخدام مفهــوم البدعــة ومفهــوم الفرقــة الناجيــة ضــد

جميع فرق المسلمين، ليتحول الأمر بعد ذلك إلى التكفير. ــة ــت لنظري ــا أسس ــة عليه ــا زاده الحنابل ــد وم إن آراء أحم الخطاب الديني المتشدد كمقدمة لفكر التطــرف، الــذي سيصــبحع البدعة إلى التكفير، ووسم بعض نظرية عند ابن تيمية، الذي وســل عن )المتهمين(، ــة، وتنق ــة للبدع ــا مروج ــرآن بأنه ــير الق تفاس وصنف في نقض المنطق، والرد على الفلاســفة، وطــالب بإقامــةلف، ثم كفــر الأشــاعرة الدولة على غرار )الخلافة( وأنمــوذج الســ والصفوية والمعتزلة والماتريدية والمرجئة والشيعة والإســماعيلية

ما مــذهب أبي حنيفة ،(827)والدروز، وهاجم مذاهب الفقهاء، ولا سيهموه بالإرجاء. وجراء تناســل فكــر التطــرف دخــل العــالم الذي ات الإســلامي بعــد القــرن الثــامن الهجــري في غيبوبــة كاملــة، وقــد أغلقت عليــه الســلطات ســبل التطــوير والتنــوير. وقــد اســتمرت

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد406هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

الفترة المظلمة حتى القرن الثاني عشــر، فكــانت الحلقــة التاليــةاــه الشــيخ محمــد بن لهذا التناسل ظهور )اتجاه متطرف جديد يتبن

جدي، صاحب النظرية الوهابية المعاصرة(. عبد الوهاب الن لقد قدمت الوهابية نفسها كحركة تصحيحية للعقائد، معتمدةما الوسائل العنيفة والغزو. وقد اعتنقت آراء تيار الحنابلـة، ولا سـي ابن تيمية، حتى عاد مرجعيــة فكريــة وحيــدة للوهابيــة. وبنــاء على رأيــه في تحــريم البنــاء على القبــور فقــد ســوغوا هــدم الأضــرحةل والمساجد التي فيهــا مقــابر الصــالحين، وأفتــوا بقتــل من يتوســحوا بأن من أسموهم أهل البــدع والضــلالات أغلــظ بالأولياء، وصر

، واستتب الأمــر لتجربــة )دينيــة ـ(828)شركا من المشركين الأوائل قبلية(، وأعلنت الجزيرة إقليما حصــريا لمــذهب واحــد، بــل لرؤيــة داخل المذهب الواحــد. واعتمــدت طرقــا تلقينيــة للتعليم الــديني، صنعت به عقلا متشددا أحادي التوجه، صار بعد ذلــك بيئــة فكريــة للتطـــرف والعنـــف. ثم انتشـــر هـــذا الوبـــاء في عمـــوم العـــالم

الاسلامي، محدثا فيه البلاء الأعظم. هذا هو التسلسل التاريخي والفكري لظاهرة دينية ـ تاريخيــة ـــ، تأسســت من مناشــئ عــدة، وســاعدت عليهــا حــالات الــتردي المعــرفي والانحــراف السياســي لدولــة المســلمين. فــاذا عرفنــا

المناشئ الذاتية فكيف ترسم المواجهة عقائديا وفكريا؟

ف ب ـ المناشئ الموضوعية للتطر يراد بالمناشئ الموضوعية مــا هــو مقابــل الذاتيــة )مكونــات العقل الديني(. أمــا الموضــوعية فهي )الواقــع الفعلي( الــذي بــدأد الخوارج، إلا أن هذا التمرد ـ الذي دام قرنا كاملا ـ قد انتهى بتمر فكريا وعمليا بعد النصــف الثــاني من القــرن الثــاني، حيث حصــل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد407هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

الصــدام بين الســلطة وأحمــد بن حنبــل، وبهــذا تكــونت جماعــات الحنابلة في القرن الرابع الهجري، وهــو القــرن الــذي اعتــبره آدم متز قرن الذروة الحضارية للمسلمين. بعد ذلك توالت الانتكاسات السياسية، سواء في تعدد الدويلات أو ظهــور تيــارات التشــدد، ثم هجوم المغول على العالم الاســلامي. وبـدل اللجــوء إلى مشــروعــاء المجتمــع، وقــع ــدهور الفكــري وإعــادة بن عقلاني لمواجهــة الت المســلمون في تــداعيات الهزيمــة، وكــان انعكاســها في تيــار ابن تيمية. وهكذا دخل العالم الإسلامي بالغيبوبة الحضــارية، وأوجــدتــدني شعوبا ابتلت بالفقر والجهل والخرافة وسيطرة الأساطير، وتــا طرق التعليم والتلقينية، وغاب الاجتهاد والبرهانية غيابا تاما. فلم حل القــرن التاســع عشــر الميلادي هــاجمت أوروبـا بلـدان العـالم الإسلامي، بدءا بالهند، ثم قامت بعد الحــرب الأولى بتفكيــك دولـة الخلافة العثمانية، وشكل ذلك صدمة حضــارية أذهلت المســلمين، وشاهدوا الفرق الكبير بين ما حققه الغرب وبين ما هم عليــه من

أوضاع. وإزاء ذلك كانوا بين ثلاثة خيارات: الاستسلام الكامل لحضارة الغــرب بوصــفها صــانعةالأول:

للتقدم. وهذا يقتضي الإعراض التام عن التراث والدين. ــدني المنهجيالثاني: التمسك الكامل بالتراث المملوء بالت

ــدرا والمعرفي ونتاجات عصور التدهور الحضاري. وهذا يقتضــي قكبيرا من التشدد الديني.

ــذي يحــاول مراجعــةالثــالث: الاتجــاه المــدني العقلاني، ال وإعــادة النظــر بــالتراث وإحيــاء الأفكــار الحيويــة، وإعــادة صــياغةــمون، من مشروع النهضة على أساس مبادئ الإسلام عالية المض منهج عقلاني نقــدي، منفتح على الإفــادة من تجــارب الشــعوب والأمم الراقية، ولديه قدرة المواءمة والتكييف بين مبادئ الــتراث

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد408هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

المشــرقة وإنجــازات العقــل البشــري. لكن هــذا الاتجــاه تعــرض لهجمات واسعة من تيــار الاغــتراب المتطــرف، وهجمــات أقســىــماته ــ ــر بص ــ لفي، فلم تظه ــ ــ ــار الس ــ ــديع من التي ــ ــير وتب ــ وتكف

واستراتيجياته على واقع المسلمين. ــار ــتمر التي ــدث. واس ــنع الح ــانيون في ص ــرد العلم ــد انف لقلفي. وجــراء ذلــك عــانى المســلمون العلماني باضطهاد وقمع الس من مشكلات في فشل مشــروعات التنميــة المســتدامة، وشــيوعــة ــف الدول ــتبداد، وعن ــدمات والاس ــدني الخ ــرض، وت ــر والم الفق وإرهابها، والهزائم العســكرية أمــام )عــدوان إســرائيل(، والوقــوع

في التخادم للأجنبي...إلخ. من مشكلاتنا المعاصرة أن هذا الواقــع، بمــا فيــه من تــدهور في صناعة الأوطان، دفــع بعض المنتفعين إلى تأســيس جماعــات دينية متطرفة، أسهمت بنشر فكر متطرف؛ لشدها إلى طموحاتهــدهور الوضــع ــاش على ت ــات تعت ــذه الجماع ــانت ه ــه، فك وأهداف

الإســلام»الحضاري. ومن ذلك: شعار جماعة الإخوان المسلمين: ، على الــرغم من أن جماعــة الخــوان كــانوا متقــدمين«هــو الحــل

خطوة في طرح مشروع للنهضة لصالح الإنسان، في حين انشغلــة(، لفي بتصحيح العقائد، التي حسبها هو )منحرف عموم التيار الس

عاته. مع إهمال حاجات الإنسان وتطل

ف ج ـ المناشئ النفسية والسياسية للتطر لزمان الهزيمــة تــداعيات، وهي الــتي دفعت قــادة جماعــات

مأزومــة، ســحقتها عصــور«أنا»التطــرف وعناصــرها إلى تحقيــق الانحطــاط الحضــاري بعــد القــرن الخــامس الهجــري حتى القــرن

التاسع عشر.

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد409هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

فمن وجهــة نفســية إن التمــرد على الدولــة والمجتمــع، ومــا استقر عليه العــالم المعاصــر من أنمــوذج للتعــايش، يعكس حالــة ذهانية أو عصابية هدفها إرضاء الوضــع النفســي المــأزوم بين قيم

الهزيمة وقيم النهوض.ع لجماعـــات التطـــرف ومن الناحيـــة السياســـية إن المتتبــق وحركتهم من عصور الإسلام الأولى إلى اليوم يكشف أنها تنطل من بواعث سياسية، وتتجه إلى أهــداف سياســية، موظفــة الــدينــة للحصــول على مغــانم سياســية. ــة وأيديولوجي كوســيلة تعبوي فالتطرف يتشكل على خلفية سياسية بتنظير عقائدي. لذلك ترى فقــه السياســة واضــحا في مــدوناتهم، أكــثر من فقــه القيم وبنــاء

الضمير والجانب الروحي والعبادات والمعاملات. إنهم»ومن الوجهة الأيديولوجية يقول الباقلاني عن الخوارج:

جعلوا آيات العذاب التي نزلت في حق الكافرين في أهل الإيمــان. (829)«والتوحيد

مى بمحنــة ابن حنبــل، وصــدامات تيــار ونجد ذلك في ما تســ الحنابلة، ودعوة محمد بن الوهاب، وحركــات الإســلام السياســي، وصولا إلى كتابــات عبــد اللــه عــزام، الــذي بشــر بــأن أفغانســتان ستكون ميدانا للمهام السياسية. ففكر التطرف يسعى أولا لإقامةــق ــدل يخل ــر المعت ــا الفك ــع؛ بينم ــام المجتم ــة، ومن ثم يق الدول

المجتمع أولا، ثم المجتمع نفسه يخلق الدولة.

القسم الثاني: تصورات لسبل المواجهة إن خطــورة مواجهــة التطــرف، الــذي يعتمــد العنــف الــدينيــد على دخــول البلاد الذي أنتج )الإرهاب( بالمصطلح المعاصر، تزي في حرب كبرى مع دولة أو عدة دول إقليمية، من حيث استنزاف

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد410هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

التطرف والعنف الديني، قراءة في عوامل النشأة وسبل المواجهة•

الــثروة والأرواح وتعطيــل الحيـاة المدنيــة، بــل هنــاك آثــار نفســية كبيرة تقع على النـاس؛ بسـبب احتمـالات الوقـوع في واحــدة من عمليات الغدر بالمفخخات والأحزمة الناسفة والعبوات العشوائية. وكل هــذا يتطلب اكتشـاف سـبل المواجهــة. وأتصـور أن المبـادئ

العامة لسبل المواجهة ما يلي: أـ إن الدولة القوية تقلل من فرص الإرهاب وقوى التطرف.

لذلك لا بد أولا من بناء دولة قوية. وإجراء عمليــة انــدماج»ب ـ تقليل حالات الخصومة الوطنية

وهو هدف أعلى من المصالحة. «،وطني ج ـ الدعوة والســعي الــدؤوب إلى سياســات إقليميــة تصــغر

. «باتفاقيات اقتصادية وأمنية»المشكلات الجيوسياسية ف، ورسم الخطط على أساس فهم د ـ تحليل مناشئ التطر

أسباب النشأة والتطور على مستوى الفكر والثقافة. هـ ـ تحقيق التوافق بين المراكز الدينية في العالم؛ للتصـريح بأن التطرف ظاهرة مدانة شــرعا، وأن العنــف والارهــاب جريمــة وانحطاط أخلاقي، بحيث يضع على الإرهابيين عـارا دينيــا ووطنيــا، والإعلان عن عــدم اســتناد التطــرف على أســس دينيــة صــحيحة،

وذلك: ـ بإعادة دراسة السيرة النبوية. 1ـ بدراسة سيرة الصالحين من أجيال المسلمين. 2ـ بإبراز القيم السلمية المشتركة. 3 ـ ببيان أن العقائد والمعتقدات هي حق خــالص للــه تعــالى،4

ولم يفوض البــارئ أحــدا يحاســب النــاس على عقائــدهم وآرائهم. فليس من حــق أحــد أدانــة أحــد، إنمــا حقــه الإعلان عمــا يعتقــده صـحيحا، والبرهنــة عليــه، والتــدليل على الزلــل كمــا يـراه في مــا

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد411هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. د. عبد الأمير كاظم زاهد•

يعتقده الآخرون، دون إقصاء أو تكفير. ـ بإعادة النظر بوسائل التعليم الديني وطرقه، وإعلاء شأن5

التفكير والبرهانية، وإعمال النقل في مسالك العقل.

الخاتمة ـ يمكن القول: إن التطرف الحاضــن للعنــف الــديني نمــط1

من استجابات غير واعية لوقائع الفشل، ولأهداف سياسية تختفي وراء فكر ديني مــتزمت ماضــوي؛ لإثــارة الضــمير الــديني، ونزعـة

انتقائية للذات، وإقصائية للآخر بواسطة البدعة والتكفير. ـ إن للتطــرف جــذورا في التــاريخ الإســلامي، من القــراءة2

ــا ــادي( المعاصــرة. ومهم ــات )الجه ــات الحرك ــة حتى أدبي الحرفي تعددت مراحل تطور موجات التطرف فإنهــا متناسـلة ممـا قبلهــا،

وكل مرحلة لاحقة تضيف )فكرا متشددا( عما في سابقها. ـ يجد الباحث أن هنــاك علاقــة طرديــة بين التخلف وفشــل3

التنمية ومشروع النهضة وبين الفرص المتاحة للتطرف.

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد412هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

دراسات في عالم الروح قراءة في كتاب )للسفير عزت علي

(830)البحيري(

*(*()أ. مختار الأسدي

م، عن دار2011صدرت الطبعة الأولى من هذا الكتاب عام طيبة للطباعة، في الجيزة بمصر. وقد ناشــد المؤلــف قــراءه فيــع إلى المزيــد كلمة الإهداء على الاقتراب من عالم الروح، والتطل

أرجو أن يســاهم هــذا الكتــاب في»من معارفه وعلومه. وأضاف: نشر الثقافة الروحية، التي مــا زال الكثــيرون في عالمنــا العــربي يترددون في مجــرد التعــرف عليهــا، في الــوقت الــذي قطــع فيــه العالم الغربي المتقــدم منــذ أكــثر من قــرنين من الزمــان شــوطا كبيرا في دراستها والاعتراف بها، بل وتخصيص درجات علمية لهــا في أكــبر الجامعــات الغربيــة، ومنهــا، على ســبيل المثــال، وليس

.(831)«الحصر: جامعة كامبردج؛ وجامعة أكسفوردــاب ــدي للبحث يتحــدث الكــاتب في الب ــد المــدخل التمهي بع الثاني عن تطور الدراسات الروحية على مر العصور، وعن تطــورــربي ــالمين الع ــان الســماوية، وفي الع ــذه الدراســات في الأدي هــة، ــدول الغربي ــذلك في ال ــة، وك ــور الحديث ــلامي في العص والإس كالولايات المتحدة وكندا وأمريكا الجنوبيــة، مــع تخصــيص مبحــثين

كاملين لهذه الدراسات في الدول الأوروبية والاتحاد السوفياتي. باحث وناقد، من الوجوه الثقافية في العراق.)*(*(

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد413هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي•

أما الباب الثالث فقد خصصه الكاتب لعلاقــة هــذا البحث مــع الروحية والإيمان بالله والخلــود والصــلاة وتعزيــز هــذا الإيمــان، أو

هذا الاعتقاد. وفي الباب الرابع تحدث الكاتب عن الجسم الأثيري ومراكــز

( في هــذا الجســم الغــريب،chakraالطاقة )الجاكرا( أو )الشاكرا( )ل إليهــا العلم الحـديث مـؤخرا، وما فيها من عجائب وغرائب توصـ

وبالأرقام والدراسات العلمية والمختبرية المتطورة. أما الفصل الخامس والأخير فقد خصصه الكــاتب لمــا ســماهــة الحاســة ــدثا عن موهب ــارج الحــواس(، متح ــدرات الإدراك خ )ق السادسة، وقدرة التخـاطر، ومـوهبتي الجلاء البصـري والســمعي،

وكذلك موهبة تحريك الأشياء عن بعد، حسب تعبيراته. وفي ثنايا الكتــاب أشــار المؤلف إلى الفــرق بين الدراســات

إن معظم»العربية والدراسات الغربية في هذا الخصــوص، قــائلا: الدراسات التي قام بها العلماء العرب قــديما وحــديثا يغلب عليهــاــة ــارب العلميـ ــة، وليس التجـ ــة البحتـ ــات النظريـ ــابع الدراسـ طـ

.(832)«والمعملية، كالتي قام بها علماء الغرب، قديما وحديثا هذا وقد أشار الكاتب أيضا إلى بعض أسرار العقل البشــري،ب البحــوث الروحيــة ـــ المرشــد والموجه وكيف أنه أصــبح ـــ حســ

الواقع أن العلم لم يصل»للجسم الأثيري في عالم الروح، فقال: إلا إلى القليل اليسير من أسرار العقل البشري وما يحتويــه. وقــدــروحي(، أشار الدكتور محمد صادق العدوي، في كتابه )الاتصال ال إلى أنه لو أرادت البشرية استعمال كل ما لــديها من مــواد لتبــنيـلـ مــا يقــوم بــه العقــل البشــري عقلا إلكترونيــا يمكنــه القيــام بك لاقتضى الأمر أن يعادل حجم هذا العقــل الإلكــتروني حجم الكــرة

.(833)«الأرضية، وحتى إذا تم ذلك فلن يعرف أحد كيف يبرمجه...

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد414هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

كما أفرد المؤلف عدة صفحات لدراسة ظاهرة تــأثير العقــل على المادة، وكيف أنها تقــود إلى تفســير ظــاهرة العلاج الــروحيــيرهم(، ــل وغ التي يقوم بها من سماهم )معالجو الفليبين والبرازي

ــق عليهم ) faithوالــذي يطل healersوكيــف قــام الــدكتور اليابــاني ،) ــارات )هيروشي موتوياما(، أستاذ جامعة ديوك الأمريكية، بثلاث زي

ظـــاهرة المعـــالجين الروحـــيين المـــذكورة،»للفليــبين لدراســـة مصــطحبا أحــدهم إلى مختــبره في طوكيــو؛ لاســتكمال دراســاته بشكل دقيق، وكيــف وضــع المــريض في حجــرة في أحــد طوابــق معهده، بينما وضع المعالج الفليبيــني في حجــرة في طــابق آخــر، وتم تجهيز الحجرتين بكافة الوســائل لاتخــاذ الاحتياطــات اللازمــة؛ــوع إلى أي من الحجــرتين، وذلــك لعــدم نفــوذ أي قــوى من أي ن

، وكيــف«بتغطية الجــدران والســقف والأرضــية بالرصــاص و.. و..ــتي»انتهى إلى ــة، هي ال ــل الخارق ــدرة العق ــة، وهي ق أن الطاق

ــير العقــل ــاطن يتجــاوز بكث تســيطر على المــادة، وأن العقــل الب.(834)«الواعي في توجيه حياة الإنسان في اليقظة والمنام

(Out of Body Experienceظاهرة الموت والطرح الروحي )ــا أفرد الكاتب عدة صفحات لهاتين الظاهرتين، وأشــار خلاله

ره بقولــه: إن»إلى رأي أينشتاين في ظاهرة الموت، وكيــف فســ ، معتمــدا على تفســير حــالات«الموت هو جــواز ســفر لعــالم آخر

النوم والغيبوبة التي تعتري بعض الناس، وكذلك المــوت المــؤقت الذي يحصل لبعض الناس أيضــا، وكيــف يتكلمــون حينمــا يعــودون إلى الحياة، وما رأوه في ساعات أو دقائق طــرحهم الــروحي، أي خــروجهم من الجســد، وكيــف أن الــروح تنتقــل في عـالم الــبرزخ بسرعة هائلة، قدرها العلماء المعاصرون بأنها تعادل خمسين مرة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد415هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي•

وإذا استطاعت الــروح أن تســير بســرعة»سرعة الضوء، مضيفا: خاطفة إلى الوراء لأمكنها قراءة أحداث الماضي ومعرفــة أحــوال

.(835 )«السابقين... وفي اســتدلال واضــح على بقــاء الــروح بعــد المــوت أشــارم الجوزية أقر من خلالهــا المؤلف إلى التفاتة جيدة قدمها ابن القي

أشـخاص ثقــات بطريقــة نقــل»ببقاء الروح، معتمدا على روايـات ــاء في الأحلام ــبروا الأحي ــوات أخ ــؤلاء الأم ــف أن ه ــليمة، وكي س بمعلومات لا يعرفها إلا الشخص الــذي مــات فقــط وفقــط، مثــل: مكان دفن كنز نقود ذهبية في مكان ما، أو صــك أو عقــد بيــع مــعــو لم يكن ــ ل شخص آخر، أو مكان وصية...؛ حيث من المستحيل ـ هناك روح ـ أن تبقى المعلومات بعد فناء جسد صاحبها، وأن تصل

.(836)«إلى حلم الحالمده الشـيخ طنطـاوي جـوهري، بعدها راح الكـاتب يثبت مــا أك

ــاميع»الأستاذ بكلية دار العلوم، وكيف أن المحافل الروحية والمج النفســية في البلاد الأوروبيــة قــد نطقت فيهــا الأرواح على مــرأى ومسمع من مجالس شــوراهم، وأن الأرواح شــرحت مــا شــاهدتهــاءت ــقاء... وج ــؤس وش ــاء أو ب ــبرزخ من نعيم وهن ــالم ال في عــف نحن ــل نق ــك فه ــد ذل ــرى و.. و... وبع ــاة الأخ ــرى بالحي البش

)أي حادث كلام الأرواح(،«المسلمون أمام هذا الحادث صامتين؟ما: .(837)«إنه لعيب فاضح وخطأ واضح»ويجيب متأل

بدايات التفكير بالاتصال مع الأرواحــوان: ــ ــاب، وتحت عن ــ ــذا الكت ــ ــالث من ه ــ ــل الث ــ في الفص

الدراســـات الروحيـــة في الولايـــات المتحـــدة وكنـــدا وأمريكـــا» ، أشــار المؤلف إلى بــدايات الاتصــال مــع عــالم الأرواح«الجنوبية

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد416هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

بدأ البحث الجاد في الظواهر الروحية في العصــر الحــديث»قائلا: في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف القرن التاسـع عشـر،

م، عقب حدوث ظاهرة في قرية1848وبالتحديد في مارس عام هيدســفيل في نيويـورك، حيث ذكــر رجــل من ســكان القريـة أنــه سمع صوت طرقات على أرض إحدى الغــرف في بيتــه، فلم يجــد

بدا من ترك البيت. وخلفه ساكن جديد يدعى جون فوكس، فتكرر ما حــدث مــعــارق ــا الط ــاكن: أيه ــة الس ــاحت زوج ــات، فص ــابقه من طرق س المجهول، اطرق عشر طرقات، ففعل، فقالت له: كم عمر ابنــتي كاترينا؟ فطرق المجهول عدة طرقات بعدد عمر ابنتهـا. ثم قـالتت تواصــل له: إن كنت روحا اطــرق طرقــتين فقــط، ففعــل، وظل الحديث معه عن طريــق الطرق حتى علمت أنــه روح رجــل كــان يسكن في ذلك الــبيت، وقتلــه جــاره؛ ليســرق مالــه، ودفنــه فيــه. واستدعت السيدة جيرانها، واستجوبت الــروح أمــامهم، فأجــابتهم الروح بواسطة الطرق، مما جعلهم في غايــة الدهشــة، وتم اتخــاذ الإجراءات القانونية، وأخرجت الجثة، وضبطت الشــرطة الجــاني،

هــذا وقــد انضــمت إلى». وأضاف الكــاتب: (838)«واعترف بجريمته الحركة الروحية في الولايــات المتحــدة الأمريكيــة جرائــد ومجلات شتى. كما أبدى عدد كبير من كبار الساسة اهتماما بهذه الحركــة، ومنهم: الرئيس الأمريكي الأسبق إبراهــام لنكــولن، الــذي عقــدت

م، تلقى1862جلســات روحيــة بحضــوره في الــبيت الأبيض عــام فيها وجهات نظر أثرت في آرائه العامة... كما أن المخترع الكبــيرــة أديســون كــان اشــترك في البحث الــروحي، وانضــم إلى جمعي

.(839)«م، باسم الجمعية الثيوصوفية1878روحية عام

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد417هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي• الحرب ضد الروحية

ت ضــد الروحيــة، ن هذا وقد أشار الكاتب إلى الحرب التي شــــة ــة الجدلي ــا بطلب إلى الجمعي ــدم البعض في بريطاني ــف تق وكيب بلندن، وكانت تضم صفوة علماء المادة والســايكولوجي ـــ حســ تعبيره ـ، لبحث هذه البدعة المســماة الروحيــة، والــتي لا تســتند ـــامت حسب وجه نظر هذه الصفوة ـ إلى أســاس علمي. و فعلا ق

عضــوا،34م، تتكــون من 1869هذه الجمعية بتشكيل لجنة عــام ــة ومهمتها القضاء نهائيا على الظواهر الروحية، التي هي من وجهت اللجنــة في عقــد جلســاتها؛ نظرهم من عمل الخيــال. واســتمر

لت في النهايــة18لبحث هذا الموضوع، لمدة شهرا، إلا أنها توصــ م، تســلم فيــه بصــحة هــذه الظــواهر1871إلى تقريــر هــام عــام

تســليما تامــا، ممــا يعــد وثيقــة هامــة وخطــيرة لصــالح العلم.(840)«الروحي

مهمة الجسد الأثيري إن مهمة الجسد الأثيري في»ويقول المؤلف في ثنايا كتابه:

د الإنسان والحيوان والنبات، بــل وحتى الجمــاد، هي حفــظ الجســ الفيزيقي من التبدد؛ لأن الخلايا التي يتألف منها الجسم، وتبدو لنا متلاصقة، هي ليست كذلك. فإذا نظرنا إليهـا بـالمجهر الإلكـتروني نجد أنها متباعدة الواحــدة عن الأخــرى تباعـدا يكـاد يكـون نســبيا، كتباعد النجوم بعضها عن بعض، ومع ذلــك لا تتفكك ولا تتبـدد؛ لأنلهـــا ــها إلى بعض، ويمنـــع تحل ــ ــدها بعض ــ د الأثـــيري يش ــ ــ الجس

.(841)«واندثارها والجسد الأثيري ـ يضــيف الكــاتب ـــ هــو مصــدر الإحســاس»

ر وجــود سـبعة بكل صور الأحاسـيس والانفعـالات. وهــذا مـا يفســد الأثــيري، تســمى الجــاكرا ) (،chakrasمراكز للحساسية في الجســ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد418هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

ف منهــا حتى الآن ــالألوان بحزمــة ضــوئية المكتشــ 37وتنعكس بمليون لون.

