مذكرة مقرر سلم 501

حقوق اإلنسان

-2 -

بسم هللا الرحمن الــرحــــــيم

مفردات المقرر األسبوع

األول

.قضية حقوق اإلنسان وتشريعاتها: الوحدة األولى .القرارات الدولية املتعلقة حبقوق اإلنسان: أوال .اإلعالن العاملي وتأسيس الشرعة الدولية حلقوق اإلنسان: ثانيا

الثاين

.فلسفة حقوق اإلنسان والمفاهيم الدينية: الوحدة الثانية .اجتاهات الناس يف النظر إىل حقوق اإلنسان املعاصرة

.خصوصية التعاليم اإلسالمية ومدى قدرهتا على االندماج مع القانون الدويل .خصائص حقوق اإلنسان يف اإلسالم

حق الحياة: الوحدة الثالثة الثالث

(.اإلنسان بين المساواة والتمييز)حق المساواة : الوحدة الرابعة الرابع

(.المساواة بين الرجل والمرأة)حق المساواة : الوحدة الخامسة اخلامس

السادس .حق الحرية: الوحدة السادسة

.حرية االعتقاد وممارسة الشعائر الدينية

السابع .حق الحرية: الوحدة السادسة

.تعبيرحرية الرأي وال .حرمة الحياة الخاصة

الثامن امتحان الفترة األولى

التاسع .الوحدة السابعة

.عدالة القضاء: أوال .عدالة القانون: ثانيا

العاشر .الحقوق االقتصادية: الوحدة الثامنة حق امللكية حق العمل

احلادي عشر

.الحقوق االجتماعية: الوحدة التاسعة احلقوق الزوجية

-3 -

عشرالثاين .الحقوق االجتماعية: الوحدة التاسعة (تكملة)احلقوق الزوجية حقوق الطفل

الثالث عشر .الحقوق االجتماعية: الوحدة التاسعة

.حق الضمان والرعاية االجتماعية .حق التعليم

امتحان الفرتة الثانية الرابع عشر

-4 -

المقدمة( )

عوذ باهلل من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده اهلل فال إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره، ون

مضل له، ومن يضلل فال هادي له، وأشهد أال إله إال اهلل وحده ال شريك له، وأشهد أن حممدا عبده ورسوله، أما

:بعد

وتشريعاته شاء اهلل أن جيعل اإلسالم خامت األديان، ومما متيز به هذا الدين ذلكم الشمول الباهر يف عقائده

. لقد أصبحا الفتا لألنظار ذلكم التناغم يف هذا الدين، وحتديدها ضروريات احلياة وحاجياتها. وآدابه وأخالقه

تركنا رسول الله : "أبو ذركل ذلك جاء مدعوما بالنصوص املقدسة من الكتاب والسنة، حتى قال الصحابي

"ائر يطري بجناحيه إلا عندنا منه علمصلى الله عليه وسلم وما ط( )

.

بقراءة يسرية لنصوص القرآن الكريم والسنة املطهرة سيتبني لك بعد ذلك تلك القيم اإلنسانية الرفيعة من

ن يأتي م: "املفلسالعدل واإلنصاف والرمحة وإحقاق احلقوق لنيب اإلنسان، حتى أخرب النيب الكريم أصحابه بأن

يوم القيامة بصالته وصيامه وزكاته ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ،

وضرب هذا ، فيقعد فيقتص هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، فإن فنيت حسناته قبل أن يقتص ما عليه من

"اهم فطرح عليه ، ثم طرح يف الناراخلطايا أخذ من خطاي( )

، مل جيعل اهلل بدا (اإلنسان، البشر)فحقوق العباد .

وذلك لكونه مال من . ، حتى أن الشهيد يغفر له كل شيء الدين(إال أن يشاء اهلل)إال أن يحاسب عليها صاحبها

دعوة المظلوم، وإن كان كافرا، فإنه "ن بأن نتقي دعوته وروي يف اآلثار النبوية صيانة لظلم اإلنسا .أموال الناس

"ليس دونها حجاب( )

.

هذه املفاهيم اإلنسانية املنوعة اليت جاء بها اإلسالم أصبحت ميدانا خصبا للطبيق العلمي يف حياة املسلمني

األمر الذي حتى شهد املؤرخون بذلك، . كانوا يعيشون بينهمبني بعضهم بعضها، أو بينهم وبني غري املسلمني الذين

ال يستطيع إخفاء -املعروف بطعنه يف عدد من الشرائع اإلسالمية-" جول تسيهر"جعل املستشرق اليهودي

وروح التسامح يف اإلسالم قدميا، تلك الروح اليت اعرتف بها املسيحيون : )إعجابه مبنج اإلسالم، حيث يقول

وقد جاءت األخبار عن السنني ،2٥٢: البقرة ﴾لا إكراه في الدين ﴿: يضا، كان هلا أصلها يف القرآناملعاصرون أ

العشر األوىل لإلسالم مبثل للتسامح الديين للخلفاء إزاء أهل األديان القدمية، وكثريا ما كانوا يوصون يف

فاحلق أن األمم مل ): " غوستاف لوبون"ا املستشرق الفرنسي وقاهلا أيض (٥)...(وصاياهم للفاحتني بالتعاليم احلكيمة

.(٢)(تعرف فاحتني رامحني متساحمني مثل العرب وال دينا مسحا مثل دينهم

خالد الشنيرب. د: كتب هذه املذكرة( )

Khaled4288@gmail.com

(.٢٥)صحيح ابن حبان ( 2)

(.2 24)سنن الرتمذي ( 3)

.الرسالة. ط( 2٥41 )مسند أمحد ( 4)

. 4 ص جول تسيهرالعقيدة والشريعة يف اإلسالم، ( 1) .401حضارة العرب، غوستاف لوبون، ص( 4)

-٥ -

وليست هذه الشهادات مما يثبت لنا علو اإلسالم، بل هذا األمر باد بوضوح يف إمجال تشريعاته، واليت جاءت

.نسان، وهو أعلم مبا يصلح أمر العبادحبقوق اإلنسان اليت أرادها خالق اإل

:حقوق اإلنسان والعناية الدولية املعاصرة

ال ميكننا أن نتاجهل ذلك التحول الفكري يف مفاهيم حقوق اإلنسان، ويف نفس الوقت ال ميكن أن نقف

رف أحيانا عن عند ألفاظ سبق اإلسالم يف ذلك، مع كون التطبيق الواقعي يف العامل يف تأصيل هذه املفاهيم ينح

. لذا من اهلام يف هذه املرحلة العناية بأمر املصطلح ومعناه العميق وبعده الثقايف. املعنى الذي يؤمن به دين اإلسالم

لكن معنى املصطلح تطبيقيا . فاإلسالم ال يعطي مساحة ال نهائية للحرية، وهو األمر نفسه يف الثقافة الغربية أيضا

ومفهوم املساواة التامة أمر مل يأت به اإلسالم متاما ومل . وني العاملي هو األقوى ثقافيامن حيدده على املستوى القان

من هنا من اهلام هنا أال نذهب يف . يرفضه أيضا، حيث أنها يبقى مصطلحا فلسفيا حيدد املراد به الثقافة السائدة

ق اإلسالم نظريا، وتطبيقيا نطبق ثقافة جدل سبق اإلسالم أو غريه ملفهوم من املفاهيم، األهم من ذلك أن نثبت سب

. ليست إسالمية يف حقوق اإلنسان

من هنا تأت أهمية حترير املفاهيم القانونية الدولية يف هذا األمر،حيث أصبحت قانونا عامليا، وحماولة

.التفكيك ملعانيها، ومآالت ذلك األمر

غة األهمية، ويظهر ذلك واضحا يف كثرة حتتل حقوق اإلنسان يف القوانني الدولية املعاصرة مسألة بال

.االتفاقيات الدولية حول هذا املوضوع، وتشريع القوانني الرقابية حوله

وخالل القرن السابق املليء باألحداث الدامية من احلروب العاملية وغريها؛ ظهرت دعوات بني عدد من الدول

.هيئة األمم املتحدةالغربية إلظهار مبادئ السالم يف العامل، وعلى إثرها ظهرت

وتفرع عنها عدد من املنظمات الرافعة لشعار حقوق اإلنسان، مصدرة ، وتطورت أعمال هذه املنظمة الدولية

اإلعالن العاملي : العديد من القرارات اليت ختص الدول والشعوب، وكان أحد أهم هذه القرارات ما يطلق عليه

.( )حلقوق اإلنسان

بة القانون العاملي الشريف حلقوق اإلنسان، وتزامن معه انتشار ثقافة حقوق اإلنسان لقد جاء هذا اإلعالن مبثا

.بني الدول

، بني األديان واألنظمة القانونية الدولية يف حقوق اإلنسان وقد جيهل البعض أن هناك إشكاال يف املنطلقات

حكام األديان اليت يرى فيها حيث أن القانون الدولي قانون بشري علماني وقابل للتغيري، خبالف نصوص وأ

ومع ذلك قد ال ننتبه إىل أن هذا يعد فارقا جوهريا، إذ أن منبع احلقوق . املتمسك من أتباعها أنها غري قابلة للتغيري

خمتلف، فمن الصعوبة املواءمة التامة بني التشريعات الدينية واألنظمة القانونية اإلنسانية، لعدم مراعاة هذه

.الدينية األخرية للمطالب

ولذا جند أنه يف اجلانب اآلخر هناك اجتاه علماني يهاجم النصوص املقدسة عند أتباع األديان الثالثة، ويرى

.142 ديسمرب /كانون األول 1 املؤرخ يف ( 3-د)ألف 2 2امة اعتمد مبوجب قرار اجلمعية الع( )

:، وهذا هو رابط اإلعالن يف املوقع"األمم املتحدة"انظر نص القرار على موقع

http://www.un.org/arabic/aboutun/humanr.htm

-٢ -

واملشكلة تكمن يف حماولة رصد بعض . أنها ال تفي بقضايا حقوق اإلنسان، وأنها مل تأت مببادئ هذه احلقوق

ال مساواة تامة بني الرجل واملرأة، ينتج من ذلك أن تلك الكتب فمادام أنه: املظاهر وتعميمها، وعلى سبيل املثال

املقدسة متتهن املرأة من كل وجه، ولذا جند هؤالء يتجاهلون مجيع الفضائل اليت قدمت للمرأة يف نصوص

.الكتب املقدسة

دين معني، إذ هي وال بد هنا من اإلشارة إىل أن معايري حقوق اإلنسان املعاصرة إمنا هي معايري ال تستند إىل

مثرة من مثار احلضارة الغربية، واليت استطاعة أن تعمم مبادئها حول احلقوق على دول العامل، مستغلة يف هذا

كل ما متلكه من إمكانات، وقد جنحت يف إكساب مفاهيم حقوق اإلنسان الصبغة الغربية، وجعل هذه

أحيان ليست بالقليلة إىل اهلجوم على مفاهيم وثقافات الصبغة حاكما مهيمنا يف حتديدي احلقوق، مما يؤدي يف

وأديان الشعوب اليت رمبا خالفت النموذج الغربي، والذي استطاع بقوته الفكرية والسياسية واالقتصادية أن جيرب

. الثقافات املخالفة على السري خلفه، ووجدت تلك الثقافات نفسها مضطرة إىل الرضوخ هلذه احلضارة

وإن اتفقت الشعوب بطبيعتها -حكم عام أن هذا األمر من حقوق اإلنسان يعد أمرا معيارا إذا فإعطاء

.قد ختتلف فيه األنظمة الدولية واحلضارات واألديان -اإلنسانية على كثري من احلقوق

-2 -

وتشريعاتها قضية حقوق اإلنسان :الوحدة األولى

القرارات الدولية المتعلقة بحقوق اإلنسان: أوال

:تاريخية لحقوق اإلنساننظرة

البد أن نعلم أن فكرة حقوق اإلنسان ليست وليدة اليوم يف اجملتمعات الغربية، بل كانت هناك حماوالت

. ( )غربية قدمية لصياغة قوانني حتمي الشعوب من الظلم والطغيان

وروبا، وذلك عندما كانت البداية األوىل للتحرر من الطغيان يف أ -مطلع القرن الثالث عشر- ففي إجنلرتا

م، وصدرت عقب الثورة وثيقة احلقوق أو احلريات، ثم توالت القرارات ٥ 2 : ثار الشعب الربيطاني على امللك عام

.م٢22 : عريضة احلقوق أو التماس احلقوق عام: يف ذلك، ومنها

هابياس "بقانون م، ما يسمى بقانون احلرية الشخصية، أو ما يسمى ٢21 ثم صدر يف إجنلرتا أيضا يف عام

م، صدر قرار ٢21 ويف عام . ضد تعسف السلطات آنذاك، وكان نقلة مهمة يف تاريخ حقوق اإلنسان" كوربوس

.آخر بعدم أحقية امللك يف التفرد بالسلطة

، الصادر "إعالن فرجينيا"فقد تضمن إعالنها لالستقالل أو ما يسمى بـ : وأما الواليات املتحدة األمريكية

، الدعوة إىل مبدأ املساواة بني الناس وإشاعة احلرية واحلق يف التمتع باحلياة، وأن يكون الشعب م22٢ : عام

وهكذا استمر . مصدر السلطة، وكانت هذه هي املرة األوىل اليت تتم فيها الدعوة إىل هذه املطالب بصفة صرحية

.م 21 : ألمريكية عامالتطور يف هذا األمر حتى صادق الكوجنرس األمريكي على وثيقة احلقوق ا

، أحد أبرز األحداث اليت ساعدت على انتشار مفهوم 221 : املندلعة عام أصبحت الثورة الفرنسية: ويف فرنسا

حقوق اإلنسان يف الغرب، حيث صدر إعالن حقوق اإلنسان واملواطن، والذي حتدث عن حقوق اإلنسان بشكل

ا صدر يف بريطانيا أو الواليات املتحدة، ويظهر ذلك يف تركيزه على حقوق اإلنسان أكثر دقة ومشولية مم

.(2)عموما، وليس حقوق الفرنسي فقط

وهذه احملاوالت حلماية حقوق اإلنسان يف البالد الغربية كانت تعاني من الصراعات واحلروب، وكانت تلك

ونتيجة لذلك فقد توصلت بعض دول . قوق اإلنسانالدول تسعى لوضع اتفاقيات أو معاهدات حول بعض قضايا ح

اللجنة الدولية للصليب : أوروبا الوسطى إىل اتفاقية جنيف لضحايا الصراع املسلح، واليت عرفت فيما بعد باسم

. األمحر

وتبلورت هذه . م توصلت بعض الدول األوروبية إىل معاهدة عامة يف وضع نهاية لتجارة الرقيق221 ويف عام

حيث اعتربت الرق عمال خارجا عن (قبل إنشاء منظمة األمم املتحدة) أكثر يف زمن عصبة األمم املتحدة القضية

.القانون، بل ودعت حلماية حقوق األقليات والعمال

:( )حقوق اإلنسان في ظل منظمة األمم المتحدة

مكتب اإلعالم يف : اإلنسان، إصدار األمم املتحدة وحقوق: ، وراجع1 حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، صاحل الراجحي، ص( )

. 1٢، حقوق اإلنسان دراسة مقارنة، رمضان بن زير، ص٥ األمم املتحدة، ص

.وما بعدها 2، صتاريخ إعالن حقوق اإلنسان، ألبري باييه: للتوسع راجع( 2)

مكتب : وما بعدها، األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، إصدار 22االتفاقيات الدولية حلقوق اإلنسان، وائل أمحد عالم، ص: راجع( 3)

=

-2 -

لعاملية الثانية، اجته احللفاء يف هذه احلرب إىل إنشاء نظرا ملا حدث من أهوال وجرائم صاحبت احلرب ا

.منظمة األمم املتحدة

كما انبثق عن أجهزة األمم . لقد تكلم ميثاق األمم املتحدة عن حقوق اإلنسان يف ديباجته وست من مواده

تفاقيات تكون وهذه اإلعالنات واال. حول حقوق اإلنسان ( )املتحدة عدد من القرارات واإلعالنات واالتفاقيات

.(2)شاملة لكل حلقوق اإلنسان، أو تكون يف جزئية من جزئيات حقوق اإلنسان

م، والعهد الدولي للحقوق االقتصادية 142 : اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان عام: فمن األمور الشاملة

وسيأتي . م1٢٢ : ، عامم، والعهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية1٢٢ : واالجتماعية والثقافية عام

.قريباتفصيل الكالم حوهلا

: وأما اإلعالنات واالتفاقيات اجلزئية، فهي ختتص بإنسان معني، أو حبق حمدد، ومن ذلك

.م1٢3 إعالن األمم املتحدة للقضاء على مجيع أشكال التمييز العنصري عام -

.م1٢٥ لعنصري عام ثم صدرت االتفاقية الدولية للقضاء على مجيع أشكال التمييز ا

اتفاقية القضاء على : كما صدرت اتفاقية خاصة وهي. م1٢2 إعالن القضاء على التمييز ضد املرأة عام -

.م121 مجيع أشكال التمييز ضد املرأة عام

.(3)وهكذا تستمر االتفاقيات واإلعالنات اخلاصة يف موضوع من مواضيع حقوق اإلنسان

الدولية لحقوق اإلنسان س الشرعةاإلعالن العالمي وتأسي: ثانيا

احلديث عن اإلعالن العاملي هو حديث عن أحد أهم القرارات الدولية، اليت أصبحت أساسا للشرعة الدولية

ومع أن هناك اتفاقيات سابقة يف هذا اجملال إال أنها تعترب جزئية يف موضوع معني، أو أنها ليس هلا . حلقوق اإلنسان

.القيمة املعتربة جدا، كما هو اإلعالن العاملي تلك

:الشرعة الدولية حلقوق اإلنسان، تتمثل فيما يلي

.اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان -

=

.وما بعدها ٥ اإلعالم يف األمم املتحدة، ص

خيتلف اإلعالن عن االتفاقية أو العهد، فاإلعالن يصدر بقرار من أحد أجهزة األمم املتحدة، وهو بهذه الصفة : اإلعالن واالتفاقية( )

وهناك الكثري من اإلعالنات اليت صدرت . ن أن يكون ملزما للدول األعضاء على النحو الذي تكون به االتفاقية ملزمةال ميك

اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان، والذي تبلور فيما بعد إىل العهدين : ومن أهمها. عن األمم املتحدة، وتبلور العديد منها إىل اتفاقيات

. 3ات الدولية يف حقوق اإلنسان، وائل عالم، صاالتفاقي: راجع. الدوليني

. 43قانون حقوق اإلنسان، الشافعي أمحد بشري، ص: راجع( 2)

الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، : الكتب اليت ذكرت نصوص هذه اإلعالنات واالتفاقيات كتاب ما طالعت من من أمشل( 3)

ومل يشمل هذا الكتاب الوثائق الصادرة عن األمم املتحدة فحسب؛ بل . شروق يف مصرحممود بسيوني، الصادر عن دار ال: لكاتبه

.مشل غالب الوثائق الدولية واإلقليمية واخلاصة

-1 -

.م1٢٢ : العهد الدولي اخلاص باحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية، عام -

م1٢٢ : العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية، عام-

:وفيما يلي تفصيل أهم عناصر الشرعة الدولية يف حقوق اإلنسان

[. : راجع ملحق رقم] ( )اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان: أوال

وكانت . م، متت صياغة اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان142 -14٢ خالل الفرتة املمتدة ما بني عامي من

نسان اليت جيب احرتامها، وذلك نتيجة للحوادث املأساوية اليت هذه الصياغة مثرة لنقاشات طويلة حول حقوق اإل

.حصلت أثناء احلرب العاملية الثانية

.ومت صياغة أول إعالن متكامل حول حقوق اإلنسان، احتوى على ديباجة وثالثني مادة

حلقوق ؛ فإن هدف اإلعالن كما جاء يف مقدمته هو أن يقدم فهما مشرتكاأما القيمة القانونية لإلعالن

وقد اعتمدت اجلمعية العامة اإلعالن العاملي . اإلنسان وحرياته األساسية املنصوص عليها يف ميثاق األمم املتحدة

وأذاعته بوصفه املستوى املشرتك الذي ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب واألمم، حتى يسعى كل فرد وهيئة يف

إىل توطيد احرتام هذه احلقوق واحلريات عن طريق -همواضعني على الدوام هذا اإلعالن نصب أعين-اجملتمع

.التعليم والرتبية

ومنذ صدور اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان وهو يشكل واحدة من أشهر الوثائق وأكثرها تأثريا على

ببنوده ومت االستشهاد. فقد أحدث تأثريا قويا يف مجيع أحناء العامل، سواء على الصعيد الدولي أو الوطين. اإلطالق

لتربير اجلهود اليت اختذتها األمم املتحدة وغريها من املنظمات الدولية، كما كان مصدر إهلام عند إعداد املواثيق

ومت االستشهاد بنصوصه داخل الدساتري . الدولية اخلاصة حبقوق اإلنسان داخل وخارج منظومة األمم املتحدة

لكنه بقي كقانون عريف وليس قانونا دوليا معتمدا بالرغم من و .الوطنية والتشريعات احمللية وأحكام احملاكم

.تأثريه البالغ

.العهدان الدوليان في حقوق اإلنسان: ثانيا

يف اليوم الذي اعتمدت فيه اجلمعية العامة اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان، وافقت على قرار طالبت فيه جلنة

إلعداد مشروع معاهدة تضفي على اإلعالن قوة قانونية، حيث أن حقوق اإلنسان باالستمرار يف إعطاء األولوية

مل يف بالغرض الذي وضع من أجله، بسبب عدم التزام أعضاء -رغم أهميته ودوره البالغ-اإلعالن العاملي

م مشروع عهد، حتول فيما بعد إىل مشروعي 1٥ وهلذا أعدت اللجنة يف عام . املنظمة الدولية به، أو احرتامها له

والثاني هو العهد الدولي للحقوق االقتصادية . عهدين، األول منهما هو العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية

م، قبل أن يصبح هلما 1٢٢ ومت التصويت وفتح باب التوقيع على هاذين العهدين يف عام . واالجتماعية والثقافية

.م1٢2 طابع اإللزام والنفاد عام

املي كان الركيزة األساسية النطالقة املعاهدتني الالحقتني، إال أن تلك املعاهدتني ورغم أن اإلعالن الع

.امتازتا عن اإلعالن بأنهما أكثر تفصيال ومشولية، ومتكنتا من تغطية كافة األمور األساسية

األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، : ، وما بعدها، وأيضا3٢االتفاقيات الدولية حلقوق اإلنسان، وائل عالم، ص: راجع: للتوسع( )

، مدخل إىل حقوق 32، حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، صاحل الراجحي، ص٢2يف األمم املتحدة، صمكتب اإلعالم : إصدار

. 2 اإلنسان، نظام عساف، ص

- 1 -

د وأما العه. ويشتمل العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية على ديباجة وثالث ومخسني مادة

.( )الدولي اخلاص باحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية، فيتكون من ديباجة وواحد وثالثني مادة

وقد شهدت جلنة حقوق اإلنسان نقاشا طويال حول احلقوق اليت جيب أن تتضمنها اتفاقية حقوق اإلنسان،

فقد ثار خالف . ة بالنسبة للحقوقوظهر خالف جوهري بني املذهبني الرأس مالي واملاركسي حول قضايا األولوي

بني الدول الغربية بزعامة الواليات املتحدة، والدول املاركسية بزعامة االحتاد السوفيييت، وسعى كل منهما

.لتكريس نظرته للقضية من زاوية فكره األيديولوجي

دف من تقرير احلقوق فالدول الغربية تعتنق املذهب الفردي الذي يقوم على تقديس حقوق الفرد، حبيث أن اهل

. هو حتقيق سعادة الفرد، وعندما تتحقق سعادة الفرد تتحقق سعادة اجملتمع، ودور احلكومة هنا يعترب فرعيا

وهلذا أكدت هذه الدول على أولوية احلقوق املدنية والسياسية، واعتربت احلقوق االجتماعية واالقتصادية جمرد

.اأمنيات، وليست حقوقا تتطلب تدخال حكومي

أما الدول املاركسية بزعامة االحتاد السوفيييت، واليت تعتنق املذهب االشرتاكي، وجيعل اجلماعة قطبا

يكون الفرد بداخله، فإنها ذهبت إىل أن املراد من هذه احلقوق هو حتقيق سعادة اجلماعة اليت ال ميكن أن

وعلى هذا رأت هذه الدول أن . بهذه احلقوق تتعارض مع سعادة الفرد، وطلبت من احلكومة التدخل لتحقيق التمتع

.األولوية ينبغي أن تعطى للحقوق االقتصادية واالجتماعية واملدنية

وبسبب هذه اخلالفات طلبت اجلمعية العامة لألمم املتحدة من جلنة حقوق اإلنسان أن تضع اتفاقيتني

.(2)حلقوق اإلنسان( عهدين)

ميزات اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان

:ال شك أن اإلعالن العاملي متيز بعدد من املميزات كما سبق، واليت تتلخص فيما يلي

".األمم املتحدة"أنه أول إعالن متكامل حلقوق اإلنسان يصدر عن أهم منظمة دولية -

اتفاق غالب دول العامل على اإلقرار ببنوده، ولذا جتد أن نصوصه تصدرت بعضا من الدساتري، كما أن -2

.ه مت نقلها واإلشارة إليها يف اتفاقيات دولية أخرىنصوص

أنه وإن مل يكن له قيمة االتفاقيات الدولية من الناحية القانونية، إال أنه أصبح عهدا شرفيا، على -3

.مجيع الدول أن تلتزم الدول به

. أنه أصبح إعالنا رمزيا يف املداوالت العاملية، ومعيارا مهما يف اإلشارة للحقوق -4

:أشهر االنتقادات املوجهة لإلعالن

فهوم املساواة التامة بني اجلنسني، واحلرية التامة، مف. غلبة املفاهيم الغربية الليربالية على صياغته -

أن أغلب : وهذه الغلبة للمفاهيم الغربية ترجع لعدة أمور، منها. وإلغاء القيود الدينية على نظام األسرة، وغري ذلك

ة واألفريقية كانت حمتلة من الدول الغربية، ومل يكن هلا وزنها يف اجملتمع الدولي، ولذا جند أن الشعوب اآلسيوي

. ٥٥- 4، 32حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، صاحل الراجحي، ص: راجع( )

. ٥2-42االتفاقيات الدولية حلقوق اإلنسان، وائل عالم، ص( 2)

- -

ويف نفس الوقت . اإلعالن مل ينص مطلقا على حق الشعوب يف تقرير املصري، وهو أحد أهم ركائز حقوق اإلنسان

لطبيعة نشأتهم ودراستهم يف الغرب، أو فإن ممثلي الدول غري الغربية كانت تسيطر عليهم املفاهيم الغربية، نظرا

. يف املؤسسات الغربية

كما مل يؤخذ يف احلسبان تلك االعرتاضات اليت قدمها االحتاد السوفيييت، واليت تتماشى مع املبادئ

الشيوعية، وال تلك االعرتاضات اليت قدمها بعض ممثلي الدول اإلسالمية، كما ذكر ممثل لسعودية أن املكلفني

ة اإلعالن اعتمدوا يف أغلب األحيان على ما يدور يف اجملتمعات الغربية املتحضرة، متجاهلني احلضارات بصياغ

لكن . بعض البنود حقا، بينما خيالفه جمتمع آخر اعتربكل جمتمع رمبا فهذا أمر جوهري، و. ( )األخرى

جاك "باحث يف حقوق اإلنسان وكما يعرب ال. السيطرة الفكرية والسياسية الغربية أدت إىل فرض مفاهيمهم

بأنه ميكن اشتقاق القائمة املعيارية حلقوق اإلنسان املنصوص عليها يف الشرعة الدولية حلقوق اإلنسان من " دونالد

املفهوم الليربالي عن الفرد والدولة، وهناك تناسب يصل إىل حد الكمال بني الليربالية والشرعة الدولية، يعكس

.(2)والضروري بينها الرتابط النظري العميق

دونالد يشري هنا إىل أمر بالغ األهمية بأن األمم وإن أرادت صيانة حقوق اإلنسان، فإن الغرب فرض و

. مفاهيمه املرتبطة بثقافته من أجل صياغة ما يكون حقا وما ال يكون حقا

احلقوق كانوا يعتربون رؤية فواضعوا هذه . ، ومن الذي حيدد احلقوقالنسبية يف مفهوم حقوق اإلنسان -2

.للرؤى املخالفة هلم، فكان احلق يف نظرهم شيئا ثابتا قاطعا هو رؤيتهم يعريون اهتماما ذا بالواحدة للحق وال

كما أن مفهوم احلقوق الطبيعية يتغري فما كان ممنوعا يف السابق ميكن أن يتحول إىل حق طبيعي ثابت

ذكر مع ذكر، أو أنثى مع ) بشكل قانوني تام نسي، وهو تكوين أسرة مثليةالشذوذ اجل :من أمثلتهالحقا،

خاصة يف احملكمة -لكن هذا األمر تبدل عند البعض . مل يكن خيطر ببال صناع القرار آنذاك( أنثنى

أنه إذ جعلت زواج الشواذ املثلي نوعا جديدا معرتفا به يف تكوين األسرة، حمتجني ب -األوروبية حلقوق اإلنسان

بينما رفضت اللجنة ! ليس يف االتفاقيات الدولية ما ينص صراحة على أن الزواج إمنا يتم بني ذكر وأنثى فقط

هذا التفسري، وأبقت على املفهوم الفطري، الذي هو قيام الزواج -داخل األمم املتحدة-املعنية حبقوق اإلنسان

اليت تنظمها األمم املتحدة تدعم مشروع االعرتاف وإن كانت مؤمترات السكان واملرأة . (3)بني رجل وامرأة

.بالشواذ، وإعطائهم ما يعطاه األسوياء

مدخل إىل حقوق اإلنسان، نظام عساف، : ، وكذا42-4٢تفاقيات الدولية حلقوق اإلنسان، وائل أمحد عالم، صاال: راجع( )

. 4 ص

.3 ، وراجع نفس املصدر ص12جاك دونللي، حقوق اإلنسان العاملية، ص( 2)

. 2/21٥القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان، حممد خليل املوسى ( 3)

- 2 -

فلسفة حقوق اإلنسان والمفاهيم الدينية: الوحدة الثانية( )

تثري مسألة معايري حقوق اإلنسان وضمانات حقوق اإلنسان جدال كبريا يف بني املواقف غري الدينية واملواقف

لنظر أن كثريا من األمم يوافقون بشكل تام أو غالب على مطالب كهذه، بل أن لفظة حقوق الالفت ل. الدينية

وأنا أظن أن ذلك حالة إجيابية يف عامل يعاني فيه بعض . اإلنسان أصبحت من األلفاظ األكثر رواجا يف العامل

.البشر من اإلهانة واالحتقار والقتل والتعذيب

، لكن يظهر اخلالف عندما نأتي لتفصيل املراد حبقوق اإلنسانهذه املسألة، حنن نرى شبه إمجاع على االهتمام ب

هذه االزدواجية جعلت . فما يراه تيار بأنه حقوق إنسان يصنفه تيار آخر بأنه إجراءات قانونية ختتص بها دولة أو أمة

( Amesbury and Newlands, 2007)طوائف دينية متعددة تتبنى أسبقيتها ومصدريتها حلقوق اإلنسان،

.النقدية داخل التيارات الدينية ويشكل ذلك جدال يف عدد من الكتابات

يف اجلانب الغربي مثال نرى عدة كتابات حتاول أن تسلط الضوء على قضية املفاهيم واالختالف حوهلا، واجلدل

,Adedey and Sharma, 2007)يف قدرة الديانة على حتقيق املبادئ اإلنسانية الصحيحة اليت يتفق عليها البشر

p. vii)

، ميكن أن اإلسالمية والعامل اإلسالمي البيئةهذه اجلدلية بال شك موجودة يف كتابات كثرية موجودة يف

:جنملها مبا يلي

:اتجاهات الناس في النظر إلى حقوق اإلنسان المعاصرة

ملعاصر، وكيف تعاملوا معه من حيث حني نسرب واقع املسلمني يف كيفية نظرهم إىل حقوق اإلنسان يف القانون ا

قبوله أو رفضه، ومن حيث موافقته للشريعة أو خمالفتها، نستطيع أن حندد أربع اجتاهات أساسية ينقسم فيها

:الناس

:االجتاه الرافض: االجتاه األول

سالم، وهو اجتاه يرفض هذه احلقوق مجلة وتفصيال، بسبب ما يرى يف بعض موادها من مصادمة ألحكام اإل

فيقف منها موقفا رافضا بشكل كامل، وترتب على ذلك عدم اهتمامه مبوضوعها وإعراضه عنها فال يرى يف

.هذه احلقوق إال اجلانب السليب املرفوض، وأن كل ما لديهم هو مصادمة للشريعة وعدوان على اإلسالم

فوجود خمالفات للشريعة ال جيوز أن وهو اجتاه خمالف ألحكام اإلسالم وأن بدا يف الظاهر متبعا للشريعة،

تكون سببا لرد ما فيها من حق، فاملسلم مييز بني احلق والباطل فيقبل ما يراه حقا ولو كان من غري املسلمني،

.ويرد ما يراه باطال ولو كان من أقرب الناس إليه

:االجتاه املستسلم: االجتاه الثاني

اه األول، قد انبهر بهذه احلقوق ورأى أنها غاية ما ميكن أن يصل إليه وهو اجتاه يقف يف الطرف املقابل لالجت

التطور البشري، فأصبح يقبلها مجيعا من دون متييز، حتى ولو خالفت أحكام اإلسالم، بل كثري منهم معرض

س لديه أساسا عن أحكام اإلسالم فال يعرف ما الذي يتفق مع اإلسالم مما خيالفه، ولو علم بوجود خمالفات فلي

خالد الشنيرب. فهد العجالن، و د. د: هذه الوحدة كال من قام بكتابة (5)

- 3 -

.قابلية لرفضه، وليس يف نفسه من القوة واالعتزاز ما جيعله يقف موقفا مستقال خارجا عن التبعية التامة

:لفقاالجتاه امل: االجتاه الثالث

وهو اجتاه يسعى للموائمة بني حقوق اإلنسان يف اإلسالم وحقوق اإلنسان يف الفكر الغربي، فهو يعرف بوجود

ا لكنه ال يرفضها كما يصنع االجتاه األول، وليس هو مبعرض عن الشريعة مستسلم ألي خمالفات للشريعة فيه

رأي من دون متييز كما يصنع االجتاه األول، إمنا يسعى أن يوازن بني أحكام اإلسالم وهذه القوانني حبيث يظهر

ول كثريا من األحكام إمكانية التوفيق بينها وعدم املعارضة، غري أنه يف سياق هذا احلرص واالجتهاد يتأ

وحيرف بعضها، فال يسلك املنهج العلمي الصارم يف املقارنة بني القانون الدولي وأحكام اإلسالم، بل حيرص أن

.يقرب أحكام اإلسالم لتبدو غري متعارضة مع القانون الدولي

تهدون يف تقديم صورة ويشيع هذا االجتاه لدى كثري من الناس الذين ميلكون حبا لإلسالم ودفاعا عنه، وجي

.حسنة له، إال أن هذه الدوافع النبيلة ختونهم كثريا فتوقعهم يف أخطاء علمية غري مقبولة فقهيا

:االجتاه املعتدل: االجتاه الرابع

وهو اجتاه يرى أهمية االستفادة من أي رأي أو جتربة ال يراها متعارضة مع هويته، ويسعى لتوظيفه يف حتقيق

بشكل بل ما يراه حقا وعدال وحمققا لسعادة اإلنسان، ويرد ما يراه جتاوزا للوحي وتعديا على الشرعسعادته، فيق

مل يعرض عن .وطبيعة العالقات والعوملة الثقافية ، فهو عامل بالشرع وحدوده، وعارف بالواقع وحاجاته،واضح

جتاه األول، ومل يسعى لتأويل أحكام الشريعة الشرع كما صنع االجتاه الثاني، ومل يهمل الواقع كما وقع فيه اال

مبا خيالف املنهج العلمي املوضوعي، إمنا يستمسك بأحكام اإلسالم بكل قوة وثبات، ويعتز بهويته، ويشمخ

.عاليا مبوقفه اإلسالمي

أن يكون هذا هو االجتاه الوسط املعتدل، الذي يقف بني الغلو واجلفاء، وهو املنهج الشرعي املعتدل الذي جيب

.ديدن املسلم يف كل قضاياه

.مع القانون الدولي على االندماجخصوصية التعاليم اإلسالمية ومدى قدرتها

بعد أن استعرضنا اخلصوصية الدينية إمجاال، ومدى قدرتها لتحقيق متطلبات القانون الدولي اإلنساني، نريد أن

ثريون يف كتاباتهم وأطروحاتهم حول حقوق نركز احلديث عن اخلصوصية اإلسالمية اليت حتدث عنها ك

حتى وإن أقررنا أن هناك اختالفا يف بعض اجلوانب بني تعاليم القرآن واألنظمة املعاصرة يف . اإلنسان يف القرآن

القوة الثقافية وعوملة حقوق اإلنسان املعاصرة ): حقوق اإلنسان، إال أن مثل هذا التمايز له أسباب متعددة من أهمها

أيضا ما ومن األسباب (.، واليت تتمثل أكثر يف احلضارة الغربيةب الدول األقوى ثقافيا وسياسيا واقتصاديامن جان

(.طبيعة الديانة اإلسالمية وتكوينها القانوني)يرجع إىل

ال أنه إ الدميقراطيةففي جانب العوملة الثقافية، فكثري من املسلمني وإن آمن بالقيم اإلنسانية اليت محلتها األنظمة

التفاصيل يف قانون حقوق اإلنسان، نظرا لوجود حاالت تتعارض مع الدين اإلسالمي عدد منيبدي حتفظات على

. بل ومع األديان مجيعها

يف الثقافة اإلسالمية فهو وإن كان صحيحا فإنه مع ذلك ال " حقوق اإلنسان"وجود مصطلح ما يثار من عدموأما

فال يصلح إذا القول بأن عدم وجود املصطلح هو دليل على عدم . ا يصنف منها أنه حقغالب ميدل على عدم إميانه

إضافة لذلك فإن اخلطأ أن نتعامل مع النصوص الرتاثية القدمية بنفس الفهم والرؤية اليت .وجود املفهوم اجململ

ورؤى ختتلف يف البناء عن نتعامل بها يف خطابنا املعاصر، الذي حتكمه روح احلضارة وما يسود فيها من مفاهيم

- 4 -

وهذا اإلشكال مثل ما يذكره البعض بأن مفهوم احلرية ليس موجودا يف النصوص اإلسالمية، إذ يرد .السابق

واحلق بأن اعرتاض مثل هذا له مربراته، إال أنه فات هؤالء من جانب ! غالبا يف النصوص اإلسالمية مقابل العبودية

احلرية يف اإلسالم مندرج حتت ما يسمى يف أحكام الشريعة اإلسالمية بـ بأن مفهوم -يعد أكثر أهمية-آخر

وكون الشريعة تضبط هذا املباح . واجب، ومستحب، ومباح، ومكروه، وحمرم: ، إذ األحكام تنقسم إىل"املباح"

ملفهوم مفتوحا بضوابطها القانونية اخلاصة ليس باألمر املستغرب، مادام أن الفكرة الليربالية أيضا ال جتعل هذا ا

يذكر يف مادته (وهو أهم القوانني الدولية يف حقوق اإلنسان) العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسيةمتاما، إذ أن

.أن احلرية ال بد من ضبطها بضوابط قانونية 3التاسعة عشر فقرة

وجود مفاهيم حقوق اإلنسان، النصوص القرآنية ال يعين متاما نفي " حقوق اإلنسان"إذا مسألة عدم وجود مصطلح

كما أن تداول هذه املصطلح بشكل واسع يف العصر احلاضر ال ينكر أن السبب فيه يعود إىل احلضارة الغربية

ن تبنى املسلمني لنفس املصطلح؛ ال يعين يف احلقيقة تبنى مجيع املفاهيم املعاصرة ويف نفس الوقت فإالليربالية،

. ا يف التشريعات القرآنيةهذه املصطلحات متاما وقبوهل

، نريد أن نبني الرؤية اإلسالمية املعاصرة حول ما قاله بعض اإلسالمية أما يف اجلانب اآلخر املتعلق بطبيعة الديانة

من أن حقوق اإلنسان يف القرآن واألحاديث النبوية ال Donnelly (2003, pp. 72-75)الباحثني وما أشار له

و نواهي دينية، وليست حقوق مكتسبة لذات اإلنسان، وهو ما يفقدها الصبغة تعدوا أن تكون واجبات أ

. اإلنسانية

فهذا كالم واقعي يف ظاهرة، ألنه يعتمد مفاهيم ال تؤمن بأثر الدين يف سلوك اإلنسان أو أن الدين حمكوم

حال احلديث مع شخص أو أما يف. ، كما هي الثقافة الغربية العلمانية اليت نشأ فيها الكاتببالقضايا الروحية

، وهذه القانونهي ما يشكل هذه األوامر والنواهي ، فإنيف حياتها( أيا كان الدين)بأثر الدين تؤمنمجاعة

بالتأكيد هذا األمر ينطبق فيما لو كان الدين . احرتام احلقوقالواجبات الدينية هي اليت تصيغ رؤيتها يف

. الجتماعية واالقتصادية والسياسية واألخالقية، كما هو دين اإلسالممتكامل البناء يف النواحية الروحية ا

يف كون تشريعات أصال أن هناك مشكلة يرون ال عندما نطبق هذا األمر على تشريعات القرآن، فاملسلمون

، يبالوحي اإلهل أنهاأن من مميزات مفاهيمهم حلقوق اإلنسان حقوق اإلنسان هي من قبيل األوامر الدينية، يرون

م، 122 ؛ عثمان، ٢ م، ص 2112البياتي، ) جيعلها أكثر أهمية من عدة جوانباالرتباط أن هذا ويعتقدون ب

خصائص حقوق اإلنسان يف )، وميكن أن نطلق عليها، (٥4 -٥2 م، ص211٥؛ غليون وآخرون، 32ص

:، وهي كالتالي(اإلسالم

:خصائص حقوق اإلنسان في اإلسالم

: اخلاصية األوىل

حقوق ربانية إهلية، ليست منحة من أحد وال منطلقة من معاهدة أو نظام قانوني معين، بل هي شريعة ووحي أنها

إهلي من عند اهلل، ألننا حني نقول حقوق اإلنسان يف اإلسالم فإنه حديث عن احلقوق اليت كفلها اهلل وجاءت على

ن عند اهلل، فهو ابتداء حق مكفول بال سبب أو لسان النيب صلى اهلل عليه وسلم وهذا احلقوق وحي وتشريع م

.عقد سابق

: وكون هذه احلقوق إهلية ربانية جيعلها ختتص عن غريها من احلقوق مبيزات عظيمة ويرتتب عليها آثار مهمة

فهي متعالية عن منة أو سيطرة أي زعيم أو حزب أو معاهدة أو زمن، فهي: املكانة والقدسية واالحرتام: أوال

تلك حدود اهلل فال تعتدوها ومن يتعد حدود اهلل )متعالية عن الزمان واملكان مما حيفظها من أي تالعب أو حتايل

- ٥ -

(.فأولئك هم الظاملون

والتاريخ اإلسالمي يزخر بتطبيقات كثرية تظهر أثر اإلميان الديين على سلوك األشخاص، ومن ذلك ما ذكره

ملا ( 4م، ص122 )ضية الدعوة قبل القتال، إذ ذكر املؤرخ البالذري مؤرخو املسلمني القدماء تطبيقا لق

عمر بن عبد العزيز، وفد عليه قوم من أهل مسرقند من بالد املشرق، فرفعوا إليه أن : استخلف اخلليفة العادل

عمر إىل ، فكتب[أي من غري دعوة هلم إىل اإلسالم]دخل مدينتهم وأسكنها املسلمني على غدر، " قتيبة"القائد

عامله يأمره أن ينصب هلم قاضيا ينظر فيما ذكروا، فإن قضى بإخراج املسلمني أخرجوا، فنصب هلم قاضيا

مسلما، فحكم بإخراج املسلمني على أن خيرجوا من بلدهم وأنه ال عهد بينهم، فكره أهل مدينة مسرقند

(.احلرب، وأقروا املسلمني فأقاموا بني أظهرهم

م، وهو قريب العهد باحلادثة، 212ها كثري يف الرتاث اإلسالمي وردت يف مصدر كتب عام هذه الرواية وغري

كما أنها حصلت يف أوج انتشار احلضارة اإلسالمية، لقد كانت هذه العدالة القانونية مبنية على تشريعات نبوية

.كانت حتكم العالقة مع األمم األخرى

:هو التكريم اإلهليأن أساس حقوق اإلنسان يف اإلسالم : ثانيا

وهذا من أعظم الفروق بني حقوق اإلنسان يف اإلسالم وحقوق اإلنسان يف غريه، فأساس حقوق اإلنسان يف اإلسالم

هو التكريم اإلهلي ويف الغرب فكرة احلق الطبيعي، وهو اختالف جوهري، فبينما يرى املسلم أن حقوق اإلنسان