د ولذلك يمكن القول بأن قدرة الإحساس الكائنــة في الجســ المادي مستمدة من قدرة الإحساس المقابلة في الجسد الأثيري، وقدرة الإحساس هذه تنتمي في النهاية إلى الشعلة المقدسة في الإنسان، وهي الــروح حاملــة العقــل، ثم تنتقــل هــذه القــدرة إلى الأعضاء المادية عن طريق الجسد الأثيري، الذي هو بمثابــة حلقــة

الوصل بين العقل أو الروح وبين الجسد المادي.د الأثـيري ينقــل إلى وبعبارة أخرى: يمكن القــول بـأن الجســد المــادي الــواردة من الحــواس الخمســة، الروح أحاسيس الجســد المــادي رغبــات الــروح؛ كما أن الجسد الأثيري ينقــل إلى الجســ

. (842)ليقوم بتنفيذهاــروحي في ـدـه علمــاء البحث ال ــه أو يؤك وهــذا مــا يشــير إلي

ــولهم: ــان من»ق ــة لك ــة واقع ــيري حقيق د الأث ــ ــو لم يكن الجس ل المستحيل ظهور بعض الأرواح في جلسات الاتصــال الــروحي في

د تام أو ناقص .(843)«حالة تجســياق: ــاتب في نفس الس ــيف الك ــذه»ويض ــعت ه ــد خض وق

ــترا ــوق بهم في إنجل ــاء الموث ــرات العلم ــوث عش ــواهر لبح الظ وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والدانمارك والســويد والبرازيــل وغيرهــا، وأمكن لبعضهم التقاط مئات الصور التي تنفي احتمــال أي خــداع أو تــدليس أو إيحــاء، أو غــير ذلــك من الأمــور الــتي اعتــاد أنصــار السايكولوجي التقليديون )في علم النفس( إلقاءها على عواهنها، بلا بحث ولا دراية ولا اطلاع على هـذا المجــال الهــام من مجـالات

.«الباراسايكولوجيد الأثــيري ويوضح الكاتب العلاقة بين الجسد المــادي والجســ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد419هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي•

لقد توصل بعض العلماء إلى أن كل إنســان يخلــق»والهالة، قائلا: مجالــه المغناطيســي، الــذي يكشــف بــدون أي خطــأ عن نزعاتــه وميوله وأخلاقه وطباعه وحالته الصحية. وبنــاء على ذلــك فالهالــة البشرية هي المجموع الكلي لانفعالات وأحاسيس وأفكار الجســمر عن الأثيري والكوكبي والعقلي والروحي للإنسان. وإن الهالة تعب نفســها بلغــة الألــوان، على أســاس أن أفكــار الإنســان وشــعورهــادي في صــورة ده الم ــ ــول جس ــه تتجمع ح ــه وانفعالات وأحاسيس

.(844)موجات اهتزازية دقيقة من الأشعة الملونةـرـ الكــاتب ببحــوث العــالم الســويدي )روبــرت هــذا وقــد ذك كندي(، وقيامه بتصوير الجسد الأثيري للإنســان عن طريــق جهــاز اخترعه للاستشعار الحراري لجسم الإنســان عن بعـد، وكيـف أنـه

ــل37وجد أن جســم الإنســان يعطي مليــون لــون، كــل لــون يمث درجة حرارة، وكل درجــة حــرارة تنقســم في جســم الإنســان إلىــا ــات خلاي ــة من طبق ل طبق ــا يمث ــزء منه ــل ج ــزء، وك ــون ج ملي

ــون في37الجســم... فوجــد هــذا العــالم أن الـ ــون تك ــون ل مليل ألوان الطيــف الســبعة، تمــتزج كلهــا في النهاية سبعة ألوان تمث النهاية لتعطي لونا واحدا وهــو الأشــعة البيضــاء، وهي أشــعة غــير

.(845)«مرئية... ووفقا لما شــرحه الــدكتور )راؤول فلــير(، في محاضــرة في

م،9/5/1926المعهــد الــدولي لمــا وراء الطبيعــة في بــاريس في يمكن وصف الهالة بأنهــا مــادة ولا مــادة في نفس الــوقت؛ ففيهــا ضوء وحرارة ورعشــات خفيفــة وتيــارات كهربائيــة ومغناطيســية، وفي بعض الأحيان يكون للهالة رائحة ذكية عطرة، وهي انبثــاق أود المــادي، فيض واضح المعالم للجسد الأثيري المندمج في الجســ وتكون الهالة البشرية الصفات الأساسية الجوهرية لقوى الإنسان

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد420هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

.(846)الأثيرية والنجمية والعقلية والروحية وتوصل بعض العلماء ـ والقول للمؤلف طبعــا ـــ إلى أن كــل إنسان يختلف مجاله المغناطيسي، الــذي يكشــف بــدون أي خطــأ نزعاته وميوله وأخلاقه وطباعه وحالته الصحية. وبنــاء على ذلــك ـــوع الكلي ــرية هي المجم ــة البش ــ فالهال ــتنتج المؤلف ـ ــا يس كم لانفعالات وأحاسيس وأفكــار الجســم الأثــيري والكوكــبي والعقلير عن نفسها بلغــة الألــوان، على والروحي للإنسان، وإن الهالة تعب أساس أن أفكار الإنســان وشــعوره وأحاسيســه وانفعالاتــه تتجمعــة من ــة دقيق ــات اهتزازي ــادي في صــورة موج ده الم حــول جســ

الأشعة الملونة. ــارة عن ــون عب ــع ظــواهر الك ــروف أن الأشــعة وجمي والمع ذبذبات لها درجات اهتزاز مختلفــة، واللــون في حقيقتــه ذبــذبات،

.(847)ولكل لون ذبذبات معينة، بسرعة معينة، خاصة بهذا اللون ولا أدري لعل ما توصل إليه علماء الطب اليوم عمــا يســمى بفحص )الرنين( أو جهاز )المفراز( أو ما شابه ذلك هو نتيجــة لمــا

Semonتوصل إليه العالم الســوفياتي ســيمون كيرليــان )» Kirlian،) ــا ) ــه فالنتين ــاميراValintinaوقرينت ــتراع ك ــتينات، في اخ (، في الس

لتصوير الهالة الإنسانية والحيوانية والنباتية، والتي شاع استعمالها في دوائر الطب في الاتحاد السوفياتي؛ للمساعدة على تشخيص

.(848)«العديد من الأمراض العضوية والنفسية والعجيب الآخر ـ كما يضيف المؤلف ـ أن هذه الهالة تكشفــه ــة، وأمراض ــان الداخلي ــة الإنس ــول حقيق ــيل ح عن أدق التفاصــدرتنا على النفسية، ومشاعره تجاه الآخرين، وبالتالي فإن عدم قــا. رؤية الهالة بالعين المجردة تعتبر نعمة من نعم الله تعــالى علينت الكثــير من فلو كانت هذه الأفكار وهــذه المشــاعر مرئيــة لاختل

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد421هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي•

العقول الساذجة والبسيطة، وما أكثرها في دنيا الناس! ولعل هذا ما يفسر حقيقة غريبــة لاحظهــا الكثــير من النــاس

حينمــا كــان|، ونقلوهــا لنــا، وهي أنه|في عصــر الرســول الأكــرمرـى لــه ظــل يســقط على الأرض، حتى في وجــود ـ يمشــي لا ي الشمس، فاستدلوا بذلك على أن هالته النورانية كــانت أقــوى من نور أي إنسان، بل إنها كانت أقوى من ضوء الشمس، وأقــوى من

ده من عاصــره، في أنه كــانت لــه نورانيــة|نور القمر، وهو ما يؤكــرته: ــرى عاص ا النب�ي﴿أعظم من أي نورانية لأي روح أخ يا أيهــ

يـا إ�لى اللـه� را ونـذ�يرا * وداع� دا ومبشـ اه� �نا أرسلناك شـ إ راجا من�يرا .(849)(46 ـ 45 )الأحزاب: ﴾ب�إ�ذن�ه� وس�

مستويات الهالةهذا، ويرى العلماء أن هناك خمسة مستويات للهالة، وهي:

(. ولونه أحمر. physicalـ المستوى المادي أو الفيزيقي )1(. ولونه أزرق.Ethericـ المستوى الأثيري )2(. ولونه أخضر.Emotionalـ المستوى العاطفي )3(. ولونه أصفر.Mentalـ المستوى العقلاني )4(. ولونه أبيض أو بنفسجي.Spiritualـ المستوى الروحي )5

ــك ــة، وذل فيما يرى آخرون أن هناك سبع مستويات من الهال (، أو مراكـــز الطاقـــة المعروفـــة،chakras)على عـــدد الشـــاكرات

وبألوانها. وهــذا لا يعــني أنــه ليس هنــاك من يســتطيع رؤيــة بعض الهالات، وخاصة المراتب الخمســة منهــا، بــل إن عــددا كبــيرا من الناس بإمكانهم رؤية هذه المستويات الخمســة، بينمــا لا يوجــد إلا القليل ممن اطلعــوا على المرتبــة السادســة. أمــا الســابعة، وهي

.(850)هالة الروح، فلم يطلع عليها أحد على الإطلاق

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد422هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

دراسات في عالم الروح، قراءة في كتاب )للسفير عزت علي البحيري(•

العقل والهالة وعن العقل والموجات الدماغية يختتم المؤلف كتابــه بقولــه:

لقــد ثبت أنــه بإمكــان العقــل الاتصــال بموجــودات أو مخلوقــات» أخــرى، وأنــه بإمكــان العقــل تخطي المســافات الشاســعة، وأنــه

.«بإمكانه التأثير في حركة الجماد والحيوان...ــاطر.»ويضيف: إن الموجات الفكرية هي أساس عملية التخ

ــا وإن موطن الموجات الفكرية هو الغدة الصنوبرية، والتي يعتبره ديكارت مقر الروح. ولهذه الغدة نشــاطات بيولوجيــة؛ ونشــاطاتل ومســتقبل(، روحية، فهي بمثابــة جهــاز اتصــال لاســلكي )مرســ

.(851)«تعمل على إصدار الموجات والذبذبات الفكرية واستقبالهاه العــالم البريطــاني )جوزيــف ســتيد( العقــل البشــري ويشــبــدما يفكــر يقــوم بإرســال بجهــاز الهــاتف المحمــول؛ فالعقــل عنرت في صديق لك مثلا فــإن العقــل يقــوم موجات فكرية، فإذا فكــا ر فيه. فالعقــل هن بإرسال موجات فكرية إلى الشخص الذي تفك

ل رقم الهاتف .(852)«كجهاز الهاتف المحمول وصورة الشخص تمث وهذا هو سر حديث النملــة الــتي تبــادلت الأفكــار مــع النــبيب رأي الكــاتب طبعــا ـــ؛ إذ سليمان حين كان يسير بجيشه ـ حســ

اك�نكم لا يحط�منكم﴿ ــ قالت نملة يا أيها النمل ادخلوا مسن كا م� اح� م ضــ سليمان وجنوده وهم لا يشعرون * فتبســ

(.19 ـ 18 )النمل: ﴾...قول�ها وهي مقاربة لقصة النبي سليمان نفسه مع الهدهــد وعــرش

بلقيس، التي سنتحدث عنها في مواضيع لاحقة.ــوت×وهي نفس قدرة السيد المسيح في معرفته بما في بي

ــانه ــالى على لس ــه تع ــاء في قول ــه؛ إذ ج وأنبئكم ب�مــا﴿: ×قوم

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد423هـ1439م ـ 2018شتاء

أ. مختار الأسدي•

رون ف�ي بيوت�كم (.49 )آل عمران: ﴾تأكلون وما تدخ� ولا أدري هل يمكن مقاربة هذه الأمثلة مع ما ذكــره الــدكتور عبد الجليل راضي، في كتابــه )اعــرف روحــك(؟! وكيــف أن فتــاة أمريكية ظلت مريضة لمدة طويلة، ولم تأكل إلا بمقدار مــا تأكلــه عصفورة ـ حسب تعبيره ـ، ولوحظ أنهــا تــرى بــدون عينيهــا، حيثز الألــوان، وتــرى مــا في جيب شــخص آخــر، تخيط الملابس، وتمي كما كانت تقرأ باللمس بغير طريقــة )بريــل( للمكفــوفين. مضــافا إلى إشارة الــدكتور المــذكور إلى حالــة أخــرى لشــخص أمــريكي، يدعى )جــوفري هودســون(، الــذي اختــبر العلمــاء، وعلى رأســهمــري، ــه في الجلاء البصـ ــدار قدرتـ ــف راين(، مقـ ــدكتور )جوزيـ الـ

.(853)فلاحظوا أنه يرى وهو معصوب العينين ويلخص الدكتور عبد الجليل راضي تفسيره للأساس العلمي لظــاهرة الجلاء البصــري هــذه في كتابــه )العــالم غــير المتطــور(

ة»بقوله: ة من الحــواس الجســمانية الخمس حاســ إن لكــل حاســة الأثيريــة تمتــاز عن زميلتهــا تماثلها في عالم الأثير، وهذه الحاســ الجسمانية من حيث الحساســية، أي إن العين الأثيريــة تــرى علىـةـ الحــواس مســافات بعيــدة جــدا، ولا يعوقهــا حائــط، وهكــذا بقي

.(854 )«الأثيرية الأخرى...

الهوامش

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد424هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

فهرست مقالاتالأعداد

44 ــ 25 الاجتهاد»من مجلة

«والتجديد

في سنوات خمس ـ1434م/2017 ـ 2013

هـ1439

إعداد وتنظيم:الشيخ محمد عباس دهيني

« من مجلة »الاجتهاد والتجديد44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددكلمة التحرير

25

الجهاد في الدراسات الجديدة: رصد موجز، وتقييم

إجمالي / الحلقةالثانية

حيدر حبـــالله

ـ2627

البدعة ومبدأ ،التحذر الديني

مطالعة في زوايا جديدة للمفهوم

/ الحلقةوالتطبيقالأولى

حيدر حبـــالله

ـ2829

البدعة ومبدأ التحذر الديني،

مطالعة في زوايا جديدة للمفهوم

والتطبيق / الحلقةالثانية

حيدر حبـــالله

ـ3031

دور الإعلام في العلاقات بين

المذاهب الإسلامية / الحلقة

الأولى

حيدر حبـــالله

ـ3233

دور الإعلام في العلاقات بين

المذاهب الإسلامية / الحلقة

الثانية

حيدر حبـــالله

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد426هـ1439م ـ 2018شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

خواطر حول الثابتر في الفقه والمتغي

ي / الحلقةالإسلامالأولى

حيدر حبـــالله

ـ3637

خواطر حول الثابتر في الفقه والمتغي

سلامي/الحلقةالإالثانية

حيدر حبـــالله

ـ3839

الأحكام التدبيرية في السنة

ة، بينالشريفالزمنية والتأبيد

حيدر حبـــالله

ـ4041

الدين والاستيعاب جولة، التشريعي في بعض

المنطلقات العقلانية والقرآنية

لقاعدة )ما من واقعة إلا ولها

( / الحلقةحكمالأولى

حيدر حبـــالله

الدين والاستيعاب42 ، جولةالتشريعي في بعض

المنطلقات العقلانية والقرآنية

)ما منلقاعدة واقعة إلا ولها

/ الحلقةحكم(

حيدر حبالله

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد427هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددالثانية

43

الدين والاستيعاب ، جولةالتشريعي في بعض

المنطلقات العقلانية والقرآنية

)ما منلقاعدة واقعة إلا ولها

/ الحلقةحكم(الثالثة

حيدر حبـــالله

44

مفهوم التجلي الزمني في السيرة

العقلائية ، نحو فهم اجتهادي آخر لمركز

الإمضاء في الأعراف الإنسانية

العامة

حيدر حبـــالله

الدراسات الفقهية/الفقه القضائي والجزائي والجنائي

25 حكم الإساءة إلى

السيد المسيح فيالديانة المسيحية

د. الشيخ محمد رضاالجواهري

صالح البدراوي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد428هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2627

الفساد المالي في ضوء الفقه والقوانين ، ماهيته،الإسلاميةوتعريفه

أ. أحمد مرتاضي / د. علي مظهر

قراملكي / د. علي أصغر موسوي

ركني / د. محسن ملك

أفضلي

حسن عليمطر

ـ2829

تعزيرية العقوبات الحكومية ودور

في«المعصية»ماهية التعزير

السيد محسنفتاحي

السيد حسنعلي الهاشمي

ـ2829

ضمان الخسارات المالية الناشئة عن

الأضرار البدنية

د. علي مظهر

قراملكي / أ. فاطمةقدرتي

نظيرة غلاب

ـ3233

فقه العبادات ،والقوانين الجزائية

دراسة في الفوارقالجوهرية

الشيخ أحمدعابديني

حسن عليمطر

ـ3233

شرط تساوي سلامة الأعضاء في

القصاص

الشيخ عبد الحميد

إسكندري حسن علي

حسن

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد429هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

حقوق الإنسان في ،البلدان الإسلامية

دراسة في أسبابالفشل

د. حسنـــطالقاني

ـ3637

،ضرب المرأة قراءة حقوقية

وأخلاقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ4041

حكم القاضي، قراءة فقهيةبعلمه

السيد محسن الموسويالجرجاني

ـــ

42

الفقه»كتاب الجنائي في

الإسلام، الردة ، قراءة«نموذجا

تحليلية نقدية

الشيخ نبيلـــيونس

43 ، قراءةدية العاقلة

فقهية استدلاليةجديدة

الشيخ يوسفحسن مطرالصانعي

43 استئذان الولي

الفقيه في ، دراسةالقصاص

فقهية

الشيخ مسعودإمامي

حسن مطر

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي والاجتماعي/فقهالحرية والعنف والجهاد

25 الأمر بالمعروف

،والنهي عن المنكر دراسة نقدية في

الشيخ يوسفالصانعي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد430هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدداستخدام العنف

25 استخدام أسلحة ،الدمار الشامل

المواقف الفقهية د. الشيخـــعلي ناصر

ـ2627

نقد السلطة، المجتمع

والممارسة الدينيةعند الشيخ البهائي

د. الشيخـــخنجر حمية

ـ2627

أسلحة الدمار الشامل من منظور

فقهي إسلامي د. الشيخـــعلي ناصر

ـ2627

التعذيب وعلم ، دراسة فيالأخلاق

الفلسفة الهيدونية د. حميدعلي الورديصادقي

ـ2829

ظاهرة الاتجار ، دراسةبالبشرفقهية

الشيخ مجيد شاكر

سلماسي السيد حسنعلي البصري

ـ2829

الجهاد الابتدائي ،وحرية الإنسان

دراسة نقدية

د. الشيخ علي أكبرجهاني

ـــ

ـ3435

)كتب الضلال(ية التعبير وحر

الشيخ مرتضىمطهري

وسيم حيدر

ـ3435

المبادئ الفكريةلفية الجهادية / للس

القسم الأول د. السيد

ـــأحمد سادات

ـ3435

حقوق الإنسان في البلدان الإسلامية، دراسة في أسباب

الفشل

د. حسنـــطالقاني

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد431هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3435

العنف ومنطق القوة في سيرورة

: أسبابتاريخية ودوافع، نتائج

وحلول

أ. نبيل عليـــصالح

ـ3435

البغي فيفقه أهل ـــگليد. مهرناز القرآن والسنة

ـ3637

الرقية والاستعباد /القسمفي الإسلام

الأول

الشيخ مرتضىمطهري

حسن عليمطر

ـ3637

ضرب المرأة، قراءة حقوقية

وأخلاقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

ـ3637

التطرف الديني في ،العالم العربي

مقاربة تفسيرية في الفكر والمنهج

/القسموالمآلالأول

أ. نبيل عليـــصالح

ـ3637

المبادئ الفكريةلفية للس /القسمالجهادية

الثاني

د. السيدـــأحمد سادات

ـ3839

الرقية والاستعباد /في الإسلام

القسم الثاني

الشيخ مرتضىمطهري

حسن عليمطر

ـ3839

التطرف الديني في ،العالم العربي

مقاربة تفسيرية أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد432هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد في الفكر والمنهج

/ القسموالمآلالثاني

42

المواطنة والدين ،في مجتمع متنوع

الهوية والأخلاق» السياسية سياق«للاعترافإسلامي

د. الشيخـــخنجر حمية

44

البنى المعرفية والمنهجية للفكر

، قراءةالتكفيري نقدية في المستند

الديني

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

44 التعددية الدينية

،والتعددية الثقافية المفاهيم

والمرتكزات

أ. أمامة مصطفىاللواتي

ـــ

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي والاجتماعي/فقهالمرأة

ـ3031

المصافحة بين ،الرجل والمرأة

دراسة فقهية الشيخ أحمدنظيرة غلابطاهري نيا

ـ3435

الاتجاهات الفقهية حول أهلية المرأة

،لتولي السلطة منظور تحليلي

نقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد433هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

ضرب المرأة، قراءة حقوقية

وأخلاقية في آيةالضرب

أ. عماد الدينالباقي

السيد حسنمطر الهاشمي

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي والاجتماعي/فقهالفنون

ـ3031

،الغناء في الإسلام اختلاف الحكم

باختلاف الموضوع الشيخ كاظمنظيرة غلابقاضي زاده

الدراسات الفقهية/الفقه السياسي والاجتماعي/فقهالتقريب

25

خطاب الدكتور القرضاوي حول ،التقريب والتبديع مطالعة وتحليل

/ القسمونقدالثاني

أ. مشتاقـــاللواتي

ـ2627

نظرات في أدبيات الفرقة الناجية، منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ3233

،الإسلام والغرب بين منطق الحوار

وواقع الصدام أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد434هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3233

التقريب بين المذاهب الإسلامية

، هموم،في لبنانعوائق، وتحديات

الشيخ مجيد شاكر

سلماسي حسن علي

مطر

ـ3637

منصب أمير الحاج في الفقه

السياسي، قراءةتقريبية

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

42

التفاعل السني الشيعي في

القرون المبكرة، انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث الشيعي / القسم

الأول

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن الإنجليزية:

فاطمة زراقط

43 الدعاية المذهبية المضادة، فرقة الغرابية نموذجا

أ. محمد يسري أبو

هدورـــ

43

التفاعل السني الشيعي في

القرون المبكرة، انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث الشيعي / القسم

الثاني

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن الإنجليزية:

فاطمة زراقط

الدراسات الفقهية/الفقه الاقتصادي والمالي ـ2829

الخدمات المصرفيةفي الفقه الإسلامي

السيد محمودنظيرة غلابالهاشمي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد435هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

صناديق الوقف الاستثماري

،والبدائل الفقهية دراسة شرعية ـ

اقتصادية

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ3031

الربا وآثارهالاقتصادية

د. الشيخ حسن آقا نظري /

السيد باقرالمبرقع

ـــ

ـ3637

غسل المال السلبي والإيجابي

والسياسي

د. الشيخ حسن آقا نظري / أ. علي هاشمالبيضاني

ـــ

ـ3839

آثار عملية غسلالمال

د. الشيخ حسن آقا

أ. / نظري علي هاشمالبيضاني

ـــ

ـ3839

التأثير الاجتماعي في التنمية ، قراءةالاقتصادية

إسلامية

الشيخ صادق /يابري محمد

الشيخ محمد تقي سبحاني

نيا

وسيم حيدر

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد436هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3839

فقه الاحتكار، دراسة استدلالية مقارنة / القسم

الأول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ4041

:غسيل الأموال المشكل؛ الآثار؛ سبل المكافحة،

فقها وقانونا

د. الشيخ حسن آقا نظري / أ.

ماجد كماشديوان

ـــ

ـ4041

فقه الاحتكار، دراسة استدلالية مقارنة / القسم

الثاني

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

43ندات الاعتبارية الس وتخريجها الفقهي في ضوء الجعالة

والضمان

د. سعيد نظري

لي / توك السيد عباس موسويان / أ.ميثم خزائي

وسيم حيدر

43 عقد التأمين

، دراسة فيالصحي المسوغات الفقهيةوالمستند الأصولي

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

43

بة لع المهر ،الس دراسة في الصحة والبطلان، استنادا

إلى )قاعدة لاضرر(

د. محمد رضا / أ. زهراگيخا

فردگلستانـــ

الدراسات الفقهية/فقه الدولة ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

437هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25

التأسيس الأصولي للنظرية الدستورية

،عند النائيني التحديدات النظرية

لفرضية البحث

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ2627

نظريات الدولة في ، قراءةفقه الشيعة

نقدية د. صادقصالح البدراويحقيقت

ـ2627

الأحكام الحكومية في الفقه ، نماذجالإسلامي

فقهية

الشيخ محمدـــالنجار

ـ2829

ازدواجية دور المصلحة في الفقهالسياسي الشيعي

د. السيد صادقحقيقت

نظيرة غلاب

ـ2829

مفهوم الحاكمية ،«حاج حمد»عند

من النقد إلى البناء أ. عبد العالي

ـــالمتقي

ـ3233

وثيقة المدينة : المفاهيمالمنورة

الحضارية، وأسسالدولة المدنية

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ3435

تجليات الحداثة الغربية في الوطن

العربي د. قويدري

ـــالأخضر

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد438هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

تنظيرات الشهيد لأيديولوجيا مطهري

التأسيس للحركاتالإسلامية

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ3637

منصب أمير الحاج في الفقه ، قراءةالسياسي

تقريبية

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

ـ3637

الدولة وولاية ، العلاقة بينالفقيه

التوالم والتضاد

د. رشيد ركابيان / د. حسن رضاآريايي راد

د. نظيرة غلاب

ـ3839

موقف الفقهاء من ، قراءةالسلطة / القسمأصولية

الأول

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ4041

موقف الفقهاء من ، قراءةالسلطة / القسمأصوليةالثاني

عبدأ. د. الأمير كاظم

زاهدـــ

42

المواطنة والدين في مجتمع متنوع،

الهوية والأخلاق» السياسية سياق«للاعترافإسلامي

د. الشيخـــخنجر حمية

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد439هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

42 الرؤية السياسية

في المعاصرة المشروع الفكري

عند المطهري

د. السيد علي محمد جوادفضل الله

ـــ

43

المسلمون ومسؤولية بناء مشروع التقدم

، أسبابالتاريخي العجز عن بناء دولة

القانون والمؤسسات

والعدل

أ. نبيل عليـــصالح

44 فلسفة الدولة الإسلامية عند

، أبعادهاالصدرومرتكزاتها

د. السيد علي محمد جوادفضل الله

ـــ

الدراسات الفقهية/فقه العلوم ومستحدثاتها

الاستنساخ من25وجهة نظر فقهية

د. الشيخ عبد الله أميدي

فردـــ

ـ2627

الطرق المباشرةلإثبات الهلال

الشيخ خالدـــالغفوري

ـ2627

بحث حول تقدير المسافة في

السفر الشرعي الشيخ كاظمـــقاضي زاده

ـ2627

اتحاد القارات الثلاث في إثبات

بداية الشهريالقمر

أ. مهدية فيض الإسلام

/ د. علي مظهر

حسن عليالهاشمي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد440هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددقراملكي

ـ2829

إثبات الشهور ، إشكالياتالقمرية

في منهج الاستدلال

السيد جعفر محمد حسين

فضل اللهـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه الإسلاميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3435

أفضلية الأطعمة النباتية في النظام

، قراءةالغذائيأخلاقية

د. أحمدوسيم حيدرالنراقي

ـ3839

دراسة في كفاية رؤية الهلال

بة بالأدوات المقر )تطبيقا لرأي السيد

محمود الهاشمي(

الشيخ علي الإلهي

الخراسانيـــ

ـ3839

فقه الاحتكار، دراسة استدلالية مقارنة / القسم

الأول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ3839

فكرة الأقاليم السبعة في الحديث

الشريف د. أحمدد. نظيرة غلابپاكتجي

ـ4041

الملكية الاعتباريةفس ، بينللن

الاستحالة والإمكان

الشيخد. خالد الغفوري

الحسنيـــ

ـ4041

فقه الاحتكار، دراسة استدلالية

الشيخ ذو الفقار عبد

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد441هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد مقارنة / القسم

الثاني الرسولعواضة

43 كتاب )صورة الأرض( لابن

حوقل، نقد وتعريف السيد أحمد

حسن مطرالمددي

الدراسات الفقهية/الفقه الاجتماعي والتربوي ـ2829

الجمعة شخصيةالمجتمع الإسلامي

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

ـ2829

معالجة منهجية لا»لحديث

/ القسم«نورثالأول

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3031

معالجة منهجية لا»لحديث

/ القسم«نورثالثاني

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3031

ية الرسول ،|ذر الخيط الرفيع بينالمحبة والطبقية

الشيخ حسينـــالخشن

ـ3031

هل يؤسس الإلحاد مذهبا إنسانيا في

، نقاشاتالحب؟ تنموية في فضاءات

إريك فروم

ـــأ. علي المدن

ـ3031

أمام ثقافةالعرب القانون

والمؤسسات أ. نبيل علي

ـــصالح

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد442هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3233

الدين في ميزان ، قراءة فيالأخلاق

العلاقة بين الأخلاق الدينية والأخلاق

العلمانية

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

ـ3233

الفكر الإسلامي ،والفكر العلماني

مطالعة في مواطن الائتلاف

والاختلاف

د. مخلصـــالسبتي

ـ3233

معالجة منهجية لا»لحديث

/ القسم«نورثالثالث

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3233

نظرية )الشأن( في ،التراث الفقهيتحليل وتعليق

الشيخ محمد حسين صادق

زاده الشيخ علي

محسن

ـ3435

الفقه الإسلامي وتحديات العصر

الحديث / القسمالأول

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3435

قراءة جديدة للإرث ، دراسةبالولاء / القسممقارنةالأول

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3435

دور الرؤيا والأحلام في الثقافة

الإسلامية

د. الشيخ حسينالخشن

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد443هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ـ3435

مقدمة في فقهالبيئة والمحيط

د. محسند. نظيرة غلابعميق

ـ3435

أفضلية الأطعمة النباتية في النظام

الغذائي، قراءةأخلاقية

د. أحمدوسيم حيدرالنراقي

ـ3637

الأخبار المشكوك في أمرها في

المأثور الأخلاقي الشيخ جوياحسن مطرجهانبخش

ـ3637

الفقه الإسلامي وتحديات العصر

/ القسمالحديثالثاني

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3637

قراءة جديدة للإرث ، دراسةبالولاء / القسممقارنةالثاني

د. الشيخـــخالد الغفوري

ـ3839

،الدين والأخلاقالهوية والتعريف

د. أبو القاسمحسن مطرفنائي

ـ3839

حديث )لا وصية ، دراسةلوارث(

تحليلية مقارنة

د. الشيخ خالد الغفوري

الحسنيـــ

ـ40 د. أبو القاسمتبعية الدين للأخلاق41

وسيم حيدرفنائي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد444هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ4041

الملكية الاعتباريةفس، بين للن

الاستحالة والإمكان

الشيخد. خالد الغفوري

الحسنيـــ

42 الشيخ محمد

إسحاق الفياض، عمق الفقاهةوسمو الأخلاق

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

42

المواطنة والدين في مجتمع متنوع،

الهوية والأخلاق» السياسية سياق«للاعترافإسلامي

د. الشيخـــخنجر حمية

تبعية الأخلاق للدين42/ القسم الأول

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

43 حديث )ألحقوا

،الفرائض بأهلها( دراسة تحليلية

مقارنة

د. الشيخ خالد الغفوري

الحسنيـــ

تبعية الأخلاق للدين43/ القسم الثاني

د. أبو القاسمفنائي

حسن عليمطر

44

،إرث الزوجة محاكمات في سياق الجدل

/الفقهي القائمالقسم الأول

الشيخ فخر الدين

الصانعي حسن عليالهاشمي

وسيم حيدر د. أبو القاسم أخلاق المعرفة44 ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد

445هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد الدينية / القسم

فنائيالأول

44 المرأة في المنظور

الفلسفي للملاصدرا الشيرازي

السيد محمد الموسويالعقيقي

فرقد الجزائري

44

طبيعة العلاقة بين حقوق الإنسان

المعنوية والشرعية في ضوء الفقه

الشيعي

د. فاطمةـــقدرتي

44

،وقف الوقت مطالعة فقهية أولية في وقف

المنفعة والعملالتطوعي

الشيخ حيدرـــحب الله

44 ،وقف الوقت

سؤال المشروعية الفقهية وإشكالياته

في الفقه الإسلامي

الشيخ محمدـــحسن زراقط

الدراسات الفقهية/فقه العبادات الجهر والإخفات25

في قراءة الصلاة الشيخ أحمد

ـــعابديني

ـ3031

بحث اجتهادي جديد في الطهارة

والنجاسة

لم ينشر اسم الكاتب في مجلة )نقد

ونظر( الفارسية.

وإننا نرجح أنه

حسن عليحسن

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد446هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد الشيخ نعمة الله صالحينجف آبادي

ـ3031

إفطار قضاء شهررمضان وكفارته

الشيخ أحمدـــعابديني

ـ3233

فقه العبادات والقوانين الجزائية، دراسة في الفوارق

الجوهرية

الشيخ أحمدعابديني

حسن عليمطر

ـ3233

مفطرية تعمد البقاء على الجنابة

، قراءةحتى الفجرنقدية

الشيخ يوسفـــعلي سبيتي

ـ3839

الصلاة في أجزاء حيوان لا يؤكل

، قراءة نقديةلحمه الشيخ أحمد

ـــعابديني

الدراسات الفقهية/الفقه القرآني

25 دور القرآن في

الاستنباط الفقهي، الإمام الخميني

أنموذجا

د. الشيخ محمد

رحمانيصالح البدراوي

ـ2627

|عتاب النبي الأكرم في آي الكتاب

المجيد د. الشيخ

ـــمحمد علوان

ـ2829

مساهمة الإمام الخوئي في

التفسير القرآني

أ. د. عبد العزيز

ساشاديناهادي نعمة

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد447هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3031

القرآن المصدر المعرفي الديني

، نحوالوحيدتأسيس فقه قرآني

الشيخ أمينـــإيماني

ـ3233

القيم الصوتية ،وآفاقها الجمالية دراسة في ضوء

النص القرآني

أ. كواكب صالح مهدي

محمد / إشراف: أ. م. د. أزهار علي

ياسين

ـــ

ـ3233

نظرية )النبي الأمي( في التراث

الإسلامي أ. خالد محمد

ـــعبده

ـ3637

سخ في إنكار الن القرآن الكريم،نظرة تاريخية

د. محمد تقي دياري

/ د.بيدگلي عزت الله

مولائي نيا / أ. محمد

معظميگودرزي

ـــ

الدراسات الفقهية/الفقه المقارن )بين المذاهب أو بينالفقه والقانون(

ـ2627

نظرات في أدبيات الفرقة الناجية، منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد448هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

تدوين الرسائل ، دراسةالعملية

مقارنة بين المنهجين الأخباري

والأصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

ـ3435

مصادر الاستنباط بين الفقه الإسلامي والقانون الوضعي،

)مجلة الأحكام العدلية( أنموذجا

د. الشيخ صاحب محمدحسين نصار

ـــ

ـ3435

، بينالمصلحة الفقه الإسلاميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3839

،فقه الاحتكار دراسة استدلالية

/ القسممقارنةالأول

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

ـ4041

،فقه الاحتكار دراسة استدلالية

/ القسممقارنةالثاني

الشيخ ذو الفقار عبد الرسولعواضة

ـــ

الدراسات الفقهية/تاريخ الفقه والعلوم الشرعية

25 تاريخ الفقه

، قراءةالجعفري في المراحل

والأدوار المختلفة

الشيخ عليـــحسن خازم

ـ3637

سخ في إنكار الن ،القرآن الكريم

د. محمد تقي دياري

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد449هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

نظرة تاريخية

/ د.بيدگلي عزت الله

مولائي نيا / أ. محمد

معظميگودرزي

ـ4041

جهود الدكتور الفضلي في التأريخ للمدارس الإسلامية

في العقيدة ، قراءةوالتشريع

في المنطلقات وخطوات العمل

وسماته

أ. حسينـــمنصور الشيخ

44

أصول فقه ، رصدالإمامية

للتكون والنشأة على ضوء الوثائق

/ القسمالتأريخيةالأول

الشيخ أحمد بن عبد الجبار

ن السميـــ

بحوث فقهية متفرقة

ـ2627

نجاسة الكلب في ،الفقه الإسلامي

محاولة قراءةمختلفة

الشيخ أحمدـــعابديني

ـ3031

من نوادر فقهالخوارج والمعتزلة

د. السيد حسين

مدرسيالطباطبائي

نظيرة غلاب

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد450هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3031

أحكام الذبائح في ،الفقه الإسلامي

نقد اشتراط /التذكية بالحديد

القسم الأول

السيد علوي البلادي

البحراني )تقريرا بقلم: السيد ماجد

(البوري

ـــ

ـ3233

أحكام الذبائح في ،الفقه الإسلامي

نقد اشتراط /التذكية بالحديد

القسم الثاني

السيد علوي البلادي

البحراني )بقلم: السيدماجد البوري(

ـــ

ـ3435

،الذبح في منىقراءة أخرى

الشيخ أحمدـــعابديني

علم أصول الفقه الإسلامي مثاقفة الاجتهاد في25

الفقه الإسلامي أ. د. زهيرـــالحسني

25 تواتر الحديث عند

، مطالعةالمتقدمين رصدية في أهممفاصل البحث

الشيخ أحمدـــأبو زيد

25 نظرية تنقيح المناط عند

الإمامية الشيخ علي

ـــدهيني

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد451هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 شبستري... من

الهرمنوطيقا إلى الأنسنة / القسم

الثاني

أ. عمادـــالهلالي

ـ2627

،في حقيقة الاجتهادالأصول والضوابط

د. أحمدـــالسلطان

ـ2627

تأويل الخطاب الاشتباهي عند

الإمام الشاطبي د. البشيرـــالتهالي

ـ2829

ازدواجية دور المصلحة في الفقهالسياسي الشيعي

د. السيد صادقحقيقت

نظيرة غلاب

ـ2829

الحجية الذاتية لبناء ، ودورها فيالعقلاء

علم أصول الفقه

الشيخ محمد تقي أكبر

نجادنظيرة غلاب

ـ3031

مناهج الاجتهاد ،وطرائق المحدثينأفكار ومقترحات

حوار مع: السيد أحمد

المدديكاظم خلف

ـ3031

،علم أصول الفقه المباحث الجديدة

والمتابعات الحديثة

الشيخ ضياء الدين

المحموديـــ

ـ3031

رالهرمنوطيقا ، وتغي الحكم الشرعي

ر الزمان بتغي

د. السيد يوسف

العلوي / أ.ـــ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد452هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد حسينوالمكان

اليوسف

ـ3233

من أصول الفقه إلى مناهج ، شكلياتالاستنباط

البحث الفقهي

الشيخ الأسعد بن عليقيدارة

ـــ

ـ3233

قواعد العلم ،بالحكم الشرعي

قراءة مختلفة

السيد علي حسن مطرالهاشمي

ـــ

ـ3435

مصادر الاستنباط بين الفقه الإسلامي

،والقانون الوضعي )مجلة الأحكام

العدلية( أنموذجا

د. الشيخ صاحب محمدحسين نصار

ـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه الإسلاميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3637

نظرية الاجتهادالتفريعي والمقارن

الشيخ محمد إبراهيمالجناتي

حسن عليمطر

ـ3839

،شمولية الشريعة نقد نظرية الفراغ

القانوني فيالإسلام

تحت إشراف:

الشيخ ناصر مكارم

الشيرازي

حسن مطر

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد453هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3839

الفرق بين العام والمطلق، وبين

،التخصيص والتقييد دراسة أصولية

مختلفة

السيد علي حسن مطرالهاشمي

ـــ

ـ3839

تواتر الحديثبعيون غربية

الشيخ أحمدـــأبو زيد

ـ4041

ر في الثابت والمتغيالأحكام الشرعية

الشيخ حسنـــالصفار

ـ4041

مرجعية الحديث الشيعي الإمامي،المصدر والحدود

د. مجيد معارف / د. عبد الهادي

فقيهي زاده / د. نظيرة

غلاب

ـــ

42 علاقة علم الأصول

بالعلوم الأخرى، ودور الشهيد الصدر

في تطويرها

د. الشيخ عبد الهاديالفضلي

ـــ

حجية الظن في42أصول الدين

د. الشيخ مهدي

الكاظميـــ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد454هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

44

أصول فقه الإمامية، رصد

للتكون والنشأة على ضوء الوثائق التأريخية / القسم

الأول

الشيخ أحمد بن عبد الجبار

ن السميـــ

دراسات في السنة والحديث الشريف

25 تواتر الحديث عند

المتقدمين، مطالعة رصدية في أهممفاصل البحث

الشيخ أحمدـــأبو زيد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» ، مدخلالكليني

لدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

ـ2627

من كذب»حديث ،«علي متعمدا...قراءة تحليلية

د. بكر قوزودشلي

أوغلوسامي خليفة

ـ2627

نظرات في أدبيات ،الفرقة الناجية منظور تحليليونقدي مقارن

أ. مشتاق بن موسىاللواتي

ـــ

ـ2829

الأحاديث الموضوعة، قراءة

في كتاب الموضوعات في»

«الآثار والأخبار

د. زهراءنظيرة غلابإخوان صراف

ـ3233

فتح الاجتهاد في علم الجرح

د. يحيى رضاجاد

ـــ

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد455هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ، هلوالتعديل

يمكن للمعاصرين ممارسة الاجتهاد

الرجالي؟ ـ3637

الأخبار المشكوك في أمرها في

المأثور الأخلاقي الشيخ جوياحسن مطرجهانبخش

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

تواتر الحديثبعيون غربية

الشيخ أحمدـــأبو زيد

ـ4041

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةوالإسلامية

استدلالية في مرجعية الحديث

/ القسمالإسلاميالأول

الشيخ حيدرـــحب الله

ـ4041

مرجعية الحديث ،الشيعي الإماميالمصدر والحدود

د. مجيد معارف / د. عبد الهادي

فقيهي زاده / د. نظيرة

غلاب

ـــ

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد456هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ـ4041

سليمان بن داوود المنقري وكتابه في

الحديث د. محمد

د. نظيرة غلابكاظم رحمتي

42 ل علمحوارات حو

الرجال ودورهومشكلاته ومآلاته

حوار مع: السيد أحمد المددي /

الشيخ مسلم الداوري / الشيخ رضا مختاري /

الشيخ محمدباقر ملكيان

حسن عليالهاشمي

42

التفاعل السني الشيعي في

،القرون المبكرة انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث

ي / القسمالشيعالأول

د. بكرقوزوديشلي

ترجمه عن الإنجليزية:

فاطمة زراقط

42

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةوالإسلامية

استدلالية في مرجعية الحديث

/ القسمالإسلاميالثاني

الشيخ حيدرـــحب الله

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد457هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

تأملات في توثيقات42الشيخ المفيد

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

43

التفاعل السني الشيعي في

،القرون المبكرة انتقال أسانيد أهل السنة إلى التراث

/ القسمالشيعيالثاني

د. بكرقوزوديشلي

ترجمته عن الإنجليزية:

فاطمة زراقط

43

الحديث الشريف بين المصادر

المذهبية ، قراءةوالإسلامية

استدلالية في مرجعية الحديث

/ القسمالإسلاميالثالث

شيخ حيدرالـــحب الله

44 قصة المعمر المغربي )أبو

، بين الحقيقةالدنيا(والخيال

د. الشيخ حسين أحمد

الخشنـــ

44 الكتاب المشتهر بـ

)نوادر أحمد بن ،محمد بن عيسى(

رسالة في المؤلف

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

شخصيات وفقهاء

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد458هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» الكليني، مدخللدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

ـ2627

المنهج الاجتهادي عند الإمام ، حوارالبروجردي

مع نخبة منالمراجع والفقهاء

حوار مع: الشيخ لطف الله الصافيالكلبايكاني

والشيخ حسين النوري

الهمداني والشيخ أبو

طالب تجليلالتبريزي

كاظم خلفالعزاوي

ـ2627

تأويل الخطاب الاشتباهي عند

الإمام الشاطبي د. البشيرـــالتهالي

ـ2829

مساهمة الإمام الخوئي في

التفسير القرآني

أ. د. عبد العزيز

ساشاديناهادي نعمة

ـ2829

جدليات منهجية ، مقارباتوتنظيرية

في فكر السيدالصدر

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ3031

الشيخ الفضلي، منارة أحسائية

عالمية ثالثة في د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد459هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد مجال الكتب

فين / القسم والمؤلالأول

ـ3233

الشيخ الفضلي، منارة أحسائية

عالمية ثالثة في مجال الكتب

فين / القسم والمؤلالثاني

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـ3435

رسالة عدم سهو ، للشيخ|النبي

، قراءةالمفيدلوتحلي

الشيخ عمار عبد الأميرالفهداوي

ـــ

ـ3435

المصلحة، بين الفقه الإسلاميوروسكو باوند

أ. د. منىـــأحمد أبو زيد

ـ3435

،الشهيد الثاني جولة في بعض

إبداعاته ونظرياتهالاجتهادية

د. الشيخ محمد

زرونديـــ

ـ3435

مستمسك السيد الحكيم، تقرير عن

ظروف طباعتهوالاعتراضات عليه

الشيخ رسولجعفريان

ترجمة ونقد وتعليق: عماد

الهلالي

ـ3637

المنهج الفقهي لابن أبي عقيل،

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

الإمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد460هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

، دراسةالفضائلوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

المفضل بن عمر وكتاب التوحيد)المنسوب له(

د. محمدد. نظيرة غلابكاظم رحمتي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعلامة الحلي في

القرن الهجري ، تقريرالثامن

لكتاب )مسائل ابنزهرة(

د. الشيخ رسول

جعفريانوسيم حيدر

ـ4041

الجذور اليهوديةع ، دراسةللتشي

نقدية لنظريةيوليوس فلهاوزن

محمدأ. يسري محمد

حسنـــ

42

رسالة في سهو ، دراسة|النبي

نقدية لرسالة المفيد في نفي

هو عن النبي |الس

الشيخ محمدتقي التستري

تحقيق: الشيخمحمد الخاقاني

42 الشيخ محمد

،إسحاق الفياض عمق الفقاهةوسمو الأخلاق

الشيخ حسن بن موسى

الصفارـــ

ـــ د. الشيخ عبد علاقة علم الأصول42

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد461هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد ،بالعلوم الأخرى

ودور الشهيد الصدرفي تطويرها

الهاديالفضلي

في توثيقاتتأملات42الشيخ المفيد

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

43 الشيخ الطوسي

وتكميل كتابالفهرست

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

الحوزة العلمية وقضاياها

ـ2829

تدوين الرسائل العملية، دراسة

مقارنة بين المنهجين الأخباري

والأصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

دراسات في المناهج والاتجاهات

ـ2627

المنهج الاجتهادي عند الإمام

البروجردي، حوار مع نخبة من

المراجع والفقهاء

حوار مع: الشيخ لطف الله الصافيالكلبايكاني

والشيخ حسين النوري

الهمداني والشيخ أبو

طالب تجليلالتبريزي

كاظم خلفالعزاوي

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد462هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ2829

منهجية العلوم الشرعية في

مقابل المنهجيةالعلمية الحديثة

أ. علي بنـــمحمد الحمد

ـ2829

جدليات منهجية وتنظيرية، مقاربات

في فكر السيدالصدر

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ2829

تدوين الرسائل العملية، دراسة

مقارنة بين المنهجين الأخباري

والأصولي

السيد أمين حبيب

السعيديـــ

ـ2829

المنهجية النقدية عند النيلي بين

التطرف والاعتدال أ. مختارـــالأسدي

ـ3031

مناهج الاجتهاد وطرائق المحدثين،

أفكار ومقترحات

حوار مع: السيد أحمد

المدديكاظم خلف

ـ3637

المنهج الفقهي لابن أبي عقيل،

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

الإمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد463هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

42 الاتجاهات الفقهية عند الإمامية في

القرنين الثانيوالثالث الهجريين

د. أحمدد. نظيرة غلابپاكتجي

دراسات في الأديان والمذاهب والفرق

ـ3031

من نوادر فقهالخوارج والمعتزلة

د. السيد حسين

مدرسيالطباطبائي

نظيرة غلاب

ـ3435

الأسس الدينيةللأصولية اليهودية

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ3637

المنهج الفقهي لابن ،أبي عقيل

ومدرسة المتكلمين المتقدمين من

الإمامية

د. أحمدحسن مطرپاكتجي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعلامة الحلي في

القرن الهجري الثامن، تقرير

لكتاب )مسائل ابن

د. الشيخ رسول

جعفريان

وسيم حيدر

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد464هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعددزهرة(

ـ4041

الجذور اليهوديةع، دراسة للتشي

نقدية لنظريةيوليوس فلهاوزن

محمدأ. يسري محمد

حسنـــ

42 الاتجاهات الفقهية

فيعند الإمامية القرنين الثاني

والثالث الهجريين

د. أحمدد. نظيرة غلابپاكتجي

43 الدعاية المذهبية

، فرقةالمضادة الغرابية نموذجا

أ. محمد يسري أبو

هدورـــ

دراسات كلامية

ـ3435

رسالة عدم سهو ، للشيخ|النبي

المفيد، قراءةوتحليل

الشيخ عمار عبد الأميرالفهداوي

ـــ

42

رسالة في سهو ، دراسة|النبي

نقدية لرسالة المفيد في نفي

هو عن النبي |الس

الشيخ محمدتقي التستري

تحقيق: الشيخمحمد الخاقاني

قراءات في كتب وأعمال فكرية

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد465هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

25 الطريق إلى مصادر

للشيخ«الكافي» الكليني، مدخللدراسة فاحصة

الشيخ محمد رضا جديدي

نجاد السيد حسن

علي الهاشمي

25

فهرست مقالات من24 ـ 1الأعداد

الاجتهاد»مجلة ، في«والتجديد

السنوات الست ـ2006الأولى، ـ1427م / 2012هـ1433

إعداد وتنظيم:

الشيخ محمدعباس دهيني

ـــ

ـ2627

قراءة في كتاب نحو نظرية جديدة»

في علم الاجتماع«الديني

أ. د. عبد الأمير كاظم

زاهدـــ

ـ2829

الأحاديث ، قراءةالموضوعة في كتاب

الموضوعات في»«الآثار والأخبار

د. زهراءنظيرة غلابإخوان صراف

ـ3031

،الشيخ الفضلي منارة أحسائية

عالمية ثالثة في مجال الكتب

فين / القسموالمؤلالأول

د. محمد بنـــجواد الخرس

ـــ د. محمد بن الشيخ الفضلي، ـ32 ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد466

هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

33

منارة أحسائية عالمية ثالثة في

مجال الكتبفين / القسم والمؤل

الثاني

جواد الخرس

ـ3435

تحرير»كتاب ، دوافع«المجلة

التأليف ومساراته

د. الشيخ محمد

رحمانيوسيم حيدر

ـ3435

،طهارة أهل الكتاب قراءة وتلخيص

]عرض وتلخيص الكرامة»لكتاب

الإنسانية، دراسة في طهارة الإنسان

على ضوء الفقه ، للسيد«الإسلامي

أبو الحسن نواب )الأستاذ المساعد

ورئيس جامعة الأديان والمذاهب

بمدينة قم([

أ. عمادـــالهلالي

ـ3435

مستمسك السيد ، تقرير عنالحكيم

ظروف طباعتهوالاعتراضات عليه

الشيخ رسولجعفريان

ترجمة ونقد وتعليق: عماد

الهلالي

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد467هـ1439م ـ 2018شتاء

إعداد وتنظيم: الشيخ محمد عباس دهيني •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

ـ3637

منهج الحاكم النيسابوري في تصحيح أحاديث

الفضائل، دراسةوتقييم

د. يحيى عبد الحسنالدوخي

ـــ

ـ3839

المفضل بن عمر وكتاب التوحيد()المنسوب له

د. محمدد. نظيرة غلابكاظم رحمتي

ـ3839

أسئلة الشيعة للعلامة الحلي في

القرن الهجري الثامن، تقرير

لكتاب )مسائل ابنزهرة(

د. الشيخ رسول

جعفريانوسيم حيدر

ـ3839

قراءة في كتاب )إضاءات في الفكر

(والدين والاجتماع الشيخ محمد

حسن مطرمرادي

ـ4041

سليمان بن داوود المنقري وكتابه في

الحديث د. محمد

د. نظيرة غلابكاظم رحمتي

42 عبيد الله بن أبي

وكتابرافع )الأحكام والسنن

والقضايا(

د. محمدد. نظيرة غلابكاظم رحمتي

43 الشيخ الطوسي

وتكميل كتابالفهرست

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

ـ العـدد الخامس والأربعون، السنة الثانية الاجتهاد والتجديد468هـ1439م ـ 2018عشرة، شتاء

من مجلة »الاجتهاد والتجديد«44 ـ 25فهرست مقالات الأعداد •

المترجمالمؤلفعنوان المقالةالعدد

43 كتاب )صورة الأرض( لابن

، نقد وتعريفحوقل السيد أحمد

حسن مطرالمددي

44 الكتاب المشتهر بـ

)نوادر أحمد بن محمد بن عيسى(،رسالة في المؤلف

الشيخ محمدـــباقر ملكيان

ـ العــدد الخــامس والأربعــون، الســنة الثانيــة عشــرة، الاجتهاد والتجديد469هـ1439م ـ 2018شتاء

قسيمة الاشتراك مجلة الاجتهاد والتجديد

أفراد مؤسسات ......................................................اســــم المشترك:

..........................................................العنوان الكامل: ..............................................................................

...................................الهاتــــف:.................فاكــــس: .................مدة الاشتراك:....................... ابتــداء مـــن:

.........................المبلغ:......................عـــدد النســـــخ: .................نقـدا إلى:............................ شيك مصرفي:

..........................التــــاريــخ:.......................التوقيــــع:

الاشتراك السنوي للمؤسسات دولار 100 للأفراد سائر الدول:

)خالصة أجور البريد( دولار 200

ثمن النسخة ليرة 5000لبنان ليرة 150سوريا دينار 2.5الأردن

ـــــــــــــــــــــــــــــانير 3الكــــــــــــــــــــــــــــــويت دنـ دينــار 3000العــراق درهمــا 30الإمــارات العربيــة

ريـالا 30السـعودية ريـالا 30قطـر دنـانير 3البحـرين ــالات 3عمــان ــال 400اليمن ري ــات 7مصــر ري جنيه

ــانير 5ليبيا شلنا 150الصومال دينار 200السودان دن

درهمــا 30المغــرب دنــانير 3تونس دينارا 30الجزائر 5قـــبرص لـــيرة 20000تركيـــا أوقيـــة 500موريتانيـــا

. دولارات10أمريكا وأوروبا وسائر الدول الأخرى جنيهات

Al-Egtihad & Attagdeed

Editor-in-chief:

Haidar Hobballah

Editor-in-Director:

Mohamad Dohaini

Responsible Director:

Rabie Sowaidan

Correspondence:

To the office of the Editor-in-chief

Winter 2018 - 1439 12 st Year – No. 45

P.O.Box: 327 / 25 Beirut – Lebanon

E-mail: info@nosos.net

. 595: 10مجمع البيان )( 1(. الهامش )180من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: )( 2. 185: 4تفسير الأمثل )( 3. 399: 1تفسير في ظلال القرآن )( 4. 285: 1آلاء الرحمن )( تفسير 5. 61)( تفسير إرشاد الأذهان: 6. 138)( تفسير تبيين القرآن: 7. 126)( تفسير البلاغ: 8. 504: 2 )( تفسير الأمثل9

. 291: 9 )( تفسير الفرقان10. 144: 5تفسير الفرقان )( 11. 186: 3الجوهر الثمين )( 12. 178: 6 يروح المعان)( 13. 96: 6؛ كنـزالدقائق 241: 3؛ زبدة التفاسير 123: 3انوار التنـزيل )( 14. 123: 10الميزان )( 15. 2819: 9تفسير ابن أبي حاتم )( 16. 381إرشاد الأذهان: )( 17. 196: 19التحرير والتنوير )( 18. 145 ـ 142: 1)( الإتقان في علوم القرآن 19. 1922: 6تفسير ابن أبي الحاتم الرازي )( 20. 58: 11؛ جامع البيان 505: 6مجمع البيان )( 21 )الهامش(.100من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: )( 22 )الهامش(.181 ـ 180من إسلام القرآن إلى إسلام الحديث: )( 23. 207: 1)( التفسير الواضح 24. 174:: 1)( التفسير الوسيط 25. 278: 2)( متشابه القرآن 26. 4: 2)( تفسير ابن كثير 27. 53)( تفسير الجلالين: 28. 256: 2)( محاسن التأويل 29. 50)( التفسير المعين: 30. 150: 3)( التفسير المنير 31. 28: 2)( التفسير الوسيط 32. 223: 5)( تفسير من وحي القرآن 33. 45: 5فتح القدير )( 34. «حكم»مادة ، تاج العروس)( 35. 512)( تفسير الجلالين: 36. 34: 26جامع البيان )( 37. 302:: 3؛ بحر العلوم 238تأويل مشكل القرآن: )( 38. 119: 6)( البحر المحيط 39. 272: 3)( جواهر الحسان 40. 467: 8)( محاسن التأويل 41. 149: 3)( المحرر الوجيز 42. 313: 17)( مفاتيح الغيب 43. 166علوم القرآن: )( الحكيم، 44. 319: 5بيان المعاني )( 45. 22: 3البحر المحيط )( 46. 259)( إرشاد الأذهان: 47. 233: 2)( جوامع الجامع 48