كما وهبه احلياة والرزق وأنها من مجلة تكريم اهلل له وتفضيله إياه على منحة ربانية ومنة إهلية وهبها اهلل له

ولقد كرمنا بين آدم ومحلناهم يف الرب والبحر ورزقناهم من الطبيات وفضلناهم على )خملوقاته كما قال تعاىل

(.كثري ممن خلقنا تفضيال

.(وسخر لكم ما يف السماوات وما يف األرض مجيعا منه)وقال سبحانه

خبالف املفهوم الغربي الذي يرى أن حقوق اإلنسان ليست منحة وال هبة وتكرميا من أحد وإمنا هي حقوق طبيعية

مستمدة من احلق الطبيعي ونظرية العقد االجتماعي، وهي نظرية نادى بها جمموعة من الفالسفة الغربييني

ائيا وغري مكتوب بني السلطة واألفراد وبني وأشهرهم جون لوك وجان جاك روسو، وتتلخص بأن هناك عقدا ثن

احلكام واحملكومني ومت مبوجبه تنازل األفراد عن بعض حقوقهم األصلية إىل احلاكم على أن يتوىل السلطة

لتحقيق احلقوق لألفراد ضمن إطار جمتمع منظم يعرف احلاكم فيه سلطته ويتوىل تنظيم األمور يف إطار حمدد

.يعرف الناس فيه حقوقهم

وهي صورة خيالية ال حقيقة هلا، كما أن فكرة احلق الطبيعي قد وجدت حلل مشكلة غياب احلقيقة يف الفكر

الغربي بعد تهميشهم للدين، إذ أصبحوا يقولون كل شيء قابل للصواب واخلطأ وال يوجد ثم حقيقة مطلقة،

اخلطأ وأن من املمكن أن يقول القول فواجهتهم مشكلة حقوق اإلنسان أنها قد تكون أيضا قابلة للصواب و

بانتهاك حق اإلنسان وسفك دمه وسرقة ماله قابال للتفكري ما دامت العقول متفاوتة واحلقيقة نسبية، فجاءت

.فكرة احلق الطبيعي وأن ثم أمورا طبيعية توجد مع اإلنسان ال جيوز االعتداء عليها

إن من الطبيعي حينها أن يكون اإلسالم سبق الغرب يف إقرار ولكون هذه احلقوق ربانية مستمدة من الوحي ف

حقوق اإلنسان بقرون قبل إعالن الغرب هلا، ففي حني مل ينتبه الغرب حلقوق اإلنسان إال من القرن الثالث عشر

امليالدي كأبعد تقدير ثم جاءت بعده اإلعالنات األممية للحقوق وبعد أن مرت مبراحل وتطورات طويلة، وبعد

معاناة قاسية من املظامل واملذابح واالنقسامات، فإن احلقوق يف اإلسالم جاءت مكفولة بصورة نهائية مع رسالة

.النيب صلى اهلل عليه وسلم

- ٢ -

أن غاية حقوق اإلنسان يف اإلسالم حتقيق العبودية هلل، ويف النظام الغربي حتقيق احلرية املطلقة للفرد، : ثالثا

ولذا فمن حق اإلنسان أن يتحرر من ( وما خلقت اجلن واإلنس إال ليعبدون) الغاية الكربى فاإلسالم جاء لتحقيق

عبودية البشر واألهواء وسائر املعبودات، وال تنفصل حقوق اإلنسان يف اإلسالم عن هذه الغاية بل تسري معها

.وتستمد مشروعيته من خالهلا

ياة الغربية املعاصرة هي الغاية األساسية إلعالن حقوق اإلنسان أما يف املفهوم الغربي حلقوق اإلنسان فإن قيم احل

والدفاع عنها ومن أهم هذه القيم حرية الفرد املطلقة يف ممارسة ما يراه حمققا ملصلحته او جالبا للذة واملنفعة إليه

ي يعيش فيه، وال دون نظر إىل كون ذلك الشيء حمرما أو حالال يف دينه الذي ينتمي إليه أو يف جمتمعه الذ

.لكونه مضرا به يف آخرته أو خمالفا حلكمة وجوده يف هذه الدنيا

:اخلاصية الثانية

أن احلقوق يف اإلسالم تكاليف وواجبات وليست جمرد حقوق، فكفالة اإلسالم هلا جعلها يف مرتبة أعلى من

ه احلق يف املطالبة بها فقط، بل هي واجبات مرتبة احلقوق، وهي مرتبة الواجبات، فحقوق اإلنسان ليست حقوقا ل

.يلزم الفرد واجملتمع والدولة أن يقوموا بها وحيفظوها امثتاال ألمر اهلل ولئال يقع املسلم يف خمالفة أمره

: اخلاصية الثالثة

ى االمانة أنها حقوق ملزمة، ألن ماحنها هو اهلل وجعلها أمانة يف عنق املؤمنني، فاحلفاظ عليها من احلفاظ عل

(.والذين هم ألماناتهم وعهدهم راعون)

ومل تكتف الشريعة جبعلها قناعات فكرية وأخالقية ميكن أن يتحول اجملتمع عنها بفعل أي ضغط، بل أيدت

لذا ملا كان هناك كما هائال من اآليات العامة املطالبة . ذلك بتشريعات ملزمة وعقوبات صارمة ملن خيرج عليها

مقولته ة مع كل أحد، والنظر يف عاقبة الظلم الوخيمة، مل يكن مستغربا أن يذكر النيب بالعدالة التام

املشهورة عندما حاول بعض العرب إسقاط أحد احلدود اإلسالمية عن إحدى النساء ممن كانت تصنف أنها من

:النخب العليا قال النيب

تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه إمنا أهلك الذين قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف )

(.222 /3م، 122 البخاري، ( )احلد، وايم اهلل لو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت يدها

:اخلاصية الرابعة

الشمولية والتوازن ، فألنها تنزيل من حكيم عليم فاحلقوق شاملة ال تقتصر على جانب دون جانب، ومتوازنة ال

يف تضييع حق غريه، وهو طبيعة البشر الذين ال يستطيعوا مبجرد عقوهلم أن حيققوا التوازن يؤدي احلفاظ على حق

بني احلقوق، فرمبا غلبوا حقا على حق أو راعوا جانبا مبا يؤدي إىل إهمال وتضييع جوانب أخرى، وهي طبيعة

.للنقص البشري

بعملية إجهاض اجلنني وقتله ألي سبب كان، وجتعل هذا جتد يف القوانني املعاصرة السماح للمرأة بالقيام : فمثال

حقا من حقوقها وتلزم الدول بكفالة هذا احلق ووضع القوانني وتيسري الوسائل الضامنة حلق املرأة يف هذا، وقد

هو وقعوا يف خلل عظيم يف موازنة احلقوق، حيث نظروا حلق املرأة ومل يلتفتوا حلق الطفل الذي يف بطنها، والذي

إنسان ينتظر أن خيرج للحياة لينعم بها كما نعم غريه، فألجل ضرر نفسي يسري جدا يف حق املرأة ينتهك حق هذا

الطفل الضروري األساسي يف أن خيرج للحياة، جملرد أنه إنسان ضعيف ال ميلك حوال وال قوة وال يعلم عنه أحد،

.إىل قتل ماليني األطفال سنويا يف أحناء العامل وقد أدى احلفاظ على حق املرأة يف إسقاط جنينها

- 2 -

وهذه نتيجة طبيعية ألن العقل البشري مبجرده وإن توصل إىل معرفة كثري من اخلري والشر، إال إنه ما يزال عاجزا

.عن التوازن التام الذي يأتي فيه جبميع احلقوق من دون تضييع حق حلساب حق آخر

- 2 -

الفصل األول

ق الحياةح

حفظ النفس: المبحث األول

االعتداء الجسدي والمعنوي: المبحث الثاني

- 1 -

حق الحياة: الوحدة الثالثة

حفظ النفس: أوال

من اإلعالنات واالتفاقيات الدولية تولي اهتماما بقضية حفظ –إن مل أقل اجلميع –من املالحظ أن الكثري

كر العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية يف مادته السادسة بأن حياة اإلنسان، واحملافظة عليها، إىل درجة ذ

.احلق يف احلياة حق مالزم لكل إنسان، وعلى القانون أن حيمي هذا احلق

وملا كان هذا احلق بهذه املثابة؛ فقد تكلمت حوله الكثري من الكتب اليت تتكلم عن قضايا حقوق

.لكالم أوال عن حق احلياةاإلنسان، بل واستفتحت الكالم عن حقوقه با

(.يف احلياة لكل فرد احلق: )جاء يف املادة الثالثة يف اإلعالن العاملي

وبالرغم من اإلمجاع والتوافق الواسعني حول أهمية احلق يف احلياة وكونه قامسا مشرتكا بني مجيع

ة وكبرية، وذلك بسبب احلقوق املعرتف بها مجيعا، فإن هذا احلق يثري إشكاليات وتساؤالت قانونية مهم

.الصعوبات املالزمة إلعماله، وتعريفه، وحتديد نطاقه

عدم اللجوء إىل العنف ضد حياة اآلخرين، إال يف حاالت الدفاع عن : والقاعدة األساسية يف كل جمتمع هي

.( )النفس

:تعظيم القتل

النصوص الدالة على احرتام النفس ألول وهلة من قراءة اآليات القرآنية أو األحاديث النبوية جند الكثري من

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ ژ : املعصومة، وعدم جواز التعدي عليها، ويف ذلك ميدح اهلل املؤمنني بقوله تعـاىل

. [٢2الفرقان ] ژپ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ

وعظم اهلل هذه . ها من اعتداء أخ على أخيه بالقتللقد ورد يف القرآن الكريم قصة ابين آدم، وما حصل في

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ژ : احلادثة، حتى ذكر يف كتابه القرآن

. [32املائدة ] ژٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤڤ

ائم االعتداء على حق احلياة، فقد قال ألصحابه التحذير الكبري من جر وجند يف أحاديث نيب اإلسالم

وقتل النفس اليت حرم اهلل إال [ وذكر منها]وما هن؟ : ، قالوا يا رسول اهللاجتنبوا السبع املوبقات: )يوما محذرا هلم

.(2)(باحلق

.(3)(ما مل يصب دما حراما حة من دينهال يزال املؤمن يف فس: )ويؤكد هلم هذا التعظيم عندما يقول

، أي إذا مل يصدر منه قتل النفس (ما مل يصب دما حراما)سعة من دينه ورجاء رمحة من عند ربه، : واملعنى

رمحة اهلل ولطفه ولو باشر أنه يرجى له : وقيل إن املراد. بغري حق تسهل عليه أمور دينه ويوفق للعمل الصاحل

. 41 /2القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان، حممد خليل املوسى : راجع( )

(.٥ 2٢) 2 1 /3صحيح البخاري ( 2) (.٢4٢1) 2 ٢/2٥صحيح البخاري ( 3)

-21 -

.( )الكبائر سوى القتل

يف سبيل ضمان هذا احلق جاءت مشروعية القصاص يف القرآن ملن قتل أخا له، ووضع الديات يف القتل

. اخلطأ وشبه العمد

:حفظ حياة غري املسلمني

.وقد يظن البعض أن نصوص اإلسالم عندما حترم القتل؛ إمنا يراد بها قتل املسلم

يعد االعتداء عليها -سواء عربي أو غري عربي، أبيض أم أسود-قيقة اليت ال مراء فيها أن نفس املسلم واحل

.أشد حرمة

گ گ گ ڳ ڳ ڳ ژ : وقد جاء هذا احلكم يف القرآن الكريم بشكل واضح

.13النساء ژڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ

حتريم االعتداء على حياة اآلخرين على املسلمني فقط، بل يتعداهم إىل غريهم، ممن مل لكن ال يقتصر

.يدخلوا يف اإلسالم، وحفظ اإلسالم هلم ذممهم

غري مسلم ]من قتل معاهدا : )عددا من النصوص حول هذه القضية ومنها قوله جاء يف تعليم نيب اإلسالم

.(2)(وإن رحيها توجد من مسرية أربعني عاما مل يرح رائحة اجلنة [أعطي عهد أمان

إن األمن على احلياة مطلب إنساني جلميع الشعوب، ولذا جند النصوص اإلسالمية تركز على هذا املطلب،

ويف . ى مع غري املسلمني، ممن كفروا بهحت أن يؤكد على احملافظة عليه، وهو األمر الذي دفع نيب اإلسالم

. (3)(، فأنا من القاتل بريء وإن كان املقتول كافراأميا رجل أمن رجال على دمه ثم قتله: )هذا يحذر قائال

وكانت من -مدينة خيرب ، نذكر هنا هذه احلادثة اليت حصلت ملا فتح نيب اإلسالم ويف لفتة أخرى

. دخلها الصحابي عبد اهلل بن سهل، ثم وجد مقتوال ومرميا يف أحد آبارها -معاقل اليهود مشال املدينة املنورة

. إنا واهلل ما قتلناه: إىل اليهود يف ذلك، فكتبوا يتهمون اليهود يف قتله، فكتب رسول اهلل فجاء أهله للنيب

، (فتحلف لكم يهود؟: )ال، قال: ، قالوا(أحتلفون وتستحقون دم صاحبكم؟: )لقتيلألهل ا فقال رسول اهلل

.(4)ديته ألهله، وكانت مائة ناقة فدفع رسول اهلل . ليسوا مبسلمني: قالوا

ال شك أن الشبهات القوية والقرائن الدالة كانت حتوم حول يهود خيرب، إذ وجد الصحابي املقتول بينهم،

، وكانت خيرب مدينة يهودية، ولكن نيب اإلسالم حفاظا منه على حرمة النفس، والعدل مع وألقي يف بئر هلم

. 2/2مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح، علي القاري ( )

وال يلزم من ذلك أنه ال يدخل اجلنة مطلقا، فقد تعاضدت األدلة العقلية والنقلية على أن من (.211٥)٥٥ /3صحيح البخاري ( 2)

فتح : راجع. مات مسلما ولو كان من أهل الكبائر فهو حمكوم بإسالمه غري خملد يف النار ومآله إىل اجلنة ولو عذب قبل ذلك

.2/2٥1 الباري البن حجر

(.441)وصححه األلباني يف سلسلة األحاديث . 3/321 صحيح ابن حبان (3)

(.٢٢1 ) 21 /3، صحيح مسلم (٢2٢1) ٢/2٢31صحيح البخاري ( 4)

-2 -

.( )األعداء، مل يأخذهم بهذه الشبهة القوية، ودفع بنفسه الدية عن هذه القتيل

. 312اإلسالم واآلخر، صابر طعيمة، ص( )

-22 -

عقوبة اإلعدام: ثانيا

.أن تقوم الدولة بإنهاء حياة شخص ما عقابا على جرمية: وتعين عقوبة اإلعدام

.( )الدعوة إىل إلغاء عقوبة اإلعدام إال بعد انتهاء احلرب العاملية الثانية ومل تظهر

إن حق احلياة ليس حقا مطلقا باملعنى احلريف للكلمة، فهو وإن كان من احلقوق األساسية غري القابلة

.للمساس، إال أن ظروفا معينة قد تسمح حبرمان األفراد منه، وجتعل هذا احلرمان أمرا مشروعا

ر القانون الدولي حلقوق اإلنسان حبق الدول يف تنفيذ عقوبة اإلعدام كعقوبة يف أشد اجلرائم خطورة، ويق

. وبعد صدور حكم قضائي قطعي، يف حماكمة عادلة

واإلعالن العاملي ال جند فيه نصا صرحيا ومباشرا يدل على عقوبة اإلعدام، لكن جند إشارة هلذه العقوبة يف

ليس يف هذه املادة أي حكم جيوز التذرع : )يف الفقرة السادسةدنية والسياسية،احلقوق املالعهد الدولي اخلاص ب

(.به لتأخري أو منع إلغاء عقوبة اإلعدام من قبل أية دولة طرف يف هذا العهد

:عددا من الضوابط، عند القيام بعقوبة اإلعدام، ومنها هذا العهد وضعو

. رائم خطورةأن تكون عقوبة اإلعدام على أشد اجل -أ

.وجوب النص على العقوبة يف القانون النافذ وقت ارتكاب اجلرمية -ب

، فال (مثال مبدأ املساواة يف تطبيق القانون)أال خيالف هذا القانون األحكام األخرى يف العهد الدولي، -ج

. يف توقيع عقوبة اإلعدام على أي أساس من أسس التمييزيكون هناك متييزا

.ق العقوبة إال بعد صدورها من حكم قطعي أو مربم صادر عن حمكمة خمتصةعدم تطبي -د

.، وال على احلوامل حتى يضعن محلهن(2 )ال توقع العقوبة على من هو دون سن -هـ

وهو بقاء جرم : أو اخلاص. وهو سلخ صفة اجلرمية عن اجلرمية: بالعفو العامحق احملكوم عليه بالتمتع -و

. (2)عن اجلاني، أو إبدال العقوبةاجلرمية، مع العفو

ومع هذا احلث لإللغاء، فلم يكن هذا اإللغاء مبقتضى القانون اإلنساني الدولي إال أمرا اختياريا، وهو مل

.(3)يصبح إىل اآلن جزءا من القانون الدولي العمومي أو العريف

سية الربوتوكول االختياري الثاني لكن من جهة أخرى، أحلق بالعهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسيا

.(4)إلغاء عقوبة اإلعدام، خاصة حال السلم، دون احلربالربوتوكول ب ، بشأن إلزام الدول املوقعة على121 بتاريخ

. 11األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، إصدار مكتب اإلعالم العام، ص( ) . ٥1 /2. املرجع السابق( 2) .وما بعدها ٥2 /2القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان ( 3)

. 1 / حممد شريف بسيوني، : الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، مجع: راجع( 4)

-23 -

:اإلسالم وعقوبة اإلعدام

رائم يعد تطبيق عقوبة اإلعدام من األمور الواضحة يف الشريعة اإلسالمية، وال شك أنها تطبق يف أعظم اجل

.خطورة إما على اجملتمع، أو على اإلسالم

أن ال إله إال اهلل وأني ال حيل دم امرئ مسلم يشهد: ) واألصل يف تشريع عقوبة كهذه؛ قول النيب حممد

.( )(ماعةالنفس بالنفس، والثيب الزاني، واملفارق لدينه التارك للج: رسول اهلل إال بإحدى ثالث

ومع ما يف اإلسالم من نصوص متوافرة يف تعظيم القتل، وانتهاك حرمات النفوس، إال أن اإلعدام يف نظر

. الشريعة يطبق من أجل حياة باقي النفوس، ولو مت ذلك بإزهاق بعضها نظرا الرتكابها جرمية قتل بغري وجه حق

. 21 البقرة ژڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ژ

إن كثريا من املعايري الدولية لتطبيق عقوبة اإلعدام متوافقة والشريعة اإلسالمية، وبعضها رمبا خالف هذه

.الشريعة

بلغ سن : جيعل السن القانوني للسماح بتطبيق عقوبة اإلعدام ملن بلغ الرشد، أي أن اإلسالم: ومن ذلك

تحرم تنفيذ حكم اإلعدام اليتخبالف املعايري الدولية . شرة سنةاالحتالم، وهو على أكرب تقدير بلوغ مخس ع

وسن البلوغ جعلته الشريعة سببا لألحكام، فاإلنسان ينتقل من سن الطفولة إىل . على من مل يبلغ سن الثامنة عشر

2 أو 2 الرجولة بتجاوز هذه املرحلة اليت جتعله مؤهال لتحمل التكاليف الشرعية، وأما حتديد هذا السن ب

وحنو هذا كما هو يف التشريعات الغربية فهو حتديد حتكمي ال يعتمد على فرق مييز هذا السن عما قبله أو

.(2) .بعده

:مبدأ حفظ األرواح يف احلروب اإلسالمية

جند أن أول ما حيرص عليه اإلسالم هو دعوة تلك األمم للدخول يف اإلسالم من غري إكراه، فإن دخلوا فال

ليهم وال عبودية، بل هم أحرار هلم ما للمسلمني من حقوق، وإن رفضوا فعليهم دفع اجلزية، هو مبلغ مالي جزية ع

مقطوع على املقتدرين دون النساء والشيوخ واألطفال ترتب عليه حفظ املسلمني هلم والدفاع عن أرواحهم وحقوقهم،

.فإن رفضوا دفع اجلزية فاحلل األخري هو قتاهلم حتى يرضخوا

اجليوش، كان يوصي حتكي لنا السنة النبوية عن آداب القتال عند املسلمني، فعندما يرسل حممد و

أو خالل -إذا لقيت عدوك من املشركني فادعهم إىل ثالث خصال ...اغزوا باسم اهلل ويف سبيل: )قائد اجليش

... هم، ثم ادعهم إىل اإلسالم، فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عن -

.(3)...(فإن هم أبوا فسلهم اجلزية، فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فاستعن باهلل وقاتلهم

:فاحلالة األخرية هي القتال، فإذا انتصر املسلمون يكون أهل البلد أسرى للمسلمني، لكن

(.٢2٢ )312 /3، صحيح مسلم (٢424) ٢/2٥2صحيح البخاري ( )

جمموعة قوانني الكنائس : فقد جاء يف. وليكية يف حتديد سن البلوغتتوافق الشريعة اإلسالمية والقوانني املسيحية الكاث( 2)

. الشرقية، أن من مل يتم الرابعة عشرة سنة ال خيضع ألية عقوبة . 244، ص3 4 : راجع القانون. عاما؛ فتطبق عليه العقوبات اليت تتضمن عدم حرمانه من أي عني 2 -4 وأما ما بني

(.1 4٢) 3٥٢ /3رواه مسلم ( 3)

-24 -

.فقهاء على أن األصل يف النساء واألطفال أنهم ال يقتلونيتفق ال -

من أسرى الكفار، بني قتلهم، أو اسرتقاقهم، أو املن [ غري األطفال]ختيري اإلمام يف الرجال البالغني -2

دم قتله وإن كان بعض الفقهاء يرى حتريم قتل األسري بعد أسره وع. عليهم والعفو عنهم، أو مفاداتهم مبال أو نفس

.( )يف املعركة

ال جيوز قتلهم يف والضعفاء وأصحاب العاهات والرهبان فأسرى احلرب من النساء واألطفال والشيوخ

.اإلسالم، لكونهم من الطبقة الضعيفة اليت ال تقاتل، وال تقف أمام اجليوش احملاربة

(ال تقتلوا وليدا) :شه بقولهيوصي جيو وكانت التوجيهات النبوية واضحة يف هذا، فكان نيب اإلسالم ( )

،

.(3)(أال ال تقتلوا ذرية، أال ال تقتلوا ذرية) :وقوله

.(4)(وال تقتلوا شيخا فانيا وال طفال وال صغريا وال امرأة... انطلقوا باسم اهلل: )وقد روي عنه أيضا أنه قال

أمجع العلماء على القول بهذا احلديث ومل خيتلفوا يف شيء منه، فال جيوز عندهم الغلول : )قال ابن عبد الرب

.(٥)(وال الغدر وال املثلة وال قتل األطفال يف دار احلرب

انظر عالم اجتمع : )يف غزوة فرأى الناس جمتمعني على شيء، فبعث رجال فقال وكان رسول اهلل

[ أي مقدمة اجليش]قال وعلى املقدمة (. ما كانت هذه لتقاتل: ) على امرأة قتيل، فقال : ، فجاء فقال(هؤالء

.(٢)(قل خلالد ال يقتلن امرأة وال عسيفا: )خالد بن الوليد، فبعث رجال فقال

.أسرى: املوسوعة الفقهية، مادة: راجع للتوسع( )

( 23 )صحيح مسلم ( 2)

واللفظ له، وصححه احلاكم يف املستدرك على 3/43٥، مسند أمحد بن حنبل (٢ 2٢) 24 /٥سنن النسائي الكربى ( 3)

(.2٥٢٢)الصحيحني، ووافقه الذهيب

(.3221)اجلامع ، وضعفه األلباني يف ضعيف(4 2٢) 3/32سنن أبي داود ( 4)

. 24/233التمهيد البن عبد الرب ( ٥)

(. 421: )، وصححه ابن حبان يف صحيحه3/422، مسند أمحد بن حنبل (2٢٢2) 3/٥3سنن أبي داود ( ٢) .3/23٢. راجع النهاية يف غريب احلديث واألثر البن األثري. هو األجري، وقيل الشيخ الكبري، وقيل العبد والعسيف

-2٥ -

االعتداء الجسدي والمعنوي: ثالثا

يتعرض البعض إىل عمليات ، حيث قد االعتداء ومن حفظ حق احلياة لإلنسان أن حيق له حق جسده من

تعذيب وقسوة يف املعاملة بغري حق، ويف نفس الوقت ال يشرتط أن يكون هذا االعتداء جسديا فحسب، بل قد

.يكون معنويا أيضا

(.لكل فرد احلق يف احلياة واحلرية وسالمة شخصه: )جاء يف املادة الثالثة من اإلعالن العاملي

ال يعرض أي إنسان للتعذيب وال للعقوبات أو املعامالت القاسية أو الوحشية أو : )ادة اخلامسةكما جاء يف امل

(.بالكرامة احلاطة

أقرت اجلمعية العامة لألمم املتحدة 12٥ ففي سنة . وقد اختذت األمم املتحدة عددا من اإلجراءات يف ذلك

وغريه من صنوف املعاملة والعقاب اليت تتسم اإلعالن اخلاص حبماية مجيع األشخاص من التعرض للتعذيب

.( )بالقسوة وعدم اإلنسانية واملهانة

غريكما أقرت اجلمعية أيضا اتفاقية مناهضة التعذيب وغريه من ضروب املعاملة أو العقوبة القاسية أو

.(2)نسانية أو املهينةاإل

روب، والتهديد بها، أو عدم االستقرار كما أكدت االتفاقيات على حتريم اختاذ احلاالت االستثنائية كاحل

.(3)السياسي ذريعة للجوء للمعامالت القاسية أو املهينة

في اإلسالم اإلحسان وعدم االعتداء والقسوة والعنف

من النصوص -إن مل يكن املئات-عندما تقرأ يف النصوص القرآنية أو األحاديث النبوية جند العشرات

.داء والقسوة والعنفاآلمرة باإلحسان وعدم االعت

ژٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ژ :يشري القرآن الكريم إىل ذلك بقوله

. 42 النساء

ھ ھ ے ےۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ژ : ويقول أيضا

ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی ی ې ې ې ې ى ى ائ ائ

. 42 -41 الشورى ژی جئ حئ

فاآليات القرآنية وإن أعطت املظلوم حق القصاص، فهي يف نفس الوقت حتض على العفو والصفح، وهلذا جاء

ژىئ ىئ ىئ ی ی ی ی جئ حئ ژ : وأيضا. 41ى الشور ژۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇۇ ژ: النص يف اآليات

. 43الشورى

. ٢1/ الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، حممود بسيوني : راجع نصها يف( )

. ٢14/ املرجع السابق ( 2)

. 4 -3 مكتب اإلعالم يف األمم املتحدة، ص: األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، نشرة( 3)

-2٢ -

ومعلوم من جبلة اإلنسان أنه غضوب، وال بد من توجيه حيكم هذا الغضب، فجعل من الصفات املميزة ملن

. 34 آل عمران ژٿ ٿ ٿ ٹ ٹٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ژيدخل اجلنة أنه من

وملا كان مفهوم العفو عند بعض الناس مرتبطا بكون . حيث على العفو والتسامح وكان نيب اإلسالم

وما زاد اهلل عبدا بعفو إال عزا، : )العايف عن الناس ذليال محتقرا، جاء نيب اإلسالم وألغى هذا املفهوم عندما قال

.( )(عه اهللوما تواضع أحد هلل إال رف

ارمحوا أهل األرض يرمحكم أهل . الرامحون يرمحهم الرمحن: )وكان يؤكد على مبدأ الرمحة، فيقول

.(3)(ال يرحم اهلل من ال يرحم الناس: )ويقول أيضا. (2)(السماء

وكانت هذه األوامر بالرمحة والعطف تستلزم العدل مع اآلخرين حتى لو بدا للمسلم أنهم غري صاحلني، أو

ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ےۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ژ : ري مؤمنني بدين اإلسالم أصالغ

2املائدة ژۇ ۇۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇۋ

اتقوا الظلم : )وعدم الظلم للناس والقسوة عليهم، وقد جاء يف حديث نبوي اءكما حذر اإلسالم من االعتد

.(4)(فإن الظلم ظلمات يوم القيامة

.(٥)(، فإنه ليس دونها حجاباتقوا دعوة املظلوم، وإن كان كافرا: )ويف احلديث النبوي

ميلكون حق االعتداء على غريهم؛ -بأي نوع من أنواع التفوق-وحني يظن الناس أنهم بتفوقهم على غريهم

. ل مع الضعفاء، والدفاع عنهم من عدوان الناس عليهمتأتي التعليمات النبوية صارمة يف العد

هلل أقدر عليك ! اعلم أبا مسعود)كنت أضرب غالما لي فسمعت من خلفي صوتا : يقول أبو مسعود األنصاري

أما لو مل تفعل : )لوجه اهلل، فقالهو حر : ، فقلت يا رسول اهلل فإذا هو رسول اهلل ! ، فالتفت(عليه منك

.(٢)(للفحتك النار، أو ملستك النار

إن أشد الناس : )عندما قال ولقد كان بعض الناس يعتز بقوته، ويستغل ضعف غريه، فحذر من ذلك النيب

وىل غري أهل نعمته، فمن فعل ذلك فقد كفر باهلل ، ورجل قتل غري قاتله، ورجل تعتوا رجل ضرب غري ضاربه

.(2)(ورسوله وال يقبل منه صرف وال عدل

ومع الفتوحات اإلسالمية حدثت بعض التجاوزات من ظلم للناس، أو قسوة عليهم، وهذا يكون عادة ممن

الم، فإن علماء لكن إذا كانت هذه املواقف واألعمال ال توافق شريعة اإلس. بأفراد اجليش: ميكن أن نسميهم

. املسلمني مل يكونوا يسكتون عن جتاوزات عامة الناس أو حكامهم

(.٢1) 211/ 4صحيح مسلم ( )

.حسن صحيح: ، وقال(124 ) 4/323سنن الرتمذي ( 2)

(. ٢14) ٢/2٢2٢صحيح البخاري ( 3)

(.٥٢) 11٢ /4صحيح مسلم ( 4)

(.2٢2)وحسنة األلباني يف سلسلة األحاديث الصحيحة . ٥3 /3مسند أمحد ( ٥)

(.3٥)221 /3صحيح مسلم ( ٢)

.، وصححه، ووافقه الذهيب(2124) 4/321املستدرك على الصحيحني للحاكم ( 2)

-22 -

بالشام قد أقيموا يف [ كانوا فالحني]هشام بن حكيم بن حزام على أناس من األنباط : مر صاحب النيب

.( )(إن اهلل يعذب الذين يعذبون الناس يف الدنيا: )يقول أشهد أني مسعت رسول : الشمس، فقال هشام

فهذا الصحابي مل ينظر الختالف الدين بينه وبني هؤالء، ومل ينظر ملصلحة اقتصادية، وإمنا نظر إىل شريعة

.يتبعها ويسري عليها، وهي تأمر بعدم االعتداء، وعدم الظلم، واالبتعاد عن هذه العقوبات احلاطة بالكرامة

وال تتوقف اآلداب اإلسالمية عند أفعال اجلوارح، بل تتعداها إىل اللسان، أو حتى القلب، فهي أيضا من

ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ژ : العدوان املرفوض يف شريعة اإلسالم

[. احلجرات ] ژيت جث مث ی یی ی جئ حئ مئ ىئ يئجب حب خب مب ىب يبجت حت خت مت ىت

(.2 ) 2 4/21ح مسلم صحي( )

-22 -

العقوبات البدنية، ومعاملة المسجونين: رابعا

أصبح الرتكيز كبريا على قضايا التعذيب والقسوة واملعاملة املهينة يف املفهوم الدولي املعاصر، وكما مر

.قريبانية والسياسية معنا يف نصوص اإلعالن العاملي، والعهد الدولي اخلاص باحلقوق املد

. حتريم العقاب البدني، والذي ما زال معموال به يف عدد من النظم القانونية: ويدخل يف هذا املصطلح

وأوضحت اللجنة املعنية حبقوق اإلنسان داخل األمم املتحدة يف عدد من املناسبات أن الضرب واجللد ينطويان على

ص باحلقوق املدنية والسياسية، وحتى لو كانت هذه عقوبة قانونية، خرق للمادة السابعة من العهد الدولي اخلا

.( )وصادرة عن حمكمة خمتصة

نسانية أو احلاطة غري اإلال جيوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو : )ونص املادة السابعة

(.ة على أحد دون رضاه احلروعلى وجه اخلصوص، ال جيوز إجراء أية جتربة طبية أو علمي. بالكرامة

: معاملة املساجني ومسلوبي احلرية

ويضيف العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية يف املادة العاشرة، نصوصا تتعلق مبسلوبي احلرية

: واملساجني، وهم فئات عادة ما تتعرض للتعذيب، سواء البدني أو النفسي، وقد جاء نص العهد كما يلي

.ل مجيع احملرومني من حريتهم معاملة إنسانية، حترتم الكرامة األصيلة يف الشخص اإلنسانييعام -

جيب أن يراعي نظام السجون معاملة املسجونني معاملة يكون هدفها األساسي إصالحهم وإعادة -3

.تأهيلهم االجتماعي

واعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء، الق: ، مثل(2)وأصدرت األمم املتحدة عددا من الوثائق املتعلقة بالسجناء

: وأيضا هناك املبادئ األساسية ملعاملة السجناء، عام. من اجلمعية العامة لألمم املتحدة 1٥٥ الصادرة عام

م، وأيضا صدرت جمموعة املبادئ املتعلقة حبماية مجيع األشخاص الذين يتعرضون ألي شكل من أشكال 111

. 122 درة عن اجلمعية العامة عام االحتجاز أو السجن، والصا

على وجود مثل هذه العقوبات البدنية، من تعذيب، واعتداء يف جانب النصوص اإلسالمية جند بعضا منها يدل

: األوىل: وسيكون احلديث يف هذا املطلب حول نقطتني أساسيتني. جسدي بأنواعه، وذلك حسب املفهوم الدولي

:ويتبني ذلك كما يلي. جوننيمعاملة املس: والثانية. العقوبات

:العقوبات البدنية يف اإلسالم

رمبا الحظ القارئ الكريم فيما مضى أن العقوبات البدنية تعد إحدى طرق اجلزاء العادل، أو هي يف نفس

الوقت ردع للمعتدين، ولكن هذه العقوبات املقررة يف األديان السماوية مل تتقبلها املعاهدات الدولية على وجه

ويظهر أن السبب هو ردة الفعل الدولية ملا حيصل من بعض احلكومات الديكتاتورية، أو يف أثناء . عمومال

فهو موقف مبين على ردة فعل تعاجل إشكالية .احلروب، من شدة العقوبات، وشدة التعذيب الذي يلقاه اإلنسان

ما يف احلقيقة ليس االشكال يف هذه مظامل معينة عاشوها فأرادوا صيانة اإلنسان منها فمنعوها مطلقا، بين

. 2٥ /2القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان، ( )

. ٢21- ٢4/ الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، : راجع نصوصها يف( 2)

-21 -

العقوبات، فهي حتمي حق اإلنسان ال حتاربه، وهلذا جاءت به الشريعة لكونها صاحلة لكل زمان ومكان وال

.تبنى أحكامها بناء على ردة فعل من قضية معينة يف زمن معني

:يد السارق قطع

ٺ ٺ ٺ ژ : ( )ية وجود العقوبات البدنيةمن الواضح من خالل النصوص القرآنية والنبو

. 32املائدة ژٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ

والقطع له شروط يف اإلسالم حتى يقام حد السرقة على مرتكبها، فال يقام احلد على الصغري الذي مل يبلغ

ويف كل األحوال يسقط حد . املال املسروق ال بد أن يبلغ نصابا حمرتما سن الرشد، وال يقام على جمنون، كما أن

.(2)السرقة يف حالة الضرورة واجملاعة

:حد اجللد

كما أن من العقوبات يف اإلسالم عقوبة اجللد اليت تطبق يف عدد من اجلرائم، فمن قذف إنسانا بالزنى،

. وذلك ليصل اجملتمع إىل أمن ال تتالعب به أهواء البشرومل يكن معه ما يثبت ذلك من أربعة شهود، فإنه جيلد،

ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ژ

. ٥-4النور ژہ ہ ہ ھ ھ ھ

ڀ ژ . سواء كان رجال أو امرأة. قتلكما أن الزاني إن كان مل يتزوج فإنه يقام عليه حد اجللد، وال ي

. 2النور ژڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٿ

وعموما؛ فإنه يوجد يف اإلسالم إقامة للعقوبات البدنية، واليت بسببها يتهم بعض الناس اإلسالم بأنه دين

.قسوة وعنف

هلا كقانون يرتبط باجلميع، ويطلب تطبيقه على لكن البد عند النظر يف هذه الوقائع والعقوبات أن ينظر

.فهو يف احلقيقة أذى وضرر على اجمللود لكنه صيانة وحفظ لبقية أفراد اجملتمع .اجلميع

وعندما تقف عند . 21 البقرة ژڭ ڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ژ : لقد جاء يف آية قرآنية

ولكن عندما تعرف أن يف . ونفس تقتل بنفس! وأي حياة: ناها، ستقول جزماهذه اآلية ألول وهلة وأنت جتهل مع

القضاء على اجلرمية بالعقوبة محاية حلياة الناس وأمن على أرواحهم وأمواهلم، يكون لك تصور أوضح ملعنى

.اآلية، ومغزى وجود العقوبات البدنية

:تعليق على العقوبات البدنية يف اإلسالم

الرمحة والعفو، ويف الوقت ذاته جند فيها تقوم علىالقسوة والصرامة، فتعاليم اإلسالم قد خيلط البعض بني

.(3)صرامة يف تطبيق النظام على املعتدي

. ٥2-1 اجلنايات وعقوباتها يف اإلسالم وحقوق اإلنسان، حممد بلتاجي، ص: راجع للتوسع( )

.سرقة: املوسوعة الفقهية، مادة: السرقة يفراجع تفاصيل أحكام ( 2)

حقوق اإلنسان يف اإلسالم، والرد على الشبهات : هناك عدد من االعرتاضات على احلدود يف اإلسالم، راجع يف اجلواب عنها( 3)

=

-31 -

– هي قبيلة الرسول و –ولنقف هنا عند حادثة سرقة قامت بها امـرأة من بين خمزوم وكانت قبيلة قريش

ومن : ؟ فقالوا ومن يكلم فيها رسول اهلل : قال نفر من قريشأصابها اهلم من األمر بقطع يد هذه املرأة، ف

أتشفع يف حد : )فقال رسول اهلل . ، فكلمه أسامة ليشفع هلا جيرتئ عليه إال أسامة ابن زيد حب رسول اهلل

ا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق إمنا أهلك الذين قبلكم أنهم كانو: )ثم قام فخطب!(. من حدود اهلل

.( )(فيهم الضعيف أقاموا عليه احلد، وأيم اهلل لو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت يدها

فالعقوبات يف اإلسالم فيها شدة وصرامة، ويرتتب عليها ضرر وأذى ملن ستقام عليه، فاجللد وقطع اليد ليس

عالج ال بد منه، وال ميكن قيام أمن وال حياة وال جمتمعات مستقرة أمرا سهال، وهو شديد على النفوس، لكنه

من دون التزام بالشدة يف مقامها، فالرفق يف مقام الشدة ضعف وخور، كما أن الشدة يف مقام الرفق عنف

فهذه العقوبات شديدة يف مقامها، حيث تنزل علىوقسوة، والوسط هو الشدة يف مقامها والرفق واللني يف مقامه،

اجملرمني الذين يتجاوزن احلدود وينتهكون احلقوق فال بد من إجراء صارم حيفظ احلقوق الشرعية من هذا هذه

التجاوزات، وهلذا فكل العقوبات املعاصرة ما زالت عاجزة عن إيقاف السرقة، كما أنه جيري يف ظرف ختطيط

قطع يده عند اجتماع شروطه سيكون مسبق وخفاء حمكم ويعتدي على الناس يف مأمنهم، فاإلجراء الشديد يف

.سببا للتضييق على جرمية السرقة، وسيحسب اجملرم ألف حساب قبل أن يرتكب جرميته

:والعدوان على اآلخرين نيب اإلسالم

عدل صفوف أصحابه يوم غزوة نعرض هنا إىل حادثة تطبيقية تتعلق حبقوق اإلنسان، وهي أن رسول اهلل

: من الصف، فطعن يف بطنه بالقدح، وقال[ بارز]دل بها، فمر بسواد بن غزية وهو مستنتل بدر، ويف يده قدح يع

فكشف رسول اهلل : قال ! أوجعتين، وقد بعثك اهلل باحلق والعدل، فأقدني: يا رسول اهلل: ، فقالاستو يا سواد

يا : ما محلك على هذا يا سواد؟ قال: ال رسول اهلل استقد، فاعتنقه سواد فقبل بطنه، فق: عن بطنه، وقال

فدعا له رسول ! أن ميس جلدي جلدك: ، فأردت أن يكون آخر العهد بك[ أي احلرب]حضر ما ترى ! رسول اهلل

اهلل (2).

قبل موته أال يكون قد اعتدى على أحد من الناس بغري حق، ويروى أن النيب لقد حرص نيب اإلسالم

منه، أال ومن [ يقتص]فمن كنت جلدت له ظهره فهذا ظهري فليستقد : )...ناس، وخطب فيهم قائالاجتمع بال

، كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، أال ال يقولن رجل إني اخشى الشحناء من قبل رسول اهلل

ن كان له، أو حللين فلقيت أال وإن الشحناء ليست من طبيعيت وال من شأني، أال وإن أحبكم إلي من أخذ حقا إ

اهلل وأنا طيب النفس، أال وإني ال أرى ذلك مغنيا عين حتى أقوم فيكم مرارا، ثم نزل فصلى الظهر ثم عاد إىل

، وال يقول فضوح الدنيا، وإن أيها الناس من كان عنده شيء فليرده: )املنرب فعاد ملقالته يف الشحناء وغريها ثم قال

أما : فقال . يا رسول اهلل إن لي عندك ثالثة دراهم: فضوح الدنيا أيسر من فضوح اآلخرة، فقام إليه رجل فقال

=

.43 املثارة حوله، سليمان احلقيل، ص

(.3222) 222 /3صحيح البخاري ( )

وهناك ما يشابه (. 223٥)، وحسن إسناده األلباني يف السلسلة الصحيحة 23 /3ن رواية ابن إسحاق السرية النبوية البن هشام، م( 2)

وصححها (. ٥2٢2) 322/ 3املستدرك على الصحيحني : راجعها يف. وأسيد بن احلضري هذه احلادثة وقعت بني رسول اهلل

.احلاكم ووافقه الذهيب

-3 -

تذكر يوم مر بك مسكني فأمرتين أن أدفعها : إنا ال نكذب قائال وال نستحلفه، فبم صارت لك عندي ؟ قال

. ( )[(ابن عم النيب]فضل ادفعها إليه يا : إليه فقال

رمبا يعجب القارئ من موقف كهذا، من رجل أذعنت له جزيرة العرب خالل سنوات معدودة، ومل تستطع

الكربياء أن متلك قلبه، ولقد كان من الواضح قد اولعوا حببه ملا متيز به من تواضع وحسن خلف ولني معاشرة،

آل عمران ] ژڀ ڀ ٺٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹٹ پ ڀ ڀ ژ : وقد ذكره القرآن الكريم بقوله

٥1 .]