. 156: 7)( روح المعاني 49. 607: 1)( الأصفى 50. 190: 3)( أنوار التنـزيل 51. 33: 3)( البحر المديد 52. 230: 2)( بحر العلوم 53ر: 54 . 255)( تفسير شب. 137: 7التفسير القرآني للقرآن )( 55. 183، 180: 13)( التفسير المنير 56. 236: 2)( التفسير الواضح 57. 1173: 2)( التفسير الوسيط 58. 383: 4)( روح البيان 59. 259إرشاد الأذهان: )( 60. 114: 13جامع البيان )( 61. 35: 3البحر المديد )( 62. 266تبيين القرآن: )( 63. 290: 6)( محاسن التأويل 64. 94: 2)( متشابه القرآن 65. 458: 6)( مجمع البيان 66. 510: 2)( زاد المسير 67. 246: 4)( بيان السعادة 68. 711: 10)( مجمع البيان 69. 237: 5)( معالم التنـزيل 70. 117: 12)( مقتنيات الدرر 71. 55)( إرشاد الأذهان: 72. 138: 1)( الأصفى 73. 6: 2)( أنوار التنـزيل 74. 324: 1)( البحر المديد 75. 53)( تفسير الجلالين: 76. 318: 1)( الصافي 77. 4: 2)( تفسير ابن كثير 78ر: 79 . 86)( تفسير شب. 63)( التفسير المبين: 80. 145: 1)( التفسير المعين 81. 27: 2التفسير الوسيط )( 82. 78: 2)( روح المعاني 83. 213: 25)( التحرير والتنوير 84. 447: 2البحر المديد )( 85. 186: 3؛ زبدة التفاسير 106: 6؛ كنـزالدقائق 104: 3أسرار التنـزيل )( 86. 398: 1التبيان )( 87. 639: 3مفاتيح الغيب )( 88. 638: 3)( مفاتيح الغيب 89. 369: 7التفسير القرآني للقرآن )( 90. ؛ وغيرهما237: 14؛ التفسير المنير 270: 20مفاتيح الغيب )( 91. ؛ وغيرهما421: 1؛ مجمع البيان 203: 1الكشاف )( 92. 174: 1)( التفسير الوسيط 93. 53)( تفسير الجلالين: 94. 4: 2)( تفسير ابن كثير 95

. 150: 3)( التفسير المنير 96. 224: 5)( تفسير من وحي القرآن 97. 182الحكيم، علوم القرآن: )( 98. 107 ـ 106: 2)( غرائب القرآن 99

. 170علوم القرآن: )( 100. 179علوم القرآن: )( 101. 179علوم القرآن: )( 102. 34: 3الميزان )( 103. «فتن»، 23: 9التحقيق في كلمات القرآن )( 104. 35 ـ 34: 26مجموعه آثار أستاد شهيد مطهري )( 105. 21: 3الميزان )( 106. 87: 1أنوار التنـزيل )( 107. «شبه»، 503: 13لسان العرب )( 108. 185: 3أنوار التنـزيل )( 109. «شبه»القاموس المحيط، )( 110. 34: 2التحقيق في كلمات القرآن )( 111. 21: 9التبيان )( 112. 453: 3جوامع الجامع: ج)( 113. 41: 5أنوار التنـزيل )( 114. 1083: 2)( الأصفى 115. 76: 2أنوار التنـزيل )( 116. 21: 3البحر المحيط )( 117. 67: 24التحرير والتنوير )( 118. 1144 ـ 1143: 12التفسير القرآني للقرآن )( 119. 64: 15الأمثل )( 120. «شبه»، 404: 3)( العين 121. 11: 1تفسير العياشي )( 122. 699: 2)( مجمع البيان 123. 112: 1الزركشي، البرهان في علوم القرآن )( 124. 112: 1البرهان في علوم القرآن )( 125. 304: 2)( الإتقان في علوم القرآن 126. 68: 2البرهان في علوم القرآن )( 127. 1، ح28: 2الكافي )( 128. 22: 3البحر المحيط )( 129. 243: 1تفسير ابن أبي حاتم )( 130. 601: 2تفسير ابن أبي حاتم )( 131. 87: 1)( تفسير مقاتل 132. 264: 1)( تفسير مقاتل 133. 195: 1بحر العلوم )( 134. 119: 3جامع البيان )( 135. 320: 5)( بيان المعاني 136. 48: 2)( تفسير ابن كثير 137. 257: 1)( زاد المسير 138. 696: 2)( مجمع البيان 139. 285: 2)( الجصاص، أحكام القرآن 140. 26: 3)( البحر المحيط 141 ؛80: 2؛ روح المعاني 295: 1؛ الجوهر الثمين 6: 2؛ روح البيان 61تبيين القرآن: )( 142

. ؛ وغيرها361: 1فتح القدير . 596: 2تفسير ابن أبي حاتم الرازي )( 143. 408مجموعه رسائل سيد عبد الحسين لاري: )( 144. 253: 1الاحتجاج )( 145. 409مجموعه رسائل سيد عبد الحسين لاري: )( 146. 255تقريرات في أصول الفقه: )( 147. 598: 2تفسير ابن أبي حاتم )( 148. 121: 3جامع البيان )( 149. 92: 4أحكام القرآن )( 150. 79: 3أحكام القرآن )( الكياهراسي، 151. 276: 1الأصفى )( 152. 12: 4الأمثل )( 153. 161: 3)( الميزان 154. 93)( إرشاد الأذهان: 155. 91: 2)( زبدة التفاسير 156. 157: 1)( الفواتح الإلهية 157. 393: 1)( لباب التأويل 158. 115)( الوجيز: 159. 237: 3)( التبيان 160. 101: 3)( مجمع البيان 161. 688: 3)( البحر المحيط 162. 425: 1)( زاد المسير 163. 519: 1)( البحر المديد 164. 383: 1)( تفسير مقاتل 165. 312: 1)( بحر العلوم 166. 110)( التفسير المبين: 167. 336: 1)( التفسير الوسيط 168. 654: 1)( معالم التنـزيل 169. 96: 5)( جامع البيان 170. 266: 2)( محاسن التأويل 171. 246: 1)( إيجاز البيان 172. 222: 2)( تفسير خسروي 173. 1494: 5)( تفسير ابن أبي حاتم 174. 145: 8)( جامع البيان 175. 146)( غريب القرآن: 176. 167: 8)( تفسير المراغي 177. 229: 8)( التفسير المنير 178. 172: 3)( روح البيان 179. 754: 2)( تفسير سورآبادي 180. 530: 2)( زبدة التفاسير 181. 658: 4)( مجمع البيان 182. 374: 1)( مراح لبيد 183. 171)( غريب القرآن: 184. 380: 5)( التبيان 185. 117: 2)( بحر العلوم 186. 622: 3)( كشف الأسرار 187. 420: 2)( معالم التنـزيل 188

. 380: 4)( الجصاص، أحكام القرآن 189. 205: 12)( التفسير المنير 190. 216: 4)( روح البيان 191. 67: 4)( غرائب القرآن 192. 92: 12)( جامع البيان 193. 268)( دقائق التأويل: 194. 414: 2)( زاد المسير 195. 341: 3)( زبدة التفاسير 196. 198: 5)( الكشف والبيان 197. 513: 2)( لباب التأويل 198. 321: 5)( مجمع البيان 199. 476: 2)( معالم التنـزيل 200. 684: 2)( تقريب القرآن 201. 430: 6)( روح المعاني 202. 212: 3)( بيان المعاني 203. 356: 5)( مجمع البيان 204. 239)( التفسير المعين: 205. 313)( التفسير الوجيز: 206. 457)( تفسير السعدي: 207. 175: 6)( محاسن التأويل 208. 527: 2)( لباب التأويل 209. 193: 7)( أطيب البيان 210. 42: 13)( تفسير المراغي 211. 45: 13)( تفسير المراغي 212. 327: 6)( البحر المحيط 213. 70: 13)( التفسير المنير 214. 1137: 2)( التفسير الوسيط 215. 28، 5)( الجصاص، أحكام القرآن 216. 1211: 3)( ابن العربي، أحكام القرآن 217. 290)( إرشاد الأذهان: 218. 680: 1)( الأصفى 219. 435: 5)( إعراب القرآن وبيانه 220. 255: 3)( أنوار التنـزيل 221. 270: 3)( فتح القدير 222. 257: 11)( الجامع لأحكام القرآن 223. 70: 8)( روح المعاني 224. 182: 4)( الدر المنثور 225. 446: 1)( التسهيل لعلوم التنـزيل 226. 209: 5)( التفسير لكتاب الله المنير 227. 47: 7)( البحر المحيط 228. 597: 2)( تفسير مقاتل 229. 295: 3)( البحر المديد 230. 283: 5)( روح البيان 231. 332: 8)( روح المعاني 232. 5: 16)( تفسير المراغي 233. 539: 3)( جواهر الحسان 234. 537: 3)( المحرر الوجيز 235

. «أول»، 259: 8)( العين 236. «أول»، 377: 10)( المحيط 237. «أول»، 1628: 4)( الصحاح 238. «أول»، 33: 11)( لسان العرب 239. 162 ـ 158: 1معجم مقاييس اللغة )( 240. «أول»، 80: 1النهاية في غريب الحديث )( 241. 124: 3جامع البيان )( 242. 57: 1مغني اللبيب )( 243. 56 ـ 55)( الصدوق، التوحيد: 244. 163: 1)( تفسير العياشي 245خطبة الأشباح. )( نهج البلاغة، 246. 833، 828، 393، 361، 45مصباح المتهجد: )( 247. 39 ـ 32: 3)( الميزان 248. 171 ـ 169)( الحكيم، علوم القرآن: 249. 182 ـ 172)( علوم القرآن: 250. 33)( الطباطبائي، القرآن في الإسلام: 251ر ليبي. ولد بمدينة بنغازي عام )(252 مقارنة»م. أعد أطروحة الدكتوراه حول 1937 مفك

ــاك،«الأديان في جامعة القاهرة، ثم انتقل إلى ألمانيا، ودرس على يد المستشرقين هن ثم تابع دراسته في الولايات المتحدة الأمريكيــة، ثم عين أســتاذا في قســم الدراســات

م، بعــدها انتقــل إلى الإقامــة في1968الشرقية في جامعة هلســنكي في فنلنــدا عــام فاتــه: 1994جــنيف، وبقي هنــاك حتى تــوفي ســنة «الإســلام في الأسر». من أهم مؤل

.«إسلام ضد الإسلام»و، سوريا، رياض الريس للكتب والنشر، ط26 الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )(2533 ،2000.

.14 المصدر السابق: )(254.1994، 2، القاهرة، سينا للنشر، ط102 نصر حامد أبو زيد، نقد الخطاب الديني: )(255 ،2، بــيروت، تالـة للطباعـة والنشــر، ط189 الصــادق الــنيهوم، تحيــة طيبــة وبعـد: )(256

1992..191 المصدر السابق: )(257 ، سوريا، دار الأهــالي للنشــر والتوزيــع، دون587 محمد شحرور، الكتاب والقرآن: )(258

.1990طبعة، ، مصــر، مؤسسـة ريـاض61 الصادق النيهوم، صوت النـاس محنــة ثقافـة مـزورة: )(259

.1987الريس للكتب والنشر، .29الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )( 260 ، ســوريا، الأهــالي للطباعــة47 محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي: )(261

.2000، 1والنشر والتوزيع، ط الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(262

.1995، 3، سوريا، مكتبة الأسر الوطنية، ط52 الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يوم الجمعــة؟:)(ــ 263

57..16الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )( 264.60 الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر: )(265 ، بــيروت، رؤيــة جديــدة، دار95 محمد شحرور، السنة الرســولية والســنة النبويــة: )(266

.2012، 1الساقي، ط الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(267

139.

.139المصدر السابق: )( 268ــ 269 ــيروت، دار الطليعــة،177عبد المجيد الشرفي، الإسلام بين الرسالة والتاريخ: )( ، ب.2008، 2ط الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(270

139..187الصادق النيهوم، تحية طيبة وبعد: )( 271.54 محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي: )(272 ، ســوريا، الأهــالي للطباعـة والنشــر267محمد شحرور، تجفيف منــابع الإرهــاب: )(ــ 273

.2008، 1والتوزيع، ط.137 الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )(274.209 المصدر السابق: )(275.114محمد شحرور، نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي: )( 276.139 الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )(277.143 المصدر السابق: )(278.144 المصدر السابق: )(279.88 المصدر السابق: )(280.30المصدر السابق: )( 281.42 الصادق النيهوم، صوت الناس محنة ثقافة مزورة: )(282 الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(283

90..17الصادق النيهوم، إسلام ضد الإسلام: )( 284 الصادق النيهوم، الإسلام في الأسر، من سرق الجامع؟ وأين ذهب يــوم الجمعــة؟:)(285

31..36المصدر السابق: )( 286 ، بيروت، دار الفكر المعاصــر،242 محمد سعيد رمضان البوطي، هذه مشكلاتهم: )(287

دون تاريخ.ر، مــدخل إلى)(288 قطب الريسوني، النص القرآني من تهافت القــراءة إلى أفــق التــدب

ر القرآني: ، المغــرب، منشــورات وزارة الأوقــاف417نقد القراءات وتأصيل علم التدب.2010، 1والشؤون الإسلامية، ط

(، من حــديث العربــاض بن ســارية44:ــ 5(، والترمــذي )13:ــ 5 أخرجه أبو داوود ))(289(.346: 2 )«الجامع الصغير»رضي الله عنه. والحديث صححه الألباني في صحيح

، إيــران،23 باقر شريف القرشي، الفقــه الإســلامي: تأسيســه، أصــالته، مداركــه: )(290، دون تاريخ.1المؤسسة الإسلامية للبحوث والمعلومات، ط

ــر، ط22 شوقي أبو خليل، قراءة علمية للقراءات المعاصرة: )(291 ،1، سوريا، دار الفك1999.

، القــاهرة، مكتبــة35 يوسف القرضاوي، الفقــه الإســلامي بين الأصــالة والتجديــد: )(292.1999، 2وهبة، ط

.89 المصدر السابق: )(293.245 محمد سعيد رمضان البوطي، هذه مشكلاتهم: )(294.37 باقر شريف القرشي، الفقه الإسلامي: تأسيسه، أصالته، مداركه: )(295 ،52 ـ 51مصطفى ملكيان، راهي به رهائي، جســتارهائي در عقلانيت ومعنــويت: )(ــ 296

هـ.ش. 1387، طهران، 3 معاصر، طنگاهنشر ــ 297 ــدد )( ــه، الع ــان، مهرنام ــطفى ملكي ــر: مص ــ 2انظ ــنة53: ــهر آذر، س ــاريخ: ش ، بت

هـ.ش. 1392 هـ.ش توصلت إلى ما أســميه بالمرحلــة1380منذ عام »يقول مصطفى ملكيان: )(ــ 298

ر عنه بالعقلانية والمعنوية. فأنــا منــذ عــام الخامسة، وهو ما صنعته بنفسي. وهو ما أعب هـ.ش[ أراوح على مدى اثني عشــر عامــا في هــذه1392هـ.ش إلى اليوم ]عام 1380

العقلانية والمعنوية، ثم إني إذا وجدت ما أنا عليه غير قابل للدفاع أيضــا قــد أنتقــل إلى . مصــطفى«المرحلة السادسة والسابعة أيضا، ولن أبالي بتغيير قنـاعتي من وقت لآخر

هـ.ش. 1392، بتاريخ: شهر آذر، سنة 53 ـ 52: 2ملكيان، مهرنامه، العدد إن )مشروع العقلانية والمعنوية( هو العنوان الــذي أطلقــه الآخــرون على نظريــة)(ــ 299

ــع بين ــدث عن )مشــروع الجم ــان نفســه تح ــان(، وإن ملكي ــدكتور مصــطفى ملكي )ال العقلانية والمعنوية(. وعلى أي حال فإن عنوان )مشروع العقلانية والمعنوية( أصبح هو المتداول، وقد سمحت لنفسي باستعمال ذات هذا العنوان في نص المقال. انظــر إلى

العبارات الأولى من كلمة الدكتور ملكيان على الرابط التالي: http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html ومن الواضح أنه يمكن لنا أن نطرح سؤالا مشابها آخر، وهو: ما هو السبب أو الأسباب الــتي دفعت الــدكتور مصــطفى ملكيــان إلى الإعــراض عن الأصــولية الدينيــة والــتراث

الديني والوجودية الإلهية؟ انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في)(ــ 300

، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26حوار معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه بويــا(: هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391

إن الــدكتور عبــد الكــريم ســروش، وســروش دبــاغ، وحســين أشــكوري، وهــادي)(ــ 301ـدـ الــديني صادقي، هم من بين المفكرين الذين أجابوا عن مدعى عدم التناغم بين التعب

والعقلانية. ــ 302 ــويت ))( وهذه الكتب هي كالتالي: راهي به رهائي، وجســتارهايي در عقلانيت ومعن

ــدگارهـــ.ش(، ومهــر 1381هـ.ش(، وسنت وسكولاريسم )1380 ، ومقــالاتي در أخلاقمانهـ.ش(، ومشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال الثقافــة والسياســة )1385شناسي )

هـــ.ش(.1389هـ.ش(، وحديث آرزومندي، وجستارهائي در عقلانيت ومعنــويت )1385 وبطبيعة الحال فقد اشتمل كتاب )سنت وسكولاريسم( على مقــالات لـــ: عبــد الكــريم

سروش، ومحمد مجتهد شبستري، ومحسن كديور، أيضا. إن من يحصــل على المقــاطع»لقد صرح الدكتور مصطفى ملكيــان نفســه قــائلا: )(ــ 303

ــات ــرات والاجتماع ــاءات والمحاض ــوارات واللق ــة للح ــوص المكتوب ــوتية أو النص الص والكلمات، ويقوم بنقدها، فكأنه يقوم بنقد تراثي المكتوب، دون أن يكــون هنــاك فــرق

. انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصطفى ملكيان«في ذلك ، بتاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26في حوار معه، منشور في مجلة )أنديشه پويا(:

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391 انظر: مصطفى ملكيــان، ســنت وسكولاريســم )پرسشــهائي پــيرامون معنــويت(:)(ــ 304

،67:ـ 13. وانظر أيضا: مجلة )أخبار أديان(، التي تصدر كل شهرين، العدد 358 ـ 356 هـــ.ش(، وفي كتابــه )ســنت وسكولاريســم( أضــاف1384)أرديبهشــت وخــرداد، ســنة

الدكتور ملكيان النـزعة الانطوائية أيضا. هـ.ش(،1384 )أرديبهشت وخرداد، سنة 67: 13انظر: مجلة )أخبار أديان(، العدد )( 305

وفي كتابه )سنت وسكولاريسم( أضاف الدكتور ملكيان النـزعة الانطوائية أيضا. . 67: 11انظر: المصدر السابق، العدد )( 306. 71: 11انظر: المصدر السابق، العدد )( 307 يسأل الدكتور مصطفى ملكيان في كتابه )راهي به رهائي( عن )الحجية المعرفية)(ـ 308

لشخص أو أشخاص تنسب إليهم الكتب الدينيــة المقدســة(. انظــر: مصــطفى ملكيــان،ــويت: ــائي، جســتارهائي در عقلانيت ومعن ــه ره ــإن126راهي ب ــدود علمي ف . وفي ح

الـدكتور ملكيـان في مؤلفاتـه وحواراتـه وكلماتـه لم ينكـر الحجيــة والاعتبــار المعـرفي للتجارب الدينيــة ــ العرفانيـة بالنســبة إلى أصــحاب تلــك التجــارب، وإن كـان يبــدو من كلماته أنه يشكك في حجية واعتبــار تلــك التجــارب. فإنــه عنــدما يتحــدث عن المصــادر المعرفية ـ على سبيل المثال ـــ يــأتي على ذكــر الحس والعقــل والشــهود والاســتبطان

والذاكرة والشهادة، ولم أجده يدرج التجارب الدينية ـ العرفانية ضــمن قائمــة المصــادرالمعرفية.

مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في حــوار)(ــ 309 ، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه پويــا(:

هـ.ش. وانظر أيضــا: مصــطفى ملكيــان، مشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال1391. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 320 ـ 21الثقافة والسياسة:

كان )مايكل بولاني( و)كارل بوبر( من أوائل الذين أكدوا على دور التقليد العلمي.)(ـ 310 فقد ذهب بولاني وبوبر إلى القول بأن من الأفضل للمبتدئين في مجال العلم أن يقبلوا بما يمليه عليهم الأساتذة المخضرمون من دون دليل؛ كي يغدو بإمكانهم التقدم بقافلة العلم خطوة نحو الأمام. انظر في هذا الشأن الكتابين التــاليين لمايكــل بــولاني وكــارل

بوبر: - Polanyi, M. 1946. Science, Faith and Society. Oxford University Press. ـ كارل بوبر، حدس ها وإبطال ها: رشد شــناخت علمي، مقــال )بــه طــرف نظريــه إي

، ترجمــه إلى اللغــة الفارســية: أحمــد آرام، نشــر شــركت166 ـ 148دربــاره ســنت(: هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1375، طهران، 3سهامي انتشار، ط

ــازگاريانظر إلى الحوار الذي أجري مع الدكتور مصطفى ملكيان، تحت عنــوان ))(ــ 311 سمعنويت ومدرنيته(، الموجود على الرابط التالي:

http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html 312() Knowledge by Testimony.

انظر: مصطفى ملكيان، مقال )إنسان سنتي، إنسان مدرن ومسألة تعبد(، مجلــة)(ــ 313، آذر ودي. )مصدر فارسي(. 1001: 18 ـ 17آيين، العددان

مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في حــوار)(ــ 314ــا(: ــة )أنديشــه پوي ــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام1001معــه، منشــور في مجل ، بت

هـ.ش. وانظر أيضــا: مصــطفى ملكيــان، مشــتاقي ومهجــوري: حــوار في مجــال1391. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 320 ـ 21الثقافة والسياسة:

. 1002انظر: روح نا آرام: )( 315 للوقوف على النقد المدمر والحاسم لآراء فرويد انظر، على سبيل المثال: هانس)(ـ 316

آيسنك، أفول إمبراتوري فرويدي )أفــول الإمبراطوريــة الفرويديــة(، ترجمــه إلى اللغــة هــ.ش. وممـا يقولـه في1379الفارسية: يوسف كريمي، انتشـارات سـمت، طهـران،

لا شك في أنــه ]أي فرويــد[ كــان عبقريــا،»الختام في معرض تقييم ونقد موقع فرويد: ــه لم يكن ــة والتســويق فقــط! إن ــه لا تكمن في علمــه، وإنمــا في الدعاي ولكن عبقريت عبقريا في عرض الوثائق الدقيقة، بل كانت عبقريته تكمن في القدرة على الإقناع! لمــار الأدبي ــمن الإط ــرض الكلام ض ــا في ع ــبرات، وإنم ــاء المخت ــه في إنش تكن عبقريت والفني. لم يكن فرويد يتمتع بذات المكانة التي كان يتمتع بهـا كوبرنيــق ودارون، وإنمـا يمكن تصنيفه في عداد )هانس كريستيان آندرسن( والإخوة غــرايم، من رواة القصــص

إن الأسطورية. قد يبدو هذا الكلام قاسيا جدا، ولكن المستقبل كفيــل بإثبــات صــحته...رــ للقــوانين الوضــعية، وهــو في أســوأ علم النفس في أحسن حالاته إنما هو تبلــور مبك حالاته دين شبيه بالعلم، أحدث صــدمة مروعــة في علم النفس والطب النفســي، كمــا أضر بالكثير من المرضى الذين عقدوا الكثير من الآمال عليــه. وقــد حــان الــوقت لكي

.252 ـ 3. انظر: المصدر السابق: «نتعامل معه بوصفه فضولا وتطفلا تاريخيا لا أكثر...317() irrational.318() realism.319() epistemology.320() pragmatism.

ســازگاريانظر: الحوار الذي أجري مــع الــدكتور مصــطفى ملكيــان، تحت عنــوان: ))(ــ 321معنويت ومدرنيته(، الموجود على الرابط التالي:

http://neeloofar.org/thinker/mostafamalekian/lecture/288-2012-02-10-08-44.html

C و Aفي خصوص العقائد الدينية اللاعقلانية في شقي »وقال ملكيان في موضع آخر: ر الإنحيــاز ... يمكن القول: إن مجرد التأثير الإيجابي للالتزام بالعقيــدة على النفس يــبر

ــدگار. انظر: مصــطفى ملكيــان، مهــر «إلى تلك العقيدة : مقلات في فلســفة الأخلاق:مانهـ.ش. )مصدر فارسي(. 1385 معاصر، طهران، نگاه، نشر 421

انظر: مقال )روح نا آرام يك روشنفكر(: السيرة الفكرية لمصــطفى ملكيــان في)(ــ 322 ، بتــاريخ: أرديبهشــت وخــرداد، عــام26حوار معــه، منشــور في مجلــة )أنديشــه پويــا(:

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1391 ،103انظر: مصطفى ملكيان، حديث آرزومندي: جستاري در عقلانيت ومعنويت: )(ـ 323

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1389 معاصر، طهران، نگاهنشر . 103انظر: المصدر السابق: )( 324

325() See: Arendt, H. 1961. Between Past and Future, Six Exercises in Political Thought, New York: The Viking Press. P. 100.

326)( منذ عقد الثمانينيات من القرن العشرين أضحت المعرفة الاجتماعية مجالا رئيســاــة ــاث )المعرف ــول أبح ــد من الاطلاع ح ــة. للمزي ــ الأمريكي ــة ـ ــفة الإنجليزي في الفلس

الاجتماعية( انظر المصدر التالي: - Encyclopedia of Philosophy, 2006. Second edition, edited by Donald M. Borchert, Vol. 9, pp. 83 - 7. كما يمثل الكتــاب الجديــد للــدكتورة )لينــدا زاكزبســكي(، بعنــوان: )الحجيــة المعرفيــة، نظرية في مجال الاعتماد(، حجيــة واســتقلالية ذاتيــة في الاعتقــاد الراســخ للــدفاع عن الحجية المعرفية والاستقلال المعرفي والتفسير الصحيح لهذه المفاهيم. انظر المصــدر

التالي: Zagzebski, L. T. 2012. Epistemic Authority: A Theory of Trust, Authority and Autonomy in Belief, Oxford University Press.

لقد استنتج بعض المفكرين الفوضويين عدم إمكــان الــدفاع عن هــذا الانصــياع ]أو)(327 الامتثال السياسي[، واعتبــاره أمــرا مشــروعا، وانتقــدوا الرؤيــة الفلســفية الــتي تعتــبر السلطة السياسية أمرا بديهيا، ومبررا من الناحيــة الأخلاقيــة. يصــر هــؤلاء الفوضــويون على أن الصــيغة الوحيــدة للاجتمــاع الإنســاني، والــتي يمكن الــدفاع عنهــا، هــو التجمع الإنساني الذي لا يكون فيه لأحد أو منظومة سلطة على أحد، بحيث تفــرض رأيهــا على

الآخرين بالقوة. انظر المصدر التالي: ــي: ــفه سياس ــ جين همبتن، فلس ــايار ديهيمي،25 ـ 6ـ ــية: خش ــه إلى الفارس ، ترجم

هـ.ش. )مصدر فارسي(. 1385، طهران، 2انتشارات طرح نو، ط وعلى حد تعبير ـ الخبــير بـــ )كــانت( والفوضــوي الأمــريكي المعــروف ـــ )روبــرت بــول

. انظـر المصـدر«إن الدولة المشروعة من الناحية الأخلاقية، مفهوم مستحيل»وولف(: التالي:

Paul Wolff, R. 1998. In Defense of Anarchism, University of California Press. P. vii. ـ8انظر: مصطفى ملكيان، سنت وسكولاريسم )پرسشهائي پيرامون معنـويت(: )(ـ 328

)أرديبهشــت وخــرداد، ســنة67:ــ 13. وانظر أيضــا: مجلــة )أخبــار أديــان(، العــدد 356ــزعة1384 ــان النـ ــدكتور ملكي ــه )ســنت وسكولاريســم( أضــاف ال ــ.ش(، وفي كتاب هـ

الانطوائية أيضا. 495انظر: مصطفى ملكيان، راهي به رهائي، جستارهائي در عقلانيت ومعنويت: )(ـ 329ــفحتي 504ـ ــا بين ص ــواردة م ــامين ال ما المض ــي ــا:500 ـ 498 )ولا س ــر أيض (؛ وانظ

. 356 ـ 8مصطفى ملكيان، سنت وسكولاريسم )پرسشهائي پيرامون معنويت(: ، تحقيــق: الشــيخ عبــاس الــزارعي،21)( الشيخ محمد رضا المظفر، أصــول الفقــه: 330

هـ. 1429، 5منشورات مكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة العلمية بقم، ط ، إعداد وتحقيــق: لجنــة التحقيــق التابعــة للمــؤتمر19:ــ 3)( دروس في علم الأصول 331

هـ. 1427، 5العالمي للإمام الشهيد الصدر، ط ، شرح وتعليق: رضا حسين صــبح، دار48 ـ 47:ــ 1)( القوانين المحكمة في الأصول 332

هـ. وكأنموذج لهذه الانتقادات لاحظ مثلا: الشــيخ محمــد كــاظم1430،ــ 1المرتضى، ط

وما بعدها، تحقيق وتعليــق: الشــيخ عبــاس19:ــ 1الخراساني )الآخوند(، كفاية الأصول هـ؛ الشيخ محمد حسين النائيني، أجود1432، 8الزارعي، مؤسسة النشر الإسلامي، ط

ــ 1التقريرات )بقلم: السيد أبو القاسم الخوئي( ، تحقيق ونشر: مؤسســة صــاحب13:هـ؛ وغيرهما. 1430، 2الأمر، ط

، اعتــنى بــه وعلق عليــه: نشــأت بن كمــال31)( شــرح الأصــول من علم الأصــول: 333المصري، دار البصيرة.

هـ. 1406، 1، دار الفكر، ط27)( أصول الفقه الإسلامي: 334 ، مكتبة الرشد،13)( الجامع لمسائل أصول الفقه وتطبيقاتها على المذهب الصحيح: 335هـ. 1420، 1ط ، تحقيــق: مؤسســة536 ـ 453)( السيد المرتضــى، الذريعــة إلى أصــول الشــريعة: 336

هـ. 1433، 1الإمام جعفر الصادق، مؤسسة التاريخ العربي، ط ، تحقيق: الشيخ محمد رضــا739 ـ 665)( الشيخ الطوسي، العدة في أصول الفقه: 337

هـ. 1432، 1الأنصاري، مؤسسة بوستان كتاب، طهـ. 1423، 1، ط×مؤسسة الإمام علي، 257)( المحقق الحلي، معارج الأصول: 338 ، تحقيــق: عبــد الحســين214)( العلامــة الحلي، مبــادئ الوصــول إلى علم الأصــول: 339

. 1المطبعة العلمية، طالبقال، ، مؤسســة النشــر الإســلامي226)( الشيخ حســن، معــالم الــدين وملاذ المجتهــدين: 340

هـ. 1417، 12التابعة لجماعة المدرسين بقم، ط :1)( للتفصيل لاحظ: الشيخ عبد الهادي الفضــلي، دروس في أصــول فقــه الإماميــة 341

ــدير، ط73 ـ 72 ــز الغ ــة الفضــلي، مرك ــات العلام ف ــة مؤل ــة وتصــحيح: لجن ،2، مراجعهـ. 1427

هـ.1426، 41)( السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 342هـ. 1426، 5، ط20)( المعجم الوسيط: 343. 39)( السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 344. 748)( المعجم الوسيط: 345. 698)( المصدر السابق: 346. 40)( السيد محمد تقي الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن: 347. 730)( المعجم الوسيط: 348. 32: 7 ابن قدامة، المغني )(349. 12: 39انظر: النجفي، جواهر الكلام )( 350. 110، 13، وانظر أيضا: 110 ـ 109: المصدر السابقانظر: )( 351 ؛17 ـ 14:ـ 49انظر: محمد الجواهري، موسوعة الإمام الخوئي / مجمع الرسائل )(ـ 352

. 160: 29السرخسي، المبسوط . وفسر العاذلة بأنها المسألة380:ـ 1انظر: علاء الدين، تكملة حاشية رد المحتار )(ـ 353

المنقسمة مع الرد. . 31: 7انظر: ابن قدامة، المغني )( 354. 521: 4وهذا ما ربما يستفاد من بعضهم. انظر: البهوتي، كشاف القناع )( 355. 13: 39)( النجفي، جواهر الكلام 356. 6: 7)( ابن قدامة، المغني 357. 97: 16)( النووي، المجموع 358. 100)( المصدر السابق: 359)( المصدر نفسه. 360. 9 ـ 8: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 361. 9: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 362. 10 ـ 9: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 363

. 10: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 364. 1 من موجبات الإرث، ح8، باب 85: 26)( انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة 365. 15: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 366)( المصدر نفسه. 367. 9: 49)( موسوعة الإمام الخوئي، مجمع الرسائل 368 )( مفهوم العدد هو نفي الحكم عما زاد عليه أو نقص عنــه. محمــد حســين الحــائري،369

. 157الفصول الغروية في الأصول الفقهية: . 6. الأحزاب: 75)( الأنفال: 370. 33، 7)( النساء: 371. 101: 39)( انظر: النجفي، جواهر الكلام 372 من1، بــاب 91 من موجبــات الإرث؛ 8، باب 89 ـ 85:ــ 26وسائل الشيعة )( انظر: 373

؛17، بـاب 128؛ـ 8، بـاب 114؛ـ 5، بـاب 103؛ـ 4، بـاب 100ميراث الأبوين والأولاد؛ ؛ وغيرها. 19، باب 134

. 121: ×)( التستري، قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب374هنا على ذلك سماحة الشيخ محمـد القـائيني، أحـد تلامـذة المحقق الخــوئي،375 )( لقد نب

ــر، وتفضل علينا بمراجعة ما كتبناه، وأخبرنا شفويا بوجود تقرير لبحثه يتضمن تقريبا آخوأضاف بعض التعليقات، وقد أدرجناها في المقالة.

. 823: 4)( المحقق الحلي، شرائع الإسلام 376. 102 ـ 101: 39)( النجفي، جواهر الكلام 377 :19؛ النراقي، مستند الشــيعة 493:ــ 12)( انظر: علي الطباطبائي، رياض المسائل 378

143 . ،2، دار المعارف، ط193:ـ 2النعمان بن محمد التميمي المغربي، دعائم الإسلام )(ـ 379

هـ. 1385مصر، انظر: محمـد بن ســعد، الطبقــات الكــبرى، تصــحيح: ســهيل، دار الفكــر، بــيروت،)(ـ 380

هـ. 1414 انظر: عبد الــرحمن بــدوي، تــاريخ تصــوف إســلامي )من بدايــة إلى نهايــة القــرن)(ــ 381

، ترجمــه إلى الفارســية: محمــد رضــا افتخــار زاده، دفــتر نشــر124الهجــري الثــاني(: هـ.ش )مصدر فارسي(. 1375، قم، 1معارف إسلامي، ط

،325انظر: روح الله الموســوي الخميــني، شــرح حــديث جنــود العقــل والجهــل: )(ــ 382هـ.ش )مصدر فارسي(. 1380، طهران، 5مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني، ط

انظر: بدوي، تاريخ تصوف إسلامي )من بداية إلى نهاية القــرن الهجــري الثــاني(:)(ــ 383124 .

، دار الكتب الإسلامية، طهران،496:ـ 5محمد بن يعقوب الكليني، أصول الكافي )(ـ 384هـ.ش.1365

وقد نقل الكليني هذا الحديث بسندين. والسند الأول صحيح؛ أما السند الثاني فضعيف؛بـ )محمد بن حسن بن شمون(، و)عبد الله بن عبد الرحمن(.

)المجلس63محمد بن علي بن بابويه القمي )الصــدوق(، الأمــالي أو المجـالس: )(ـ 385ــة1990، بيروت، 5السادس عشر(، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط م. وهــذه الرواي

ضعيفة؛ للجهل بـ )عبد الله بن وهب(، و)ثوابة بن مسعود(، وكذلك هــو الحــال بالنســبةإلى )أنس بن مالك(.

،4، دار الكتب الإســلامية، ط190:ــ 4 محمد بن الحسن الطوسي، تهذيب الأحكام )(386 ؛117:ــ 4هـ.ش؛ محمد بن الحسن الحر العاملي، وسائل الشــيعة 1365طهران ـ قم،

هـــ. وهــذه الروايــة ضــعيفة؛1409، مؤسسة آل الــبيت لإحيــاء الــتراث، قم، 410:ــ 10للجهل بـ )عبد الله بن جابر(، ونفس )عبد الله بن مظعون(.

. وهذه17:ـ 15؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 122:ـ 6 الطوسي، تهذيب الأحكام )(387 الرواية ضعيفة؛ للجهل بـ )ضرار بن عمرو الشمشاطي(، و)سعد بن مسعود الكنــاني(،

و)عثمان بن مظعون(. في التهذيب والوسائل وردت كلمة )الرهبانية(، بدلا من )السياحة(، وهنــاك اعتــبر)(ــ 388

السياحة جهادا. |النبي الأكرمإلى هنا تنتهي عبارة التهذيب والوسائل. )( 389. 190: 2النعمان المغربي، دعائم الإسلام )( 390 ، مؤسســة الوفــاء، بــيروت،277:ــ 14انظر: محمد باقر المجلسي، بحــار الأنــوار )(ــ 391

هـ. 1404. 17: 2؛ الكليني، أصول الكافي 317: 65 المجلسي، بحار الأنوار )(392. 236: 5؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 662: 2 الكليني، أصول الكافي )(393 ، انتشارات173؛ الصدوق، معاني الأخبار: 524: 10 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(394

هـ.ش. 1361إسلامي التابعة لجماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم، هــ؛ الحسـن الــديلمي،1414؛ انتشارات دار الثقافة، قم، 539 الطوسي، الأمالي: )(395

ــوب ــاد القل ــ 1إرش ــد1412، انتشــارات الشــريف الرضــي، 140: ــ؛ ابن أبي الحدي هـــ 11المعــتزلي، شــرح نهج البلاغــة ــة المرعشــي النجفي، قم،185: ، انتشــارات مكتب

هـ. 1404. 235: 2 الكليني، أصول الكافي )(396 ، مؤسســة الطباعــة245؛ تفسير فرات الكوفي: 40:ــ 65 المجلسي، بحار الأنوار )(397

. 56: 1هـ؛ النعمان المغربي، دعائم الإسلام 1410والنشر، . 45، 40: 65انظر: المجلسي، بحار الأنوار )( 398. 177: 65؛ المجلسي، بحار الأنوار 576 الطوسي، الأمالي: )(399هـ. 1404، 325ابن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول: )( 400 ، مؤسسة آل البيت لإحياء التراث، قم،128:ـ 1حسين النوري، مستدرك الوسائل )(ـ 401

هـ. 1408. 126: 91 المجلسي، بحار الأنوار )(402. 26: 75المصدر السابق )( 403 ، دار133 ـ 132أبو جعفـر محمـد بن جريـر بن رسـتم الطـبري، دلائـل الإمامـة: )(ـ 404

الذخائر للمطبوعات، قم. انظر: بدوي، تاريخ تصوف إسلامي )من بداية إلى نهاية القــرن الهجــري الثــاني(:)(ــ 405

. 133 ـ 132. 326 الخميني، شرح حديث جنود العقل والجهل: )(406. 30 ـ 28: 75انظر: المجلسي، بحار الأنوار )( 407. 27: 75المصدر السابق )( 408 ، مكتبة المحلاتي34 الحر العاملي، الرسالة الاثني عشرية في الرد على الصوفية: )(409

ــ 3 أهل البيت، طفرهنگبالتعاون مع دفتر نشر ـاـس القمي،1381هـ ـ 1423، هـ.ش؛ عب ، قم،3، دار الأسـوة للطباعـة والنشــر، ط200:ـ 5سفينة البحار ومدينة الحكم والآثــار

هـــ.ش؛ محمــد بــاقر الموســوي الخوانســاري، روضــات الجنــات في1380هـــ ـ 1422ــ 6أحــوال العلمــاء والســادات ــ؛ حــبيب اللــه1390، نشــر إســماعيليان، قم، 135: هـ

، دار إحيــاء الــتراث298:ــ 6الهاشمي الخــوئي، منهــاج البراعــة في شــرح نهج البلاغــة م. 2003هـ ـ 1424العربي، بيروت،

،151انظــر: الحــر العــاملي، الرســالة الاثــني عشــرية في الــرد على الصــوفية: )(ــ 410ــامش رقم ــار 2اله ــة الحكم والآث ــار ومدين ــفينة البح ــ 5؛ القمي، س ــبر200: ؛ علي أك

ــة ذاكري، درستي انتساب حديقة الشيعة به مقدس أردبيلي )صحة انتساب كتاب حديق هـــ.ش )مصــدر1375،ــ 75، مجلة حوزة، العــدد 186الشيعة إلى المقدس الأردبيلي(:

فارسي(. ،280،ــ 51:ــ 3؛ــ 33:ــ 2 مجلــدات( 3انظر: محمد العاملي البهــائي، الكشــكول ))(ــ 411

226 ،316.. 381: 2انظر: المصدر السابق )( 412

. 470: 3انظر: المصدر السابق )( 413. 20: 2انظر: المصدر السابق )( 414. 365: 2انظر: المصدر السابق )( 415. 227: 3؛ 382: 2؛ 42: 1انظر: المصدر السابق )( 416. 381: 2انظر: المصدر السابق )( 417. 134: 3انظر: المصدر السابق )( 418. 365: 2انظر: المصدر السابق )( 419. 217: 1انظر: المصدر السابق )( 420. 227، 228: 3؛ 381: 2؛ 288: 1انظر: المصدر السابق )( 421. 8: 1انظر: المصدر السابق )( 422. 108: 1انظر: المصدر السابق )( 423يصل عدد هذا النقل للأقوال إلى أكثر من مئتي مورد. )( 424 :2 مجلد، مع فهرسة كاملة للروايات( 2انظر: محمد العاملي البهائي، الكشكول ))(ـ 425

، تصحيح وتعليق: محمد صادق نصيري. انتشارات شركة14: 3؛ 417، 379، 141، 83طبع ونشر، ]قم[.

؛ الحر العاملي، وســائل93:ــ 74؛ المجلسي، بحار الأنوار 537 الطوسي، الأمالي: )(426 ، انتشــارات الشــريف الرضــي،203؛ الحســن الــديلمي، أعلام الــدين: 35:ــ 5الشــيعة

، انتشــارات مكتبــة الفقيــه، قم؛66:ــ 2هـ؛ ورام بن أبي فراس، مجموعــة ورام 1412 ،4، انتشارات الشريف الرضــي، ط471الحسن بن الفضل الطبرسي، مكارم الأخلاق:

؛136:ــ 3هـ؛ الخوانساري، روضات الجنــات في أحــوال العلمــاء والســادات 1412قم، ،4، مؤسســة الأعلمي للمطبوعــات، ط295:ــ 2نعمة الله الجزائري، الأنوار النعمانيــة،

م؛ أحمد بن محمد الأردبيلي )المعروف بالمقــدس الأردبيلي(،1984هـ ـ 1404بيروت، ، تصحيح: صادق حســن زادة وعلي أكــبر زمــاني نجــاد، انتشــارات748حديقة الشيعة:

هـ. 1383، قم، 3أنصاريان بالتعاون مع مؤتمر المقدس الأردبيلي، طهـ. 1364، قم، 2، مؤسسة إسماعيليان، ط99: 1انظر: رجال ابن الغضائري )( 427هـ. 1407، انتشارات جماعة المدرسين، قم، 396انظر: رجال النجاشي: )( 428هـ. 1383، طهران، دانشگاه، انتشارات 505انظر: رجال ابن داوود الحلي: )( 429ــ 430 ، المكتبة المرتضوية، النجــف402انظر: محمد بن الحسن الطوسي، الفهرست: )(

هـ. 1415، انتشارات إسلامي جماعة المدرسين، قم، 447الأشرف؛ رجال الطوسي: ، دار الــذخائر، قم،72؛ رجــال العلامــة الحلي: 166انظــر: رجــال النجاشــي: )(ــ 431

هـ. 1411 هـ؛ رجــال الطوســي:1348 مشهد، دانشــگاه، انتشارات 322انظر: رجال الكشي: )(ــ 432

402 .. 252؛ رجال العلامة الحلي: 335انظر: رجال النجاشي: )( 433. 95: 1انظر: رجال ابن الغضائري )( 434 .238؛ رجال العلامة الحلي: 217؛ رجال النجاشي: 77: 1انظر: المصدر السابق )( 435 ؛ رجــال362،ــ 309؛ رجــال النجاشــي: 132،ــ 159انظر: رجــال العلامــة الحلي: )(ــ 436

. 143الكشي: . 106انظر: رجال الطوسي: )( 437هـ. 1383، طهران، دانشگاه، انتشارات 8انظر: رجال البرقي: )( 438 ،191؛ رجــال ابن داوود الحلي: 116،ــ 102،ــ 94،ــ 70انظــر: رجــال الطوســي: )(ــ 439

392 .. 458انظر: الطبرسي، مكارم الأخلاق: )( 440 لا بد من التذكير في ما يتعلق بتصحيح الروايات ـ بناء على تطبيقاتهــا ـــ أن هنــاك)(ــ 441

أسلوبين: ففي الفقه وأحكام الفروع والمسائل المماثلة )من قبيــل: مــا نحن فيــه( يتم تصحيح الرواية على أساس السند والراوي؛ وأما في المعتقدات والأصول فيتم تصحيح الروايــة على أســاس المحتــوى ومتن الروايــة، بمعــنى أنــه إذا كــان المحتــوى بلحــاظ

الكليات الاعتقادية والمباني المتقنة متخذا من محكمــات القــرآن والروايــات الصــحيحة والمتواترة )الأعم من التواتر المعنــوي واللفظي( عملنــا بتلــك الروايــة، حتى إذا كــانت ضعيفة السند؛ وأما إذا كانت مخالفة لتلك الكليات لم يعمل بها، حتى إذا كانت صحيحةــد هــذا ــة خــير شــاهد على تأيي ــة والاعتقادي ــل الرجــوع إلى الكتب الفقهي الســند. ويمث المدعى. وعلى هذا الأساس فإن هذه الرواية وإن كــانت صــحيحة من حيث المحتــوى، إلا أنها بلحاظ الاستناد إلى الأمور التي لا تعد من العقائــد المتقنــة )من قبيــل: موردنــا(

تحتاج إلى دراسة السند. ويعتبر هذا هو الملاك في التصحيح السندي. ؛92:ــ 74؛ المجلسي، بحار الأنــوار 471،ــ 115،ــ 110 الطبرسي، مكارم الأخلاق: )(442

ــوب: ــديلمي، إرشــاد القل ــ 2؛ مجموعــة ورام 203ال ؛537؛ الطوســي، الأمــالي: 66:. 254: 3النوري، مستدرك الوسائل

. 93: 74؛ المجلسي، بحار الأنوار 115 الطبرسي، مكارم الأخلاق: )(443. 134: 2؛ الكليني، الكافي 702 الطوسي، الأمالي: )(444. 65: 70 المجلسي، بحار الأنوار )(445. 1: 64انظر: المصدر السابق )( 446هـ. 1106هـ، وتم الفراغ منه سنة 1070لقد بدأ بتأليف بحار الأنوار سنة )( 447 ، تصــحيح: حســن علمي،652 ـ 645انظر: محمد بــاقر المجلســي، عين الحيــاة: )(ــ 448

انتشارات أمير كبير، طهران. ؛ الصدوق، الأمالي أو المجالس:256:ـ 24؛ 62:ـ 12 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(449

هـ. 1403، قم، 2، انتشارات جماعة المدرسين، ط271: 1؛ الصدوق، الخصال 71. 450: 6؛ الكليني، الكافي 454: 4 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(450 ؛ المجلسي، بحــار الأنــوار334:ــ 16؛ــ 254:ــ 3انظر: النوري، مستدرك الوسائل )(ــ 451

؛ قطب الدين الراوندي، فقه255:ـ 3؛ الطوسي، تهذيب الأحكام 321:ـ 67؛ـ 357:ـ 11هـ. 1405، قم، 2، انتشارات مكتبة المرعشي النجفي، ط89القرآن:

نهج البلاغة، الخطبة المعروفة بـ )القاصعة(. )( 452. 235، 141انظر: الطبرسي، مكارم الأخلاق: )( 453ــ 454 ــي )( ــير العياش ــر: تفس ــ 2انظ ــران،136: ــران، طه ــة في طه ــة العلمي ، المطبع

هـ.ش )مجلدان(. 1380 انظر: المصدر نفسه؛ أبــو الفضــل علي بن الحســن الطبرســي، مشــكاة الأنــوار:)(ــ 455

ــة، ط203 ــة الحيدريـ ــرف، 2، المكتبـ ــف الأشـ ــد1385، النجـ ــ.ش؛ ابن أبي الحديـ هــ. 14: 8المعتزلي، شرح نهج البلاغة

. 2: 69انظر: المجلسي، بحار الأنوار )( 456. 115انظر: الطبرسي، مكارم الأخلاق: )( 457. 305: 2 الطوسي، تهذيب الأحكام )(458. 305: 2؛ 331: 3انظر: المصدر السابق )( 459. 95: 1 الراوندي، فقه القرآن )(460. 35 ـ 34: 5؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 450: 6انظر: الكليني، الكافي )( 461. 35: 5 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(462. 62: 12؛ 36: 5المصدر السابق )( 463

464() Higher Criticism. صدرت الترجمة العربية الأولى للتلمود البابلي في عشرين مجلدا في عمان، عن)(ـ 465

م. 2011مركز دراسات الشرق الأوسط، سنة 466() Philology. علم اللغة المقارن، وهو في الأساس فقه اللغــة المقــارن، هــو أحــد فــروع علم اللغــة

التاريخي، الذي يركز على مقارنة اللغات؛ لتحديد الصلة التاريخية بينها. ـةـ والفارســية واللغــات الســامية )(ــ 467 ، طهــران،427:ــ 1المعجم المقــارن بين العربي

م. 1978، إيرانفرهنگمنشورات بنياد . 21 ـ 20: 24 ابن عبد البر، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد )(468

، إشــراف: كــاظم الموســوي702 ـ 701:ــ 1 دائــرة المعــارف الإســلامية الكــبرى )(469، )الطبعة الفارسية(. 217 ـ 215: 2البجنوردي، )الطبعة العربية(؛

، ذيل الحــديث رقم102 و101، البابان 90يقول المجلسي في كتابه بحار الأنوار )(ــ 470 : دعاء السمات، وهو المعروف بدعاء الشبور: ويستحب الدعاء بــه في آخــر ســاعة12

من نهار الجمعة. وردت هذه العبارة بالعربية في النص الفارسي. )( 471 الكثير من علماء الشيعة يميلون إلى هذا الرأي. وهو المشهور، كما جاء في اختيار)( 472

.«يدعى بــه آخــر ســاعة من نهــار الجمعة»المصباح الكبير وما أضيف إليه من الأدعية: ، تحقيـق: مهـدي دلـيري475:ـ 1)ابن بـاقي القرشـي الحلي، اختيـار المصــباح الكبـير

م(. 2011، قم، منشورات مكتبة العلامة المجلسي، 1الكلبايكاني، ط. 593 ـ 573: 1 شمس الدين الآملي، نفائس الفنون في عرائس العيون )(473 جاء في مسند المفضل بن عمر الجعفي، الذي نقل دعاء السمات: ...قالوا: فنحن)(474

مات، الــذي هــو للشــبور، حتى نــدعو بــه على ظالمنــا نحب أن تملي علينــا دعــاء الســل بن ومضطهدنا، والمختالين لنا والمتعززين علينا؟ )رسول كاظم عبد السادة، المفضــ

، العراق، ديوان الوقف الشيعي،1، ط544عمر، سيرته العلمية ومسنده عند الإمامية: م(. 2015أمانة مسجد الكوفة والمزارات الملحقة به،

انظر: محمد بن علي بن بابويه )المعروف بالشيخ الصدوق(، من لا يحضره الفقيه)(ـ 475هـ. 1403، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 48: 3؛ 102: 1

،432انظر: محمد بن محمد بن النعمــان )المعــروف بالشــيخ المفيــد(، المقنعــة: )(ــ 476هـ. 1413المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم،

هـ. 1405، دار القرآن الكريم، قم، 31: 2انظر: رسائل الشريف المرتضى )( 477. 61: 2انظر: المصدر السابق )( 478ــ 479 ــ 1انظــر محمــد بن الحســن الطوســي، الاستبصــار )( ، دار الكتب الإســلامية،63:

هـ. 1390طهران، . 7: 1انظر: المصدر السابق )( 480هـ. 1414، دفتر انتشارات إسلامي، قم، 264انظر: الطوسي، الرسائل العشر: )( 481هـ. 1403، 3: 1انظر: الصدوق، من لا يحضره الفقيه )( 482هـ. 1407، دار الكتب الإسلامية، طهران، 3: 1انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام )( 483 طهــران، طهــران،دانشـــگاه، انتشــارات 519:ــ 2انظــر: المرتضــى، الذريعــة )(ــ 484

. 203: 1هـ.ش؛ وله أيضا: رسائل الشريف المرتضى 1376ــ 485 ــذكرة: )( ــد، مختصــر الت ــد، قم،44انظــر: المفي ــالمي للشــيخ المفي ــؤتمر الع ، الم

هـ. 1413هـ. 1417، 100: 1انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام )( 486

يجدر التنبيـه إلى أن ابن إدريس قـد نقـل كلام السـيد المرتضـى في كتـاب )السـرائر(دــلا من عبــارة )قــد روى(، وبــذلك يختلــف بــاختلاف يســير، حيث أثبت كلمـة )دوري(، ب

، دفـتر51:ـ 1المعنى كليا. انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر الحاوي لتحريـر الفتـاوي هـــ، نقلا عن: وســام الخطــاوي، المنــاهج الروائيــة عنــد1410انتشارات إســلامي، قم،

هـ.1427، 164الشريف المرتضى، هامش رقم لقد عمد المحقق الأول في نقده لنظرية الشيخ الطوســي إلى إســناد كلامــه إلى)(ــ 487

، ورأى أن الشيخ«خذوا بأبعدهما من قول العامة» قال فيها: ×رواية عن الإمام الصادقدا، وليس بمنـاط أنهـا الطوسي إنما أصـدر تلــك الفتـوى على أســاس هـذه الروايـة تعب أقرب إلى الواقع بمخالفة العامة، أو وجود احتمال التقية في الموافــق للعامــة. انظــر:

ــدي، شــرح رســائل ــ 7علي محم ــر، ط281: ــ.ش )مصــدر1387، قم، 7، دار الفك هـفارسي(.

هـ.1417، 126: 1انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام

هـ.ش. 1376، 78: 2انظر: المرتضى، الذريعة )( 488هـ. 1413، 443 المفيد، المقنعة: )(489. 432المصدر السابق: )( 490. 241المصدر السابق: )( 491 ، المؤتمر العالمي للشيخ المفيــد، قم،48انظر: المفيد، الرد على أصحاب العدد: )(ــ 492

هـ.ش. 1371هـ. 1403، 48: 3؛ 102: 1انظر: الصدوق، من لا يحضره الفقيه )( 493هـ. 1415، مؤسسة الإمام الهادي، قم، 51، 45: 14انظر: الصدوق، المقنع )( 494. 368، 338، 189، 101انظر: الصدوق، من لا يحضره الفقيه: )( 495هـ.ش. 1361، دفتر انتشارات إسلامي، 80: 1انظر: الطوسي، الخلاف )( 496. 77: 4انظر: المصدر السابق )( 497هـ. 1413، المؤتمر العالمي للشيخ المفيد، قم، 67انظر: المفيد، الإعلام: )( 498 ، رابطــة الثقافــة والعلاقــات الإســلامية، قم،410انظــر: المرتضــى، الناصــريات: )(ــ 499

هـ. 1415، 565هـ؛ وله أيضا: الانتصار: 1417هـ. 1400، دار الفكر العربي، بيروت، 97انظر: الطوسي، النهاية: )( 500هـ. 1403، 262: 1انظر: الصدوق، من لا يحضره الفقيه )( 501. 136انظر: المرتضى، الناصريات: )( 502، مؤسسة الإمام الهادي، قم. 80انظر: الصدوق، المقنع: )( 503 ،63انظــر: حمــزة بن عبــد العزيــز )المعــروف بــأبي الصــلاح ســلار(، المراســم: )(ــ 504

هـ. 1404منشورات الحرمين، قم، انظر: تقي الدين بن نجم الــدين )المعــروف بــأبي الصــلاح الحلــبي(، الكــافي في)(ــ 505

هـ. 1403، مكتبة أمير المؤمنين، إصفهان، 141الفقه: . 667انظر: الطوسي، النهاية: )( 506هـ. 1390، 193: 4انظر: الطوسي، الاستبصار )( 507. 264انظر: الطوسي، الرسائل العشر: )( 508. 96: 4انظر: الطوسي، الاستبصار )( 509. 341: 1انظر: الصدوق )( 510ــ 511 ــ 1انظــر: الطوســي، الاستبصــار )( ــ 235: ــ 256، ــ 334، ــ 335، ، دار الكتب341،

هـ.ش. 1390الإسلامية، طهران، ، دار المعارف،19:ـ 3؛ـ 349:ـ 1انظر: النعمان بن محمد المغربي، تأويل الدعائم )(ـ 512

هـ. 1413، 114، 80القاهرة؛ المفيد، المقنعة: . 127 ـ 126: 1عدة الأصول )( 513. 153: 1عدة الأصول )( 514 أقول: كلامه في المقام ـ ولا سيما صدره الذي لم نــذكره ـــ حــول الاعتمــاد على)(ــ 515

الثقات. وما استظهرنا من كلامه هو بالدلالة الالتزامية، فافهم. . 14: 1الاحتجاج )( 516. 4المصباح: )( 517. 154: 2مجمع الرجال )( 518. 177: 3مجمع الرجال )( 519. 98: 2مجمع الرجال )( 520. 6، الرقم 202خلاصة الأقوال: )( 521

وعلى سبيل المثال لاحظ: )( 522 :5، باب من طاف على غير وضوء، وقارنه مع: تهذيب الأحكام 2، ح420:ـ 4أـ الكافي

، باب الطواف. والخبر مأخوذ من مشيخة ابن محبوب ظاهرا. 51، ح116، ح76:ــ 8، باب طلاق الصبيان، وقارنه مع: تهذيب الأحكــام 4، ح124:ــ 6ب ـ الكافي

، باب طلاق الصبي. والخبر مأخوذ4، ح303:ـ 3، باب أحكام الطلاق؛ والاستبصار 176من كتاب ابن بكير.