من مهابة منه، إال أنهم مع هذه املهابة كانوا يعلمون أنه ال يعتدي على أحد، وعلى ما كان أصحاب النيب

سان عنده عظيما، وإن مل يدخل لقد كان حق اإلن. بل كان مهابا بال قسوة، عرفه أصحابه بالعدل وعدم العدوان

.يف مواثيق دولية، إال أنه كان يطبق ما هو أرفع منها على أرض الواقع

ومما ينبغي أن يعلم أن النصوص الكثرية يف القرآن الكريم والسنة النبوية احملرمة للعدوان على اآلخرين

جملرمني واملفسدين واملعتدين واخلارجني عن وظلمهم، ال تعين بأي حال من األحوال التسامح والرفق والشفقة على ا

الشريعة والقانون، حيث إن هؤالء الفئة من الناس قد حددت الشريعة اإلسالمية، وحتى القوانني الوضعية جزاءهم

.(2)وعقوبتهم مقابل ما يرتكبونه من جرم؛ ألنه من الطبيعي أن الرفق باجملرم يعين القسوة بالطرف املعتدى عليه

:املة المسجونينمع: ثانيا

:معاملة السجني يف اإلسالم

مل لقد بدأ اإلسالم ومل يكن للسجن يف بدايته رجال خمتصون، وال أماكن حمددة له، ففي عهد النيب

.يتخذ بنيان معني للسجن؛ وإنما كان السجني يوضع يف املسجد أو يف البيوت أو يف اخليام

الدولة اإلسالمية واتساعها، وبداية ظهور املشكالت فيها؛ احتاجت وأما يف الفقه اإلسالمي، فبعد تطور

الدولة إىل وجود سجن مستقل، وأول من أقامه يف اإلسالم هو اخلليفة الثاني عمر بن اخلطاب، حيث اشرتى دار

.(3)صفوان بن أمية وجعلها سجنا

ٻ ٻ ٻ ٱ ٻژ : وجاء ذكر السجن يف نصوص قليلة يف الشريعة، فقد جاء يف القرآن

.٥ النساء ژپ پ پ پڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ

ثم نسخ األمر بالرجم للزاني احملصن، واجللد . فكانت الزانية يف بداية اإلسالم تسجن يف البيت، حتى متوت

.لغري احملصن

. سيد من سادات قومه مثامة بن أثال: فقد سجن. فيها النيب كما كان هناك بعض احلاالت اليت سجن

سيد أهل اليمامة، خيال قبل جند فجاءت برجل من بين حنيفة يقال له مثامة بن أثال بعث رسول اهلل )فقد

عندي يا حممد : ؟ فقالماذا عندك يا مثامة: فقال فربطوه بسارية من سواري املسجد، فخرج إليه رسول اهلل

وكرر رسول ]خري، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد املال فسل تعط منه ما شئت،

(.2 24)واحلديث ضعفه األلباني يف ضعيف اجلامع (. 2 2)2/221 املعجم الكبري للطرباني ( )

.24حقوق اإلنسان وحرياته األساسية يف الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي، للراجحي، ص( 2)

. ٢/34، السنن الكربى، للبيهقي ( 2321) ٥/2مصنف ابن أبي شيبة ( 3)

-32 -

امة، فانطلق إىل خنل قريب أطلقوا مث: ، فقال رسول اهلل [هذا السؤال لثمامة ثالث مرات يف ثالث أيام اهلل

يا حممد واهلل . من املسجد فاغتسل، ثم دخل املسجد، فقال أشهد أن ال إله إال اهلل وأشهد أن حممدا عبده ورسوله

ما كان على األرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إلي، واهلل ما كان من دين

ك أحب الدين كله إلي، واهلل ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح أبغض إلي من دينك، فأصبح دين

.( )...(بلدك أحب البالد كلها إلي

مالذي دفع بهذا الرجل ذي املنزلة العالية يف قومه إىل أن يتنازل عن دينه، ثم حيسن : والسؤال املهم هنا

إسالمه بعد ذلك؟

األسرى والسجناء، وهو ما مل يكن معهودا يف ثقافة تلك األزمان، ال شك أن هذا يرجع إىل حسن املعاملة مع

. وكذا لما رأى من حسن خلق هذا النيب معه ومع أصحابه

ورجع . احلنفي، أحسنوا إساره هذا مثامة بن أثال: )ملا رأى مثامة قال ألصحابه ويروي أهل السري أن النيب

أن [ ناقة ذات لنب]امجعوا ما كان عندكم من طعام فابعثوا به إليه، وأمر بلقحته : هله فقالإىل أ رسول اهلل

.أي يشرب صباحا ومساء. (2)(يغدى عليه بها ويراح

ژ حسان للسجني بوضوح يف اآلية القرآنية اليت امتدح اهلل فيها املؤمنني به ووصفهم بأنهم ويظهر مبدأ اإل

. 2اإلنسان ژ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ

(.2٢3 ) 32٢ /3، صحيح مسلم (4 4) ٥21 /4صحيح البخاري ( )

. ٢/٥السرية النبوية البن هشام ( 2)

-33 -

(اإلنسان بين المساواة والتمييز) حق المساواة: الوحدة الرابعة

حتتل قضية املساواة والتمييز بني بين البشر مكانا واسعا من مساحة االهتمام الدولي حبقوق اإلنسان، وال

بدأ، حتى يف االتفاقيات غري املختصة حبقوق أدل على ذلك كثرة اإلعالنات واالتفاقيات والتأكيدات على هذا امل

. اإلنسان

األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، من مكتب : يف الذكرى الثالثني لإلعالن العاملي لألمم املتحدة صدر كتاب

ولقد احتلت مسألة املساواة والتمييز مساحة كربى يف هذا الكتاب مقارنة باملسائل . اإلعالم يف األمم املتحدة

.، ومل توازه إال قضية املرأةاألخرى

على أن يتعهد مجيع األعضاء على تشجيع وتعزيز حقوق ( ٥٢: )كما نص ميثاق األمم املتحدة يف املادة

.( )واجلنس والدين واللغة اإلنسان، دون متييز بسبب العرق

بالكرامة االعرتاف : )اإلعالن على أن وأما يف جمال اإلعالن العاملي واالتفاقيات الدولية، فقد نصت ديباجة

.(الثابتة هو أساس احلرية والعدل والسالم يف العامل وحبقوقهم املتساويةيف مجيع أعضاء األسرة البشرية املتأصلة

وملا كانت قضية املساواة اإلنسانية هي من صلب قرارات اإلعالن؛ جاء النص عليها يف املادة األوىل من

ع الناس أحرارا متساوين يف الكرامة واحلقوق، وقد وهبوا عقال وضمريا وعليهم أن يعامل يولد مجي): اإلعالن

.(بعضهم بعضا بروح اإلخاء

لكل : )كما جاء اإلعالن بالتأكيد على عدم التمييز ألي سبب من األسباب، فقد نصت املادة الثانية، أن

العنصر أو دون أي متييز، كالتمييز بسبب ؛اإلعالن التمتع بكافة احلقوق واحلريات الواردة يف هذا إنسان حق

األصل الوطين أو االجتماعي أو الثروة أو أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو اللون أو اجلنس

(.امليالد أو أي وضع آخر

ل بهذا اإلعالن، وضد أي حتريض على احلق يف محاية متساوية ضد أي متيز خي): املادة السابعةكما أعطت

.(متييز كهذا

العهد الدولي ، وباحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية العهد الدولي اخلاصومن ناحية أخرى؛ اهتم

يف مادتهما الثانية خاصة؛ على التأكيد على مبدأ املساواة، كتقرير دولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية

.طراف فيهملزم للدول األ

والشرعة الدولية حلقوق اإلنسان تقرر مبدأ املساواة بصورة تكاد أن تكون مطلقة، وتعترب ذلك نابعا من

.كرامة اإلنسان األصلية اليت خلق بها

وسنالحظ دخول هذا املبدأ يف كثري من مسائل حقوق اإلنسان الدولية، كالقضاء، والعمل، واملرأة

.(2)لوقت مبدأ مستقل يف حد ذاتهكما هو يف نفس ا.... والرجل

ومل تكتف األمم املتحدة بالتأكيد املستمر على مبدأ املساواة بني بين اإلنسان مبا ورد يف اإلعالنات

. 2٥ األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، مكتب اإلعالم يف األمم املتحدة، ص ( )

. 222، 22٢قانون حقوق اإلنسان، الشافعي حممد بشري، ص (2)

-34 -

واالتفاقيات الدولية العامة يف حقوق اإلنسان، كاإلعالن والعهدين، بل قررت إعالنات واتفاقيات دولية خاصة يف

در إعالن عاملي للقضاء على مجيع أشكال التمييز العنصري، وتطور إىل اتفاقية م ص1٢3 ففي عام . هذا اجملال

.م1٢٥ دولية عام

كما صدر بعد ذلك عدد من االتفاقيات حول قضايا ختتص باملساواة، كاالتفاقية الدولية جلرمية الفصل

.م123 العنصري واملعاقبة عليها، عام

يدخل ضمن االتفاقيات السابقة، إال أن األمم املتحدة -راوهو األكثر انتشا-ومع أن التمييز الديين

أصدرت إعالنا خاصا بشأن القضاء على مجيع أشكال التعصب والتمييز القائمني على أساس الدين واملعتقد،

.م 12 عام

.( )وعموما فإن اإلعالنات واالتفاقيات الدولية كثرية يف هذا اجملال

الدولية يف قضية املساواة أشبه باملثالية اليت ال ميكن تطبيقها على لكن يبقى التأكيد أن االتفاقيات

.الواقع احلي، وال يوجد دولة جتعل كل البشر على درجة واحدة يف املساواة

وقضية املساواة من أهم مواضيع حقوق اإلنسان املعاصرة، وهي تعين املساواة التامة بني البشر يف كل شيء

هلذا فإن امليزان هنا منطلق يف مجلته من هذا املبدأ، نظرا لكون البحث . س واللغةبغض النظر على الدين واجلن

.يتعلق باملقارنة باإلعالن، بغض النظر عن مدى موافقة الباحث من عدمها

اإلسالم وقضية المساواة والتمييز

.وصور التمييز قضية املساواة يف اإلسالم مسألة مثرية للجدل، وسيكون البحث فيها حول صور املساواة،

:المساواة في اإلسالم وصورها: أوال

:تكريم اإلنسان

ک ک ک گ ژ: تظهر حقائق تكريم اإلنسان يف العديد من آيات القرآن الكريم وأحاديث السنة النبوية

. 21اإلسراء ژگ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ

. 4التني ژڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ژ : جعل الرب حيسن خلق اإلنسان هذا التكريم

ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ژ : كما جعل املالئكة تسجد هلذا املخلوق

. 22- 2ص ژھ ھ ھ ے

هل جنس البشر أفضل من جنس املالئكة : بني بعضهم إن هذا التكريم وصل باملسلمني إىل درجة اخلالف

(2)أم ال ؟

اإلنساني، واحرتامه وتكرميه وال شك أن النصوص القرآنية واضحة متام الوضوح يف مسألة تكريم اجلنس

. 421-322/ الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان : راجع لالطالع على نصوصها ( )

.2البينة : ، على1/٥1أضواء البيان ، 21اإلسراء : على سورة ٥/12تفسري ابن كثري : جعرا (2)

-3٥ -

ومل تكن هذه النصوص جمرد مبادئ نظرية، لكنها كانت أوضاعا عملية، والنصوص النبوية. على احليوان

.( )تهتم بتطبيق عملي هلذه النصوص القرآنية

:البشري اإلعالن اإلسالمي للمساواة يف اجلنس

عندما حج النيب إىل بيت اهلل احلرام يف مكة املكرمة، اجتمع عنده يف هذا احلج عشرات األلوف من

هذا؛ أن الناس جاؤوا خمتلفي األجناس، واملهم يف . البشر، حيث أصبح هذا احلج أكرب اجتماع إسالمي يف وقته

فخر كل قبيلة بنفسها، فضال عن -كعادة القبائل العربية قبل اإلسالم–والقبائل، قد جتذر يف نفوسهم

.موقفهم من العبيد وأراذل الناس

، وإن أباكم واحد أال إن ربكم واحد ،يا أيها الناس: )خبطاب هؤالء اجلموع، وقال هلم وهنا بدأ النيب

.(2)(ال ال فضل لعربي على أعجمي وال لعجمي على عربي وال ألمحر على أسود وال أسود على أمحر إال بالتقوىأ

خطورة العصبيات العنصرية على اجملتمعات عموما، ولذا جند حارب مثل هذه العصبيات، لقد علم النيب

.و صدرت من أصحابهومل يكن يقبلها حتى ل

:هل هناك مساواة تامة بني البشر يف اإلسالم

خلطا بني مفهوم كرامة اإلنسان يف يلحظ" حقوق اإلنسان يف اإلسالم"لكثري من املتحدثني عن القارئ

اإلسالم، ومبدأ املساواة التامة بني البشر، وقد يكون مرجع ذلك إىل احلرص على عرض اجلانب املتوافق مع

.العاملي حلقوق اإلنسانالتوجه

مل جيعل اللذين اخنرطوا فيه مبنـزلة الذي أبوا -كغريه من األديان-وهنا البد من اإلشارة إىل أن اإلسالم

فالناس ليسوا سواء، وعلى أقل األحوال يف احملبة القلبية الواجبة بني املسلمني بعضهم لبعض، ومنع . أن يدخلوا فيه

. املمتحنة ژٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ٱ ٻ ژ : املواالة ألعدائهم

ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ژ : ويف نفس السورة يأتي التوجيه القرآني

ڈژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڻ ڻ ڻ ۀ

. 1-2املمتحنة ژۀ ہ

: إذا، فليس يف شريعة اإلسالم مساواة تامة جتعل املؤمن باهلل كالكافر به، كما جاء يف القرآن الكريم

. 22 البقرة ژڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ژ

يف البشر بني التفرقة كانتأنواع من املساواة، حيث لكن يبقى أن اإلسالم وشريعته جاءت مبعاني عليا يف

وكلها قام ... والعبودية واحلرية والضعف، والقوة والفقر، والغنى واللون، اجلنس إىل تستند القدمية اجملتمعات

.اإلسالم بإزالتها، بل وذم من يعتمد عليها

املساواة إمنا تكون إذا تساوى الشخص مع غريه مبدأ تقوم على " كدين"من جانب آخر، فإن رؤية اإلسالم

، حقوق اإلنسان يف اإلسالم دراسة مقارنة مع اإلعالن العاملي ٥1 حقوق اإلنسان يف اإلسالم، راوية الظهار، ص: راجع يف هذا ( )

. ٥ واإلعالن اإلسالمي، حممد الزحيلي ص

. ٥/4مسند أمحد بن حنبل (2)

-3٢ -

يف االستحقاق فيجب أن يكون مثله وأن ال يفضل عليه بسبب لونه أو جنسه أو قرابته أو حنو هذه العوامل غري

املؤثرة، إال أن من املؤثر يف االسالم يف بعض األحكام وجود الدين وهو ما ال تعرتف به القانون املعاصر لكونه

.على منطلقات علمانية حبتة مبنيا

:أكرم البشر أتقاهم هلل

ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇڇ ڇ ڍ ژ : دائما ما يكرر املسلمون اآلية القرآنية

. 3 احلجرات ژڍ ڌ ڌڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ

من التمايز بني البشر بناء على معايري بشرية، وهذه اآلية كأن فيها بيانا حلال الشعوب اليت أقامت حاالت

، وتأتي هذه اآلية لتضع املعيار اإلسالمي يف كرامة البشر عند اهلل، فكلما كان اإلنسان أتقى ...من لون وجنس

.فالناس يف اإلسالم متساوون فيما بينهم، وال فرق بينهم إال التقوى هلل، أي بتمسكهم بدين اهلل. كان أكرم

ولك - ن على الكعبةفأذ بن رباح بالل يرق -وهو يوم عظيم يف تاريخ اإلسالم-فتح مكة م ملا كان يو

هذا العبد األسود : فقال بعض الناس -أن تعلم أن من مساوئ البشرية من قديم الزمان احتقار بعض األجناس

ڇ ڍ ڍ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇڇ ژ : فنـزلت اآلية!...يؤذن على ظهر الكعبة

.( )ژڌ ڌڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ

والذي بيع عبدا يف مكة، وقد اشرتاه أبو -لقد كان بالل احلبشي، ذلك الرجل الغريب عن بالد العرب

عن أحد أهم املناصب الدينية يف تلك مسؤوال قد جعله رسول اهلل -بكر من أسياده املشركني وأعتقه

يف املدينة املنورة، حيث مل يشرتط اإلسالم شروطا خاصة سجد رسول اهلل أال وهو األذان للصالة مب، الفرتة

.، بل مجيع الناس سواء يف هذه املسائل"رجال الدين"فيمن يسمى يف املصطلحات املعاصرة

الناس بعمومهم كفارا كانوا أو مؤمنني يشرتكون فيما يفتخر به : )يقول فخر الدين الرازي يف هذه اآلية

،واالفتخار إن كان بسبب الغنى فالكافر قد يكون غنيا واملؤمن فقريا وبالعكس .اإلميان والكفر املفتخر غري

فالناس فيما ليس .فالكافر قد يكون نسيبا واملؤمن قد يكون عبدا أسود وبالعكس ؛وإن كان بسبب النسب

إن كل من يتدين بدين يعرف أن ف ،وشيء من ذلك ال يؤثر مع عدم التقوى من الدين والتقوى متساوون متقاربون

.(2)(من يوافقه يف دينه أشرف ممن خيالفه فيه

.(3)(يعين بالال. أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا: )عمر بن اخلطاب يقول عن بالل: وقد كان اخلليفة الثاني

ذي مل ميض على إسالمه إال القليل من وهذه كلمة كبرية عظيمة املعنى، خرجت من فم عمر، وهو ال

السنوات، لتعرب عن االنقالب الذي أحدثه اإلسالم يف عقل ذلك العربي الذي نشأ وتربى يف بيئة طبقية تزري

ومع . مهانة إىل مهانة -يف نظرهم القاصر-فإذا اجتمع مع هذه العبودية سواد لون البشرة؛ فإن ذلك . بالعبيد

.(4)نفس عمر، وأدرك أن السيادة تكون يف السبق إىل اإلسالم ذلك حتطمت كل األصنام يف

(.2٢21 ) 1/331٢ تفسري ابن أبي حامت ( )

. 2 /22 للرازي( مفاتيح الغيب) التفسري الكبري (2)

(.3٥44) 32 /3صحيح البخاري (3)

. 4٢حق املساواة بني اإلسالم واملواثيق الدولية، ياسر عبد التواب، ص (4)

-32 -

الذي أكرمه اإلسالم وساواه مع غريه من املسلمني ليس إال من -ذلك العبد احلبشي-وهنا نتذكر بالال

.نسل حام الذي تقول التورآة أن اجلنس الذي قضى الرب أن يكون عبدا للساميني

بعد فتح مكة، أي يف زمن القوة السهولة أن يطبقه النيب كان من -الكرامة للتقي-وهذا املبدأ

والسيطرة التامة له، بل مل يكن أحد يستطيع أن يعارض هذا املبدأ معارضة عملية، ألنه بعد الفتح أصبحت

طبق يف فرتة -الكرامة للتقي-لكن الغريب حقيقة أن هذا املبدأ . السيطرة قوية يف قبضة نيب اإلسالم

ولقد كان من البالء الكبري يف بداية دعوة اإلسالم أن الداخلني فيه . يطارد فيها، ويهان ويراد قتله لنيب كان ا

سببت -تبعية احملتقرين للنيب -هم الضعفاء يف اجملتمع، ممن ال قيمة تذكر هلم عند الناس، وهذه احلالة

. نفون من السماع ألقوال نيب اإلسالم بعضا من املشكالت، وجعلت عددا من كبار الشخصيات يف مكة يأ

جيرتئوناطرد هؤالء ال : فقال املشركون للنيب ... ستة نفر مع النيب كنا : ( )روى سعد بن أبي وقاص

ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئىئ ی ی ی ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب ژ : ، فأنزل اهللعلينا

. ٥2األنعام ژحب خب مب ىب يب جت

، يف ناس من الضعفاء من املؤمنني قاعد أنه جاء ناس من كبار أشراف العرب ورسول اهلل (2)ويف رواية

إنا نريد أن جتعل لنا منك جملسا تعرف لنا به العرب :فأتوه فخلوا به وقالوا ،حقروهم فلما رأوهم حول النيب

. فإذا حنن جئناك فأقمهم عنك. [العبيد] دانا العرب مع هذه األعبفإن وفود العرب تأتيك فنستحيي أن تر ،فضلنا

ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئىئ ی ی ی ژ فأنزل اهلل . فإذا حنن فرغنا فاقعد معهم إن شئت

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ ی جئ حئ مئ ىئ يئ جب حب خب مب ىب يب جت حت

. ٥3-٥2األنعام ژپ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ

:محاربة اإلسالم للعنصرية

إن العامل اجلوهري واألكثر ديناميكية يف جمال األخالق : )جاء يف املوسوعة الربيطانية ما ترمجته

االجتماعية اليت منحها اإلسالم لإلنسانية هو املساواة، فكل أعضاء اجملتمع املسلم بغض النظر عن العرق أو اللون

.(3) (ملركز االجتماعي واالقتصادي أعضاء متشاركون على قدم املساواة يف اجملتمعأو ا

لقد قام نيب اإلسالم بالعديد من احملاوالت إلبعاد النزعة العنصرية املنتشرة يف ذلك الزمان، وكان رمبا احتد

إن اهلل عز : )وقال مرةعلى أصحابة يف القول بسبب ذلك، وكان دائما ما يكرر هلم الكالم حول هذا املوضوع،

وآدم من ،أنتم بنو آدم ،مؤمن تقي وفاجر شقي ،وفخرها باآلباء اجلاهلية[ التكرب] وجل قد أذهب عنكم عبية

نوع من ] يكونن أهون على اهلل من اجلعالنأو ل ،رجال فخرهم بأقوام إمنا هم فحم من فحم جهنم عنديل ،تراب

.(4)(اليت تدفع بأنفها الننت ،[احلشرات

(.4٢) 222 /4صحيح مسلم كما يف ( )

(.22 4) 322 /2سنن ابن ماجه (2)

. ط 12-12التسامح والعدوانية بني اإلسالم والغرب، صاحل احلصني، ص: نقال عن كتاب( نسخة اجنليزية)املوسوعة الربيطانية (3)

.كرسي األمري سلطان للدراسات اإلسالمية املعاصرة

عون : وراجع املعاني يف(. 311)وصححه ابن حبان يف صحيحه (. 3221) ٥/321سنن الرتمذي ، (٢ ٥) 4/33سنن أبي داود (4)

. ٢ /4 ، مشس احلق أبادياملعبود

-32 -

رته فعي ،[غري عربية] وكانت أمه أعجمية ،كان بيين وبني رجل من إخواني كالم: ويقول الصحابي أبو ذر

من :قلت يا رسول اهلل ،إنك امرؤ فيك جاهلية :فقال يا أبا ذر، فلقيت النيب ، فشكاني إىل النيب ،بأمه

.( )(إنك امرؤ فيك جاهلية !يا أبا ذر :قال ،سب الرجال سبوا أباه وأمه

الرسالة اإلهلية عرب قرون عديدة، وهو أمر رمبا مبتحميله بين إسرائيلكرم يف زمن سابق وال شك أن اهلل

ڦ ڦ ڦ ڦ ژ : مع تأكيد القرآن علـيه -نظرا للعداء السياسي-أن يعرتف به قصر بعض املسلمني

. ٢ اجلاثية ژڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ

، وإمنا لكونهم محلوا الرسالة اإلهلية، هذا التكريم مل يكن لذات اجلنس الذي مل يفههم هو أن لكن

ژڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ژ : تكريم له تبعاته الشاقةوهو

. 41البقرة

من أقل باعتباره إليه ينظر كان)إال أن العقل اإلسرائيلي فهم أنها تكريم جلنس بعينه، حتى أن الذي يتهود

م كثريا من الذم لليهود الذين احنرفوا عن الطريق ، ولذا جند يف القرآن الكري(2)(يهوديا ولد شخص أي

الكتب املقدسة )عديد من املواطن يف التوراة ومواطن من العهد القديم املستقيم، كما ذكر هذا الذم أيضا يف ال

(عند اليهود

وقد أكد اهلل مبدأ تساوي الناس يف كونهم خملوقني هلل، والفضل كل الفضل ملن أطاعه واتقاه، ال لكون

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پپ پ ڀ ڀ ڀڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٿ ژ . هلل جعل الرسالة فيهم فقطا

. 2 املائدة ژٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦڦ ڄ ڄ ڄ

:التمييز داخل الشريعة اإلسالمية

نه يف نفس الوقت هناك بعضا من الصور اليت ال إال أ، اإلسالم يظهر العديد من مظاهر املساواة يف تشريعاته

.(3)يظهر فيها املساواة التامة، سواء بني املسلم وغريه، أو داخل الشريعة اإلسالمية بني أتباعها

عن أحكام املسلمني، وإن كان هلم -اليهود والنصارى-ويظهر ذلك بوضوح يف متييز أحكام أهل الذمة

من غري -لشريعة اإلسالمية، ومل يكونوا جيدونها يف كثري من الشرائع عدد من االمتيازات اليت قدمتها ا

.اليت كانوا حتت سلطتها -دينهم

مينع التوارث بني املسلم -سواء كان ذميا أم وثنيا-أن اختالف الدين باب املرياث أو اإلرث؛ نجد يف ف

لكافر باإلسالم الختالف الدين، حتى لو كان املستفيد هو املسلم، فال توارث بينه وبني ا. وغريه، والعكس

مع أن هذا احلكم يف حد ذاته يوجد . (4)(ال يرث املسلم الكافر وال الكافر املسلم: )كما جاء يف احلديث النبوي

(.31) 21/ ، وجاء بنحوه يف صحيح البخاري ( ٢٢ ) 222 /3صحيح مسلم ( )

م من فخره على بالل، وقام ويشتهر عند عدد من الكتاب حنو هذه احلادثة بني أبا ذر وبالل بن رباح احلبشي، وفيها أن أبا ذر ند

....بوضع خده على األرض ليطأ عليه بالل

.ومع كثرة البحث يف كتب السنة النبوية والسري والتاريخ؛ مل أجد سندا وال أصال هلذه القصة: أقول

.دخيل: دائرة املعارف الكتابية، مادة: راجع (2)

. 3٥1ق اإلنسان الوضعية، عدنان النحوي، صاملسلمون بني العلمانية وحقو: راجع (3)

(.4 ٢ ) 233 /3صحيح مسلم ، (٢323) ٢/2424صحيح البخاري (4)

-31 -

.فيه مساواة من جهة أخرى، وهي أن كالهما ال يقدر أخذ مال من خيالفه يف الديانة

مسلم يقتلال )، استدالال باحلديث النبوي عدم قتل املسلم بالكافركما يذهب أكثر فقهاء اإلسالم إىل

. ، ويف تقرير هذا احلكم خالف بني العلماء( )(بكافر

وب يف لكن ذلك ال يعين استصغار جرمية كهذه، بل إن من فعلها يعد فاعال كبرية من كبائر الذن

،مل يرح رائحة اجلنة [غري مسلم وبينه وبني املسلمني عهد] من قتل معاهدا: )اإلسالم، كما جاء يف احلديث النبوي

إال أنه ال يقتل به، بل عليه أن يدفع الدية إىل أهله، كما أن عليه . (2)(وإن رحيها توجد من مسرية أربعني عاما

ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ژ: له بطريق اخلطأ بنص القرآن الكريمالدية حتى لو قت

ژڇ ڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ

. 12النساء

.لكن هذه الدية هي نصف دية املسلم

ٿ ٿ ٹ ٹ ٿ ٿ ژ: ، كما يذكر القرآندخول حرم مكةكما يمنع غري املسلم من

. 22التوبة ژٹ

، وأيضا يمنع منه الذمي، يف قول مجهور (أي حرم مكة املكرمة)فاملشرك ال يدخل املسجد احلرام

.العلماء، استدالال بعموم هذه اآلية

تفسري ويقوي هذا الرأي،. مكة املكرمة -بدون استيطان-وذهب بعض العلماء إىل جواز دخول الذمي

.(3)(أو أحدا من أهل الذمة [غري مسلم] إال أن يكون عبدا: )الصحابي جابر بن عبد اهلل آلية املنع هذه، بقوله

ع من أن تتزوج ؛ فاإلسالم وإن أباح الزواج من نساء اليهود والنصارى خاصة؛ إال أنه ميانمسألة الزواجوأما

.كما أن املسلم ال جيوز له أن يتزوج بالوثنية أيضا، كما سيأتي تفصيله. املسلمة من غري املسلم أيا كان

وخالصة األمر أنه عندما نتكلم عن قضية مساواة أو متييز فال بد أن يكون حكمنا مبنيا على تصور تام

من القضايا يف عدم املساواة من ضمن كم كبري من ومبعنى آخر، ال يعقل أن نأتي لعدد قليل . قبل احلكم

.األحكام اليت يظهر فيها قضية املساواة؛ ثم نصدر حكما شامال أن الدين الفالني ال يوجد فيه مساواة

املساواة ختتلف عن و، األمر الذي تركز عليه النصوص اإلسالمية ليس مصطلح املساواة، بل مصطلح العدل

فيما سبق من صور فاختالف الدين ال أماة بني املتماثلني وهو ما كفلته الشريعة، العدل، فالعدل هو املساوا

جيعلهما متماثلني فالتساوي بينهما هو ظلم وليس عدل وإن كان الغرب ال يعرتف بهذا فهو راجع إلنكاره ملرجعية

.الوحي يف معرفة حقوق اإلنسان

(. ) ٥3/ صحيح البخاري ( )

.صحيح البخاريسبق خترجيه وهو يف (2)

(.321 ) ، يف صحيح ابن خزميةابن خزمية ، وصححه(1122) ٢/٥3 مصنف عبد الرزاق (3)

البكري واملارودي، املوسوعة : ، حتقيق314/ ، البن القيمأحكام أهل الذمة: خول غري املسلم إىل حرم مكةوراجع يف حكم د

. 222ص ، لأللباني فقه السنة والكتابيف الثمر املستطاب، 2: حرم، فقرة: الفقهية، مادة

-41 -

(ل والمرأةالمساواة بين الرج)حق المساواة : الوحدة الخامسة

قضية مساواة الرجل باملرأة هي واحدة من القضايا املتعلقة حبقوق املرأة، حيث أن حقوق املرأة جماهلا واسع

لكن املقصود هنا هو جمرد النظر يف قضية املساواة، واليت هي إحدى . وكبري، وحيتاج إىل حبث أوسع من هذا

.ملرأة كما يظن البعضاحلقوق اليت ينادى بها للمرأة، وليست هي كل حقوق ا

ال بد من االعرتاف قبل بداية هذا البحث بأن الكالم حول املرأة وحقوقها من أكثر املوضوعات حساسية يف

األزمان املتأخرة، وذلك نظرا لكثرة النظريات حول املرأة وطبيعة احلقوق اليت هلا، ومدى مواءمتها وطبيعتها

.التكيف للمساواة التامة من كل الوجوه بينها وبني الرجل األنثوية، ويف نفس الوقت مدى قدرتها على

لقد أشرنا سابقا أن . سبب املفهوم املعاصر هلذا األمر هو ردة الفعل الغربية لواقع املرأة يف اجملتمعات الغربية

خرجة صياغة مفاهيم حقوق اإلنسان كانت وفق الرؤية الغربية، وكانت الدول الغربية وقت الصياغة حتتل أو للتو

ردة الفعل هذه جعلت املنظمات النسوية تنشط بشكل بالغ جبعل . من احتالل مساحات واسعة من العامل اآلخر

هذه الرؤية أثرت الحقا على اجملتمعات اآلخرى اليت ! املرأة واقعيا ويف احلياة العامة تشابه الرجل من كل الوجوه

.مل تكن تعرف إال تقاسم األدوار بني اجلنسني

إىل أن املساواة التامة اليت تدعو هلا إعالنات واتفاقيات حقوق اإلنسان، ال ميكن الوصول إليها هنا وأشري

وبغض النظر عن بعض الكتابات . متاما من خالل النصوص املقدسة، سواء عند اليهود أو املسيحيني أو املسلمني

وق املرأة يف القانون الدولي متوافقة وتعليمات واآلراء من سائر أتباع أهل األديان الثالثة حيث التكلف يف جعل حق

وحتى لو نادى بتلك -من خالل نصوص الكتب املقدسة-فهذا أمر ال ميكن حصوله حقيقة ! شرائعهم متاما

يؤكد .احلقوق بعض أتباع تلك الشرائع، وكتبوا فيها كتابات؛ فإن النصوص يف كتبهم املقدسة تأبى ذلك

كيف نفهم علم الالهوت؛ أن مثل هذه املوضوعات هي من األمور : كتابه املشهوريف " الالهوتي املسيحي"كندل

يف دعوتها -ويؤكد أن احلركات النسائية . ( )املستحدثة، ومل يكن أحد يفكر يف قيام املرأة بوظيفة كنسية

التنظيمات وهو األمر الذي كررت ذكره مرارا؛ من أن. (2)أثرت على الكنيسة تأثريا كبريا -للمساواة التامة

.الدولية اجلديدة أثرت على أتباع األديان يف قراءتهم لنصوصهم املقدسة

:األمم املتحدة وقضايا املساواة بني اجلنسني

ال يعرف على مر التاريخ البشري أن حضارة من احلضارات قامت بإرساء قواعد املساواة التامة بني الرجل

إال يف أضيق الظروف؛ كما حدث يف هذا القرن، من خالل الدعوات واملرأة من كل الوجوه، وإلغاء سائر الفروق

هلذا األمر سواء من أفراد عاديني أو من خالل مجعيات خمتلفة من ذوي االجتاهات العلمانية، وخاصة يف اجملتمعات

جل واملرأة من كل وتوج هذا األمر بتبين األمم املتحدة ومؤسساتها املختلفة لقضية املساواة التامة بني الر. الغربية

، وهي "جلنة مركز املرأة"بل مت ختصيص جلان خاصة حبقوق اإلنسان عموما، ومن ضمن تلك اللجان . الوجوه

.(3)جلنة تابعة للمجلس االقتصادي واالجتماعي، داخل دائرة األمم املتحدة

. 3/3٢كيف نفهم علم الالهوت، ( )

. 322، 324/ املرجع السابق (2)

. 242التنظيم الدولي النظرية واملنظمات العاملية واإلقليمية املتخصصة، حممد اجملذوب، ص :راجع (3)

-4 -

ة العديد من مت صياغ -والذي يرجع يف أصله إىل مفاهيم احلضارة الغربية-وعلى ضوء هذا املفهوم

اإلعالنات واملعاهدات الدولية يف هذا املوضوع اليت اختذت من النظرة الغربية للمرأة أصال يعتمد عليه يف إقرار

وهذه النظرة يف التحوالت الغربية للمساواة كانت نتيجة حتمية ملستوى املرأة يف أوربا يف القرون . القوانني

لذا كان االنقالب على تلك املفاهيم . ميارسها الرجل جتاهها آن ذاك الوسطى، ونظرة اإلزدراء التام اليت كان

القدمية يف النظر إىل املرأة يعد انقالبا شديدان ألغى كل الفروقات بني اجلنسني، وبدأ الغرب يفرض منطه

.( )اجلديد يف النظرة للمرأة

نص يف ديباجته على ضرورة املساواة ميثاق األمم املتحدة، والذي : ومن أهم تلك املعاهدات الدولية العامة

التامة بني الرجل واملرأة، وتنص العديد من مواده؛ كاملادة األوىل، والثامنة، والثالثة عشر، واخلامسة واخلمسني،

.(2)والسابعة واخلمسني، على كفالة حقوق اإلنسان األساسية، وعدم التمييز على أي أساس من التمييز

، وورد يف ديباجته 1٢2 إلعالن عاملي للقضاء على التمييز ضد املرأة، وذلك عام كما أن األمم املتحدة دعت

القلق الكبري من التمييز ضد املرأة، مع وجود النصوص املانعة من ذلك يف ميثاق األمم املتحدة، واإلعالن العاملي

.حلقوق اإلنسان، والعهدين الدوليني

تحدة مشغولة بإعداد معاهدة دولية بشأن القضاء على مجيع واألجهزة املختصة باألمم امل 124 ومنذ عام

فأنشأت جلنة مركز املرأة جمموعة عمل إلجناز هذه املهمة، وهكذا استمر تداول . أشكال التمييز ضد املرأة

(3).121 هذه املعاهدة حتى مت إقرارها يف عام

، يف اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسانجاء ويف جمال اإلعالنات واالتفاقيات املتخصصة يف حقوق اإلنسان؛

وملا كانت شعوب األمم املتحدة قد أكدت يف امليثاق من جديد إميانها حبقوق اإلنسان : )كما ورد يف ديباجته

(.ومبا للرجال والنساء من حقوق متساوية ،األساسية وبكرامة الفرد وقدره

قوق واحلريات الواردة يف هذا اإلعالن، دون أي التمتع بكافة احل لكل إنسان حق: )وجاء يف املادة الثانية

(. جال والنساءالر دون أية تفرقة بني ... اجلنس ....كالتمييز بسبب متييز،

العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية ، وباحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية العهد الدولي اخلاصويف

.على مبدأ املساواة التامة بني اجلنسني -كما يف املادة الثالثة– ، جند التأكيدوالسياسية

بدأت األمم املتحدة يف عقد مؤمتراتها اخلاصة ومل تكتف األمم املتحدة مبا سبق ذكره يف املسألة، بل

وهي مؤمترات أحدثت توصياتها لغطا. ، واليت أصبحت موضوعاتها كاملة تتعلق بقضايا املرأة يف العاملباملرأة

.(4)عاما يف العامل بني مؤيد ومعارض

ولقد بلغت درجة الدعوة إىل املساواة إىل أن طلب من احلكومات العمل على تشجيع فتح دور احلضانة، حتى

: ، واختصارها املطبوع بعنوان21 ، فؤاد آل عبد الكريم، صقضايا املرأة يف املؤمترات الدولية: راجع يف ذلك الرسالة العلمية ( )

. 42العدوان على املرأة يف املؤمترات الدولية، ص

. 224مكتب اإلعالم العام يف األمم املتحدة، ص: األمم املتحدة، وحقوق اإلنسان، صادر عن (2)

الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، حممود بسيوني : ، وراجع يف نصوص االتفاقيات املختصة باملرأة231املرجع السابق، ص (3)

/43 -4٢3 .

وهذه الرسالة عبارة عن دراسة نقدية حملصلة هذه . 3٢ ، فؤاد آل عبد الكريم، صرات الدوليةقضايا املرأة يف املؤمت: راجع يف ذلك (4)

.املؤمترات من خالل وثائقها املعتمدة، والقيام بنقدها من خالل الشريعة اإلسالمية

-42 -

.( )(تقاسم األعمال املنزلية بني الرجال والنساء بالتساوي)تتساوى املرأة والرجل يف العمل، وأيضا التأكيد على

الكتاب ويف .األمم املتحدة األكثر أهمية داخل أروقة املوضوعاتمن هو وضوع املرأةأن مومن هنا يظهر

األمم ": ، والذي محل عنوانالذي أصدرته األمم املتحدة مبناسبة الذكرى الثالثني لإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان

يتعلق بها من مسائل، خاصة وما صفحة عن املرأة ٢1: منها ،صفحة ٥ 3، حيث جاء يف "املتحدة وحقوق اإلنسان

.وهو بذلك حيتل املرتبة األوىل من اهتمامات الكتاب .قضية املساواة التامة مع الرجل يف كل شيء

اإلسالم وقضية المساواة بين الرجل والمرأة

تعد من القضايا -كغريها يف األديان األخرى-ال شك أن قضية املساواة بني الرجل واملرأة يف اإلسالم

ولقد كتبت العشرات إن مل تكن املئات من املؤلفات يف احلديث عن املرأة يف . يت أخذت حيزا كبريا من اجلدلال

.اإلسالم، واليت حتتل قضية املساواة فيها مع الرجل املسألة األكثر إثارة

يستدل خمتلفون يف تناول نصوص املساواة بني الرجل واملرأة، فرمبا -كغريهم–وبعض الكتاب املسلمني

ومساواتها بالرجل يف عبادة اهلل، وأن هلا من األجر مثل أجر الرجل إن عملت ، البعض على تكريم املرأة

ورمبا كان سبب . ليصل من ذلك إىل قضية املساواة التامة يف كل شيء، مع أن األمر ليس بالزم.... الصاحلات

.قدر املرأةمن االتهامات الدولية لإلسالم بإنقاص الضعف واخلوفذلك هو

والبحث هنا ليس مسلطا على كتابات املسلمني عن املرأة ومساواتها بالرجل، بل املقصود النظر يف النصوص

.الشرعية من القرآن الكريم والسنة النبوية املتعلقة باملساواة بني اجلنسني

على قضية وحيث أن املوضوع طويل، فسيتم تناوله بشيء من االختصار على شكل نقاط، يركز فيها

.(2)املساواة

:احترام اإلسالم للمرأة، وكرامتها اإلنسانية، وجوانب مساواتها للرجل: أوال

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ژ لقد خلق اهلل الرجل واملرأة من نفس واحدة، واشتق حواء من آدم

. النساء ژڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ

.(3)(إمنا النساء شقائق الرجال: )على احرتام املرأة حيث يقول اإلسالم يؤكد نيب

لقد كانت النظرة للمرأة قبل اإلسالم نظرة دونية، تصل بصاحبها أحيانا إىل أن يقتل ابنته املولودة لكونها

. ع كونها ال ينتفع بها يف أمور القتال والقوةأنثى، ومن أسباب ذلك أنها قد جتلب العار على والدها، م

: وهذا املوقف اجلاهلي العربي قبل اإلسالم؛ استنكره القرآن كثريا، وشنع على فاعليه يف عدد من اآليات

.٥2النحل ژڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ ژ

.، د 3: الفقرة 24م، الفصل 112 املؤمتر العاملي للبيئة والتنمية، ريو دي جانريو ( )

حقوق اإلنسان يف اإلسالم دراسة مقارنة مع اإلعالن العاملي، حممد : ع مبحثا جيدا حول املساواة بني اجلنسني يف اإلسالمراج (2)

. 2الزحيلي، ص

(.23٢) / سنن أبي داود (3)

-43 -

ة يف قضايا العبادات واألجر من اهلل، أو ما كما جند عددا من النصوص الواضحة يف تساوي الرجل واملرأ

ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ: عبادته، ومنها: يسمى املساواة يف الرب، أي

.24 النساء ژژ ڑ ڑ ک ک

ا؛ بظلمها أو أكل ولقد اهتم اإلسالم يف نصوص عديدة بالتأكيد على العناية باملرأة، وعدم استغالل ضعفه

ومل يهنها ومل من كانت له أنثى فلم يئدها: )وجند يف ذلك التوجيه النبوي القائل. حقوقها وتفضيل الذكر عليها

.( )(أدخله اهلل اجلنة -يعين الذكور-يؤثر ولده عليها

.(2)(كن له سرتا من النار يءمن ابتلي من هذه البنات بش: )يقول وكان نيب اهلل

إذ أن املرأة حتتاج إىل . ، تعين أنها مصيبة، بقدر ما هو حتميل للمسؤولية(ابتلي)وال يفهم من النص أن كلمة

.عناية أكثر بسبب استضعاف الرجال هلا

ژ: باملرأة، والتأكيد على حسن عشرتها، ومن ذلكوالقرآن الكريم يأتي بعدد من التوجيهات حول العناية

. 1 النساء ژۉ ۉې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ

وهذه النصوص الواضحة بكل حال؛ ال تدل مطلقا على املساواة التامة بني اجلنسني من كل وجه، بل

.م األنثى ال تعد مساواة من كل وجهالكالم هنا يفهم منه أن نصوص إكرا

:النصوص اإلسالمية في المساواة والتمييز بين الرجل للمرأة: ثانيا

بل هو من باب . الفرق بني اجلنيسني ليس اختالف تضاد حتى يصنع له أعذارا طويلة غري مقنعة للباحث املميز

(.ذكر وأنثى)اختالل التنوع العائد الختالف نوع اجلنيسني

لكنه يف نفس الوقت -كما سبق ذكره يف الفقرة أوال–أعطى اهلل املرأة حقوقا كما أعطى الرجل نعم،

، حتى لو كان هناك 222البقرة ژڳ ڳ ڱ ڱ ڱڱ ں ں ڻژ: أعطي القيادةيذكر أن الرجل

أن التشريع اإلسالمي يتجه إىل احلكم أفرادا من الناس أكثر قيادة من الرجل يف مواطن أو أحوال، لكن يبقى

هذه قاعدة مهمة من قواعد تشريعات اإلسالم، ستزيل كثريا من اإلشكاالت حول . الغالب وليس إال االستثناءات

.العالقة بني اجلنسني، أو حتى تشريعات إسالمية أخرى

من حقوق، أو يظن أن وجند يف نفس الوقت أن القرآن الكريم يدعو كال اجلنسني أال يطالب مبا ليس له

لذا جند القرآن يدعو أتباعه إىل الرضا مبا قسم اهلل من نصيب للرجال . هناك حقوقا للجنس اآلخر، هي من حقه

ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہہ ہ ھ ھ ھھ ے ے ۓ ۓڭ ڭ ڭ ڭ ژ : والنساء

. 32النساء ژۇۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ

:مناذج من عدم مساواة املرأة للرجل

:ولقد جاء يف القرآن الكريم والسنة النبوية العديد من األحكام اليت يتميز فيها الذكر على األنثى، ومنها

(.2342)1٢ /4 ، وصححه احلاكم يف املستدرك(4٢ ٥) 4/332سنن أبي داود ( )

(.3٥2 ) 4 2/٥صحيح البخاري (2)

-44 -

ڈ ژ: لقد جعل القرآن شهادة املرأة توازي نصف من شهادة الرجل يف بعض املواطن: الشهادة -

ژگ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱں ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ گ

. 222البقرة

هذا احلكم يعود لكون املرأة يف األصل تكون مسئولة عن شؤون املنزل، وبعيدة عن القضايا التجارية

فلو كان والقضائية واجلنائية، وهذا ما جيعل الشهادة المرأتني من قبيل عدم ختصصهم عادة يف تلك األمور، وإال

لذا فهناك بعض األمور اليت . املقصود هو انتقاص قدر املرأة لردت الشهادة أصال، ومل يقبل من امرأة أن تشهد

فما كان من : )ونقل ابن القيم عن ابن تيمية قوله. ( )يقبل فيها بشهادة املرأة لوحدها بال شهادة امرأة أخرى

وما تقبل فيه شهادتهن منفردات إمنا هي ،على نصف رجل هكن فيالشهادات ال خياف فيه الضالل يف العادة مل ت