، وقارنــه مــع: تهـذيب95، ح125:ـ 8، باب كتمــان الشــهادة؛ 3، ح381:ـ 7ج ـ الكافي ، باب البينات. والخبر مأخوذ من مسائل علي بن سويد. 162، ح276: 6الأحكام

. 40 ـ 39: 1منتقى الجمان )( 523. 73: 1روضة المتقين )( 524. 179: 1مرآة العقول )( 525. 88: 1الرسائل الفقهية )( 526. 358: 5الحدائق الناضرة )( 527. 3 ـ 2: 1من لا يحضره الفقيه )( 528 . ومما ذكرنا يعلم أن هذه العبارة لم ترتبط ـــ بــأي وجــه ـــ بوثاقــة أحــد5المقنع: )(ــ 529

189:ـ 1. خاتمة المستدرك رجال الطرق إلى هذه الكتب، كما توهم المحدث النوري. 190ـ

المتقين )(ـ 530 المتقين 29:ـ 1روضة أيضا: روضة ،279،ـ 238،ـ 133،ـ 30:ـ 1. ولاحظ . 71، 29: 14؛ 692، 312: 2؛ 411، 297

. 98: 2الرسائل الأحمدية )( 531. 5: 10تهذيب الأحكام )المشيخة( )( 532. 88: 10تهذيب الأحكام )المشيخة( )( 533. 968؛ 25وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )( 534الرقم )(ـ 535 النجاشي، المثال لاحظ: رجال ؛36؛ـ 32؛ـ 31؛ـ 28؛ـ 27؛ـ 24وعلى سبيل

50 . ؛366؛ـ 365؛ـ 361؛ـ 228؛ـ 173 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(536

373 .. 120 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(537 .420؛ 418؛ 328؛ 302؛ 297 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(538. 432 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(539. 105 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(540. 582 وعلى سبيل المثال لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(541. 1125؛ 10لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )( 542 ثم إنه قد عد من الفهارس فهرست ابن الجنيد وفهرسـت السـيد المرتضـى و...،)(ـ 543

ــا. الفهرســت، فها هو بابا باب حيث قال الشيخ في ترجمة ابن الجنيد: وفهرست كتبه صن . وقال في ترجمة الســيد المرتضــى: ولــه من التصــانيف ومســائل البلــدان602الرقم

. لاحــظ:432شيء كثــير، يشــتمل على ذلــك فهرســته المعــروف. الفهرســت، الــرقم ــط بين263المدخل إلى موسوعة الحديث النبوي عند الإمامية: ـهـ خل . ولكن الظاهر أن

الفهرست بمعنى قائمة الأبواب والمحتوى وبين الفهرست في ما نحن فيه؛ فإن الشيخ قال في ابن قولويه ـ وهو أحد أصــحاب الفهــارس ـــ: لــه فهرســت مــا رواه من الكتب

له فهرســت مــا رواه من الكتب». فالفرق بين قوله: 141والأصول. الفهرست، الرقم » وقوله: «والأصول فها هو بابـا بابـا ف إلى ذلـك إن كـان«فهرست كتبه صن واضـح. أضـ

للسيد المرتضى وابن الجنيد فهرست فلماذا لم ينقل الشيخ والنجاشي في البحث عنالطرق والأسانيد عنهما، كما ينقلان عن فهرست ابن قولويه؟!

، وفيه: وله فهرست كتب ما رواه. 316الفهرست، الرقم )( 544، وفيه: فهرست كتبه. 440الفهرست، الرقم )( 545 ، وفيه: قال حميد بن زياد في فهرسته؛ الرقم615لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(ـ 546

، وفيه: قال حميد في فهرسته. 675 ، وفيــه: ذكــره ابن بطـةـ في فهرســته؛ الــرقم507لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(ــ 547

، وفيه: وفي فهرست ما رواه غلط كثير. 1019 ، وفيه: ذكـره محمـد بن الحســن بن الوليــد في71لاحظ: رجال النجاشي، الرقم )(ـ 548

فهرسته. ، وفيه: وله فهرست ما رواه من الكتب والأصول. 141الفهرست، الرقم )( 549 ، وفيه: طرقي إليها معروفــة في فهــرس الكتب الــتي4:ــ 1من لا يحضره الفقيه )(ــ 550

رويتها عن مشايخي وأسلافي ـ رضــي اللــه عنهم ـــ. ولاحــظ أيضــا: الفهرســت، الــرقم300 .

، وفيه: زاد أحمد بن عبدون في فهرسته. 7الفهرست، الرقم )( 551 قد قام الشيخ مهدي خداميان الآراني بجمع هــذه الفهــارس الثمانيــة من مطــاوي)(ــ 552

ه، وعليه أجره. كلمات الشيخ والنجاشي ، فلله در فهرست النجاشي، المشتهر اليوم بـ )رجال النجاشي(، هو في الحقيقة فهرست،)(ـ 553

رنا في هذا الكتاب وغيره عنه برجال النجاشي فتسامح، وفاقا للقوم. وإن عب. 4، ح6، الباب 207: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(554. 1، ح6، الباب 205: 26المصدر السابق )( 555. 4، ح6، الباب 207: 26المصدر السابق )( 556المصدر نفسه. )( 557. 3، ح128: 7 الكليني، الكافي )(558. 24، ح297: 9 الطوسي، تهذيب الأحكام )(559. 1، ح151: 4انظر: الطوسي، الاستبصار )( 560هكذا في الأصل. )( 561. 6، ح6، الباب 208: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(562. 10، ح6، الباب 209: 26المصدر السابق )( 563. 8، ح6، الباب 208: 26المصدر السابق )( 564. 11، ح6، الباب 210: 26المصدر السابق )( 565 جاء بشأن يزيد الصائغ: يزيد الصــائغ ـــ بــالغين418وفي كتاب )خلاصة الأقوال(: )(ــ 566

المعجمــة ـــ قــال الكاشــي: ذكــر الفضــل في بعض كتبــه: الكــذابون المشــهورون: أبــوالخطاب، ويونس بن ظبيان، ويزيد الصائغ، ومحمد بن سنان، وأبو سمينة أشهرهم.

. 35، ح79: 8 الكليني، الكافي )(567. 3، ح6، الباب 206: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(568. 2، ح6، الباب 206: 16المصدر السابق )( 569. 7، ح6، الباب 208: 26المصدر السابق )( 570. 9، ح6، الباب 209: 26المصدر السابق )( 571. 13، ح6، الباب 210: 26المصدر السابق )( 572 ؛579، ح154:ـ 4؛ الاستبصار 1074، ح300:ـ 9انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام )(ـ 573

، ح372، الباب 572: 2؛ علل الشرائع 808، ح251: 4الصدوق، من لا يحضره الفقيه هـ. 1384، قم، 2، تحقيق: السيد فضل الله الطباطبائي اليزدي، ط2

ناه الاشتهاردي، تقريرات ثلاثــة )تقريــر بحث الأســتاذ الســيد حســينپالشيخ علي )(ــ 574 ، مؤسســة النشــر الإســلامي، قم111الطباطبــائي الــبروجردي / مــيراث الأزواج(:

هـ. 1416المقدسة، إن طريق الرواية في )علل الشرائع( إلى محمد بن سنان كما يلي: حدثنا علي بن)( 575

أحمد بن محمد )رضي الله عنه( قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن محمد بن إسماعيل البرمكي، عن علي بن العباس قال: حــدثنا القاســم بن الربيــع الصــحاف،

(. 4، ح231: 2عن محمد بن سنان. )انظر: علل الشرائع ،1444، رقم 367انظــر: العلامــة الحلي، خلاصــة الأقــوال في معرفــة الرجــال: )(ــ 576

هـ. 1417، قم المقدسة، 1تحقيق: جواد القيومي، مؤسسة النشر الإسلامي، ط. 574، ح152: 4؛ الاستبصار 1068، ح298: 9انظر: الطوسي، تهذيب الأحكام )( 577. 619، 591، رقم 206انظر: الطوسي، الفهرست: )( 578. 15، ح6، الباب 211: 26 الحر العاملي، وسائل الشيعة )(579 ،4، ح225محمــد بن الحســن الصــفار، بصــائر الــدرجات في منــاقب آل محمــد: )(ــ 580

،22:ـ 26هـ.ش؛ الحر العاملي، وسائل الشيعة 1384، قم المقدسة، 1طليعة النور، ط. 17، ح6الباب

. 1704، رقم 420انظر: العلامة الحلي، خلاصة الأقوال في معرفة الرجال: )( 581. 378: 19انظر: مهدي النراقي، مستند الشيعة )( 582. 131، المسألة رقم 116: 4انظر: الطوسي، الخلاف )( 583. 140: 2انظر: القاضي ابن البراج، المهذب )( 584. 391انظر: عماد الدين الطوسي )المعروف بابن حمزة(، الوسيلة: )( 585. 374انظر: أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه: )( 586. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع الإسلام )( 587. 10، المسألة 56: 9انظر: العلامة الحلي، مختلف الشيعة )( 588. 125: 2انظر: العلامة الحلي، إرشاد الأذهان )( 589. 248انظر: الشهيد الأول، اللمعة الدمشقية: )( 590. 358: 2انظر: الشهيد الأول، الدروس الشرعية )( 591. 184: 13انظر: الشهيد الثاني زين الدين العاملي، مسالك الأفهام )( 592 ،329:ــ 3انظر: محمد محسن )المعروف بــالفيض الكاشــاني(، مفــاتيح الشــرائع )(ــ 593

مجلدات(. 3هـ )1401، 1تحقيق: السيد مهدي الرجائي، مجمع الذخائر الإسلامية، ط. 41: 5انظر: العلامة الحلي، تحرير الأحكام الشرعية )( 594. 376: 3انظر: العلامة الحلي، قواعد الأحكام )( 595 .240: 4انظر: فخر المحققين الشيخ أبو طالب بن المطهر الحلي، إيضاح الفوائد )( 596، ضمن: غاية المراد. 587: 3انظر: نكت الإرشاد )( 597 ،183:ــ 4انظر: مفلح الصيمري البحراني، غاية المرام في شرح شرائع الإســلام )(ــ 598

مجلدات(. 4هـ )1420، 1تحقيق: جعفر الكوثراني العاملي، الناشر: دار الهادي، ط. 450: 11انظر: المقدس الأردبيلي، مجمع الفائدة والبرهان )( 599. 184: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام )( 600. 329: 3انظر: الفيض الكاشاني، مفاتيح الشرائع )( 601. 853: 2انظر: محمد المؤمن )المعروف بالمحقق السبزواري(، كفاية الأحكام )( 602. 131، المسألة رقم 116: 4انظر: الطوسي، الخلاف )( 603. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع الإسلام )( 604. 376: 3انظر: العلامة الحلي، قواعد الأحكام )( 605. 190: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام )( 606 ،5،ــ 4، ح6، البــاب 211،ــ 210،ــ 207:ــ 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )(ــ 607

12 ،16 .. 213: 39انظر: محمد حسن النجفي، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام )( 608 هذه الروايات عبارة عن: الروايات السابعة، والتاسعة، والعاشرة، والثانية عشرة،)(ـ 609

والثالثة عشرة، والتي تقدم ذكرها في معرض البحث عن الروايات. القول الأول الذي تقدم في صفحة سابقة. )( 610. 687انظر: الشيخ المفيد، المقنعة: )( 611. 276 ـ 275: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 612. 272انظر: المحقق الحلي، المختصر النافع: )( 613. 463: 2انظر: الفاضل الآبي، كشف الرموز )( 614. 54: 9انظر: العلامة الحلي، مختلف الشيعة )( 615. 860: 2انظر: المحقق السبزواري، كفاية الأحكام )( 616. 375 ـ 374: 19انظر: أحمد بن محمد مهدي النراقي، مستند الشيعة )( 617 ناه الاشتهاردي، تقريرات ثلاثــة )تقريــر بحث الأســتاذ الســيد حســينپالشيخ علي )(ــ 618

، حيث نسب حرمان الزوجة من118 ـ 117الطباطبائي البروجردي / ميراث الأزواج(: مطلق الأراضي إلى السيد البروجردي، ولكن الشيخ الصافي الكلبايكــاني في تقريراتــه

وهــو مختــار»نقل ميل أستاذه ]السيد البروجردي[ إلى قول الشــيخ المفيــد؛ إذ يقــول:

المفيد... ومال إليه سيدنا الأســتاذ الفقيــه الكبــير الســيد الــبروجردي ـــ أعلى اللــه في . انظر: إبانة«الخلد مقامه ـ، بل كان يفتي بذلك، إذا لم يتصالح سائر الورثة مع الزوجة

. وقد طبع هـذا البحث في كتـاب مسـتقل بعنـوان: )صـيانة222المختار، إرث الزوجة: الإبانة( أيضا.

. 7، ح6، الباب 208: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 619. 3، ح6، الباب 206: 26انظر: المصدر السابق )( 620القول الثاني المتقدم في صفحة سابقة. )( 621. 585انظر: علي بن الحسين الموسوي )المعروف بعلم الهدى(، الانتصار: )( 622. 860: 2انظر: المحقق السبزواري، كفاية الأحكام )( 623. 10، المسألة 54: 9انظر: العلامة الحلي، مختلف الشيعة )( 624 . ولمزيــد من الاطلاع انظــر: الحــر14 إلى 11من قبيل: مــا تقــدم من الروايــات )(ــ 625

. 9، 3، 2، ح6، الباب 209: 26العاملي، وسائل الشيعة . 378: 14انظر: السيد علي الطباطبائي، رياض المسائل )( 626. 184: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام )( 627 ؛ أبــو الصــلاح الحلــبي في141 ـ 140:ــ 2مثل: القاضي ابن الــبراج في المهــذب )(ــ 628

. 374الكافي في الفقه: القول الثالث المتقدم في صفحة سابقة. )( 629. 376: 3انظر: العلامة الحلي، قواعد الأحكام )( 630. 240: 4انظر: فخر المحققين، إيضاح الفوائد )( 631. 185: 13انظر: الشهيد الثاني زين الدين العاملي، مسالك الأفهام )( 632. 16، ح6، الباب 211: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 633. 16، الباب السادس، ح211: 26انظر: المصدر السابق )( 634. 15انظر: المصدر السابق، ح)( 635العنوان الأول الذي تقدم في صفحة سابقة. )( 636. 29 ـ 28: 4انظر: المحقق الحلي، شرائع الإسلام )( 637. 376: 3انظر: العلامة الحلي، قواعد الأحكام )( 638. 190: 13انظر: الشهيد الثاني، مسالك الأفهام )( 639. 2، ح7، الباب 213: 26انظر: الحر العاملي، وسائل الشيعة )( 640. 127: 7انظر: الكليني، الكافي )( 641. 678انظر: المفيد، المقنعة: )( 642. 585انظر: المرتضى، الانتصار: )( 643. 154: 4انظر: الطوسي، الاستبصار )( 644. 131 ـ 130، المسألتان 116: 4انظر: الطوسي، الخلاف )( 645. 276: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 646. 127: 7انظر: الكليني، الكافي )( 647. 678انظر: المفيد، المقنعة: )( 648. 585انظر: المرتضى، الانتصار: )( 649. 154: 4انظر: الطوسي، الاستبصار )( 650. 374انظر: أبو الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه: )( 651. 276: 3انظر: ابن إدريس الحلي، السرائر )( 652. 272انظر: المحقق الحلي، المختصر النافع: )( 653. 131 ـ 130، المسألتان 116: 4انظر: الطوسي، الخلاف )( 654. 235نهج البلاغة، قصار الحكم، الحكمة رقم )( 655 ولذلك يـذهب بعض علمـاء الأصـول إلى اخـتزال حكم العقـل في )وجـوب حفـظ)(ـ 656

النظام( و)حرمة الإخلال بالنظام(؛ إذ يرى أن الأحكام العقلية لا تكون قطعية ولا يقينيةــه، ج ــر، أصــول الفق ، قم انتشــارات2إلا في هــذين المــوردين. انظــر: الشــيخ المظف

ــذا البعض من ــ ــراد ه ــ ــماعيليان. ولا يخفى أن م ــ ــام»إس ــ ــارة عن «النظ ــ النظم» عب

. وعليه يكون مراده من )وجوب حفظ النظام( ليس هو وجوب حفظ نظام«الاجتماعي حكومي خاص، وإنما المراد هو وجوب حفظ النظم. كما أن مــراده من )حرمــة الإخلال

بالنظام( هو حرمة الإخلال بالنظم الاجتماعي. الإدارة» محل «الإدارة الفقهية»يشكو الدكتور سروش في بعض كتاباته من إحلال )( 657

الإدارة نحتاج إلى شيء أكثر من الفقه، ألا وهو». ومراده التأكيد على أننا في «العلميةــك في: مــدارا«العلم التجريبي . انظر: سروش، سقف معيشت بر ستون شريعت، وذل

. وهذا كلام صحيح. ولكن تعبيره يوحي بــأن الــتركيب والمــزج المناســب55ومديريت: بين علم الفقه والعلوم التجرييبة هــو كــل مــا نحتاجــه في الإدارة الناجحــة للمجتمعــات الإسلامية في العالم المعاصر. وهذا لا يبــدو صــحيحا من وجهــة نظرنــا؛ لأن علم الفقــه ليس عاجزا عن ملء فراغ العلوم التجريبية فحسب، بل هو كــذلك عــاجز عن أن يســد الفراغ الحاصل نتيجة غياب علم الأخلاق وعلم الحقوق أيضا. وأساسا فإن إجحاف أتباع الإدارة الفقهية بحق العلوم التجريبية ينشأ من موضع آخر؛ فــإن هــؤلاء إنمــا لا يعــيرون أهمية للعلــوم التجريبيــة ـــ الأعم من الطبيعيــة والإنســانية ـــ في إدارة المجتمــع؛ لأنهم

ـوـن ـوـن «أخلاق الإدراة» محــل «فقــه الإدارة»يحل محــل«الإدارة الفقهية»، أو أنهم يحل . إن قيم الأخلاق الإدارية هي التي تلزم المدراء في العالم المعاصــر«الإدارة الأخلاقية»

ـوـن ــذين يحل ــة، وإن ال ــوم التجريبي ــف العل ــل «الفقه»بتوظي ــع«الأخلاق» مح في جمي المجالات لا يرون قيمة للضــرورات والمحظــورات والقيم الأخلاقيــة في مجــال الإدارة، بما في ذلك ضرورة الاستفادة من معطيــات العلــوم التجريبيــة في مســألة الإدارة، ولاــذه ــود ه يلزمون أنفسهم بضرورة اتباع تلك القيم. هذا إذا لم نقل: إنهم لا يعلمون بوج

القيم والضرورات والمحظورات أساسا. ــزيج من ــ ــوم على مـ ــ ــارة أدق: إن الإدارة تقـ ــ «الوجــــود» أو «القيم» و«العلم»وبعبـ

، ولــذلك تكــون الإدارة الفقهيــة البحتــة، والإدارة العلميــة البحتــة، والإدارة«الوجــوب»وــا للعلــوم الأخلاقية البحتة، مفاهيم خالية من المصاديق. إن أولئك الذين لا يقيمــون وزن

ـوـن ،«الإدارة العلمية» محــل «الإدارة الفقهية»التجريبية في إدارتهم في الحقيقة لا يحل وإنمــا يعمــدون إلى تــركيب ومــزج الضــرورات والمحظــورات الفقهيــة بمــا لــديهم من المعلومات العاميــة والخــام والمنســوخة وغــير الناضــجة في مجــال العلــوم التجريبيــة،

ـوـن ــإنهم يحل ــذلك ف ــل «الإدارة الجاهلة»وب ــوم«الإدارة العلمية» مح ــوار العل . وإلى ج في طريقة الإدارة، وإن الأخلاق هي التي«أخلاق الإدارة»التجريبية هناك تأثير حيوي لـ

ــا إذا ــة؟ وم تقول للمدراء: كيف، وأين، ومتى، يمكنهم توظيف معطيات العلوم التجريبيفين بالاضطلاع بهذا الدور أم لا؟ كانوا مكل

ــالم ــات الإســلامية في الع ــل مشــاكل المجتمع ــدكتور ســروش أن ح يفهم من كلام ال المعاصر يكمن في اتباع العلوم التجريبية، أو بعبارة أدق: إن حل هــذه المشــاكل يكمن

...لم يكن الأســلوب العلمي»في مزج الفقه بالعلوم التجريبية، حيث قال بهذا الشــأن: في حل المسائل والإدارة العلمية للمجتمع معروفا حتى هــذه الأيــام القليلــة الماضــية؛ فالإدارة التي كانت معروفة ومألوفة حتى الآن هي الإدارة الفقهيــة، لا غــير. ولكن هــل يمكن لنا اليوم أن ننكر الضجيج الصناعي والتجاري الصاخب؟ وهــل يمكن إخمــاد غبــاررة الــتي تحكم السياســة العالميــة؟ وهــل يمكن الســيطرة على مــارد العلاقــات المتــوت المشاكل البشرية المعاصــرة بمجــرد توظيــف علم الفقــه؟ إن الــذي يــدخل في حــدود صلاحية الفقه هو رسم الحدود النهائية لدائرة نشاط الإنســان، فلا يتخطوهــا، وأمــا في

دــ من تــرك الأمــور إلى العلم. انظـر: المصــدر نفسـه: . والتأكيـدات54غــير ذلـك فلا ب فهـل جميـع مشــاكل»المضافة من عندنا. كما قال الــدكتور ســروش في موضـع آخـر:

ها من الفقــه؟... فالفقــه على الــرغم العالم والحياة هي مشاكل حقوقية حتى نتوقع حلـهـ لا يقــدم ــة على مســتوى الكمــال، ولكن من إصــداره الأحكــام، وهــو من هــذه الناحي

ــرغم من54. انظر: المصدر نفسه: «منهجا... . والتأكيدات المضافة من عندنا. وعلى ال إن الفقه غني بالأحكام، كما هو غني بالمنــاهج. ويمكن لنــا»أن بعض علماء الدين قال:

. انظــر:«أن نســتوعب الغــنى في جــانب الأحكــام...، إلا أن الأحكــام هي غــير المنــاهجــديريت: ــدارا وم ــك في: م ــنات دين، وذل ــدمات وحس ــروش، خ ــدات257س . والتأكي

المضافة من عندنا. ــل علم الأخلاق ــه مح ــان إحلال علم الفق ــرى إمك ــه ي ــيرات وكأن ــذه التعب يفهم من ه

)الاجتماعية( وعلم الحقوق. في حين أننا نــرى : أن الأحكــام الفقهيــة كمــا لا تحــلأولا محل المناهج العلمية، فإنهــا كــذلك لا تحــل محــل القيم الأخلاقيــة والأحكــام الحقوقيــة

أيضــا. ــا أن نطلب حــلوثانيــا : إن أخلاق الإدارة مقدمــة على فقــه الإدارة. وينبغي لن المشاكل الراهنــة للمجتمعــات الإســلامية في العــالم المعاصــر من خلال الــتركيب بين الفقه والحقــوق والأخلاق والعلــوم التجريبيــة. ولا يمكن لأي واحــد من هــذه العلــوم أن يحل محل الآخر. ومن ناحيــة أخــرى فــإن الفقــه لم يبلــغ حــد الكمــال، حتى من ناحيــة الأحكام؛ إذ ليس هنــاك دليــل يثبت هــذا الادعــاء القائــل بــأن للــه حكم في كــل واقعــة

يجب العمل بها بمقتضى«ملزمة»وحادثة ومسألة. نعم، نعلم إجمالا أن للشارع أحكاما الإيمان، وإن علم الفقه يتكفل بمعرفة هـذه الأحكــام. وأمـا الادعـاء بــأن هـذه الأحكــام

، وأنــه لــذلك يغــني المســلمين«جامع« و«كامل»شاملة، وأن علم الفقه تبعا لذلك علم عن علم الأخلاق الاجتماعية وعلم الحقوق، فهو مجرد ادعاء لم يثبت بدليل.