واالرتضاع أشياء تراها بعينها أو تلمسها بيدها أو تسمعها بأذنها من غري توقف على عقل كالوالدة واالستهالل

ألقوال نسى يف العادة وال حتتاج معرفته إىل إعمال عقل كمعاني افإن مثل هذا ال ي ،واحليض والعيوب حتت الثياب

.(2)(فإن هذه معان معقولة ويطول العهد بها يف اجلملة ،اليت تسمعها من اإلقرار بالدين وغريه

.ل اإلسالم مل تكن ترثمن املعلوم أن املرأة قب: اإلرث -2

وإذا كانت هناك . وأما اإلسالم فإنه اهتم بإعطائها نصيبا من اإلرث، وقسمته جاءت بصريح القرآن الكريم

ة يكون نصيبها يف املرياث مثل الذكر، إال أن القاعدة العامة يف قسمة اإلرث هي أن األنثى تأخذ حاالت حمدد

. النساء ژگ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ڱڱ ژ : نصف ما يأخذ الذكر

وعليه املهر وهذا التمييز راجع الختالف وظيفة كل من الرجل واملرأة يف اإلسالم، فالرجل بيده النفقة

والسكنى، بينما ال تلزم املرأة بشيء من ذلك، فالتكلفة املالية على الرجل أعظم مما جعل من حقه أن يكون له

يف املرياث أكثر، فعدم املساواة راجع ألنهما ال يتساويان على احلقيقة، فالعدل أن يكون حظ الرجل أكثر النه

.ينفق اكثر، ولو تساويا ألصبح ظلما

جند أن الزوج إذا تويف فإن القرآن يأمر الزوجة أن متكث أربعة أشهر وعشرة أيام حدادا على زوجها، كما

.بينما لو ماتت الزوجة فليس على الرجل حداد على زوجته. فال جيوز هلا أن تتزوج حتى تنهي العدة

.وهذا أيضا راجع الختالف طبيعة كل من الرجل واملرأة يف النكاح

: جل أن يتزوج إىل أربع نساء يف اإلسالم بشرط العدل بينهن، كما جاء يف القرآن الكريمكما أن للر -4

. 3النساء ژژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گگ گ گ ڳ ڳ ڳ ژ

.خبالف املرأة؛ فهي ال جيوز مطلقا أن تتزوج وهي يف ذمة زوجها أي رجل آخر

اجلملة يف يد الرجل، وليس يف يد املرأة، وإن كان هناك حاالت حيق هلا أن كما أن الطالق هو يف -٥

.تخالع زوجها

ودية قتل املرأة نصف دية الرجل يف القتل اخلطأ، وال يوجد يف ذلك دليل من القرآن، وال دليل صحيح -٢

مني على ذلك، من عصر ، وإمجاعا من علماء املسلمن السنة النبوية، إال أن فيها آثارا عن أصحاب النيب

. ٥2 حقوق اإلنسان يف اإلسالم، راوية الظهار، ص: راجع ( )

. 22ص ، البن القيم،الطرق احلكمية (2)

-4٥ -

: قال ابن املنذر وابن عبد الرب .ودية احلرة املسلمة نصف دية احلر املسلم: )قال ابن قدامة. الصحابة ومن بعدهم

ديتها كدية : وحكى غريهما عن ابن علية واألصم أنهما قاال .أمجع أهل العلم على أن دية املرأة نصف دية الرجل

.( )(مجاع الصحابةوهذا قول شاذ خيالف إ ...الرجل

وينبه هنا إىل أن هذه املسألة ليست كمسألة القتل العمد، والذي يكون فيها الرجل واملرأة على السواء، فلو

.قتل رجل امرأة متعمدا، فإنه يقتل بها

وليست الدين من قبيل القيمة السعرية لإلنسان حبيث يقال إن سعر الرجل أعلى من سعر املرأة كما يبادر به

ثري من املعرتضني، فيتوهمون أن اإلسالم ينظر لإلنسان بشكل مادي كما ينظرون هم، بل هو تعويض عن ك

اخللل والنقص الذي يقع على األسرة جراء فقد احد أفرادها ليكون عونا هلم وختفيفا ملصابهم، وال شك أن فقد

، وإال فقيمة اإلنسان يف اإلسالم لتقواه الرجل وهو املعيل لألسرة أشد من فقد املرأة فكان التعويضا مضاعفا

(.إن أكرمكم عند اهلل أتقاكم)ومنزلته

. وعلى وجه العموم، جند أن هناك العديد من األمثلة اليت تبني فرقا بني الرجل واملرأة، يف عدد من املسائل

الفروق يف احلقوق وهذا الفرق يعود إىل التمايز اجلنسي بني اجلنسني يف بعض األشياء، واليت تربر قضية

.والواجبات

كما جاءت به النصوص فإنه تدل عليه االدلة هذا التمايز بني اجلنسني، وانتفاء املساواة يف بعض الصور؛ و

:(2)والواقعية، كما يليالعقلية

:الواقع يف قضية املساواة بني اجلنسني

يف تاريخ دول العامل إال القليل النادر من ، والذي يقرر املساواة التامة، ال جندفعلى املستوى السياسي الدولي

ففي تاريخ الدولة اليهودية املعاصرة، ال جند سوى رئيسة الوزراء جولدا مائري، وأما باقي . النساء احلاكمات

مارغريت "وأما الدولة العظمى بريطانيا فال جند فيها سوى رئيسة احلكومة . الرؤساء فكانوا مجيعهم رجاال

ا الدول العربية باختالف توجهاتها احلكمية، من حكومات حتكم باإلسالم، أو بالدميقراطية وأم. فقط" تاتشر

.الغربية، أو غريها؛ فال جند يف تاريخ مجيع حكوماتها امرأة حاكمة

واليت كان هلا أثر مهم يف احلضارة -ولك أن تعلم أن من أهم األحداث اليت أدت إىل املطالبة باملساواة

ومع ذلك مل . ، اليت قامت على أيدي رجال ونساء، وكانت داعية للمساواة"الثورة الفرنسية"مى ما يس -الغربية

. 3 31حيكم فرنسا أي امرأة حتى عام

األقوى واألقدر على خوض كما جند أن ضحايا احلروب يف الغالب هم من الرجال، لكونهم اجلنس

. املعارك

جند لباس املرأة خمتلفا عن لباس الرجل، وهناك ساعات وعطور : واالجتماعي وعلى املستوى االقتصادي

خاصة باملرأة، وأخرى خاصة بالرجل، ويف كل هذه احلاالت يظل سعر ما خيتص باملرأة يعد أعلى مما يقابله

.للرجل

. 1/٥32 املغين ( )

. 2٥ -23٢هل يكذب التاريخ، عبد اهلل الداوود، ص: راجع ذلك بتوسع يف كتاب (2)

-4٢ -

و أن غالب العلماء واملخرتعني، بل مما يدل على اختالف اجلنسني، ويظهر منه تفوق جنس الرجل، ه

بل إن الفالسفة . واألمساء البارزة يف غالب العلوم تغيب عنها األمساء النسائية، حيث أن رموزها الكبار هم الرجال

.واملفكرين من العهد اإلغريقي إىل احلضارة األوروبية املعاصرة يكاد خيتفي منهم اسم نسوي

فإننا جند أن املرأة تقع عليها املشقة األكرب يف احلمل والوالدة، ومع ،وأما على املستوى االجتماعي األسري

.ذلك لو كان املولود ذكرا أم أنثى فإنه ينسب إىل والده يف جل أو كل احلضارات القدمية واحلديثة

سلب بل حتى يف الثقافة الغربية جند جتاوزا واضحا يف مسألة نسب الزوجة؛ حيث أن املرأة عندما تتزوج يتم

.نسبها من أبيها، وتنسب إىل زوجها، وال ينسب زوجها إليها

ويف العموم، ال ميكن أن يكون هناك مساواة تامة نظرا للفرق الواضح يف طبيعة الرجل واملرأة، وال شك أن

ما زالت تضع املرأة ال تزال حتتاج إىل احلماية من الرجل، حتى أننا جند أن األمم املتحدة اليت تشرع هذه املساواة،

توحي بعدم املساواة بني اجلنسني، ففي القواعد النموذجية الدنيا ملعاملة السجناء -حتت إحلاح الواقع-قوانني

، وأقرها 1٥٥ واملعتمدة يف مؤمتر األمم املتحدة األول ملنع اجلرمية ومعاملة اجملرمني، وذلك يف جنيف عام -

ضية الفصل بني الفئات؛ على فصل سجون الرجال عن النساء ينص يف ق -اجمللس االقتصادي واالجتماعي

.بعدم الكفاءة التامة بني الرجل واملرأة، ولذا احتيج حلمايتها من تسلط الرجل اإحساس أليس هذا .( )كليا

جند أن الباحثني يتحدثون -وبعيدا عن املواقف الدينية- وعلى مستوى البحث العلمي يف تكوين اجلنسني

الرجل واملرأة حتى يف تكوين املخ، فقد ذكرت دراسات علمية أن املهارة يف الرياضيات مثال؛ عن فروق بني

كما أن هذه الدراسات أثبتت . يكون الذكر فيها أكثر تطورا بدرجة كبرية من األنثى قد تصل إىل الضعف

.(2)فروقا بني تركيب مخ الذكر ومخ األنثى

على أن معظم االختالفات بني -وهي من دعاة املساواة-مز األمريكية فرجيينيا آد" الباحثة"وتتحدث

إن : )اجلنسني كان نتيجة اجتماعية وليس قضية فطرية يف اجلنسني، ولكنها مع ذلك تضطر إىل االعرتاف بقوهلا

هناك حقيقة؛ وهي أنه يف معظم السالالت الرئيسية على األرض؛ الذكور هم الذين يسودون وهلم وظيفة أساسية

ويرى بعض الباحثني أن هذه احلقيقة صادقة متاما، حتى ولو مت تنشئة الصغار بعيدا عن . ية اإلناث والنسليف محا

.(3)(من جمتمعاتهم[ القيادي]البالغني، مما يشري إىل أنهم مل يتعلموا دورهم

املغاالة هو املساواة شيء مثالي، لكن التمييز ضروري حتى عند الغربيني، لكونه هو املتفق مع الفطرة، وأن

.ردة فعل، وهلذا جاءت الشريعة بالتمييز

. ٢44/ مود بسيوني، الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، حم: راجع يف ذلك ( )

، 4٢النوع الذكر واألنثى بني التمييز واالختالف، ص: ضمن كتاب)مخ الذكر ومخ األنثى، باميال وانرتوب : راجع دراسة بعنوان (2)

(.حممد قدري عمارة: إيفلني آشتون وآخرون، ترمجة: مجعه

. 3٢املصدر السابق، ص (3)

.بني اجلنسني، ويدعم ذلك وللعلم؛ فهذا الكتاب ينحو إىل املساواة

-42 -

حق الحرية: الوحدة السادسة

ويظهر أن السبب يف ذلك هو انتشارها . قضية احلرية تعد من صلب ما نادت به األنظمة الدميقراطية املعاصرة

تمعات العاملية، واحلرص على املناداة بها كرد فعل على العديد من مظاهر كبت وحماربة احلريات يف اجمل

.وخاصة يف أوروبا، سواء ما كان نتيجة لتسلط الكنيسة حتى انتصرت العلمانية، أو ما نتج من احلروب العاملية

ومن خالل القراءة يف العديد من الكتب اليت حتدثت عن حقوق اإلنسان؛ رأيت دخول هذا املفهوم يف كثري

.من القضايا اإلنسانية

.واحلياة اخلاصةحرية االعتقاد والدين، وحرية الرأي والتعبري، : د من احلرياتسيتم الكالم على عد وهنا

الفقرة الثانية وملا كان مفهوم احلرية مفهوما غامضا ختتلف وجهات النظر حوله؛ جند أن اإلعالن العاملي يف

حقوقه وحرياته خيضع الفرد يف ممارسة: )، يؤكد على وضع ضوابط لقضية احلريةنيالتاسعة والعشراملادة من

ولتحقيق املقتضيات ،لتلك القيود اليت يقررها القانون فقط، لضمان االعرتاف حبقوق الغري وحرياته واحرتامها

(.العادلة للنظام العام واملصلحة العامة واألخالق يف جمتمع دميقراطي

وممارسة الشعائر الدينية االعتقادحرية : أوال

ظهارها وممارسة الشعائر الدينية من أهم األولويات يف اإلعالنات واالتفاقيات تعد مسألة احلرية يف العقيدة وإ

.الدولية حول حقوق اإلنسان، ولطاملا مت التأكيد عليها، ومنع ممارسة أي نوع من الضغط عليها

وتأتي نصوص اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان مؤكدة هذا اجلانب إما يف فقرات خاصة، أو ضمن فقرات

.أخرى

وكان غاية ما يرنو إليه عامة البشر انبثاق عامل يتمتع فيه الفرد حبرية القول ) :فجاء يف ديباجة اإلعالن

...(.والعقيدة

لكل إنسان حق التمتع بكافة احلقوق واحلريات الواردة يف هذا اإلعالن، دون أي متييز، : )يف املادة الثانيةو

(.الدين... كالتمييز بسبب

: املادة الثامنة عشر من اإلعالنضية حرية االعتقاد؛ فجاء بشكل واضح وصريح يف وأما الكالم عن ق

لكل شخص احلق يف حرية التفكري والضمري والدين، ويشمل هذا احلق حرية تغيري ديانته أو عقيدته، وحرية )

(.جلماعةاإلعراب عنهما بالتعليم واملمارسة، وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء أكان ذلك سرا أم مع ا

ال جيوز : )وأما العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية؛ فيضيف يف مادته الثامنة عشر، يف الفقرة الثانية

(.تعريض أحد إلكراه من شأنه أن خيل حبريته يف أن يدين بدين ما، أو حبريته يف اعتناق أي دين أو معتقد خيتاره

جيوز إخضاع حرية اإلنسان يف إظهار دينه أو معتقده إال للقيود ال: )وتؤكد الفقرة الثالثة من نفس املادة أنه

واليت تكون ضرورية حلماية السالمة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب ،اليت يفرضها القانون

.(العامة أو حقوق اآلخرين وحرياتهم األساسية

ية يف عدم االنصياع للقانون حبجة أنها ختالف وهذا يعين أن حرية الشخص ال تعين إعطاء األشخاص احلر

-42 -

.( )بل للقانون أن مينع بعض احلريات الدينية مراعاة للنظام العام وحقوق اآلخرين. معتقدهم أو ديانتهم

أن التشريع الدولي يف قضية حرية االعتقاد يلزم منه أن يعبد اإلنسان ما شاء، وأن يغري دينه : وخالصة األمر

حق احلرية يف التعبري وإظهار شعائر دينه، وأال يميز بني أحد من الناس على أساس الدين كيف شاء، وأن له

.واالعتقاد

حرية االعتقاد وممارسة الشعائر الدينية في اإلسالم

عملية ممارسة : كان الكالم يف بداية املبحث عن مفهوم حرية االعتقاد يف القانون الدولي، وهو باختصار

.وحرية إظهارها، مع حق كل إنسان يف أن خيتار أي دين أو عقيدة يشاؤها، وله حرية تبديلها ،الشعائر الدينية

يرى بعض الباحثني الغربيني يف جمال حقوق اإلنسان أن عهود الذمة اليت كان يعقدها نيب اإلسالم

.(2)يف حرية االعتقاد" ميثاق"كانت أول

:موقف اإلسالم من المخالفين في االعتقاد

.(3)يف دين اإلسالمكما هو احلال -حقوقا وواجبات- لهيف أحكام املخالفني جند دينا فصلال

:ال يجرب أحد على اإلسالم

يبقى األصل العام يف اإلسالم أنه ال يكره أحدا على الدخول فيه، وهو أمر ظاهر البيان يف نصوص القرآن

.املهم مع الشعوب، حيث أعطوهم حرية االعتقادالكريم، والسنة النبوية، وعليه سار املسلمون يف تع

.2٥٢البقرة ژی جئ حئ مئىئژ : ومن أشهر النصوص يف املوضوع اآلية القرآنية

أهل املدينة ] كانت املرأة من األنصار :ژی جئ حئ مئىئژ تعاىل عباس يف قولهالصحابي عبد اهلل بن قال

بسبب نقضهم املعاهدات ] ، فتحلف لئن عاش هلا ولد لتهودنه، فلما أجليت بنو النضريهلا ولدال يكاد يعيش [املنورة

ژ : يا رسول اهلل أبناؤنا؟ فأنزل اهلل هذه اآلية: إذا فيهم ناس من أبناء األنصار، فقالت األنصار [ مع نيب اإلسالم

.(4)فمن شاء حلق بهم ومن شاء دخل يف اإلسالم :قال سعيد بن جبري ژحئ مئىئ ی جئ

فإنه بني ،كرهوا أحدا على الدخول يف دين اإلسالمال ت: يأ: )وقال املفسر ابن كثري معلقا على هذه اآلية

إلسالم وشرح صدره ه أحد على الدخول فيه، بل من هداه اهلل لكرواضح جلي دالئله وبراهينه ال حيتاج إىل أن ي

ونور بصريته دخل فيه على بينة، ومن أعمى اهلل قلبه وختم على مسعه وبصره فإنه ال يفيده الدخول يف الدين

هذه النقطة هي اليت استندت عليها احملكمة األوروبية حلقوق اإلنسان يف منع ارتداء احلجاب اإلسالمي للموظفني واملعلمني حبجة ( )

.طائفة داخل اجملتمع عنأنه مييز طائفة

ك األمر عقيدة حتافظ عليها، حيث أن ذل -يف نفس الوقت-وهذه املشكلة تبني أن أوروبا وهي تشرع العلمانية؛ جعلت

.223- 22القانون الدولي حلقوق اإلنسان، علوان، ص: راجع. احلجاب ليس شعارا علمانيا، بل شعارا دينيا للمسلمني

.24نشأة وتطور حقوق اإلنسان بول جوردن ص: انظر (2)

(.أهل الذمة يف اإلسالم: )كتاب" ترتون"، وألف (أحكام أهل الذمة: )ألف ابن القيم كتابا بعنوان (3)

(.41 ) 3٥2/ صحيح ابن حبان (4)

-41 -

.( )(مكرها مقسورا

ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ژ : كما يظهر القرآن صورة أخرى يف املعاملة احلسنة مع املخالفني يف قوله تعاىل

ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ڇ ڇ ڍ ڍ

. 1-2املمتحنة ژڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ

فاآلية تشهد بطريق واضح أن هؤالء القوم بقوا مع املسلمني مع احتفاظهم بدينهم املخالف لإلسالم، ومل مينع

.اإلسالم من اإلحسان يف معاملتهم

ڄ ڄ ڄ ڄڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چچ ڇ ڇ ژ : وجند مبدأ احلرية يف الديانة مقررا يف الدعوة

. 21الكهف ژڇ ڇ ڍ ڍ ڌڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑڑ ک ک ک ک گ

م من ذلك أن جييبوا الدعوة، وإن كان اإلسالم يوجب أن يكونوا األمر بدعوة الناس، وال يلز: واملراد هنا

.مسلمني

جواز اإلحسان والتصدق على هؤالء الذين كفروا ومل يصل األمر إىل حرية االعتقاد فقط، بل تعداه إىل

وهناك تفاسري أخرى لآلية، وهو أن غري أهل الكتاب ال يقبل منهم إال اإلسالم أو القتل، وقيل . طيبة. ، ط٢22/ تفسري ابن كثري ( )

.فسري املعمول به عند املسلمني، وهو خمالف هلدي النيب لكن ليس هذا األخري هو الت. ال يقبل من أي أحد إال اإلسالم

هل تقبل منهم اجلزية، أم يجربون : فيه خالف بني العلماء( اليهود والنصارى)والكالم يف مشركي العرب من غري أهل الكتابني

على اإلسالم؟ واألمر ال يوجد فيه نص واضح حيسم النزاع يف املسألة؟

اليهود : منهم وهم إال من الطوائف الثالث اليت أخذها رسول اهلل [اجلزية] ال تؤخذ: محد والشافعيقال أ: )قال ابن القيم

.ومن عداهم فال يقبل منهم إال اإلسالم أو القتل ،والنصارى واجملوس

ألن ،ن عداهم ملحق بهموم ،واجملوس بالسنة ،أهل الكتابني بالقرآن: يف األمم كلها إذا بذلوا اجلزية قبلت منهم: وقالت طائفة

من األوثانمن عبدة وإمنا مل يأخذها ،اجملوس أهل شرك ال كتاب هلم فأخذها منهم دليل على أخذها من مجيع املشركني

قد فرغ من قتال العرب وكان رسول اهلل ،فإنها نزلت بعد تبوك ،[21التوبة ] العرب ألنهم أسلموا كلهم قبل نزول آية اجلزية

فلما نزلت أخذها من نصارى ،وهلذا مل يأخذها من اليهود الذين حاربوه ألنها مل تكن نزلت بعد ،ت كلها له باإلسالمواستوثق

وال فرق وال ،ولو بقي حينئذ أحد من عبدة األوثان بذهلا لقبلها منه كما قبلها من عبدة الصلبان والنريان ،العرب ومن اجملوس

وأي فرق بني عبدة األوثان ،ليس أغلظ من كفر اجملوس األوثانثم إن كفر عبدة ،بعض تأثري لتغليظ كفر بعض الطوائف على

وأنهم إمنا يعبدون آهلتهم ،وعباد األوثان كانوا يقرون بتوحيد الربوبية وأنه ال خالق إال اهلل ،بل كفار اجملوس أغلظ ،والنريان

،كما تقوله اجملوس ،خالق للخري واآلخر للشر: للعامل أحدهما ومل يكونوا يقرون بصانعني ،لتقربهم إىل اهلل سبحانه وتعاىل

.وكانوا على بقايا من دين إبراهيم صلوات اهلل وسالمه عليه ،ومل يكونوا يستحلون نكاح األمهات والبنات واألخوات

واألثر الذي فيه أنه ،رائعهموال دانوا بدين أحد من األنبياء ال يف عقائدهم وال يف ش ،وأما اجملوس فلم يكونوا على كتاب أصال

فإن ،ولو صح مل يكونوا بذلك من أهل الكتاب ،ةلبتأكان هلم كتاب فرفع ورفعت شريعتهم ملا وقع ملكهم على ابنته ال يصح

.منها يءكتابهم رفع وشريعتهم بطلت فلم يبقوا على ش

لدين إبراهيم عليه األوثانة وليس تغيري عبدة دين إبراهيم عليه السالم وكان له صحف وشريع ىومعلوم أن العرب كانوا عل

من شرائع األنبياء يءلو صح فإنه ال يعرف عنهم التمسك بش ،السالم وشريعته بأعظم من تغيري اجملوس لدين نبيهم وكتابهم

،بأحسن حاال من مشركي العر األديانفكيف جيعل اجملوس الذين دينهم أقبح ،خبالف العرب ،عليهم الصلوات والسالم

.وهذا القول أصح يف الدليل كما ترى

، البن زاد املعاد يف هدي خري العباد(. تؤخذ من كل كافر إال مشركي العرب: بني العرب وغريهم فقالوا قت طائفة ثالثةوفر

. ٥/1 القيم

-٥1 -

چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈڈ ژ ژ ڑ ڑ ژ : باإلسالم

. 222البقرة ژڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ک کک ک گ گ گ گ

. وجاء أن خليفة املسلمني الثاني عمر بن اخلطاب كان يعرض اإلسالم على غالمه اململوك، ومل جيربه عليه

أي ] فلما حضر، ژی جئ حئ مئىئژ :اإلسالم ويقول فكان يعرض علي ،كنت مملوكا لعمر :عن وسق قالف

.( )أعتقين [وتحضر عمر امل

من أهل الكتاب، (2)يعطي توجيهاته بعدم التعرض للرهبان يف الصوامع بل إننا جند أن نيب اإلسالم

اخرجوا بسم اهلل تقاتلون يف سبيل اهلل من كفر : )واملنعزلني للعبادة، وأمر بذلك حينما كان حيث جيوشه فيقول

.(3)(ال متثلوا وال تقتلوا الولدان وال أصحاب الصوامعال تغدروا وال تغلوا و ،باهلل

(4)حرية ممارسة العبادة وضمان سالمة دورها

وإذ مل جيرب اإلسالم هو من حتت واليته على الدخول فيه؛ فإنه يكون بذلك قد ترك الناس على أديانهم،

ما ضمنه -بالفعل-وهذا . وضمان سالمة دور العبادة وأول مقتضياته اإلعراض عن ممارسة اآلخرين لعباداتهم،

املسلمون يف عهودهم اليت أعطوها ألهل الكتاب من اليهود واملسيحيني، خاصة من الذين كانوا حتت واليتهم أو

، أمانا مشل سالمة كنائسهم وعدم التدخل يف شؤونهم وعباداتهم ألهل جنران عهدهم، فقد كتب النيب

بين احلارث بن كعب (٥)ألسقف وكتب رسول اهلل : )وأعطاهم على ذلك ذمة اهلل ورسوله، يقول ابن سعد

، من بيعهم وصلواتهمأن هلم ما حتت أيديهم من قليل وكثري: وكهنتهم ومن تبعهم ورهبانهم (٢)وأساقفة جنران

.(2)(ورهبانهم، وجوار اهلل ورسوله، ال يغري أسقف عن أسقفيته، وال راهب عن رهبانيته، وال كاهن عن كهانته

، فقد ضمن اخلليفة عمر بن اخلطاب حنو هذا ووفق هذا اهلدي املتسامح سار اخللفاء الراشدون من بعده

عمر أمري (2)رمحن الرحيم؛ هذا ما أعطى عبد اهللبسم اهلل ال: )يف العهدة العمرية اليت كتبها ألهل القدس، وفيها

.اإلسالم وقضية املساواة والتمييزعند احلديث عن سبق خترجيه، ( )

ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ژ: معابد الرهبان، ومنه قول اهلل يف القرآن الكريم: الصوامع (2)

.2/21٢تفسري ابن كثري : راجع. 41احلج ژ ڃڄ ڄ ڃ ڃ ڃ

. ، وحسن إسناده أمحد شاكر يف حتقيق املسند311/ مسند أمحد بن حنبل (3)

.، بتصرف2 ، صالسقار منقذ ،يف اجملتمع املسلم غري املسلمني :قال عن كتابما يندرج حتت هذا العنوان اعتمد ن (4)

وقد وردت هذه الكلمة يف الكتاب املقدس، ويرى البعض أنها متاثل لفظ الشيخ، أو . يف األصل هو املشرف والرقيب: األسقف (٥)

بأن حيكم األسقفيالنظام ييقضو. عصور املتأخرة من الكنيسةالقس، إذ مل يكن مثة تقسيمات يف ذلك الوقت كما هو يف ال

الشرق والكنائس الكاثوليكية والكنائس يفالكنائس األرثوذكسية يفوالقاعدة . األساقفة الكنيسة املسيحية

، فقط" قفاألس"يقوم بتكريس األساقفة اآلخرين وتعيني الكهنة والشمامسة هو الذيأن هي[ الربوتستانتية] اإلجنيليكانية

وال تؤمن الكنائس . وخلفائهم جيب أن يتوىل وظيفته عن خالفة تارخيية من عصر الرسل –عندهم – كما أن األسقف

-أسقف: ف الكتابية، مادةدائرة املعار: راجع. الربوتستانتية على اختالفها بالنظام األسقفي، عدا الكنيسة اإلجنيليكانية

.أسقفية

.منطقة معروفة يف جنوب جزيرة العرب، وهي مدينة معروفة حتى اآلن يف جنوب اململكة العربية السعودية: جنران (٢)

كتاب األموال، البن : لراشدين يفواخللفاء ا مع النيب ، وانظر نصا طويال يف حال نصارى جنران2٢٢/ الطبقات الكربى (2)

(. ٥٢2)زجنويه

.عمر هنا يصف نفسه بأنه عبد اهلل، وليس املراد امسه، أو اسم ولده: عبد اهلل (2)

-٥ -

من األمان، أعطاهم أمانا ألنفسهم وأمواهلم، ولكنائسهم وصلبانهم وسقيمها وبريئها وسائر املؤمنني أهل إيلياء

ينتقص منها وال من حيزها، وال من صليبهم، وال من شيء من ملتها، أن ال تسكن كنائسهم، وال تهدم، وال

وعلى ما يف هذا الكتاب عهد اهلل وذمة رسوله وذمة ... وال يكرهون على دينهم، وال يضار أحد منهم . أمواهلم

. ( )(اخللفاء وذمة املؤمنني

،صحنها يف جلسمة حني أتاها وقد خاف عمر من انتقاض عهده من بعده فلم يؤد الصالة يف كنيسة القياو

فامتنع عمر، وصلى على . صل موضعك :(2)البرتك له فقال .الصالة أريد :للبرتك قال الصالة وقت حانحيث ملا

ذها لو صليت داخل الكنيسة أخ: )الدرجة اليت على باب الكنيسة منفردا، فلما قضى صالته قال للبرتك

(.هنا صلى عمر: املسلمون بعدي، وقالوا

أرني موضعا أبين فيه مسجدا : ن عليها، ثم قال للبرتكع على الدرجة للصالة، وال يؤذجموكتب هلم أن ال ي

.(3)(على الصخرة اليت كلم اهلل عليها يعقوب، ووجد عليها دما كثريا، فشرع يف إزالته: فقال

.(4)(ال تهدموا كنيسة وال بيعة وال بيت نار: ) عمالهوكتب عمر بن عبد العزيز إىل

فقهاء اإلسالم من قديم الزمان أن سالمة دور العبادة تكون يف مسألة دلكن ال بد أن يعلم أن األصل عن

األراضي اليت فتحت بغري قتال، كما أنه ال يصح أن تنشأ معابد جديدة يف البالد اإلسالمية وإن كان لغري

ما يعرف اآلن )إبقاء ما كانوا عليه من معابد، وهلم حق جتديدها، وهذا مجيعه يكون يف جزيرة العرب املسلمني

مصدر الدعوة اإلسالمية يف زمن )واملدينة املنورة ( قبلة املسلمني)اليت حتوي مكة املكرمة ( بالسعودية تقريبا

ها نظرا لكونها مصدر اإلسالم، وملنع نيب ، فال يسمح فيها بإنشاء الكنائس أو اإلبقاء على شيء من(النبوة

.(٥)أن يبقى فيها دينان اإلسالم

ومن أمارات تسامح املسلمني مع غريهم أنهم مل يتدخلوا يف شؤونهم الداخلية، ومل جيربوهم على التحاكم

. هأمام املسلمني وإن طلبوا منهم االنصياع لألحكام العامة للشريعة املتعلقة بسالمة اجملتمع وأمن

يأتوا أن إال ؛دينهم أهل إىل ومواريثهم ومعامالتهم حقوقهم يف الذمة أهل يرد أن ةنالس مضت) :الزهريقال

. 2/441 (تاريخ األمم وامللوك) تاريخ الطربي ( )

لسان العرب، البن : راجع. األوائل الروم بلغة وأمورها باحلرب احلاذق هو: غة العربيةيف قواميس الل: (بطرق، بطريق، بطريك)برتك (2)

.بطرق: منظور، مادة

موسوعة األنبا غريغوريوس: راجع. هو رئيس اآلباء، أو رئيس األساقفة، واملقدم بني إخوته األساقفة: وأما يف املراجع املسيحية

1/3٢ .

. 4/412( اخلطط)، ونقل القصة أيضا املقريزي يف املواعظ واالعتبار 2/2٢٢تاريخ ابن خلدون (3)

وفاض القرآن واحلديث : )فقال" The live of Mohamet"وقد نقل هذه احلادثة بإعجاب املستشرق درمنغم يف كتابه

هات بدقة، عندما دخل عمر القدس أصدر أمره بالتوجيهات إىل التسامح، ولقد طبق الفاحتون املسلمون األولون هذه التوجي

للمسلمني أن ال يسببوا أي إزعاج للمسيحيني أو لكنائسهم، وعندما دعاه البطريق للصالة يف كنيسة القيامة امتنع، وعلل

يف مسيث. ، ومثله فعل ب(امتناعه خبشيته أن يتخذ املسلمون من صالته يف الكنيسة سابقة، فيغلبوا النصارى على الكنيسة

.22 - 2 نقال عن التسامح والعدوانية، صاحل احلصني، ص". حممد واحملمدية: "كتابه

(.2٢2)األموال، ألبي عبيد القاسم بن سالم (4)

.معابد: املوسوعة الفقهية، مادة: راجع (٥)

-٥2 -

.( )(تعاىل اهلل بكتاب بينهم فنحكم ،حكمنا يف راغبني

:تقييد حدود احلرية املعطاة لغري املسلمني

عين وال شك موافقة املسلمني على عبادات يبقى مع ذلك أن هذه احلرية اليت كفلها املسلمون ألهل الذمة ال ت

ڦ ڦ ڦ ڄ ژ . اليهود واملسيحيني، أو رضاهم عن دينهم، فهذا أمر واضح من شريعة املسلمني أنه مرفوض

. 2٥آل عمران ژڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ

دينية متاما، كما أن هذه احلرية مل تكن لكن هذا الرفض لدينهم ال يعين التحجري على حرياتهم ال

ومن أدق الشهادات يف . إال أنها مظهر ال نكاد جند له مثيال يف تاريخ العامل -كما هي للمسلمني-كاملة تامة

يود إن وضع أهل الذمة مل يكن سيئا رغم بعض الق: )(2)وصف حاهلم؛ ما قاله املستشرق املشهور مونتجمري وات

. (3)(املفروضة عليهم

وهنا ال بد أن نعلم أن هذه احلرية مل تكن كحرية املسلمني يف إظهار دينهم، بل هي حرية مقيدة يف بعض

ال ،إن أهل الذمة يقرون على دينهم ويكونون من دينهم على ما كانوا عليه: )(4)قال أبو الوليد الباجي. الصور

. (٥)(قاوإمنا مينعون من إظهاره يف احملافل واألسو ،ن من شيء منه يف باطن أمرهممينعو

وقد تتابع الفقهاء على ذكر الشروط العمرية اليت فرضها عمر بن اخلطاب على أهل الذمة، واليت يظهر

وهي شروط ذائعة . سلمنيمنها إذالل ومنع هلم من احلرية التامة يف إظهار شعائرهم الدينية، ومتييزا بينهم وبني امل

:، ومما جاء فيها على لسان أهل الذمة(٢)الصيت، إال أن أسانيدها ال تثبت عن عمر رضي اهلل عنه

يف ينزلوها أن املسلمني من كنائسنا مننع وأال ... كنيسة مدينتنا يف [ما كان موجودا ال يهدم] حندث أال -

.والنهار الليل

با خفيا يف جوف كنائسنا وال نظهر عليها صليبا وال ترفع أصواتنا يف وأال نضرب بنواقيسنا إال ضر -

.وأال خنرج صليبا وال كتابا يف سوق املسلمني ،الصالة وال القراءة يف كنائسنا فيما حيضره املسلمون

.أحدا إليه ندعو وال ديننا يف بنرغ وال -

:فقرة مهمة

شأت أجيال منهم مع املسلمني، حتى أصبحت األقليات غري ونظرا لكفالة اإلسالم ألهل الذمة هذه احلرية ن

. 2/4٢1 البن عبد الرب االستذكار ( )

عوامل انتشار : )من آثاره .عميد قسم الدراسات العربية يف جامعة أدنربا سابقابريطاني معاصر، مستشرق : مونتجمري وات (2)

، وهو دراسة فلسفية اجتماعية لرد أصل الوحدة (اإلسالم واجلماعة املوحدة)، (حممد يف املدينة)، (حممد يف مكة)، (اإلسالم

. 21ين خليل، صقالوا عن اإلسالم، عماد الد: راجع. العربية إىل اإلسالم

. 322قالوا عن اإلسالم ص: ، نقال عن كتاب4 -3 تأثري اإلسالم على أوروبا يف العصور الوسطى، ص (3)

. ث، من علماء وقضاة املالكية املعروفني، تفنن يف كثري من العلوم، كالفقه واحلديالقرطيب خلف، بن سليمان: أبو الوليد الباجي (4)

. 2/٥3٥ سري أعالم النبالء للذهيب : ترمجته يف. هـ424: تويف عام

( .٥4٢: )املنتقى شرح موطأ مالك، شرح حديث رقم (٥)

، (٢4 / 3أحكام أهل الذمة )أوردها ابن القيم بعدة أسانيد، ويرى ابن القيم أن شهرتها تغين عن إسنادها، وقد عمل بها اخللفاء (٢)

.ا عارضه البعض، بأن الشهرة ال تغين عن السند، وأسانيدها ال ختلو من قوادح تضعفهاوهو األمر الذي رمب

-٥3 -

املسلمة داخل البالد اإلسالمية من األمور البدهية، فتجد يف مصر وسوريا واليمن وفلسطني وغريها من بالد

اإلسالم أقليات تعود جذورها ملئات السنني وما تزال متمسكة بدينها، بينما ال يعرف هذا يف احلضارة الغربية،

عتنق غري النصرانية كلهم قد طرأوا عليها وجاءوا مهاجرين، وليس فيها هذه األقليات القدمية، ألنهم كانوا فمن ي

مينعون وجود أي دين آخر، وكان السائد هو املمارسات القمعية اليت ال تسمح ببقاء دين آخر، وهو ما كانت

.احلضارة اإلسالمية ختتلف عنه جذريا

:سالم وحكمهمالردة واملرتدين عن اإل

لكننا جند أمرا . رأينا يف األسطر السابقة أن اإلسالم يعطي حرية املخالفني له يف الدين حق تقرير اعتقادهم

آخرا أثار الكثري من اإلشكال حول قضية حرية االعتقاد اليت يقررها اإلسالم، ويتمثل ذلك يف مسألة قتل املرتد

.رية االعتقاد اليت يقررها اإلسالم لغري املسلمنيواليت يراها البعض أنها تتنافى وإعطاء ح

:النصوص يف قتل املرتد

.( )(من بدل دينه فاقتلوه: )ومن أوضح النصوص، قول نيب اإلسالم

،النفس بالنفس :ول اهلل إال بإحدى ثالثأن ال إله إال اهلل وأني رس ال حيل دم امرئ مسلم يشهد: )وحديث

.(2)(واملفارق لدينه التارك للجماعة ،والثيب الزاني

وأما املرأة ففيها ،الردة سبب إلباحة دم املسلم باإلمجاع يف الرجل ولذا جند بعض علماء املسلمني يذكر أن

.(3)خالف

إلنسان يف تنصيصها على حرية الفرد يف تغيري ويف احلقيقة أن هذه املسألة ختالف االتفاقيات الدولية حلقوق ا

.ديانته، وهي من املسائل اليت ما زالت مشكلة عند البعض

:رأي آخر يف مسألة قتل املرتد

إذا تقرر ما سبق؛ فهناك حديث طويل حول هذا املوضوع يتكلم به علماء املسلمني ومفكروهم دفاعا عن

.هذه القضية

قفني أو املهتمني بالشأن الدولي اإلنساني رمبا عارضوا وجود مبدأ قتل فهناك عدد من املفكرين أو املث

املرتد، واحتجوا حبجج رمبا كان من أهم دوافعها أنهم ينطلقون من أصل مهم، وهو أن قتل املرتد خمالف حلرية

ك وقوع بعضهم ويدل على ذل. (4)االعتقاد، وعليه فمن الطبيعي أال يتعاملوا مع النصوص كما يتعامل معها الفقهاء

مع أن هذه املسألة مل تكن حتتل جزءا من السجال الفقهي عند فقهاء حتت إشكاالت االتفاقيات الدولية،

. املسلمني، إذ هي أقرب ما تكون إىل التسليم التام بها

كما يستدل أصحاب هذا الرأي بالنصوص القرآنية يف مسألة الردة جندها حيث جيدونها واضحة يف عدم

(.22٥4) 112 /3صحيح البخاري ( )

.سبق خترجيه وهو يف الصحيحني (2)

. 1/22 املغين ، ابن قدامة يف 2/212 ابن حجر شرح صحيح البخاري،فتح الباري : راجع (3)

حقوق اإلنسان الرؤى العاملية واإلسالمية والعربية، : ضمن كتاب)اإلسالم وحقوق اإلنسان، حممد املتوكل : رتدراجع يف منع قتل امل (4)

(.1٢-22ص

-٥4 -

. بة دنيوية للمرتد، واكتفاؤها بالعقاب يف اآلخرةذكر عقو

وهذا األمر رمبا دفع البعض إىل التشكيك أحيانا يف ثبوت احلديث متاما، أو أنه حديث آحاد، وهو مما ال

!!( )تثبت به هذه املسائل يف احلدود

ند علماء الشريعة ويف اجلملة؛ فإن ما قالوه من حجج سابقة ال ميكن قبوهلا يف املنهج العلمي ع: نقول

وقد استدل العلماء على الكثري من املسائل يف . اإلسالمية املتخصصني يف منهج االستدالل بالشريعة وقواعدها

. احلدود وغريها بأحاديث ال تصل لقوة سند هذا احلديث

:قتل املرتد الذي حيارب املسلمني

اد هي تلك اليت تنطلق من أن املبيح للدم هو يبقى أن من أهم اآلراء اليت متنع تطبيق حد الردة على األفر

وهو ما قام به علي بن أبي طالب ؛..(من بدل دينه فاقتلوه)سياق حديث ما جاء يف لكن يرد عليهحماربة املسلمني،

األمة ابن عباس، وذكر أنه من الواجب قتلهم بالنار، وهو األسلوب الذي أنكره عامل (2)من حتريق بعض الزنادقة

..(.من بدل دينه فاقتلوه: )وذكر احلديث النبوي، فقط

،املفارق لدينه: )...بأن احلديث اآلخر وضع قيدين حلد الردة كما يستدل أصحاب الرأي املانع لقتل املرتد

.(3)(التارك للجماعة

أن هؤالء بدلوا دينهم، وليس يف رواية من ( من بدل دينه)ألنه يظهر من حديث ! الستدالل نظرويف هذا ا: أقول

الروايات اشرتاط أنهم حاربوا املسلمني، بل هي واضحة من خالل الروايات عن علي أنها يف أناس غريوا معتقدهم

.يرون تكرميهكما أن عليا حرق الزنادقة الذين . إىل الكفر باهلل، وليس فيها ذكر للحرب

. ٢ - حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، صاحل الراجحي، ص: املصدر السابق، وأيضا: راجع ( )

وهذا ميكن أن يكون أصله ما رويناه من طريق عبد : قال ابن حجر. اختذوا عليا إهلا من دون اهلل هؤالء هم السبئية الذين: الزنادقة (2)

ويلكم ما : أن هنا قوما على باب املسجد يدعون أنك ربهم، فدعاهم، فقال هلم: قيل لعلي: اهلل بن شريك العامري عن أبيه قال

م إمنا أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما ويلك: تقولون؟ قالوا أنت ربنا، وخالقنا، ورازقنا، فقال

تشربون، إن أطعت اهلل أثابين إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبين، فاتقوا اهلل وارجعوا، فأبوا، فلما كان الغد غدوا عليه،

لئن قلتم ذلك : لثالث قالأدخلهم، فقالوا كذلك، فلما كان ا: قد واهلل رجعوا يقولون ذلك الكالم، فقال: فجاء قنرب فقال

احفروا فابعدوا يف األرض، وجاء : فخذ هلم أخدودا بني باب املسجد والقصر، وقال..... ألقتلنكم بأخبث قتلة، فأبوا إال ذلك

إني طارحكم فيها أو ترجعوا، فأبوا أن يرجعوا، فقذف بهم فيها حتى إذا احرتقوا : باحلطب فطرحه بالنار يف األخدود، وقال

:لقا

إني إذا رأيت أمرا منكرا أوقدت ناري ودعوت قنربا

اهـ بتصرف يسري. وهذا سند حسن: قال ابن حجر

كان أناس : )عن عبد الرمحن بن عبيد عن أبيه قال: يف سبب حتريقهم ما نصه( 21113) ٥/٥٢4وجاء يف مصنف ابن أبي شيبة

، كانوا يعبدون األصنام يف السر، فأتى بهم علي بن أبي طالب فوضعهم يف املسجد، يأخذون العطاء والرزق، ويصلون مع الناس

: ما ترون يف قوم كانوا يأخذون العطاء والرزق ويعبدون هذه األصنام، قال الناس! يا أيها الناس: أو قال يف السجن، ثم قال

(.ليه، فحرقهم بالنارال، ولكين أصنع بهم كما صنع بأبينا إبراهيم صلوات اهلل ع: اقتلهم، قال

1٥ /2( اجملتبى)قد وقع مرتني كما أشار ابن حجر، ويشهد لرواية ابن أبي شيبة ما جاء يف سنن النسائي –إن ثبت –فلعل هذا

(. 242)وصححه األلباني يف إرواء الغليل (. أن عليا أتي بناس من الزط يعبدون وثنا فأحرقهم: )عن أنس( 41٢4)

.زطط: مادة 2/312وحنوه يف لسان العرب " وهم جنس من السودان واهلنود: الزط: "2/312ن األثري يف النهاية قال اب

. 11الرسول والسيف، صالح أبو السعود، ص: راجع (3)

-٥٥ -

إىل اليمن، فوجد عند أبي ويشهد هلذا صنيع الصحابي معاذ بن جبل مع أحد املرتدين حينما بعثه النيب

ال [:معاذ] قال ،هذا كان يهوديا فأسلم ثم راجع دينه دين السوء فتهود: )موسى األشعري مرتدا عن اإلسالم، وقال

فأمر ،ال أجلس حتى يقتل قضاء اهلل ورسوله ثالث مرات :قال ،فقال اجلس ،قضاء اهلل ورسوله ،قتلأجلس حتى ي

.وليس يف الرواية أنه كان حماربا للمسلمني .( )(به فقتل

فاالستدالل به فيه وجاهة، ورمبا يدل على ذلك ؛(املفارق لدينه التارك للجماعة)...أما االستدالل حبديث

ورجل خيرج من ... خصال ثالث إحدى يف إال مسلم قتل حيل ال: )إحدى الروايات، وهي رواية عائشة للحديث

.(2)(اإلسالم فيحارب اهلل عز و جل ورسوله فيقتل أو يصلب أو ينفى من األرض

. تارك لدينة واملخالف للجماعة، حيث أنهما صفتان لشيء واحدلكن شراح احلديث يرون أال تخالف بني ال

واملراد باجلماعة مجاعة املسلمني أي فارقهم أو تركهم باالرتداد فهي صفة للتارك أو املفارق ال : )قال ابن حجر

مفسرة صفة فإنها ،(مسلم يشهد أن ال إله إال اهلل) :مستقلة وإال لكانت اخلصال أربعا وهو كقوله قبل ذلك صفة

.(3)(بذلك إالوليست قيدا فيه إذ ال يكون مسلما (مسلم)لقوله

أننا ال بد أن نستبعد الشك يف -وهو األمر الذي تشهد لصحته النصوص اإلسالمية-ولذا يرى البعض

وعلينا أال ننسى أن قتال املرتدين زمن خالفة أبي بكر الصديق -إذ هو يف صحيح البخاري–صحة احلديث

.رخيية ال شك فيهاواقعة تا

والسؤال إذا هو ملاذا يقتل املرتد، مع أن اإلسالم يؤمن حبرية االعتقاد؟

مل يكن جمرد شخص -بعد قيام الدولة اإلسالمية-يرى البعض يف جواب هذا أن املرتد يف هذه احلالة

أن الوضع القانوني للمرتد وما خنلص إليه هنا؛ . يغري عقيدته ال غري، بل هو شخص خرج عن عقيدة وجمتمع ودولة

، بإشهار احلرب على "خيانة الوطن"ال يتحدد يف اإلسالم مبرجعية احلرية االعتقادية، بل يتحدد مبا يسمى اليوم بـ

حرية اخليانة للوطن "وباملثل فإن الذين يتحدثون اليوم عن حرية االعتقاد ال يدخلون يف هذه احلرية . اجملتمع والدولة

.(4)، وال حرية التواطؤ مع العدو"الطريق وسلب الناس حرية قطع"، وال "نواجملتمع والدي

أن غري املسلم له احلرية التامة يف عدم الدخول إىل اإلسالم، : وهناك جواب آخر يرتتب على ما مضى، وهو

من اخلروج منه حتى ال بل ال جيوز إكراهه، لكن الوضع خيتلف عندما يقبل الدخول يف هذا الدين، حيث يمنع

ڀ ڀ ٺ ژ : وقد ذكر القرآن حنو هذا األمر. يستغل ذلك يف حرب اإلسالم، أو ختذيل املسلمني عن دينهم

.22آل عمران ژٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ

بسوا على الضعفاء من الناس أمر دينهم، وهو أنهم هذه مكيدة أرادوها ليل: )قال ابن كثري يف تفسريه

اشتوروا بينهم أن يظهروا اإلميان أول النهار ويصلوا مع املسلمني صالة الصبح، فإذا جاء آخر النهار ارتدوا إىل

.(٥)(إمنا ردهم إىل دينهم اطالعهم على نقيصة وعيب يف دين املسلمني: دينهم ليقول اجلهلة من الناس

(.233 )صحيح مسلم ( )

(.1٢ 2)، يف خترجيه حلديث رقم ليلإرواء الغ، وصححه األلباني يف (4243) 2/23سنن النسائي (2)

. 21-2/211 فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر (3)

. 21 -2٢ الدميقراطية وحقوق اإلنسان، حممد عابد اجلابري، ص (4)

. 2/٥1 تفسري ابن كثري (٥)

-٥٢ -

فالقضية مع املرتد ليست قضية حرية اعتقاد حمضة، فهو ال حياسب على ما يف ضمريه وال يكره على إميان

القلب، إمنا يكره أن ال يظهر ما خيالف اإلسالم، ألن الشريعة هي قانون اجملتمع، ويف كل دولة حتمي قوانينها

ن، وأن ال جياهر مبخالفته، إذ هذه اجملاهرة بعدم إظهار ما خيالفها، فيجب على كل مسلم أن حيرتم هذا القانو

ال معنى هلا سوى االستخفاف وعدم املباالة بأحكام اإلسالم فيجب أن يوقف هذا األمر كما توقف بقية اجلرائم

.من قتل وسرقة واعتداء فال ميكن أن يسكت عنها وال عن التحريض على جتاوزها

:د في اإلسالمآراء وشهادات غير المسلمين حول حرية االعتقا

تتكلم بوضوح حول متيز املسلمني واإلسالم -من أناس ليسوا مبسلمني-هناك الكثري من الشهادات

.بشريعته املعطية لآلخرين احلرية يف عقائدهم، وإن كانت ليست هي احلرية اليت تقننها االتفاقيات الدولية

ص يف مساحة اإلسالم مع أهل األديان األخرى ال وهنا ال بد أن ننتبه إىل قضية مهمة؛ وهي أن نقل هذه النصو

يدل بالضرورة على اتفاق عاملي بالثناء على موقف اإلسالم يف هذه املسألة، وهو الذي جيعلنا نتساءل عن السبب

الداعي إىل وجود فئة قد تقلل من إعطاء اإلسالم للحريات الدينية؟

لقانون الدولي يف حقوق اإلنسان، والذي يرجع يف أصوله قد يرجع السبب إىل أن معايري النقد ترجع ملفاهيم ا

.ومن هنا فمن الطبيعي أن يكون اإلسالم ال يتوافق مع تلك اآلراء. إىل األفكار الليربالية الغربية

وسبب آخر هو العداء لدين اإلسالم كونه، بغض النظر عن تفاصيل تشريعاته، ويرجع هذا العداء ألهداف

.ة حضارية، ترى يف دولة اإلسالم خاطرا قادما على حضاراتهمدينية، أو أسباب فكري

إن امللفت للنظر يف إعطاء اإلسالم حلرية االعتقاد هي كون هذه الشهادات صدرت من : ونرجع هنا ونقول

:غري املسلمني، بل األغرب أن بعضها كان مصدره ما يسمى برجال الدين، خاصة املسيحيون، ومن ذلك

واليت كتبها مجاعة من املختصني يف شأن الالهوت والكتاب -عارف الكتابية تتكلم دائرة امل -

اليهود وحظي )عن احلالة الدينية وما ناله املسيحيون يف مصر إبان الفتح اإلسالمي؛ من معاملة عادلة، -القدس

، اسرتاحت العربيح وبعد الفت .واألقباط من العرب مبعاملة أفضل من معاملة الرومان أو رجال الكنيسة اليونانية

.( )(الكنيسة من االضطهاد فازدهرت ورحبت كثريا من النفوس حتى بني غري املسيحيني

حالة االضطهاد اليت كانت متارسها الدولة البيزنطية الرومانية " جون لورمير: "كما ينقل القس -2

لكن املصريني مل : )ويقول يف ذلك .على املسيحيني املصريني، الختالفات الهوتية بينهم" هرقل"املسيحية بقيادة

يذوقوا مرارة االضطهاد حتت أي نري ظامل بقدر ما ذاقوه حتت حكم البيزنطيني الذين استغلوهم اقتصاديا

.(2)(الغزو العربي املزيد من العقوبات[ مبعنى محاهم]لقد وفر عليهم . وسياسيا ودينيا

.اإلسكندرية يفنيسة املسيحية الك -٢ /إسكندرية: مجاعة من الالهوتيني، مادة: دائرة املعارف الكتابية، إعداد ( )

. 242-3/24٢جون لورمير : تاريخ الكنيسة، للقس (2)

مثال يف مصر ماتت أو ( القبطية)وال شك أن هناك كتابات أخرى تؤرخ للفتح اإلسالمي بأنه فتح همجي، بدليل أن اللغة األم

وايات التارخيية اليت قد يوردها بعض املؤرخني كادت أن متوت، وأن الكنائس أصبحت قليلة جدا، ناهيك عن االستدالل بالر

.حيث أن بعض هؤالء املؤرخني املسلمني ليسوا بثقة أصال عند النقاد يف نقل األخبار -واهلل أعلم بثبوتها-املسلمني

مل مع أهل وتكمن املشكلة أحيانا يف معيار إصدار األحكام، فمن الواضح متاما إغفال القوانني اإلسالمية الواضحة يف التعا

راجع . ويصل األمر إىل مقارنة الغزو اإلسالمي مبا كان عليه الغزو الروماني املعروف بتسلطه. الكتاب، واليت ال يوجد هلا مثيل

=

-٥2 -

سالمي ملنطقة الشام والعراق، واليت كان معظم يتحدث عن الفتح اإل" ميشيل يتيم"وجند املطران -3

وملا استتب األمر للعرب بعد السنوات األوىل من الفتوحات اضطر اخللفاء : )سكانها من املسيحيني؛ فيقول

واحلكام إىل إصدار أحكام واضحة حتدد موقف املسلمني من النصارى، وتنظم أوضاعهم الدينية والسياسية

هذه العهود بالسماحة ورحابة الصدر، فسمحت ملن شاء من السكان والرهبان لقد اتصفت... واالجتماعية

وحافظ الباقون على كنائسهم، ... واملوظفني باهلجرة إىل األراضي البيزنطية، فغادر الدولة اإلسالمية عدد وافر

ملرتتبة عليهم إزاء ثم ذكر بعض الواجبات ا. ( )(وأمواهلم، وحريتهم الدينية، وشرائعهم اخلاصة بقيادة أساقفتهم

.ذلك

عيثو "شهادة البطريك " أهل الذمة يف اإلسالم"يف كتابه "ترتون"املستشرق والالهوتي االجنليزي وينقل -4

إن العرب الذين مكنهم الرب من السيطرة على العامل : )م والذي قال٢٥2-٢42الذي توىل منصب البابوية " يابه

إنهم ليسوا بأعداء للنصرانية ، بل ميتدحون ملتنا ، ويوقرون قديسينا وقسسنا، وميدون . نيعاملوننا كما تعرفو

.(2)(يد العون إىل كنائسنا وأديرتنا

كما ينقل من وثائق إسالمية خمطوطة يف املتحف الربيطاني حول أهل الذمة، بالتوصية مبعاملتهم بالعدل،

.(3)وأخذ اجلزية منهم على قدر الطاقة

جولدزيهر، وهو املستشرق املعروف بطعنه يف عدد من الشرائع اإلسالمية، جنده ال خيفي وهذا -٥

وروح التسامح يف اإلسالم قدميا، تلك الروح اليت اعرتف بها املسيحيون املعاصرون أيضا، : )إعجابه، حيث يقول

... ژی جئ حئ مئىئ ژ : كان هلا أصلها يف القرآن

لعشر األوىل لإلسالم مبثل للتسامح الديين للخلفاء إزاء أهل األديان القدمية، وقد جاءت األخبار عن السنني ا

.(4)...(وكثريا ما كانوا يوصون يف وصاياهم للفاحتني بالتعاليم احلكيمة

التعصب ب[ أي املسلمني]فما يدعيه بعضهم من اتهامهم : )"املستشرقة األملانية" وتقول زيغريد هونكه -٢

والوحشية إن هو إال جمرد أسطورة من نسج اخليال تكذبها آالف من األدلة القاطعة يف تساحمهم وإنسانيتهم يف

.معامالتهم مع الشعوب املغلوبة

والتاريخ ال يقدم لنا يف صفحاته الطوال إال عددا ضئيال من الشعوب اليت عاملت خصومها واملخالفني هلا يف

وكان ملسلكهم هذا أطيب األثر، مما أتاح للحضارة العربية أن تتغلغل بني تلك . العربالعقيدة مبثل ما فعل

الشعوب بنجاح مل حتظ به احلضارة اإلغريقية بربيقها الزائف، وال احلضارة الرومانية بعنفها وفرض إرادتها

=

.وما بعدها 223مالك لوقا، ص: األقباط النشأة والصراع من القرن األول إىل القرن العشرين، تأليف: يف هذا املنهج

د اضطهادا دينيا هو صحيح الوقوع، ولكنه ليس اضطهادا دينيا يف حقيقة األمر، فمن الطبيعي أن تغلب واحلقيقة أن بعض ما يع

.لغة الفاحتني، خاصة أنها لغة العلم واملعرفة، وأيضا أن تكثر املساجد وتقل الكنائس؛ إلقبال الناس على اإلسالم

. ٢2 تاريخ الكنيسة الشرقية، ميشيل يتيم، أغناطيوس ديك، ص ( )

.٥1 أهل الذمة يف اإلسالم ص (2)

. ٢4 -٢3 املصدر السابق، ص (3)

. 4٢العقيدة والشريعة يف اإلسالم، ص (4)

-٥2 -

.( )(بالقوة

": الدعوة إىل اإلسالم"يف كتابه ة، واملهتم بالدراسات اإلسالميويقول املؤرخ اإلجنليزي توماس أرنولد -2

لقد عامل املسلمون الظافرون العرب املسيحيني بتسامح عظيم منذ القرن األول للهجرة، واستمر هذا التسامح يف )

وإرادة القرون املتعاقبة، ونستطيع أن حنكم حبق أن القبائل املسيحية اليت اعتنقت اإلسالم قد اعتنقته عن اختيار

.(2)(حرة، وإن العرب املسيحيني الذين يعيشون يف وقتنا هذا بني مجاعات املسلمني لشاهد على هذا التسامح

مل نسمع عن أية حماولة مدبرة إلرغام غري املسلمني على قبول اإلسالم أو عن أي اضطهاد : )ويقول أيضا

.(3)(منظم قصد منه استئصال الدين املسيحي

وإذا كان انتشار اإلسالم : )فيقول( 1 1 -222 ) ليو تولستوي: ب الروسي الشهريويتحدث األدي -2

مل يرق بعضا من البوذيني واملسيحيني؛ فإن ذلك ال ينفي حقيقة [ أي صحابة النيب ]انتشارا كبريا على يد هؤالء

، واالستقامة والنزاهة، حتى أن املسلمني اشتهروا يف صدر اإلسالم بالزهد يف الديانة الباطلة، وطهارة السريرة

. أدهشوا احمليطني بهم مبا هم عليه من كرم األخالق، ولني العريكة والوداعة

فقد أمر حبسن . ومن فضائل الدين اإلسالمي أنه أوصى خريا باملسيحيني واليهود، وال سيما قسوس األولني

حيات واليهوديات، مع الرتخيص هلن بالبقاء على معاملتهم ومؤازرتهم؛ حتى أباح هذا الدين ألتباعه التزوج من املسي

.(4)(وال خيفى على أصحاب البصائر النرية ما يف هذا من التساهل العظيم. دينهن

. 3٥2، صمشس العرب تسطع على الغرب، زيغريد هونكه ( )

. 11، 12، صالدعوة إىل اإلسالم (2)

. 11املصدر السابق ص (3)

.حممود النجريى: ، دراسة وتقديم وتعليق44يب حممد، تولستوي، صحكم الن (4)

-٥1 -

حرية الرأي والتعبير: ثانيا

مكانة كربى يف اجملتمعات الدميقراطية، نظرا ملا حدث يف العديد من ( )حتتل مسألة حرية الرأي والتعبري

من ثورات واحتجاجات على أنظمة دكتاتورية وقمعية كان سببها تكميم -بشكل خاص-روبية الدول األو

األفواه ومصادرة احلريات، وقد متخض عن ذلك انصياع الكثري من تلك األنظمة لشعوبها، وبالتالي إعطاء الفرد

ق يشغل حيزا مهما يف حقوقه يف حرية الرأي والتعبري يف كافة اجملاالت، وأصبح هذا احل -دون قيد أو شرط-

. (2)دساتري تلك الدول، وهي الدول املؤسسة ملنظمة األمم املتحدة

ويف ظين أن هناك سببا آخرا، وهو ما كانت متارسه الكنيسة الكاثوليكية يف عدة قرون من بطش

.للمخالفني، سواء أكان ذلك البطش يف الناحية الدينية أم فيما يتعلق مبسائل التقدم العلمي

ل تقاطع حرية الرأي مع احلريات األخرى أصبح سببا لتميزها ومكانتها املرموقة ضمن منظومة حقوق ولع

اإلنسان، إذ هي حق يف ذاتها، وهي يف املقابل شرط أساسي لتحقيق وبلوغ حريات أخرى، أو سبب باإلضرار بها

.(3)ومبمارستها

لكل شخص : )املادة التاسعة عشرالعاملي يف ويظهر التأكيد على مسألة حرية الرأي والتعبري يف اإلعالن

احلق يف حرية الرأي والتعبري، ويشمل هذا احلق حرية اعتناق اآلراء دون أي تدخل، واستقاء األنباء واألفكار

.(4)(دون تقيد باحلدود اجلغرافية ،وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت

.(ق يف حرية التفكري والضمريلكل شخص احل): من اإلعالن املادة الثامنة عشروتنص

واجهت األجهزة املختصة يف األمم املتحدة صعوبات يف حتديد جمال حق حرية الرأي )ومنذ زمن بعيد

.(٥)(والتعبري، ويف االتفاق على القيود املشروعة اليت قد تفرض على حرية التعبري

على هذا احلق، حيث تنص الفقرة الثالثة، وحياول العهد الدولي للحقوق املدنية والسياسية أن يضع التزامات

لكن شريطة أن تكون حمددة بنص ،وعلى ذلك جيوز إخضاعها لبعض القيود: )من املادة التاسعة عشر قائلة

:وأن تكون ضرورية، (٢)القانون

.الحرتام حقوق اآلخرين أو مسعتهم - أ

.(عامةحلماية األمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو اآلداب ال - ب

حقوق : انظر". التعبري"الرأي أو الفكر يعنى بها ما يدور يف ذهن الفرد، من غري أن يعبر عنها، فإن تكلم بها، فهو ما يسمى ( )

. 4٥اإلنسان للفتالوي ص

. 2 حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، صاحل الراجحي، ص (2)

. 22٢القانون الدولي حلقوق اإلنسان، ص (3)

مدخل إىل : انظر. خبالف العهد الدولي فقد قيده مبا ال يتعارض مع القانون وغري ذلك من القيود ،اإلعالن أعطى هذا احلق بإطالق (4)

. 223ص ، نظام عسافحقوق اإلنسان

. 3٥ يف األمم املتحدة، صمكتب اإلعالم : األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، إصدار (٥)

.من غري تفريق بأي سبب من أسباب التفريق، مبعنى أن نطبقه على مجيع الناس (٢)

-٢1 -

: على ما يلي -تقييدا حلرية التعبري-كما ينص هذا العهد أيضا يف املادة العشرين

.حتظر بالقانون أية دعاية للحرب -

تشكل حتريضا على اليت حتظر بالقانون أية دعوة إىل الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية -2

.( )التمييز أو العداوة أو العنف

احلرية وموقف األديان منها هو من أكثر املسائل إشكالية يف حقيقة األمر، إذ أن هذه ويبقى أن موضوع

ولذا نالحظ أن الكتابات حول . املسألة تتعلق أحيانا بإعطاء حق احلرية يف نقد مسائل تعد من مسلمات األديان

املقدسة، ويف عدد من مواقف األديان من احلريات تستنتج احلريات اإلنسانية استنتاجا قسريا من النصوص

.األحيان جملرد إثبات وجود تلك احلريات

حتى -وحنن نرى أن هذه املسألة من أكثر املسائل إشكاال، نظرا لعدم وجود ضوابط متفق عليها متاما

.فضال عن النصوص املقدسة يف األديان -داخل األمم املتحدة

حرية الرأي والتعبير في اإلسالم

:لتعبيرحدود حرية الرأي وا

ويظهر أن هناك خلطا يف تبين هذه . ال ميكن أن نضع حدودا واضحة حلرية الرأي والتعبري يف اإلسالم

املسألة من عدد من الكتاب املسلمني، من ناحية تأكيد غالبهم على قضية األمر باملعروف والنهي عن املنكر،

.تلك الشعرية اإلسالمية الكربى

ن أن تكون هذه الشعرية هي التصوير اإلسالمي حلرية الرأي يف ال ميك -يف حقيقة األمر-لكن

القوانني الدولية، بل إن ممارسة هذه الشعرية وتطبيقها قد يكون عائقا أمام فتح باب حرية الرأي والتعبري مبنظور

.وموازين القوانني الدولية

كدوا أنها ختالف مبدأ احلرية ، وأداخل اجملتمع اإلسالمي العلماني التوجهوهذه القضية نبه هلا أصحاب

وعلى العكس من ذلك نرى عددا من الكتاب املسلمني الذين يرون يف اإلسالم . اليت ينص عليها القانون الدولي

ما زالوا يوردون وينقلون أحاديث األمر باملعروف والنهي عن املنكر على أنها -وصدقوا يف ذلك-خيارا وحيدا

ليست كذلك، ألنها -إن كان معيارنا هو القانون الدولي-مع أن احلقيقة من مظاهر إعطاء حرية التعبري،

.تنايف مبدأ احلرية اليت ينادي بها ذلك القانون

؛ يعد نوعا من إعطاء (حدود الشريعة اإلسالمية)إن األمر باملعروف والنهي عن املنكر يف : إال أن يقال

حيث أن نصوص الشريعة تأمر بإصالح . ه غريه من أخطاءاحلصانة القانونية الشرعية للذي ينكر ما يقع في

فمثال ال ميكن أن يكون التشكيك يف احملرقة اليهودية نوع من . مع وجود هذه املعايري فمن الواضح أن هناك تفاوتا يف تتطبيقها ( )

ل الغربية، ولذا وجد فيها قوانني جتعل ذلك من قبيل اجلرمية اليت ينص عليها القانون، حرية الرأي والتعبري يف عدد من الدو

بينما جند أن اهلجوم والسخرية على دين من األديان أو نيب من األنبياء يعد من قبيل حرية الرأي والتعبري، كما صنعت الصحف

.بصور مسيئة له وللمسلمني سالم الدمنركية يف رسومها الكاريكاتريية الشهرية يف تصوير نيب اإل

-٢ -

.األخطاء، ووقف االستمرار فيها

كما جند مظهرا من مظاهر التعسف يف االستدالل، وهو االستدالل بأمر القرآن لبين البشر بأن يتفكروا

قة هو املراد من مبدأ لكن هذا النوع من التفكري ليس يف احلقي. ، واليت تدل على عظمة اهلليف آيات ملكوت اهلل

حرية التفكري املوجودة يف قوانني حقوق اإلنسان، واليت تعترب إنكار اخلالق بالعقل واللسان نوعا من حرية الفكر

. والتعبري

كان يستهدف تطويع العقل وإخضاعه لوجود -األمر بالتفكر يف ملكوت اهلل-إذا، فهذا األمر القرآني

احلر يف الفكر، والذي رمبا وصل بصاحبه إىل اإلحلاد، وهو طريق إلقامة حد الردة اهلل وتوحيده، وليس االنقياد

.لذا متنع النصوص اإلسالمية أن يفكر الشخص يف ذات اهلل، بل عليه أن يفكر يف خملوقاته. عليه

ن هذا الكالم ليس تأييدا لالجتاه الدولي يف مبدأ احلرية، ولكن هذه هي احلقيقة اليت ال يصلح أ نقول

حرية اإلنسان، وإال كيف يكون حتديد يف أثرهنتعداها، إذ ال بد أن نعلم أن اتباع الدين ال بد أن يكون له

اإلنسان مؤمنا حقا باهلل وهو متبع هلواه؟

.يف إعطاء حرية الرأي وإصالح احلاكم املنحرف له تصوره ورؤيتهإال أن من الواضح أن اإلسالم

:صور في إعطاء حرية الرأي

ميكن لنا أن نرجع مفهوم حرية الرأي والتعبري يف اإلسالم إىل مسألة اإلباحة، حيث أن األصل يف األشياء

وهو -وإذا نظرنا هلا من منظار األمر باملعروف والنهي عن املنكر . اإلباحة إال ما دل الدليل الشرعي على منعه

أنه ميكن أن نأخذ منهما أنواعا من احلرية نرى -(املنكر)و ( املعروف)مفهوم إسالمي واسع بسعة كلميت

.الفكرية، ال مجيعها

:، وقوانني حرية الرأي والتعبريالسمع والطاعة للحكام

عليك السمع والطاعة يف : )ال شك أن اإلسالم أمر بطاعة احلكام املسلمني، كما جاء يف احلديث النبوي

تكريسا أنها ال تعدو كونها ، وهي مسألة يزعم فيها البعض( )(ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك عسرك ويسرك

.للعبودية

وهي جزء مما يعتقده املسلم الذي ،متوافرة، تدفع التشكيك فيها والنصوص الشبيهة بهذا النص كثرية

ال تكون يف معصية اهلل، كما لكن هذه الطاعة مشروطة بأ .يرفض تقديم الواقع االفرتاضي على تعاليم الدين

.(2)(مل يؤمر باملعصية فإذا أمر مبعصية فال مسع وال طاعة ما السمع والطاعة حق: )يف احلديث النبوي

حتاول احلفاظ على عندما شرعت السمع والطاعة للحاكم ولو يف حاالت الظلم، فهي نصوص اإلسالمو

فليس املقدس ذات احلاكم، وال تعين عدم .قة الدماء وهو مكتسب ضروري للمسلمكيان اجملتمع وعدم إرا

.النصح له

جاء يف أحاديث أخرى إعطاء الشعب حرية الرأي والتعبري املنضبطة بإرادة التغيري، وفيها مصلحة قائمة، ومن

(.3 ) 4٢2 /3صحيح مسلم ( )

(.221٢) 121 /3صحيح البخاري (2)

-٢2 -

.( )(جائر سلطان عند حق كلمة) :قال ؟أفضل اجلهاد أي: أن رجال سأل النيب : تلك األحاديث

،ومن أنكر فقد سلم ،فمن كره فقد برئ .ستعمل عليكم أمراء فتعرفون وتنكرونإنه ي: )ويف حديث آخر

.(2)(ال ما صلوا) :أال نقاتلهم؟ قال :قالوا يا رسول اهلل ،(وتابع يولكن من رض

"فقد برىء"أي من قدر أي ينكر بلسانه عليهم قبائح أفعاهلم ومساجة أحواهلم وأنكر "فمن أنكر: )"وقوله

:أي "فقد سلم"ومن مل يقدر على ذلك ولكن أنكر بقلبه وكره ذلك :أي "ومن كره" ،من املداهنة والنفاق :أي

.(3)(من مشاركتهم يف الوزر والوبال

لماء السلف يف إنكار املنكر على احلكام، فمن موجب لذلك مطلقا، ومن ونقل اإلمام الطربي خالف ع

موجب إذا أمن على نفسه الفتنة من هذا احلاكم، وممن مانع إظهار اإلنكار على احلاكم، واالكتفاء باإلنكار

.القليب

قوبة ال أن الواجب على كل من رأى منكرا أن ينكره إذا مل خيف على نفسه ع: والصواب: )ثم قال الطربي

.(4)(ل له بهابق

وحنن هنا لسنا أمام نصوص متعارضة، ذلك أن األمر بالسمع والطاعة للسالطني إمنا هو للمحافظة على

تعين استقرار أمن اجملتمع من التفكك، ال لكون احلكام هلم قداسة خاصة، ويف نفس الوقت فهذه الطاعة ال

.هي من أفضل اجلهاد يف سبيل اهلل، بل تعد النصيحة عدم النصح واإلصالح بالقول

:نماذج من حرية الرأي في اإلسالم

جند يف نطاق آخر إعطاء حرية التعبري لإلصالح داخل اجملتمع، وأن هذه احلرية املعطاة هي جزء من دين

.(٥)(همتمني وعامألئمة املسل)، وممن تكون له الدين هو النصيحة اإلسالم، فجعل نيب اإلسالم

فهم ،يتقاضاه فأغلظ مبدأ حرية التعبري، وذلك عندما جاء رجل إىل النيب ونورد مثاال يظهر فيه النيب

.(٢)(فإن لصاحب احلق مقاال ؛دعوه) : رسول اهلل :فقال ، به أصحابه

وذلك عندما -لذي كان يتقبل من بعض الناس الغلظة يف القولا-وهذا مثال آخر يقدمه نيب اإلسالم

ثم ، فالتفت إليه رسول اهلل .يا حممد مر لي من مال اهلل الذي عندك: )جاءه رجل يطلب ماال منه، ويقول

.(2)(ثم أمر له بعطاء !ضحك

(.4211) ٢ /2سنن النسائي ( )

(.2٥4 ) 421 /3صحيح مسلم (2)

. 2/23، مال علي القاري مرقاة املفاتيح شرح مشكاة املصابيح (3)

بن الفتح الباري : راجع. كونه دليال يف عدم اإلنكار على احلاكم، وأنه يكتفى بالقلب وقد استدل بعض العلماء بهذا احلديث على

. 3/٥3 حجر

.ولكن وجه الداللة من هذا االستدالل ليس بواضح عندي

. 3/٥3 بن حجر الفتح الباري : ، وحنوه يف٥1/ 1 شرح صحيح البخاري، البن بطال (4)

(.1٥) 24/ صحيح مسلم (٥)

.(21 ) 22٥ /3، صحيح مسلم (23 2) 2/211صحيح البخاري (٢)

(.٥422) 22 ٥/2صحيح البخاري (2)

-٢3 -

يتقبلون من الشعب ما خيالفون به رأي احلاكم يف حال وقوعهم يف كانوا كما جند أن خلفاء النيب

عندما قال يف -أبي بكر الصديق-ويظهر ذلك متاما يف أقوال اخلليفة األول من خلفاء املسلمني . اخلطأ

ن أحسنت إف .ولست خبريكم يت عليكملني قد وإف !أيها الناس: )خطبته اليت كانت بعد توليه احلكم والقيادة

. ( )(فقوموني أسأتن إفأعينوني و

-أحد أقوى اخللفاء، وأكثرهم هيبة-ويظهر أن الصحابة يف عهد اخلليفة الثاني عمر بن اخلطاب

بن فقد خطب اخلليفة الثاني عمر . كانوا ميارسون هذه احلرية ضده أيضا، ما دام أنها تتوافق ونصوص الشريعة

پ ژ: واستدلت باآلية القرآنيةليس ذلك لك يا عمر، : ، فقالت امرأةال تغالوا يف مهور النساءأ: اخلطاب

.(2)خاصمت عمر فخصمته إن امرأة: فقال عمر، ژپ پ

إىل عمر اجلارود ابيالصح كان الصحابة يواجهون عمر بإقامة هذه العدالة، ويظهر ذلك يف شكاية لقد

أما :فقال اجلارود .لتمسكن لسانك أو ألسوءنك: فقال عمر للجارود. بفساد أحد أقارب عمر، وذلك بشربه اخلمر

.(3)!بن عمك وتسوءنيا واهلل ما ذاك باحلق أن شرب

:تقييد اإلسالم لحرية الرأي

كبري على أمانة الكلمة، وعدم التهاون يظهر يف الكثري من اآليات القرآنية واألحاديث النبوية التأكيد ال

بها، حتى ولو كان حتت مسمى حرية الرأي، فليس هناك حرية للرأي يف كل شيء كما يتصور البعض، وقد

بقتل املنافقني ملا كانوا يبطنونه من اخلبث داخل قلوبهم ويظهر على ألسنتهم، لكن منعه من ذلك أال هم النيب

.تل أصحابهإن حممدا يق: يقول الناس

كان سواء األدلة، من بدليل حبكمه الشرع جاء أمر كلكما أن من القواعد املهمة يف دين اإلسالم أن

ژ : مبقتضاه يعمل أن إال فيه لإلنسان ليس فهذا الشخصية، العالقات أو العقوبات أو املعامالت أو بالعبادات متعلقا

. 3٢األحزاب ژڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ

ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ی ژ : ويظهر أثر منع هذه احلرية املخالفة لنصوص الشريعة يف قول اهلل تعاىل

. ٢2األنعام ژی ی جئ حئ مئ ىئيئ جب حب خب مب ىب يب جت حت خت مت ىت

ما : )(4)، فكانوا يقولون فيهم يف غزوة تبوك ينتقد بعض تصرفات أصحاب النيب وكان بعض املنافقني

ڍ ژ : ، نزل فيهم قوله تعاىل(أرغب بطونا، وال أكذب ألسنا، وال أجنب عند اللقاء: رأينا مثل قرائنا هؤالء

ڳ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳ ڳ

. ٢٢-٢٥التوبة ژڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ

.، وقد صحح ابن كثري القصة ٢/31، ٥/242البداية والنهاية ( )

.2/244تفسري ابن كثري : راجع. وسند القصة ضعيف النقطاعه. (1421 ) 21 /٢مصنف عبد الرزاق (2)

.هو أن القنطار مثن كبري، ومع ذلك ذكره القرآن مهرا للمرأة، فال حيق لعمر أن يلزم بتخفيفهووجه الداللة من اآلية

..إسناده ثابت: ٢/2منهاج السنة النبوية وقال ابن تيمية يف . ٥1 /1 ، السنن الكربى، للبيهقي (٢ ) 4/212سنن الدارقطين (3)

وصحح إسناده أمحد شاكر (جامع البيان) تفسري الطربي، (1142 ) 221 /٢حامت جاءت هذه احلادثة مسندة يف تفسري ابن أبي ( 4)

(. 114٢ )وله شاهد عن كعب بن مالك عند ابن أبي حامت يف تفسريه . 4/333 يف ختريج تفسري الطربي

-٢4 -

-بال حق-إذا؛ فاإلسالم مينع متاما حرية أن ينتقد املسلم الشرائع الثابتة، كما مينعه من تسليط لسانه

.ولو كان ذلك مقبوال يف معايري اجملتمع، كما يف النظام الدميقراطي

-٢٥ -

الخاصةحرمة الحياة : ثالثا

يف احلياة املعاصرة، وهي مسألة مقدرة متاما. احلياة اخلاصة جزء مهم من االحرتام املعنوي لإلنسان

.واالعتداء عليها ال يقل جرما عن االعتداء اجلسدي يف عدد من اجملتمعات

و أسرته أو ال يعرض أحد لتدخل تعسفي يف حياته اخلاصة أ: )املادة الثانية عشر: جاء يف اإلعالن العاملي

مسكنه أو مراسالته، أو حلمالت على شرفه ومسعته، ولكل شخص احلق يف محاية القانون من مثل هذا

(.التدخل أو تلك احلمالت

السابعة : وهذه احلقوق أيضا منصوص عليها يف العهد الدولي اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية، املادة

.عشر

اخلاصة بشكل دقيق ليس ميسورا، وهو مصطلح خيتلف باختالف لكن ال بد من بيان أن تعريف احلياة

. فهناك فارق بني مفهوم احلياة اخلاصة يف اجملتمعات العلمانية عنه يف غريها. البيئة االجتماعية واحلقبة الزمنية

ففي جمتمع علماني، كاجملتمع الغربي، باتت للحياة اخلاصة مساحة واسعة جدا، وأصبحت تشمل أفعاال كان

.( )ظر إليها سابقا يف إطار نفس اجملتمع بأنها ختالف األخالق االجتماعية السائدةين

: الحياة الخاصة في اإلسالم

يظهر واضحا يف النصوص اإلسالمية التأكيد على احلفاظ على احلياة اخلاصة، وعدم إعطاء الفرصة

.للتدخل فيها، وهو ما جعل املسلم يطمئن على نفسه وأهله وحميطه

:نهي عن تتبع سقطات الناسال

من الواضح أن القرآن الكريم يأمر بشكل واضح بعدم احلديث عن أخطاء الناس وعيوبهم ال يف حضورهم

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺ ٺ ٿٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ژ : وال غيابهم

.2 رات احلج ژٹ ٹ ڤ ڤڤ ڤ ڦڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ

إن من : )كما أن هناك العديد من النصوص اجلامعة يف احرتام احلياة اخلاصة، كقول نيب اإلسالم

.(2)(ما ال يعنيه حسن إسالم املرء تركه

ومل يفض يا معشر من قد أسلم بلسانه: )حيذر الناس من البحث عن عورات بعضهم وكان نيب اهلل

اإلميان إىل قلبه، ال تؤذوا املسلمني وال تعريوهم وال تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه املسلم تتبع اهلل

.(3)(عورته، ومن تتبع اهلل عورته يفضحه ولو يف جوف رحله

لشيء الكثري، وهو مستور بها، فلذا حذر من يدرك أنه ما من إنسان إال وله من العيوب ا لقد كان حممد

انون حقوق اإلنسان، ، ق2/222القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان : ملعرفة تفاصيل معنى احلياة اخلاصة، راجع( )

. ٥2 الشافعي حممد بشري، ص

(. 222)، وحسنه املنذري يف الرتغيب والرتهيب (221)، وصححه ابن حبان يف صحيحه 4/٥٥2سنن الرتمذي ( 2)

.حسن غريب: وقال الرتمذي(. 2132) 4/322سنن الرتمذي ( 3)

-٢٢ -

تتبع تلك العيوب والعورات، والتدخل فيها، إال ما كان يأمر اإلسالم بالتدخل فيه كمن ال يشهد صالة املسلمني،

ال أن يكون احملرم غري ظاهر، . أو أن يعمل حمرما يفوت استدراكه وإصالحه، كالقتل والزنا، فهذا ال يقبل منه

. ( ) بيته، فال ينقب عنهفمن استخفى يف

ومن املشهور يف شريعة املسلمني كون شرب اخلمر من كبائر الذنوب، وجاء رجل للصحابي عبد اهلل بن

، ولكن إن يظهر لنا إنا قد نهينا عن التجسس: )ابن مسعود: فقال! هذا فالن تقطر حليته مخرا: مسعود فقيل

إن : )والتنقيب عن يف أحوال شعبه، فقال، كان ينهى احلاكم عن التدخل بل إن نيب اإلسالم .(2)(شيء نأخذ به

.(3)(األمري إذا ابتغى الريبة يف الناس أفسدهم

:حرمة املسكن يف اإلسالم

املسكن، وهو يعد من أهم ضروريات احلياة، ملا ينعم فيه ألن : مواطن احلياة اخلاصةوأيضا من أعظم

ولذا جند أن اإلسالم شدد على حرمة . صاحبه ينعم فيه باالستقاللية واخلصوصية اليت تبعده عن أعني الناس

: مسكن اإلنسان، وربط به عددا من األحكام الشرعية، ومنها

وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئی ژ : لدارعدم دخوله إال بإذن أهل ا -أ

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀڀ ڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٿ ٿ ٿٿ ٹ ی ی ی جئ حئ مئ

. 22-22النور ژٹ ٹ ٹ

.أن يطلع عليهولالستئذان حكمة مهمة، وذلك ألجل أال يطلع الشخص على شيء ال يريد صاحب البيت

إن عدم الدخول إال بإذن يرتتب عليه حتريم التجسس على : النهي عن التجسس على عورات البيوت -ب

لو أعلم : ) ، فقال النيب وقد اطلع رجل من جحر يف باب بيت النيب . عورات البيوت، كما يفعل بعض الناس

.(4)(، إمنا جعل االستئذان من أجل البصرأنك تنظر لطعنت به يف عينك

وحتكي لنا كتب األخالق قصة لطيفة، وهي أن عمر بن اخلطاب رضي اهلل عنه كان يعس باملدينة من

يا عدو اهلل أظننت أن : الليل، فسمع صوت رجل يف بيت يتغنى، فتسور عليه، فوجد عنده امرأة وعنده مخر، فقال

وأنت يا أمري املؤمنني ال تعجل علي أن أكون عصيت اهلل واحدة، فقد : وأنت على معصيته، فقال اهلل يسرتك

ژې ې ې ىى ژوقال . ، وقد جتسست2 احلجرات ژڀ ٺ ژ: قال اهلل !عصيت اهلل يف ثالث

ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ژ: ، وقد تسورت علي ودخلت علي بغري إذن، وقال اهلل21 البقرة

نعم، فعفا عنه وخرج : فهل عندك من خري إن عفوت عنك؟ قال: ، قال عمر رضي اهلل عنه22النور ژىئ ىئی

.(٥)وتركه

(.34)ديث رقم شرح ح. 323جامع العلوم واحلكم البن رجب ص: راجع يف هذا( )

(.4211)صحيح وضعيف سنن أبي داود : وصححه األلباني يف (.4221) 4/222سنن أبي داود ( 2)

(.24٢٥)وصححه األلباني يف صحيح اجلامع (. 4222) 4/222سنن أبي داود ( 3)

( .٥222) ٥/2314صحيح البخاري ( 4)

جاء عن عمر من وجوه ال ختلوا من مقال، لكنه يدل على : ب، قال حمقق الكتا(٥٢3) 2/112مكارم األخالق للخرائطي ( ٥)

.أصله

=

-٢2 -

العدالة القانونية والقضائية: الوحدة السابعة

عن العدالة القانونية والقضائية يف اإلعالن العاملي وغريه من االتفاقيات الدولية حيزا كبريا احلديثشغل

واهتماما واسعا، نظرا ملا تسببه تلك العدالة من أهمية كربى يف استقرار اجملتمعات، وإحساس اإلنسان بالعيش

.اآلمن داخل أي جمتمع

ضروري أن يتوىل القانون محاية حقوق اإلنسان لكيال يضطر املرء من ال: )ديباجة اإلعالن العامليجاء يف و

(.آخر األمر إىل التمرد على االستبداد والظلم

وال ترجع أهمية هذا الفصل جملرد حصول اإلنسان على حقوقه املالية وحنوها فحسب؛ بل إن القائمة الطويلة

بة بها يف الواقع العملي من غري وجود نظام قانوني حلقوق اإلنسان وحرياته األساسية ال ميكن تطبيقها أو املطال

.وقضائي يدعم ذلك

عدالة القضاء

توسع اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان يف احلديث عن أهمية احلق يف احملاكمة العادلة لكل إنسان، وحقه

يلجأ إىل احملاكم لكل شخص احلق يف أن : )املادة الثامنةجاء يف فقد . يف اللجوء للمحاكم للحصول على ذلك

(.الوطنية إلنصافه عن أعمال فيها اعتداء على احلقوق األساسية اليت مينحها له القانون

تأكيد على العدل القضائي، مع احلق يف أن تكون احملاكمة علنية أمام حمكمة املادة العاشرةويف

نظر قضيته أمام حمكمة مستقلة نزيهةلكل إنسان احلق، على قدم املساواة التامة مع اآلخرين، يف أن ت: )مستقلة

(.علنيا للفصل يف حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه نظرا عادال

كل شخص : )يف فقرتها األوىل على عدد من النقاط، ومنها علنية احملاكمة املادة احلادية عشروتؤكد

تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع ،كمة علنيةمبحامتهم جبرمية يعترب بريئا إىل أن تثبت إدانته قانونا

(.هعن

اللجوء إىل حمكمة أعلىتأكيد على حق اإلنسان يف اخلاص باحلقوق املدنية والسياسية ويف العهد الدولي

لكل شخص أدين : )الفقرة اخلامسة من املادة الرابعة عشرفقد جاء يف .عند عدم اقتناعه حبكم احملكمة

إىل حمكمة أعلى كيما تعيد النظر يف قرار إدانته وفى العقاب الذي -وفقا للقانون-اللجوء حق جبرمية

(.حكم به عليه

=

، عددا من النماذج عن أوائل وسلف هذه األمة يف النهي عن التجسس، ولو كان ٥2 /2٢روح املعاني : وقد أورد اآللوسي يف تفسريه

.يف حمرم، وتكلم عنها بكالم حسن

-٢2 -

في اإلسالم حق اللجوء للمحاكم والحصول على محاكمة عادلة

: اللجوء للمحاكم -أ

حقوقهم اليت رمبا اعتدى عليها ، وذلك ليحصلوا على (القضاة)أعطى اإلسالم للناس حق اللجوء للمحاكم

.بعض الناس

. 1٥ النساء ژې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئۇئ ژ : فاهلل سبحانه خياطب نبيه حممد

فمن ،حبجته من بعض إنكم ختتصمون إلي ولعل بعضكم أحلن: )هذا احلق بقوله ويبني نيب اإلسالم

.( )(قضيت له حبق أخيه شيئا بقوله فإمنا أقطع له قطعة من النار فال يأخذها

إن ابين هذا كان بطين له : وأراد أن ينتزع ولدها منها، فقالت، وجاءته امرأة شاكية وقد طلقها زوجها

أنت أحق ) : فقال هلا رسول اهلل .ن ينتزعه مينوإن أباه طلقين وأراد أ ،وحجري له حواء ،وثديي له سقاء ،وعاء

.(2)(يبه ما مل تنكح

: عددا من القضاة يف البلدان ليحكموا بني الناس، فبعث عليا ابن أبي طالب، وقال له وقد بعث النيب

حتى تسمع من اآلخر كما فإذا جلس بني يديك اخلصمان فال تقضني ،إن اهلل سيهدي قلبك ويثبت لسانك)

.(3)(مسعت من األول

:احلصول على حماكمة عادلة -ب

هناك الكثري من النصوص القرآنية والنبوية اليت تأمر وتؤكد على مسألة العدل يف القضاء، وجتعل خمالفة

.ذلك جرمية كربى

ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ې ې ېى ى ائ ائ ەئ ەئوئ وئ ۇئ ۇ ۆ ۆژ : قال اهلل تعاىل

. ٥2النساء ژۇئ ۆئ ۆئ ۈئ

ۓ ڭ ژ: ويبني القرآن أن العدل جيب أن يكون مع العدو، وأن ال تـدفـع العــداوة إىل ظلم اآلخرين

. 2ة املائد ژڭ ڭ ڭ ۇ ۇۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ

ې ژ : لذا جاء التوجيه اإلهلي لنبيه أن حيكم بالعدل واحلق حتى لليهود الذي كفروا وكذبوا برسالته

. ٥ الشورى ژېى ى ائ ائەئ ەئ وئ وئۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئېئ ىئ ىئ ىئ

:قاضيان يف النار وقاض يف اجلنة: )بني الناس، فيقولعلى أهمية العدل القضائي ويؤكد نيب اإلسالم

.(4)(وقاض قضى جبهله فهو يف النار ،و قاض قضى جبور فهو يف النار ،قاض قضى باحلق فهو يف اجلنة

(.2٥34) 2/1٥2صحيح البخاري ( )

.، ووافقه الذهيبصحيح اإلسناد(: 2231)املستدرك ، قال احلاكم يف (222٢) ٢13/ سنن أبي داود (2)

.، ووافقه الذهيب(212٥)املستدرك على الصحيحني ، وصححه احلاكم يف (3٥22) 2/32٥سنن أبي داود (3)

(.3 21) 12 /4على الصحيحني للحاكم املستدرك (4)

-٢1 -

.( )(غضبان وهو اثنني بني حكم يقضنيال : )وألهمية احلصول على قضاء عادل، جاء التوجيه النبوي

محاربة أسباب الفساد والظلم القضائي في اإلسالم

مل يكن اإلسالم بأقل من األديان اليت قبله يف حماربة الفساد والظلم القضائي، حيث جند فيه النصوص

.الكثرية اليت حتارب هذا الفساد

:كتم الشهادة

. ة يف األحكام القضائية تقوم على وجود الشهود، كان كتمان الشهادة جرمية يف اإلسالمملا كانت العدال

ونظرا خلطورة هذا األمر على سري العدالة جاء يف القرآن الكريم عدد من اآليات يف النهي عن فعل ذلك، وأن ذلك

.223البقرة ژٹ ٹ ڤڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ژ: سبب إلثم القلب

املائدة ژے ے ۓ ۓ ڭ ڭ ڭ ڭ ۇ ژ: ومثل اآلية السابقة يف جتريم كامت الشهادة، قول اهلل

1٢ .