نعم، إذا اعتبرنا الأصول العملية، من قبيل: أصالتي البراءة والإباحــة ومــا تقتضــيه هــذهالأصول بوصفها من الأحكام الشرعية أيضا، فعندها يكون الفقه كاملا. ولكن ــذاأولا : ه

ــة ــة الحقوقي ــط؛ حيث إن الأنظم ــه فق ــوف لا يختص بعلم الفق ــال س ــوع من الكم النع بمثل هذا الكمال أيضــا؛ لأن الأصــول العمليــة هي أصــول العلمانية الأخرى سوف تتمت

عقلائية معترف بها في جميع الأنظمة الحقوقية، : إن البراءة والإباحة في مجــالوثانيا عن كاهــل«الشــرعي» لمخالفــة الحكم الإلــزامي «الآثــار التكليفية»الفقــه إنمــا ترفــع

المكلف في ظرف الشك بالحكم الشرعي. ومقتضى هذه الأصول عنـدما يتم توظيفهـاــة ــه وظيف فا، ولا تكون لدي في مجال الفقه هو أن المؤمن في ذلك المورد لا يكون مكل

»، ولا يكون مؤاخذا ولا مسؤولا «شرعية» . وهذا لا يعني عــدم وجــود أي تكليــف«شرعا أو وظيفــة في ذلــك المــورد أبــدا. إن تطــبيق هــذه الأصــول في مجــال الفقــه لا يرفــع

عن كاهــل المؤمــنين. ويمكن الجمــع بين عــدم وجــود«الأخلاقية« و«العرفية»الوظائف ــرعي»الحكم ــزامي «الشـ ــود الحكم الإلـ ــورد وبين وجـ ــزامي في مـ أو«العقلي» الإلـ

في ذلــك المــورد. وعلى هــذا الأســاس فــإن علم الفقــه لا يحــل محــل علم«العــرفي»ــة لا ترفــع ــبراءة والإباحــة الفقهي الحقــوق، ولا يحــل محــل علم الأخلاق. بمعــنى أن ال الواجبات والمحرمات الأخلاقية والحقوقية عن كاهل المؤمنين، ولا يحق لأي فقيه ـ بــل لا يمكنــه ـــ أن يــبيح الواجبــات والمحرمــات الحقوقيــة والأخلاقيــة؛ وذلــك لأن ســكوت الشارع أو عدم وجود دليل معتبر على وجود الحكم الشرعي الإلــزامي في مــورد إنمــاــة على إباحــة يعني مجرد إباحة ذلك العمل من الناحية الشرعية، وهذا لا يحمل أي دلال ذلك العمل من الناحية العرفية والأخلاقيــة. وإن الإباحــة الشــرعية تعــني أيضــا ســكوت الشارع، وعدم تشريع الحكم الإلــزامي من قبلــه. قــد يمكن لأمــر أن يكــون مباحــا منــا أن الناحية الشرعية، إلا أنه يكون واجبا أو محرما من الناحية العرفية أو الأخلاقية، كمــة الشــرعية ــه من الناحي ــة لا يســتلزم إباحت ــة والأخلاقي ــة العرفي إباحــة أمــر من الناحي والفقهية. في ما يتعلق بكمال الفقه انظر: سعيدي، تأملاتي پــيرامون فقــه وكمــال آن،

. 1، العدد فرهنگيكيهان الفقه»لا يخفى أن الدكتور سروش يعمد في موضع آخر إلى نقد هذا الرأي القائل بأن

، قــائلا: إن الحكم غــير المنهج. وإن المشــاكل الاجتماعيــة لا«يكفي لتنظيم أمور الــدنيا تنحصر بالمشاكل الحقوقيـة فقـط. ومن ثم أشــار إلى الـرأي الـذي يحـل الفقــه محــل

اـء»الأخلاق بوصفه خطأ آخر، وقال: إن المسألة الجـديرة بالاهتمـام هي أن بعض الأطب في قطرنــا يجهلــون دقــائق الأخلاق الطبيــة. يعقــدون مــؤتمرا ينــاقش الفقــه الطــبي،ــة يســتطيعون التغلب على المشــاكل ــل المســائل الفقهي متصــورين أنهم من خلال ح

. انظــر: ســروش،«الأخلاقية أيضا، وكأن الفقه حلال المشاكل الأخلاقية. وهذا خطأ آخرــك في: مــدارا ومــديريت: ــدكتور256خــدمات وحســنات دين، وذل ــدو من ال ــا يب . وهن

. ولكن يبدو أنــه لا«الأخلاق الطبية» لا يحل محل «الفقه الطبي»سروش أنه يلتزم بأن . وعلى أي حــال«الحقــوق الطبية» محــل «الفقــه الطبي»يزال معتقدا بإمكان أن يحل

ــاني محــل فإن القول باختلاف الأخلاق الطبية عن الفقه الطبي، وعدم إمكان إحلال الثــة الأحكــام. ولــذلك فإنــه لا يلــبي حاجــة ــاقص، حتى من ناحي الأول، يعــني أن الفقــه نح في الصفحة المجتمع الإسلامي إلى الأحكام المعيارية بشكل كامل. في حين أنه يصر

التالية بإمكانية القول بكمال الفقه من ناحية الأحكام. وكما أسلفنا، يمكن ويحق للشارع أن يوجب أو يحرم الفعل المباح عرفــا وأخلاقــا، وإن

. كما يمكن للشارع«الأخلاقية»كان لا يستطيع إباحة ما كان واجبا أو محرما من الناحية . )وهــذه الادعــاءات بأجمعهــا من«العرفية»أن يبيح ما كان واجبا أو محرما من الناحيــة

نتائج القول بالتقدم الوجودي والميتافيزيقي للأخلاق على الدين(. ولكن : هذا الامرأولا يحتاج أولا إلى دليل خاص، ولا يمكن إثبات مثل هذا الــترخيص من خلال أصــل الــبراءة والإباحة، وهذا يعني أن علم الفقــه لا يغــني المســلمين عن علم الحقــوق، ولا عن علم

الأخلاق، ولا يمكنه أن يسد الفراغ الحاصل؛ بســبب غيابهمــا. : إن الــدليل الــدالوثانياــي، لا على ــدل على حكم تأسيس ــرف يجب أن ي ــالف للع ــرعي المخ على الحكم الش إمضـاء العـرف السـابق. فمن خلال إمضــاء الشـارع للعـرف السـابق لا يمكن مخالفـةر العـرف يصــبح إمضــاء الشـارع الأحكام العرفية المتأخرة عن زمن الشارع؛ إذ مـع تغي

من قبيل: السالبة بانتفاء الموضوع. إن الظن ـ سواء حصـل من طريـق العقـل أو من طريـق النقـل ــ لا يسـقط عن)(ـ 658

﴿الحجية إلا عند التعـارض مـع ظن أقـوى منـه. وإن مفـاد قولـه تعـالى: وإ�ن الظن لايئا ن الحق شــ ( لا يعــني أن الظن ســاقط عن الحجيــة مطلقــا،28 )النجم: ﴾يغن�ي م�

وإنما هذه الآية تسقط الحجية عن الظن فيما لو كان الحــق واضــحا ولاحبــا، وهــذا عين ســهلا ويســيرا لا«الوصــول إلى الحقيقة»العقلانية. فالعقلانية تقول أيضا: عندما يكــون

«التقرب من الحقيقة»يحل محله ــا . وأما إذا قلنا بأن هذه الآية تنفي حجية الظن مطلق وجب الالــتزام بهــا في نفي الحجيــة عن الظنــون النقليــة أيضــا؛ لأن لســان الآيــة يــأبى التخصيص، وإن عدم حجية النقل الظني سوف يشمل هذه الآية نفسها أيضا. ولا يخفى

. ومن وجهــة«ظنون غير معتبرة»؛ و«ظنون معتبرة»أن العلماء يقسمون الظنون إلى: نظــر الغالبيــة العظمى من العلمــاء الشــيعة، وبعض علمــاء الســنة، لا تثبت الحجيــة إلا

، وأما سائر الظنون فهي ساقطة«خبر الواحد» و«ظاهر الكلام»للظنون المستندة إلى عن الاعتبار، ولا يجوز الاعتمــاد عليهــا في مقــام اســتنباط الحكم الشــرعي. وإن الظن العقلي من وجهة نظــر هــؤلاء العلمــاء عبــارة عن الظن الحاصــل من القيــاس الفقهي )التمثيل المنطقي(، والاستحسان، والمصالح المرسلة. إن هؤلاء العلمــاء غــير مطلعين على الشهود العقلاني وسائر الأساليب العقلية المنتجــة للظن، والــتي تعــد معتــبرة من

وجهة نظر العقلاء وفي علم المعرفة الحديث. إلى«المســتند»مرادنــا من القطــع واليقين هنــا هــو القطــع واليقين المســتدل، و)(ــ 659

ــدليل، و ــل«المتناسب»ال ــرائن، دون القطــع واليقين المعل ــة والشــواهد والق مــع الأدل والمستند إلى العلة، أو الذي لا يقوم على أساس وقاعدة، أو غير المتناسب مــع الأدلــة والشواهد والقرائن؛ لأن القطــع واليقين المســتند إلى الــدليل والمتناســب مــع الــدليلــع واليقين المعتبر من الناحية المعرفية هو وحده الموثوق والمعتبر. وإن مثل هذا القط لا يمكن الحصول عليــه إلا في مجــال المنطــق والرياضــيات؛ إذ إن القــرائن والشــواهد والأدلة المتوفرة في هذا المجال هي وحدها التي تتناسب مــع القطــع واليقين بالنســبة

إلى المدعى. . وقد ورد في كلام بعض أصحاب222الشريف الرضي، نهج البلاغة، الخطبة رقم )(ـ 660

. إلا أنني لا أستطيع الجزم بما إذا كــان هــذا«اقرأ القرآن وكأنه قد أوحي إليك»الشأن: الكلام مضمون رواية أم لا.

إن توقف الاستدلال على هذه المقدمة إنما يكون ضروريا على قول من يقول بأن)( 661«الفهم» غير «التفسير» . وبطبيعة الحــال هنــاك قــول آخــر يــرى الفهم والتفســير أمــرا

؛ لأن«معرفة الوحي»واحدا. وفي هذا الاستدلال هناك شيء من التسامح في التعبير بـ الوحي من ســنخ النص )شــيء دال(، ويقــع متعلقــا للفهم، في حين أن المعرفــة تتعلق بالأشياء التي هي ليست من سنخ النص )أشياء غير دالة(. ومراد المؤلف هو أن العمل

على طبق إرادة الله )مــدلول الــوحي( يتوقف على معرفــة هــذه الإرادة، ولكي نعــرف هذه الإرادة يجب أن نفهم الوحي. أشكر الأستاذ العزيز الســيد مصــطفى ملكيــان على

تذكيره إياي بهاتين المسألتين. قد يدعي شخص أن احتمال الخطأ في المعرفة الدينيــة أقــل من احتمــال الخطــأ)(ــ 662

ـةـ، في في المعرفة الأخلاقية؛ لأن المعرفة الدينية من سنخ فهم النصوص والأمور الدال حين أن المعرفة الأخلاقية من سنخ التعرف على الأمور غير الدالة، وإن احتمال الخطأ

. إلا أن هــذا التقريــر لا يــؤدي إلى«المعرفة» أقل من احتمــال الخطــأ في «الفهم»في شيء؛ لأن صاحبه لا يستطيع أن يبين لنــا الفــرق الفــارق بين الفهم والمعرفــة، والــذي يسوغ ويصحح مثل هذا الادعاء. هذا وقد تقدم أن فهم النص يقوم دائما على المعرفـة، وأن الفهم بلا معرفة مفهوم بلا مصداق. مع الشكر الجزيل للأســتاذ مصــطفى ملكيــان

على طرح هذا الإشكال، والإجابة عنه. ل جــزءا صــغيرا من قواعــد وقيم أخلاق)(ــ 663 إن المعــايير والضــوابط المنطقيــة تشــك

التفكير. في ما يتعلق بأخلاق البحث والتفكير انظر: الدين في مــيزان الأخلاق، الفصــل. 2 / 3 / 2الثاني، الفقرة

قال الله تعالى في القرآن الكريم: )( 664﴿ـ ين إ�لا ن�ين ولا يز�يــد الظال�م� فاء ورحمة ل�لمؤم� ن القرآن� ما هو ش� ل م� وننز

(. 82 )الإسراء: ﴾خسارارون﴿ـ ه إ�لا المطه (. 79 )الواقعة: ﴾لا يمس

ومن الجدير ذكره أن للفضائل والرذائل الأخلاقية دورا معرفيا أيضا. كون بهــذا النــوع من الاســتدلال لتعطيــل)(ــ 665 إنه لمن المثــير للعجب أن الــذين يتمســ

ــه، لا يقومــون بالشــيء ذاتــه في دائــرة ـوـن النقــل محل العقل في دائــرة الأخلاق، ويحل الفلسفة والعلوم التجريبيــة، في حين أنــه من الناحيــة المعرفيــة لا يوجــد أي فــرق بين

هذين الموردين. مــا»إن المراد من فلسفة الأخلاق هنا هو المعنى الخاص للكلمة، بمعنى خصوص )(ــ 666

( بالمعنى العام للكلمة في فلســفة الغــربethics(. وإن مفردة )metaethics )«فوق الأخلاقل عنوانا لكل ، الشاملة لعلم الأخلاق أيضا. «الأخلاق المعرفية»تمث

. 412الشريف الرضي، نهج البلاغة، قصار الحكم، الحكمة رقم )( 667668() moral status.

من الجدير هنا التذكير بأننا لا نخالف الرجوع إلى الوحي والنقل في دائرة الأخلاق،)( 669 الاســتفادة«كيفية» هــذا الرجــوع و«طريقة»ونرى ذلك عين العقلانية. وإنمــا الكلام في

من الوحي والنقل في هذا المجال. ويقوم الادعاء على أن الأحكام الفردية والاجتماعية للشريعة إنما يمكن الــدفاع عنهــا إذا لم تنقض القواعــد والقيم الأخلاقيــة. فلا الشــريعةفـه الأخلاق في حيــاة النــاس الفرديــة والاجتماعيــة، ولا يمكنها أن تملأ الفراغ الـذي تخل

الوحي والنقل يمكنه أنه يغني الناس عن الرجوع إلى عقلهم العملي. 670() consequentialism.671() egoism.

؟ مشابه«ما هي العناصر التي يكون الحكم الأخلاقي تابعا لها»إن السؤال القائل: )(ـ 672 أو«حسن»تماما للسؤال عن الأوصــاف والخصــائص الــتي تعمــل على صــياغة مــا هــو

على المستوى الأخلاقي. إن هذا الســؤال في الحقيقــة«خاطئ» أو «صحيح» أو «قبيح»ــدرس في ــتي ت ــ ال ــد ـ ــ وربمــا هــو الموضــوع الوحي الأخلاق»هــو من أهم المواضــيع ـ

normative )«المعيارية ethicsالــتي هي فــرع أو جــزء من فلســفة الأخلاق، وإن نظريــات ،) الأخلاق المعيارية إنما هي في الحقيقة إجابات مختلفة عن هـذا السـؤال. وإن النظريـة الصحيحة في هذا الشأن هي النظرية التي تكون أكــثر انســجاما مــع الشــهود الأخلاقي وما وراء الشهود الأخلاقي، والأقـرب أيضــا من المعتقــدات المبنائيــة ذات الصــلة. ومن وجهة نظري إن هذه النظرية مزيج من نفعية ومسؤولية )كانت( ومســؤولية )راســي(.ــاب )أخلاق التفكــير الأخلاقي(. ــة في كت وقــد ذكــرت الشــرح التفصــيلي لهــذه النظري وللمزيد من البحث التفصــيلي بشــأن الأوصــاف والخصــائص الــتي تلعب دورا في حكم

العمل الأخلاقي انظر إلى كتاب: - Kagan, S. (1997) Normative Ethics (Oxford: Westview).

هــذا إذا كــان منشــأ اســتنباط القيم الأخلاقيــة والأحكــام الشــرعية هــو المصــالح)(ــ 673 والمفاسد الغيبية والأخروية، في حين هناك تشكيك جاد في هاتين الدعويين. فقد تقدم الحــديث بشــأن الاســتقلال النســبي للقيم والواجبــات والمحظــورات الأخلاقيــة لنتــائجة بالنســبة إلى شــخص الفاعــل. وأمــا بشــأن تبعيــة الأحكــام الشــرعية العمــل، وخاصــ

للمصالح والمفاسد الغيبية بشكل مطلق فسوف نتناوله. لا يخفى أن الأمثلة الـتي تـذكر للقيم القطعيـة واليقينيـة الأخلاقيـة ليسـت يقينيـة)(ـ 674

«التكليــف بمــا لا يطــاق»وقطعية بالمعنى الدقيق للكلمة. فعلى ســبيل المثــال: لـو أن كان مشتملا على مصلحة غيبية وأخرويــة أقــوى من مفســدتها،«كفران نعمة المنعم»و

ومن القبح الناشئ من تلك المفسدة، لا تقوم على دليل أبدا. وعليه فـإن قبح التكليـفبما لا يطاق ووجوب شكر المنعم، وإن كان بديهيا، ولكنه ليس يقينيا.

. «التناسب بين الدليل والمدعى»يتم تعريف العقلانية النظرية بـ )( 675ــ 676 ــاريخ«الظن النقلي»يأتي الحديث عن )( هنا من باب المجاراة، وإلا فإن العالمين بت

ــير الحديث وكيفية جمعه، ومقدار ما تعرضت له كتب الحديث من التحريف المتعمد وغ المتعمد، يدركون أنه في الكثير من الموارد لا نحصل حتى من الأحاديث المعتبرة سندا على ظن معتبر، فضلا عن سائر الأحاديث الأخرى. وإن التبرير المعــرفي الوحيــد الــذي يمكن ذكره للاهتمام بمثل هذه الأحاديث هو العلم الإجمالي بصدور بعضها عن النبي أو الإمام المعصوم. إلا أن هذا العلم الإجمــالي لا يقتضــي أن نعمــل حتى بالأحــاديث الــتي يخــالف مضــمونها حكم العقــل والعــرف أيضــا؛ إذ لا يمكن العثــور على عاقــل يرتضــي العمل بمثل هذه الأحاديث انطلاقا من حكم عقلــه أو من أجــل ســيرة العقلاء وبنــائهم. وفي فهم ومعرفة سيرة العقلاء في مقام العمل بخبر الواحد لا يمكن لنا العمل بشكل انتزاعي، بل لا بد من عرض مجموع الأخبار والأحــاديث الموجــودة، مــع تــاريخ الحــديث ومســار تكوينــه وتدوينــه وجمعــه في الكتب الروائيــة، على العقلاء؛ لــنرى مــا إذا كــانوا يعملون بمثل هذه الأخبار والأحاديث أم لا؟ وإذا كانوا يعملون بهـا فكيــف يعملــون بهـا؟ وما هي حدود العمل بها؟ لا يمكن العثور على أي عاقل يتعارض عنـده مضــمون روايـةع بدعامة أقـوى، ودليـل أكـثر إحكامـا، ومـع ذلـك يـرى أو ظاهر آية مع حكم عقلي يتمت الاعتبار والحجية لمضمون تلك الرواية أو ظاهر تلك الآية. إن سيرة العقلاء في العمــل بخبر الواحد وظــاهر الكلام ليس مطلقــا، ولا انتزاعيــا، وإن العقلاء في معــرض العمــل بخبر الواحد وظاهر الكلام يأخذون المضمون والظهور بنظــر الاعتبــار أيضــا، فــإذا كــانــه مضمون الخبر أو ظاهر الآية غير منسجم مع الظن العقلي الأقوى منه أو المساوي ل لا يقبلون العمل بذلك المضمون والظهــور. وعلى هــذا الأســاس في مــا يتعلق بالعمــل بسيرة العقلاء لا يمكن فصل هذه السيرة عن قيود وشرائط الفلسفة وأطرها الخاصة. فليس لــدى العقلاء ســيرة تقضــي بدراســة ســند روايــة بشــكل مســتقل وبمعــزل عن الاهتمام بمضمونها، كمــا أنهــا لم تقم على العمــل بــذلك المضــمون بعـد إحــراز اعتبــار

السند، حتى إذا كان ذلك المضمون معارضا للظنون العقلية والتجريبية. لا يمكن اعتبار حجية الظنون العقلية بمعنى حجيــة مطلــق الظن. وإن مرادنــا أن)(ــ 677

الظنون الخاصة الــتي تعتــبر حجــة من الناحيــة العقليــة والشــرعية لا تنحصــر بــالظنون الحاصلة من أخبار الآحاد وظواهر الكلام فقط، وإنما تشمل بعض الظنون الأخــرى، أير مثــل هــذه الظنون العقلية والتجربية والشهودية أيضا. وإن علم المعرفة الحــديث يــبري الظنون؛ حيث ترى المعرفة الحديثة أن الظن الحاصــل من التجربــة والشــهود الحســ والعقلاني يكــون في بعض الظــروف الخاصــة معتــبرا، وأن هــذا الظن ليس من قبيــل: الظن الحاصل من القياس والاستحسان، وإنمــا هــو أعم منــه. ومضــافا إلى ذلــك فــإن المعرفــة الحديثــة تــرى الظن الحاصــل من القيــاس والاستحســان في بعض الظــروف الخاصة معتبرا أيضا. فإن الظن المعتبر من الناحيــة المعرفيــة هــو الظن المســتند إلى الــدليل المناســب، أمــا الظن المســتند إلى العلــة، وكــذلك الظن المســتند إلى الــدليل الفاقد للاعتبار والقيمة، فيعتبر مفتقرا إلى القيمة والاعتبار. يضاف إلى ذلك أن شروط

اعتبار الظنون النقلية في علم المعرفة الحديث تختلــف عن شــروط اعتبارهــا في علم أصول الفقه. وإن هذه الشروط تخضع للبحث والتحقيق تحت عنـوان العلم من طريـق

(. knowledge by testimonyالشهادة والبينة ) يمكن لنا أن نــدعي أن المتبنيـات الأخلاقيــة على المسـتوى المـرحلي تســتند إلى)(ـ 678

القواعد والأسس، بمعنى أنها تتمتع بدرجة من التــبرير الابتــدائي الحاصــل من الشــهود والتجربة الأخلاقية والعقلانية. إلا أن هذا التبرير يعتبر تــبريرا مرحليــا وآنيــا، بمعــنى أنــه يقبل التعزيز والتضعيف، وإن أساسية المتبنى بهذا المعنى لا ينفي القابليـة على إعـادة النظر في ذلك. وعلى هذا الأساس فإننا في سياق العمل على المواءمة بين المتبنيات الأخلاقية والمتبنيات الفقهية قد تقتضــي المسـؤولية العقلانيــة والمعرفيــة منــا أن نحــل التعارض من خلال التصرف في المتبنى الأخلاقي لصــالح المتبنى الفقهي أحيانــا. وهــذا الأمر بطبيعة الحال مشروط بأن تكــون الأدلــة المتــوفرة لصــالح ذلــك المتبنى الفقهي أقوى من الأدلة المتوفرة لصالح المتبنى الأخلاقي، بمعــنى أننــا في هــذه الحالــة فقــط نكون ملزمين من الناحية العقلانية بحل التعارض لصالح المتبنى الفقهي، رغم أننا نرى هذا مجرد افتراض لا مصداق لــه على أرض الواقــع. إن هــذه النظريــة تعتــبر نوعــا من

الأصولية المعرفية المعتدلة التي لا تختلف كثيرا عن التناغمية المعرفية المعتدلة. 679() context of discovery.680() context ofjustification.

إنه لمما يستحق التدبر والتأمل أن الله يقول في القرآن بشأن الكثير من الأنبياء:)( 681 إنه قد أعطاهم الحكمة، بالإضافة إلى الكتاب. في حين أنه لو كــانت النصــوص الدينيــةــان ــو والعبث، وإذا ك غ ــة من الل ــاء الحكم ــان تعليم الأنبي ــني الإنســان عن الأخلاق ك تغ الرجوع إلى العقل في مقام تشخيص الوظيفة يؤدي إلى لغوية النصوص الدينيــة لكــان تعليم الأنبياء الحكمة مشتملا على هذه الخصوصية أيضا. هذا، وإن القــرآن الكــريم قــد صرح بأن رسالة نبي الإسلام لا تنحصر بتعليم الكتاب، وإنما تشمل تعليم الحكمة أيضا. والحكمة على قسمين: نظرية؛ وعملية. والحكمة العمليــة تــدل على معنــيين مختلفين، وفي الوقت نفسه مرتبطين ببعضهما. والحكمة بالمعنى الأول فضيلة يتمكن الفــرد من خلالها من إدراك الحسن والقبح والصواب والخطأ وما ينبغي وما لا ينبغي من الأعمال. وأما بالمعنى الثاني فهي عبارة عن القيم والمعايير التي تعــد نتيجتهــا وثمرتهــا فضــيلة،

ــه في القــرآن الكــريم: نهم يتلــو﴿قــال الل ولا م� يين رســ هو الذ�ي بعث ف�ي الأمي ن قبــل لف� كمــة وإ�ن كـاـنوا م� م ويعلمهم الك�تاب والح� م آيات�ه� ويزكيه� عليه�

ولكن لو كان البناء على اشتمال الكتاب على حكم جميــع(.ــ 2 )الجمعة: ﴾ضلال مب�ينالأشياء لكان الأنبياء والمؤمنون في غنى عن الحكمة.

انظر في هذا الشأن إلى كتابنا )الدين في ميزان الأخلاق(. )(682 تنقسم الأبواب الفقهية إلى قسمين، وهمــا: العبــادات؛ والمعــاملات. والمــراد من)(ــ 683

ــات ــا بتنظيم العلاق ــا م ــتي تتكفل نوع ــة، ال ــير العبادي ــام غ ــا هي الأحك ــاملات هن المعالاجتماعية، وليس خصوص المعاملات التجارية فقط.

684() original position. إن القول بتوقيت بعض أحكام الدين ـــ مثــل القــول بخلــود بعض الأحكــام الدينيــة)(ــ 685

ــرون الأخرى ـ يعد من بديهيات وضروريات ومقومات خلود الدين. وعليه فإن الذين ينك وجود الأحكــام المؤقتــة في الــدين إنمــا ينكــرون في الحقيقــة ضــروريا من ضــرورياتــالا ببعض ــام الشــرعية، نعلم إجم ــإطلاق بعض الأحك ــالا ب ــا نعلم إجم ــدين. ونحن كم ال الأحكام الشرعية الأخرى المؤقتة والمقيدة أيضا، ولذلك فإن نسبة أصل الاحتياط تجاهــدوام كلا طرفي القضية متكافئ، ولا يوجد أي أصل أولي يقتضــي حمــل الحكم على ال

والخلود عند الشك في خلوده أو توقيته. ؛ أز إســلام تــاريخي بــه إســلام معنــوي،429 ـ 428انظر في هذا الشأن: كديور: )(ــ 686

صراط. فرهنگي، طهران، مؤسسه 431 ـ 405سنت وسكولاريسم: إن الإنسان لم يخلق»على سبيل المثال: يقول الشيخ المنتظري في هذا الشأن: )(ـ 687

ه ساحة اللــه الحكيم عن ذلــك. بــل إن الهــدف من خلــق الإنســان يكمن في عبثا؛ لتنـز

حصوله على الفضائل والكمــالات واكتســاب الــدرجات وبلــوغ المــراتب المعنويــة. وإن الوصول إلى هذه الأهداف يفتقر إلى برنــامج كامــل وأحكــام شــاملة وقــوانين جامعــة، تنظم حياته وتضمن حقوقه وحريته ورخــاءه، وتمنحــه الطمأنينــة والاســتقرار، وترشــدهمــه أســاليب الحصــول على الكمــالات إلى طريــق التكامــل والصــراط المســتقيم، وتعلــرية والوصول إلى السعادة الأبدية. ومثل هذا البرنامج لا يمكن أن تصوغه العقول البش

الناقصة؛ وذلك : لأن العلوم البشرية ناقصة ومحــدودة، ولا يمكن للإنســان أن يلبيأولا احتياجاته المادية والمعنوية المتنوعة كمــا يســتطيع صــانعه وخالقــه تلبيتهــا، كمــا أنــه لا يعرف سبل الوصول إلى الغاية كما يعرفها خالقــه. ولــذلك نجــد الإنســان في كــل يــومعين من بــني البشــر يأتي بقانون جديد يلغي به القانون الذي صاغه بالأمس. إن المشر لا يدركون جميع الفضائل والكمالات والاحتياجات المعنوية والحقيقيــة للإنســان وطــرق الحصول على السعادة في الدنيا والآخرة، وغالبا ما يحصرون سعادة الإنسان في تلبيـة أموره المادية والدنيوية، في حين هناك ارتباط وثيق بين حاجة الإنسان المادية وحياتــه

الدنيوية، وحاجته المعنوية وحياته الأخروية. : إن إدراك جهات الخير والشــر عنــدوثانيا البشر غالبا ما تقترن بالأهواء والأطماع والأنانية، وعليه لا يسع الإنسان أن يرى مصالح الإنسانية بأجمعها، وفي جميع الأزمنة، دون الإغضاء عن مصالحه الشخصــية أو مصــالحقة المحيطة به، ليضع القوانين الجامعة والشاملة على هذا الأساس. فعلى الحلقة الضي هذا الأساس يجب على الله أن يبعث الرســل لهدايــة الإنســان، ولا ينبغي باللــه الحكيم واللطيف والمحيط الكامل بحاجة مخلوقاته ويعلم الطريق إلى سعادتهم، مع ما له منــترك ــه وشــأنه، وأن ي ــه، أن يترك ــع مخلوقات ــه على جمي ــة بالإنســان، حتى كرم الرحم المجتمع البشري دون مرشد ولا هاد من شاكلتهم، يصلحون من جميــع الجهــات لحمــلنــون من أخــذ الحقــائق عن اللــه وإبلاغهــا إلى البشــر، وأن أعباء رسالة الهدايــة، ويتمك يكونوا وسطاء بين الخالق ومخلوقاتــه. ومن هنــا يــأتي احترامنــا لجميــع الأنبيــاء، البــالغما أولي العزم منهم، وهم: النبي نــوح، والنــبي إبــراهيم، عددهم أربعمئة وألف نبي، سي

. ونعتقــد بعصــمتهم من|، وخــاتم الرســل ســيدنا محمد^والنبي موسى، والنــبي عيسىد|الذنوب والأخطاء. ولما كان النبي محمد ــابقة، ومؤي خاتم الأنبياء، ومكمل الأديان الس

ما كان حقا منهــا من جهــة، وكــانت تشــريعاته وقوانينــه أفضــل القــوانين والتشــريعاتــة من دينه ــوانين النهائي ــريعات والق ــذ التش ــا نأخ ــا، فإنن ــيخ«وأكمله ــالة للش . عن رس

المنتظري على شبكة الإنترنت، وإضافة التأكيدات من قبلنا. ــالي، ولا«وجوب»إن هذا النوع من الاستدلال إنما يثبت مجرد الرجوع إلى الشاهد المث

الرجوع إليــه. في حين أن نــزاع أتبــاع الأخلاق الدينيــة والأخلاق العلمانيــة«كيفية»تبين ــول ليس في الرجوع إلى الشاهد المثالي وعدم الرجوع له، وإنما يدور النـزاع بينهما ح