لقد جتاوزت تعاليم اإلسالم املراحل املعهودة يف االمتناع عن كتمان الشهادة إىل التوجيه بعدم كتمها مع

ٻ ٻ ٻ ژ: الناس قربا، وذلك نظرا ملا حيدث من بعض الناس من تساهل يف الشهادة ضد أقربائهمأكثر

ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦڦ

. 3٥ النساء ژڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ

وإذا سئلت عن األمر فقل ،اشهد احلق ولو عاد ضررها عليك) :ژڀ ڀ ڀ ژيف شرح آية قال ابن كثري

.وإن كان مضرة عليك، فإن اهلل سيجعل ملن أطاعه فرجا وخمرجا من كل أمر يضيق عليه احلق فيه،

وإن كانت الشهادة على والديك وقرابتك، فال تراعهم فيها، بل اشهد : أي ژڀ ٺ ٺ ژ: وقوله

.ق وإن عاد ضررها عليهم، فإن احلق حاكم على كل أحد، وهو مقدم على كل أحدباحل

ال ترعاه لغناه، وال تشفق عليه لفقره، اهلل يتوالهما، بل هو : أي ژٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹٹ ژ: وقوله

.(2)(أوىل بهما منك، وأعلم مبا فيه صالحهما

:الرشوة حتريم

من النـزاهة ما مينعهم من الظلم يف األحكام، لكن قد يفسد تلك النـزاهة قد يكون يف كثري من القضاة

ولذا جند أن اإلسالم . ما يقدم هلم من رشاوى حتول املسار القضائي من العدل إىل اجلور -كما هو مشاهد-

الراشي لعن رسول اهلل )هلا، حتى كل الوسائل اليت توصل جعل الرشوة من كبائر الذنوب، وبالغ يف قطع

.(3)(واملرتشي يف احلكم

:شهادة الزور منع

(.٢ ) 342 /3لم صحيح مس، (٢231) ٢ ٢/2٢صحيح البخاري ( )

. 2/433تفسري ابن كثري (2)

.حسن صحيح: ، وقال الرتمذي(33٢ ) 3/٢22سنن الرتمذي ، (3٥21) 2/324سنن أبي داود (3)

-21 -

ى ائ ائ ەئ ەئ وئ ژ: خلطر قضية شهادة الزور فقد قرنها اهلل تعاىل مع الشرك

. 31احلج ژوئ ۇئ

.( ) ژەئ وئ وئ ژوقرأ لت شهادة الزور الشرك باهللدع: قال ابن مسعود

يف أحاديث الكبائر وال شك أن شهادة الزور يف اإلسالم من الكبائر الكربى اليت نص عليها رسول اهلل

،وشهادة الزور اإلشراك باهلل وعقوق الوالدين؟ أال أنبئكم بأكرب الكبائر: )وجاء يف احلديث النبوي. املهلكة

.(2)(فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت ،متكئا فجلس وكان رسول اهلل -أو قول الزور-

(. 231)، وحسنه املنذري يف الرتغيب والرتهيب (2٥٢1) 11 /1للطرباني املعجم الكبري ( )

.سبق خترجيه، وهو يف الصحيحني (2)

-2 -

عدالة القانون

مساواة الجميع أمام القانون وعدم مراعاة الوجوه

ال يعد حتتل مسألة مساواة اجلميع أمام القانون املساحة الكربى يف األهمية القانونية، وذلك ألن التمييز فيها

.خلال قانونيا فحسب، بل هي منافية ألصل املساواة اإلنسانية

( )(جد احلق يف أن يعرتف بشخصيته القانونيةلكل إنسان أينما و: )جاء يف املادة السادسة من اإلعالن العاملي

ئة عنه كل الناس سواسية أمام القانون وهلم احلق يف التمتع حبماية متكاف: )املادة السابعةكما تؤكد

وضد أي حتريض ، دون أية تفرقة، كما أن هلم مجيعا احلق يف محاية متساوية ضد أي متيز خيل بهذا اإلعالن

(.على متييز كهذا

:( )المساواة القانونية في اإلسالم

ينطلق مبدأ املساواة القانونية يف اإلسالم من القاعدة اإلسالمية اليت جاءت يف النصوص الشرعية من أنه ال

وكان نتيجة هلذا التعاليم؛ أن املسلمني املتمسكني بتعاليم دينهم أصبحوا ال يمانعون . رق بني الناس إال بالتقوىف

.أو من أدناهم مرتبة...( كاحلكام والشرفاء)من أن تطبق عليهم العدالة، سواء كانوا من أعلى الناس مرتبة

:املساواة القانونية بني احلاكم واحملكوم

ر الذهيب الذي يمثل اإلسالم التشريعي الصحيح يف عصر النبوة واخللفاء الراشدين األربعة بعده، يتمثل العص

ومن ذلك إحساسهم مبساواتهم لبقية الشعب يف . وجند ذلك واضحا يف ناحية التزام احلكام بنصوص الشريعة

".الشرع اإلسالمي"قضايا احملاكمات، والوقوف مبساواة أمام القانون

. يف بداية من ميثل هذه املساواة القانونية، وهو يف نفس الوقت حاكم دولة اإلسالم نيب اإلسالموقد كان

ومل –ملا ضربه على بطنه عندما طلب القصاص من النيب وقد مر معنا تفصيل قصة الصحابي سواد مع النيب

!استقد مين: طنه وقال لهعن ب فكشف رسول اهلل ! أوجعتين يا رسول اهلل: فقال سواد -يرد االعتداء

نا ييتقاضاه د جاء أعرابي إىل النيب . هذه العدالة حتى على نفسه ويتبني ذلك أيضا يف تطبيق النيب

تدري من !وحيك :فانتهره أصحابه وقالوا !ج عليك إال قضيتينحرأ :األعرابي فاشتد عليه حتى قال له. كان عليه

حقه، ألعرابيل النيب فقضى ،(!مع صاحب احلق كنتم هال) : لنيب فقال ا. إني أطلب حقي :تكلم؟ قال

إنه ال قدست أمة ال يأخذ . أولئك خيار الناس) : النيب فقال. أوفيت أوفى اهلل لك :األعرابي فقال. أيضا وأطعمه

.(3)[(من غري قلق وتعب] الضعيف فيها حقه غري متعتع

أبو بكر الصديق يتمثل هذه املساواة القانونية بني احلاكم واحملكوم، فقد : خليفة املسلمني األول وكان

وأن يكون فريقا بامسه أمام ، هي اجلدارة يف أن يتقاضى الشخص أمام العدالة: أهلية التقاضي أمام العدالة، أو القانونية الشخصية ( )

األهلية، : مادة. معجم املصطلحات القانونية، جريار كورنو: راجع. احملاكم، وجدارته يف أن يظهر بنفسه حقوقه أمام القضاء

. 2 3ص

. 344حقوق اإلنسان يف اإلسالم دراسة مقارنة مع اإلعالن العاملي واإلسالمي، حممد الزحيلي، ص: راجع (2)

(.2 2 )وصححه األلباني يف صحيح الرتغيب والرتهيب (. 242٢) 1 2/2 سنن ابن ماجه (3)

-22 -

وال يدخل علينا أحد إال ،حضروا صدقات اإلبل تقسمأإذا كان بالغداة ف -وقد كان حاكما-قال مرة للناس

فأتى الرجل فوجد أبا بكر وعمر .لعل اهلل يرزقنا مجال [رباط للجمل] لزوجها خذ هذا اخلطام فقالت امرأة ،بإذن

ثم ؟ما أدخلك علينا :فالتفت أبو بكر رضي اهلل عنه فقال ،فدخل معهما ،رضي اهلل عنهما قد دخلوا إىل اإلبل

.أخذ منه اخلطام فضربه

،[أي اضربين كما ضربتك] استقد :وقال ،اخلطامفلما فرغ أبو بكر من قسم اإلبل دعا بالرجل فأعطاه

فقال عمر رضي اهلل ؟فمن لي من اهلل يوم القيامة :قال أبو بكر .ال جتعلها سنة ،واهلل ال يستقيد :فقال له عمر

فأمر أبو بكر الصديق رضي اهلل عنه غالمه أن يأتيه براحلته [أي أعطه حتى يتنازل هو عن حقه] أرضه :عنه

.( )رضاه بهاأفورحلها وقطيفة ومخسة دنانري [كرراحلة أبي ب]

ويف شريعة اإلسالم؛ لو تنازل املظلوم عن حقه بسبب من األسباب، فإن القصاص يسقط يف هذه احلالة، وهو

.ونالحظ هنا أنه أعطاه راحلته، ومل يعطه من بيت مال املسلمني. ما صنعه أبو بكر حينما أرضى هذه الرجل

،وأبا بكر يعطى القود من نفسه ،من نفسه (2)دوالق ييعط رأيت رسول) :مر أنه قالعن عونقل الشافعي

.(3)(وأنا أعطى القود من نفسي

:تطبيق القانون على الشريف والوضيع

الناس ووضعائهم، ويتشكل هذا املفهوم بشكل هناك عدد من النصوص اليت تدعو إىل املساواة بني أشراف

وكان معلوما ، قوي يف قصة مشهورة وقعت يف زمن النبوة، وهي تلك املرأة املخزومية الشريفة اليت قامت بالسرقة

؟ ومن يكلم فيها رسول اهلل [: قبيلة الرسول ]اليد، فقال نفر من قريش يف اإلسالم أن حد السرقة قطع

أتشفع يف حد ): فقال رسول اهلل .فكلمه أسامة، رسول اهلل بومن جيرتئ عليه إال أسامة ابن زيد ح :الوافق

،أهلك الذين قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه إمنا) :ثم قال فخطب،ثم قام ( !من حدود اهلل

.(4)(يم اهلل لو أن فاطمة بنت حممد سرقت لقطعت يدهاأو ،أقاموا عليه احلدوإذا سرق فيهم الضعيف

عندما جاء بشريعته كان وهذه القصة تبني كيف تركز مفهوم تطبيق املساواة يف زمن النبوة، وأن النيب

صطلح املعاصر يهمه أن تطبق هذه الشريعة على مجيع البشر، حتى ال يظن أحد أنه فوق الشرع، وهو املسمى يف امل

(.القانون)

أبو بكر الصديق، ملا توىل : لذا جند أن جمتمع الصحابة تعود على هذا األمر، حتى قال اخلليقة األول

والقوي -اهلل شاء إن- حقه عليه أرجع حتى عندي قوي فيكم الضعيف... أيها الناس: )اخلالفة على املسلمني

.(٥)(اهلل شاء إن منه احلق آخذ حتى ضعيف فيكم

:تطبيق القانون على املسلم مع غري املسلم

وهذه من املزايا الكربى يف الشريعة اإلسالمية، فليس من السهل على مسلم متدين أن حيكم على أخيه

. 2/41السنن الكربى، للبيهقي ( )

.قود: لسان العرب، مادة: راجع. اص باملثل، كقتل القاتلالقص: القود (2)

. ٥1/ ٢، لإلمام الشافعي األم (3)

.صحيح البخاريسبق خترجيه ، وهو يف (4)

.، وقد صحح ابن كثري القصة ٢/31، ٥/242البداية والنهاية (٥)

-23 -

حلكم العادل، حتى مع أقرب ال يتوانى عن مثل هذه ا ولقد كان رسول اهلل . املسلم ضد كافر بدين اإلسالم

.األصحاب له

فاشتكى ] أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم، فاستعدى عليه: ( )األسلمي حدرد ابن أبي عبد اهلل عنف

والذي :، قالأعطه حقه: النيب هم، وقد غلبين عليها، فقالاإن لي على هذا أربعة در! حممد يا: ، فقال[عليه

فخرج عبد اهلل باليهودي ... أقدر عليها والذي نفسي بيده ما: ، قالأعطه حقه: بعثك باحلق ما أقدر عليها، قال

فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها، ونزع الربدة، فقال ،، وهو متزر بربد[عمامة] إىل السوق، وعلى رأسه عصابة

. (2)(فباعها بأربعة الدراهم اشرت مين هذه الربدة :لليهودي

عمر بن اخلطاب عندما جاء له : ويذكر املؤرخون قصة مشهورة عن اخلليفة الثاني من اخللفاء الراشدين

سابقت ابن عمرو بن العاص :قال ،عذت معاذا :قال !يا أمري املؤمنني عائذ بك من الظلم: قبطي من مصر، فقال له

فكتب عمر إىل عمرو يأمره بالقدوم ،فسبقته فجعل يضربين بالسوط ويقول أنا ابن األكرمني [صرالوالي على م]

:ويقول عمر ،فجعل يضربه بالسوط .خذ السوط فاضرب ؟أين املصري :فقال عمر ،فقدم ،عليه ويقدم بابنه معه

لكونه من إقامة ] اهلل لقد ضربه وحنن حنب ضربه فو ،فضرب [:صةراوي الق] قال أنس ،اضرب ابن األليمني

يا أمري :الرجل فقال ،لعة عمروصضع على :ثم قال عمر للمصري ،فما أقلع عنه حتى متنينا أنه يرفع عنه ،[العدل

هاتهم كم تعبدمت الناس وقد ولدتهم أم مذ :فقال عمر لعمرو ،وقد اشتفيت منه ،املؤمنني إمنا ابنه الذي ضربين

.(3)يا أمري املؤمنني مل أعلم ومل يأتين :قال ،أحرارا

حتى ال ،آس بني الناس يف وجهك وجملسك وقضائك: )وكان عمر يوصي قاضيه أبا موسى األشعري بقوله

.(4)(س ضعيف من عدلكأوال يي ،يطمع شريف يف حيفك

:القريب وغريهتطبيق القانون على

وقد طبق اخلليفة عمر بن اخلطاب هذا املبدأ على أحد أقرباءه، فقد بعث عمر قدامة بن مظعون واليا على

وهناك شرب قدامة اخلمر . ، وقد كان قدامة خاال ألبناء عمر(وهذا دليل على اعتماده عليه وقربه منه)البحرين

فقال يا أمري ،د سيد عبد القيس على عمر من البحرينفقدم اجلارو -وهي املشروب احملرم يف اإلسالم-

من يشهد :فقال عمر ،ولقد رأيت حدا من حدود اهلل حقا علي أن أرفعه إليك ،إن قدامة شرب فسكر :املؤمنني

ثم جاء ... كرانمل أره يشرب ولكين رأيته س :قال ؟شهدتمب :فدعا أبا هريرة فقال ،أبو هريرة :قال ،معك

فقال ،ما أراك إال خصما وما شهد معك إال رجل :فقال عمر ،أقم على هذا حد اهلل :عمر فقال إىل اجلارود

أما واهلل ما ذاك باحلق أن :فقال اجلارود ،لتمسكن لسانك أو ألسوءنك :فقال عمر ،إني أنشدك اهلل :اجلارود

قالوا ال نرى أن جتلده ما كان ،ذا ترون يف جلد قدامةما :ألصحابهوقال عمر ... !نيؤبن عمك وتسواشرب

ن الصحابة الذين هلم منزلة يف اإلسالم، حيث كان ممن شهد صلح احلديبية بني النيب م: األسلمي حدرد ابن أبي عبد اهلل ( )

، البن سعدالطبقات الكربى: ترمجته يف. وكان الصحابة الذين حضروا هذا الصلح هلم منزلة يف اإلسالم. واملشركني يف مكة

4/311 .

.وإسناده جيد( 12 2: )ديث الصحيحة، حتت خترجيه حديث رقم، وقال األلباني يف سلسلة األحا3/423مسند أمحد بن حنبل (2)

. 211ص ، البن عبد احلكم،فتوح مصر وأخبارها (3)

.إسناده ثابت: ٢/2منهاج السنة النبوية وقال ابن تيمية يف . ٥1 /1 ، السنن الكربى، للبيهقي (٢ ) 4/212سنن الدارقطين (4)

-24 -

.( )(ألن يلقى اهلل حتت السياط أحب إلي من أن يلقاه وهو يف عنقي :فقال عمر ،ضعيفا

:إضافة مهمة

يبقى أن القانون الدولي املعاصر وضع تفصيالت كثرية يف كيفية ضمان حق املتهم يف التقاضي، كحق

ووجود درجات للتقاضي ال يكون احلكم ماضيا إال بعد اعتماده من الدرجة العليا، املتهم يف وجود حمام عنه،

وكون احملاكمة علنية، وغريها من التفصيالت اليت تعترب من قبيل األحكام اإلجرائية اليت تكفل ضمان

.الوصول إىل العدل، وهو مما تقره الشريعة ألنه من قبيل املصاحل الشرعية املرسلة

(.212٢ ) 1/241مصنف عبد الرزاق ( )

-2٥ -

تحفظ كرامة اإلنسان ونيةقواعد قان

حتدث اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان عن عدد من القواعد القانونية العامة، واليت حيق لكل أحد أن يطالب

:ومن هذه القواعد. بها إذ تعدي على إحدى حقوقه املصانة

المتهم بريء حتى تثبت إدانته: القاعدة األولى

كل شخص متهم جبرمية يعترب بريئا إىل أن تثبت : )من اإلعالن ية عشراملادة احلادجاء يف الفقرة األوىل من

.(إدانته قانونا

لكن ال بد من التنبيه إىل أن األمثلة املذكورة ال ميكن أن نفهم منها تشريعا واضحا هلذه القاعدة، وإن

.كنا نستطيع أن نستنبط منها ما يفيد شيئا من ذلك

:براءة املتهم يف اإلسالم

حظ القارئ أن هذه القاعدة واضحة متاما يف النصوص اإلسالمية، ويظهر أن اإلسالم شدد على أن سيال

ويظهر ذلك يف قصة اإلفك اليت اتهم فيها . األصل يف الشخص الرباءة حتى يثبت الدليل القاطع بأنه قد اقرتف جرما

؛ بأنها قامت ديق وزوجة النيب عائشة بنت أبي بكر الص -ومن تأثر بأقواهلم من بعض الصحابة-املنافقون

براءة املتهم "بالزنى مع صفوان بن املعطل، فأنزل اهلل براءتها يف القرآن، ومما جاء يف القصة مؤكدا على مبدأ

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پپ پ پ ڀ ڀڀ ڀ ٺ ٺ ٺٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ژ : قول اهلل تعاىل" حتى تثبت إدانته

ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ٹٹ ڤ ڤ ڤ

. 3 - التوبة ژڇ ڍ ڍڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ

فزنى عند رجل، [أجريا: أي] إن ابين كان عسيفا :قالو أن رجال جاء للنيب وتذكر لنا السنة النبوية

ثم سألت رجاال من أهل العلم فأخربوني أن على ابين جلد مائة وتغريب ،منه مبائة شاة وخادم فافتديت ،بامرأته

املائة شاة .جل ذكره والذي نفسي بيده ألقضني بينكما بكتاب اهلل) : فقال النيب . وعلى امرأته الرجم ،عام

. ( )(واغد يا أنيس على امرأة هذا فإن اعرتفت فارمجها ،وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام ،[ترد لك] واخلادم رد

فلم يكف اعرتاف هذا االبن بالزنا إليقاع احلد على املرأة أيضا، إذ ال ميكن يف اإلسالم أن يقام هذا احلد

.أربعة شهود، أو اعرتاف من اجملرم، وإال فاألصل براءته: إال بأحد أمرين

كما أن من القواعد املقررة عند املسلمني دفع احلدود العقابية عن الشخص إذا وجدت شبهة تدفع، وهي

".إدرأوا احلدود بالشبهات: "قاعدة يعرب عنها بالقول

فإن اإلمام ،ن له خمرج فخلوا سبيلهفإن كا ،وا احلدود عن املسلمني ما استطعتمأادر: ) ويروى عن النيب

.(2)(أن خيطئ يف العفو خري من أن خيطئ يف العقوبة

.(3)(أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات ،لئن أعطل احلدود بالشبهات: )وجاء عن عمر بن اخلطاب

(.2٥) 324 /3صحيح مسلم ، (٢441) ٢/2٥12 صحيح البخاري ( )

كما هو معنى كالم ، ووقفه على عائشة أصح من رفعه للنيب لكن ال يصح سنده عن النيب (. 424 ) 33/ 4سنن الرتمذي (2)

. الرتمذي بعد روايته للحديث

رواه ابن حزم يف كتاب اإليصال بسند صحيح، كما قاله ابن حجر وسنده منقطع، لكن (. 22413) ٥/٥مصنف ابن أبي شيبة (3)

=

-2٢ -

لو يعطى الناس بدعواهم الدعى ناس : )بقوله" إدانته براءة املتهم ما مل تثبت"قعد للقاعدة وجند أن النيب

.( )(وأمواهلم ولكن اليمني على املدعى عليه دماء رجال

ففيه أنه ال يقبل قول اإلنسان فيما .وهذا احلديث قاعدة كبرية من قواعد أحكام الشرع: )قال النووي

وقد بني .فإن طلب ميني املدعى عليه فله ذلك ،بل حيتاج إىل بينة أو تصديق املدعى عليه ،د دعواهيدعيه مبجر

.ألنه لو كان أعطى مبجردها الدعى قوم دماء قوم وأمواهلم واستبيح ؛احلكمة يف كونه ال يعطى مبجرد دعواه

.(2)(هما بالبينةفيمكنه صيانت يوأما املدع ،وال ميكن املدعى عليه أن يصون ماله ودمه

:هل هناك خالف لقاعدة براءة املتهم حتى تثبت إدانته

خيالف قاعدة فهل هذا الفعل من النيب . (3)بعد ذلك حبس رجال يف تهمة، ثم خلى سبيله جند أن النيب

براءة املتهم؟

ئل النصوص يف براءة املتهم ما مل تثبت إدانته، لكن ال مينع أن ال ميكن لنا القول بذلك نظرا لوضوح دال

يحجز املتهم إن كان هناك عالمات وشبهه حتى يتثبت من القضية، ال جملرد أخذ الناس بالشبهة، وال يعين هذا

ء يف أدا وقد ذكر بعض الشراح أن هذا قد يكون. إدانته بقدر ما فيه من التحقق حتى ال تذهب حقوق الناس

ثم ملا مل يقم ،ليعلم صدق الدعوى بالبينة ،أو بأن ادعى عليه رجل ذنبا أو دينا فحبسه ،شهادة بأن كذب فيها

.(4)البينة خلى عنه

ال عقاب إال بنص: القاعدة الثانية

كما . ومعنى ذلك أنه ال جيوز اعتبار الفعل جرمية إال بعد أن يكون هذا الفعل ممنوعا بنص تشريع قانوني

.األفعال اليت فعلها الشخص قبل وجود قانون أثناء فعله هلا ال تعد جرمية بعد وجود القانون أن

عمل أو االمتناع ءال يدان أي شخص من جراء أدا) :من اإلعالن املادة احلادية عشرجاء يف الفقرة الثانية من

كذلك ال توقع ، وقت االرتكاب -دوليوفقا للقانون الوطين أو ال-عمل إال إذا كان ذلك يعترب جرما ءعن أدا

.(عليه عقوبة أشد من تلك اليت كان جيوز توقيعها وقت ارتكاب اجلرمية

.(٥)ال عقاب إال بنص يف اإلسالم

هناك العديد من النصوص يف اإلسالم تقرر املبدأ اإلهلي يف أن العقوبة ال تكون إال بعد وجود بالغ تقريرا

:واضحا، ومن ذلك

=

. 4/٥٢تلخيص احلبري يف

(. 2 ) 33٢ /3صحيح مسلم ، (4222) ٢٥٢ /4صحيح البخاري ( )

. 2/3 شرح النووي على مسلم (2)

، وحسنه الرتمذي، وتتبع (422٢) 2/٢2( اجملتبى)سنن النسائي ، (2 4 ) 4/22سنن الرتمذي ، (3٢31) 4 3/3سنن أبي داود (3)

( .2312) إرواء الغليلاأللباني رواياته، وحسنه يف

. 2 2/3 شرح مشكاة املصابيح، للقاري مرقاة املفاتيح (4)

. 3٥1حقوق اإلنسان، حممد الزحيلي، ص: راجع (٥)

-22 -

. ٥ اإلسراء ژى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ ژ: اىلقول اهلل تع

.٢٥ النساء ژڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈژ : وقول اهلل تعاىل

ا عفا عم وجند اإلسالم ملا حارب بعض احملرمات الكربى اليت كان ميارسها أهل اجلاهلية قبل بعثة النيب

:، ومن ذلكژۓ ۓ ڭ ڭ ژاإلهلي، ولذا جتد أن اآليات احملرمة يذكر يف عدد منها عبارة سلف قبل التحريم

أو طالقها منه من الفواحش الكربى اليت كان يصنعها أهل بعد موت األب جعل اهلل نكاح زوجة األب -

ژڦ ڦ ڄ ڄ ڄ ڄ ڃ ڃ ڃ ڃ چچ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ژ :اجلاهلية

. 22النساء

ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅ ژ : كما أن مــن املـحــرمات على املحـرم حلج أو عمرة أن يتعمد قتل الصيد -

ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئ ىئ ی ۅۉ ۉ ې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ ۆئ ۈئ

. 1٥املائدة ژی ی یجئ حئ مئ ىئ يئجب حب خب مب ىب يبجت

وهذه النصوص وغريها يف الشريعة اإلسالمية تنص كما نص اإلعالن العاملي بعد ذلك أنه ال يعاقب إنسان

.على جرم مل يكن وقت فعله يعد جرما يف القانون

-22 -

الحقوق االقتصادية: ة الثامنةالوحد

حق الملكية

احلديث عن امللكية يعد من أبرز األمور املالية يف حقوق اإلنسان، ويف نفس الوقت هو حديث عن أحد أكثر

فثمة اختالف بني املختصني والدارسني . حقوق اإلنسان املعرتف بها إثارة للجدل واخلالف بني األنظمة االقتصادية

ضاف إىل ذلك أنه ليس من احلقوق املطلقة، ألنه خيضع يف بعض االتفاقيات الدولية لبعض من ي. حول طبيعتها

.( )القيود يف بعض احلاالت

ونتيجة هلذا اخلالف جند أن حق التملك جاء النص عليه يف اإلعالن العاملي ومل ينص عليه يف العهدين

والسياسات املتبعة بشأنها لدى الدول األعضاء يف األمم الدوليني حلقوق اإلنسان، وقد يعود ذلك الختالف األنظمة

.(2)املتحدة

القائم على متلك الدولة ألدوات -وكان النظام االقتصادي العاملي آنذاك متجاذبا بني النظام االشرتاكي

ية، ويسن الذي يقدس امللكية الفرد –وبني النظام الرأمسالي -اإلنتاج، وإلغاء التملك الفردي يف الشؤون العامة

وأنظمة أخرى متيل أحيانا للنظام الرأمسالي، وأحيانا تقرب للنظام –القوانني الكثرية للمحافظة عليها

.(3)االشرتاكي

:اإلعالن العاملي وحق التملك

:السابعة عشرجاء احلديث يف اإلعالن حول حق التملك يف فقرتني من املادة

.ك مع غريهلكل شخص حق التملك مبفرده أو باالشرتا -

.ال جيوز جتريد أحد من ملكه تعسفا -2

:احلقوق املالية والفكرية

كما نادى اإلعالن حبق اإلنسان يف احملافظة على حقوقه املالية والفكرية، فقد جاء يف الفقرة الثانية من

ى إنتاجه العلمي أو األدبي أو لكل فرد احلق يف محاية املصاحل األدبية واملادية املرتتبة عل: )املادة السابعة والعشرين

(.الفين

ونظرا لكون اإلنسان حيب التملك فطرة، فاملعنى املقصود حبق التملك؛ هو أحقية كل شخص بأن يتملك

كما يشاء، خبالف املبدأ الشيوعي الذي يراعي بالدرجة األوىل أن تكون األمالك الكربى بيد الدولة ومشاعة

.بني الشعب

. 2/311القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان ( )

. 12 الراوي، صحقوق اإلنسان، جابر ( 2)

. ٥حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، عبد الوهاب الشيشاني، ص: راجع تفصيل ذلك( 3)

-21 -

لى المال في اإلسالمحق التملك والحفاظ ع

إن النصوص اإلسالمية حول إعطاء حق امللكية وحتريم االعتداء عليها متعددة ووفرية، ومن الواضح أن هلذه

وهي تعطي بوضوح حق التملك لألفراد، وحترم انتزاع األمالك تعسفا من ، الشريعة نظامها االقتصادي املتكامل

.أصحابها

وهذا . منه إىل النظام االشرتاكي -وليست مثله-النظام الرأمسالي وهي أقرب يف إعطاء حق التملك إىل

.ال يعين إميانها باملبدأ الرأمسالي، بقدر ما يكون اتفاقا حول أصل التملك لألفراد

:حق التملك

والقرآن يتكلم عما فعله املشركون عندما طردوا املسلمني . فالنصوص الدالة على امللكية الفردية عديدة

آل عمران ژٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ژ: م، وكأنه يقرر بأن ذلك اعتداء على ملكيتهم اخلاصةمن دياره

1٥ .

ويف صورة أخرى يتم إقرار امللكية الفردية عند احلديث عن صورة املرابي الذي يتوب عن الربا، حيث أن

ٴۇ ۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ۉ ې ژ: غريه القرآن يعطيه حق احملافظة على رأس املال اخلاص به، دون مال

. 221البقرة ژې ې

.( )مون بنقصان رأس املالظلمون الغريم بطلب الزيادة على رأس املال، وال تال تظل: واملعنى

تلك وحث على ذلك، وهذا فيه داللة على أن، كما أمر اإلسالم بالنفقة والصدقة من األموال على الفقراء

األموال هي من أمالك أصحابها، هلم بذلك األجر إن بذلوها للفقراء، مع مالحظة أن الزكاة يجرب مانعها على

(. التربع)دفعها، خبالف الصدقة

:ومن النصوص الدالة على الصدقة

. 3البقرة ژٿ ٿ ٿ ٿ ژ -

. 2٢البقرة ژژ ژ ڑ ڑک چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ -

.والنصوص يف هذا كثرية يف القرآن الكريم والسنة النبوية

وليس لعرق ظامل ،من أحيا أرضا ميتة فهي له: )بقوله على أحقية امللكية الفردية ويؤكد نيب اإلسالم

.(2)(حق

.(3)به األرض ليملكن جييء الرجل إىل أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا أ: واملعنى

:عدم التجريد من امللك تعسفا

ويتبع ما سبق من النصوص الدالة على إعطاء اإلسالم حق التملك للناس؛ أن حرم االعتداء على أمالك

. 2/22 للرازي( الغيب مفاتيح) الكبري التفسري( )

(. ٥٥ )، وصححه األلباني يف إرواء الغليل (3123) 14 /2سنن أبي داود ( 2)

. 3/44٥ ألثري، البن ااألثراحلديث و النهاية يف غريب( 3)

-21 -

ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ژ : اآلخرين، حيث يقول اهلل

.22 البقرة ژھ ھ ھ

ورد دليل الشرع بأنه جيوز هذا يعم مجيع األمة، ومجيع األموال، ال خيرج عن ذلك إال ما: )قال الشوكاني

أخذه، فإنه مأخوذ باحلق ال بالباطل، ومأكول باحلل ال باإلثم، وإن كان صاحبه كارها كقضاء الدين إذا

واحلاصل أن ما . امتنع منه من هو عليه، وتسليم ما أوجبه اهلل من الزكاة وحنوها، ونفقة من أوجب الشرع نفقته

.( )(مل يبح الشرع أخذه من مالكه، فهو مأكول بالباطل

:وعدم جتريدها من أصحابها بغري حق؛ يف عدد من األحاديث النبوية، وجند معنى حتريم أمالك اآلخرين

.(2)(دمه وماله وعرضه :سلم على املسلم حرامكل امل) -

.(3)(نفس منه حيل المرئ أن يأخذ عصا أخيه بغري طيبال ) -

: حلديث النبوي، ويف ا(4)يشمل غري املسلموهذا األخذ من أمالك اآلخرين ال يشمل املسلم فقط، بل -

، أو كلفه فوق طاقته، أو أخذ منه شيئا بغري طيب نفس؛ فأنا أال من ظلم معاهدا، أو انتقصه حقه)

.(٥)(حجيجه يوم القيامة

ة املسلمني ويف صورة واضحة متنع التجريد من امللك تعسفا، نقلت كتب التاريخ واآلثار ما حصل بني خليف

فقال عمر بن ،كانت للعباس دار إىل جنب املسجد يف املدينةعمر بن اخلطاب وبني العباس بن عبد املطلب، فقد

بينك اجعل بيين و :فقال العباس ذلك، فأبى ،دخلها يف املسجدأهبها لي حتى بعنيها أو :اخلطاب رضي اهلل عنه

فقال العباس ...عمراخلليفة فقضى للعباس على .بن كعب بيفجعال بينهما أ ، من أصحاب النيب رجال قاضيا

.(٢)قد جعلتها هلل أني أشهدكفإني :قال ،بلى :قال ؟أليس قد قضيت لي بها وصارت لي :ألبي

:بعض مظاهر تقييد حرية التملك في اإلسالم

وحرم االعتداء على أمالك اآلخرين؛ فإن هذا هو الصورة ، عطى حرية التملكعندما نقول إن اإلسالم أ

:األصلية الواردة فيه، وال يعين ذلك أن اإلسالم مينع التصرف أحيانا يف ملك اآلخرين، ويدل على ذلك أمور

حيث أن الزكاة هي الركن الثالث من أركان اإلسالم، وهي نصيب مقدر شرعا يف : دفع الزكاة -أ

وتوضع هذه الزكاة يف مصارفها اليت ذكرها اهلل يف . ل، يدفع ملستحقه يف وقت حمدد، إذا بلغ املال نصابهاملا

ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓۓ ژ: القرآن

. ٢1التوبة ژڭ ڭ ڭڭ

. 22 / ، للشوكانيفتح القدير( )

(.2٥٢4) 12٢ /4صحيح مسلم ( 2)

.سبق خترجيه، وصححه ابن حبان( 3)

. 31٢اإلسالم واآلخر، صابر طعيمة، ص: راجع( 4)

(.44٥) الصحيحة األحاديث سلسلة يف األلباني وصححه ،(31٥2) 22 / 2 داود أبي سنن( ٥)

وهذا النص يبني يف نفس الوقت مدى استقالل القضاء يف الصدر األول من اإلسالم، وكيف . ٢2 /٢للبيهقي السنن الكربى،( ٢)

.حيكمون ضد احلاكم، ما دام احلق ليس معه كان القضاة

-2 -

كما أن نظام الضرائب . ع عنها على دفعهافهذه الزكاة ليس ألحد أن ميتنع عن دفعها، بل جيرب املمتن

إال أن الزكاة تدفع للمحتاجني من املسلمني، وليست . املعروف قدميا وحديثا ال يستطيع أي أحد أن يتهرب منه

.لتنمية أموال الدولة، إال أن الدولة هلا أن تنظمها

ث قام اهلل بقسمة الرتكة يف من األشياء احملكمة يف اإلسالم؛ نظام املواريث، حي: نظام املواريث -ب

أنه ليس ألحد أن يتصرف يف ملكه بعد وفاته، بأن يقوم بتقسيمه كيف شاء، بل ال : واملعنى هنا. القرآن الكريم

النساء ژٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀژ : بد أن يقسم على ما ذكر اهلل

2 .

فاإلسالم جيعل لإلنسان أن يتصرف مباله ما دام يف صحة وعافية، وأما بعد : وأما مسألة الوصية بعد املوت

وفاته فاإلرث ينتقل للورثة من أقربائه، وليس له أن يوصي مباله إىل أحد من أقربائه ما دام هذا القريب له حق يف

ويقرر اإلسالم يف هذه احلالة أنه . ( )(فال وصية لوارث إن اهلل قد أعطى كل ذي حق حقه: )اإلرث، ويف احلديث

حيق له أن يوصي إىل غري وارث ما دام أن الوصية مل تتجاوز ثلث املال، إذ ليس له حق أن يوصي يف أكثر من ثلث

فأوصي أ ،يا رسول اهلل إن لي ماال كثريا وإمنا يرثين ابنيت: قال سعد بن أبي قاص. ماله، حتى ال يضر بالورثة

والثلث ؛الثلث): فالثلث؟ قال :قال ،(ال) :فالنصف؟ قال :قال ،(ال)قال فبالثلثني؟ قال ،(ال) مبالي كله ؟ قال

وإنك أن ،وإن تأكل امرأتك من مالك صدقة ،وإن نفقتك على عيالك صدقة ،إن صدقتك من مالك صدقة .كثري

.(2)(تدعهم يتكففون الناستدع أهلك خبري خري من أن

احلجر على السفيه واملفلس، ومنع املتاجرة يف احملرمات، ومنع الغرر وامليسر : ومثة صور متعددة منها -ج

.والقمار

.حسن صحيح: ، وقال الرتمذي(21 2) 4/433سنن الرتمذي ، (2221) 22 /2سنن أبي داود ( )

(٢22 ) 2٥1 /3مسلم صحيح( 2)

-22 -

حق العمل

.تظهر أهمية الكالم عن حق العمل ليعطى العامل استقاللية يف كسب رزقه، والكفاءة عن غريه من الناس

على خلق فرص وظيفية، بل هي -رغم عدم قدرتها- العمل أن تجرب الدولة وليس املقصود باحلق يف

مكلفة بأن تصدر تشريعات وشروطا تكفل حتقيق العدالة يف العمل، وال عذر هلا بنقص املوارد املالية، إذ أنها

ا هي الزمة وضرورية شروط مرتبطة بفرص العمل املتاحة فعال، وال حيتاج تنفيذها إىل زيادة يف املوارد املالية، وإمن

.( )لكفالة العدالة واملساواة بني من توفرت هلم فرص العمل فعال

.تالياوجند أن اإلعالن العاملي تكلم عن العمل وحقوق العامل يف مادتني من مواده، كما سيأتي

كثريا لذا جند أن. ومما ال شك فيه أن احلديث عن حق العمل؛ إمنا هو حديث عن تشريعات قانونية حديثة

، إال ما يكون يف بعض الصور، واليت ال ميكن أن تكون متطابقةاإلسالممنها ليس له ما يقابله يف تشريعات

وحني ال يكون ثم ما مينع من الشريعة فهو حينئذ مما تكفله الشريعة، ألن متاما مع قوانني العمل والعمال،

، سريا على ا مل حترمه الشريعة فهو معترب شرعاالشريعة جاءت بتحقيق مصاحل العباد وكل ما فيه مصلحة مم

.األصل يف املعامالت اإلباحة، واألصل يف العبادات املنع: القاعدة الشرعية العظيمة

حق الحصول على عمل

لكل شخص احلق يف العمل، : )أن -من اإلعالن العاملي- نياملادة الثالثة والعشرتتحدث الفقرة األوىل من

(.كما أن له حق احلماية من البطالة ،ه بشروط عادلة مرضيةوله حرية اختيار

ويف العهد الدولي اخلاص باحلقوق االقتصادية واالجتماعية والثقافية، يف املادة السادسة، بيان ملعنى هذا

(.أن تتاح له إمكانية كسب رزقه بعمل خيتاره أو يقبله حبرية)احلق لألشخاص، وهو

حسب - سواء يف اإلسالم، أو عند اليهود والنصارى هو أن الكتب املقدسةومما ينبه له حول هذا احلق

مل تقرر تشريع حق احلصول على عمل وتنظيمه باملفهوم املعاصر، واكتفت مبجرد الدعوة إىل -استقرائي لذلك

. العمل، وتشريع بعض األنظمة اليسرية، واليت ميكن من خالهلا حفظ حق العامل

:سالمالحث على العمل في اإل

ورد يف القرآن الكريم ما يقرب من ثالمثائة وستني آية تتحدث كلها عن العمل واحلرف، وحتث على ذلك،

كصناعة احلديد، والتعدين والصياغة، وصنع الكساء والسفن، والفالحة : وتنوه بأنواع كثرية من األعمال

:ومن تلك اآليات. (2)لألرض

. ٥ امللك ژڦڦ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ژ -

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ژ -

. 2٥1قانون حقوق اإلنسان، الشافعي حممد بشري، ص( )

. 44٢حقوق اإلنسان وحرياته األساسية، عبد الوهاب الشيشاني، ص( 2)

-23 -

. 1-2اجلمعة ژٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ڦ ڦ

ما أكل أحد ) وأيضا تأتي األحاديث النبوية للحث على العمل والرتغيب فيه، ويف ذلك يقول نيب اإلسالم

.( )(وإن نيب اهلل داود عليه السالم كان يأكل من عمل يده ،طعاما قط خريا من أن يأكل من عمل يده

،رجل النيب بمر وهناك حادثة وقعت بني النيب وأصحابه تبني منزلة العمل يف التوجيهات النبوية، فقد

،[يف اجلهاد: أي] سول اهلل لو كان هذا يف سبيل اهلل؟يا ر :فقالوا ،ه ونشاطهدلمن ج فرأى أصحاب رسول اهلل

أبوينوإن كان خرج يسعى على ،فهو سبيل اهلل إن كان خرج يسعى على ولده صغارا): فقال رسول اهلل

وإن كان خرج رياء ،ل اهللها فهو يف سبيوإن كان يسعى على نفسه يعف ،شيخني كبريين فهو يف سبيل اهلل

.(2)(ومفاخرة فهو يف سبيل الشيطان

وخنتم مبعنى عظيم يدل على كرامة العمل يف اإلسالم، ويبني أن املسلم مأمور بالعمل حتى آخر حلظة،

ال يقوم حتى يغرسها أنن استطاع إف (3)قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلةإن : ) حيث يقول نيب اإلسالم

.(4)(فليفعل

:احلماية من البطالة

ألن : )كما يؤكد اإلسالم على الناس ضرورة السعي للعمل، وترك الكسل وطلب الناس، كما يف احلديث

.(٥)(حيتطب أحدكم حزمة على ظهره خري من أن يسأل أحدا فيعطيه أو مينعه

احلديث داللة على الدعوة للعمل، إال أنه يف نفس الوقت ال يدل وإن كان القارئ يستطيع أن يأخذ من هذا

على أن من حق اإلنسان احلماية من البطالة، إذ ال يعدو أن يكون حثا -خالفا ملا يفهم البعض-بشكل واضح

على عدم الكسل، وهذا احلث مع ما فيه من خري لصاحبه، ومحاية حلقوق احملتاجني جدا؛ إال أنه ال ميكن

.ه أنه دعوة للحماية من البطالةتصنيف

وميكن االستدالل على حماربة اإلسالم ملسألة البطالة بأنه فتح للناس باب متلك األرض، فقد جاء يف

.(٢)(أرضا ميتة فهي له امن أحي)احلديث النبوي

: يفة الثاني للمسلمني عمر بن اخلطاب يقولوهذا التملك يكون مشروطا باإلحياء لألرض، ولذا كان اخلل

.(2)(، فجاء غريه فعمرها، فهي لهل أرضا ثالث سنني مل يعمرهامن عط)

فإن تركها حتى ميضي ثالث مدة ثالث سنني، -إن مل حيييها-بقاء األرض يف يد صاحبها عمر جعل ف

(.1٢٢ ) 2/231صحيح البخاري ( )

(.٢12 )، وصححه األلباني يف صحيح الرتغيب والرتهيب (222) 21 /1 للطرباني املعجم الكبري( 2)

.خنلة صغرية: فسيلة( 3)

(.1)السلسلة الصحيحة ، وصححه األلباني يف 1 /3مسند أمحد بن حنبل ( 4)

(.1٢2 ) 2/231صحيح البخاري ( ٥)

.سبق خترجيه، وهو حديث صحيح( ٢)

( . 222)اخلراج، ليحيى بن آدم ( 2)

-24 -

.( )و أحق بهاسنني فأحياها غريه فه

وميكن أن نأخذ من هذا أن املراد من إعطاء األرض إمنا هو للمصلحة االقتصادية للبلد من جهة، ومن جهة

أخرى القضاء على البطالة يف البلد، ألن العامل إن علم أن األرض ستنزع منه ما مل حييها، فإنه سيجتهد يف العمل

.فيها، وهذا بال شك يضمن عدم بطالته

في أجر عادل ومنصفالحق

عن عدم التمييز يف أجر العمل، ألي سبب من من اإلعالن نيتتحدث الفقرة الثانية من املادة الثالثة والعشر

(.لكل فرد دون أي متييز احلق يف أجر متساو للعمل: )أسباب التمييز، وأيضا التوازن بني العمل واألجر

ض، يكفل له وألسرته رقوم بعمل احلق يف أجر عادل ملكل فرد ي)أن بشكل واضح الفقرة الثالثة وتؤكد

(.عيشة الئقة بكرامة اإلنسان

ومن أهم املطالبات للعامل؛ أن حيصل على أجر مقابل عمله، ويف نفس الوقت أن يكون هذا األجر عادال،

.يكفل له عيشة كرمية

العادل، واكتفى بأن يكون ضابط وال يضع القانون الدولي حلقوق اإلنسان مفهوما حمددا لألجر املنصف أو

.(2)عدالة األجر مالءمته لتكاليف احلياة يف دولة معينة

:واحلديث عن أجر عادل ومنصف إمنا يراد به عدة أمور

حفظ حقوق العمال من أن يستغل أرباب العمل حاجاتهم، مما قد يؤدي إىل تنازهلم والرضا بأجر أقل : األول

هؤالء العمال يعرب عن رضا العامل يف ظاهر األمر، بينما هو إكراه يف باطن األمر وهذا القبول من . مما يستحقونه

وهذا . وحقيقته، ولذا تسعى نقابات العمال واألنظمة الدولية يف حقوق اإلنسان إىل الضغط بأال يستغل هؤالء العمال

.التصور ال نراه واضحا يف نصوص الكتاب والسنة

.بشكل واضحه املالي املرتتب على أداء عمله، وهو األمر املوجود أن حيصل العامل على حق: الثاني

:الحق في أجر عادل ومنصف في اإلسالم

. املائدة ژژ ژ ڑ ڑ ککژ : جاء يف آيات القرآن الكريم

.(3)وحق العامل يدخل حتت العقود اليت يطالب اهلل بإيفائها

فيبدأ ذلك قبل . ؤكدة على حقوق العامل والعناية بها، قبل العمل وبعدهوهناك العديد من النصوص امل

، وذلك صيانة حلق العامل، أن يتفق صاحب العمل والعامل على مقدار األجر العمل، حيث أمر نيب اإلسالم

. 42 /٢ السنن الكربى، للبيهقي: راجع( )

. 2/332قوق اإلنسان، حممد علوان القانون الدولي حل( 2)

. 2/2٢2 ، البن اجلوزيزاد املسريراجع . ومثل هذا االستدالل هو أحد األقوال يف اآلية( 3)

-2٥ -

.( )(استأجر أجريا فليسم له إجارتهمن : )والبعد عن اخلالف يف األجرة

.(2)(أعط األجري أجره قبل أن جيف عرقه: )أجرته باملسارعة إىل إعطاء األجريكما جند التوجيه النبوي

ثالثة أنا خصمهم يوم : قال اهلل: )، فيأتي الوعيد يف احلدث النبويمنع رب العمل أجر العاملوأما يف حالة

هورجل استأجر أجريا فاستوفى منه ومل يعطرجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل مثنه، : مةالقيا

.(3)(أجره

ممن رهط ثالثة انطلق: )فيقول –من قبيل الثناء واملدح –ويقص نيب اإلسـالم قصة حدثت قبل اإلسـالم

، فأخذ كل واحد يدعو عليهم فسدت اجلبل من صخرة فاحندرت فدخلوه غار إىل املبيت أووا حتى قبلكم كان

غري رجل ،جراء فأعطيتهم أجرهماللهم إني استأجرت أ: )وأحد هؤالء الثالثة قال. اهلل مبا عمل من أعمال اخلري

يا عبد اهلل :فجاءني بعد حني فقال ،أجره حتى كثرت منه األموال [استثمرت] رتفثم ،واحد ترك الذي له وذهب

يا عبد اهلل ال تستهزئ :فقال ،من اإلبل والبقر والغنم والرقيق ،كل ما ترى من أجرك :فقلت له ،أجري إلي أد

فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء اللهم .فاستاقه فلم يرتك منه شيئا ،فأخذه كله ،إني ال أستهزئ بك :فقلت ،بي

.(4)(فانفرجت الصخرة فخرجوا ميشون ،فافرج عنا ما حنن فيه ؛وجهك

:حتقيق العمل عيشة الئقة

يكفل له )ضمان أن يكون العمل -واليت حتافظ على حق العامل-ومن النصوص املميزة يف اإلسالم

.كما نص اإلعالن العاملي( وألسرته عيشة الئقة بكرامة اإلنسان

فإن مل يكن له خادم ،فليكتسب زوجة [موظفا] من كان لنا عامال: )جند شاهدا يف النصوص النبويةو

.(٥)(فإن مل يكن له مسكن فليكتسب مسكنا ،فليكتسب خادما

وكذلك ما ،حيل له أن يأخذ مما يف تصرفه من مال بيت املال قدر مهر زوجة ونفقتها وكسوتهاأنه : واملعنى

.(٢)فإن أخذ أكثر ما حيتاج إليه ضرورة فهو حرام عليه ،ال بد منه من غري إسراف وتنعم

(.11 2) 4/3٢٢مصنف ابن أبي شيبة ، (٥124 ) 2/23٥مصنف عبد الرزاق ( )

(.2122)صابيح مشكاة امل، وصححه األلباني يف حتقيقه لـ (2443) 2 2/2سنن ابن ماجه ( 2)

.سبق خترجيه، وهو يف صحيح البخاري( 3)

(.11 ) 4/2111صحيح مسلم ، (٥2 2) 2/213صحيح البخاري ( 4)

(.2321)، وصححه ابن خزمية يف صحيحه (214٥) 41 /2سنن أبي داود ( ٥)

. 2/213 شرح مشكاة املصابيح، للقاري مرقاة املفاتيح( ٢)

-2٢ -

الحقوق االجتماعية: الوحدة التاسعة

حقوق األسرة

احتل الكالم عن األسرة اهتماما كبريا يف املؤمترات الدولية اليت عقدت من أجل مناقشة أحوال األسر

.ملؤمترات مت تعديل بعض املفاهيم حول األسرة واملرأة، وحقوقها، مع مفهوم الزوجيةونتيجة هلذه ا. ومستقبلها

واإلعالن العاملي وغريه من االتفاقيات الدولية تضع عددا من القوانني املتعلقة باحلياة الزوجية، وما يتصل بها

.من محاية حقوق األطفال والعناية بها، كما سيأتي تفصيله

الحقوق الزوجية

:الحق في الزواج، وتكوين أسرة: أوال

للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق )يؤكد اإلعالن العاملي يف فقرته األوىل من مادته السادسة عشر أن

(. التزوج وتأسيس أسرة

: ويشار هنا إىل أن اإلعالن يؤكد على قضيتني

ق يف الزواج ليس املراد منها جمرد احلث على ومما ينبغي أن ينبه له؛ أن مسألة احل. احلق يف الزواج: األوىل

-، بقدر ما هو منع التدخل يف احلرية الشخصية للجنسني، يف الزواج، وإبعاد أي معوق الزواج، أو الدعوة لذلك

.أمام هذه احلرية -أيا كان املعوق

اتفاقية الرضا )املتحدة تبنت األمموقد . عاما على أقل اعتبار ٥ بلوغ سن الزواج، وهو الذي حدد بـ : والثانية

وبعد . إىل قوانني الدول ذاتها ، وجعلت حتديد احلد األدنى موكوال1٢2 عام ( بالزواج واحلد األدنى لسن الزواج

صدور هذه االتفاقية بثالث سنوات، صدرت توصية من اجلمعية العامة لألمم املتحدة تتناول نفس املوضوع، مع

.عاما للذكر واألنثى ٥ الزواج بـ إضافة توصية بتحديد حد أدنى لسن

:احلق يف الزواج وتكوين أسرة يف اإلسالم

ويذكر القرآن يف حديث . من الواضح جدا يف النصوص اإلسالمية التأكيد على أهمية الزواج، والدعوة إليه

. 32الرعد ژڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀۀژ : عن حال األنبياء

على عباده بأن خلق هلم أزواجا من جنسهم اإلنساني؛ حتى مييلوا إليهن، وجعل بينهم احلب اهلل قد امنت ول

ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ ڳڳ ڳ ڳ ڱ ژ : والعطف، فقال عز وجل

. 2الروم ژڱ ڱ ڱ

:اإلسالم واحلث على الزواج

، ذلك أن اإلسالم ال يرى يف املسيحيةاليت تسنها وتشجع عليها (العزوبة) لبتوليةخيتلف موقف اإلسالم عن ا

ڇ ڍ ژ : وجاء يف وصف حال هؤالء. تلك البتولية ميزة لعبادة اهلل، بل هي من االبتداعات اليت مل يأمر اهلل بها

ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ گ گ

. 22احلديد ژڳ ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ںڻ ڳ

-22 -

عن التبتل وترك الزواج الذي هو فطرة إنسانية خلق اهلل البشر عليها؛ ومن النصوص املهمة يف نهي النيب

خربوا لما أف ،يسألون عن عبادة النيب جاء ثالث رهط إىل بيوت أزواج النيب : ما رواه أنس بن مالك، قال

أما أنا :قال أحدهم .؟ قد غفر اهلل له ما تقدم من ذنبه وما تأخرأين حنن من النيب :فقالوا ،وهاكأنهم تقال

فجاء .أنا أعتزل النساء فال أتزوج أبدا :وقال آخر ،أنا أصوم الدهر وال أفطر :وقال آخر ،فإني أصلي الليل أبدا

لكين أصوم ،وأتقاكم له ي ألخشاكم هللإنكذا وكذا؟ أما واهلل أنتم الذين قلتم) :فقال رسول اهلل

.( )(فمن رغب عن سنيت فليس مين ،وأتزوج النساء ،وأصلي وأرقد ،وأفطر

ومن مل ،فليتزوج (2)لباءةيا معشر الشباب من استطاع منكم ا: )وكان نيب اإلسالم يوصي الشباب بالزواج

.(3)(يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء

وخري متاع ،الدنيا متاع: )ومن زينة احلياة الدنيا أن يكون عند الشخص زوجة صاحلة، ففي احلديث النبوي

.(4)(الدنيا املرأة الصاحلة

يريد الذي الناكح[ وذكر منهم]ثالثة حق على اهلل عونهم ) :كما أن الذين تكفل اهلل بإعانتهم على أمورهم

.(٥)(العفاف

: حتديد سن الزواج

استقرت كلمة ، وقد مل أجد يف النصوص اإلسالمية تشريعا مينع زواج من هم دون سن اخلامسة عشر

.(٢)دخل على عائشة وهي بنت تسع سنني فالنيب . در بقدرهاويظهر لي أنه مصلحة تق. الفقهاء على جوازه

هل يعد هذا تشريعا دينيا، أم عادة مباحة؟: والسؤال

ال شك أن عادات تلك األزمنة مل تكن متنع من تزويج الصيب أو الفتاة فيما دون سن العاشرة، ومل يكن هذا

.يف ذلك الزمن أبداحمل استغراب

لكن . وال شك أن عقد الزواج بني جنسني مل يبلغا سن الزواج عقد صحيح حسب نصوص الشريعة اإلسالمية

-لو كان هناك قانون داخلي يف الدول يضع سنا يراعي فيه نضج الشاب والفتاة يف تلك الفرتة الزمنية

يف اجملتمع؟ فهل جيوز محل الناس عليه مراعاة للحالة الواقعية -كالبلوغ

.مؤهلني لذلك اجتهاد علمي مجاعي بواسطة علماءحيتاج إىل يف وجهة نظري املوضوع

:الزواج بال قيود: ثانيا

إذ مل توضع التنظيمات الدولية من أجل حث إن الزواج بال قيود يعد من أهم مسائل حق اإلنسان يف الزواج،

(.3 ) 21/ صحيح مسلم ، (422٢) 141 /٥صحيح البخاري ( )

. 1 4/ ، البن األثري األثراحلديث و النهاية يف غريب: راجع. النكاح والتزوج: الباءة( 2)

(.411 ) 2 1 /2صحيح مسلم ، (4222) 1٥1 /٥صحيح البخاري ( 3)

(.4٢2 ) 111 /2صحيح مسلم ( 4)

.سبق خترجيه ، وسنده حسن( ٥)

(.422 ) 132 /2صحيح مسلم ، (3٢23)، ( 3٢2) 4 4 /3يح البخاري صح( ٢)

-22 -

ت إلبعاد أي قيد من دين أو عرق أو عادة، متنع من حرية الناس على الزواج، لكون ذلك أمرا فطريا، بل وضع

.الشخص التامة يف الزواج

دون أي قيد )للرجل واملرأة على حق الزواج العاملي يف فقرته األوىل من مادته السادسة عشر اإلعالنيؤكد و

(.أو الدين ( )بسبب اجلنس

، أو منع التزاوج بني ديانتني (األسود واألبيض مثال)جنسني خمتلفني وهذا يعين أنه ال جيوز منع التزاوج بني

.خمتلفتني، بغض النظر عن الديانتني

:قيود الزواج يف اإلسالم

:قالزواج مع اختالف العر

، حيث مسح عند النظر يف النصوص اإلسالمية حول الزواج؛ فإننا جند أنه مل يضع أي عراقيل بسبب اجلنس

.بالتزاوج بني أجناس وعرقيات خمتلفة

وهما من قريش أشرف قبائل ] خطباني جهم وأبا سفيان أبي بن معاويةإن : وقالت له جاءت امرأة للنيب

انكحي) :ثم قال ،تههرفك :قالت( أسامة بن زيد انكحي: ) فقال هلا النيب [. العرب، وهي قبيلة النيب

.(2)فنكحته فجعل اهلل فيه خريا :، قالت(أسامة

،ما علمه من دينه وفضله وحسن طرائقه وكرم مشائلهفل ؛بنكاح أسامه وأما إشارته : )قال النووي

.(3)(ولكونه كان أسود جدا ،[عبدا معتقا] فكرهته لكونه موىل ،فنصحها بذلك

: الزواج مع اختالف الدين

.أن اإلسالم أباح الزواج بغري املسلمني يف حاالت ومنعها يف حاالت أخرى مع أصحاب األديان األخرىجند

ۆ ۈ ۈ ٴۇۋ ۋ ۅ ۅ ۉ ژ : فلقد أباح القرآن زواج رجال املسلمني من نساء اليهود والنصارى

. ٥املائدة ژۉ ې ې ې ېى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ۇئ ۆئ

، وأيضا جواز الزواج من احملصنات، وهن (اليهودي واملسيحي)واآلية صرحية يف جواز ذبائح أهل الكتاب

.العفيفات من الزنا يف قول مجع من املفسرين

وقد تزوج مجاعة من الصحابة من نساء النصارى ومل يروا بذلك بأسا، أخذا بهذه اآلية : )قال ابن كثري

.(4)(الكرمية

.ال يوجد نظري له يف األديان األخرى، حيث يمنع اليهودي واملسيحي من الزواج مبسلمة وهذا األمر

( الشذوذ)حيث أن هذا األمر ( الشذوذ)وليس املراد الزواج املثلي . يراد به العرقية أو اختالف اجلنسية يف القانون املعاصر: اجلنس( )

. 2/21٥القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان : راجع. أسرةمل تسمح به أنظمة األمم املتحدة، حبيث أنه يشكل قانون

(.421 ) 4 /2 صحيح مسلم( 2)

. 1/12 شرح النووي على مسلم ( 3)

. 3/42تفسري ابن كثري ( 4)

-21 -

فهو ممنوع يف شريعة اإلسالم، حيث -فضال عن غريهم-أما زواج املرأة املسلمة برجل من أهل الكتاب

.( )على غري اإلسالمأن اآلية يف الرجال، واملرأة تقع حتت والية وقوة الرجل، مما يعرض األبناء إىل النشأة

ڄ ژ : أما سائر املشركني فال جيــوز زواج املسلــم منهـم، كما ال جيوز تزويج املسلمة منهم من باب أوىل

ڄ ڄ ڄ ڃڃ ڃ ڃ چ چ چ چ ڇڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ

. 2لبقرة ا ژژ ڑڑ ک ک ک کگ گ گ گ ڳ ڳ ڳڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں

.(2)(سلم يتزوج النصرانية، وال يتزوج النصراني املسلمةامل: )وقال اخلليفة الثاني للمسلمني عمر بن اخلطاب

:ومن خالل ما مضى من اآليات نالحظ ما يلي

، يف حني أن املرأة املسلمة ال حيل هلا الزواج من (اليهوديات واملسيحيات)الزواج من أن املسلم حيل له -

.يهودي أو مسيحي

.الرجل واملرأة ال حيل هلما الزواج من الوثنيني -2

إذا حدث زواج بني رجل وامرأة ليسا مسلمني، ثم أسلم أحدهما، فيجب أن يتفرقا، إال أن يكونا من -3

.لرجل إىل اإلسالم وبقيت املرأة على دينها اليهودي أو النصراني، فال جيب أن يتفرقاأهل الكتاب، ودخل ا

:رضا الزوجين: ثالثا

يف حتديد مصري زواج أحد -وخاصة األب-على مر التاريخ اإلنساني، كان هناك تدخل من قبل الوالدين

.األوالد

ال يربم عقد الزواج إال برضى الطرفني : )من املادة السادسة عشر وقد أكد اإلعالن العاملي يف فقرته الثانية

(.الراغبني يف الزواج رضى كامال ال إكراه فيه

:رضى الزوجني يف اإلسالم شرط

للذكر يف اإلسالم احلرية الكاملة يف الزواج متى أراد، وال أحد ميلك تزوجيه ممن ال يرغب ما دام بالغا

.عاقال

حقها التام يف تؤكد على إعطاء املرأةالشرعية ولذا جند أن النصوص الذكر يف ذلك، وال تقل األنثى عن

. ، لتجاهل كثري من اجملتمعات حقها يف حرية املوافقة على الزواجالرضا بالزواج

حول هذا األمر أن النساء مل يكن هلن قبل اإلسالم حق إعطاء ولذا يظهر من األسئلة اليت وجهت للنيب

نكح األيم حتى ال ت: ) ومن النصوص اليت فتحت هلن اجملال، ما جاء عن نيب اإلسالم . هن يف زواجهنوجهة نظر

أن )قالوا يا رسول اهلل وكيف إذنها ؟ قال ( . ستأذننكح البكر حتى توال ت ،[تعطي رأيها الصريح] ستأمرت

.(3)(تسكت

. 3اإلسالم واآلخر، صابر طعيمة، ص: راجع( )

.، وصحح إسناده الطربي4/3٢٢ (جامع البيان) تفسري الطربي( 2)

(.1 4 ) 13٢ /2صحيح مسلم ، (4243) 124 /٥صحيح البخاري ( 3)

-11 -

فإن البكر :قلت ،(نعم) :قال [وكأنه أمر غريب] ستأمر النساء يف أبضاعهن؟ي :ول اهلليا رسوقالت عائشة

.( )(سكاتها إذنها) :ستأمر فتستحي فتسكت؟ قالت

مار يدل ئفيؤخذ منه فرق بينهما من جهة أن االست ،مار وللبكر باالستئذانئر للثيب باالستفعب: )قال ابن حجر

فإذا صرحت مبنعه ،ذنها يف العقدإوهلذا حيتاج الولي إىل صريح .وجعل األمر إىل املستأمرة ،كيد املشاورةعلى تأ

وإمنا ،خبالف األمر فإنه صريح يف القول ،ذن دائر بني القول والسكوتواإل .والبكر خبالف ذلك .متنع اتفاقاا

.(2)(حفصذنا يف حق البكر ألنها قد تستحي أن تإجعل السكوت

فجعل هلا ،فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة ، النيب أن جارية بكرا أتتوتذكر لنا السنة النبوية

.(3)اخليار النيب

وال ،من ماهلا إال برضاها يءفإن البكر البالغة العاقلة الرشيدة ال يتصرف أبوها يف أقل ش: )قال ابن القيم

فكيف جيوز أن يرقها وخيرج بضعها منها بغري رضاها إىل من يريده ،لى إخراج اليسري منه بدون رضاهاجيربها ع

.(4)(رضاها بغري ختتاره ال مبن تزوجيها من عليها أسهل رضاها بغري كله ماهلا إخراج أن ومعلوم... هو

، وهي شريعة يهودية "خ املتوفىشريعة الزواج بزوجة األ"لذا جند أن القرآن يعارض بوضوح تام ما يسمى بـ

. واليت تفرض على الزوجة اليت مات زوجها ومل يخلف ولدا، أن تكون زوجة ألخي زوجها األكرب

ژھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭڭژ : ويشري القرآن الكريم هلذا املنع بصراحة حيث يقول

. 1 النساء

إن شاء بعضهم ؛كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته: )معنى اآلية قال الصحابي ابن عباس يف

.(٥)(فنزلت هذه اآلية يف ذلك .فهم أحق بها من أهلها .مل يزوجوهاشاءوا وإن ،زوجوهاشاءوا وإن ،تزوجها

:(ة الرجل، الطالققوام)المساواة الزوجية : رابعا

تشغل قضية املساواة بني الرجل واملرأة عنصرا من أهم العناصر يف القانون الدولي اإلنساني املعاصر، حيث

ظهر ذلك واضحا متاما يف التشريعات الدولية، كما مر معنا يف مبحث مستقل تناول موضوع املساواة بني الرجل

.واملرأة

.يف مفهوم املساواة، يف احلياة الزوجية وهنا عدد من املسائل ميكن إدخاهلا

حيث جاء يف الفقرة األوىل من . وأول هذه املسائل قضية قوامة الرجل على املرأة، وحقه املنفرد يف الطالق

(.٢٥42) ٢/2٥42صحيح البخاري ( )

. 12 /1ابن حجر شرح صحيح البخاري، فتح الباري( 2)

(.22٥ ) ٢13/ سنن ابن ماجه ، (211٢) ٢32/ سنن أبي داود ( 3)

(.ببعض بعضها ىيقو طرقه فإن له معنى فال ثاحلدي يف الطعن وأما): 1٢ / قال ابن حجر يف فتح الباري

. ٥/12زاد املعاد يف هدي خري العباد، ابن القيم، ( 4)

(. 4313) ٢21 /4صحيح البخاري ( ٥)

-1 -

للرجل واملرأة متى بلغا سن الزواج حق التزوج وتأسيس أسرة دون أي قيد : )املادة السادسة عشر يف اإلعالن العاملي

(.وهلما حقوق متساوية عند الزواج وأثناء قيامه وعند احناللهأو الدين، بسبب اجلنس

اتفاقية القضاء على مجيع أشكال التمييز ضد "ويتبني املراد بشكل صريح وواضح يف نص الفقرة األوىل من

أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد : "التمييز ضد املرأة"ألغراض هذه االتفاقية، يعين مصطلح : )، واليت جاء فيها"املرأة

، ويكون من آثاره أو أعراضه توهني أو إحباط االعرتاف للمرأة حبقوق اإلنسان واحلريات يتم على أساس اجلنس

األساسية، يف امليادين السياسية، واالقتصادية، واالجتماعية، والثقافية، واملدنية، أو يف أي ميدان آخر، أو توهني

بصرف النظر عن حالتها الزوجية، وعلى أساس املساواة بينها و إحباط متتعها بهذه احلقوق، أو ممارستها هلا، أ

.( )(وبني الرجل

. (2)وليس بيد الرجل، عند القاضي (الطالق) يف النظام الدولي يكون حل الزواجو

اة الزوجية، اليت تقررها األمم املتحدة؛ ال فإن األمور املتعلقة مبسألة املساواة يف احلي: وإذا تقرر مجيع ما سبق

ل ديانة حتمل معامل ، وإن كانت ك(اإلسالم، اليهودية، النصرانية) يوجد هلا تطبيق مماثل يف األديان الثالثة

.خمتلفة جزئيا

وليس مبستغرب أن تتفق األديان كلها على قوامة الرجل يف األسرة، إذ أنها مسألة فطرية يف البشر كما هي

وال يعين هذا أنه ال . ومن الواضح واقعا تفوق وقدرة الذكر على القيادة والتصرف أكثر من املرأة. يف غري البشر

دور للمرأة، ألن األمر تكاملي بني اجلنسني، ولكي يكتمل هذا التكامل وال يضطرب؛ فال بد من قائد واحد

.يتوىل القيادة

.ساواة الزوجية، وهما القوامة، والطالقوسيكون احلديث التالي عن أهم مسائل امل

:على املرأة يف اإلسالم قوامة الرجل -أ

للرجل يف األسرة، وله حق الطاعة من قبل -كما هو يف العهدين القديم واجلديد-جعل اإلسالم القوامة

.الزوجة

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ژ : والنصوص القرآنية صرحية متاما يف ذلك

. 34النساء ژٺٺ ڀ

الرجال أهل قيام على نسائهم، يف تأديبهن واألخذ على أيديهن فيما جيب عليهن هلل وألنفسهم : )قال الطربي

من سوقهم إليهن مهورهن، وإنفاقهم عليهن : مبا فضل اهلل به الرجال على أزواجهم: ، يعينژٻ پ پ ژ

واما عليهن، وذلك تفضيل اهلل تبارك وتعاىل إياهم عليهن، ولذلك صاروا ق. ن مؤنهنأمواهلم، وكفايتهم إياه

، راجع مزيدا من الكالم حول هذه املسألة، ومجعا 44/ حممد شريف بسيوني، : الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، مجع( )

رسالة ) 4٥4 قضايا املرأة يف املؤمترات الدولية، فـؤاد آل عبد الكريم، ص: ؤمترات العاملية حول السكان واألسرة يفلقرارات امل

. 2٥ العدوان على املرأة يف املؤمترات الدولية، لنفس املؤلف ص: ، واختصارها يف كتاب(دكتوراه

. 244ص املتحدة، ممباأل اإلعالم مكتب: إصداروحقوق اإلنسان، األمم املتحدة( 2)

-12 -

.( )(نافذي األمر عليهن فيما جعل اهلل إليهم من أمورهن

222البقرة ژڳ ڳ ڱ ڱ ڱڱ ں ں ڻ ژ: ويف آية أخرى

نه مع ذلك أكثر من التعاليم املوصية بالزوجات خريا، كما ومع أن اإلسالم جعل القوامة بيد الرجل، إال أ

ژۉ ۉې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ وئ ۇئ ژ: جاء يف القرآن الكريم

.1 النساء

وقال . (2)(وخياركم خياركم لنسائهم خلقا ،أكمل املؤمنني إميانا أحسنهم خلقا: )وكما جاء يف احلديث

.(3)(استوصوا بالنساء خريا: )مرة

:حق الطالق -ب

وذكرت . مر معنا يف بداية هذا املطلب أن اإلعالن العاملي ينص على املساواة الزوجية حتى عند احنالل الزواج

.ند القاضي من أحد الطرفنيأن القانون الدولي جيعل االحنالل ع

احلديث عن قضية الطالق من حيث تشريعها أو -بالدرجة األوىل-التنبيه إىل أنه ليس املراد هنا جيدر

. لكن املراد األهم هنا يف احلديث عن الطالق؛ إمنا هو يف مسألة أحقية كل من الزوجني يف إيقاعه عدمه،

.أنه ليس حقا خاصا بالرجل: مبعنى

:يف اإلسالمالطالق -

من املعلوم ضرورة عند املسلمني أن اإلسالم يشرع صراحة يف نصوصه قضية احلق يف الطالق، نظرا

.الستحالة احلياة الزوجية يف بعض األحيان

وحق التطليق يف اإلسالم بيد الرجل كأصل عام، وال يشرتط أن يكون عند قاض، أو أن يكون مبوافقة

ٱ ٻ ژ : ددا من النصوص ختاطب الرجل يف مسألة الطالق وتبني له آدابه، كقولهلذا جند ع. الزوجني مجيعا

. 23البقرة ژٻ

مع ووضع الطالق بيد الرجل له ارتباط بقضية وجوب إنفاق الزوج على زوجته، ودفعه املهر املرضي هلا،

.فلذا كان له حق القوامة والتطليق الطرفنيطبيعة الرجل وقوته وضرورة وجود قوامة يف األسرة ألحد

وقضية تشريع الطالق ال تدل بالضرورة على االستخفاف بعقد الزواج، والذي وصفه اهلل يف القرآن الكريم

. 2النساء ژڤ ڤ ڤ ڦ ژ: بقول

.(4)(أبغض احلالل إىل اهلل الطالق: )وكما روي يف احلديث النبوي

:( )حق املرأة خبلع زوجها

.حتقيق شاكر 2/211( جامع البيان)تفسري الطربي ( )

.حسن صحيححديث : ، وقال الرتمذي(٢2 ) 3/4٢٢سنن الرتمذي ( 2)

(.4٢2 ) 111 /2صحيح مسلم ، (4211) 122 /٥صحيح البخاري ( 3)

(.باإلرسال علأأخرجه أبو داود وغريه و: ) 1/3٥٢: فتح الباريقال ابن حجر يف ( . 22 2) ٢٢/ سنن أبي داود ( 4)

-13 -

قد يظن البعض أن معنى وضع الطالق بيد الرجل؛ يدل على أنه ال ميكن للمرأة أن ترتك زوجها ولو كانت

.مظلومة مضطهدة

اخللع وهذا األمر غري صحيح، فاملرأة إن رأت أنه ال ميكن أن تعيش مع زوجها لسبب وجيه، فلها أن تطلب

جاءت امرأة ثابت بن قيس بن فقد . من زوجها، مقابل عوض مالي تقدمه لزوجها، والذي كان قد دفع هلا مهرا

فقال رسول ،(2)ما أنقم على ثابت يف دين وال خلق إال أني أخاف الكفر :يا رسول اهلل :فقالت مشاس إىل النيب

.(3)وأمره ففارقها ،فردت عليه ،نعم :قالت. [أي مهرها وقد كان بستانا] (فرتدين عليه حديقته) : اهلل

كما جند من جهة أخرى أن القرآن حرم على الرجل الذي يبغض زوجته أن يظلمها ويتسلط عليها، ألجل أن

ژ : ل اجلاهليةتضطر هذه املرأة إىل طلب اخللع، وإرجاع مهرها لزوجها حتى يقوم بطالقها، كما كان يصنع أه

ژھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ڭ ڭڭ ڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈ ٴۇ ۋ ۋ ۅۅ

. 1 النساء

.(4)(فيضر بها لتفتدي وهلا عليه مهر، ،الرجل تكون له املرأة وهو كاره لصحبتها: )قال الصحابي ابن عباس

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ ژ : لذا شدد اهلل على عدم أخذ أي شيء من مهر الزوجة

پ ڀ ڀ ڀ ڀٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ

. 2 -21النساء ژڤ ڤ ڦ ڦ

:حماية األسرة: خامسا

وينص اإلعالن العاملي يف الفقرة . ة على االهتمام باألسرة ككيان مهم يف اجملتمعجاءت التأكيدات الدولي

وهلا حق التمتع حبماية ،األسرة هي الوحدة الطبيعية األساسية للمجتمع)الثالثة من مادته السادسة عشر على أن

(.اجملتمع والدولة

:محاية األسرة يف اإلسالم

ولئن كان اإلسالم شرع الطالق يف حاالت، إال أنه مع . ية للحفاظ عليهاأولت النصوص اإلسالمية األسرة بعنا

.(٥)(أبغض احلالل إىل اهلل الطالق: ) ذلك يعد من األشياء اليت يبغضها اهلل، فقد روي عن نيب اإلسالم

=

.خلع: راجع املوسوعة الفقهية، مادة( )

إىل أنها قد حتملها شدة كراهتها له على إظهار الكفر لينفسخ نكاحها أشارتوكأنها : )قال ابن حجر ؛يف معنى الكفر هنا( 2)

وحيتمل أن تريد بالكفر كفران .على الوقوع فيه لكن خشيت أن حتملها شدة البغض ،وهي كانت تعرف أن ذلك حرام ،منه

. 1/411فتح الباري شرح صحيح البخاري(. العشري إذ هو تقصري املرأة يف حق الزوج

(.4123) ٥/2122صحيح البخاري ( 3)

. /2 (جامع البيان) تفسري الطربي ،(٥132) 3/113تفسري ابن أبي حامت ( 4)

.بني علماء احلديث النبوي سبق خترجيه، ويف ثبوته خالف( ٥)

-14 -

ڇ ڇ ژ : ل على اإلصالح األسري بني الزوجني، والعمدعوة يف القرآن لعدم اللجوء للطالقكما أن هناك

. 3٥النساء ژڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ڑ ڑ کک ک ک گ گ گ گ

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ڀ ٺ ٺٺ ٺ ٿٿ ٿ ٿ ژ : وقوله

. 22 النساء ژڦ ڦ ڦ ڦ ٹٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ

، حتى لو أحس الرجل بأنه مل يتوافق مع زوجته، مما قد يدفعه للتفكري يف وأوصى الرجال خريا بالنساء

ۉ ۉې ې ې ې ى ى ائ ائ ەئ ەئ وئ ژ: طالقها، ولذا جاء التوجيه القرآني

. 1 النساء ژوئ

.( )(إن كره منها خلقا رضي منها آخر ،مؤمن مؤمنة كفرال ي: )ويف احلديث النبوي

، فال يتسلط الرجل كما يشاء على املرأة بأن حيرمها جعل للحياة الزوجية حقوقا وواجباتكما أن اإلسالم

أو كثر ليس يف نفسه أن يؤدي إليها حقها، رجل تزوج امرأة مبا قل من املهرأميا : )ويف احلديث النبوي. حقها

.(2)(خدعها، فمات ومل يؤد إليها حقها، لقي اهلل يوم القيامة وهو زان

ما هذا ) :قالف ،للنيب من الشام سجد بن جبل قدم معاذ ويف املقابل نرى تأكيدا حلق الزوج، حيث أنه ملا

فقال رسول . قال أتيت الشام فوافقتهم يسجدون ألساقفتهم وبطارقتهم فوددت يف نفسي أن نفعل ذلك بك( ؟يا معاذ

والذي نفس . فإني لو كنت آمرا أحد أن يسجد لغري اهلل ألمرت املرأة أن تسجد لزوجها ،فال تفعلوا) :اهلل

.(3)(ده ال تؤدي املرأة حق ربها حتى تؤدي حق زوجهاحممد بي

كلكم راع : )يف رعاية األسرة، ولذا جاء التوجيه النبوي املسؤولية مشرتكة بني الزوجنيكما جعل

بيت زوجها ومسؤولة واملرأة راعية يف، والرجل راع يف أهله وهو مسؤول عن رعيته ...وكلكم مسؤول عن رعيته

.(4)...(عن رعيتها

(. ٢) 11 /2صحيح مسلم ( )

: 32 /4، وقال اهليثمي يف جممع الزوائد ( ) 4 / املعجم الصغري للطرباني ، (121 ) 4/321املعجم األوسط للطرباني ( 2)

(.212 )وصححه األلباني يف صحيح الرتغيب والرتهيب . ثقات ورجاله

(. 2 4) يف صحيحه ابن حبان ، وصححه(2٥3 ) ٥1٥/ سنن ابن ماجه ( 3)

(.221 ) 4٥1 /3صحيح مسلم ، (2٥3) 314/ صحيح البخاري ( 4)

-1٥ -

حقوق الطفل

. إىل حيز الوجود" األمم املتحدة"لقد شغل اجملتمع الدولي حبقوق الطفل قبل ظهور منظمة

".إعالن جنيف حلقوق الطفل" أقرت عصبة األمم املتحدة 124 ففي سنة

، والذي حوى العديد من املبادئ "إعالن حقوق الطفل"حتى انبثق عنها وتقدمت االجتماعات حول الطفل،

.( )املتعلقة به

حتى تبلورت عن األمم املتحدة -وإن مل يصدر فيها اتفاقية دولية-وهكذا استمرت العناية حبقوق الطفل

.(2)م، واليت أصبحت األكثر توسعا يف احلديث عن حقوقه121 : سنة" اتفاقية حقوق الطفل"

ما اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان فيخصص حلقوق الطفل املادة اخلامسة والعشرين، واليت تقول يف فقرتها أ

لألمومة والطفولة احلق يف مساعدة ورعاية خاصتني، وينعم كل األطفال بنفس احلماية االجتماعية، : )الثانية

(.سواء أكانت والدتهم ناجتة عن رباط شرعي أو بطريقة غري شرعية

كل إنسان مل يتجاوز الثامنة : ، الطفل يف مادتها األوىل 121 : سنة" اتفاقية حقوق الطفل"ولقد عرفت

.عشرة، ما مل يبلغ سن الرشد قبل ذلك مبوجب القانون املنطبق عليه

ولذا نصت املادة السابعة والثالثون من نفس االتفاقية أن من دون سن مثانية عشر سنة ال يقام عليهم إعدام،

.وال يعرضون لسجن مؤبد

إعطاء الزانية حقوقها : نسبة ابن الزنى لوالدته، وأيضاوتؤكد القوانني الدولية يف حقوق الطفل على

.(3)باعتبارها والدة هلذا الطفل، كما يعطى ابن الزنى من املرياث

:حقوق الطفل في اإلسالم

. (4)وقد وردت يف أحوال خمتلفة اليت تتحدث عن األطفال وحقوقهم كثرية، نصوص الوحينيإن

: العناية باألطفال وتربيتهم -

قتل األطفال خشية لقد حذر القرآن من بعض العادات اجلاهلية اليت كان ميارسها العرب قبل اإلسالم، من

. 3اإلسراء ژچ چ چ چ ڇڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ : ، فقال اهللالفقر

أن ينفق على هذه األم لتتمكن من إرضاع هذا ، كما أو جب على األبإرضاع طفلهاوأوجب القرآن على األم

ھ ھ ھ ھ ےے ۓ ۓ ڭ ڭ ژ: الطفل، حتى يف حالة ما لو طلقها زوجها يف أثناء فرتة الرضاع

. 233البقرة ژڭڭ ۇ ۇ ۆ ۆ ۈ ۈٴۇ

. ٢٥ ص املتحدة، باألمم اإلعالم مكتب: إصداراألمم املتحدة وحقوق اإلنسان، ( )

. ٥2٥، 2/٥23القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان، حممد خليل املوسى : راجع( 2)

. 24٥ص األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، إصدار مكتب اإلعالم العام،( 3)

. 21- 2موسوعة حقوق اإلنسان يف اإلسالم، خدجية النرباوي، ص: للتوسع، راجع( 4)

-1٢ -

جاء يوم القيامة ؛من عال جاريتني حتى تبلغا: )حتى يكربوا يف قوله حسن تربية األطفالإىل ويوجه النيب

.( )(وضم أصابعه ،أنا وهو

كن له ،(2)وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته فصرب عليهن ،من كان له ثالث بنات: )ويف حديث آخر

.(3)(حجابا من النار يوم القيامة

كلكم راع : )، فقد جاء يف احلديث النبوياملسؤولية على األطفال يشرتك فيها الزوج والزوجةوهذه

هو مسؤول عن رعيته، واملرأة راعية يف بيت زوجها ومسؤولة والرجل راع يف أهله و... وكلكم مسؤول عن رعيته

.(4)...(عن رعيتها

: ما دام حيا، ورتب له يف ذلك عظيم األجر، كما يف احلديث النفقة على األبلكن يبقى أن اإلسالم يوجب

.(٥)...(أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله)

ينفعهم اهلل وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو (:أحد رواة احلديث) قال أبو قالبة

.به ويغنيهم

ودينار أنفقته ،ه على مسكنيودينار تصدقت ب ،ودينار أنفقته يف رقبة ،دينار أنفقته يف سبيل اهلل: )ويف آخر

.(٢)(ذي أنفقته على أهلكلأعظمها أجرا ل ،على أهلك

وذكر ، هذا الفهم وحني ظن بعض الصحابة أن اجلهاد مقتصر على املعارك احلربية؛ صحح نيب اإلسالم

.(2)(اهلل سبيليف فهو صغارا ولده على [يطلب رزق] يسعى خرج كان إن)أن الرجل

:فل اليتيم يف اإلسالمالعناية بالط

أوىل اإلسالم اليتيم عناية بالغة، وعظم شأن االهتمام به، حتى أن اآليات القرآنية يف شأن اليتيم والعناية به؛

. قد بلغت العشرات

. 2اإلنسان ژٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ژ : وقد ذكر القرآن الكريم من صفات أهل اجلنة

ژڳ ڳ ڳ ڳ ڱ ژ : ا أن اليتيم هو من الضعفاء يف اجملتمع، فقد نبه القرآن إىل مزيد عناية بهومب

ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ ژ ژ ژ : ولذا حذر يف أكثر من موضع من حماولة املساس مباله. 2الضحى

[34، اإلســراء ٥2 ، األنعــام 2النســاء : ]، وحنــوه يف1 النســاء ژڑ ڑ کک ک ک گ

. 2 الفجر ژھھ ھ ھ ے ے ۓ ژ : وقال اهلل ذاما أفعال املشركني

(.41 ) 4/2122صحيح مسلم ( )

.أي من غناه: جدته( 2)

(.214)لصحيحة وصححه األلباني يف السلسلة ا(. 3٢٢1) 1 2 /2سنن ابن ماجه ( 3)

.سبق خترجيه، وهو يف صحيح البخاري ومسلم( 4)

(.114) 2/٢1صحيح مسلم ( ٥)

(.11٥) 2/٢1صحيح مسلم ( ٢)

.سبق خترجيه، وهو صحيح( 2)

-12 -

. 2- املاعون ژٹ ٹ ٹ ٹ ڤ ڤ ڤ ڤ ڦ ڦ ژ : ويقول أيضا

وأشار (. أنا وكافل اليتيم يف اجلنة هكذا: )منزلته يف اجلنة قريبا من منزلة كافل اليتيم ولذا جعل النيب

.( )السبابة والوسطى وفرج بينهما شيئاأصبعيه ب

:اإلسالم والتشريعات املعارضة حلقوق الطفل الدولية -2

والناس . يظهر أن هذه التشريعات هي من أهم املبادئ اليت تنادي بها االتفاقيات الدولية حول الطفل وحقوقه

من أجل -أيا كان الدين-مفطورون على تربية أوالدهم والنفقة عليهم والعناية بهم، بل رمبا ضيعوا أوامر دينهم

.وفيما يلي أهم هذه املسائل. أوالدهم

:ربقتل األطفال يف احل

من الواضح متاما أن اإلسالم حيرم االعتداء على األطفال والنساء يف احلروب، ولو كانوا من أبناء

اغزوا باسم اهلل يف سبيل اهلل قاتلوا من كفر : )كان يوصي قواد جيشه بقوله املشركني، وأن نيب اإلسالم

.(2)...(، اغزوا وال تغلوا وال تغدروا وال متثلوا وال تقتلوا وليداباهلل

(3)(وال طفال وال صغريا وال امرأة انطلقوا باسم اهلل وباهلل وعلى ملة رسول اهلل، وال تقتلوا شيخا فانيا: )وأيضا

يا رسول اهلل إمنا هم أوالد :فقال رجل ،ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية: )مرة وقال

.(٥)(أال ال تقتلوا ذرية ،أال ال تقتلوا ذرية :ثم قال .(4)ن خياركم أبناء املشركنيإأال :فقال ،املشركني