كشف أحكام الشاهد المثالي. إن هــذا الــدليل لا يقتضــى«أسلوب»كيفية هذا الرجوع و منا إحلال إله الفقــه محــل إلــه الأخلاق أبــدا. وبهــذا الــدليل لا نســتطيع إثبــات الــدعوىــد القائلة بأن الظنون المستندة إلى الوحي والنقل تبقى على اعتبارها وحجيتها حتى عن تعارضها مع الظنون العقلية الأقوى منها. فالواجب على اللــه ـــ لقاعــدة اللطــف ـــ هــود، وليس من هداية الناس. وأما أن تكون هذه الهداية من طريـق الـوحي والنقـل والتعب طريق العقل والتفكير والتجربــة، ولا من خلال التلفيــق بين العقــل والتجربــة والــوحي، فهذا ما لا يمكن إثباته بهـذا الـدليل. وعليـه لـو اضـطر الفـرد لإدراك الإرشــاد والهدايـة الإلهية إلى العمل بظنونه ففي هذه الحالة لن يكــون هنــاك فــرق بين الظنــون العقليــة

والتجريبية وبين الظنون النقلية أبدا. هذا، مضافا إلى أننا نتساءل ونقـول أيضـا: أفلا تكــون الفتـاوى الفقهيـة نفسـها عرضـة للتغيير والتحــول؟ وهــل عــدم إمكــان التغاضــي عن المصــالح الشخصــية خــاص بمقــام

الحكم فقط؟ وهـل يمكن للفـرد أن يتغاضـى ببسـاطة عن مصـالحه«جعل» و«الوضع»قة المحيطة به في مقام فهم الحكم الشــرعي، عنــدما ينظــر إلى ومصالح الحلقة الضي مصلحة الإنســانية بأســرها؟ إن لازم هــذا الاســتدلال أن يكــون رواة الحــديث والفقهــاءدوهم من المعصومين أيضا، على شــاكلة الأنبيــاء والأئمــة أيضــا؛ كي يصــل الحكم ومقل الواقعي إلى الناس كما هو في اللوح المحفوظ، وأن لا يحصل أي خطأ في فهم الحكم

الشرعي. من وجهة نظرنا إن هذا الكلام يقوم على فهم خــاطئ للعقلانيــة، كمــا يقــوم على فرضيات خاطئة بشأن مناهج وشروط نجاة النــاس وفلاحهم. إن ســعادة الإنســان رهن بصدقه وجديته في مقام الكشف عن التكليــف والعمــل بــه، وليســت رهنــا بنتــائج

العمل. يعمد الدكتور سروش إلى تقسيم القيم إلى: قيم خادمة؛ وقيم مخدومة. ويرى أن)(ـ 688

القيم الخادمة هي القيم التي تكون من أجل الحيــاة، وأمــا القيم المخدومــة فهي القيم التي تكون الحياة من أجلها. ويمكن القــول: إن هــذا التقســيم هــو تعبــير آخــر عن هــذا

ــك في: بســط«1خاتميت پيامبر ـ »الادعاء تقريبا. انظر في هذا الشأن: سروش، ، وذل. 179 ـ 161تجربه نبوي:

يستفاد هذا الدليل من كلمات الشهيد السيد محمد بـاقر الصــدر في بحث قاعـدة)(ـ 689 الملازمة بين حكم العقل وحكم الشـرع. انظـر: الصـدر، بحـوث في علم الأصـول، قم،

مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي. للوقوف على النقد التفصيلي لادعاء النسبية الثقافية في مجــال حقــوق الإنســان)(ــ 690

ــرائي فــرهنگيحقوق بشر ومسـئله نســبيت »انظر: المقال التوضيحي والممتع )حقــوق«گالإنسان ومسألة النسبية الثقافية(، بقلم: د. آرش نراقي، على الرابط التالي:

http: //www. uweb. ucsb. edu/~anaraghi/articles_f. htmهـ.ش. 1388 معاصر، نگاهوذلك في: أخلاق حقوق بشر، طهران، نشر

في ما يتعلق بكيفية ارتباط المعرفة الدينية بالمعنى العام للكلمة بســائر الفــروع)(ــ 691 نظريــة تكامــل المعرفــة»المعرفيــة انظــر: ســروش، قبض وبســط تئوريــك شــريعت

صراط.فرهنگي، طهران، مؤسسه «الدينية داده هــاي»وفي ما يتعلق بالطرق المتنوعة للجمع بين العقل والوحي انظــر: ملكيــان،

، وذلــك في: راهي بــه رهــائي: جســتارهائي در عقلانيت«وحياني ويافتــه هــاي إنســاني معاصر. نگاه، طهران، نشر 52 ـ 35ومعنويت:

المراد أن الله لا يستطيع أن يرفع عن كاهل الإنسان مسؤولية ألقتها الأخلاق على)( 692ــألة كاهله، لا أن الله معني بأن يصدر حكما شرعيا متناظرا مع الحكم الأخلاقي. والمس هنا أن سكوت اللــه الشــارع في هــذه المــوارد يعــني مجــرد عـدم وجــود حكم إلـزامي شرعي في هذه الموارد، وليس بمعنى عــدم وجــود الحكم الأخلاقي الملــزم. إن أصــل

إن المكلف غير مسؤول تجاه الحكم»البراءة أو قاعدة قبح العقاب بلا بيان إنما تقول: إن المكلــف». وهــذا الأصــل لا يقــول: «الإلزامي المجهول له، ولن يكون مؤاخذا بسببه

غير مسؤول عن الحكم الأخلاقي المعلوم له أيضا، إلا إذا دل الدليل النقلي على وجــودــير«حكم إلزامي شرعي في ذلك المورد ــزامي الأخلاقي غ . وحيث إن وجود الحكم الإل

مرتبط بإرادة الله الشارع فإن رفع مثل هذا الحكم لا يمكن أن يكون دائرا مدار إرادته أيضا. وعليه لا يمكن لنا أن نستنتج من سكوت الله الشـارع في هـذه المـوارد ضـرورة أن يكون ذلك العمل مباحا ومجازا على المستوى الأخلاقي أيضا. وإنما النتيجة الوحيدة المعقولة والمقبولة، التي يمكن أن نستنبطها من سكوت الشارع، هي عدم وجود حكمــه. إلا شرعي إلزامي في هذا المورد، أو إذا كان موجودا لا يكون المكلف مسؤولا تجاه أن عدم وجود الحكم الإلزامي الشرعي لا يستلزم عدم وجود الحكم الإلــزامي العقلي،ــبراءة لا يرفــع مســؤولية المكلف تجــاه الحكم الإلــزامي العقلي إذا كــان وإن أصــل ال

موجودا. إن أخلاق التقليد موضوع فصل من فصــول كتــاب آخــر لنــا، تحت عنــوان: )أخلاق)(ــ 693

دينداري(. ر عن حقوقه الطبيعية، بمعنى أن هــذه الحقــوق)(ــ 694 كما ذكرنا فإن حقوق الإنسان تعب

هي من قبيــل: الصــفات الطبيعيــة للأشــياء الماديــة. إن بإمكــان اللــه أن لا يخلــقــبي الهيدروجين أو الذهب، ولكن لا يمكنه أن يخلق الهيدروجين ويسلب عنه ميله التركي بالأوكسيجين، أو أن يخلق الذهب ويسلب عنه عدم ميله التركيبي بالأوكسيجين؛ إذ في هذه الصورة لن يكون الــذهب ذهبــا، ولا الهيــدروجين هــو الهيــدروجين. أشــكر الأســتاذ

مصطفى ملكيان على طرحه لهذا الاستدلال.

؛151 ـ 150،ــ 45، كيــان: «در بــاب تــزاحم»انظــر في هــذا الشــأن: المنتظــري، )(ــ 695. 33 ـ 24، 49، كيان: «گويا وراهگشافقه »موحدي ساوجي،

بطبيعة الحال فإنه على أساس النتائج العامة والفوائد الخاصة لا يكون هذا الكلام)(ـ 696 صحيحا؛ فــإن عــدم تنــاغم النـــزعة الاســتنتاجية والنـــزعة المصــلحية مــع هــذا الشــهود الأخلاقي من الأمــور الــتي يســتثمرها الوظيفيــون في نقــد الاســتنتاجيين. مــع الشــكر

الجزيل للأستاذ مصطفى ملكيان على التذكير بهذه المسألة. ن أجل� ذل�ــك كتبنــا على بن�ي﴿وهذا الادعاء موافق لمضمون الآية الشريفة: )(ــ 697 م�

ــل اد ف�ي الأرض� فكأنمــا قت إ�سرائ�يل أنه من قتل نفسا ب�غير� نفس أو فســيعــا... يعا ومن أحياهــا فكأنمــا أحيــا الناس جم� (. ولا32 )المائــدة: ﴾الناس جم�

يستثنى من هذا الحكم الأخلاقي غير حالة الدفاع عن النفس. فلو هاجم شخص شخصا بريئا، وتوقف دفع المجرم على قتلــه، جــاز قتلــه من الناحيــة الأخلاقيــة. وأمــا إذا أمكن دفعه بغير القتل كــان قتلــه ممنوعــا من الناحيــة الأخلاقيــة. وكمــا ســنرى في الفصــولــة القادمة فإن أصل المقابلة بالمثل يتناغم مع أصل العدالة بوصــفها أس القيم الأخلاقي الاجتماعيــة في حــدها الأدنى. وعلى هــذا الأســاس على الشــخص أن لا يتجــاوز حــدود العدالة، حتى إذا كان في مقام الدفاع عن النفس. وإن العدوان لا يصلح مسوغا للظلم

يا أيها الذ�ين آمنوا كونوا﴿من الناحية الأخلاقية. قال الله تعالى في القرآن الكريم: نآن قــوم على أن لا تعــد�لوا ر�منكم شــ سط� ولا يجــ ين لله� شهداء ب�الق� ام� قو

ــون ــير ب�مــا تعمل ــدة:﴾اعد�لوا هو أقرب ل�لتقوى واتقوا الله إ�ن الله خب� )المائ8 .)

سوف نشرح جوهر الأخلاق الديمقراطية في كتاب )أخلاق دينداري(. وسوف نرى)(ـ 698 هناك أن الديمقراطية لا تعني مجرد حكم الأغلبية، أو حكم الشــعب من قبــل الشــعب،ل الشرط الضروري للديمقراطية، إلا أنــه لا يحقق وأن مجرد رأي الأكثرية وإن كان يمث

الديمقراطية. ربما كان التعبير الأصح أن نقول: إن إزعاج الآخرين من حيث هو هو وفي حد ذاته)( 699

خاطئ أو غير صحيح من الناحية الأخلاقية، بــل هــو غــير صــحيح إذا لم يكن ضــروريا أو منافيا للعدالة؛ وأما إذا كان ضروريا وعادلا فهو صــحيح. مــع الشــكر للأســتاذ مصــطفى

ملكيان على تذكيره بهذه المسألة. بغض النظر عن عدم وجود حق للفرد والمجتمع أو النظــام أو الأقليــة أو الأكثريــة)(ــ 700

في الانزعاج، فحتى لو كان لهم مثل هذا الحق فــإن هــذا الحــق لا يســتتبع تكليفــا علىــل يمكن المجتمع أو الفرد أو الأكثرية أو الأقلية؛ لأن الحق لا يستلزم التكليف دائما. فه

نــي»لأحدنا أن يقول للآخر مثلا: ، أو«إن من حقي أن أكون محبوبا فيجب عليــك أن تحب«إن من حقي أن أتزوج فيجب عليك أن تقبلي بي زوجـا لك»أن يقول لفتاة: . وأساســا

إن استلزام الحق للتكليف يتوقف على شروط، ولا يمكنه أن يكون حكما مطلقــا. وفي فلسفة الحقوق الحديثة هناك في الحد الأدنى أربعة أنواع من الحقوق، وليس من بينها

ما يستلزم التكليف سوى نوع واحد منها فقط. )لمزيد من التوضيح انظر: - Wenar, L. (2007(, «Rights», The Stanford Encyclopedia of Philosophy, http: // plato. stanford. edu/entries/rights/#1.

مع الشكر الجزيل للأستاذ مصطفى ملكيان على توضيح هذه المسألة. ، وذلــك في: أخلاق خــدايان:«آزادي چون روشن»انظر في هذا الشأن: سروش، )(ــ 701

. 39 ـ 11، وذلك في: أخلاق خدايان: «أخلاق خدايان»؛ سروش، 91 ـ 69 على الرغم من أن الأصوليين ـ وهم جماعة خاصة من علمــاء الشــيعة ـــ يــذهبون)(ــ 702

إلى القول بأن للأحكام الشرعية ملاكات ومعايير عقلية، ولكنهم يدعون أيضا بــأن هــذه الملاكات والمعايير عبارة عن مصــالح ومفاســد غيبيــة ليســت بمتنــاول العقـل العــرفي للبشر، ولذلك لا يمكن لنا أن نكتشف حكم الشرع من طريق الحكم العقلي الأخلاقي.

،315: «نظريــة تكامــل المعرفــة الدينية» سروش، قبض وبسط تئوريــك شــريعت )(703صراط. فرهنگيطهران، مؤسسه

، تحقيــق: الســيد موســى الشــبيري11 ـ 10)( أحمد بن علي النجاشي، الفهرست: 704هـ. 1429، 9الزنجاني، مؤسسة النشر الإسلامي، ط

. 276)( ابن النديم، الفهرست: 705ــومي، ط59)( محمد بن الحسن الطوسي، الفهرست: 706 ،3، تحقيق: الشيخ جواد القي

هـ. 1429. 12)( النجاشي، الفهرست: 707سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قــرن نخســتين708 )( السيد حسين المدر

،1، ترجمــة: ســيد علي قــرائي، رســول جعفريــان، نشــر مــؤرخ، ط164هجــري: هـ.ش. 1386

،2، مركــز الغــدير، ط143)( الشيخ عبد الهادي الفضلي، تأريخ التشريع الإســلامي: 709هـ. 1432

ــد[ من الأصــول على710 سي الطباطبائي عنوان الكتــاب: كتــاب ]يع )( ذكر السيد المدرمذاهب الإمامية. ولكن النسخة المتوفرة من كتاب ابن النديم بدون ما بين ][.

وما بعدها. 258)( الطوسي، الفهرست: 711. 259؛ الطوسي، الفهرست: 433)( النجاشي، الفهرست: 712 ؛ الشــيخ فاضــل القــائيني، علم65)( محمد باقر الصدر، المعالم الجديــدة للأصــول: 713

هـــ،1399،ــ 1، دار الزهراء للطباعــة والنشــر والتوزيــع، ط72الأصول: تاريخا وتطورا: ، مؤسســة النشــر الإســلامي14الشيخ محمد مهدي الآصفي، مقدمة أصــول المظفــر:

سين بقم، ط هـ؛ الشيخ عباس الزارعي، مقدمـة أصـول1430،ـ 5التابعة لجماعة المدر ، مؤسسه بوستان الكتاب )منشورات مكتب الإعلام الإسلامي في الحوزة10المظفر:

، دار151:ــ 3هـــ؛ الســيد صــادق الشــيرازي، بيــان الأصــول 1429،ــ 5العلمية بقم(، ط هـ؛ الشيخ محمد رضا الأنصاري، مقدمة العدة في أصــول الفقــه:1427،ــ 2الأنصار، ط

هـ؛ السيد محمد جــواد العلــوي الطباطبــائي،1432،ــ 1، مؤسسه بوستان كتاب، ط66 هــ؛1412،ـ 1، أنصــاريان، ط141:ـ 1مدخل الحاشية على الكفاية للســيد الـبروجردي

، مؤسســة13:ــ 1الشيخ جعفــر الســبحاني، تقــديم منــاهج الوصــول إلى علم الأصــول هـــ؛ الشــيخ علي آل كاشــف الغطــاء،1415،ــ 1تنظيم ونشر تراث الإمام الخميــني، ط

هـ، الشيخ محمــد1381،ــ 1، مطبعة النجف، ط107:ــ 1النور الساطع في الفقه النافع رة ،3، مجمــع الفكــر الإســلامي، ط57:ــ 1علي الأنصاري، الموســوعة الفقهيــة الميســ

هـــ؛ محمــد رضــا1405،ــ 2، ط68هـ؛ الشيخ عبد اللــه نعمــة، هشــام بن الحكم: 1424هـ.ش. 1393، 1، مؤسسه بوستان كتاب، ط73: 1ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه

ــيعة 714 ــان الش ــن الأمين، أعي ــ 1)( محس ــن الأمين، دار137: ــريج: حس ــق وتخ ، تحقيالتعارف للمطبوعات.

ــدم إلى9)( الفضلي، الشيخ المفيد: مؤسس المدرسة الأصولية الإمامية: 715 ، بحث مقهـ. 1413رئاسة مؤتمر ألفية الشيخ المفيد سنة

سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 716 . 330)( المدر )( بمراجعة فهرست الشيخ الطوسي المطبوع والمتداول يذكر الطوسي لهشــام بن717

ــت: ــاف )الفهرس ــاظ؛ والألط ــابين: الألف ــي259الحكم الكت ــيد المدرس ــل الس (. ولعالطباطبائي اعتمد على نسخة أخرى لم يذكر فيها سوى )كتاب الألطاف(.

سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 718 . 330)( المدر. 224)( ابن النديم، الفهرست: 719. 259؛ الطوسي، الفهرست: 433)( النجاشي، الفهرست: 720سي الطباطبائي، ميراث مكتوب شيعه أز سه قرن نخستين هجري: 721 . 331)( المدر وما بعدها. 446)( النجاشي، الفهرست: 722. 266)( الطوسي، الفهرست: 723 ، تحقيــق: الســيد مرتضــى الميرســجادي، مؤسســة327)( الشيعة وفنون الإســلام: 724

هـ. 1427، 1السبطين، ط ، انتشــارات41)( أصــول الاســتنباط في أصــول الفقــه وتاريخــه بأســلوب حــديث: 725

هـ. 1417، 4محلاتي، طخ16:ـ 1)( تقديم كتــاب الإشـارات والتنبيهـات في شــرح أصـول الفقــه 726 ، دار المــؤر

هـ. 1418، 1العربي، ط، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم، ط6: 1)( تحرير الأصول 727هـ. 1430، 1

هـ. 1424، 2، نشر حديث دل، ط10: 1)( زبدة الأصول 728. 328)( الشيعة وفنون الإسلام: 729

. 329: 5؛ 137: 1)( أعيان الشيعة 730 46)( لاحظ: الشــيخ حيــدر حب اللــه، نظريــة الســنة في الفكــر الإمــامي الشــيعية: 731

م. 2006، 1)الهامش(، دار الانتشار العربي، ط. 153)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 732 ، مطبعـة مصــطفى البــابي الحلــبي11)( أحمد محمد شاكر، تقديم تحقيق الرسالة: 733

هـ. 1357، 1وأولاده بمصر، ط. 157)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 734هـ.165: 4)( لاحظ: ابن خلكان، وفيات الأعيان 735

ـةـ، وأرســلها إلى وقد ذهب عبد الغني الدقر إلى أن الشافعي كتب )الرسالة( وهــو بمك(. 119عبد الرحمان المهدي في بغداد )لاحظ: الإمام الشافعي فقيه السنة الأكبر:

. 157)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 736. 165: 4)( ابن خلكان، وفيات الأعيان 737.153)( فخر الدين الرازي، مناقب الشافعي: 738 ؛201هـ؛ المقدمة: 1414،ـ 1، دار الكتبي، ط18)( البحر المحيط في أصول الفقه: 739

، تحقيــق: الــدكتور محمــد حســن هيتــو، دار الفكــر610المنخول من تعليقات الأصول: ــ 3المعاصر، ط ؛ الواضــح في علم116هـ؛ الإمام الشافعي فقيه السنة الأكــبر: 1419،

،16هـــ؛ الوجــيز في أصــول الفقــه: 1404،ــ 2، الــدار الســلفية، ط13أصــول الفقــه: ؛ شــرح الأصــول من8، الــدعوة الإســلامية، ط17مؤسسة قرطبة؛ علم أصول الفقــه:

، اعتنى به وعلق عليه: نشأت بن كمال المصري، دار البصيرة؛ تقديم35علم الأصول: . 13الرسالة:

، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، دار الصادر. 382: 6)( ابن خلكان، وفيات الأعيان 740 ومــا بعــدها، تقــديم: محمــد حلمي عبــد344)( تمهيــد لتــاريخ الفلســفة الإســلامية: 741

م. 2011الوهاب، مكتبة الإسكندرية، ،1 لإحيــاء الــتراث، ط^، تحقيــق: مؤسســة آل الــبيت14)( تقــديم وقايــة الأذهــان: 742

هـ. 1413. 258 ـ 257)( ابن النديم، الفهرست: 743)( المصدر نفسه. 744ــل، نقلا عن: الشــيخ محمــد745 )( جلال الــدين الســيوطي، الوســائل إلى معرفــة الأوائ

، انتشــارات أمــير كبــير،223:ــ 1إبــراهيم الجنــاتي، تطــور اجتهــاد در حــوزه اســتنباط هـ.ش. 1386

، نشـر لجنـة إحيــاء المعـارف3:ـ 1)( أبو الوفا الأفغاني، تقديم أصـول السرخسـي، 746النعمانية، حيدر أباد الركن.

. 266)( الطوسي، الفهرست: 747. 7)( الرسالة: 748 وغيرها. 20، 16، 14، 7)( لاحظ مثلا: الصفحات: 749. 12)( مقدمة التحقيق: 750 وما بعدها.176، 147، 17)( الرسالة: 751. 226)( النجاشي، الفهرست: 752. 327)( المصدر السابق: 753. 98)( الطوسي، الفهرست: 754. 34)( النجاشي، الفهرست: 755 وما بعــدها، تحقيــق: الشــيخ مهــدي نجــف، دار42)( المفيد، التذكرة بأصول الفقه: 756

هـ. 1414، 2المفيد، ط ومــا بعــدها، تحقيــق: مجموعــة من299)( المرتضى، الذريعة إلى أصول الشريعة: 757

هـ. 1433، 1المحققين بإشراف الشيخ جعفر السبحاني، ط وما بعدها. 517)( الطوسي، العدة في أصول الفقه: 758. 449)( النجاشي، الفهرست: 759. 449؛ النجاشي، الفهرست: 79)( ابن النديم، الفهرست: 760. 449)( النجاشي، الفهرست: 761. 82: 1)( ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه 762م. 1998، 1، مكتبة لبنان ناشرون، ط3)( مقدمة تحقيق كتاب الألفاظ: 763. 55)( ابن النديم، الفهرست: 764

. 61)( المصدر السابق: 765. 65)( المصدر السابق: 766. 87)( المصدر السابق: 767. 449)( النجاشي، الفهرست: 768. 79)( ابن النديم، الفهرست: 769 ، تحقيــق:202)( محمد بن الحسن الزبيدي الأندلسي، طبقات النحــويين واللغــوين: 770

. 2محمد أبو الفضل إبراهيم، دار المعارف، طــاه: 771 ، تحقيــق:7)( إبراهيم بن أبي محمد يحيى اليزيدي، ما اتفق لفظه واختلــف معن

هـ1407، 1عبد الرحمان بن سليمان العثيمين، ط. 82)( ضميري، دانشنامه أصوليان شيعه: 772. 31؛ النجاشي، الفهرست: 49)( راجع: الطوسي، الفهرست: 773. 32)( النجاشي، الفهرست: 774. 49)( الطوسي، الفهرست: 775. 225)( ابن النديم، الفهرست: 776. 32)( النجاشي، الفهرست: 777. 49)( الطوسي، الفهرست: 778. 50)( المصدر السابق: 779. 225)( ابن النديم، الفهرست: 780. 225)( المصدر السابق: 781. 49)( الطوسي، الفهرست: 782. 76)( راجع: النجاشي، الفهرست: 783. 63)( الطوسي، الفهرست: 784. 177)( النجاشي، الفهرست: 785. 162)( المصدر السابق: 786. 265)( المصدر السابق: 787. 266)( المصدر السابق: 788. 265)( المصدر السابق: 789. 268)( المصدر السابق: 790. 266)( المصدر السابق: 791. 384)( المصدر السابق: 792. 384)( المصدر السابق: 793. 277)( الطوسي، الفهرست: 794. 392)( النجاشي، الفهرست: 795. 63)( المصدر السابق: 796)( المصدر نفسه. 797)( المصدر نفسه. 798)( المصدر نفسه. 799. 220)( المصدر السابق: 800. 358: 8)( أحمد باكتجي، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 801 ، طبعــة مؤسســة النشــر الإســلامي التابعــة لجامعــة220)( النجاشــي، الفهرســت: 802

سين بقم. المدر. 260)( المصدر السابق: 803. 379)( النجاشي، الفهرست: 804. 228)( الطوسي، الفهرست: 805. 113)( محمد باقر الصدر، المعالم الجديدة للأصول: 806 )أصول فقه(. 357 ـ 356: 8)( أحمد باكتجي، دائرة المعارف الإسلامية الكبرى 807 ، ســازمان مطالعــه وتــدوين كتب320)( د. أبو القاسم كرجي، تاريخ فقه وفقهــاء،: 808

هـ.ش. 1388، 10 )سمت(، طدانشگاههاعلوم إنساني . 177)( جمال الدين البدري، الاحزاب الدينية الإسرائيلية، النشأة والتطور: 809. 15)( روجيه جارودي، الأصوليات المعاصرة: 810. 137ول ويليم، الأديان في علم الاجتماع: پ)( جان 811

)( أبو بكر ناجي، إدارة التوحش. 812. 201: 16)( مسند أحمد بن حنبل 813. 202: 16)( المصدر السابق 814. 250: 4)( البيهقي، دلائل النبوة 815.485: 7)( مسند أحمد بن حنبل 816. 129: 11)( المصدر السابق 817. 11)( زينو، موسوعة الأديان الحية: 818. 152)( الذهبي، التفسير والمفسرون: 819

. 144: 1انظر: محمد أديب صالح، تفسير النصوص في الفقه الإسلامي )( يمكن التحقق من ذلك باستعراض تفاسير )راديكالية(، مثــل: )في ظلال القــرآن(،820

لسيد قطب. . 56)( محمد هادي معرفت، التفسير والمفسرون: 821. 799: 2؛ سنن أبي داوود 235)( الملا علي القاري، المشكاة: 822)( قال عنه أهل العلم: إنه حديث ضعيف وغريب. 823

. 360: 1انظر: سنن الترمذي )( ابن الصلاح، مصطلح الحديث. 824ده825 )( البدعة عند أحمد ما أحدث في الدين وليس منه، وما خالف الســنة، ومــا لم يؤي

سلوك الصحابة والتابعين وأتباعهم. وهي أخطر من الكفر. فأحمد لا يرى توبة لمن دعا إلى بدعة، بينما للكافر الحق في التوبة، ويرى أن الرد على أهل البدع أعظم من جهاد

الكفار. . 117)( انظر: السبكي، جمع الجوامع: 826 241: 2)( ابن تيمية، منهاج السنة 827

. 33: 7انظر: ابن تيمية، مجموع الفتاوي . 111: 7)( موسوعة مؤلفات ابن عبد الوهاب 828. 67: 1)( الباقلاني، الإنصاف 829. رئيس الجمعية المصرية العلمية للدراسات الروحية بالقاهرة)( 830 )الإهداء(.3دراسات في عالم الروح: )( 831. 15المصدر السابق: )( 832. 32المصدر السابق: )( 833. 36 ـ 35المصدر السابق: )( 834. 44المصدر السابق: )( 835. 85المصدر السابق: )( 836. 87المصدر السابق: )( 837. 90المصدر السابق: )( 838. 91المصدر السابق: )( 839. 94المصدر السابق: )( 840. 132المصدر السابق: )( 841. 133 المصدر السابق: )(842. 137المصدر السابق: )( 843. 155المصدر السابق: )( 844ــاب141)( المصــدر الســابق: 845 ــا لكت ــد جــاءت تفاصــيل أخــرى في قراءتن ــذا، وق . ه

(، منهــا:2013، عــام 1)الباراسايكولوجي ـ القدرات الخارقة، إعــداد: يوســف علي، ط قصة الداعية الإسلامي )أحمد ديدات(، الــذي زار هــذا العــالم الســويدي، وتم اكتشــاف

هذه الألوان على جهازه. . 154دراسات في عالم الروح: )( 846. 155المصدر السابق: )( 847. 157المصدر السابق: )( 848. 163المصدر السابق: )( 849

. 177المصدر السابق: )( 850. 216المصدر السابق: )( 851. 216المصدر السابق: )( 852. 224المصدر السابق: )( 853. 224المصدر السابق: )( 854