:م األطفال داخل كيان األسرةظل

. حرص اإلسالم على أن يكون التعامل مع األبناء بعدل تام، بال تفضيل أحد على أحد

فانطلق ، شهد رسول اهلل ال أرضى حتى ت :فقالت أمي ،تصدق علي أبي ببعض ماله: النعمان بن بشرييقول

اتقوا ) :قال ،ال :قال( أفعلت بولدك هذا كلهم؟) :فقال له رسول اهلل ،ليشهده على صدقيت أبي إىل النيب

.فرجع أبي فرد تلك الصدقة( اهلل واعدلوا يف أوالدكم

.(٢)(فإني ال أشهد على جور شهدني إذافال ت: )ويف رواية

ر من نصيب إخوته، وأقر أنهم سواء فيما وملا جاء اإلسالم ألغى فكرة أن الذكر يأخذ نصيبا من املال أكث

(.4112) ٥/2132صحيح البخاري ( )

.سبق خترجيه، وهو يف صحيح مسلم( 2)

.سبق خترجيه ويف سنده ضعف( 3)

وهذا يعين أنهم ما داموا . مل يكونوا إال أبناء للمشركني، ثم هدى اهلل هؤالء األبناء لإلسالم خيار أصحاب النيب أن : واملعنى( 4)

.أطفاال فليس عليهم تكليف من اهلل

واللفظ له، وصححه احلاكم يف املستدرك على 3/43٥مسند أمحد بن حنبل ، (٢ 2٢) 24 /٥سنن النسائي الكربى ( ٥)

(.2٥٢٢)افقه الذهيب الصحيحني، وو

(.٢23 ) 24 /3صحيح مسلم ، (2442) 4 2/1صحيح البخاري ( ٢)

-12 -

.إال أن األنثى ترث نصف ما يرث الذكر، بعد أن مل تكن ترث أصال قبل اإلسالم. يرثون من مال

-11 -

الضمان والرعاية االجتماعيةحق

.اهتمت اتفاقيات األمم املتحدة حبقوق الطبقات الضعيفة، أو احملتاجة، سواء للغذاء، أو الكساء، أو العالج

كإحدى الوكاالت التابعة لألمم املتحدة، واليت تعنى حسب ما جاء يف ميثاقها بـ ( )"الفاو"تأتي منظمة و

.(2)(تأمني حترر البشر من اجلوع)

.(3) 124 عام " اإلعالن العاملي بشأن القضاء على اجلوع وسوء التغذية: "كما صدر عن األمم املتحدة

لكل شخص بصفته عضوا يف : )املادة الثانية والعشرين أنملي حلقوق اإلنسان، فينص يف وأما اإلعالن العا

بوساطة اجملهود القومي والتعاون الدولي ومبا يتفق ونظم -اجملتمع احلق يف الضمانة االجتماعية، ويف أن حتقق

لكرامته وللنمو احلر احلقوق االقتصادية واالجتماعية والرتبوية اليت ال غنى عنها -كل دولة ومواردها

(.لشخصيته

ض يكفل له رلكل فرد يقوم بعمل احلق يف أجر عادل م) :نياملادة الثالثة والعشرويف الفقرة الثالثة من

(.وسائل أخرى للحماية االجتماعية -عند اللزوم-تضاف إليه ،وألسرته عيشة الئقة بكرامة اإلنسان

املرض، يف الفرتات احلرجة اليت تواجه اإلنسان مثل ويتحدث اإلعالن على أهمية الرعاية، خاصة

لكل شخص احلق : )نيمن املادة اخلامسة والعشرفقد جاء يف الفقرة األوىل . الرتملو الشيخوخة، البطالة، العجز

يف مستوى من املعيشة كاف للمحافظة على الصحة والرفاهية له وألسرته، ويتضمن ذلك التغذية وامللبس

وله احلق يف تأمني معيشته يف حاالت البطالة .ة الطبية وكذلك اخلدمات االجتماعية الالزمةواملسكن والعناي

(.وغري ذلك من فقدان وسائل العيش نتيجة لظروف خارجة عن إرادته ،واملرض والعجز والرتمل والشيخوخة

في اإلسالمالضمان والرعاية االجتماعية

التكافل : "مان االجتماعي، أو ما يسميه بعض املسلمنييتميز اإلسالم بوجود املفهوم احلقيقي للض

إذ أن اإلسالم طالب يف تشريعاته األغنياء بإعطاء نصيب يسري من أمواهلم للفقراء واحملتاجني، . (4)"االجتماعي

، كما أن على الدولة اإلسالمية أن تسد حاجات احملتاجني الذين ال يستطيعون التكسب "الزكاة"يسمى

.واملعيشة

.ينطلق هذا املفهوم من نصوص عامة يف الشريعة اإلسالمية، ونصوص خاصةو

مثل اجلسد إذا اشتكى منه عضو ،مثل املؤمنني يف توادهم وترامحهم وتعاطفهم: )فمن ذلك قول النيب

، وتعمل على حتسني إنتاج األغذية م14٥ : ، أنشئت عاموكالة متخصصة تابعة لألمم املتحدة (:منظمة األغذية والزراعة: )الفاو( )

وتشمل أهدافها أيضا رفع مستوى التغذية ومستوى . توزيعها واستعماهلا يف العاملومنتجات الزراعة والغابات ومصايد األمساك و

. 1 املنظمات الدولية املعاصرة، ص: راجع .دولة ٢1 حوالي وتنضوي إىل عضوية الفاو. معيشة كل الناس، خاصة فقراء الريف

. ٢3 م باألمم املتحدة، صمكتب اإلعال: األمم املتحدة وحقوق اإلنسان، إصدار( 2)

. 11 / حممد شريف بسيوني: الوثائق الدولية املعنية حبقوق اإلنسان، مجع: راجع نصوص هذا اإلعالن يف( 3)

. 21٥حقوق اإلنسان يف اإلسالم دراسة مقارنة مع اإلعالن العاملي، حممد الزحيلي، ص: راجع( 4)

- 11 -

.( )(تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى

وذلك على مستوى األفراد -اإلسالم على مبدأ التكافل والضمان الذي يكون بني املسلمني ويؤكد نيب

ومن كان له فضل من زاد فليعد به ،من كان معه فضل ظهر فليعد به على من ال ظهر له: )بقوله -فيما بينهم

(.على من ال زاد له

.(2)فذكر من أصناف املال ما ذكر حتى رأينا أنه ال حق ألحد منا يف فضل: الراويقال

. (3)(إىل جنبه وهو يعلم به ما آمن بي من بات شبعانا وجاره جائع: )وحديث آخر

: ثرية جدا يف القرآن الكريم، ومنهاوقد كانت اآليات اليت تأمر بالصدقة واإلحسان للفقراء واملساكني ك

ڳ ڳ ڱ ڱ ڱ ڱ ں ں ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھ ے ے ۓ ۓ ژ

.2٢2البقرة ژ

.2اإلنسان ژٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ژ : ويف وصف من يستحقون دخول اجلنة

نفذ ] أرملوا إن األشعريني إذا: )على قبيلة األشعريني من أهل اليمن، حيث قال عنهم وقد أثنى النيب

ثم اقتسموه بينهم يف إناء ،مجعوا ما كان عندهم يف ثوب واحد ،أو قل طعام عياهلم باملدينة ،يف الغزو [طعامهم

.(4)(منهم فهم مين وأنا ،واحد بالسوية

:وسائل الضمان االجتماعي في اإلسالم

ولقد . واضحة يف النصوص اإلسالمية -مبعناه الدقيق-سبق أن ذكرت أن تشريعات الضمان االجتماعي

:جعل اإلسالم العديد من املوارد هلذا الضمان

ضمان االجتماعي فالتشريعات الدولية تبني صراحة أن على الدول أن تؤدي حق ال(: بيت املال)الدولة -

وتشريعات اإلسالم تعطي الطبقات احملتاجة حقا يف الضمان، إذ من الواجب على الدولة اإلسالمية أن . لرعاياها

.تقوم برعاية شعبها

أن من مات وعليه حقوق لآلخرين، وال : هذا األمر، وسن قانونا يف الضمان وقد استشعر نيب اإلسالم

فأميا ...واآلخرة الدنيا يف به أوىل وأنا إال مؤمن من ما: )وفيها عنه، ويف ذلك يقوليوجد ما يوفيها من ماله، فهو ي

.(٥)(ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتين فأنا مواله ،من كانوا [ورثته] مؤمن مات وترك ماال فلريثه عصبته

(.٢٢) 111 /4صحيح مسلم ، ...(ى املؤمننيتر: )بلفظ( ٥٢٢٥) ٥/2232صحيح البخاري ( )

، وجاء بنحوه 2، وحسن إسناده ابن حجر يف القول املسدد من حديث أنس بن مالك، ص( 2٥) 2٥1/ للطرباني املعجم الكبري( 3)

جائع إىل ليس باملؤمن الذي يبيت شبعانا وجاره ): ، بلفظ(٢٢ 2) ٥ /2 على الصحيحني للحاكم املستدركمن حديث عائشة يف

(.جنبه

(.2٥11) 144 /4صحيح مسلم ، (23٥4) 2/221صحيح البخاري ( 4)

(.22٢1) 2/24٥صحيح البخاري ( ٥)

- 1 -

لكن ،االستمرار :والراجح ؟أو جيب على والة األمر بعده ،[] لك من خصائصهوهل كان ذ: )قال ابن حجر

.( )[(مال الدولة] وجوب الوفاء إمنا هو من مال املصاحل

من كان لنا عامال): كما جند نيب اإلسالم يضع ضمانات الستقرار احلياة االجتماعية حني يقول

.(2)(يكن له خادم فليكتسب خادما، فإن مل يكن له مسكن فليكتسب مسكنا فليكتسب زوجة، فإن مل

:حق األطفال في الضمان

ملا توسعت الدولة اإلسالمية، وأصبح عندها موارد اقتصادية، كان اخللفاء الراشدون يعطون الشعب نصيبا

.(3)حمددا من بيت املال

قال عمر لعبد الرمحن بن ف ،التجار فنزلوا املصلى قدمت رفقة منويف زمن اخلليفة الثاني عمر بن اخلطاب

فسمع عمر بكاء صيب ،فباتا حيرسانهم ويصليان ما كتب اهلل هلما ،هل لك أن حنرسهم الليلة من السرق :عوف

:ثم عاد إىل مكانه فسمع بكاءه فعاد إىل أمه فقال هلا ،إىل صبيك وأحسيناتقي اهلل :فقال ألمه ،فتوجه حنوه

ما !إني ألراك أم سوء !وحيك :فلما كان يف آخر الليل مسع بكاءه فأتى أمه فقال ،عاد إىل مكانه ثم ،مثل ذلك

أريد ] عن الفطام ريغهإني أ !منذ الليلة [أضجرتين] قد أبرمتين :قالت يا عبد اهلل ؟لي أرى ابنك ال يقر منذ الليلة

،كذا وكذا شهرا :قالت ؟وكم له :قال ،إال للفطم [ماال] ألن عمر ال يفرض :قالت ـم؟لو :قال ،فيأبى [فطامه

.ال تعجليه !وحيك :قال

كم ،يا بؤسا لعمر :قال من الصالة، مفلما سل ،فصلى الفجر وما يستبني الناس قراءته من غلبة البكاء

فإنا نفرض لكل مولود يف ،أال ال تعجلوا صبيانكم عن الفطام :ثم أمر مناديا فنادى !قتل من أوالد املسلمني

.(4)إنا نفرض لكل مولود يف اإلسالم :وكتب بذلك إىل اآلفاق .اإلسالم

وتعد الزكاة من أهم ركائز التكافل بني أفراد اجملتمع اإلسالمي، وهي نصيب يسري مقدر : الزكاة -2

.حسب نوعه من املال،

ومما يدل على أهمية الزكاة أنها أحد أركان اإلسالم اخلمسة، ودائما ما يقرن القرآن الكريم ذكرها مع

ڻ ڻ ڻ ڻ ۀ ۀ ہ ہ ہ ہ ھ ھ ژ : وأهل الزكاة مثانية. الصالة

. ٢1التوبة ژھ ھ ے ے ۓۓ

حاب حاجة يف اجملتمع، كالفقراء واملساكني، ويعطى العامل على ونالحظ هنا أن غالب مستحقيها هم أص

وأيضا يف . (٥)جبايتها، ومن يرجى إسالمه، والذي يريد أن يعتق نفسه من الرق أو يعتق غريه، وأيضا تعطى الغارم

. 1 /2 فتح الباري شرح صحيح البخاري، البن حجر ( )

.سبق خترجيه، وصححه ابن خزمية( 2)

نيل األوطار شرح منتقى األخبار للشوكاني، : ، وبتوسع يف(٢٢4)البن زجنويه ،األموال، (4 ٥)للقاسم بن سالم ،األموال: راجع( 3)

(.3٥2٥-3٥21: )يف شرحه على األحاديث رقم

. 44/3٥٥ ، البن عساكرتاريخ دمشق، 3/31 ، البن سعدالطبقات الكربى( 4)

.غرم: ، مادة2/43٢ لسان العرب : راجع. املديون، ومنه من يستدين لقضاء دين غريه: الغارم( ٥)

- 12 -

طى من الزكاة ولو كان غنيا يف وابن السبيل، وهو املسافر الذي تنقطع نفقته، فيع. سبيل اهلل من جهاد ودعوة

.بلده

إنك ستأتي قوما : )حيث قال له النيب -وقد كانوا من أهل الكتاب-ويف حديث بعث معاذ إىل اليمن

.( )(فأخربهم أن اهلل قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فرتد على فقرائهم... أهل كتاب

:وحق الضمان غير المسلمين

النصوص الواردة يف الصدقات وإنفاق األموال هي واردة يف -وليس مجيع-ال بد أن نعلم ابتداء أن غالب

. أهل دين اإلسالم

لكن السؤال املطروح هو هل يعطى غري املسلمني من أموال املسلمني، سواء من بيت املال، أو من الصدقات

لفقرائهم؟العامة اليت يقدمها أغنياء املسلمني

:وميكن اإلجابة على هذا التساؤل من خالل ما يلي

فاحلديث الذي سبق ذكره قبل قليل ينص على أن الزكاة الواجبة على املسلم إمنا تعطى :الزكاة: أوال

(.فرتد على فقرائهم)للمسلم

.(2)(نعلم بني أهل العلم خالفا يف أن زكاة األموال ال تعطى لكافر ال: )قال ابن قدامة

وهذه املسألة ورد فيها بعض النصوص اليت تدل على . واليت يخرجها املسلم تطوعا منه: الصدقات العامة: ثانيا

: جواز إعطائها لغري املسلم، ومنها

:نصوص قرآنية -أ

. 2اإلنسان ژٺ ٿ ٿ ٿ ٿ ٹ ٹ ٹ ژ : قال اهلل تعاىل -

وهو : )الطربي، عن معنى األسري يف اآلية: يقول إمام املفسرين. راد به يف الغالب غري املسلمواألسري يف األصل ي

فأثنى اهلل على هؤالء .يؤخذ فيحبس حبق ،يؤخذ قهرا بالغلبة، أو من أهل القبلة ،احلربي من أهل دار احلرب

.(3)(ماألبرار بإطعامهم هؤالء تقربا بذلك إىل اهلل وطلب رضاه، ورمحة منهم هل

استوصوا : )كنت يف األسارى يوم معركة بدر، فقال رسول اهلل -وقد كان وثنيا- قال عزيز بن عمري

وكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم [املسلمني يف املدينة املنورة] ، وكنت يف نفر من األنصار(باألسارى خريا

.(4)(إياهم بوصية رسول اهلل !بزوأطعموني اخل ،أكلوا التمر

، حتى صدق إال على أهل اإلسالمت، أنه كان يأمر بأال ي النيب عن ابن عباس، عنف: وهناك نص آخر -

(.1 ) ٥1/ صحيح مسلم ، ( 33 ) 2/٥1٥صحيح البخاري ( )

. ٥ ٥/ 2املغين ( 2)

.، حتقيق شاكر24/12 (جامع البيان) تفسري الطربي( 3)

.حسن وإسناده: 2٢ص/٢ج الزوائد جممع يف اهليثمي قال( . 122) 313ص/22ج الكبري املعجم( 4)

- 13 -

ڌ ڎ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍڍ ڌ ژ:( )يف إعطاء التربعات لغري املسلمني نزلت هذه اآلية

.222البقرة ژڎ ڈڈ ژ ژ ڑ ڑ ک کک ک گ گ گ گ ڳ ڳ ڳ ڳ ڱ

ڃ چ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈژ ژ ژ : قوله اهلل تعاىل: ونص ثالث -

. 2 املمتحنة ژڑ ڑ ک ک

:ومن السنة النبوية -ب

فاستفتيت ،أمي وهي مشركة يف عهد رسول اهلل قدمت علي: تقول أمساء بنت أبي بكر الصديق -

.(2)(صلي أمك ،نعم) :؟ قال(أفأعطيها: ويف رواية) أفأصل أمي ،إن أمي قدمت وهي راغبة :قلت ،رسول اهلل

وذكر البعض أن هذا خاص باملشرك القريب، لكن يرفع . (3)(ز صلة القريب املشركوفيه جوا: )قال النووي

.وهو دليل واضح يف املسألة. (4)...( فأعطتهاسألتها امرأة يهودية )عائشة هذا الظن أن زوج النيب

فقال . يإذا فرغت فابدأ جبارنا اليهود !يا غالم: وملا ذبح الصحابي عبد اهلل بن عمر ذبيحة، قال لغالمه-

يوصي باجلار، مسعت النيب : ، فقال ابن عمر[قاهلا مستنكراكأنه ]؟ !اليهودي، أصلحك اهلل: رجل من القوم

.(٥)حتى خشينا أنه سيورثه

.إن ابن عمر كــان من أشبه الصحابة تأسيا بنيب اإلسالم : وال يفوتين هنـا القول

وقد مر معنا قبل قليل احلديث عن إعانة املسلم : سلنيهل يعطى غري املسلم الضمان من بيت مال امل: ثالثا

والكالم هنا عن نوع تقدمه احلكومة املسلمة . للمحتاج من غري املسلمني، وأن اإلسالم جعل فيه األجر عند اهلل

-إذ هم رفضوا اإلسالم-لرعاياها من غري املسلمني، حيث كان املسلمون يسمحون لغريهم أن يبقوا على دينهم

.ن يقوموا بدفع جزية للمسلمني نظري محايتهمعلى أ

يسأل -يهودي أو نصراني-أبصر خليفة املسلمني الثاني عمر بن اخلطاب شيخا من أهل الذمة وقد

ثم ،أكلنا شيبتك! ما أنصفناك: ن اجلزية تؤخذ مين، فقال له عمرإو ،ليس لي مال :قال ؟مالك: ، فقال لهالناس

ثم أجرى عليه من بيت املال ما : قال . عماله أن ال يأخذوا اجلزية من شيخ كبري نأخذ منك اجلزية، ثم كتب إىل

.(٢)يصلحه

لكن من الواضح أن حق غري املسلم يف الضمان ليس هو نفس حق املسلم متاما، حيث إن اإلسالم يكفل

.نفس الوقت وهذه حالة رجل أصابته احلاجة، وال يستطيع التكسب يف. حقوقا للمسلم أكثر من غري املسلم

(.22٢2) 2/٥31تفسري ابن أبي حامت ( )

. 1 /4السنن الكربى، للبيهقي هي يف ( أفأعطيها: )، والرواية األخرى(2422) 2/124صحيح البخاري ( 2)

. 2/21شرح صحيح مسلم، للنووي ( 3)

(.3 2٢1: )، وأيضا(٥ 2٢1)وصححه األرناؤوط يف حتقيق املسند . ٢/232مسند أمحد ( 4)

.سبق خترجيه، وهو صحيح( ٥)

.(1 )، األموال، ألبي عبيد القاسم بن سالم ( 4 )البن زجنويه األموال ( ٢)

- 14 -

حق التعليم

يعد التعليم من أهم مقومات احلياة املعاصرة، ولذا توليه املنظمات الدولية واحلكومات عناية خاصة، حبيث

.تكفل ألفراد اجملتمع االخنراط فيه

من اإلعالن العاملي، أن نياملادة السادسة والعشرونظرا لألهمية الواضحة للتعليم، تنص الفقرة األوىل من

لكل شخص احلق يف التعلم، وجيب أن يكون التعليم يف مراحله األوىل واألساسية على األقل باجملان، وأن )

وينبغي أن يعمم التعليم الفين واملهين، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم ،يكون التعليم األولي إلزاميا

(.املساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة

اإلعالن أن يتحدث عن أهمية هدف الرتبية والتعليم، فيؤكد يف الفقرة الثانية من نفس املادة، على وال ينسى

جيب أن تهدف الرتبية إىل إمناء شخصية اإلنسان إمناء كامال، وإىل تعزيز احرتام اإلنسان واحلريات )أنه

وإىل زيادة ،ت العنصرية أو الدينيةوتنمية التفاهم والتسامح والصداقة بني مجيع الشعوب واجلماعا ،األساسية

(.جمهود األمم املتحدة حلفظ السالم

:( )وميكن أن نقسم مضمون احلق يف التعليم كما يلي

حق احلصول على التعليم، ويكون هذا التعليم جمانيا، وإلزاميا يف نفس الوقت، وعلى األقل يف املرحلة -أ

.االبتدائية

حق تلقي التعليم، فال يقدم التعليم بناء على تفريق عرقي أو ديين أو من الضروري أيضا املساواة يف -ب

بنات )ولذا فإن القيام بوضع مدارس خاصة بأقلية، أو عرقية، أو مدارس غري خمتلطة (. ذكر أو أنثى)جنسي

.؛ يعد خرقا للقانون اإلنساني الدولي(وأوالد

.أكثر اتفاقا مع معتقداتهم كما أن لآلباء اختيار نوع التعليم ألبنائهم، يكون -ج

حق التعليم في اإلسالم

:الحث على التعليم: أوال

عندما نقرأ يف نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية جند فيها الكثري جدا من النصوص اليت حتث على

:التعليم، وترغب فيه، ومنها

ڍ ڍ ڌ ڌ ڎ ڎ ڈ ڈ چ چ چ ڇ ڇ ڇ ڇ ژ : أن أول آيات نزلت من القرآن الكريم هي -

.٥- القلم ژژ ژ ڑ ڑ ک ک ک ک گ گ

ژۆئ ۈئ ۈئ ېئ ېئ ېئ ىئ ىئىئ ی ی ی ی جئ ژ: ويؤكد القرآن على علو منزلة العامل -

. 1الزمر

علوم عند كل من له عقل أنه ال استواء بني العلم واجلهل، وال ميذكر الشوكاني يف تفسريه هلذه اآلية، أنه و

. 2/311 القانون الدولي حلقوق اإلنسان، حممد علوان، حممد خليل املوسى: راجع( )

- 1٥ -

.( )كما ال يستوي الذين يعلمون والذين ال يعلمون، كذلك ال يستوي املطيع والعاصيو. بني العامل واجلاهل

.(2)(طلب العلم فريضة على كل مسلم: )ومن أشهر األحاديث يف العلم، ما جاء من قول النيب

وهذا احلديث رمبا أساء بعض من املسلمني فهمه، واستدعاه للتأكيد على أن اإلسالم دين العلم، وأنه جيب

أن يأثم الكثري -الذي أراده عدد من الكتاب-على كل أحد أن يتعلم العلوم، ورمبا فاته أنه يلزم من ظاهره

ليس : )فقد قال ابن املبارك. اء املسلمني القدماء أشاروا إىل معناه األصحولذا جند علم. من عوام املسلمني األميني

.(3)(ولكن فريضة على من وقع يف شيء من أمر دينه أن يسأل عنه حتى يعلمه ،هو الذي يطلبونه

.(4)(مثل اجلهاد ،إذا قام به قوم سقط عن الباقني: )ويقول أمحد بن حنبل عن معناه

م ال يهتم بالتعليم ونشر العلوم، بل على العكس من ذلك، وإمنا أردت من هذا لكن هذا ال يعين أن اإلسال

.التنبيه بيان املعنى احلقيقي للحديث، وأال تساق النصوص يف غري سياقها

هل كان هناك تدريس نظامي ومجاني؟: ثانيا

ٺ ٺ ٺ ٺ ٿ ژ :وقد وصفهم القرآن بقوله، يف بداية ظهور اإلسالم كانت األمية منتشرة بني العرب

. 2اجلمعة ژٿ ٿ

، ولقد كان ذلك من اهتمامات النيب . وملا جاء اإلسالم؛ جاءت معه النصوص احلاثة على العلم والتعليم

ويظهر ذلك يف قصة فكاك أسرى املشركني يف غزوة بدر، حيث ملا انتصر املسلمون عليهم، وأسروا مقاتليهم،

أنفداءهم جعل رسول اهلل وملا كان بعضهم ال ميلك شيئا؛ . ذلك لكل أسري أن يفدي نفسه باملالجعلوا بعد

.(٥)الكتابة املسلمني يعلموا أوالد

كان أهل مكة يكتبون وأهل املدينة ال يكتبون، فمن مل يكن له فداء دفع إليه عشرة : )ويف رواية أخرى

.(٢)(وا فهو فداؤهغلمان من غلمان املدينة فعلمهم، فإذا حذق

وهذا احلادث ميكن أن نستنبط منه أن هناك مدارس للتعليم يف ذلك الوقت، واألغلب أنها كانت يف

.املساجد، ويظهر من هذه احلادثة أنها مدارس جمانية

ومن أهم مالحمه خطب صالة اجلمعة، واليت شدد . واألصل يف التعليم اإلسـالمي أنه كان يتم يف املساجد

ٱ ٻ ٻ ٻ ٻ پ پ پ پ ڀ ڀ ڀ ژ: على حضورها، وأمر بالصمت التام أثناءها اإلسالم

. 1اجلمعة ژڀ ٺ ٺٺ

. 4/4٥3 فتح القدير( )

ليه علماء احلديث األوائل واحلديث فيه خالف كثري بني احملدثني يف تصحيحه أو تضعيفه، والذي ع(. 224) 2/ سنن ابن ماجه( 2)

، يف بيان كثري من األحاديث املشتهرة على األلسنةاملقاصد احلسنة : راجع. أنه ضعيف -كأمحد، وإسحاق بن راهويه-

(.٢٢1)للسخاوي

. 1 / ، البن عبد الربجامع بيان العلم وفضله( 3)

.املصدر السابق ( 4)

(. ٢ 22)اؤوط يف حتقيق املسند ، وحسنه األرن242/ مسند أمحد بن حنبل ( ٥)

. 2/22 البن سعد ،الطبقات الكربى( ٢)

- 1٢ -

واستمر التعليم، وفتحت . يعقد الدروس يف املسجد، وسار على طريقه أصحابه من بعده كما كان النيب

ت، ثم أنشئت املدارس يف تاريخ املسلمني، حتى انتشر التعليم مدارس لألطفال تسمى كتاتيب بعد ذلك بسنوا

.بشكل كبري بينهم

:تعليم المرأة: ثالثا

والعناية ، كان دور املرأة يف كل احلضارات السابقة لإلسالم ينصب بالدرجة األوىل على القيام بشؤون البيت

سالم ملا جاء بتعاليمه، مل يأمر املرأة أن تزاحم يف واإل. باألبناء، على اختالف بني تلك الثقافات يف موقفها من املرأة

.لكن هذا مل مينع تلك النساء من العلم والتعليم. العناية باألسرة: أعمال الرجال، بل جعل وظيفتها األساسية

جاءت امرأة إىل . خيصهن مبجالس للعلم فكان مسموحا للنساء أن حيضرن صالة اجلمعة، وكان النيب

فاجعل لنا من نفسك يوما نأتيك فيه تعلمنا مما علمك ،ذهب الرجال حبديثك !يا رسول اهلل :فقالت ،رسول اهلل

.( )(يف مكان كذا وكذا ،اجتمعن يف يوم كذا وكذا) :فقال ،اهلل

فيما ذلك، يف الرجال مع كالمهن وجواز دينهن، أمر عن النساء سؤال: [من الفوائد] وفيه: )قال ابن بطال

. (2)(السلف نساء من غريهن وعن النيب أزواج عن العلم أخذ وقد. إليه احلاجة هلن

ومع أن اإلسالم مسح للمرأة أن تتعلم وتعلم، لكين مل أجد نصا من نصوص اإلسالم يذكر أن امرأة قامت

ء ويعلمونهن، وأيضا رمبا رووا للرجال بعض علم نعم كانت زوجات النيب يحدثن النسا. يف جمالس الرجال لتعليمهم

، لكن من غري أن يكون هلن جمالس يتصدرون ويربزون فيها لتعليم الرجال، إذ كان هذا األمر خاصا النيب

.بالرجال

(.2٢33) 4/2122صحيح مسلم ، (٢221) ٢/2٢٢٢صحيح البخاري ( )

. 22 / شرح البخاري البن بطال( 2)

- 12 -

الملحقات( )

[1: ملحق رقم]

اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان

اعتمد ونشر على المأل بموجب قرار الجمعية العامة

1491ديسمبر /كانون األول 11المؤرخ في ( 3-د)ألف 712ألمم المتحدة ل

الديباجة

لما كان اإلقرار بما لجميع أعضاء األسرة البشرية من كرامة أصيلة فيهم، ومن حقوق متساوية وثابتة، يشكل أساس الحرية والعدل

والسالم في العالم،

ا إلى أعمال أثارت بربريتها الضمير اإلنساني، وكان البشر قد نادوا ببزوغ عالم ولما كان تجاهل حقوق اإلنسان وازدراؤها قد أفضي

يتمتعون فيه بحرية القول والعقيدة وبالتحرر من الخوف والفاقة، كأسمى ما ترنو إليه نفوسهم،

األمر إلى اللياذ بالتمرد على ولما كان من األساسي أن تتمتع حقوق اإلنسان بحماية النظام القانوني إذا أريد للبشر أال يضطروا آخر

الطغيان واالضطهاد،

ولما كان من الجوهري العمل على تنمية عالقات ودية بين األمم،

ولما كانت شعوب األمم المتحدة قد أعادت في الميثاق تأكيد إيمانها بحقوق اإلنسان األساسية، وبكرامة اإلنسان وقدره، وبتساوي

مت أمرها على النهوض بالتقدم االجتماعي وبتحسين مستويات الحياة في جو من الحرية أفسح، الرجال والنساء في الحقوق، وحز

ولما كانت الدول األعضاء قد تعهدت بالعمل، بالتعاون مع األمم المتحدة على ضمان تعزيز االحترام والمراعاة العالميين لحقوق

اإلنسان وحرياته األساسية،

هم مشترك لهذه الحقوق والحريات أمرا بالغ الضرورة لتمام الوفاء بهذا التعهد، ولما كان التقاء الجميع على ف

فإن الجمعية العامة

تنشر على المأل هذا اإلعالن العالمي لحقوق اإلنسان بوصفه المثل األعلى المشترك الذي ينبغي أن تبلغه كافة الشعوب وكافة األمم،

عين هذا اإلعالن نصب أعينهم على الدوام، ومن خالل التعليم والتربية، إلى توطيد كيما يسعى جميع أفراد المجتمع وهيئاته، واض

ن احترام هذه الحقوق والحريات، وكيما يكفلوا، بالتدابير المطردة الوطنية والدولية، االعتراف العالمي بها ومراعاتها الفعلية، فيما بي

.ضوعة تحت واليتها على السواءشعوب الدول األعضاء ذاتها وفيما بين شعوب األقاليم المو

1المادة

وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضا بروح . يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق

.اإلخاء

7المادة

نوع، وال سيما التمييز بسبب لكل إنسان حق التمتع بجميع الحقوق والحريات المذكورة في هذا اإلعالن، دونما تمييز من أي

العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو األصل الوطني أو االجتماعي، أو الثروة، أو

.المولد، أو أي وضع آخر

قليم الذي ينتمي إليه الشخ،، سواء وفضال عن ذلك ال يجوز التمييز علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولي للبلد أو اإل

.أكان مستقال أو موضوعا تحت الوصاية أو غير متمتع بالحكم الذاتي أم خاضعا ألي قيد آخر علي سيادته

3المادة

.لكل فرد حق في الحياة والحرية وفى األمان على شخصه

9المادة

.يق بجميع صورهماال يجوز استرقاق أحد أو استعباده، ويحظر الرق واالتجار بالرق

5المادة

.ال يجوز إخضاع أحد للتعذيب وال للمعاملة أو العقوبة القاسية أو الالإنسانية أو الحاطة بالكرامة

6المادة

.لكل إنسان، في كل مكان، الحق بأن يعترف له بالشخصية القانونية

2المادة

.هذه امللحقات لإلطالع فقط وليست ضمن املنهج الدراسي (5)

- 12 -

بحماية القانون دونما تمييز،، كما يتساوون في حق التمتع بالحماية من الناس جميعا سواء أمام القانون، وهم يتساوون في حق التمتع

.أي تمييز ينتهك هذا اإلعالن ومن أي تحريض على مثل هذا التمييز

1المادة

لكل شخ، حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة إلنصافه الفعلي من أية أعمال تنتهك الحقوق األساسية التي يمنحها إياه

.ور أو القانونالدست

4المادة

.ال يجوز اعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفا

11المادة

لكل إنسان، على قدم المساواة التامة مع اآلخرين، الحق في أن تنظر قضيته محكمة مستقلة ومحايدة، نظرا منصفا وعلنيا، للفصل

.في حقوقه والتزاماته وفى أية تهمة جزائية توجه إليه

11ة الماد

كل شخ، متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات .1

.الالزمة للدفاع عن نفسه

، ال يدان أي شخ، بجريمة بسبب أي عمل أو امتناع عن عمل لم يكن في حينه يشكل جرما بمقتضى القانون الوطني أو الدولي .2

.كما ال توقع عليه أية عقوبة أشد من تلك التي كانت سارية في الوقت الذي ارتكب فيه الفعل الجرمي

17المادة

ال يجوز تعريض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو في شؤون أسرته أو مسكنه أو مراسالته، وال لحمالت تمس شرفه

.ذلك التدخل أو تلك الحمالت ولكل شخ، حق في أن يحميه القانون من مثل. وسمعته

13المادة

.لكل فرد حق في حرية التنقل وفى اختيار محل إقامته داخل حدود الدولة .1

.لكل فرد حق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده، وفى العودة إلى بلده .2

19المادة

.ادلكل فرد حق التماس ملجأ في بلدان أخرى والتمتع به خالصا من االضطه .1

ال يمكن التذرع بهذا الحق إذا كانت هناك مالحقة ناشئة بالفعل عن جريمة غير سياسية أو عن أعمال تناقض مقاصد األمم .2

.المتحدة ومبادئها

15المادة

.لكل فرد حق التمتع بجنسية ما .1

.ال يجوز، تعسفا، حرمان أي شخ، من جنسيته وال من حقه في تغيير جنسيته .2

16 المادة

وهما .للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين .1

.متساويان في الحقوق لدى التزوج وخالل قيام الزواج ولدى انحالله

.ال يعقد الزواج إال برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كامال ال إكراه فيه .2

.األسرة هي الخلية الطبيعية واألساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة .3

12المادة

.لكل فرد حق في التملك، بمفرده أو باالشتراك مع غيره .1

.ال يجوز تجريد أحد من ملكه تعسفا .2

11المادة

حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو لكل شخ، حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق

.معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام المأل أو على حده

14المادة

لتماس األنباء لكل شخ، حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق اآلراء دون مضايقة، وفى ا

.واألفكار وتلقيها ونقلها إلى اآلخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود

71المادة

.لكل شخ، حق في حرية االشتراك في االجتماعات والجمعيات السلمية .1

.ال يجوز إرغام أحد على االنتماء إلى جمعية ما .2

71المادة

.ن العامة لبلده، إما مباشرة وإما بواسطة ممثلين يختارون في حريةلكل شخ، حق المشاركة في إدارة الشئو .1

.لكل شخ،، بالتساوي مع اآلخرين، حق تقلد الوظائف العامة في بلده .2

- 11 -

إرادة الشعب هي مناط سلطة الحكم، ويجب أن تتجلى هذه اإلرادة من خالل انتخابات نزيهة تجرى دوريا باالقتراع العام وعلى .3

.اة بين الناخبين وبالتصويت السري أو بإجراء مكافئ من حيث ضمان حرية التصويتقدم المساو

77المادة

لكل شخ،، بوصفه عضوا في المجتمع، حق في الضمان االجتماعي، ومن حقه أن توفر له، من خالل المجهود القومي والتعاون

االجتماعية والثقافية التي ال غنى عنها لكرامته ولتنامي الدولي، وبما يتفق مع هيكل كل دولة ومواردها، الحقوق االقتصادية و

.شخصيته في حرية

73المادة

.لكل شخ، حق العمل، وفى حرية اختيار عمله، وفى شروط عمل عادلة ومرضية، وفى الحماية من البطالة .1

.لجميع األفراد، دون أي تمييز، الحق في أجر متساو على العمل المتساوي .2

د يعمل حق في مكافأة عادلة ومرضية تكفل له وألسرته عيشة الئقة بالكرامة البشرية، وتستكمل، عند االقتضاء، بوسائل لكل فر .3

.أخرى للحماية االجتماعية

.لكل شخ، حق إنشاء النقابات مع آخرين واالنضمام إليها من أجل حماية مصالحه .4

79المادة

.وخصوصا في تحديد معقول لساعات العمل وفى إجازات دورية مأجورةلكل شخ، حق في الراحة وأوقات الفراغ،

75المادة

لكل شخ، حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له وألسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن .1

ل في حاالت البطالة أو المرض أو العجز والعناية الطبية وصعيد الخدمات االجتماعية الضرورية، وله الحق في ما يأمن به الغوائ

.أو الترمل أو الشيخوخة أو غير ذلك من الظروف الخارجة عن إرادته والتي تفقده أسباب عيشه

ولجميع األطفال حق التمتع بذات الحماية االجتماعية سواء ولدوا في إطار .لألمومة والطفولة حق في رعاية ومساعدة خاصتين .2

.ا اإلطارالزواج أو خارج هذ

76المادة

ويكون التعليم االبتدائي . ويجب أن يوفر التعليم مجانا، على األقل في مرحلتيه االبتدائية واألساسية. لكل شخ، حق في التعليم .1

.ويكون التعليم العالي متاحا للجميع تبعا لكفاءتهم. ويكون التعليم الفني والمهني متاحا للعموم. إلزاميا

كما يجب أن يعزز . هدف التعليم التنمية الكاملة لشخصية اإلنسان وتعزيز احترام حقوق اإلنسان والحريات األساسيةيجب أن يست .2

التفاهم والتسامح والصداقة بين جميع األمم وجميع الفئات العنصرية أو الدينية، وأن يؤيد األنشطة التي تضطلع بها األمم المتحدة

.لحفظ السالم

.بيل األولوية، حق اختيار نوع التعليم الذي يعطى ألوالدهملآلباء، على س .3

72المادة

لكل شخ، حق المشاركة الحرة في حياة المجتمع الثقافية، وفى االستمتاع بالفنون، واإلسهام في التقدم العلمي وفى الفوائد التي .1

.تنجم عنه

.على أي إنتاج علمي أو أدبي أو فني من صنعه لكل شخ، حق في حماية المصالح المعنوية والمادية المترتبة .2

71المادة

.لكل فرد حق التمتع بنظام اجتماعي ودولي يمكن أن تتحقق في ظله الحقوق والحريات المنصوص عليها في هذا اإلعالن تحققا تاما

74المادة

.و الحر الكاملعلى كل فرد واجبات إزاء الجماعة، التي فيها وحدها يمكن أن تنمو شخصيته النم .1

ال يخضع أي فرد، في ممارسة حقوقه وحرياته، إال للقيود التي يقررها القانون مستهدفا منها، حصرا، ضمان االعتراف الواجب .2

.بحقوق وحريات اآلخرين واحترامها، والوفاء بالعادل من مقتضيات الفضيلة والنظام العام ورفاه الجميع في مجتمع ديمقراطي

.في أي حال أن تمارس هذه الحقوق على نحو يناقض مقاصد األمم المتحدة ومبادئها ال يجوز .3

31المادة

ليس في هذا اإلعالن أي ن، يجوز تأويله على نحو يفيد انطواءه على تخويل أية دولة أو جماعة، أو أي فرد، أي حق في

.لمنصوص عليها فيهالقيام بأي نشاط أو بأي فعل يهدف إلى هدم أي من الحقوق والحريات ا

_______________________

A.94.XIV-Vol.1, Part، رقم المبيع1443مجموعة صكوك دولية، المجلد األول، األمم المتحدة، نيويورك، : حقوق اإلنسان *

.1، ص 1

- 1 -

المحتويات

.................................................................................. املقدمة 7 .............................................. وتشريعاهتا اإلنسان حقوق قضية: األوىل الوحدة 7 ............................................. اإلنسان حبقوق املتعلقة الدولية القرارات: أوال 8 ............................. اإلنسان حلقوق الدولية الشرعة وتأسيس العاملي اإلعالن: ثانيا 5 ....................................... الدينية واملفاهيم اإلنسان حقوق فلسفة: الثانية الوحدة

5 .................................... :املعاصرة اإلنسان حقوق إىل النظر يف الناس اجتاهات

5 ............... .الدويل القانون مع االندماج على قدرهتا ومدى اإلسالمية التعاليم خصوصية

5 ................................................. :اإلسالم يف اإلنسان حقوق خصائص

51 ................................................................. احلياة حق: الثالثة الوحدة

51 ................................................................... النفس حفظ: أوال

.................................................................. اإلعدام عقوبة: ثانيا

1 ....................................................... واملعنوي اجلسدي االعتداء: ثالثا

8 ............................................. املسجونني ومعاملة البدنية، العقوبات: رابعا

.................................. (والتمييز املساواة بني اإلنسان) املساواة حق: الرابعة الوحدة

........................................................ والتمييز املساواة وقضية اإلسالم

.................................................................. :اإلنسان تكرمي

4 ............................................................ :هلل أتقاهم البشر أكرم

7 .......................................................... :للعنصرية اإلسالم حماربة

8 ................................................... :اإلسالمية الشريعة داخل التمييز

0 .................................... (واملرأة الرجل بني املساواة) املساواة حق: اخلامسة الوحدة

................................................ واملرأة الرجل بني املساواة وقضية اإلسالم

.................. :للرجل مساواهتا وجوانب اإلنسانية، وكرامتها للمرأة، اإلسالم احرتام: أوال

- -

........................... :للمرأة الرجل بني والتمييز املساواة يف اإلسالمية النصوص: انياث

7 ............................................................. احلرية حق: السادسة الوحدة

7 ............................................. الدينية رالشعائ وممارسة االعتقاد حرية: أوال

8 .......................................... :االعتقاد يف املخالفني من اإلسالم موقف

14 ......................... :اإلسالم يف االعتقاد حرية حول املسلمني غري وشهادات آراء

11 ............................................................. والتعبري الرأي حرية: ثانيا

40 ........................................................ :والتعبري الرأي حرية حدود

45 ....................................................... :لرأيا حرية إعطاء يف صور

4 ................................................. :اإلسالم يف الرأي حرية من مناذج

4 ........................................................ :الرأي حلرية اإلسالم تقييد

41 ............................................................. اخلاصة احلياة حرمة: ثالثا

47 ................................................. والقضائية القانونية العدالة: السابعة الوحدة

47 ....................................................................... القضاء عدالة

48 ........................ اإلسالم يف عادلة حماكمة على واحلصول للمحاكم اللجوء حق

41 ................................... اإلسالم يف القضائي والظلم الفساد أسباب حماربة

75 ....................................................................... القانون عدالة

75 ..................................... الوجوه مراعاة وعدم القانون أمام اجلميع مساواة

71 ................................................. اإلنسان كرامة حتفظ قانونية قواعد

78 ........................................................ االقتصادية احلقوق: الثامنة الوحدة

78 ......................................................................... امللكية حق

71 ......................................... اإلسالم يف ملالا على واحلفاظ التملك حق

80 ....................................... :اإلسالم يف التملك حرية تقييد مظاهر بعض

8 ........................................................................ العمل حق

8 .......................................................... عمل على احلصول حق

8 ...................................................... ومنصف عادل أجر يف احلق

- 2 -

84 ....................................................... االجتماعية احلقوق: التاسعة الوحدة

84 ....................................................................... األسرة حقوق

84 ...................................................................... الزوجية احلقوق

84 ................................................. أسرة وتكوين الزواج، يف احلق: أوال

87 ............................................................. :قيود بال الزواج: ثانيا

81 ............................................................... :الزوجني رضا: ثالثا

10 ....................................... (:قالطال الرجل، قوامة) الزوجية املساواة: رابعا

1 ............................................................ :األسرة محاية: خامسا

11 ........................................................................ الطفل حقوق

11 ...................................................... االجتماعية والرعاية الضمان حق

500 .......................................... :اإلسالم يف االجتماعي الضمان وسائل

505 ....................................................... :الضمان يف األطفال حق

50 ..................................................... :الضمان وحق املسلمني غري

50 ........................................................................ التعليم حق

50 ........................................................ :التعليم على احلث: أوال

501 ....................................... وجماين؟ نظامي تدريس هناك كان هل: ثانيا

504 ............................................................... :املرأة تعليم: ثالثا

507 ............................................................................. امللحقات